ٱلْحَمْدُ للَّهِ رَبّ ٱلْعَـٰلَمِينَ ٱلرَّحْمَـٰنِ ٱلرَّحِيمِ مَـٰلِكِ يَوْمِ ٱلدّينِ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ٱهْدِنَا ٱلصّرَاطَ ٱلْمُسْتَقِيمَ صِرَاطَ ٱلَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ ٱلْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلاَ ٱلضَّالّينَ ، [سورة الفاتحة]. فَقُطِعَ دَابِرُ ٱلْقَوْمِ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ وَٱلْحَمْدُ للَّهِ رَبّ ٱلْعَـٰلَمِينَ .[الأنعام:45]. ٱلْحَمْدُ للَّهِ ٱلَّذِى خَلَقَ ٱلسَّمَـٰوٰتِ وَٱلأرْضَ وَجَعَلَ ٱلظُّلُمَـٰتِ وَٱلنُّورَ ثْمَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبّهِمْ يَعْدِلُونَ ، [الأنعام:1]. وَقُلِ ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ ٱلَّذِى لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَم يَكُنْ لَّهُ شَرِيكٌ فِى ٱلْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَّهُ وَلِىٌّ مَّنَ ٱلذُّلّ وَكَبّرْهُ تَكْبِيرًا [الإسراء:111]. ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ ٱلَّذِى أَنْزَلَ عَلَىٰ عَبْدِهِ ٱلْكِتَـٰبَ وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجَا قَيِّماً لِّيُنْذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مّن لَّدُنْهُ وَيُبَشّرَ ٱلْمُؤْمِنِينَ ٱلَّذِينَ يَعْمَلُونَ ٱلصَّـٰلِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَنًا مَّاكِثِينَ فِيهِ أَبَدًا [الكهف:1-3]. قُلِ ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلَـٰمٌ عَلَىٰ عِبَادِهِ ٱلَّذِينَ ٱصْطَفَى ءآللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ [النمل:59]. ٱلْحَمْدُ للَّهِ ٱلَّذِى لَهُ مَا فِى ٱلسَّمَـٰوٰتِ وَمَا فِى ٱلأرْضِ وَلَهُ ٱلْحَمْدُ فِى ٱلآخِرَةِ وَهُوَ ٱلْحَكِيمُ ٱلْخَبِيرُ [سبأ:1]. ٱلْحَمْدُ للَّهِ فَاطِرِ ٱلسَّمَـٰوٰتِ وَٱلأرْضِ جَاعِلِ ٱلْمَلَـٰئِكَةِ رُسُلاً أُوْلِى أَجْنِحَةٍ مَّثْنَىٰ وَثُلَـٰثَ وَرُبَـٰعَ يَزِيدُ فِى ٱلْخَلْقِ مَا يَشَاء إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلّ شَىْء قَدِيرٌ .[فاطر:1]. الحمد لله معز الإسلام بنصره ومذل الشرك بقهره ومصرف الأمور بأمره ومديم النعم بشكره ومستدرج الكافرين بمكره الذي قدر الأيام دولاً بعدله، وجعل العاقبة للمتقين بفضله، وأفاء على عباده من ظله، وأظهر دينه على الدين كله، القاهر فوق عباده فلا يمانع، والظاهر على خليقته فلا ينازع، والأمر بما يشاء فلا يراجع، والحاكم بما يريد فلا يدافع، أحمده على إظفاره وإظهاره وإعزازه لأوليائه ونصره لأنصاره وتطهيره بيته المقدس من أدناس الشرك وأوضاره، حمد من استشعر الحمد باطن سره وظاهر جهاره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد، شهادة من طهر بالتوحيد قلبه، وأرضى به ربه، وأشهد أن محمداً، عبده ورسوله، رافع الشك، وداحض الشرك، وراحض الإفك، الذي أسري به من المسجد الحرام إلى هذا المسجد الأقصى، وعرج به منه إلى السموات العلا، إلى سدرة المنتهى، عندها جنة المأوى، ما زاع البصر وما