إتهام الإمام الزهري بالتدليس - تحقيق وإيضاح ..
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على سيد المرسلين محمد بن عبد الله وعلى أله وصحبه اجمعين .
من أكبر الإفتراءات , والجهلُ المطلق بعلم الحديث هو أن يطلق على " الزهري " التدليس متناسين بذلك أصول " علم المصطلح " آخذين ظواهر النصوص بلا فهمٍ للأصول وللأحاديث , بل من أكبر إفتراءات الرافضة في البحث أنهم " لصوصُ " لا إعتبار بما يقولونَ ولا يفهمون , فيأخذون النصوص ويلوي أعناقها المبطلون , ومبحثنا عن شبهةٍ " هالكة " زعم فيها أهل البدع " تدليس الزهري " نسأل الله العافية من كذبهم .
قال الحافظ إبن كثير في البداية والنهاية : " محمد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب بن عبد الله بن الحارث بن زهرة بن كلاب بن مرة، أبو بكر القرشي الزهري، أحد الأعلام من أئمة الإسلام، تابعي جليل، سمع غير واحد من التابعين وغيرهم " . وقال الحافظ كذلك رحمه الله تعالى : " قالوا: وقد قرأ القرآن في نحو من ثمان وثمانين يوما، وجالس سعيد بن المسيب ثمان سنين، تمس ركبته ركبته، وكان يخدم عبيد الله بن عبد الله يستسقي له الماء المالح، ويدور على مشايخ الحديث، ومعه ألواح يكتب عنهم فيها الحديث، ويكتب عنهم كل ما سمع منهم، حتى صار من أعلم الناس وأعملهم في زمانه، وقد احتاج أهل عصره إليه " فإن الزُهري رحمه الله تعالى حدث عن عروة رحمه الله , والقولُ بأن " الزهري " لم يسمع من عروة فيهِ نظر فإن الحافظ ابن كثير نقل في البداية ما يثبتُ أن الزهري سمعَ من عروة فقال الحافظ ابن كثير .
" وقال أبو إسحاق: كان الزهري يرجع من عند عروة فيقول لجارية عنده فيها لكنة: ثنا عروة، ثنا فلان، ويسرد عليها ما سمعه منه، فتقول له الجارية: والله ما أدري ما تقول، فيقول لها: اسكتي لكاع، فإني لا أريدك إنما أريد نفسي " فقولهُ " ثنا " وهي إثباتٌ لسماع " الزهري من عروة " فكيف يتهمهُ أهلُ الرفضِ بالتدليس وهذا بطلانٌ وأمرٌ عظيم وقالوا أن هناك من وصفهُ بالتدليس وسنتظرقُ لهذا القول بإذن الله تعالى وقال الحافظ إبن كثير رحمه الله تعالى في البداية : " وروى يعقوب بن سفيان، عن هشام بن خالد السلامي، عن الوليد بن مسلم، عن سعيد - يعني: ابن عبد العزيز -، أن هشام بن عبد الملك، سأل الزهري أن يكتب لبنيه شيئا من حديثه، فأملى على كاتبه أربعمائة حديث ثم خرج على أهل الحديث فحدثهم بها، ثم إن هشاما قال للزهري: إن ذلك الكتاب ضاع، فقال: لا عليك، فأملى عليهم تلك الأحاديث، فأخرج هشام الكتاب الأول فإذا هو لم يغادر حرفا واحدا، وإنما أراد هشام امتحان حفظه " سبحان الله .. !!
وقال عمر بن عبد العزيز: ما رأيت أحدا أحسن سوقا للحديث إذا حدث من الزهري , وقال سفيان بن عيينة: عن عمرو بن دينار: ما رأيت أحدا أنص للحديث من الزهري، ولا أهون من الدينار والدرهم عنده، وما الدراهم والدنانير عند الزهري إلا بمنزلة البعر , قال عمرو بن دينار: ولقد جالست جابرا، وابن عباس، وابن عمر، وابن الزبير، فما رأيت أحدا أسيق للحديث من الزهري , وقال الإمام أحمد: أحسن الناس حديثا وأجودهم إسنادا الزهري . فالحاصلُ ان أسانيد الزُهري رحمه الله تعالى من أجود الأسانيد وكان رحمهُ الله تعالى يحدث بما سمع من الاخبار , وخصوصاً عن عروة وسعيد بن المسيب وكان يكثرُ عنهما وإذا بي أتفاجأ فأرى الرافضة ترمي إمامَ أهل السنة بالتدليس إفتراءاً عليهِ .
