موقع الفرقان
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
دعاء من أصابته مصيبة ما من مسلم تصيبه مصيبة فيقول كما أمره الله إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم أجرني في مصيبتي واخلف لي خيراً منها إلا أخلف الله له خيراً منها (رواه مسلم632/2) دعاء الهم والحزن ما أصاب عبداُ هم و لا حزن فقال : اللهم إني عبدك ابن عبدك ابن أمتك ناصيتي بيدك ماضِ في حكمك ، عدل في قضاؤك أسالك بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك ، أو علمته أحداً من خلقك أو استأثرت به في علم الغيب عندك أن تجعل القرآن ربيع قلبي ، ونور صدري وجلاء حزني وذهاب همي " . إلا أذهب الله حزنه وهمه وأبدله مكانه فرحاً رواه أحمد وصححها لألباني.لكلم الطيب ص74 اللهم إني أعوذ بك من الهم والخزن ، والعجز والكسل والبخل والجبن ، وضلع الدين وغلبة الرجال ". كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر من هذا الدعاء دعاء الغضب أعوذ بالله من الشيطان الرجيم رواة مسلم .2015/4 دعاء الكرب لاإله إلا الله العظيم الحليم ، لاإله إلا الله رب العرش العظيم ، لاإله إلا الله رب السموات ورب العرش الكريم متفق عليه قال صلى الله عليه وسلم دعاء المكروب : اللهم رحمتك أرجو فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين ِ وأصلح لي شأني كله لاإله إلا أنت الله ، الله ربي لاأشرك به شيئاً صحيح . صحيح سنن ابن ماجه(959/3) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" دعوة النون إذ دعا بها وهو في بطن الحوت :" لاإله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين لم يدع بها رجل مسلم في شئ قط إلا استجاب الله له . صحيح .صحيح الترمذي 168/3 دعاء الفزع لا إله إلا الله متفق عليه ما يقول ويفعل من أذنب ذنباً ما من عبد يذنب ذنباً فيتوضأ فيحسن الطهور ، ثم يقوم فيصلي ركعتين ، ثم يستغفر الله لذلك الذنب إلا غُفر له صحيح صحيح الجامع 173/5 من استصعب عليه أمر اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلاً وأنت تجعل الحزن إذا شئت سهلاً رواة ابن السني وصححه الحافظ . الأذكار للنووي ص 106 ما يقول ويفعل من أتاه أمر يسره أو يكرهه كان رسول الله عليه وسلم إذا أتاه أمر ه قال :الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات و إذا أتاه أمر يكرهه قال : الحمد الله على كل حال صحيح صحيح الجامع 201/4 كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أتاه أمر يسره أو يُسر به خر ساجداً شكراً لله تبارك وتعالى حسن . صحيح ابن ماجه 233/1) مايقول عند التعجب والأمر السار سبحان الله متفق عليه الله أكبر البخاري الفتح441/8 في الشيء يراه ويعجبه ويخاف عليه العين إذا رأى أحدكم من نفسه أو ماله أو أخيه ما يعجبه فليدع له بالبركة ، فإن العين حق صحيح. صحيح الجامع 212/1.سنن أبي داود286/1 . اللهم اكفنيهم بما شئت رواه مسلم 2300/4 حاب ، وهازم الأحزاب ، اهزمهم وانصرنا عليهم رواه مسلم 1363/3 دعاء صلاة الاستخارة قال جابر بن عبدالله رضي الله عنهما : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يُعلمنا الاستخارة في الأمور كلها كما يعلمُنا السورة من القرآن ، يقول : إذا هم أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة ، ثم ليقل : اللهم إني أستخيرك بعلمك ، و أ ستقدرك بقدرتك ، وأسألك من فضلك العظيم فإنك تقدِرُ ولا أقدِرُ ، وتعلم ولا أعلم ، وأنت علام الغيوب ، اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر -يسمي حاجته - خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري - أو قال : عاجلة و اجله - فاقدره لي ويسره لي ، ثم بارك لي فيه ، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شر في ديني ومعاشي وعاقبة أمري - أو قال : عاجله و أجله - فاصرفه عني واصرفني عنه ، واقدر لي الخير حيث كان ، ثم أرضني به رواه البخاري146/8 كفارة المجلس من جلس في مجلس فكثر فيه لغطه ؟ فقال قبل أن يقوم من مجلسه ذلك : " سبحانك اللهم وبحمدك ، أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك . إلا غفر له ما كان في مجلسه ذلك . صحيح. صحيح الترمذي 153/3 دعاء القنوت اللهم أهدني فيمن هديت ، وعافني فيمن عافيت ، وتولني فيمن توليت ، وبارك لي فيما أعطيت ، وقني شر ما قضيت ، فإنك تقضي و لا يقضى عليك ، إنه لا يذل من واليت ، تباركت ربنا وتعاليت صحيح. صحيح ابن ماجه 194/1 اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك وأعوذ بمعافاتك من عقوبتك ، وأعوذ بك منك لا أحصي ثناء عليك ، أنت كما أثنيت على نفسك " صحيح. صحيح ابن ماجه 194/1 اللهم إياك نعبد ، و لك نُصلي ونسجد ، وإليك نسعى ونحقدُ ، نرجُو رحمتك ، ونخشى عذابك ، إن عذابك بالكافرين ملحق ، اللهم إنا نستعينك ، ونستغفرك ، ونثني عليك الخير ، ولا نكفرك ، ونؤمن بك ونخضع لك ، ونخلع من يكفرك . وهذا موقف على عمر رضي الله عنه . إسناد صحيح . الأوراد171/2-428 مايقال للمتزوج بعد عقد النكاح بارك الله لك ، وبارك عليك ، وجمع بينكما في خير صحيح. صحيح سنن أبي داود 400/2 اللهم بارك فيهما وبارك لهما في أبنائهما رواه الطبراني في الكبير وحسنه الألباني. آداب الزفاف ص77) على الخير والبركة وعلى خير طائر رواه البخاري 36/7 ( طائر : أي على أفضل حظ ونصيب ، وطائر الإنسان : نصيبه) ما يقول ويفعل المتزوج إذا دخلت على زوجته ليله الزفاف يأخذ بناصيتها ويقول : اللهم إني أسألك من خيرها وخير ما جلبت عليه وأعوذ بك من شرها وشر ما جُلبت عليه حسن . صحيح ابن ماجه 324/1 الدعاء قبل الجماع لو أن أحدكم إذا أراد أن يأتي أهله قال : بسم الله ، اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا ، فإنه يقدر بينهما ولد في ذلك لم يضره شيطان أبداً متفق عليه الدعاء للمولود عند تحنيكه كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يؤتي بالصبيان فيدعو لهم بالبركة ويحنكهم صحيح . صحيح سنن أبي داود 961/3) (التحنيك : أن تمضغ التمر حتى يلين ، ثم تدلكه بحنك الصبي) ما يعوذ به الأولاد أعوذ بكلمات الله التامة ، من كل شيطان وهامه ، وكل عينِ لامه رواه البخاري الفتح 408/6 من أحس وجعاً في جسده ضع يدك على الذي تألم من جسدك وقل : بسم الله ، ثلاثاً ، وقل سبع مرات : أعوذ بالله وقُدرته من شر ما أجد وأحاذر رواه مسلم1728/4 مايقال عند زيارة المريض ومايقرأ عليه لرقيته لابأس طهور إن شاء الله رواه البخاري 118/4 اللهم اشف عبدك ينكأ لك عدواً ، أو يمشي لك إلى جنازة صحيح . صحيح سنن أبي داود 600/2 مامن عبد مسلم يعود مريضاً لم يحضر أجله فيقول سبعة مرات : أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيك إلا عوفي صحيح . صحيح الترمذي 210/2 بسم الله أرقيك من كل شئ يؤذيك ، من شر كل نفس ، وعين حاسدة بسم الله أرقيك ، والله يشفيك صحيح . صحيح الترمذي 287/1 أذهب الباس ، رب الناس ، إشف وأنت الشافي لاشفاء إلا شفاء لايُغادر سقماُ رواه البخاري الفتح 131/10 تذكرة في فضل عيادة المريض قال صلى الله عليه وسلم : إن المسلم إذا عاد أخاه لم يزل في خرفة الجنة صحيح. صحيح الترمذي 285/1 قيل ما خُرفة الجنة ؟ قال : جناها . وقال صلى الله عليه وسلم :" مامن مُسلم يعود مُسلماً غُدوة ، إلا صل عليه سبعون ألف ملكِ حتى يُمسي ، وإن عاده عشيةَ إلا صلى عليه سبعون ألف ملكِ حتى يُصبح وكان له خريف في الجنة صحيح . صحيح الترمذي 286/1 مايقول من يئس من حياته اللهم اغفر لي وارحمني وألحقني بالرفيق متفق عليه اللهم الرفيق الأعلى رواه مسلم1894/4 كراهية تمني الموت لضر نزل بالإنسان لايدعون أحدكم بالموت لضر نزل به ولكن ليقل : اللهم أحيني ماكنت الحياة خيراً لي ، وتوفني إذا كانت الوفاة خيراً لي متفق عليه من رأى مببتلى من رأى مُبتلى فقال : الحمد لله الذي عافاني مما ابتلاك به ، وفضلني على كثير ممن خلق تفضيلاً لم يُصبه ذلك البلاًء صحيح. صحيح الترمذي 153/3 تلقين المحتضر قال صلى الله عليه وسلم : لقنوا موتاكم قول : لاإله إلا الله رواه مسلم 631/2 من كان آخر كلامه لاإله إلا الله دخل الجنة صحيح . صحيح سنن أبي داود 602/2 الدعاء عند إغماض الميت اللهم اغفر ( لفلان) ورفع درجته في المهديين واخلفه في عقبه في الغابرين واغفر لنا وله يارب العالمين وافسح له في قبره ونور له فيه رواه مسلم 634/2 مايقول من مات له ميت مامن عبد تصيبه مصيبة فيقول :" إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم أجرني في مُصيبتي واخلف لي خيراً منها . إلا آجره الله تعالى في مصيبته وأخلف له خيراً منها رواه مسلم 632/2 الدعاء للميت في الصلاة عليه اللهم اغفر له وارحمه وعافه واعف عنه وأكرم نُزُله . ووسع مُدخلهُ . واغسله بالماء والثلج والبرد ، ونقه من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس ، وأبدله داراً خيراً من داره ، وأهلاً خيراً من أهله وزوجاً خيراً من زوجه وأدخله الجنة وأعذه من عذاب القبر ( ومن عذاب النار ) رواه مسلم 663/2 اللهم اغفر لحينا وميتنا ، وشاهدنا وغائبنا ، وصغيرنا وكبيرنا ، وذكرنا وأُنثانا ، اللهم من أحييته منا فأحييه على الإسلام ، ومن توفيته منا فتوفه على الإيمان ، اللهم لاتحرمنا أجره ولاتضلنا بعده صحيح. صحيح ابن ماجه 251/1 اللهم إن فلان بن فلان في ذمتك ، وحبل جوارك فقه من فتنة القبر وعذاب النار ، أنت الغفور الرحيم صحيح . صحيح ابن ماجه 25/1 اللهم عبدك وابن عبدك وابن امتك إحتاج إلى رحمتك ، وأنت غني عن عذابه ، إن كان مُحسناً فزده في حسناته ، وإن كان مُسئاً فتجاوز عنه واه الحاكم ووافقه الذهبي . انظر أحكام الجنائز للألباني ص159 وإن كان الميت صبياً اللهم أعذه من عذاب القبر حسن . أحكام الجنائز للألباني ص161. اللهم اجعله فرطاً وسلفاً ، وأجراً موقوف على الحسن - البخاري تعليقاً عند ادخال الميت القبر بسم الله وبالله ، وعلى ملة رسول الله ( أو على سُنة رسول الله ) صحيح. صحيح الترمذي 306/1 مايقال بعد الدفن كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه فقال :" استغفروا لأخيكم وسلوا له التثبيت فإنه الآن يُسأل دعاء زيارة القبور السلام عليكم أهل الديار ، من المؤمنين والمسلمين ويرحم الله المُستقدمين منا والمستأخرين وإنا ، أن شاء الله بكم للاحقون رواه مسلم 671/2 دعاء التعزية .. إن لله ماأخذ وله ماأعطى . وكل شئ عنده بأجل مُسمى ...فلتصبر ولتحتسب متفق عليه

شاطر
 

 بحوث ودراسات في حديث غدير خم ..

