أما بعد: فإن المسلم يعيش وتقوى الله ضابطة لسلوكه، وهي دليله في جميع شؤونه، فاتقوا الله حق التقوى، فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى [طه: 7]. واعلموا ـ رحمكم الله ـ أن الإيجابيةَ عمارةٌ للحياة الإنسانية، وهي قبل ذلك سمة إيمانية وميزة لهذه الأمة الإسلامية؛ لأنها أمة إصلاح وإرشاد وعمل وجد واجتهاد، بل إن ذلك في منهجها شرط أساسي للفلاح، ومطلب لا بد منه لمن أراد النجاة، قال تعالى: وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ [آل عمران: 104]، إنه منهج لا مكان فيه للجامد من الكلمات، ولا موضع يسع العقيم من العبارات، منهج يتّسم بالحركة والتفاعل، وينبذ الجمود والتثاقل، فالقول لا يكون صادقا حتى يتبع بالعمل، والجدّ وحده سبيل تحقيق الأمل، قال تعالى: إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلاّ تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ [فصلت: 30]. إن الإيجابية دافع نفسي واقتناع فكري وعقلي وجهد بدني، لا يكتفي بتنفيذ التكليف، بل يتجاوزه إلى المبادرة في طلبه والبحث عنه، ويزيد على مجرد الأداء الإتقانَ فيه، بل يضيف إلى العمل المتقَن روحًا وحيوية تعطي للعمل تأثيره وفعاليته، دون أن يخالطه جفاف أو جفاء أو تبرم أو استثقال، وهي حلة يعيشها من وقر الإيمان في قلبه وسيطرت العزيمة على ظاهره ومشاعره ولبه، أما أولئك الذين يحلو لهم الوصف والتهويل ويطيب لهم ندب الحظوظ والعويل فلا مكان لهم ولا كرامة؛ لأنهم فقدوا معاني العزة والشهامة، فالعزة هي العمل الصادق الجاد على تغيير سيئ الحال بالاجتهاد والمثابرة وشحذ الهمم بالإرشاد والمصابرة، أما الخضوع للأوضاع القاهرة والاستكانة للأحوال القاصرة ومواجهتها بالخمول والانزواء وانتظار الفرج بتقوقع وانطواء فكله من شأن الضعفاء والأقزام وسمة لدعاة الدعة والانهزام، ولقد فرّق القرآن الكريم بين الفريقين، وباين بوضوح بين المنهجين، قال تعالى: وَضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً رَّجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَبْكَمُ لاَ يَقْدِرُ عَلَىَ شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلَى مَوْلاهُ أَيْنَمَا يُوَجِّههُّ لاَ يَأْتِ بِخَيْرٍ هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَن يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَهُوَ عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ [النحل: 76]، لا وربي لا يستويان، فشتان ما بينهما شتان. إن الأمة لا ترتقي إلا بجيل يتسلّح بالعملية الجادة في مواجهة المصاعب والخطوات المتّزنة المدروسة لتخفيف وقع المتاعب، فشأن الدنيا راحة وعناء ورخص وغلاء ومرض وشفاء وسعة وابتلاء، والقويّ من يقابل أفراحها بالحمد والشكر، ويقف في وجه أتراحها بالتدبير والحلول والصبر، فمهما صعب في وجه المرء الخطوب وتكالبت عليه من حوله الكروب فإن البكاء والجمود والاستكانة أمور لا يبررها له الدين، ولا يجد لها مكانا في منهج المسلمين، ألم تر ما أوحاه الله تعالى لمريم وهي في لحظات التعب والشدة وبين وقع آلام المخاض والوحدة فقال سبحانه: وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا [مريم: 25]؟! أمرَها بالحركة والاجتهاد رغم آلامها وتعبها، وحثها على الكسب رغم شدتها ونصبها. وليس بعيدا عنها حال أم موسى عليها السلام، فلم يبرر لها قوة الظالمين من حولها أن تستكين، ولا سوَّغ لها الخمولَ سيطرةُ فرعون اللعين، بل أوحى الله تعالى لها بأن تتحرك لإنقاذ رضيعها، وتسعى بكل الحيل للنجاة بوليدها، قال سبحانه: وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلا تَخَافِي وَلا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ [القصص: 7]، وفي المقابل أنكر جل شأنه على قوم موسى حين طلبوا السعادة دون اجتهاد، ونشدوا الرقي بلا عناء وجهاد، وحسبوا أن الخير سيأتيهم به موسى عليه السلام دون مثابرة، وأن الله سيكتبه لهم بلا حركة ومناصرة، قال جل في علاه: قَالُواْ يَا مُوسَى إِنَّا لَن نَّدْخُلَهَا أَبَدًا مَّا دَامُواْ فِيهَا فَاذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَا هُنَا قَاعِدُونَ [المائدة: 24]، فماذا كانت النتيجة؟ إنها المنع والحرمان، قال تعالى: قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الأَرْضِ فَلاَ تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ [المائدة: 26]. أيها المسلمون، لما كانت الإيجابية بهذا القدر من الأهميّة وفي هذه المنزلة السامية العليّة شرع الله تعالى من الشرائع ما يجعل الفرد إيجابيا في مواقفه، متفاعلا منتجا في مجتمعه وبين معارفه، فحمله على لزوم الجماعة ومشاركتها في العبادة؛ لما في ذلك من دوافع العمل المحقّق للسعادة، ففرض الصلاة خمس مرات في جماعة يلتقي خلالها أهل المحيط المكاني الصغير، ويتلاحم خلالها الغني بالفقير، قال تعالى: وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ وَارْكَعُواْ مَعَ الرَّاكِعِينَ [البقرة: 43]، ثم بعد الجماعة شرع الجمعة ليتسع محيط أفراد اللقاء، وتتخللها خطبة تلهم الجميع مراشد الرقي والنماء، وتكسبهم صفات الصلاح والبناء، فتشحذ لذلك العزائم والهمم، وترقى بالطموح ليعانق أعالي القمم، ثم الأعياد ويوم الحج الأكبر، حيث يفاخر الله ملائكة السماء بذلك المظهر. إن المشاركة والتداخل تكسب المرء مزيدا من النشاط والتفاعل، يرى من هو أعلى منه فيطمح للوصول إلى مثل مكانه، ويعايش الضعيف فيسعى لإصلاح أمره وشأنه، فما أروعه من تشريع، وما أحكمه من منهج بديع. وفي المقابل حذر رسول الله من الوحدة والعزلة السلبيَّة، وبين أنها تجرّ على صاحبها كل عناء وبليَّة، عن أبي الدرداء قال: سمعت رسول الله يقول: ((ما من ثلاثة في قرية ولا بدو لا تقام فيهم الصلاة إلا قد استحوذ عليهم الشيطان، فعليكم بالجماعة، فإنما يأكل الذئب من الغنم القاصية))، وصدق الله القائل: أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ [الملك: 14]. ومراعاة لخصوصية بعض الظروف والحاجات وتقديرا لحالة بعض الفئات شرع الله عيادة المريض، وأوجب رعاية المقعد المهيض، وفرض زيارة الأرحام، وحفز على كفالة الأيتام، كل ذلك لتحريك المشاعر الجياشة، فيسعى أصحابها لهذه الفئات بكل ما من شأنه إدخال البشر والبشاشة. إنه بناء للإيجابية في النفوس بأقوى الدعائم، وشحذ أصيل للهمم والعزائم. وحرص الإسلام إلى جانب ذلك على تشجيع كل قول يجعل المسلم إيجابيا، بحيث يكون مؤثرا لا متأثرا، مغيّرا لا متغيِّرا، فأعلى من شأن الكلمة التي تثمر خيرا أو تدعو إليه، ورفع مكانة العبارة التي تحفز الإنتاج وتشجع عليه، قال تعالى: أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاء تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ [إبراهيم: 24، 25]، وبين أن للمرشد إلى الخير أجرا يماثل أجر فاعله، فعن أبي مسعود البدري أن رسول الله قال: ((من دل على خير فله مثل أجر فاعله)) أو قال: ((عامله))، وفي رواية: ((من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئًا))، بل يذهب الخطاب الإسلامي إلى أبعد من ذلك حين يعتبر أن الكلام لا فائدة منه إن لم يدل على خير أو يرشد إلى إصلاح أو يمنهج لمشروع خيري أو يكون فيه طرح لحل عمليّ، قال تعالى: لاَّ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاَحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتَغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا [النساء: 114]. أيها المسلمون، إن المرء قد يواجه في دنياه شيئا من المتاعب، وقد تعترض طريقه ضروب من المصاعب، فربما فقد عزيزا على قلبه أو صديقه ورفيق دربه، ولعل ضائقة مالية تلم به، وهذه سنة الله في خلقه، قال تعالى: وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَا أَخْبَارَكُمْ [محمد: 31]. وأمام عصف الخطوب وعند تكالب المحن والكروب تنكشف معادن الأشخاص، فالمؤمن الحقّ ينظر إلى الجانب المشرق من الأزمات، وإلى ما يمكن أن يجنيه من بين أضراس النكبات، وأول ما يفكّر فيه الأجر والثواب الذي يدّخره ذخرا لآخرته، قال تعالى: وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ [البقرة: 155-157]، وفي الحديث عنه أنه قال: ((ما يصيب المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذًى ولا غمّ حتى الشوكة يشاكها إلا كفّر الله بها من خطاياه))، والمؤمن