وفي البداية للحافظ إبن كثير : " وقال الليث: ما رأيت عالما قط أجمع من ابن شهاب، ولو سمعته يحدث في الترغيب والترهيب لقلت: ما يحسن غير هذا، وإن حدث عن الأنبياء وأهل الكتاب قلت: لا يحسن إلا هذا، وإن حدث عن الأعراب والأنساب قلت: لا يحسن إلا هذا، وإن حدث عن القرآن والسنة كان حديثه بدعا جامعا " , بالجملة فإن حديث الزُهري رحمه الله تعالى من أجود الأحاديث ومن أقوى وأجود الأسانيد وقال الليث: قال يحيى بن سعيد: ما بقي عند أحد من العلم ما بقي عند ابن شهاب.
وقال عبد الرزاق: أنبأ معمر، قال: قال عمر بن عبد العزيز: عليكم بابن شهاب، فإنه ما بقي أحد أعلم بسنة ماضية منه، وكذا قال مكحول . فكما نرى إن الزُهري من أعلام الامة , ومن أكثر المحدثين فطنة فإن حدث عن راوي وإن كان " بالعنعنة " فإن الزُهري رحمه الله تعالى يكونُ قد سمع منهُ وقد لقية عروة ولا شك في أنهُ سمع من عروة رحمهم الله تعالى , فيكونُ كذبُ أهل الضلال ساقط في فرية أن الزهري دلس عن عروة رحمهم الله تعالى بل الأخبارُ تثبت سماعهُ منهُ ومازلنا نحققُ هذه الأقوال .
وقال أيوب: ما رأيت أحدا أعلم من الزهري، فقيل له: ولا الحسن؟ فقال: ما رأيت أعلم من الزهري , وقيل لمكحول: من أعلم من لقيت؟ قال: الزهري، قيل: ثم من؟ قال: الزهري، قيل: ثم من؟ قال: الزهري , وقال مالك: كان الزهري إذا دخل المدينة لم يحدث بها أحدا حتى يخرج , وقال عبد الرزاق، عن ابن عيينة: محدثوا أهل الحجاز ثلاثة: الزهري، ويحيى بن سعيد، وابن جريج , وقال علي بن المديني: الذين أفتوا أربعة: الزهري، والحكم، وحماد، وقتادة، والزهري أفقههم عندي , وقال الزهري: ثلاثة إذا كن في القاضي فليس بقاض: إذا كره الملاوم، وأحب المحامد، وكره العزل , وقال أحمد بن صالح: كان يقال: فصحاء زمانهم: الزهري، وعمر بن عبد العزيز، وموسى بن طلحة، وعبيد الله، رحمهم الله وقال الحافظ الذهبي في متن الموقظة في أجود الأسانيد .
1- مالك عن نافع عن إبن عمر .
2- منصور عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله .
3- الزهري عن سالم عن أبيه .
4- أبو الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة .
ع محمد بن مسلم بن شهاب الزهري أبو بكر الإمام، المدني، سكن الشام ولد سنة 50 أو نحوها، وتوفي سنة 125هـ وقيل قبل ذلك.روى عن: عبدالله بن عمر بن الخطاب، وعبدالله بن جعفر وقيل لم يسمع منهما، وعن المسور بن مخرمة، وخلق.روى عنه: عطاء بن أبي رباح، وأبو الزبير المكي، وعمر بن عبدالعزيز وعمرو بن دينار...
وخلق.الحاصل:قلت: هو ثقة إمام لا يؤثر فيه جرح جارح، وقد استفاضت عدالته وحفظه، وضبطه واشتهر في ذلك بين الناس، وكان يدلس في النادر، رحمه الله.حجة إمام"1"، نيل منه لصحبة الدولة , قال في الميزان: "الحافظ الحجة، كان يدلس في النادر"، وقال في الكاشف: "أحد الأعلام"، ولم يذكره في المغني. والمعنى أن الزهري وإن كان يدلس رحمه الله تعالى فإن تدليسهُ نادر كما قال الحافظ في سير أعلام النبلاء إلا أن القول بتدليس الزهري فيهِ نظر , فهو كما قال الحافظ إبن كثير في البداية والنهاية كان لا يحدث إلا بما سمع من الأخبار , وقولهُ " نادر " قرينةً على كونُ ذلك لا يحصل منهُ أبداً .