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
عابر سبيل
عابر سبيل


♣♣♣« المدير العام »♣♣♣

معلومات اضافيه للعضو
♣♣ الجنس» ♣♣ الجنس» : ذكر
♣♣ مشَارَڪاتْي » ♣♣ مشَارَڪاتْي » : 33128
♣ ♣ نقاط» ♣ ♣ نقاط» : 98890
♣ ♣ العـمْرّ» ♣ ♣ العـمْرّ» : 39

بحوث ودراسات في حديث غدير خم .. Empty
https://alforqan.ahlamontada.com

بحوث ودراسات في حديث غدير خم .. Empty
مُساهمةموضوع: بحوث ودراسات في حديث غدير خم ..   بحوث ودراسات في حديث غدير خم .. Emptyالسبت 18 أكتوبر 2014 - 21:26

بحوث ودراسات في حديث غدير خم ..

الاستدلال بحديث غدير خم وغلو الشيعة فيه وبيان أنه لم يصح في يوم الغدير نزول شيء من القرآن الكريم


الكلام في رواية غدير خم الذي هو أصل من أصول القوم في إثبات معتقد الإمامة، وعليه المعول الأول في بناء هذا الركن، حيث وضعوا في فضائل يومه عشرات الروايات، وجعلوه عيداً من أعظم أعيادهم، واستحبوا صومه.. إلى غير ذلك من فضائل وأعمال.
ولا أرى بأساً من ذكر شذرات يسيرة من ذلك قبل الدخول في تفاصيله:
روى القوم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: يوم غدير خم أفضل أعياد أمتي([1]).
وعن الصادق: أن فرات بن أحنف سأله: جعلت فداك، للمسلمين عيد أفضل من الفطر والأضحى ويوم الجمعة ويوم عرفة؟ فقال لي: نعم أفضلها وأعظمها وأشرفها عند الله منزلة وهو اليوم الذي أكمل الله فيه الدين وأنزل على نبيه محمد: ((الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الإِسْلامَ دِيناً)) [المائدة:3]، قال: قلت: وأي يوم هو؟ فقال لي: إن أنبياء بني إسرائيل كانوا إذا أراد أحدهم أن يعقد الوصية والإمامة للوصي من بعده ففعل ذلك جعلوا ذلك اليوم عيداً، وإنه اليوم الذي نصب فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم علياً للناس علماً، وأنزل فيه ما أنزل.. إلى أن قال: هو يوم عبادة وصلاة وشكر لله وحمد له، وسرور لِمَا منّ الله عليكم من ولايتنا، وإني أحب لكم أن تصوموا فيه([2]).
والروايات في ذلك كثيرة([3]).
ومن روايات استحباب صومه زيادة على ما مرَّ بك: ما رووه عن الصادق أنه قال: إن صيامه يعدل صيام ستين شهراً، وفي لفظ: كفارة ستين سنة([4])، بل وصيام عمر الدنيا([5])، بل ويعدل عند الله في كل عام مائة حجة ومائة عمرة مبرورات متقبلات([6]).
ومن روايات استحباب الصلاة في موضع الغدير: ما نسبوه إلى الصادق أنه قال: يستحب الصلاة في مسجد الغدير، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أقام فيه أمير المؤمنين، وهو موضع أظهر الله عز وجل فيه الحق([7]).
وجعلوا صلاة ركعتين يوم الغدير تعدل عند الله مائة ألف حجة ومائة ألف عمرة، ومن فطر فيه مؤمناً كان كمن أطعم فئاماً وفئاماً وفئاماً، فعد الصادق إلى عشرة، ثم قال: أتدري كم الفئام؟ قال الراوي: لا، قال: مائة ألف، كل فئام كان له ثواب من أطعم بعددها من النبيين والصديقين والشهداء في حرم الله عز وجل، وسقاهم في يوم ذي مسغبة، والدرهم فيه بألف ألف درهم، ثم قال: لعلك ترى أن الله عز وجل خلق يوماً أعظم حرمة منه، لا والله لا والله لا والله([8]).
وخم: غدير يقع في وادي الأراك على عشرة فراسخ من المدينة وعلى أربعة أميال من الجحفة، ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال عنده في حق علي بن أبي طالب رضي الله عنه: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه.. وغيره من ألفاظ قريبة وردت من طرق يشد بعضها بعضاً.
ولكن لا شك أن حديثاً كهذا لا يستوجب كل ما أورده القوم فيه، والذي ذكرنا بعضاً منه آنفاً، ولا يستوجب وضع المجلدات الكبار فيه، كما فعل البعض، حيث أضاع جُلَّ عمره في تتبع مواطن الجرح فيما يَظُن، وترك مواضع البرء -وما أكثرها- من تاريخنا الإسلامي، تماماً كما يفعل الذباب.
وحيث إن ديدن القوم وضع الأحاديث لإثبات معتقدهم، فلا شك أنهم قد أطلقوا العنان لتفكيرهم في روايتنا هذه -خاصة وأن لها أصلاً- حيث نسجوا حولها الأساطير، فغدا باعاً بعد أن كان ذراعاً.
ومن ذلك: جعلهم نزول بعض الآيات فيها كآية التبليغ، وآية إكمال الدين وإتمام النعمة.. وغيرها، كما سيأتي.
وتفنن كل واحد منهم في جعل هذا الأصل الذي ذكرناه من الحديث بطريقته الخاصة، حتى جعلها البعض أقرب إلى الروايات القصصية منها إلى الهدي النبوي.
ولا نطيل في هذا، ولكن نشرع في بيان المطلوب.. فقد ذكرنا أن ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في حديث الغدير هو قولـه الذي ذكرناه أو قريباً منه، أما القوم فقد ملئُوا كتبهم من أن الله عز وجل قد حذَّر نبيه من كتمان أمر الوصية، حتى أنزل في ذلك قولـه تعالى: ((يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ)) [المائدة:67]، فقام خطيباً في الناس في غدير خم، وكان ذلك يوم الثامن عشر من ذي الحجة، وقال: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه، وانصر من نصره، واخذل من خذله، فأنزل الله عز وجل: ((الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الإِسْلامَ دِيناً)) [المائدة:3].
فهذا موجز للقصة، وكما ذكرنا أنه لم يصح من قصتنا هذه إلا ما أثبتناه، أما الشطر الثاني من الحديث، وهو قولـه صلى الله عليه وسلم: وانصر من نصره، واخذل من خذله... فقد اضطربت طرق هذه الزيادة، ولا ينبغي لها أن تصح لمخالفتها الواقع، فإن الله عز وجل قد نصر من خذله -بزعم القوم- وخذل من نصره، فضلاً عن أن فيه عدم استجابة الله عز وجل لدعائه صلى الله عليه وسلم على افتراضه، ولا يهمنا الكلام في أسانيد هذه الزيادة؛ فليس فيها ما يستوجب ذلك، ولكن الذي يهمنا هنا -وقبل الكلام في وجه الدلالة فيه- هو بيان أنه لم يصح في قصة الغدير نزول شيء من كتاب الله، رغم استماتة القوم في إثبات ذلك، وإليك البيان:
الرواية الأولى: أبان بن أبي عياش، عن سليم بن قيس، قال: سمعت أبا سعيد الخدري يقول: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا الناس بغدير خم.. فذكر القصة، ثم قال: فلم ينزل حتى نزلت هذه الآية: ((الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الإِسْلامَ دِيناً)) [المائدة:3]، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الله أكبر على إكمال الدين، وإتمام النعمة، ورضى الرب برسالتي، وبولاية علي من بعدي([9]).
أقول: تطرقنا إلى هذا السند عند كلامنا على الرواية الأولى للدليل الأول في هذا الباب، وهو الاستدلال بحديث يوم الدار، فراجعه إن شئت.
الرواية الثانية: الصفار: حدثنا أحمد بن محمد، عن الحسن بن علي النعمان، عن محمد بن مروان، عن الفضيل بن يسار، عن أبي جعفر في قولـه: ((يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ)) [المائدة:67]، قال: هي الولاية([10]).
أقول: أحمد بن محمد هو أحد أشخاص، فإن كان البرقي فهو وإن كان ثقة في نفسه إلا أنه يروي عن الضعفاء واعتمد المراسيل، وله كتاب في تحريف القرآن احتج به صاحب فصل الخطاب، وذكر ابن الغضائري طعن القميين فيه وإبعاده عن قم، وإن لم يوافقه أضرابه في ذلك بحجة أن الطعن إنما هو في من يروي عنه، وأن من أبعده أعاده إليه واعتذر إليه([11]).
وإن كان السياري فهو متروك الرواية عند كل من ترجم له لفساد مذهبه وغلوه([12]).
وإن كان الأشعري فعلى ما ورد في توثيقه، إلا أن الكليني أورد ما يدل على ذمه([13]).
وإن كان ابن أبي النصر البزنطي فهو الذي روى فيه القوم أن الرضا دفع إليه بمصحف، وقال له: لا تنظر فيه، وقرأت فيه: ((لَمْ يَكُنْ الَّذِينَ كَفَرُوا)) [البينة:1]، فوجدت فيها سبعين رجلاً من قريش بأسمائهم وأسماء آبائهم، قال: فبعث إلي: ابعث إلي بالمصحف([14]). ففيه القول بتحريف القرآن وعدم طاعته لإمامه، وحسبُه إحداهما.
وإن كان ابن إسماعيل فهو مجهول([15]).
وإن كان ابن عمرو بن عبد العزيز فلم أجد له ترجمة.
هؤلاء شيوخ الصفار الذين تبدأ أسماؤهم بأحمد بن محمد كما ذكر ذلك محقق البصائر.
أما الصفار فحسبك إحالتنا لك لما أوردناه في الباب الأول عند ذكرنا لمنزلة الإمامة، فاقرأ ما ذكرناه عن أبواب بصائره، ثم احكم على الرجل بنفسك.
أما ابن مروان فمجهول.
الرواية الثالثة: القمي: حدثني أبي، عن صفوان بن يحيى، عن العلاء، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر، قال: آخر فريضة أنزلها الله الولاية، ثم لم ينزل بعدها فريضة، ثم أنزل: ((الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ)) [المائدة:3] بكراع الغميم([16]).
أقول: مرَّ الكلام عن تفسير القمي، والعلاء لم يصرح أحد بوثاقته، وتوثيق الخوئي له إنما لوروده في إسناد كامل الزيارات([17])، وقد مرَّ الكلام في بيان فساد ذلك.
الرواية الرابعة: القمي: حدثني أبي، عن ابن أبي عمير، عن ابن سنان، عن أبي عبدالله قال: لما أمر الله نبيه أن ينصب أمير المؤمنين للناس في قولـه: يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك في علي، بغدير خم، فقال: من كنت مولاه فعلي مولاه، فجاءت الأبالسة إلى إبليس الأكبر، وحثوا التراب على رؤوسهم، فقال لهم إبليس: مالكم؟ فقالوا: إن هذا الرجل قد عقد اليوم عقدة لا يحلها شيء إلى يوم القيامة.
فقال لهم إبليس: كلا، إن الذين حوله قد وعدوني فيه عدة لن يخلفوني، فأنزل الله تعالى على رسوله: ((وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ)) [سبأ:20] ([18]).
أقول: ذكرنا الكلام في القمي وتفسيره، وهذه الرواية أحد نماذج التحريف الذي ملأ به تفسيره، حيث ذكر اسم علي رضي الله عنه في الآية، وأضيف أن القمي في تفسير قول الله تعالى: ((كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ)) [آل عمران:110]، قال: حدثني أبي، عن ابن أبي عمير، عن ابن سنان، قال: قرئت عند أبي عبدالله: ((كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ)) [آل عمران:110]، فقال أبو عبدالله: [خير أمة] يقتلون الحسن والحسين؟ فقال القارئ: جعلت فداك، كيف نـزلت؟ قـال: نزلت: [كنتم خير أئمة أخرجت للناس]، ألا ترى مدح الله لهم: ((تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ)) [آل عمران:110].
فإسناد هذه الرواية المنكرة التي تثبت تحريف القرآن هو نفس إسناد الرواية التي تذكر خبر الغدير، فإما أن نصدق هؤلاء الرواة في كل ما يروونه، أو أن نرد كل ما يروونه.
الرواية الخامسة: فرات: جعفر بن محمد الأزدي، عن محمد بن الحسين الصائغ، عن الحسن بن علي الصيرفي، عن محمد البزار، عن فرات بن أحنف، عن أبي عبدالله، قال: قلت له: جعلت فداك، للمسلمين عيد أفضل من الفطر والأضحى ويوم الجمعة ويوم عرفة؟ قال: نعم، أفضلها وأعظمها وأشرفها عند الله منزلة، وهو اليوم الذي أكمل الله فيه الدين، وأنزل على نبيه محمد: ((الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي)) [المائدة:3].. فذكر قصة الولاية([19]).
الرواية السادسة: فرات: الحسين بن سعيد معنعناً، عن إبراهيم بن محمد بن إسحاق العطار وكان من أصحاب جعفر، قال: سمعته يقول في قول الله عز وجل: ((الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي)) [المائدة:3] قال: في علي([20]).
الرواية السابعة: فرات: معنعناً عن زيد بن أرقم قال: لما نزلت هذه الآية في علي بن أبي طالب رضي الله عنه: ((يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ)) [المائدة:67]. فذكر القصة([21]).
الرواية الثامنة: فرات: الحسين بن الحكم، قال: حدثنا سعيد بن عثمان، عن أبي مريم، عن عبدالله بن عطاء، قال: كنت جالساً مع أبي جعفر، فقال: أوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم: قل للناس: من كنت مولاه فعلي مولاه، فلم يبلغ بذلك وخاف الناس، فأوحي إليه: ((يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ)) [المائدة:67]. فذكر القصة([22]).
الرواية التاسعة: فرات: جعفر بن أحمد معنعناً، عن عبدالله بن عطاء، قال: كنت جالساً عند أبي جعفر في مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم، وعبدالله بن سلام جالس في صحن المسجد، قال: جعلت فداك، هذا الذي عنده علم الكتاب؟ قال: لا، ولكنه صاحبكم علي بن أبي طالب، أنزل فيه: ((إِنَّمَا وَلِيُّكُمْ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا)) [المائدة:55]، ونزل فيه: ((يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ)) [المائدة:67]. فذكر القصة([23]).
الرواية العاشرة: فرات: الحسين بن سعيد معنعناً، عن جعفر: ((الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي)) [المائدة:3] قال: بعلي بن أبي طالب([24]).
الرواية الحادية عشرة: فرات: جعفر بن أحمد بن يوسف معنعناً، عن أبي جعفر في قولـه تعالى: ((يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ)) [المائدة:67]. فذكر القصة([25]).