طغى، صلى الله عليه وعلى خليفته أبي بكر الصديق السابق إلى الإيمان، وعلى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب أول من رفع عن هذا البيت شعار الصلبان، وعلى أمير المؤمنين عثمان بن عفان ذي النورين جامع القرآن، وعلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب مزلزل الشرك ومكسر الأوثان وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان، أيها الناس أبشروا برضوان الله الذي هو الغاية القصوى والدرجة العليا لما يسره الله على أيديكم من استرداد هذه الضالة، من الأمة الضالة وردها إلى مقرها من الإسلام بعد ابتذالها في أيدي المشركين قريباً من مئة عام، وتطهير هذا البيت الذي أذن الله أن يرفع وأن يذكر فيه اسمه وإماطة الشرك عن طرقه بعد أن امتد عليها رواقه واستقر فيها رسمه ورفع قواعده بالتوحيد فإنه بني عليه وشيد بنيانه بالتمجيد، فإنه أسس على التقوى من خلفه ومن بين يديه، فهو موطن أبيكم إبراهيم ومعراج نبيكم محمد عليه السلام، وقبلتكم التي كنتم تصلون إليها في ابتداء الإسلام، وهو مقر الأنبياء، ومقصد الأولياء، ومفر الرسل، ومهبط الوحي، ومنزل تنزل الأمر والنهي، وهو في أرض المحشر، وصعيد المنشر، وهو في الأرض المقدسة التي ذكرها الله في كتابه المبين. وهو المسجد الذي صلى فيه رسول الله بالملائكة المقربين، وهو البلد الذي بعث الله إليه عبده ورسوله وكلمته التي ألقاها إلى مريم وروحه عيسى الذي شرفه الله برسالته وكرمه بنبوته ولم يزحزحه عن رتبة عبوديته، فقال تعالى: لَّن يَسْتَنكِفَ ٱلْمَسِيحُ أَن يَكُونَ عَبْداً للَّهِ وَلاَ ٱلْمَلَـئِكَةُ ٱلْمُقَرَّبُونَ [النساء:172]. كذب العادلون وضلوا ضلالاً بعيداً، مَا ٱتَّخَذَ ٱللَّهُ مِن وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَـهٍ إِذاً لَّذَهَبَ كُلُّ إِلَـٰهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلاَ بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ سُبْحَـٰنَ ٱللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ [المؤمنون:91]. لَّقَدْ كَفَرَ ٱلَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلْمَسِيحُ ٱبْنُ مَرْيَمَ قُلْ فَمَن يَمْلِكُ مِنَ ٱللَّهِ شَيْئاً إِنْ أَرَادَ أَن يُهْلِكَ ٱلْمَسِيحَ ٱبْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَن فِى ٱلأرْضِ جَمِيعاً وَللَّهِ مُلْكُ ٱلسَّمَـٰوٰتِ وَٱلأرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا يَخْلُقُ مَا يَشَاء وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلّ شَىْء قَدِيرٌ وَقَالَتِ ٱلْيَهُودُ وَٱلنَّصَـٰرَىٰ نَحْنُ أَبْنَاء ٱللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذّبُكُم بِذُنُوبِكُم بَلْ أَنتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ يَغْفِرُ لِمَن يَشَاء وَيُعَذّبُ مَن يَشَاء وَللَّهِ مُلْكُ ٱلسَّمَـٰوٰتِ وَٱلأرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَإِلَيْهِ ٱلْمَصِيرُ يَـَأَهْلَ ٱلْكِتَـٰبِ قَدْ جَاءكُمْ رَسُولُنَا يُبَيّنُ لَكُمْ عَلَىٰ فَتْرَةٍ مَّنَ ٱلرُّسُلِ أَن تَقُولُواْ مَا جَاءنَا مِن بَشِيرٍ وَلاَ نَذِيرٍ فَقَدْ جَاءكُمْ بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلّ شَىْء قَدِيرٌ .