معنى حديث أنا وكافل اليتيم كهاتين في الجنة
فضيلة الشيخ د عبد الحي يوسف
الأستاذ بقسم الثقافة الإسلامية بجامعة الخرطوم
السؤال:
في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أنا وكافل اليتيم كهاتين في الجنة". سؤالي: هل معنى هذا الحديث أن كافل اليتيم يكون في نفس الدرجة في الجنة مع الرسول صل الله عليه وسلم؟ أم أن فهم الحديث يبنغي أن يكون رأسياً بمعنى أن الرسول عليه الصلاة والسلام يكون في الدرجة العليا وكافل اليتيم يكون في الدرجة السفلى من الرسول صلى الله عليه وسلم؟؟؟
سؤالي الثاني نحن أسرة مكون من 3 أولاد و3 بنات في أعمار متقاربة وأنا كبير الأسرة وإن شاء الله أنوي الزواج قريباً، والحمد لله لقد منَّ الله علي بنعمة الاستقامة؛ وبالنسبة للفتاة التي سوف أتزوجها إن شاء الله سوف يكون اختياري علي ذات الدين؛ وربما سوف تكون منتقبة فقد قلت لأمي وأبي وإخوتي إنه يجب علينا ان نفصل بين النساء والرجال، في بيت الأسرة بسبب تواجد أزواج أخواتي البنات وزوجات إخواني الاولاد,,فما العمل؟ وما حكم الشرع في فتح النقاب أمام أزواج أخواتي وأبي إذا كانت زوجتي منقبة..؟؟ وما حكم الاختلاط بين العائلة.. لأن أمي وأخوتي قابلنني برفض هذا الكلام..؟؟ وأريدك أن تنصحني بعدة كتب تتحدث عن حياة النبي صلى الله عليه وسلم لكي أتعرف حياة النبي صلى الله عليه وسلم خصوصاً في تعامله مع زوجاته
سؤالي الأخير.. في العالم اليوم هنالك الكثير من الناس من وصلهم فهم خاطئ أو صورة مشوهة عن الإسلام.. ما حكمهم؟؟ وأيضاً في العالم اليوم هنالك الكثير من الناس لم يسمع أصلا عن الإسلام ما حكمه.. هل من الصحيح أن ملايين البشر الذين لم يدخلوا في الإسلام هم أمانة في أعناق المسلمين لأنهم قصروا في الدعوة؟؟؟؟
وما حكم زكاة البترول..؟؟ وما حكم الذين يقومون بإنفاق المال ببذخ دون المراعاة لإخوانهم المسلمين.. ودون الإحساس بهم؟؟؟ جزاك الله خيرا وفي ميزان حسناتك، والسلام عليكم ورحمة الله تعالي وبركاته..
الجواب:
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، أما بعد.
فالحمد لله على نعمة الاستقامة على الخير والثبات على الهدى، وسل الله أن يتوفاك على ذلك؛ إنه أرحم الراحمين وأكرم الأكرمين، وجواباً على أسئلتك أقول:
أولاً: ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم جملة من الأحاديث المرغبة في كفالة اليتيم وبيان ما أعد الله له من أجر وثواب؛ كقوله صلى الله عليه وسلم "أنا وكافل اليتيم كهاتين في الجنة" وأشار بأصبعيه السبابة والوسطى. قال ابن بطال رحمه الله تعالى: حقٌ على من سمع هذا الحديث أن يعمل به ليكون رفيق النبي صلى الله عليه وسلم في الجنة ولا منزلة في الآخرة أفضل من ذلك.ا.هــــــ وقال بعض العلماء: لعل الحكمة في كون كافل اليتيم يشبه في دخول الجنة أو شبهت منزلته في الجنة بالقرب من النبي أو منزلة النبي لكون النبي شأنه أن يبعث إلى قوم لا يعقلون أمر دينهم فيكون كافلا لهم ومعلما ومرشدا وكذلك كافل اليتيم يقوم بكفالة من لا يعقل أمر دينه بل ولا دنياه ويرشده ويعلمه ويحسن أدبه فظهرت مناسبة ذلك.ا.هـــــــ وقوله صلى الله عليه وسلم "كهاتين" وأشار بالسبابة والوسطى يعني أن الفرق بين كافل اليتيم وبين النبي صلى الله عليه وسلم في الجنة كالفرق في الطول بين الأصبعين السبابة والوسطى، وكفى بذلك فخراً وأجرا. وقد أخرج أبو يعلى من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم "أنا أول من يفتح باب الجنة فإذا امرأة تبادرني فأقول: من أنت؟ فتقول: أنا امرأة تأيمت على أيتام لي. قال ابن حجر رحمه الله تعالى في الفتح: ورواته لا بأس بهم.ا.هـــ وأخرج أبو داود من حديث عوف بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم "أنا وامرأة سفعاء الخدين كهاتين يوم القيامة امرأة ذات منصب وجمال حبست نفسها على يتاماها حتى ماتوا أو بانوا"