الرواية الثانية عشرة: فرات: حدثني إسحاق بن محمد بن القاسم بن صالح بن خالد الهاشمي، قال: حدثنا أبو بكر الرازي محمد بن يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم بن نبهان بن عاصم بن زيد بن ظريف مولى علي بن أبي طالب، قال: حدثنا محمد بن عيسى الدامغاني، قال: حدثنا سلمة بن الفضل، عن أبي مريم، عن يونس بن حسان، عن عطية، عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه، قال: كنت والله جالساً بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد نزل بنا غدير خم، وقد غص المجلس بالمهاجرين والأنصار، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم على قدميه، فقال: أيها الناس، إن الله أمرني بأمر، فقال: ((يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ)) [المائدة:67]، فذكر القصة([26]).
الرواية الثالثة عشرة: فرات: حدثنا الحسين بن الحكم الحبري، قال: حدثنا حسن بن حسين، قال: حدثنا حبان، عن الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس رضي الله عنه قال في قولـه تعالى: ((يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ)) [المائدة:67]، نزلت في علي... فذكر القصة([27]).
الرواية الرابعة عشرة: فرات: حدثني الحسين بن سعيد، قال: حدثنا علي بن حفص العوسي، قال: حدثنا يقطين الجواليقي، عن جعفر، عن أبيه في قولـه: ((الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ)) [المائدة:3]، قال: نزلت في علي بن أبي طالب خاصة دون الناس([28]).
الرواية الخامسة عشرة: فرات: حدثني جعفر بن محمد الفزاري معنعناً، عن أبي الجارود، قال: سمعت أبا جعفر يقول حين أنزل الله تعالى: ((الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ)) [المائدة:3]، قال: فكان كمال الدين بولاية علي بن أبي طالب([29]).
الرواية السادسة عشرة: فرات: حدثني علي بن أحمد بن خلف الشيباني، قال: حدثنا عبدالله بن علي بن المتوكل الفلسطيني، عن بشر بن غياث، عن سليمان بن عمرو العامري، عن عطاء، عن سعيد، عن ابن عباس رضي الله عنه قال: بينما النبي صلى الله عليه وسلم وعلي بن أبي طالب رضي الله عنه بمكة أيام الموسم إذ التفت النبي صلى الله عليه وسلم إلى علي، فقال: هنيئاً لك وطوبى لك يا أبا الحسن، إن الله قد أنزل عليَّ آية محكمة غير متشابهة، ذكري وإياك فيها سواء، فقال: ((الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الإِسْلامَ دِيناً)) [المائدة:3] ([30]).
الرواية السابعة عشرة: فرات: حدثني عبيد بن عبدالواحد معنعناً، عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: بينا نحن مع النبي صلى الله عليه وسلم بعرفات إذ قال: أفيكم علي بن أبي طالب؟ قلنا: بلى يا رسول الله، فقربه منه وضرب بيده على منكبه، ثم قال: طوبى لك يا علي، نزلت علي آية ذكري وإياك فيها سواء، فقال: ((الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ)) [المائدة:3]، فقال ابن عباس رضي الله عنه في تفسير الآية: اليوم أكملت لكم دينكم بالنبي صلى الله عليه وسلم، وأتممت عليكم نعمتي بعلي، ورضيت لكم الإسلام ديناً بعرفات([31]).
الرواية الثامنة عشرة: فرات: حدثنا علي بن محمد بن مخلد الجعفي معنعناً، عن طاوس، عن أبيه، قال: سمعت محمد بن علي يقول: نزل جبرئيل عليه السلام على النبي بعرفات يوم الجمعة، فقال: يا محمد، الله يقرئك السلام، ويقول: قل لأمتك: اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي بولاية علي بن أبي طالب([32]).
أقول: الروايات السابقة كلها من تفسير فرات بن إبراهيم، وقد أسهبنا الكلام فيه وفي تفسيره عند ردنا على الاستدلال الأول، حيث ذكرنا فيه قول بعض مشايخ الإمامية بأنه لم يتعرض الأصحاب له بمدح أو قدح، وأن التاريخ لم يذكر من حياته شيئاً، ولم تفرد له الكتب الرجالية ترجمة لا بقليل ولا كثير، ولم تذكره حتى في أثناء التراجم، وكذا أبوه وجده إلا ما تردد في أسانيد بعض الكتب كالتفسير نفسه، وشواهد التنزيل، وكتب الشيخ الصدوق، والمجموعة التفسيرية المعروفة بتفسير القمي، وفضل زيارة الحسين لابن الشجري، وأما كنيته فلم تذكر إلا في [فضل زيارة الحسين] لابن الشجري الكوفي،
ولو أن هذه الكتب الآنفة الذكر لم تذكر فراتاً في ثنايا أسانيدها لأمكن التشكيك في وجود شخص بهذا الاسم، والقول بأن هذا الاسم مستعار كما اعترف القوم بذلك، وأنه ربما كان من الناحية الفكرية والعقائدية زيدياً، وتفسيره برواية أبي الخير مقداد بن علي الحجازي المدني، عن أبي القاسم عبدالرحمن بن محمد بن عبدالرحمن العلوي الحسني أو الحسيني، عن فرات كما نلاحظ ذلك في بداية الكتاب ونهايته، والكتاب محذوف الأسانيد، وأكثر الرواة فيه غير مترجمين في الأصول الرجالية، كحال راوي التفسير عن فرات.
أما أحوال رجال أسانيد الروايات السابقة، فالأزدي مجهول([33])، والصائغ قال فيه النجاشي: ضعيف جداً، وقيل: غالٍ، وكذا قال كل من ترجم له([34])، والصيرفي مجهول([35])، وكذا حال كل من البزار([36])، وسعيد بن
عثمان([37])، وابن عطاء([38])، وعلي بن حفص([39])، وطاوس وأبيه([40])، وأما الحسين بن سعيد فكما ذكرنا ليس الأهوازي الثقة، وابن أحنف يرمى بالغلو والتفريط بالقول والكذب ولا يُرتَفع به ولا بذكره([41])،
والعطار، وابن الحكم، وسعيد بن عثمان، وإسحاق بن محمد الهاشمي، ويونس بن حسان، والشهابي، والفلسطيني، وابن غياث، والعامري، وابن مخلد لم أجد لهم ترجمة، وأبومريم، وسلمة، وحسن، والكلبي، وأبوالجارود بين متروك الحديث ومختلف فيه.
الرواية التاسعة عشرة: الصدوق: حدثنا الحسن بن محمد بن سعيد الهاشمي، قال: حدثنا فرات بن إبراهيم بن فرات الكوفي، قال: حدثنا محمد بن ظهير، قال: حدثنا عبدالله بن الفضل الهاشمي، عن الصادق، عن آبائه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يوم غدير خم أفضل أعياد أمتي، وهو اليوم الذي أمرني الله تعالى ذكره فيه بنصب أخي علي بن أبي طالب علماً لأمتي، يهتدون به من بعدي، وهو اليوم الذي أكمل الله فيه الدين، وأتم على أمتي فيه النعمة، ورضي لهم الإسلام ديناً... الرواية([42]).
أقول: الهاشمي مرَّ الكلام عنه وكذا فرات، وابن ظهير مجهول الحال([43]).
الرواية العشرون: الصدوق: حدثني أبي، عن سعد بن عبدالله، عن أحمد بن أبي عبدالله البرقي، عن أبيه، عن خلف بن حماد الأسدي، عن أبي الحسن العبدي، عن سليمان الأعمش، عن عباية بن ربعي، عن عبدالله بن عباس، قال:..ثم ذكر حديثاً طويلاً فيه أن الله عز وجل أمر رسوله صلى الله عليه وسلمليلة الإسراء والمعراج بأن ينصب علياً وزيراً، فهبط رسول الله صلى الله عليه وسلم فكره أن يحدث الناس بشيء كراهية أن يتهموه؛ لأنهم كانوا حديثي عهد بجاهلية، حتى مضى لذلك ستة أيام، فأنزل الله تبارك وتعالى: ((فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَضَائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ)) [هود:12]، فاحتمل رسول الله ذلك حتى كان يوم الثامن، فأنزل: ((يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنْ النَّاسِ)) [المائدة:67]، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تهديد بعد وعيد، لأمضين أمر الله عز وجل، فإن يتهموني ويكذبوني فهو أهون علي من أن يعاقبني العقوبة الموجبة في الدنيا والآخرة، فكان ما كان من قصة الغدير، فأنزل تبارك تعالى: ((الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الإِسْلامَ دِيناً)) [المائدة:3].. الرواية([44]).
أقول: مرَّ الكلام على أكثر رجال هذا السند، ووالد البرقي مختلف فيه([45])، والعبدي مجهول([46]).
الرواية الحادية والعشرون: الصدوق: حدثنا أبوالعباس محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني رضي الله عنه، قال: حدثنا أبو أحمد القاسم بن محمد بن علي الهاروني، قال: حدثني أبوحامد عمران بن موسى بن إبراهيم، عن الحسن بن القاسم الرقام، قال: حدثني القاسم بن مسلم، عن أخيه عبد العزيز بن مسلم، عن الرضا.. وذكر حديثاً طويلاً فيه: وأنزل في حجة الوداع وفي آخر عمره صلى الله عليه وسلم: ((الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ)) [المائدة:3]، وأمر الإمامة في تمام الدين([47]).
أقول: أما الطالقاني فقد عرفت حاله، وبقية رجال السند لم يترجم لهم أحد، عدا عبدالعزيز بن مسلم وهو مجهول الحال([48]).
الرواية الثانية والعشرون: الصدوق: أبي رضي الله عنه قال: حدثنا سعد بن عبدالله، قال: حدثني أحمد بن الحسين بن سعيد، قال: حدثني أحمد بن إبراهيم وأحمد بن زكريا، عن محمد بن نعيم، عن يزداد بن إبراهيم، عمن حدثه من أصحابنا، عن أبي عبدالله، عن علي قال في حديث طويل في آخره: وإن بولايتي أكمل الله لهذه الأمة دينهم، وأتم عليهم النعم، ورضي إسلامهم، إذ يقول يوم الولاية لمحمد صلى الله عليه وسلم: يا محمد، أخبرهم أني أكملت لهم اليوم دينهم، ورضيت لهم الإسلام ديناً، وأتممت عليهم نعمتي، كل ذلك مَنَّ الله به علي فله الحمد([49]).
أقول: أحمد بن الحسين بن سعيد هو ابن مهران الأهوازي، ضعفوه وقالوا: هو غالٍ وحديثه يعرف وينكر، ولا يعمل برواياته([50])، وأحمد بن زكريا مجهول، وكل من كان بهذا الاسم مجهول([51])،
وكذا حال ابن نعيم، ويزداد هذا لا يعرف من هو، وكذا عمن حدثه.
الرواية الثالثة والعشرون: الصدوق: حدثنا علي بن أحمد بن عبدالله البرقي، عن أبيه عن محمد بن خالد البرقي، قال: حدثنا سهل بن مرزبان الفارسي، قال: حدثنا محمد بن منصور، عن عبدالله بن جعفر، عن محمد بن الفيض بن المختار، عن أبيه، عن الباقر، عن أبيه، عن جده، قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في حديثٍ طويل لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه: ولقد أنزل الله عز وجل إلـيَّ: ((يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ)) [المائدة:67]، يعني: في ولايتك يا علي، ((وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ)) [المائدة:67]، ولو لم أبلغ ما أمرت به من ولايتك لحبط عملي([52]).
أقول: علي بن أحمد البرقي مجهول، وأحمد وأبوه مرَّ الكلام فيهما، والفارسي لم أجد له ترجمة، فإن كان سهل بن بحر الفارسي -ولا أظنه- فهو مجهول([53])، وابن الفيض مجهول([54])، وأبوه ورد فيه مايدل على ذمه([55]).
الرواية الرابعة والعشرون: الصدوق: حدثنا أبي، ومحمد بن الحسن رضي الله عنهما، قالا: حدثنا سعد بن عبدالله، قال: حدثنا يعقوب بن يزيد، عن حماد بن عيسى، عن عمر بن أذينة، عن أبان بن أبي عياش، عن سليم بن قيس الهلالي، قال: رأيت علياً في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم في خلافة عثمان، وجماعة يتحدثون ويتذاكرون العلم والفقه، فذكر حديثاً طويلاً فيه ذكر علي لقصة غدير خم ونزول قولـه تعالى: ((الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ)) [المائدة:3]، وتكبير رسول الله صلى الله عليه وسلم وقولـه: الله أكبر بتمام النعمة، وكمال نبوتي، ودين الله عز وجل، وولاية علي بعدي([56]).
أقول: مرَّ الكلام في ابن أبي عياش وسليم.
الرواية الخامسة والعشرون: الصدوق، حدثنا الحسن بن محمد بن الحسن السكوني في منزلـه بالكوفة، قال: حدثني إبراهيم بن محمد بن يحيى النيسابوري، قال: حدثنا أبوجعفر بن السري وأبو نصر بن موسى بن أيوب الخلال، قالا: حدثنا علي بن سعيد، قال: حدثنا ضمرة بن شوذب، عن مطر، عن شهر بن حوشب، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: من صام يوم ثمانية عشر من ذي الحجة كتب الله له صيام ستين شهراً وهو يوم غدير خم، لما أخذ رسول الله بيد علي بن أبي طالب رضي الله عنه وقال..، وذكر القصة ونزول آية الإكمال([57]).
أقول: السكوني وإن كان من مشايخ الصدوق إلا أنه مجهول الحال([58])، وكذا حال ابن حوشب([59])، ولم أعثر على تراجم بقية رجال السند.
الرواية السادسة والعشرون: الصدوق: الدقاق، عن الكليني، عن علي بن محمد، عن إسحاق بن إسماعيل النيسابوري، أن الحسن بن علي رضي الله عنه قال في حديثٍ طويل: فلما منَّ الله عليكم بإقامة الأولياء بعد نبيكم صلى الله عليه وسلم قال الله عز وجل: ((الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ)) [المائدة:3] ([60]).
أقول: حسب السند الدقاق علي بن أحمد، لم يرد فيه سوى القول بأنه من مشايخ الصدوق، وقد أوقفناك على القول في هذا.
الرواية السابعة والعشرون: الكليني: محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، ومحمد بن الحسين جميعاً، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع، عن منصور بن يونس، عن أبي الجارود، عن أبي جعفر، قال: سمعت أبا جعفر يقول: فرض الله عز وجل على العباد خمساً، أخذوا أربعاً وتركوا واحداً.. إلى قوله: ثم نزلت الولاية وإنما أتاه ذلك في يوم الجمعة بعرفة أنزل الله عز وجل: ((الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي)) [المائدة:3]، وكان كمال الدين بولاية علي بن أبي طالب، فقال عند ذلك رسول صلى الله عليه وسلم: أمتي حديثو عهد بالجاهلية، ومتى أخبرهم بهذا في ابن عمي يقول قائل ويقول قائل، فقلت في نفسي من غير أن ينطق به لساني، فأتتني عزيمة من الله عز وجل، وأوعدني إن لم أبلغ أن يعذبني، فنزلت: ((يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنْ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ)) [المائدة:67] فذكر القصة([61]).
