الحافظ السخاوي والسيوطي يتراشقان بالسرقات
قال الشهاب البربير في الشرح الجلي: (لا يقدح في الحافظ السخاوي ما قاله الحافظ السيوطي، ولا ما قاله هوفيه، لأنّ المعاصرة توجب المنافرة، والاتحاد في الصنعة، يغير من كلّ من المتعاصرين طبعه، وقد ورد: أنّ عدوالمرء من يعمل بعمله! وذلك لشدة حرص الإنسان على الانفراد وفسحة أمله) .. قلتُ: فقد رد الرافضي على نفسه فيما نقله عن العلماء في الكلام حول هذه المسألة المزعومة التي نسبت للحافظ السخاوي رحمه الله تعالى.
وقال الكتاني: (وقد ألف الحافظ السيوطي في الردّ على المترجم [يعني السخاوي] عدة تآليف منها: القول المجمل في الردّ على المهمل، والكاوي في تاريخ السخاوي، قال في أحدهما: غالب ما ألفه في فنّ الحديث والأثر، مسودات ظفر بها من تركة الحافظ ابن حجر) ..
قال المنتصر له في النجم الهاوي على منشىء الكاوي: (ما نسبه له من الإغارة على شيخه ابن حجر، غير معتمد ولا معتبر، إذ المنقولات تستلزم الاشتراك في العبارات، مع اختلاف المقاصد والإشارات، ومثل الحافظ لا يظن به ذلك، لطول باعه وممارسته للعلوم، ومع ذلك فلا بدع! إذ هوربيب مهده، ورضيع لبانه، ومطر سحابته، وثمر غرسه، وعين جماعته، وخليفته في درسه، والولد البار لشيخه في حياته، والمشيد بنيانه بعد وفاته) ..
وقال القاضي الشوكاني في تاريخه البدر الطالع في ترجمة السيوطي: (السخاوي وإن كان إماماً كبيراً غير مدفوع، لكنه كثير التحامل على أكابر أقرانه كما يعرف ذلك من طالع كتابه الضوء اللامع، فإنه لا يقيم لهم وزناً، بل لا يسلم غالبهم من الحط منه عليه) .. قلتُ: وليس في كلام الشوكاني رحمه الله تعالى دليلاً على ما أشار إليه الرافضي في الرابط من حيث السرقات المزعومة , فلماذا الكذب على الحافظ السخاوي رحمه الله تعالى.
وقال الشوكاني أيضاً في ترجمة السيوطي: (ليته صان [أي السخاوي] ذلك الكتاب [أي الضوء اللامع] عن الوقيعة في أكابر العلماء من أقرانه) .. فهرس الفهارس: ج2/ ص992/ ت562، والغاية في شرح الهداية: ج1/ ص43. قلتُ: وأستغرب ما هذا الجهل عند محاوري الرافضة إذ أنه ليس في هذا الكلام بالكلية ما يثبت أنه كان يسرق وهذه كذبة لا يمكن قبولها من هؤلاء المخذلوين أينما حلوا وبهذا فهذا القول ساقط لا يمكنُ الإعتماد عليه.
أما بخصوص تلمذة السيوطى على ابن حجر فتلمذته لم تكن تلمذة لقاء إن لم يحمل إليه وهوصغير، ومن ثم أطلق عبارته عن ابن حجر بقوله شيخنا، فلعله تتلمذ على كتبه ن أوعلى من تتلمذ علي ابن حجر، إذ ابن حجر مات رحمه الله عام 852هـ، والسيوطى ولد سنة 849هـ فلم يدرك السيوطى من ابن حجر سوى ثلاث سنوات، فإما أن يكون جالسه وهوفىهذه السن ومن ثم قال عنه شيخنا، أوأنه تتلمذ كما قلت على كتبه بعد ذلك أوعلى من تتلمذ على ابن حجر.
كلام الأقران يطوى ولا يروى، ولا حاجة لبحثه على الملأ، بل يبقى حبيس الكتب يطلع عليه من كان له فائدة في ذلك، والحمد لله هذه كتب السيوطي والسخاوي ينهل منها طلاب العلم فرحم الله هذين العلمين، وجمعنا بهم في دار كرامته.