ثم نقل الرافضي ما يكونُ عليهِ نقمة في مبحثهِ : " ابن حجر العسقلاني عده في الطبقة الثالثة من المدلسين وهي ( من أكثر من التدليس فلم يحتج الائمة من أحاديثهم الا بما صرحوا فيه بالسماع ومنهم من رد حديثهم مطلقا ومنهم من قبلهم ) " فهذا المشارُ إليه من كلام الرافضة في هذا الباب , وإن الأمرَ إن كان أصلا فإنهُ لا يعني أن الزُهري دلس فأكثر بل كما قال الحافظ الذهبي : " الذهبي قال في ميزان الإعتدال ج4-ص40 ( كان يدلس في النادر ) " وإن وقع التدليسُ أصلاً من الزهري وهو من المكثرين فحديثهُ من أجود الأسانيد والأحاديث وسماعهُ محتمل بل قوي عن عروة لملازمتهِ عروة بن الزبير رحمه الله تعالى فلا يصحُ وصفهُ رحمه الله تعالى بالتدليس أبداً .
قال الشيخ ناصر الفهد في كتابهِ ( منهج المتقدمين في التدليس ) صفحة 84 : " الحافظ ، الإمام ، لم أجد أحداً من المتقدمين وصفه بالتدليس ، غير أن ابن حجر ذكر أن الشافعي والدار قطني وصفاه بذلك .
والذي يظهر أنهما أرادا الإرسال لا التدليس بمعناه الخاص عند المتأخرين ، أو أنهم أرادوا مطلق الوصف بالتدليس غير القادح ـ بمعنى أنه قد وقع منه أحياناً(2) ـ ؛ لأنن التدليس يمعناه الخاص منه قليل جداً بالمقارنة إلى مجموع رواياته ، ولنم يتردد أحداً من الأئمة في قبول روايته مطلقاً ، بل هو أحد أعمدة الحديث النبوي .
وقد حصر الأئمة ما رواه عمن سمع منه ما لم يسمع منه ـ ، وهو من أهل المدينة والتدليس لا يعرف في المدينة . وسيأتي ذلك إن شاء الله في الكلام على أبي الزبير ، لهذا قال الذهبي عنه : ( محمد بن مسلم الزهري الحافظ الحجة كان يدلس في النادر ) اهـ ، فوصفه بندرة التدليس . قلتُ : وهذا يثبتُ إنتفاء التدليس عن الإمام الزهري " .
وقال الشيخ بعدما ذكر ما قالهُ العلائي وما نقل بالقول في تدليس الزهري : " فنجد أنهما اتفقا على أنه مشهور به ، ولم يذكره أحد من المتقدمين بذلك ، ثم وضعه ابن حجر في المرتبة الثالثة وهي من أكثر من التدليس فلم يحتج الأئمة من أحاديثهم إلا بما صرحوا فيه بالمساع ومنهم من رد حديثهم مطلقاً ومن من قبلهما ) اهـ .
ويعسر إثبات تدليس الزهري ( التدلس الخاص )فضلاً عن أن يشتهر به ، وأما رد حديثه إلا عند ذكر السماع فلا أظنك تجد ذلك عند أحد من الأئمة المتقدمين . بل إن ابن حجر رحمه الله خالف في ذلك المتأخرين أيضاً ، فإن العلائي وسبط ابن العجمي أيضاً في ( التبيين في أسماء المدلسين ) قد ذكرا أن الأئمة قبلوا قوله ( عن ) ". وفي الحاشية بعدما ذكر ما نقلهُ البلخي قال الشيخ في الحاشية تعليقاً على ما أوردهُ البلخي قائلاً .