أقول: أحمد بن محمد بن عيسى ذكر الكليني رواية -في سندها مقال- ما يفيد ذمه وأنه كان شديد التعصب في العروبة([62])، أما منصور فقد ذكر الكشي والصدوق ما يدل على ذمه، وقد ذكرنا ذلك في الباب الأول([63])، وأبوالجارود تكلمنا فيه فيما مضى.
الرواية الثامنة والعشرون: الكليني: الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن محمد بن جمهور، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع، عن منصور بن يونس، عن أبي الجارود، عن أبي جعفر مثله([64]).
أقول: السند هذا كسابقه، ومعلى بن محمد مضطرب الحديث والمذهب، وقد مر ذكره، وابن جمهور قال فيه القوم: ضعيف في الحديث، فاسد المذهب، وقيل: فيه أشياء الله أعلم بها من عظمها، غال له أشعار يحلل فيها محرمات الله عز وجل، رغم كل هذا وثقه الخوئي، وكذا فعل مع معلى بن محمد فقط لورودهما في إسناد كامل الزيارات([65])، وعلى أي حال فقد تكلمنا في ذلك.
الرواية التاسعة والعشرون: الكليني: علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أذينة، عن زرارة والفضيل بن يسار وبكير بن أعين ومحمد بن مسلم وبريد بن معاوية وأبي الجارود جميعاً، عن أبي جعفر، قال: أمر الله عز وجل رسوله بولاية علي وأنزل عليه: ((إِنَّمَا وَلِيُّكُمْ اللَّهُ)) [المائدة:55]، وفرض ولاية أولي الأمر، فلم يدروا ما هي، فأمر الله محمداً صلى الله عليه وسلم أن يفسر لهم الولاية، كما فسر لهم الصلاة والزكاة والصوم والحج، فلما أتاه ذلك من الله ضاق بذلك صدر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأوحى الله عز وجل إليه: ((يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ)) [المائدة:67]، فذكر قصة الغدير، ثم قال: وكانت الولاية آخر الفرائض، فأنزل الله عز وجل: ((الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي)) [المائدة:3] ([66])
قلت: رغم ما قد يقال من توثيق سند هذه الرواية، إلا أن في إيرادنا للتالي ما قد يوقفك على طامته:
روى علي بن إبراهيم القمي -أيضاً- في تفسير سورة النساء، فقال: حدثني أبي، عن ابن أبي عمير، عن ابن أذينة، عن زرارة، عن أبي جعفر، قال: [ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك يا علي فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله تواباً رحيماً] هكذا نزلت!!
وروى الكليني في الروضة: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أذينة، عن بريد بن معاوية، قال: تلا أبو جعفر: [أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم، فإن خفتم تنازعاً في الأمر فأرجعوه إلى الله وإلى الرسول وإلى أولي الأمر منكم].
ثم قال: كيف يأمر بطاعتهم ويرخص في منازعتهم؟ إنما قال ذلك للمأمورين الذين قيل لهم: [أطيعوا الله وأطيعوا الرسول].
فهاتان روايتان تحكيان وقوع التحريف في القرآن، وكلاهما مروي بنفس إسناد الرواية السابقة، فإما أن يصدق الشيعة جميع هذه الروايات، وإما أن يردوها جميعاً، أما الانتقائية فلا محل لها عند المنصفين.
الرواية الثلاثون: الكليني: محمد بن الحسين وغيره، عن سهل، عن محمد بن عيسى ومحمد بن يحيى ومحمد بن الحسين جميعاً، عن محمد بن سنان، عن إسماعيل بن جابر وعبدالكريم بن عمرو، عن عبد الحميد بن أبي الديلم، عن أبي عبدالله… في حديث طويل يقول فيه: فلما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلممن حجة الوداع نزل عليه جبرئيل عليه السلام، فقال: ((يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنْ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ)) [المائدة:67]، فنادى الناس فاجتمعوا.. فذكر القصة([67]).
أقول: سهل هذا ضعيف الحديث، غير معتمد عليه، ومتهم بالغلو والكذب([68])، ومحمد بن سنان وإن اختلف فيه إلا أن ابن عقدة والنجاشي والطوسي والمفيد وابن الغضائري ضعفوه، والفضل بن شاذان عده من الكذابين([69])، وعبدالكريم واقفي خبيث كما ذكر الطوسي، وكذا ذكر النجاشي والكشي أنه واقفي أيضاً، ورغم هذا عُدَّ من الفقهاء الأعلام والرؤساء المأخوذ عنهم الحلال والحرام([70])، وابن أبي الديلم ضعيف([71]).
الرواية الحادية والثلاثون: الكليني: محمد بن علي بن معمر، عن محمد بن علي بن عكاية التميمي، عن الحسين بن النضر الفهري، عن أبي عمرو الأوزاعي، عن عمرو بن شمر، عن جابر بن يزيد، عن أبي جعفر، أن أمير المؤمنين خطب الناس بالمدينة، فذكر خطبة الوسيلة وهي طويلة ذكر فيها قصة الغدير، ثم قال: وأنزل الله عز وجل في ذلك اليوم: ((الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الإِسْلامَ دِيناً)) [المائدة:3]، فكانت ولايتي كمال الدين ورضا الرب جل ذكره([72]).
أقول: ابن معمر مجهول([73])، وكذا شأن ابن عكاية التميمي([74])، والفهري([75])، والأوزاعي([76]).
وأما عمرو بن شمر فضعيف جداً([77])، وجابر بن يزيد مختلف فيه([78]).
الرواية الثانية والثلاثون: العياشي، عن جعفر بن محمد الخزاعي، عن أبيه قال: سمعت أبا عبدالله يقول: لما نزل رسول الله عرفات يوم الجمعة أتاه جبرئيل عليه السلام، فقال له: يا محمد، إن الله يقرئك السلام، ويقول لك: قل لأمتك: اليوم أكملت لكم دينكم بولاية علي بن أبي طالب، وأتممت عليكم نعمتي، ورضيت لكم الإسلام ديناً، ولست أنزل عليكم بعد هذا، قد أنزلت عليكم الصلاة والزكاة والصوم والحج وهي الخامسة، ولست أقبل هذه الأربعة إلا بها([79]).
الرواية الثالثة والثلاثون: العياشي، عن أذينة، قال: سمعت زرارة، عن أبي جعفر: أن الفريضة كانت تنزل ثم تنزل الفريضة الأخرى، فكانت الولاية آخر الفرائض، فأنزل الله تعالى: ((الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الإِسْلامَ دِيناً)) [المائدة:3] ([80])
الرواية الرابعة والثلاثون: العياشي، عن أبي صالح، عن ابن عباس وجابر بن عبدالله، قالا: أمر الله محمداً أن ينصب علياً للناس ليخبرهم بولايته، فتخوف رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقولوا: حامى ابن عمه، وأن تطغوا في ذلك عليه، فأوحى الله إليه: ((يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنْ النَّاسِ)) [المائدة:67] فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بولايته يوم غدير خم([81]).
الرواية الخامسة والثلاثون: العياشي، عن صفوان بن الجمال، قال: قال أبو عبدالله: لما نزلت هذه الآية بالولاية أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالدوحات -دوحات غدير خم- فقممن، ثم نادى: الصلاة جامعة، ثم قال: أيها الناس، ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم.. فذكر القصة([82]).
الرواية السادسة والثلاثون: العياشي: عن حنان بن سدير، عن أبيه، عن أبي جعفر، قال: لما نزل جبرئيل على رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع بإعلان أمر علي بن أبي طالب: ((يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنْ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ)) [المائدة:67]، قال: فمكث النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثاً حتى أتى الجحفة، فلم يأخذ بيده فَرَقاً من الناس، فلما نزل الجحفة يوم الغدير في مكان يقال له: مهيعة، فنادى: الصلاة جامعة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: من أولى بكم من أنفسكم؟ … فذكر القصة([83]).
الرواية السابعة والثلاثون: العياشي: عن عمر بن يزيد، قال: قال أبو عبدالله: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج من المدينة حاجاً ومعه خمسة آلاف، ورجع من مكة وقد شيعه خمسة آلاف من أهل مكة، فلما انتهى إلى الجحفة نزل جبرئيل بولاية علي وقد كانت نزلت ولايته بمنى، وامتنع رسول الله من القيام بها لمكان الناس، فقال: ((يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ)) [المائدة:67] ([84]).
الرواية الثامنة والثلاثون: العياشي: عن زياد بن المنذر أبي الجارود صاحب الدمدمة الجارودية، قال: كنت عند أبي جعفر محمد بن علي بالأبطح وهو يحدث الناس، فذكر حديثاً طويلاً فيه: أن جبرئيل عليه السلام نزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم بالصلاة والزكاة والصيام والحج.. إلى أن قال: ثم أتاه، فقال: إن الله تبارك وتعالى يأمرك أن تَدُل أمتك مَنْ وليهم على مثل ما دللتهم عليه في صلاتهم وزكاتهم وصيامهم وحجهم، قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: رب، أمتي حديثو عهد بالجاهلية، فأنزل الله: ((يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنْ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ)) [المائدة:67] فذكر القصة([85]).
الرواية التاسعة والثلاثون: العياشي: عن أبي الجارود، عن أبي جعفر، قال: لما أنزل الله على نبيه: ((يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ)) [المائدة:67]... فذكر قصة الغدير([86]).
الرواية الأربعون: العياشي: عن المفضل بن صالح، عن بعض أصحابه، عن أحدهما، قال: إنه لما نزلت هذه الآية: ((إِنَّمَا وَلِيُّكُمْ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا)) [المائدة:55]، شق ذلك على النبي صلى الله عليه وسلم وخشي أن تكذبه قريش، فأنزل الله: ((يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ)) [المائدة:67]، فقام بذلك يوم غدير خم([87]).
أقول: الروايات السابقة كلها من مرويات العياشي الذي ذكرنا أنه كان يروي عن الضعفاء كثيراً، وأن تفسيره هذا محذوف الأسانيد كما ترى، فضلاً عن أنه حوى الكثير من مسائل التحريف والطعن في سلف هذه الأمة والغلو، وغيرها من عقائد فاسدة تماماً كشأن تفسير القمي، ولا يتسع المقام هنا لبيان ذلك.
وبقية من ذكروا في الأسانيد بين مجاهيل ومتروكين، فالخزاعي مجهول([88]) كحال أبيه، وزرارة مختلف فيه كما مر، وابن سدير واقفي([89])، وأبوه وردت في ذمه روايات([90])، وابن يزيد مختلف فيه([91])، وابن صالح ضعيف كذاب يضع الحديث([92])، أما عن بعض أصحابه فلا يدرى من هم.
وعلى أي حال، فإن انقطاع معظم أسانيد الروايات السابقة يفقدها الحجية في مواطن الخلاف كالذي نحن فيه الآن.
الرواية الحادية والأربعون: الطوسي: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا أبومحمد الفضل بن محمد بن المسيب الشعراني بجرجان، قال: حدثنا هارون بن عمر بن عبدالعزيز بن محمد أبو موسى المجاشعي، قال: حدثنا محمد بن جعفر بن محمد، عن أبيه أبي عبدالله، عن علي أمير المؤمنين، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: بني الإسلام على خمس خصال، فذكر الصلاة والزكاة والصيام والحج وختم ذلك بالولاية، فأنزل الله عز وجل: ((الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ)) [المائدة:3] ([93]).
أقول: أبو المفضل مرَّ الكلام عنه، والشعراني لم أجد له ترجمة، والمجاشعي مجهول([94])، ومحمد بن جعفر وإن كان ابن الصادق إلا أنه وردت في ذمه روايات([95]).
الرواية الثانية والأربعون: الطوسي: أخبرنا أبو عبدالله محمد بن محمد بن النعمان، قال: أخبرنا أبوالحسن أحمد بن محمد بن الوليد، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن أبي عبدالله البرقي، عن أبيه، عن محمد بن أبي عمير، عن المفضل بن عمر، عن الصادق قال: قال أمير المؤمنين: بولايتي أكمل الله لهذه الأمة دينهم، وأتم عليهم النعم، ورضي لهم إسلامهم، إذ يقول يوم الولاية لمحمد صلى الله عليه وسلم: يا محمد، أخبرهم أني أكملت لهم اليوم دينهم، وأتممت عليهم النعم، ورضيت لهم إسلامهم، كل ذلك مَنَّ الله به علي فله الحمد([96]).
أقول: أبوالحسن بن الوليد مجهول الحال رغم توثيق البعض له دون مستند، حتى قال الخوئي في ذلك: لا يمكننا الحكم بوثاقته، ثم فنَّد أقوال القائلين بتوثيقه.. إلى أن خلص إلى القول: إنه لم تثبت وثاقة الرجل بوجه([97]).
وقد التبس أمر صاحبنا أبي الحسن على مصنف كتاب معلم الشيعة الشيخ المفيد، فأورد في ترجمة شيوخه قول صاحب الكنى والألقاب في أبيه أبي جعفر محمد بن الحسن ابن الوليد من أنه شيخ القميين وفقيههم ومتقدمهم ووجههم ثقة ثقة عين مسكون إليه([98]).
أما بقية رجال السند فقد تكلمنا فيهم، والمفضل بن عمر قيل فيه: فاسد المذهب، مضطرب الرواية، لايُعبأ به، ضعيف، متهافت، مرتفع القول، لا يجوز أن يكتب حديثه، بل كفر ولعن على لسان أبي عبدالله ودعا إلى لعنه والبراءة منه([99]).
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عابر سبيل
عابر سبيل


