أهمية الغطاء على وجه المرأة
كتاب اللباس والزينة »
باب الحجاب وكشف الوجهالسؤال:
أرجو من فضيلتك إجابتي عن أهمية الغطاء على وجه المرأة وهل هو واجب أوجبه الدين الإسلامي وإذا كان كذلك فما هو الدليل على ذلك ، إنني أسمع الكثير وأعتقد أن الغطاء عم استعماله في الجزيرة على عهد الأتراك ومنذ ذلك الوقت سار التشديد على استعماله حتى أصبح يراه الجميع فرض على كل امرأة كما قرأنا أن في عهد النبي
، وعهد الصحابة والراشدين كانت المرأة تشارك الرجل في الكثير من الأعمال كما تساعده في أيام الحروب فهل هذه الأشياء حقيقة أم أن فيها غلط لا أساس له إنني أنتظر الإجابة من فضيلتكم لفهم الحقيقة وحذف ما هو مشوه ؟
الاجابه:
الحجاب كان أول الإسلام غير مفروض على المرأة وكانت تبدي وجهها وكفيها عند الرجال ، ثم شرع الله سبحانه وتعالى الحجاب للمرأة وأوجب ذلك عليها صيانة لها من نظر الرجال الأجانب إليها وحسماً لمادة الفتنة بها وذلك بعد نزول آية الحجاب وهي قوله تعالى في سورة الأحزاب : -(وإذَا سألْتُمُوهُنّ مَتَاعاً فَاسألُوهُنّ مِن وَرَاءِ حِجابٍ ذلِكُمْ أطهرُ لِقُلوبِكم وقُلُوبِهِنّ )- [الأحزاب : الآية ، والآية المذكورة وإن كانت نزلت في زوجات النبي صلى الله عليه وسلم ، فالمراد منها هن وغيرهن في النساء لعموم العلة المذكورة والمعنى وذلك مثل قوله سبحانه في السورة نفسها : -( وقَرْنَ في بُيُوتِكُنّ ولا تبرَّجْنَ تَبَرُّجَ الجاهِليَّةِ الأُولى وأقِمْنَ الصَّلاة َ وآتينَ الزَّكاةَ وأطِعْنَ الله ورسولَه)- [ الأحزاب : 33] الآية . فإن هذه الآية تعمهن وغيرهن بالإجماع ، ومثل قوله عز وجل في سورة الأحزاب أيضاً : -( يَاأَيّها النِّبِيُّ قُل لأزواجِكَ وبَنَاتِكَ ونِسَاءِ المُؤمِنِينَ يُدْنِينَ عليهِن من جلابِيبهِنَّ ذلك أدنى أن يُعرَفْنَ فلا يُؤذيْنَ وكان اللهُ غفوراً رحيماً )- [الأحزاب: 59]الآية وأنزل الله في ذلك أيضاً آيتين أخريين في سورة النور وهما قوله تعالى : -( وقُل للمؤمِناتِ يغْضُضْنَ من أبصارِهِنّ ويحفظنَ فُرُوجَهنّ ولا يبدين زِينَتُهنّ إلا ما ظَهر منها ولْيضرِبْنَ بِخُمُرهنّ على جيوبهنّ ولا يُبدينَ زينتَهُنّ إلا لِبُولَتِهنّ أو آباءِ آبائِهنّ بعولتهن )- [النور : 31] الآية ، والبعولة هم الأزواج ، والزينة هي المحاسن والمفاتن والوجه أعظمها وقوله سبحانه : -(إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا )-(النور: من الآية31) المراد به الملابس في أصح قولي العلماء كما قاله الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود رضي الله عنه ، لقوله تعالى : -(وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللَّاتِي لا يَرْجُونَ نِكَاحاً فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ )-(النور: من الآية60) ، ووجه الدلالة من هذه الآية على وجوب تحجب النساء وهو ستر الوجه وجميع البدن عن الرجال غير المحارم وأن الله سبحانه وتعالى رفع الجناح عن القواعد اللاتي لا يرجون نكاحاً وهن العجائز إذا كن غير متبرجات بزينة ، فعلم بذلك أن الشابات يجب عليهن الحجاب وعليهن جناح في تركه ، وهكذا العجائز المتبرجات بزينة عليهن أن يتحجبن لأنهن فتنة ثم إنه سبحانه أخبر في آخر الآية أن استعفاف القواعد غير المتبرجات خير لهن وما ذاك إلا لكونه أبعد لهن من الفتنة ، وقد ثبت عن عائشة وأختها أسماء رضي الله عنهما ، ما يدل على وجوب ستر المرأة وجهها عن غير المحارم ولو كانت في حال الإحرام كما ثبت عائشة (ر) ، ما يدل على أن كشف الوجه للمرأة كان في أول الإسلام ثم نسخ بآية الحجاب وبذلك تعلم أن حجاب المرأة أمر قديم من عهد النبي صلى الله عليه وسلم قد فرضه الله سبحانه وليس من عمل الأتراك ، أما مشاركة النساء للرجال في كثير الأعمال على عهد النبي صلى الله عليه وسلم كعلاج الجرحى وسقيهم في حال الجهاد ونحو ذلك فهو صحيح مع التحجب والعفة والبعد عن أسباب الريبة كما قالت أم سليم رضي الله عنها : كنا نغزو مع النبي صلى الله عليه وسلم فنسقي الجرحى ونحمل الماء ونداوي المرضى هكذا كان عملهن لا عمل النساء اليوم في كثير من الأقطار ـ التي يدعي أهلها الإسلام ـ اللائي اختلطن بالرجال في مجالات العمل متبرجات مبتذلات فآل الأمر إلى تفشي الرذيلة وتفكك الأسر وفساد المجتمع ولا حول ولا قوة إلا بالله العظيم ، ونسأل الله أن يهدي الجميع صراطه المستقيم وأن يوفقنا وإياك وسائر إخواننا للعلم النافع والعمل به إنه خير مسؤول (1) .
المرجع:
(1) مجلة البحوث الإسلامية فتوى الشيخ ابن باز 22/111