مع يقينه بالأجر والثواب إلا أنه يواجه مصابه بما يقوى عليه من الحلول والعلاجات وما يستطيعه من التدبير والترتيبات، من غير يأس ولا ملل، وبلا عجز ولا كسل، يبذل جهده وعلى الله عز وجل إحسان العواقب، فعن رسول الله أنه قال: ((المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كل خير، احرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجز، وإن أصابك شيء فلا تقل: لو أني فعلت كذا كان كذا وكذا، ولكن قل: قدر الله وما شاء فعل، فإن لو تفتح عمل الشيطان)). ولقد ضرب لنا القرآن الكريم أروع الأمثلة التي تحكي حال المؤمن مع الشدائد؛ لنستلهم منها أنجح الحلول لما نعانيه في حياتنا وما يصيبنا في أمور معاشنا، فحينما فجع يعقوب عليه السلام بفقد ولديه قالها بثبات قلب ورسوخ إيمان، قال تعالى: قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ عَسَى اللّهُ أَن يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ [يوسف: 83]، ثم وجه بقية أولاده توجيها إيجابيا للتعامل مع هذه المشكلة، وأرشدهم إرشادا إيمانيا لحل هذه المعضلة، فقال كما حكى الله عز وجل عنه: يَا بَنِيَّ اذْهَبُواْ فَتَحَسَّسُواْ مِن يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلاَ تَيْأَسُواْ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ [يوسف: 87]. ونبقى مع هذه السورة الكريمة لتكتمل لنا صورة الإيجابية المثالية والحلول الجادة العمليّة التي يواجه بها المؤمن مصاب الزمان، حين يستشرف يوسف الصديق عليه السلام أن مصر مقبلة على قحط وسنين عجاف، فهل استعد لذلك بندب الحظوظ وانتظار الآخرين ليقدموا له الحلول أم أنه واجهها بتدبير حكيم وإجراء متقن قويم؟ جعل من وقع المشكلة يسيرا، وسهل الله على يديه ما كان عسيرا، قال تعالى: قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا فَمَا حَصَدتُّمْ فَذَرُوهُ فِي سُنبُلِهِ إِلاَّ قَلِيلاً مِّمَّا تَأْكُلُونَ ثُمَّ يَأْتِي مِن بَعْدِ ذَلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلاَّ قَلِيلاً مِّمَّا تُحْصِنُونَ ثُمَّ يَأْتِي مِن بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ [يوسف: 47-49]. وساح في الأرض ذو القرنين، حتى إذا بلغ بين السدين وجد أناسا عاث فيهم قوم يأجوج ومأجوج، نغصوا عليهم حياتهم، وأفسدوا عليهم شؤون معاشهم، ولكنهم وقفوا منهم موقف المستسلم لواقعه، لم يعملوا ما يحول بينهم وبين حالهم البائس هذا، فشكوا إليهم معاناتهم، فلم يشاركهم البكاء والعويل، ولا وصف مشكلتهم بكلمات التضخيم والتهويل، بل بادر إلى إيجاد حل عمليّ، معتمدا في ذلك على قدرة القادر العليّ، قال تعالى: حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ وَجَدَ مِن دُونِهِمَا قَوْمًا لا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلاً قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَى أَن تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قَالَ انفُخُوا حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَارًا قَالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا فَمَا اسْطَاعُوا أَن يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا [الكهف: 93-97]. ويحكي لنا الرسول موقفا إيجابيا عن رجل رأى معضلة تواجه الناس في طريقهم، فبادر إلى حل عملي قضى على المشكلة والمعاناة، فكتب الله له جنته ورضاه، عن أبي هريرة عن النبي قال: ((لقد رأيت رجلا يتقلب في الجنة في شجرة قطعها من ظهر الطريق كانت تؤذي المسلمين))، وفي رواية: ((مر رجل بغصن شجرة على ظهر طريق فقال: والله، لأنحين هذا عن المسلمين؛ لا يؤذيهم، فأدخل الجنة))، إن هذا الرجل لم يقابل هذه المشكلة بكثرة الكلام وإلقاء العتب واللوم على الأنام، لم يقل: من ألقى هذا الأذى؟ أو يردد: لماذا لم تزيلوا هذا القذى؟! ولكنه كان إيجابيا رائعا في موقفه، فبادر إلى حل عملي أراح به نفسه وإخوانه، فاستحق مغفرة الله ورضوانه. فاتقوا الله عباد الله، وواجهوا الحياة بصبر وعزيمة وحلول ناجعة قويمة، ففي ذلك صلاح حالكم وسعادة مآلكم. أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم لي ولكم. |