أيها الإخوة: لقد أمر الله عباده بالتوبة والاستغفار فهو سبحانه وتعالى الغفار، والغفور الرحيم: غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب ذي الطول لا إله إلا هو إليه المصير فإذا كان من غفـر ذنبه ما تقـدم منه وما تأخر صلى الله عليه وسلم يقول: ((وإني لأستغفر الله في اليوم مائة مـرة)) فكيف بمن هو دونه؟. ولقد وردت آيـات كثيرة جداً تختم باسمين من أسماء الله عز وجل: الغفور الرحيم ، الغفور الحليم حتى يرغب عباده في مغفرته ورحمته وحلمه وعفوه فيتوددون إليه بالطاعات وترك المعاصي والمنكرات مستجيبين لأمره بكثرة الاستغفار والتوبة كما أمرهم سبحانه وتعالى حيث قال: واستغفروا الله إن الله غفور رحيم ، وقال تعالى: وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنةٍ عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين . وقال تعالى: أفلا يتوبون إلى الله ويستغفرونه والله غفور رحيم ولقد امتدح الله الأنبياء وعباده الصالحين بأنهم يستغفروا ربهم في آيات عدة حيث قال سبحانه: وكأين من نبي قاتل معه ربيون كثيرٌ فما وهنوُا لما أصابهم في سبيل الله وما ضعفوا وما استكانوا والله يحب الصابرين وما كان قولهم إلا أن قالوا ربنا اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين فآتاهم الله ثواب الدنيا وحسن ثواب الآخرة والله يحب المحسنين . وقال تعالى: والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم . والمغفرة من الله والتوبة أيها الإخوة لا يرجى الحصول عليها أو قبولها إلا بالإقلاع عن الذنب أولاً ثم عمل الطاعات وتقديم الصدقات والاستمرار على ذلك، وقد قيل استغفار بلا إقلاع - يعني عن الذنب - توبة الكذابين. قال الله تعالى: وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحاً ثم اهتدى وقال تعالى: ولا يأتلِ أولوا الفضل منكم والسعة أن يؤتوا أولي القربى والمساكين والمهاجرين في سبيل الله وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم والله غفور رحيم . وقال تعالى: وعد اللهُ الذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم مغفرةٌ وأجرٌ عظيم ، وقال سبحانه: إن الذين يخشون ربهم بالغيب لهم مغفرة وأجر كبير . أيهـا الإخوة: وللاستغفار أوقات مفضلـة يستثمرها العباد الصالحون لذلك. ألا إنها أوقات السحر في الثلث الأخير من الليل .. قال الله تعالى: إن المتقين في جنات وعيون آخذين ما آتاهم ربهم إنهم كانوا قبل ذلك محسنين كانوا قليلاً من الليل ما يهجعون وبالأسحار هم يستغفرون . وقال تعالى: الذين يقولون ربنا إننا آمنا فاغفر لنا ذنوبنا وقنا عذاب النار الصابرين والصادقين والقانتين والمنفقين والمستغفرين بالأسحار . أيها الإخوة: إن للاستغفار أثراً في الدنيا على المستغفرين حيث يمدهم الله بالأموال والبنين والرحمة ويمنع عنهم العذاب قال تعالى: وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون قال أبو موسى رضي الله عنه: كان لنا أمانان ذهب أحدهما وهو كون الرسول فينا، وبقى الاستغفار معنا فإن ذهب هلكنا. وقال تعالى على لسان نبيه نوح عليه وعلى جميع الأنبياء الصلاة والسلام: ثم إني دعوتهم جهاراً ثم إني أعلنت لهم وأسررت لهم إسراراً فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفاراً يرسل السماء عليكم مدرارا ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهاراً . واستدلالاً بهذه الآية كان السلف يفتون بكثرة الاستغفار لمن جاءهم يشكو من القحط، أو عدم الإنجاب للأولاد، أو لقلة ذات اليد. ففي الاستغفار فرج من كل ضيق، وطمأنينة وبشرى للمؤمنين في الدنيا والآخرة. أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم، فاستغفروه إنه هو الغفور. |