ذكر البلخي ـ وهو معتزلي لا يوثق به ـ في كتابه ( قبول الأخبار ) ورقة 218 أن أبا حاتم قال ( الزهري أحب إلى من الأعمش وكلاهما يحتج بحديثه فيما لم يدلسا ) اهـ ،
ومفهمومه أن الزهري قرين للأعمش في تدليسه وليس كذلك ، والعبارة في ( الجرح والتعديل ) لابن أبي حاتم نقلاً عن أبيه 8/73 ( الزهري أحب إلى من الأعمش يحتج بحديثه وأثبت أصحاب أنس الزهري ) اهـ , فوقوع التدليس ، بمعناه العام عند السلف ـ قل أن يسلم منه أحد ، وقد روى ابن الجعد في مسنده رقم (50) عن شعبه أنه قال : ( ما رأيت أحداً من أصحاب الحديث إلا يدلس إلا ابن عون وعمرو بن مرة ) . أهـ.
والراجح من كلام إبن حجر رحمه الله تعالى في طبقات المدلسين : " أنهُ لا يمكن رد عنعنة المدلس لمجرد العنعنة فضلاً عن كون المدلس من أهل الحديث ومن المكثرين ويكونُ التدليس وقعَ منهُ نادراً , فإن الأصل في العنعنة هي الإتصال والسماع ما لم يرد إثباتاً على كون المدلس قد أكثر من التدليس , فضلاً عن كون المدلس " قليلاً ما يدلس " وليس كلامنا في الزهري وإنما حول التدليس عامة فأصلهُ " الإتصال " وأما من كان مكثراً من التدليس فعنعنتهُ إلا إذا ثبت أنهُ صرح بالسماع عند أهل الدراية والفن " وروايةُ الزهري عن بن عمر وجعفر هناك إحتمال كبير بسماع الزهري منهما , قال أحمد العجلي : سمع ابن شهاب من ابن عمر ثلاثة أحاديث ، وقال عبد - ص 327 - الرزاق ، حدثنا معمر ، قال : سمع الزهري من ابن عمر حديثين .
ثم ذكر الرافضة رواية " الزهري عن سهل " في صحيح بن خزيمة : " كان الفتيا في الماء من الماء رخصة " وقال نا أحمد بن منيع ، نا عبد الله بن المبارك ، أخبرني معمر ، عن الزهري بهذا الإسناد نحوه ، هكذا حدثنا به أحمد بن منيع , فليس هناك قرينة على أن " الزهري لم يسمع من سهل " بل إن عنعنة الزهري أصلها الإتصال ما لم يرد دليل على تدليسهِ رحمه الله تعالى فالخبر ليس فيهِ إشكال وليس بالمعتبر مثالاً على تدليس الزهري رحمه الله تعالى , وما هذا القولُ بثابت وإن الزهري من أئمة الحديث وفي النسخة محققة : " أخبرنا أبو طاهر نا أبو بكر نا أحمد بن منيع نا عبد الله بن المبارك أخبرني معمر عن الزهري : بهذا الإسناد نحوه هكذا حدثنا به أحمد بن منيع قال الأعظمي : إسناده صحيح " . فهذا إسنادهُ صحيح لا غبار عليه وفي سنن الترمذي شرح كتاب الطهارة : " قوله : ( ثنا يونس بن يزيد ) ابن أبي النجاد الأيلي أبو يزيد مولى آل أبي سفيان ، ثقة إلا أن في روايته عن الزهري وهما قليلا ، وفي غير الزهري خطأ . قاله الحافظ في التقريب ، وقال في مقدمة فتح الباري : قال ابن أبي حاتم عن عباس الدوري : قال ابن معين : أثبت الناس في الزهري مالك ومعمر ويونس وشعيب ، وقال عثمان الدارمي عن أحمد بن صالح نحن لا نقدم على يونس في [ ص: 309 ] الزهري أحدا . قال ووثقه الجمهور مطلقا وإنما ضعفوا بعض روايته حيث يخالف أقرانه ، ويحدث من حفظه فإذا حدث من كتابه فهو حجة ، قال واحتج به الجماعة , ( عن سهل بن سعد ) ابن مالك بن خالد الأنصاري الخزرجي الساعدي ، له ولأبيه صحبة ، مشهور مات سنة 88 ثمان وثمانين وقيل بعدها " . فالقول بتدليس الزهري لا يستقيم وقال الحافظ الذهبي في سير أعلام النبلاء : " عنه : ابنه عباس ، وأبو حازم الأعرج ، وعبد الله بن عبد الرحمن بن الحارث بن أبي ذباب ، وابن شهاب الزهري ، ويحيى بن ميمون الحضرمي ، وغيرهم " أي عن سهل وهو ثابت عنهُ السماع ولا يحتمل تدليسهُ عليه .