[المائدة:17-19]. وهو أول القبلتين وثاني المسجدين وثالث الحرمين، لا تشد الرحال بعد المسجدين إلا إليه، ولا تعقد الخناصر بعد الموطنين إلا عليه، ولولا أنكم ممن اختاره الله من عباده واصطفاه من سكان بلاده، لما خصكم بهذه الفضيلة التي لا يجاريكم فيها مجار، ولا يباريكم في شرفها مبار، فطوبى لكم من جيش ظهرت على أيديكم المعجزات النبوية والواقعات البدرية والعزمات الصديقية والفتوح العمرية والجيوش العثمانية والفتكات العلوية، جددتم للإسلام أيام القادسية والواقعات اليرموكية، والمنازلات الخيبرية، والهجمات الخالدية، فجزاكم الله عن نبيه محمد أفضل الجزاء، وشكر لكم ما بذلتموه من مهجكم في مقارعة الأعداء، وتقبل منكم ما تقربتم به إليه من مهراق الدماء، وأثابكم الجنة فهي دار السعداء، فاقدروا رحمكم الله هذه النعمة حق قدرها، وقوموا لله تعالى بواجب شكرها، فله النعمة عليكم بتخصيصكم بهذه النعمة، وترشيحكم لهذه الخدمة، فهذا هو الفتح الذي فتحت له أبواب السماء وتبلجت بأنواره وجوه الظلماء، وابتهج به الملائكة المقربون، وقر به عيناً الأنبياء والمرسلون، فماذا عليكم من النعمة بأن جعلكم الجيش الذي يفتح عليه البيت المقدس في آخر الزمان، والجند الذي تقوم بسيوفهم بعد فترة من النبوة أعلام الإيمان، فيوشك أن تكون التهاني به بين أهل الخضراء أكثر من التهاني به بين أهل الغبراء أليس هو البيت الذي ذكره الله في كتابه ونص عليه في خطابه فقال تعالى: سُبْحَانَ ٱلَّذِى أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلاً مّنَ ٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ إِلَىٰ ٱلْمَسْجِدِ ٱلاْقْصَى ٱلَّذِى بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ ءايَـٰتِنَا إِنَّهُ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلبَصِيرُ [الإسراء:1]. أليس هو البيت الذي عظمته الملوك وأثنت عليه الرسل وتليت فيه الكتب الأربعة المنزلة من إلهكم عز وجل؟ أليس هو البيت الذي أمسك الله عز وجل الشمس على يوشع لأجله أن تغرب وباعد بين خطواتها ليتيسر فتحه ويقرب؟ أليس هو البيت الذي أمر الله موسى أن يأمر قومه باستنقاذه فلم يجبه إلا رجلان وغضب عليهم لأجله فألقاهم في التيه عقوبة للعصيان؟ فاحمدوا الله الذي أمضى عزائمكم لما نكلت عنه بنو إسرائيل وقد فضلهم على العالمين، ووفقكم لما خذل فيه من كان قبلكم من الأمم الماضين وجمع لأجله كلمتكم وكانت شتى، وأغناكم بما أمضته كان وقَدْ عن سَوْفَ وحتى، فليهنكم أن الله قد ذكركم به فيمن عنده، وجعلكم بعد أن كنتم جنوداً لأهويتكم جنده، وشكركم الملائكة المنزلون على ما أهديتم إلى هذا البيت من طيب التوحيد ونشر التقديس والتحميد، وما أمطتم عن طرقهم فيه من أذى الشرك والتثليث والاعتقاد الفاجر الخبيث، فالآن يستغفر لكم أملاك السموات وتصلي عليكم الصلوات المباركات. فاحفظوا رحمكم الله هذه الموهبة فيكم، واحرسوا هذه النعمة عندكم بتقوى الله التي من تمسك بها سلم، ومن اعتصم بعروتها نجا وعصم، واحذروا من اتباع الهوى وموافقة الردى ورجوع القهقرى والنكول عن العدى، وخذوا في انتهاز الفرصة وإزالة ما بقي من الغصة، وجاهدوا في الله حق جهاده وبيعوا عباد الله أنفسكم في رضاه، إذ جعلكم من عباده، وإياكم أن يستزلكم الشيطان وأن يتداخلكم الطغيان، فيخيل لكم أن هذا النصر بسيوفكم الحداد وبخيولكم الجياد وبجلادكم في مواطن الجلاد، لا والله ما النصر إلا من عند الله إن الله عزيز حكيم. واحذروا عباد الله بعد أن شرفكم بهذا الفتح الجليل والمنح الجزيل، وخصكم بهذا الفتح المبين، وأعلق أيديكم بحبله المتين أن تقترفوا كبيراً من مناهيه وأن تأتوا عظيماً من معاصيه، فتكونوا كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثاً والذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها فأتبعه الشيطان فكان من الغاوين. والجهاد الجهاد فهو من أفضل عباداتكم وأشرف عاداتكم، انصروا الله ينصركم، اذكروا الله يذكركم، اشكروا الله يزدكم، ويشكركم، جدوا في حسم الداء وقطع شأفة الأعداء وتطهير بقية الأرض التي أغضبت الله ورسوله، واقطعوا فروع الكفر واجتثوا أصوله، فقد نادت الأيام بالثارات الإسلامية والملة المحمدية. الله أكبر فتح الله ونصر، غلب الله وقهر، أذل الله من كفر. واعلموا رحمكم الله أن هذه فرصة فانتهزوها، وفريسة فناجزوها، ومهمة فأخرجوا لها هممكم وبرزوها، وسيروا إليها سرايا عزماتكم وجهزوها، فالأمور بأواخرها والمكاسب بذخائرها فقد أظفركم الله بهذا العدو المخذول وهم مثلكم أو يزيدون، فكيف وقد أضحى في قبالة الواحد منهم منكم عشرون، وقد قال الله تعالى: إِن يَكُن مّنكُمْ عِشْرُونَ صَـٰبِرُونَ يَغْلِبُواْ مِاْئَتَيْنِ [الأنفال:65]. أعاننا الله وإياكم على اتباع أوامره والازدجار بزواجره، وأيدنا معشر المسلمين بنصر من عنده إِن يَنصُرْكُمُ ٱللَّهُ فَلاَ غَالِبَ لَكُمْ وَإِن يَخْذُلْكُمْ فَمَن ذَا ٱلَّذِى يَنصُرُكُم مّنْ بَعْدِهِ [آل عمران:160]. إن أشرف مقال يقال في مقام، وأنفذ سهام تمرق عن قسي الكلام، وأمضى قول تحل به الأفهام كلام الواحد الفرد العزيز العلام، قال الله تعالى: وَإِذَا قُرِىء ٱلْقُرْءانُ فَٱسْتَمِعُواْ لَهُ وَأَنصِتُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ [الأعراف:204]. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم: سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِى ٱلسَّمَـٰوٰتِ وَمَا فِى ٱلأَرْضِ وَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ هُوَ ٱلَّذِى أَخْرَجَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ ٱلْكِتَـٰبِ مِن دِيَـٰرِهِمْ لأَِوَّلِ ٱلْحَشْرِ مَا ظَنَنتُمْ أَن يَخْرُجُواْ وَظَنُّواْ أَنَّهُمْ مَّانِعَتُهُمْ حُصُونُهُم مّنَ ٱللَّهِ فَأَتَـٰهُمُ ٱللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُواْ وَقَذَفَ فِى قُلُوبِهِمُ ٱلرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِى ٱلْمُؤْمِنِينَ فَٱعْتَبِرُواْ يٰأُوْلِى ٱلأَبْصَـٰرِ [الحشر:1،2]. آمركم وإياي بما أمر الله به من حسن الطاعة فأطيعوه وانهاكم وإياي عما نهاكم عنه من قبح المعصية فلا تعصوه واستغفر الله العظيم لي ولكم ولجميع المسلمين فاستغفروه. |