♣♣♣« المدير العام »♣♣♣

معلومات اضافيه للعضو
♣♣ الجنس» ♣♣ الجنس» : ذكر
♣♣ مشَارَڪاتْي » ♣♣ مشَارَڪاتْي » : 33128
♣ ♣ نقاط» ♣ ♣ نقاط» : 98890
♣ ♣ العـمْرّ» ♣ ♣ العـمْرّ» : 39

بحوث ودراسات في حديث غدير خم .. Empty
https://alforqan.ahlamontada.com

بحوث ودراسات في حديث غدير خم .. Empty
مُساهمةموضوع: رد: بحوث ودراسات في حديث غدير خم ..   بحوث ودراسات في حديث غدير خم .. Emptyالسبت 18 أكتوبر 2014 - 21:27


الرواية الثالثة والأربعون: الطوسي: أخبرنا الحسين بن عبيدالله، عن علي بن محمد العلوي، قال: حدثنا الحسن بن العلي بن الصالح بن الصالح بن شعيب الجوهري، قال: حدثنا محمد بن يعقوب الكليني، عن محمد بن محمد، عن إسحاق بن إسماعيل النيسابوري، عن الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه قال: حدثنا الحسن بن علي رضي الله عنه قال في حديثٍ طويل: إن الله لما منَّ عليكم بإقامة الأولياء بعد نبيكم صلى الله عليه وسلم قال: ((الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي)) [المائدة:3] الآية([100]).
أقول: العلوي مجهول([101])، وكذا الجوهري([102])، وأما النيسابوري فإنما هو من أصحاب العسكري([103])، ولا أعرف وجهاً لروايته هنا عن الصادق، ولعل في السند انقطاعاً.
وعلي أي حال، كتاب الأمالي نفسه -الذي نقلنا منه الروايات السابقة- فيه كلام ونظر عند القوم أنفسهم([104]).
الرواية الرابعة والأربعون: الطوسي: الحسين بن الحسن الحسيني، قال: حدثنا محمد بن موسى الهمداني، قال: حدثنا علي بن حسان الواسطي، قال: حدثنا علي بن الحسين العبدي، قال: سمعت أبا عبدالله الصادق يقول: …فذكر حديثاً طويلاً في فضائل يوم غدير خم، وفيه: وأشهد أن محمداً صلى الله عليه وسلم عبدك ورسولك، وأشهد أن علياً صلوات الله عليه أمير المؤمنين ووليهم ومولاهم، ربنا إننا سمعنا بالنداء وصدقنا المنادي رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذ نادى بنداء عنك بالذي أمرته به أن يبلغ ما أنزلت إليه من ولاية ولي أمرك، فحذرته وأنذرته إن لم يبلغ أن تسخط عليه.. إلى أن قال: وإن الإقرار بولايته تمام توحيدك والإخلاص بوحدانيتك وكمال دينك وتمام نعمتك وفضلك على جميع خلقك وبريتك، فإنك قلت وقولك الحق: ((الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ)) [المائدة:3] ([105]).
آفة الرواية هذه الهمداني، فقد قيل فيه: إنه غال، وكان يضع الحديث، وإنه ضعيف، يروي عن الضعفاء، بل قال الصدوق في سند روايتنا هذه: فإن شيخنا محمد بن الحسن كان لا يصححه، ويقول: إنه من طريق محمد بن موسى الهمداني وكان غير ثقة، وفي نسخة: كذاباً([106])، والعبدي مجهول([107])، والحسين بن الحسن الحسيني مجهول، وفي الرواية انقطاع كبير، إذ إن الطوسي يروي الرواية عن جعفر الصادق بأربع وسائط، رغم أن بين وفاتيهما حوالي (300) سنة!!
الرواية الخامسة والأربعون: علي بن عبدالله الزيادي، عن جعفر بن محمد الدوريستي، عن أبيه، عن الصدوق، عن أبيه، عن سعيد، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن أبيه، عن محمد بن سنان، عن زرارة قال: سمعت الصادق قال: فذكر أن جبرئيل جاء النبي صلى الله عليه وسلم، فقال له: يا رسول الله، إن الله تعالى يقرئك السلام، وقرأ هذه الآية: ((يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ)) [المائدة:67]، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا جبرئيل، إن الناس حديثو عهد بالإسلام، فأخشى أن يضطربوا ولا يطيعوا، فعرج جبرئيل عليه السلام إلى مكانه ونزل عليه في اليوم الثاني، وكان رسول اللهصلى الله عليه وسلم نازلاً بغدير، فقال له: يا محمد، قال الله تعالى: ((يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ)) [المائدة:67]، فقال له: يا جبرئيل، أخشى من أصحابي أن يخالفوني، فعرج جبرئيل ونزل عليه في اليوم الثالث وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم بموضع يقال له: غدير خم، وقال له: يا رسول الله، قال الله تعالى: ((يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنْ النَّاسِ)) [المائدة:67]، فلما سمع رسول الله هذه المقالة قال للناس: أنيخوا ناقتي، فوالله ما أبرح من هذا المكان حتى أبلغ رسالة ربي.. فذكر بقية قصة الغدير([108]).
أقول: الزيادي لم أجد له ترجمة، وكذا الدوريستي الأب، وابن أبي الخطاب الأب مجهول([109])، وابن سنان وزرارة سبق ذكرهما.
الرواية السادسة والأربعون: الطبرسي، حدثنا أبو الحمد مهدي بن نزار الحسيني، قال: حدثنا أبوالقاسم عبيد الله بن عبدالله الحسكاني، قال أخبرنا أبو عبدالله الشيرازي، قال: أخبرنا أبو بكر الجرجاني، قال: حدثنا أبو أحمد البصري، قال: حدثنا أحمد بن عمار بن خالد، قال: حدثنا يحيى بن عبد الحميد الحماني، قال: حدثنا قيس بن الربيع، عن أبي هارون العبدي، عن أبي سعيد الخدري، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما نزلت هذه الآية قال: الله أكبر على إكمال الدين وإتمام النعمة ورضا الرب برسالتي وولاية علي بن أبي طالب من بعدي، وقال: من كنت مولاه... فذكر الحديث([110]).
أقول: مرَّ بيان جهالة وضعف الحماني، وابن الربيع، والعبدي، وبقية رجال السند لم أقف على ذكر أكثرهم.
الرواية السابعة والأربعون: الطبرسي، حدثني السيد العالم العابد أبوجعفر مهدي بن أبي حرب الحسيني المرعشي رضي الله عنه، قال: أخبرنا الشيخ أبو علي الحسن بن الشيخ السعيد أبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي رضي الله عنه، قال: أخبرني الشيخ السعيد الوالد أبوجعفر قدس الله روحه، قال: أخبرني جماعة، عن أبي محمد هارون بن موسى التلعكبري، قال: أخبرنا أبوعلي محمد بن همام، قال: أخبرنا علي السوري، قال: أخبرنا أبومحمد العلوي من ولد الأفطس وكان من عباد الله الصالحين، قال: حدثنا محمد بن موسى الهمداني، قال: حدثنا محمد بن خالد الطيالسي، قال: حدثنا سيف بن عميرة وصالح بن عقبة جميعاً، عن قيس بن سمعان، عن علقمة بن محمد الحضرمي، عن أبي جعفر محمد بن علي، أنه قال:..ثم ذكر رواية طويلة جداً جاوزت عشر صفحات لحديث لم يتجاوز الكلمات التي مرت بك في مقدمة هذا الاستدلال، والذي يهمنا منها ذكره أن جبرئيل عليه السلام قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم عن الله تعالى: إني لم أقبض نبياً من الأنبياء إلا بعد إكمال ديني وحجتي وإتمام نعمتي بولاية أوليائي ومعاداة أعدائي، وذلك إكمال توحيدي وديني، وإتمام نعمتي على خلقي باتباع وليي وطاعته، وذلك أني لا أترك أرضي بغير ولي ولا قيّم ليكون حجة لي على خلقي، فاليوم أكملت لكم دينكم، وأتممت عليكم نعمتي، ورضيت لكم الإسلام ديناً بولاية وليي.. إلى أن قال: فخشي رسول الله صلى الله عليه وسلم من قومه وأهل النفاق والشقاق أن يتفرقوا ويرجعوا إلى الجاهلية لما عرف من عدواتهم، ولما تنطوي عليه أنفسهم لعلي من العداوة والبغضاء، وسأل جبرئيل أن يسأل ربه العصمة من الناس، وانتظر أن يأتيه جبرئيل عليه السلام بالعصمة من الناس عن الله جل اسمه، فأخر ذلك إلى أن بلغ مسجد الخيف، فأتاه جبرئيل عليه السلام في مسجد الخيف فأمره بأن يعهد عهده ويقيم علياً علماً للناس يهتدون به، ولم يأته بالعصمة من الله جل جلاله بالذي أراد حتى بلغ كراع الغميم بين مكة والمدينة، فأتاه جبرئيل فأمره بالذي أتاه فيه من قبل ولم يأته بالعصمة، فقال: يا جبرئيل، إني أخشى قومي أن يكذبوني ولا يقبلوا قولي في علي، فرحل فلما بلغ غدير خم قبل الجحفة بثلاثة أميال أتاه جبرئيل على خمس ساعات مضت من النهار بالزجر والانتهار والعصمة من الناس، فقال: يا محمد، إن الله عز وجل يقرئك السلام، ويقول لك: يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك في علي وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس، وكان أوائلهم قريباً من الجحفة، فأمره أن يرد من تقدم منهم، ويحبس من تأخر عنهم في ذلك المكان؛ ليقيم علياً علماً للناس، ويبلغهم ما أنزل الله في علي... فذكر بقية القصة([111]).
أقول: أغنانا محقق الاحتجاج عن دراسة سند روايتنا هذه، حيث ذكر([112]) أن فيها من ليس لهم ترجمة كالسوري وابن سمعان، ومجاهيل كالطيالسي والحضرمي، وضعفاء كالهمداني، الذي مر ذكره آنفاً، ولكن فاته أمور:
منها: أنه لم يذكر قول ابن الغضائري وابن داود وغيرهما في صالح بن عقبة من أنه غالٍ كذاب لا يلتفت إليه، وليس حديثه بشيء، وأنه كثير المناكير([113]).
ومنها: أن ولد الأفطس ليس هو يحيى المكنى أبا محمد العلوي كما استظهر الخوئي لاختلاف الطبقة([114])، والظاهر أن الرجل مجهول ولا عبرة بتوثيق الطبرسي له.
الرواية الثامنة والأربعون: محمد بن العباس، عن محمد بن القاسم، عن عبيد بن سالم، عن جعفر بن عبدالله المحمدي، عن الحسن بن إسماعيل، عن أبي موسى المشرقاني قال: …وذكر رواية فيها نزول آية التبليغ في شأن الغدير([115]).
أقول: عبيد بن سالم، إن كان العجلي فهو مجهول، ولا توجد ترجمة بهذا الاسم لغيره([116])، والمحمدي لا يعرف من هو على وجه التحديد([117])، والحسن بن الأفطس لم أجد له ترجمة، وكذا المشرقاني.
الرواية التاسعة والأربعون: الحلي، المظفر بن جعفر بن الحسين، عن محمد بن معمر، عن حمدان المعافي، عن علي بن موسى الرضا، عن أبيه، عن جده، قال: …فذكر رواية طويلة فيها نزول آية التبليغ في شأن الغدير([118]).
أقول: المظفر لم أجد له ترجمة، وابن معمر مجهول([119])، وكذا حال المعافي([120]).
وبعد.. فهذه هي جل الروايات التي أوردها القوم في إثبات نزول آيتي التبليغ وإكمال الدين في غدير خم، والتي وقفنا عليها من كتبهم حتى القرن السادس، وقد رأيت أنه لم يصح منها شيء ألبتة، ناهيك عن القول بتواترها بزعم القوم.
وليت شعري! هل يدلنا القوم ولو على رواية واحدة على الأقل صحت في هذا الباب دون أن يَروِي رواتُها المناكيرَ في مواضع أخرى، أو في غير هذا الباب؛ كفضائل يوم الغدير والذي ذكرنا بعضاً منها في مقدمة هذا الاستدلال، وأعرضنا عن بيان تهافت أسانيدها لفسادها البين؟
أو هل يدلنا القوم على رواية مسندة معتبرة لتلك التهويلات المصطنعة والتكلف الواضح كما في بعض الروايات التي وضعوها؛ لتناسب مزاعمهم في شأن القصة من رد من تقدم من القوم وحبس من تأخر، وأنه كان يوماً هاجراً يضع الرجل بعض ردائه على رأسه وبعضه تحت قدميه من شدة الرمضاء.. إلى آخر ما نسجته خيالاتهم، وأن حسان بن ثابت أنشد في ذلك أبياتاً معروفة.. وغيرها من مسائل أوهموا الخلق، أو هكذا ظنوا أنها من المسلمات عند جميع المسلمين بتفاصيلها المزعومة عند القوم، وأن كتب أهل السنة طافحة بذكرها، دون بيان الفرق بين الإيعاز والتخريج كما ذكرنا، ودون بيان أن ما أورده أهل السنة إنما كان على سبيل ذكر كل ما له صلة بالباب الذي يصنفون فيه، وليس بالضرورة اعتقادهم بصحة ما أوردوه فيه، وهذا هو علة إيراد مؤرخي ومحدثي المسلمين قاطبة من شيعة وسنة للروايات بأسانيدها، عملاً بمبدأ أن من أسند فقد برئت ذمته، وإنما على المحقق أن يتبين صحة تلك المرويات بعد دراسة أسانيدها، حتى قيل في ذلك ما أوردناه في مقدمة هذا الباب.
وليت الأميني الذي سَود أو سُود له كل هذه الصفحات من غديره، بيَّن لنا أهمية ذكر الأسانيد التي تشغل عادة لو جمعت مجلداً أو أكثر من أصل مجموع المصنف ذاته.
وليته أخبرنا عن كل تلك المصنفات التي وضعها أضرابه في علم الرجال، حتى جمعها آقابزرك الطهراني فبلغت المئات([121])، لماذا وضعت لو كانت المسألة بِبَساطةِ نَقلِ الأميني وأمثاله للروايات دون بيان صحتها إلا فيما
يتعارض مع معتقدهم؟ فتجده وأمثاله ينقلون ما يؤيد معتقدهم بلا زمام ولا خطام من دون بيان صحة أو إثبات، فإذا عارض معتقدهم فهنا تأتي محاولة التمحيص والتنقيب، وهل حملهم على كل ذلك إلا الهوى المحض لا طلب الحق! فالله المستعان.
وعلى أي حال، فقد أوقفناك على حال روايات القوم فيما زعموه، ورأيت أنه لم يصح منها شيء من طرقهم فكيف بطرق مخالفيهم!
وبينا أن الصحيح الذي ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في حق علي رضي الله عنه قولـه: (من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه) وغيره من ألفاظ قريبة كما ذكرنا يشد بعضها بعضاً.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عابر سبيل
عابر سبيل


