حديث : ( لَا تَشْغِلُوا أَنْفُسَكُمْ بِالدُّعَاءِ عَلَى الْمُلُوكِ ) حديث ضعيف جدا .
السؤال:
ما صحة حديث : ( أنا ملك الملوك ، قلوب الملوك بيدي ، فمن أطاعني جعلتهم عليه رحمة ، ومن عصاني جعلتهم عليه نقمة ، فلا تشغلوا أنفسكم بسب الملوك ، ولكن توبوا إليّ أعطفهم عليكم ) ؟
الجواب :
الحمد لله
هذا الحديث أخرجه الطبراني في "المعجم الأوسط" (8962) ومن طريقه أبو نعيم في "حلية الأولياء" (2/ 388) عن الْمِقْدَام بْن دَاوُدَ ، قَالَ: ثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ الرَّقِّيُّ ، قَالَ: ثَنَا وَهْبُ بْنُ رَاشِدٍ ، قَالَ : ثَنَا مَالِكُ بْنُ دِينَارٍ، عَنْ خَلَاسِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ: أَنَا اللهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا مَالِكُ الْمُلْكِ وَمَالِكُ الْمُلُوكِ قُلُوبُ الْمُلُوكِ بِيَدِي ، وَإِنَّ الْعِبَادَ إِذَا أَطَاعُونِي حَوَّلْتُ قُلُوبَ مُلُوكِهِمْ عَلَيْهِمْ بِالرَّأْفَةِ وَالرَّحْمَةِ ، وَإِنَّ الْعِبَادَ إِذَا عَصَوْنِي حَوَّلْتُ قُلُوبَ مُلُوكِهِمْ عَلَيْهِمْ بِالسَّخَطِ وَالنِّقْمَةِ فَسَامُوهُمْ سُوءَ الْعَذَابِ ، إِذًا فَلَا تَشْغِلُوا أَنْفُسَكُمْ بِالدُّعَاءِ عَلَى الْمُلُوكِ وَلَكِنِ اشْغَلُوا أَنْفُسَكُمْ بِالذِّكْرِ وَالتَّفَرُّغِ إِلَى أَكْفِكُمْ مُلُوكَكَمْ ) .
وهذا إسناد ضعيف جدا : المقدام بن داود ، قال النسائي : ليس بثقة ، وقال ابن يونس وغيره : تكلموا فيه . وقال محمد بن يوسف الكندي : كان فقيها مفتيا ، لم يكن بالمحمود في الرواية .
"لسان الميزان" (6/ 84) .
ووهب بن راشد ، قال ابن عدي: ليس حديثه بالمستقيم ، أحاديثه كلها فيها نظر.
وقال الدارقطني: متروك.
وقال ابن حبان : لا يحل الاحتجاج به بحال .
"ميزان الاعتدال" (4/ 352) .
والحديث ذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد" (5/ 249) من هذا الوجه وقال :
" رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ ، وَفِيهِ وَهْبُ بْنُ رَاشِدٍ ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ " .
وكذا ذكره الألباني في "الضعيفة" (602) وقال : " ضعيف جدا " .
وله طريق أخرى ، فرواه أبو موسى المديني في "مجلس من الأمالي" (11) من طريق يَحْيَى بْنُ شَبِيبِ بْنِ الْمُغِيرَةِ , نا حُمَيْدٌ , عَنْ أَنَسٍ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى , يَقُولُ : يَا مُحَمَّدُ، أَنَا مَلِكُ الْمُلُوكِ , وَقُلُوبُ الْمُلُوكِ بِيَدِي , أُقَلِّبُهَا كَيْفَ شِئْتُ فَأَيُّمَا قَوْمٍ أَطَاعُونِي صَيَّرْتُ الْمُلُوكَ عَلَيْهِمْ رَحْمَةً , وَأَيُّمَا قَوْمٍ عَصَوْنِي صَيَّرْتُ الْمُلُوكَ عَلَيْهِمْ نِقْمَةً ) .
وهذا إسناد تالف ، يحيى بن شبيب متهم ، قال ابن حبان : لا يحتج به بحال ، يروي عن الثوري ما لم يُحَدّث به قط ، وقال الخطيب : روى أحاديث باطلة ، وقال الحاكم وأبو سعيد النقاش وأبو نعيم : يروي عن الثوري وغيره أحاديث موضوعات .
"لسان الميزان" (6/261- 262) .
ورواه ابن أبي شيبة (34218) حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ مِغْوَلٍ، قَالَ: " كَانَ فِي زَبُورِ دَاوُدَ مَكْتُوبًا : إِنِّي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا مَلِكُ الْمُلُوكِ ... " الحديث . وهذا إسناد صحيح ، لكنه ليس مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، وإنما هو من كلام مالك بن مغول ، وحكايته عن الكتاب السابق .
ورواه قوام السنة في "الترغيب والترهيب" (792) عَنْ مَالِكِ بْنِ دِينَارٍ قَالَ: " قَرَأْتُ فِي الْحِكْمَةِ: يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: ... " فذكره .
قال الدارقطني رحمه الله ، في "العلل" (6/ 206) :
" لَا يَصِحُّ هَذَا الْحَدِيثُ مَرْفُوعًا ، وَرَوَاهُ جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ مَالِكِ بْنِ دِينَارٍ، أَنَّهُ قَرَأَ فِي بَعْضِ الْكُتُبِ هَذَا الْكَلَامَ، وَهُوَ أَشْبَهُ بِالصَّوَابِ ".
وكذا ذكره ابن القيم رحمه الله في "الجواب الكافي" (ص48) عن مالك بن دينار ، وهو الصحيح .
والخلاصة :
أن هذا الحديث لا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وإسناده ضعيف جدا ، وإنما يصح عن مالك بن مغول ، أو مالك بن دينار ، يرويه عن الكتب المتقدمة .
والله تعالى أعلم .
موقع الإسلام سؤال وجواب