فقد اعتاد كثير من الناس في زماننا هذا أن يقيموا أفراح الزواج بعيداً عن شرع الله، وأن يقيموها حسب العادات التي تعارف عليها الناس اتباعاً لأهوائهم وصدوداً عن شرع الله. وإن الواجب على المسلم أن يسأل عن حكم دينه، ولا يقدم على شيء إلا بعد أن يعرف موقف الشرع منه، فإن كان مما يرضي الله عز وجل أقدم عليه، وإن كان مما يغضب الله ابتعد عنه. وإذا كان المنكر لا يخلو منه مجتمع، ومهما كان المجتمع من الطهر والعفاف والالتزام بالدين، فإنه لابد وأن يوجد مفسدون في الأرض، فإن واجب النصح يملي على المسلم أن يبين للناس ما هم واقعون فيه من المنكرات والمخالفات الشرعية، فعن تميم بن أوس الداري أن النبي قال: ((الدين النصيحة، قلنا لمن؟ قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم)) [رواه مسلم]. وعن جرير بن عبد الله البجلي قال: ((بايعت رسول الله على إقام الصلاة وإيتاء الزكاة والنصح لكل مسلم)) [متفق عليه]. وقد أمر رسول الله المسلمين أن يتناصحوا فيما بينهم ويذكر بعضهم بعضاً، وأن يقوموا بتغيير المنكرات التي متى ما عمت وفشت بين الناس، فإن المسؤولية يتحملها الجميع، فعن أبي سعيد الخدري ، قال: سمعت رسول الله : ((من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان)) [رواه مسلم]. وإن الواجب على المسلمين إنكار هذه المنكرات التي تحدث في الأفراح والأعراس وأن يتناصحوا فيما بينهم، وأن يتعاونوا على تغيير تلك المنكرات. ومن هذه المنكرات العزوف عن ذات الدين في الزواج فعن أبي هريرة أن رسول الله قال: ((تنكح المرأة لأربع لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك)) [متفق عليه]. ومن منكرات الزواج أيضاً رفض تزويج صاحب الدين وقد قال رسول الله : ((إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه، إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير)) [رواه الترمذي بإسناد حسن]. ومن هذه المنكرات كذلك التي شاعت في الزواج مسألة الخطبة ونظر الخاطبة إلى خطيبته والناس في الخطبة طرفان ووسط، فالطرف الأول وهم الذين تعصبوا ومنعوا الخاطب أن ينظر إلى مخطوبته مع أن النبي قال للمغيرة بن شعبة حين خطب امرأة: ((انظر إليها فإنه أحرى أن يؤدم بينكما)) [أخرجه البخاري والترمذي والنسائي وابن ماجه]. والطرف الثاني وهم على النقيض من الطرف الأول وهم الذين تركوا الحبل على الغارب للخاطب ومخطوبته فيخلو بها ويتفسح معها وقد يقع المحذور الشرعي بعد ذلك، ورسول الله يقول: ((ألا لا يخلون رجل بامرأة إلا مع ذي محرم، ولا تسافرن امرأة إلا مع ذي محرم)) [متفق عليه]. ومن المنكرات أيضاً لبس الدبلة من الذهب من قِبل الرجال، والذهب زينة النساء وهو حرام على ذكور أمة محمد ، فعن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله نظر إلى رجل وفي يده خاتم من ذهب فنزعه وقال: ((يعمد أحدكم إلى جمرة من نار فيجعلها في يده)) فقيل للرجل: خذ خاتمك وانتفع به فقال: والله لا آخذ شيئاً وضعه رسول الله [رواه مسلم]. وأما ما اعتاده الناس من أن يلبس الخاطب خطيبته الدبلة يوم إعلان الخطبة أو يوم إعلان النكاح أو الزواج فإنه من التشبه بالنصارى – لعنهم الله – وقد أشار الشيخ محمد ناصر الدين الألباني إلى ذلك في كتابه آداب الزفاف ص212، فقال: "ويرجع ذلك إلى عادة قديمة لهم ما كان العريس يضع الخاتم على رأس إبهام العروس اليسرى ويقول: باسم الأب ثم ينقله واضعاً له على رأس السبابة ويقول: باسم الابن ثم يضعه على رأس الوسطى ويقول: باسم الروح القدس، وعندما يقول: آمين، ويضعه أخيراً في الخنصر حيث يستقر. فهذه مع كونها بدعة خبيثة أحدثها الفساق بين المسلمين هي أيضاً تشبه بالكفار، وقد نهانا عن التشبه بهم في الاعتقادات والعبادات والعادات. فيا أيها المسلمون: اتقوا الله ولا تتشبهوا بالكافرين في عاداتكم وتقاليدكم، والواجب عليكم أن تجعلوا العادات موافقة لشرع الله، واعلموا أن مخالفة شرع الله نذير شؤم على المسلمين، وما حلت المصائب بالمسلمين إلا لمخالفتهم شرع الله في كثير من أمور دينهم ودنياهم. أسأل الله العلي القدير أن يجعلنا من الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر. أقول ما تسمعون ادعوا الله واستغفره. |