♣♣♣« المدير العام »♣♣♣

معلومات اضافيه للعضو
♣♣ الجنس» ♣♣ الجنس» : ذكر
♣♣ مشَارَڪاتْي » ♣♣ مشَارَڪاتْي » : 33128
♣ ♣ نقاط» ♣ ♣ نقاط» : 98890
♣ ♣ العـمْرّ» ♣ ♣ العـمْرّ» : 39

بحوث ودراسات في حديث غدير خم .. Empty
https://alforqan.ahlamontada.com

بحوث ودراسات في حديث غدير خم .. Empty
مُساهمةموضوع: رد: بحوث ودراسات في حديث غدير خم ..   بحوث ودراسات في حديث غدير خم .. Emptyالسبت 18 أكتوبر 2014 - 21:27

الرد على الاستدلال بما صح من الروايات
إذا عرفت هذا فيكون الكلام فيما صح من أمر الغدير وبيان وجه الاستدلال به، ولكن قبل هذا لا أرى بأساً من تعليق بسيط فيما يتعلق بشأن زعم نزول الآيتين الكريمتين: [التبليغ، وإكمال الدين] في قصة الغدير.
فأقول: إن القوم أثبتوا في كتبهم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتحارسه أصحابه، فأنزل الله: ((يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ)) [المائدة:67]، فترك الحرس حين أخبره تعالى أنه يعصمه من الناس لقولـه: ((وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنْ النَّاسِ)) [المائدة:67].
وفي رواية: قال لحراس من أصحابه كانوا يحرسونه -منهم: سعد، وحذيفة-: الحقوا بملاحقكم، فإن الله سبحانه عصمني من الناس([122]).. وغيرها.
وهذا تماماً ما أثبته أهل السنة في كتبهم من طرق صحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم، أضف إلى ذلك أن سورة المائدة -التي منها هاتان الآيتان- قد نزلت بالمدينة، إلا آية إكمال الدين، وقد أثبت القوم ذلك في تفاسيرهم([123])، وهو الصحيح، وآية إكمال الدين هذه نزلت يوم عرفات، كما ثبت بالنقل الصحيح، وقد سلَّم القوم بذلك([124]).
فتبين عندك أنه لم ينزل يوم الغدير الذي هو يوم الثامن عشر من ذي الحجة شيء من القرآن، وحسب هذا الاستدلال كل هذا الاضطراب.
وهذا أيضاً يجرنا إلى القول بأن ما أنزل الله بشأنه آية إكمال الدين يوم عرفة إنما كان ركن الحج الذي هو آخر أركان الدين.
نعم، نزلت بعض مسائل الحلال والحرام بعدها، وإنما القول هنا بإكمال أركان الإسلام، وهذا يعني أن الغدير وما كان فيه لم يكن من أركان الإسلام، هذا إن كان فيه أصلاً ما يفيد ذلك، وستقف على خلافه.
وكان للقوم في هذا الإشكال -أعني: أن أركان الإسلام اكتملت بركن الحج ونزول آية الإكمال، وهي تفيد الحصر الزمني بذلك اليوم والإكمال بصيغة وقوع الفعل لقولـه: ((الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ)) [المائدة:3] أي: أن يوم إكمال الدين إنما كان يوم عرفة، وهو اليوم التاسع من ذي الحجة، وليس يوم الغدير الذي كان في اليوم الثامن عشر منه.
أقول: وقد كان للقوم في هذا الإشكال اضطرابٌ بيِّنٌ وتكلف واضح في رده:
فمن ذلك: قول أحدهم: إنه من الجائز أن ينزل الله سبحانه معظم السورة وفيه قولـه: ((الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ)) [المائدة:3]، وينزل معه أمر الولاية كل ذلك يوم عرفة، فأخر النبي صلى الله عليه وسلم بيان الولاية إلى غدير خم، وقد كان تلا آيتها يوم عرفة([125]).
وقبله نسبوا إلى الباقر أنه قال في حديث طويل عما فرض الله عز وجل على العباد، ثم نزلت الولاية، وإنما أتاه ذلك في يوم الجمعة بعرفة، أنزل الله عز وجل: ((الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ)) [المائدة:3] وكان كمال الدين بولاية علي بن أبي طالب... الرواية([126]).
فأنت ترى هنا تصريحاً بنزولها يوم عرفة، أي: يوم التاسع من ذي الحجة، فكيف يزعم القوم أنها نزلت يوم الثامن عشر منه، أي: يوم الغدير، وقد رد البعض على هذه الرواية بأن عرفة يحتمل أن تكون هنا بالضم، وهي اسم لثلاثة عشر موضعاً، فلا يبعد أن يكون أحدها قريباً من غدير خم([127])، والقوم معذورون، إذ قد اضطربوا بهذه الروايات.
ثم لا أدري كيف يمكن تلاوة آية تفيد وقوع الإكمال للدين، وفي يوم محدد وهو يوم عرفة في هذا الحشد الهائل ممن كان معه صلى الله عليه وسلم والذي بلغ في رواية تسعين ألفاً.
وفي أخرى: مائة ألف وأربعة عشر ألفاً.
وأخرى: مائة ألف وعشرون ألفاً.
وأخرى: مائة ألف وأربعة وعشرون ألفاً، وقيل غير ذلك([128]).
وبعد بيان مناسك الحج الذي هو آخر الأركان، وذكرِ القواعد العامة للإسلام كما جاء في خطبة الوداع باتفاق المسلمين، وقولـه صلى الله عليه وسلم: ألا هل بلغت؟ ألا هل بلغت؟ فقال من حضر: نعم، فقال: اللهم اشهد، وأمر بتبليغ الحاضر للغائب، ويكون مما أمر بتبليغه حصل ذلك اليوم.
لا أدري كيف يكون هذا؟ ثم يأتي قائل فيقول: إن أمر الولاية نزل يوم عرفة، فأخر النبي صلى الله عليه وسلم بيان ذلك حتى بلغ غدير خم الذي يقع على بعد عشرة فراسخ من المدينة، وعلى أربعة أميال من الجحفة، حيث إن كثيراً من الذين حجوا معه أو أكثرهم لم يكونوا معه يوم الغدير، بل بقي أهل مكة في موطنهم، ورجع أهل الطائف وأهل اليمن وأهل البوادي القريبة من ذاك إلى مواطنهم، وإنما رجع معه أهل المدينة ومن كان قريباً منها، حيث لم يبق معه يوم الغدير -حسب روايات القوم- سوى اثني عشر ألف رجل، أو عشرة آلاف رجل كما في أخرى، أو ألف وثلاثمائة رجل كما في رواية الباقر([129])، من أصل المائة ألف وأربعة وعشرين ألفاً الذين كانوا معه يوم عرفة، كما مرَّ بك.
فدل ذلك على أن ما جرى يوم الغدير لم يكن مما أمر بتبليغه كالذي بلغه صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع، والذي لم يصح فيه ذكر لعلي رضي الله عنه، وأن قولـه صلى الله عليه وسلم: هل بلغت؟ دليل على أن الله عز وجل ضمن له العصمة من الناس إذا بلغ الرسالة، مما يدل على أن نزول آية التبليغ سابقة ليوم عرفة فضلاً عن يوم الغدير، حيث لم يكن خائفاً من أحد يحتاج أن يعتصم منه، بل كل من كان معه مسلمون منقادون له، ليس فيهم كافر، والمنافقون مقموعون مسرون للنفاق ليس فيهم من يحاربه ولا من يخاف الرسول صلى الله عليه وسلم منه، كما قيل في ذلك.
ومن الطرائف: أن القوم ملئُوا كتبهم من حماس النبي صلى الله عليه وسلم في تبليغ ولاية علي رضي الله عنه إلى قومه قبل ذلك بكثير، خلافاً لمشيئة الله عز وجل كما تروي رواياتهم، وهو الأمر الذي نراه قد انقلب تماماً هنا، فمن هذه الروايات:
ما نسبوه إلى الباقر أنه قال في قولـه تعالى: ((وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً)) [الإسراء:110] قال: لا تجهر بولاية علي فهو الصلاة، ولا بما أكرمتك به حتى آمرك، فأما قوله: ((وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً)) [الإسراء:110] يقول: تسألني أن آذن لك أن تجهر بأمر علي بولايته، فأذن له بإظهار ذلك يوم غدير خم، فهو قولـه يومئذٍ: اللهم من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه([130]).
فأنت ترى أنه صلى الله عليه وسلم بزعم القوم أراد إبلاغ ولاية علي بن أبي طالب رضي الله عنه قبل الغدير بأكثر من عشر سنوات، إذا علمنا أن سورة الإسراء التي منها هذه الآية من السور المكية.
بل نراه يوم عرفة غير هائب لقومه في بيان فضائل علي على الملأ، كما يروي القوم أنه صلى الله عليه وسلم قال: إني رسول الله إليكم غير هائب لقومي ولا محاب لقرابتي، هذا جبرئيل يخبرني أن السعيد كل السعيد حق السعيد من أحب علياً في حياتي وبعد موتي([131]).
ثم يقولون بتردده حتى يوم الغدير، والغريب أن القوم وهم يقولون بعصمة النبي صلى الله عليه وسلم والأئمة بالصورة التي ذكرناها لك عند الكلام في آية التطهير، وبالرغم من استماتتهم في رد كل ما ينافي تلك العصمة، نراهم هنا يستميتون في بيان خلاف ذلك، لأنهم يرون أن في ذلك خدمة لمعتقدهم.
فلم نر أحداً منهم رد على هذا الأمر الذي فيه خلاف النبي صلى الله عليه وسلم في تبليغ أمرٍ من أمور الشرع، حتى بدأ الناس ينفضون من حوله ويعودون إلى أوطانهم، حتى لم يبق معه سوى القليل، وكان جبرئيل عليه السلام ينزل المرة تلو الأخرى بالأمر بتبليغ رسالة ربه، والنبي صلى الله عليه وسلميتردد، حتى استوجب غضب الله عز وجل وتهديده، حتى قال هو صلى الله عليه وسلم كما مرَّ بك بزعم القوم: تهديد بعد وعيد، لأمضين أمر الله عز وجل، فإن يتهموني ويكذبوني فهو أهون علي من أن يعاقبني العقوبة الموجبة في الدنيا والآخرة.
فلم نجد أحداً منهم رد هذا الخلاف البين المنافي للعصمة بل نرى العكس، فقد وضعوا في إثبات ذلك روايات عدة، منها ما هو في غير هذه المناسبة، بل إن ذلك كان منه صلى الله عليه وسلم بزعمهم منذ بدء الدعوة، فمن هذه الروايات:
عن علي رضي الله عنه قال: لما نزلت هذه الآية على رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ)) [الشعراء:214] دعاني رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال لي: ياعلي، إن الله أمرني أن أنذر عشيرتي الأقربين، قال: فضقت بذلك ذرعاً وعرفت أني متى أناديهم بهذا الأمر أرى منهم ما أكره، فَصَمتُّ على ذلك وجاءني جبرئيل عليه السلام، فقال: يا محمد، إنك إن لم تفعل ما أمرت به عذبك ربك عز وجل... الرواية([132]).
وعن جابر الجعفي قال: قرأت عند أبي جعفر قول الله تعالى: ((لَيْسَ لَكَ مِنْ الأَمْرِ شَيْءٌ)) [آل عمران:128] قال: بلى والله، إن له من الأمر شيئاً وشيئاً وشيئاً، وليس حيث ذهبت، ولكني أخبرك، ثم ذكر أن الله عز وجل أمر رسوله صلى الله عليه وسلم بإظهار ولاية علي رضي الله عنه، ففكر في عداوة قومه له ومعرفته بهم.. إلى أن قال: ضاق عن ذلك صدره، فأخبر الله أنه ليس له من هذا الأمر شيء([133]).
ومنها: أن جبرئيل عليه السلام نزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم بولاية علي، فقال: يا جبرئيل، أخاف مِنْ تشتت قلوب القوم -وفي رواية: وبكى- فقال له جبرئيل عليه السلام: مالك يا محمد أجزعت من أمر الله؟ فقال: كلا يا جبرئيل، ولكن قد علم ربي ما لقيت من قريش إذ لم يقروا لي بالرسالة حتى أمرني بجهادي، وأهبط إلي جنوداً من السماء فنصروني، فكيف يقروا لعلي من بعدي؟ فانصرف عنه جبرئيل، ثم نزل عليه: ((فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَضَائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ)) [هود:12] ([134]).
وفي أخرى متصلة بالغدير: عن الباقر قال: فلم يبلغ ذلك وخاف الناس.
وفي أخرى: وامتنع رسول الله من القيام بها لمكان الناس([135]).
بل وجعلوا ذلك في أدعية يوم الغدير، حيث ذكروا في ذلك عن الصادق في دعاءٍ طويل فيه: أمرته أن يبلغ عنك ما أنزلت إليه من موالاة ولي المؤمنين وحذرته وأنذرته إن لم يبلغ أن تسخط عليه([136]).. وهكذا.
بل وذكروا أن حفيد إبليس كان أحرص على ذلك من النبي صلى الله عليه وسلم، حيث رووا أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم فسلم عليه، وقال: من تكون؟ فقال: أنا الهام بن الهيم بن لاقيس بن إبليس، فقال صلى الله عليه وسلم: بينك وبين إبليس أبوان؟ قال: نعم يا رسول الله، فذكر حديثاً طويلاً فيه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سأل الهام حاجته؟ فقال: حاجتي أن تأمر أمتك أن لا يخالفوا أمر الوصي([137])، وغيرها.