ثم زعم الرافضة أنهُ لا يوجد كم حقيقي في مسألة الإكثار , قلنا وما هذا إلا فرطٌ جهلٍ من الرافضة إذ أن عنعنة المكثر من الحديث والسماع تحملُ على " الأتصال " وهذا ما عليه الجمهور , ولم يعل هذه المسألة الرافضة بأخبار صحيحة بل بنقولات صحيحة حتى , فإنهُ قليل التدليس وقلة التدليس إنما هي قرينة على أن الأخبار التي يكونُ حدث بها يحتمل بها الأتصال لا التدليس , وأما ذكرهُ في المرتبة الثالثة من التدليس وهذا فيهِ نظر لأن الزهري رحمه الله تعالى قليل التدليس , والقرينة في كتاب طبقات المدلسين أن أخبار المعنعن تقبل لكثرة ما حدث بهِ , ثم إن العنعة حملها الحافظ إبن حجر على الإتصال ما لم يرد دليل على التدليس وأخبارُ الزهري وكثرتها تنفي هذا نفياً تاماً .
والمقل منه تقبل رواياته ما لم يثبت تدليسه؛ فإن مثل هذه القاعدة تتمشى مع ذلك؛ لأن الراوي إذا أكثر عن راوٍ معيِّن كثرةً ظاهرة؛ فإن تدليسه سيكون قليلاً عن شيخه ذلك، ويعود كالمقل من التدليس؛ الذي تقبل رواياته ما لم يثبت تدليسه.وانظر ذلك في الاتصال والانقطاع، للشيخ إبراهيم اللاحم (ص336-338).
ويشهد لهذا التقسيم قول الحاكم في المعرفة:"الجنس الخامس من المدلسين قوم دلسوا عن قوم سمعوا منهم الكثير وربما فاتهم الشيء عنهم فيدلسونه....ثم قال:
ومن هذه الطبقة جماعة من المحدثين المتقدمين والمتأخرين مخرج حديثهم في الصحيح إلا أن المتبحر في هذا العلم يميز بين ما سمعوه وما دلسوه" , ولأن الصحيح أن عنعنة غير المكثر من التدليس والذي لا يغلب على حديثه = محمولة على الاتصال حتى يتبين أنه دلسقال يعقوب بن شيبة السدوسي: سألت علي بن المديني عن الرجل يدلس أيكون حجة فيما لم يقل: حدثنا ، قال: إذا كان الغالب عليه التدليس فلا حتى يقول: حدثنا , وفي تدليس الاعمش رحمه الله تعالى وهو مشهورٌ بهِ خلاف الزُهري رحمهم الله.
والأعمش عنعنته محمولة على الاتصال ما لم يتبين فيها التدليس أو كان في المتن نكارة
قال يعقوب بن سفيان الفسوي: وحديث سفيان وأبي إسحاق والأعمش ما لم يعلم أنه مدلس يقوم مقام الحجة.وقال أبوزرعة الرازي: الأعمش ربما دلس. وقال أبو داود: سمعت أحمد سئل عن الرجل يعرف بالتدليس يحتج فيما لم يقل حدثني أو سمعت ؟ قال: لا أدري . فقلت: الأعمش متى تصاد له الألفاظ ؟ قال : يضيق هذا ، أي أنك تحتج به , وأما تعليق الرافضة على كلام الشيخ نصار , وقولهُ أبو جعفر جزم بتدليس الزهري فلا يحتملُ ذلك ولا يرتفعُ القولُ بشهرة الإمام الزهري بالتدليس بل هذا القول لا يصح .
وقد حاولوا رد كلام الشيخ بتراهات فارغة , وكونهُ من أهل المدينة والغالب على أهل المدينة قلة التدليس , وعدم التدليس ومحمد بن إسحاق وإن كان من أهل المدينة فعرف عنهُ التدليس فمثلهُ مثل أبي إسحاق والعبرة بالأكثار وعدالة الراوي فإنهُ مشهور بالحديث عند أهل العلم , كذلك ندرة التدليس , وإنما أورد الرافضة أخباراً قليلة في التدليس من الزهري رحمه الله تعالى وهي محمولة على الإتصال . والله أعلم .
كتبهُ /
أهلُ الحديث