التسويف في لبس الحجاب
كتاب اللباس والزينة »
باب الحجاب وكشف الوجهالسؤال:
إنني شابة مسلمة دخل الإيمان في قلبي منذ صغري لأني نشأت في عائلة محافظة ومتدينة أؤدي الصلوات في أوقاتها ولا أخطو خطوة واحدة إلا جعلت الله أمام عيني وأفكر كثيراً مع نفسي في يوم الحساب وأخاف عقاب الله ومع ذلك لم ألبس الحجاب مع إني دائماً أفكر بلبس الحجاب مستقبلاً فهل جزائي في الآخر ة هو النار ؟
الاجابه:
إن هذا السؤال تضمن مسألتين : المسألة الأولى : ما وصفت به نفسها من استقامة على دين الله عز وجل لكونها نشأت في بيئة صالحة وهذا الوصف الذي وصفت به نفسها إن كان الحامل لها على ذلك التحدث بنعم الله عز وجل وأن تجعل من ذلك الإخبار وسيلة للإقتداء بها فهذا قصد حسن تؤجر عليه ولعلها تدخل في ضمن قوله تعالى : -(وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ)- (الضحى:11). وقال النبي (1) : -( من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة )- وإن كان الحامل لها على ذلك تزكية النفس والإطراء والإدلال بعملها على ربها فهذا مقصود سيئ خطير ولا أظنها تريد ذلك إنشاء الله . أما المسألة الثانية فهي : تفريطها بالحجاب كما ذكرت عن نفسها وتسأل هل تعذب على ذلك بالنار في الآخر ة ؟ والجواب عن ذلك : أن كل من عصى الله عز وجل بمعصية لا تكفرها الحسنات فإنه على خطر فإن كانت شركاُ وكفراً مخرجاً من الملة العذاب محقق لمن أشرك بالله وكفر قال تعالى : -(إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ )-(النساء: من الآية48) وإن كان دون ذلك أي دون الكفر المخرج عن الملة وهو من المعاصي التي لا تكفرها الحسنات فإنه تحت مشيئة الله عز وجل إن شاء غفر له وإن شاء عذبه ، والحجاب الذي يجب على المرأة أن تتخذه هو أن تستر جميع بدنها عن غير زوجها ومحارمها لقول الله تعالى : -(يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ )-(الأحزاب: من الآية59) والجلباب هو الملاءة أو الرداء الواسع الذي يشمل جميع البدن فأمر الله تعالى نبيه أن يقول لأزواجه وبناته ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن حتى يسترن وجوههن ونحورهن . وقد دلت الأدلة من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، والنظر الصحيح والميزان على أنه يجب المرأة أن تستر وجهها عن الرجال الأجانب الذين ليسوا من محارمها وليسوا من أزواجها وأن لا تضرب برجلها حتى يعلم ما تخفي من زينتها من الخلخال ونحوه وأن هذا واجب فإن وجوب ستر الوجه أوجب وأعظم وذلك لأن الفتنة الحاصلة بكشف الوجه أعظم بكثير من الفتنة الحاصلة بظهور شعر من شعرة رأسها أو ظفر رجليها . وإذا تأمل العاقل المؤمن هذه الشريعة وحكمها وأسرارها تبين أنه لا يمكن أن تلزم المرأة بستر الرأس والعنق والذراع والساق والقدم ثم تبيح للمرأة أن تخرج كفيها ووجهها المملوء جمالاً وتحسيناً فإن ذلك خلاف الحكم ومن تأمل ما وقع فيه الناس اليوم من التهاون في ستر الوجه الذي أدى إلى أن تتهاون المرأة في ما وراءه حيث تكشف رأسها وعنقها ونحرها وذراعها وتمشي في الأسواق بدون مبالاة في بعض البلاد الإسلامية علماً بأن الحكمة تقتضي أن على النساء ستر وجوههن . فعليك أيتها المرأة أن تتقي الله عز وجل وأن تحتجبي الحجاب الواجب الذي لا تكون معه فتنة بتغطية جميع البدن عن غير الأزواج والمحارم (1) * * *
المرجع:
(1) فتاوى نور على الدرب للشيخ العثيمين 2/69 الطبعة الأولى