وكافل اليتيم على التمام هو القيم بأمره ومصالحه الساعي في تنشئته على مكارم الأخلاق وتعاليم الدين؛ فقد أخرج الطبراني في المعجم الصغير من حديث جابر رضي الله عنه قال: قلت يا رسول الله مم أضرب منه يتيمي؟ قال: "مما كنت ضارباً منه ولدك غير واق مالك بماله"
ودون ذلك كفالته مالياً بمعنى الإنفاق عليه نفقة كلية أو جزئية، والله لا يضيع أجر المحسنين، ولفظة اليتيم تطلق على من فقد أباه قبل البلوغ؛ وتستمر كفالته حتى يستغني، واستغناء الذكر يكون ببلوغه مبلغ الرجال وقدرته على التكسب؛ واستغناء الأنثى يكون بزواجها أو استكفائها بعمل يصونها وتحصل منه على حاجتها.
ثانياً: أنت محقٌّ في طلب الفصل بين الرجال والنساء في الأسرة؛ بحكم أن أزواج أخواتك ليسوا محارم لزوجتك ولا لأخواتك؛ بل ينبغي أن تكون ثمة خصوصية لكل أسرة، ولا يدخل على النساء إلا بإذن لقول النبي صلى الله عليه وسلم "إياكم والدخول على النساء" قالوا: يا رسول الله أرأيت الحمو؟ فقال عليه الصلاة والسلام "الحمو الموت" أما بالنسبة للنقاب فالأمر فيه واسع والذي أفتي به أنه مستحب ليس بواجب، وعليه فلا حرج على زوجتك أن تضع نقابها في البيت ولو كان بحضرة أجانب، أما بالنسبة لأبيك فلا حرج عليها أن تضع النقاب والحجاب لأنه محرم لها؛ لقوله تعالى حين ذكر المحرمات من النساء {وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم}
ثالثاً: الكتب التي تتناول هدي النبي صلى الله عليه وسلم في بيته كثيرة، ومن أجلِّها كتاب (زاد المعاد في هدي خير العباد) لابن قيم الجوزية رحمه الله تعالى، وكذلك من الكتب المفيدة في هذا الباب كتاب (تحفة العروس) للشيخ محمود مهدي الاستانبولي رحمه الله تعالى، ومن الكتب النافعة سلسلة (سيدات بيت النبوة) لبنت الشاطئ رحمها الله تعالى
رابعاً: الدعوة إلى الله تعالى والتبصير بدين الإسلام وبيان محاسنه للناس مهمة هذه الأمة؛ وبسبب ذلك نات الخيرية على الأمم؛ قال تعالى {كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله} وعلى المسلمين بذل الجهد واستفراغ الوسع في ذلك؛ ومن قصر وهو مستطيع فحسابه على الله، أما من مات وهو لم يسمع بالإسلام أو سمع به على نحو خاطئ، ولم تبلغه الرسالة الصحيحة فحكمه حكم أهل الفترة الذين كانوا بين رسول ورسول؛ يشملهم قول ربنا سبحانه {وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا} وهؤلاء يختبرون يوم القيامة بأن يؤمروا بدخول نار؛ فمن دخلها كانت عليه برداً وسلاماً كما كانت على إبراهيم، ومن أبى ألقوه فيها.
وأما البترول فليس فيه زكاة بحكم أنه مال عام مملوك لجميع المسلمين؛ والزكاة إنما تكون في الأموال الخاصة، فمن ملك مالاً بلغ نصاباً وحال عليه الحول وجب عليه أن يخرج ربع عشره في مصارفه التي بينها ربنا سبحانه في سورة التوبة، أما المترفون الذين ينفقون المال في غير وجهه فهؤلاء داخلون في قوله تعالى {إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين وكان الشيطان لربه كفورا} وقوله تعالى {إنه لا يحب المسرفين} والله تعالى أعلم.