فكيف يقرون بصدور كل هذا منه صلى الله عليه وسلم من تردد وخشية الناس، وهو الذي نزل عليه قولـه تعالى: ((وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ)) [الأحزاب:37] في مسألة من المباحات، بينما نجده هنا في مسألة من أعظم أركان الدين بزعم القوم.
ومن الطرائف: أن من قال من المسلمين بجواز الخطأ على الأنبياء إنما قال ذلك في الجانب البشري لا التشريعي، أو فيما يبلغه صلى الله عليه وسلم عن ربه، خلافاً لمعتقد القوم في العصمة من أن الأنبياء والأئمة معصومون مطهرون من كل دنس، وأنهم لا يذنبون ذنباً صغيراً ولا كبيراً ولا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون، ومن نفى عنهم العصمة في شيء من أحوالهم فقد جهلهم، وأن ذلك يكون قبل النبوة والإمامة وبعدها، بل من وقت ولادتهم إلى أن يلقوا الله سبحانه، فلا يقع منهم ذنب أصلاً لا عمداً ولا نسياناً ولا خطأ في التأويل ولا إسهاءً من الله سبحانه... إلى آخر ما قالوه في هذا الشأن، وقد مرَّ بك، ولكن تراهم هنا قد تغاضوا عن كل ما بنوه وأسسوه، وجوزوا ذلك عليه، وهذا في الجانب التبليغي، وهذا من عجائب التناقضات عند القوم وما أكثرها!
نعود إلى الكلام أيضاً في شأن هذه الآية -أعني: آية التبليغ- فالاستدلال هنا كما ترى وكما ذكرنا إنما هو بالقرآن، والآية عامة في كل ما نزل، وليس فيها ذكر لشيء معين، وما ذهب إليه القوم هو الاستدلال بالخبر لا بالقرآن لخلوه من ذكر علي رضي الله عنه.
وعندما تفطن بعضهم إلى هذا -مع يقينهم بعدم صحة كل ما أوردوه في إثبات نزول الآية في هذا المقام كما مر بك- ذهب إلى القول بأن اسم علي رضي الله عنه كان من ضمن ألفاظ الآية إلا أنه حذف.
ومن ذلك: قول القمي صاحب التفسير في مقدمته: وأما ما هو محرف، فمنه قولـه: [يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك في علي وإن لم تفعل فما بلغت رسالته]([138]).
ومنها: ما رووه عن زر، عن أبي عبدالله قال: كنا نقرأ على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا أيها الرسول بلع ما أنزل إليك من ربك أن علياً مولى المؤمنين، فإن لم تفعل فما بلغت رسالته، والله يعصمك من الناس([139]).
ومنها: عن عيسى بن عبدالله، عن أبيه، عن جده في قولـه: يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك في علي، وإن لم تفعل عذبتك عذاباً أليما، فطرح عدوي -أي: عمر- اسم علي([140]). وغيرها([141]).
فليس هناك أدل من هذا على تهافت هذا الاستدلال.
إلى هنا تبين لنا بالدلائل القاطعة فساد كل ما قيل في شأن الغدير من نزول آيات من القرآن، ومن تردد النبي صلى الله عليه وسلم في تبليغ ما أمر به، ومن كون ذلك منذ يوم عرفة، ومن روايات مصطنعة بتكلف بَيّن، مثل رَدِّ مَنْ تقدم من القوم وحبس من تأخر، وأنه كان يوماً هاجراً يضع الرجل بعض ردائه على رأسه وبعضه تحت قدميه من شدة الرمضاء.. إلى آخر ما وضعوه في ذلك، حتى خلصنا إلى بيان أن ما كان من شأن غدير خم ليس سوى قولـه صلى الله عليه وسلم: (من كنت مولاه، فعلي مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه) ولكن ما الذي استوجب قولـه صلى الله عليه وسلم لهذا في حق علي رضي الله عنه؟
لا جدال في أن علياً رضي الله عنه كان في اليمن عند خروج الرسول صلى الله عليه وسلم إلى حجة الوداع، وأنه رضي الله عنه لحق به وحج معه([142])، وهناك في اليمن حصلت أمور بينه وبين أصحابه توضحها روايات عدة:
منها: ما رواه عمرو بن شاس الأسلمي: أنه كان مع علي بن أبي طالب في اليمن، فجفاه بعض الجفاة فوجد عليه في نفسه، فلما قدم المدينة اشتكاه عند من لقيه، فأقبل يوماً ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس في المسجد، فنظر إليه حتى جلس إليه، فقال: يا عمرو بن شاس، لقد آذيتني، فقلت: إنا لله وإنا إليه راجعون، أعوذ بالله وبالإسلام أن أؤذي رسول الله، فقال: من آذى علياً فقد آذاني([143]).
وعن الباقر قال: بعث النبي صلى الله عليه وسلم علياً إلى اليمن، فذكر قضاءه في مسألة فيها أن علياً رضي الله عنه قد أبطل دم رجل مقتول، فجاء أولياؤه من اليمن إلى النبي يشكون علياً فيما حكم عليهم، فقالوا: إن علياً ظلمنا وأبطل دم صاحبنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن علياً ليس بظلام([144]).
وفي رواية: أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أراد التوجه إلى الحج كاتب علياً رضي الله عنه بالتوجه إلى الحج من اليمن، فخرج بمن معه من العسكر الذي صحبه إلى اليمن ومعه الحلل التي كان أخذها من أهل نجران، فلما قارب مكة خلف على الجيش رجلاً، فأدرك هو رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم أمره بالعودة إلى جيشه، فلما لقيهم وجدهم قد لبسوا الحلل التي كانت معهم، فأنكر ذلك عليهم، وانتزعها منهم، فاضطغنوا لذلك عليه، فلما دخلوا مكة كثرت شكايتهم من أمير المؤمنين رضي الله عنه، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم مناديه فنادى في الناس: ارفعوا ألسنتكم عن علي بن أبي طالب؛ فإنه خشن في ذات الله عز وجل، غير مداهن في دينه([145]).
وعن عمران بن حصين رضي الله عنه قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم جيشاً واستعمل عليهم علي بن أبي طالب رضي الله عنه، فمشى في السرية وأصاب جارية، فأنكروا ذلك عليه، وتعاقد أربعة من أصحاب رسول الله، فقالوا: إذا لقينا رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبرناه بما صنع علي.. فذكر شكوى الأربعة وإعراض رسول الله صلى الله عليه وسلم عنهم، وقولـه: (من كنت مولاه فعلي مولاه) ([146]).
وهكذا بدأت تتضح الصورة.
وعن بريدة رضي الله عنه قال: بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في سرية، فلما قدمنا قال: كيف رأيتم صحابة صاحبكم؟ قال: فإما شكوته أو شكاه غيري، قال: فرفعت رأسي وكنت رجلاً مكباباً، قال: فإذا النبي قد احمر وجهه وهو يقول: من كنت وليه فعلي وليه([147]).
وفي رواية عنه أيضاً رضي الله عنه قال: غزوت مع علي اليمن، فرأيت منه جفوة، فلما قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم تنقصته، فرأيت وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم يتغير، فقال: يا بريدة، ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قلت: بلى يا رسول الله، قال صلى الله عليه وسلم: فمن كنت مولاه فعلي مولاه([148]).
وفي أخرى: أن رجلاً كان باليمن فجفاه علي بن أبي طالب، فقال: لأشكونك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأله عن علي فشنا عليه، فقال: أنشدك بالله الذي أنزل علي الكتاب واختصني بالرسالة عن سخط تقول، ما تقول في علي بن أبي طالب؟ قال: نعم يا رسول الله، قال: ألا تعلم أني أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قال: بلى، قال: فمن كنت مولاه فعلي مولاه([149]).
فدلت هذه الروايات على أن سبب قولـه صلى الله عليه وسلم لذلك إنما كان بسبب ما ذكرناه من شكوى الناس منه رضي الله عنه، وأنه ليس المراد به الدلالة على الوصاية إليه لجعله على سبب، وبعد تفرق الحجيج وانصراف كل أهل ناحية إلى ناحيتهم.
والغريب أن كتب القوم تذكر أن قولـه صلى الله عليه وسلم في حق علي رضي الله عنه: من كنت مولاه فعلي مولاه، قد كان تكرر منه قبل الغدير بسنين عديدة، مما يدل على أنه ليس فيما كان في يوم الغدير خاصية مختلفة لقولـه هذا عن ذي قبل سوى أن قولـه يوم ذاك كان في محضر الكثير من أصحابه الذين خرجوا معه للحج، ومن تكرار شكوى الناس منه في اليمن، فتوهم من توهم أن قولـه ذلك إنما كان لبيان إمامته، وأضافوا من عند أنفسهم ما يؤيد هذا الزعم؛ من نزول آيات التهديد والوعيد للنبي صلى الله عليه وسلم إن لم يبلغ ذلك الزعم... إلى آخر ما مر بك.
وكما ذكرنا أن ذلك كان منه قبل الغدير، فقد ذكر القوم الكثير من الروايات في ذلك:
منها: ما كان يوم المؤاخاة الذي ذكرناه، حيث آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بين المهاجرين والأنصار وترك علياً فبكى فذهب إلى بيته، فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم بلالاً رضي الله عنه في طلبه، فقال: يا علي، أجب النبي، فأتى علي النبي، فقال النبي: ما يبكيك يا أبا الحسن؟ فقال: آخيت بين المهاجرين والأنصار يا رسول الله وأنا واقف تراني وتعرف مكاني ولم تؤاخ بيني وبين أحد، قال: إنما ذخرتك لنفسي، ألا يسرك أن تكون أخا نبيك؟ قال: بلى يا رسول الله، أنَّى لي بذلك؟ فأخد بيده فأرقاه المنبر، فقال: اللهم إن هذا مني وأنا منه، ألا إنه مني بمنزلة هارون من موسى، ألا من كنت مولاه فهذا علي مولاه([150]).
والمؤاخاة كانت في بداية الهجرة.
ومنها: ما كان يوم التصدق بالخاتم بزعمهم، فعن زيد بن الحسن، عن جده رضي الله عنه قال: سمعت عمار بن ياسر رضي الله عنه يقول: وقف لعلي بن أبي طالب سائل وهو راكع في صلاة تطوع، فنزع خاتمه فأعطاه السائل، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعلمه ذلك، فنزل على النبي صلى الله عليه وسلم هذه الآية: ((إِنَّمَا وَلِيُّكُمْ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ)) [المائدة:55]، فقرأها رسول الله صلى الله عليه وسلم علينا، ثم قال: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه([151]).
ومنها: ما جاء في حديث الطير وقول الرسول صلى الله عليه وسلم: اللهم ائتني بأحب خلقك إليك، فجاء علي، فقال: اللهم وال من والاه وعاد من عاداه([152]). وغيرها.
فهذه مواطن قال فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم: من كنت مولاه فهذا علي مولاه، وهي مقولة الغدير تماماً، فما الذي استوجب كل ما ذكره القوم في حادثة الغدير من قصص وحكايات، وتهديد ونزول آيات، ما داموا يقرون أنه لم يكن منه غير هذه المقولة، وقد وردت عنه صلى الله عليه وسلممنذ سنين عدة كما رأيت.
فإن كان في هذا دلالة على الإمامة فقد ذكرها قبل الغدير، وإن لم يكن فقد أسقط في يد القوم.
وهذا تماماً كقولنا الذي كررناه، وهو إن كان ما نحن فيه من استدلال هو دليل النص على الإمامة، فقد أبطلوا النصوص السابقة منذ بدء العشيرة، مروراً بحادثة ((وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى)) [النجم:1]، والتصدق بالخاتم، ناهيك عما أوردناه في مقدمة الباب الأول([153])، وإن كان العكس فأي جديد في الغدير؟!
ويذكرني هذا بقول الصدوق في حديث الغدير: ونظرنا فيما يجمع له النبي صلى الله عليه وسلم الناس ويخطب به ويعظم الشأن فيه، فإذا هو شيء لا يجوز أن يكونوا علموه فكرره عليهم، ولا شيء لا يفيدهم بالقول فيه معنى، لأن ذلك صفة العابث، والعبث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم منفي([154]).
فهذا اعتراف من صدوق القوم أن كل ما مر بك من أول الكتاب إلى الاستدلال السابق ليس فيه ما يفيد النص على الإمامة لعلي رضي الله عنه؛ لأنه بزعمه لا يجوز أن يكون شيئاً علموه فكرره عليهم.
وبعيداً عن كل ما ذكرناه، لنتكلم الآن في دلالة ما صح من حديث غدير خم وهو قولـه صلى الله عليه وسلم: (من كنت مولاه فهذا علي مولاه)، حيث إن هذا الجزء يكاد يتفق عليه جميع المسلمين، وهو صحيح كما ذكرنا في مقدمة هذا الاستدلال.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عابر سبيل
عابر سبيل


