ظهرت في الأفق قضيةُ الحفل الماجن الذي أعد له في إحدى المستشفيات ثم أقيم بأحد الفنادق، وكذلك البرنامج التلفزيوني "ستار أكاديمي" الذي أريد له أن يأخذ من الكويت محطة يبث منها سيء فعله!!
وكأن الموضوع قد أعدت له العدة من قبل، ورفعت له الرايات، ولكن بحمد الله أخمدت ناره قبل استعارِها، فأرضُ الكويت كما هي خصبة لكل خير وفضيلة فهي كذلك أرض بور لكل شر وفساد..
ونشكر لمن تصدى لهذا الموضوع من نواب أمة ومسئولين ووزراء وأصحاب أقلام حرة.. نعم حرة بالحق لا الباطل!!
ولكن هذه الغيرة الدينية وهذا التصدي لم يُرضِ التيارَ اليساري الليبرالي الذي ارتضى له من اليسار اسماً وعنواناً وصفحةً، وما اليسار إلا صنيعة الفرنسيين وهو خليط من الشيوعية والاشتراكية والليبرالية التي تعني عندهم الحرية!!
نعم.. هي حرية من كل قيد، بل من كل فضيلة، وسباق إلى كل شيء من دون تمييز بين حق وباطل، وبين شرف وعهر، وبين خيانة وأمانة، وبين فضيلة ورذيلة، أي: افعل ما تريد ما دمت حراً، وشعار اليسار "ما دام حراً فدعه يمر"، أي من غير شرع يضبط أو فضيلة تلجم؛ هذه هي حرية الغرب، وهكذا هم، وهكذا يسارهم، وهذه ليبراليتهم، بل هذه ديمقراطيتهم.. لكن ما بالُ بني جلدتنا يريدون أن يلبسوا قميصَهم ويتجلببوا بجلبابهم؟!... فينادوا بالحريات وكأننا في "غوانتنامو" الديمقراطية!!
وعلى رأس أولوياتهم وجدول أعمالهم حريةُ المرأة التي يدْعونها أن تلبس ما تشاء كيفما تشاء... عدا الحجاب، لأنه تأخر ورجعية..!! ولها أن تتخذ أصدقاءَ وخلاناً وأخدانا.. ولا جرم أن تكون سلعةً تسر الناظرين فاتحةً لشهية المسعورين على صفحات الجرائد والمجلات وجميع القنوات، حتى يتمتع الناظر بها وبمفاتنها من غير إنكار؛ لأن هذه هي حريتها قد عادت إليها، وحتى لا تكون رجعية متخلفة كالتي تغطي نفسها من أعلى رأسها إلى أسفل القدمين كغراب البين... هكذا يصفُها غربان الحرية؟!
فبربكم ماذا تريدون منا؟ وإلى أين تسيرون بديننا وثوابتنا وعاداتنا؟!!
ألم يرفضكم الشعب..؟! ألم يقل كلمته في صناديق الاقتراع..؟!
أم إنكم ما زلتم تزايدون وتكابرون..؟!
أليس هذا هو حكم الديمقراطية التي اتخذتموها لكم أماً وأباً، ثم صرتم أول الكافرين بها، بل لعنتم شعبَكم وقلتم ما زال متأخراً لم ينضج، يعيش برجعية وتقهقر، وقلتم تعست وانتكست ديمقراطية لم تكن نتائجها ليبرالية!!
نعم.. هذه ديمقراطيتكم لكم وحدكم.. ولكنها كفرت بكم كما كفرتم بها!!
فهنيئاً للشعب المسلم الذي اختار دينَه وثوابتَه وعاداتِه وتقاليدَه، وكفر بالحرية الحمراء التي لا تنعم إلا بقتل الضوابط والحدود، ولا تحيا إلا مع الانحلال والفساد والفجور والليالي الحمراء, كالهواء لا يدخل الكأس إلا بخروج الماء؟!
فها أنتم أولاء كنتم وما زلتم تستهزئون بدين الله... فتارة بالحجاب.. وتارة باللحية.. وتارة بالثوب القصير.. وتارة بالحج والصلاة.. ودائماً وأبداً بالصدقات والزكاة!!
ونسيتم بل تناسيتم أن ما تنكرونه قد شرعه العزيز الحكيم، الذي خلقكم وخلق جميع العالمين!!
فما أدري يوم القيامة في أي جنة تطمعون.. أجنة الليبراليين أم جنة الإسلاميين!
يا عباد الله... إني لكم من الناصحين..
ففي يوم المعاد عند الوقوف بين رب العباد لن تكون إلا جنة واحدة، ولن تكون سوى نار واحدة عند رب واحد.. قاهر شديد العقاب ذي الطول لا إله إلا هو..
الحكم يومئذ بحُكمِه، والميزان يزن بشرعه لا بقوانينكم ونظرياتكم...
فعندما تفتح الجنان لمحمد صلى الله عليه وسلم وصحبه وأتباعه، وتسجّرُ النيران لإبليس وجنده وأتباعه من فرعون إلى ماركس.. فحينئذ لأي فريق تنحازون... وإلى أين تذهبون....وأي فج تسلكون... أعدوا للسؤال جواباً...
فما زال في الوقت متسع وفي العمر بقية..
والحمد لله رب العالمين.