شرح حديث : (لَا يَحِلّ لِامْرَأَةٍ تَسْأَل طَلَاق أُخْتهَا)
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( لَا يَحِلّ لِامْرَأَةٍ تَسْأَل طَلَاق أُخْتهَا لِتَسْتَفْرِغ صَحْفَتهَا , فَإِنَّمَا لَهَا مَا قُدِّرَ لَهَا ) رواه البخاري
قوله – صلى الله عليه وسلم -: “ولا تسأل المرأة طلاق أختها لتكفأ ما في إنائها”.
وفي رواية: “لا يحل لامرأة تسأل طلاق أختها لتستفرغ صحفتها فإنما لها ما قدر لها”.
وفي رواية لأبي نعيم: “لا يصلح لامرأة أن تشترط طلاق أختها لتكفئ إناءها”.
وفي رواية للبيهقي: “لا ينبغي” بدل “لا يصلح”، وفي رواية أخرى للبيهقي وفيها: “ولا تسأل المرأة طلاق أختها لتستفرغ إناء صاحبتها ولتنكح فإنما لها ما قدر لها”. وجاء في رواية البخاري: “لتستفرغ صحفتها… “.
قال الحافظ في الفتح: قوله: “لا يحل” ظاهر في تحريم ذلك،وهو محمول على ما إذا لم يكن هناك سبب يُجَوّز ذلك كريبة في المرأة لا ينبغي معها أن تستمر في عصمة الزوج ويكون ذلك على سبيل النصيحة المحضة، أو الضرر يحصل لها من الزوج أو للزوج منها، أو يكون سؤالها ذلك بعوض وللزوج رغبة في ذلك فيكون كالخلع مع الأجنبي، إلى غير ذلك من المقاصد المختلفة.
ونقل الحافظ في الفتح عن النووي قوله في معنى “أختها”معنى هذا الحديث نهي المرأة الأجنبية أن تسأل رجلًا طلاق زوجته وأن يتزوجها هي، فيصير لها من نفقته ومعروفه ومعاشرته ما كان للمطلقة، فعبر عن ذلك بقوله: “تكفئ ما في صحفتها”.
قال: والمراد بأختها غيرها، سواء كانت أختها من النسب أو الرضاع أو الدين، ويلحق بذلك الكافرة في الحكم وإن لم تكن أختها في الدين، إما لأن المراد الغالب أو أنها أختها في الجنس الآدمي،
قال الحافظ: وحمل ابن عبد البر الأخت هنا على الضرة، فقال: فيه من الفقه أنه لا ينبغي أن تسأل المرأة زوجها أن يطلق ضرتها لتنفرد به،
وقوله: “لتستفرغ صحفتها” يفسر المراد بقوله: “تكفئ” وهو بالهمزة افتعال من كفأت الإناء إذا قلبته وأفرغت ما فيه، وكذا يَكْفَأ، وجاء أكفأت الإناء إذا أملته، وهو في رواية ابن المسيب “لتكفئ” بضم أوله من أكْفَأْت، وهي بمعنى أملته، ويقال بمعنى أكببته أيضًا، والمراد بالصحفة كما في النهاية إناء كالقصعة المبسوطة، قال صاحب النهاية: وهذا مثل، يريد الاستئثار عليها بحظها، فيكون كمن قلب إناء غيره في إنائه.
وقوله: “ولتنكح” بكسر اللام وبإسكانها وبسكون الحاء على الأمر، ويحتمل النصب عطفًا على قوله: “لتكفئ” فيكون تعليلًا لسؤال طلاقها، ويتعين على هذا كسر اللام، ثم يحتمل أن يكون المراد: ولتنكح ذلك الرجل من غير أن تتعرض لإخراج الضرة من عصمته، بل تكل الأمر في ذلك إلى ما يقدره الله، ولهذا ختم بقوله: “فإنما لها ما قدر لها” إشارة إلى أنها وإن سألت ذلك وألحت فيه واشترطته فإنه لا يقع منه إلا ما قدره الله، فينبغي ألا تتعرض هي لهذا المحذور الذي لا يقع منه شيء بمجرد إرادتها،
والمعنى: ولتنكح ما تيسر لها فإن كانت التي قبلها أجنبية فلتنكح الرجل المذكور بدون اشتراط طلاق التي قبلها، وإن كانت أختها فلتنكح غيره.
وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه.