بسم الله الرحمن الرحيم الى هادي2 السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كلما أردت جوابا مقنعا فتحت لي عدة أبواب
قلت : ان الله عز وجل يختص الاولياء من عباده بعلم الغيب وهم الذين عبر الله عنهم بانهم الذين ارتضى
ثم قلت : ان الامام كان يعاني من الخوف على ولده والوصي من بعده فاراد ان يبعد السلطات التي كانت تترصد بولده
فكيف يخاف وهو قد اطلع على الغيب والله يقول : { يسلك من بين يديه ومن خلفه رصدا } الجن 27 أي أن الله سبحانه وتعالى يرسل معه الملائكة لحراسته
أعتقد بأن قولك متعارض ثم لنرجع الى البداء
وإليك القول الحق عسى الله أن يفتح قلبك للهداية لم تعرف معنى البداء في اللغة لانه يعارض قولك يطلق البداء في اللغة على معنيين : المعنى الأول : الظهور بعد الخفاء يقال بدا : بدوا وبدا وبداءة ، وبدوا : ظهر وأبديته وبداءة الشيء : أول ما يبدو منه ودل عليه قوله تعالى : { وبدا لهم من الله مالم يكونوا يحتسبون } وقوله تعالى : { وإن تبدوا مافي أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله }
المعنى الثاني : نشأة رأي جديد قال الجوهري في الصحاح : بدا له في الأمر بداء أي نشأ له فيه رأي وقال صاحب القاموس المحيط : يدا له في الأمر بدوا وبداء وبداة نشأ له فيه رأي ودل عليه قوله تعالى :{ثم بدا لهم من بعد ما رأوا الآيات ليسجننه حتى حين}
والبداء بمعنييه يستلزم سبق الجهل وحدوث العلم وكلاهما محال على الله تعالى
وأصل هذه العقيدة ناشئة من اليهود وإليك هذا التشابه بينهم في نسبة الندم والحزن إلى الله من اليهود والبداء من الشيعة
الوجه الأول : التشابه في التسمية فاليهود يطلقون على الله تعالى صفة الندم والحزن والأسف والشيعة يطلقون صفة البداء على الله ومن تأمل هذه الصفات ظهر له ما بينهما من تقارب في المعنى فمن ندم أو حزن أو تأسف على فعل شيء أو رأى مسألة معينة فلا بد من أن يمر بمرحلتين المرحلة الأولي : تغير الرأي في تلك المسألة المرحلة الثانية : أن يحصل له من العلم ما يعلم به خطأه في المسألة السابقة فيندم وهذان المعنيان هما اللذان ذكرهما علماء اللغة في معنى البداء
الوجه الثاني في النصوص : أولا : يزعم اليهود أن الله أراد إهلاك بني إسرائيل وبينما الملك يهلك ندم الله على ذلك وأمر الملك بالكف عن ذلك ويزعم الشيعة أن الله أراد أن يهلك الناس في زمن النبي صلى الله عليه وسلم ثم بدا له فرجع عن ذلك روى الكليني عن أبي جعفر وأبي عبدالله عليهما السلام أنهما قالا : إن الناس لما كذبوا برسول الله صلى الله عليه وسلم هم الله بهلاك أهل الأرض إلا عليا فما سواه بقوله تعالى :{ فتول عنهم فما أنت بملوم } ثم بدا له فرحم المؤمنين ثم قال لنبيه صلى الله عليه وسلم :{ وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين }
ثانيا : يزعم اليهود أن موسى عليه السلام راجع الله عندما أراد أن يهلك بني إسرائيل فرجع الله عن ذلك ويزعم الشيعة أن جعفر الصادق راجع الله في موت ابنه إسماعيل فأخره الله مرتين روى الصدوق والنوبختي ونعمة الله الجزائري عن جعفر الصادق أنه قال : ما بدا لله في شيء كما بدا له في إسماعيل ابني وفي المفيد عن جعفر قال : كان القتل قد كتب على إسماعيل مرتين فسألت الله في دفعه فدفعه
ثالثا : يدعي اليهود أن الله نصب شاول ملكا على بني إسرائيل ثم ندم وتأسف على ذلك وتدعي الشيعة أن الله قد عين إسماعيل بن جعفر وأبا جعفر محمد بن علي إمامين للرافضة ثم بدا له فغيرهما روى في الكافي عن أبي هاشم الجعفري قال : كنت عند أبي الحسن عليه السلام بعد مامضى ابنه أبو جعفر وإني لأفكر في نفسي أريد أن أقول كأنهما أعني أبا جعفر وأبا محمد في هذا الوقت كأبي الحسن موسى وإسماعيل ابني جعفر بن محمد وإن قصتهما كقصتهما إذ كان أبو محمد المرجي بعد أبي جعفر عليه السلام فأقبل عليّ أبو الحسن قبل أن أنطلق فقال : نعم يا أبا هاشم بدا لله في أبي محمد بعد أبي جعفر ما لم يكن يعرف له كما بدا له في موسى بعد مضي إسماعيل ما كشف به حاله ….. الخ
رابعا : يزعم اليهود أن صفة الندم لا تنفك عن الله فهو دائما يندم على البشر ويزعم الشيعة أن الله أشترط لنفسه البداء وأن يقدم ما يشاء ويؤخر جاء في أصول الكافي في كتاب التوحيد باب البداء وفيه عن زرارة بن أعين عن أحدهما عليهما السلام : ما عبد الله في بشيء مثل البداء وعن أبي عبدالله عليه السلام : ما عظم الله بمثل البداء
خامسا : يعتقد اليهود أن في إطلاق صفة الندم على الله مدحا وتعظيما له ويعتقد الشيعة أن في إطلاق صفة البداء على الله مدحا وتعظيما له
الوجه الثالث : التشابه في المضمون ما ينسبه اليهود من الندم والحزن إلى الله وما ينسبه الشيعة إليه من البداء يفضي في النهاية إلى نتيجة واحدة هي نسبة الجهل إلى الله وأن الله لا يعلم المصالح إلا بعد حدوث الحوادث وأن أمور المستقبل لا تدخل تحت علم الله وقدرته تعالى الله عما يصفون
وبهذه المقارنة يتبين لنا التشابه الكبير مما يؤكد أن مصدر عقيدة البداء عند الشيعة يهودية محضة
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
|