♣♣♣« المدير العام »♣♣♣

معلومات اضافيه للعضو
♣♣ الجنس» ♣♣ الجنس» : ذكر
♣♣ مشَارَڪاتْي » ♣♣ مشَارَڪاتْي » : 33128
♣ ♣ نقاط» ♣ ♣ نقاط» : 98890
♣ ♣ العـمْرّ» ♣ ♣ العـمْرّ» : 39

بحوث ودراسات في حديث غدير خم .. Empty
https://alforqan.ahlamontada.com

بحوث ودراسات في حديث غدير خم .. Empty
مُساهمةموضوع: رد: بحوث ودراسات في حديث غدير خم ..   بحوث ودراسات في حديث غدير خم .. Emptyالسبت 18 أكتوبر 2014 - 21:28


فنقول: ورد ذكر الموالاة ومشتقاتها في القرآن الكريم في عشرات المواضع منها: ((إِنَّمَا وَلِيُّكُمْ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ)) [المائدة:55].
وقولـه: ((وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ)) [التوبة:71].
وقوله: ((وَإِنَّ الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ)) [الجاثية:19].
وقوله: ((ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لا مَوْلَى لَهُمْ)) [محمد:11].
وقوله: ((اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنْ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمْ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنْ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ)) [البقرة:257].
وقولـه: ((وَالظَّالِمُونَ مَا لَهُمْ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ * أَمْ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ فَاللَّهُ هُوَ الْوَلِيُّ وَهُوَ يُحْيِ المَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)) [الشورى:8-9].
وقوله: ((إِنَّ وَلِيِّي اللَّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ)) [الأعراف:196].
وقوله: ((لا يَتَّخِذْ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ)) [آل عمران:28].
وقوله: ((الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ)) [النساء:139].
وقوله: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ)) [النساء:144].
وقوله: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ)) [المائدة:51].
وقوله: ((إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ)) [الأعراف:27].
وقوله: ((إِنَّهُمْ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ اللَّهِ)) [الأعراف:30].
وقوله: ((إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوا وَنَصَرُوا أُوْلَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجَرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا)) [الأنفال:72].
وقولـه: ((وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ)) [الأنفال:73].
وقولـه: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا آبَاءَكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاءَ إِنْ اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلَى الإِيمَانِ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الظَّالِمُونَ)) [التوبة:23].
وقولـه: ((وَإِنَّ الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ)) [الجاثية:19].
وقوله: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ)) [الممتحنة:1]
وقولـه: ((النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ وَأُوْلُو الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ)) [الأحزاب:6].
وقولـه: ((وَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَوْلاكُمْ نِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ)) [الأنفال:40].
وقولـه: ((مَأْوَاكُمْ النَّارُ هِيَ مَوْلاكُمْ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ)) [الحديد:15].
وقولـه: ((إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ)) [التحريم:4].
فهذه الأمثلة من الآيات، وكذلك ما ورد في السنة الشريفة من الأحاديث وكذلك الآثار، تدل على أن معنى الموالاة تحمل على وجوه عدة ومعانٍ مشتركة قد تبلغ الثلاثين، ولا أرى بأساً من إيرادها، وهي: الرب، العم، ابن العم، الابن، ابن الأخت، المعتِق [بالكسر]، المعتَق [بالفتح]، العبد، المالك، التابع، المنعم عليه، الشريك، الحليف، الصاحب، الجار، النزيل، الصهر، القريب، المنعم، الفقيد، الولي، الأولى بالشيء، السيد غير المالك والمعتق، المحب، الناصر، المتصرف في الأمر، المتولي في الأمر([155])، وغيرها.
ولا شك أن الكثير من هذه الألفاظ لا تنطبق على حديثنا، ولكن أقربها إلى مدلوله هي لفظة [الموالاة] التي هي ضد المعاداة والمحاربة والمخادعة، وليست الإمارة والخلافة، لذا لم يقل صلى الله عليه وسلم: من كنت واليه فعلي واليه أو قريباً من هذا.
وسنأتي على ذكر الكثير من الأحاديث التي وضعها القوم بهذه الألفاظ الواضحة، إقراراً منهم بعدم صراحة لفظ الموالاة في حديثنا هذا المستوجب للخلافة العامة، وإنما اللفظ الوارد: من كنت مولاه فعلي مولاه.
وأما كون المولى بمعنى الوالي فهذا باطل، فإن الولاية تثبت من الطرفين؛ فإن المؤمنين أولياء الله وهو مولاهم، وفي الحديث دليل صريح على اجتماع الولايتين في زمان واحد، إذ لم يقع التقييد بلفظ [بعدي]، بل يدل سياق الكلام على التسوية بين الولايتين في جميع الأوقات من جميع الوجوه كما هو الأظهر، وشركة علي رضي الله عنه للنبي صلى الله عليه وسلم في التصرف في عهده ممتنعة، فهذا أدل دليل على أن المراد وجوب محبته، إذ لا محذور في اجتماع محبتين، بل إحداهما مستلزمة للأخرى، سواء في حياتهما أو بعد وفاتهما صلوات الله عليهما، أما اجتماع التصرفين ففيه محذورات كثيرة كما لا يخفى.
وهذا يذكرنا بما أوردنا من ردود عند الكلام في استدلال التصدق بالخاتم، حيث ذكرنا هناك أن إمامته رضي الله عنه غير مرادة في زمان الخطاب، لأن ذلك عهد النبوة، والإمامة نيابة فلا تتصور إلا بعد انتقال النبي صلى الله عليه وسلم، وإذا لم يكن زمان الخطاب مراداً، تعين أن يكون المراد الزمان المتأخر عن زمن الانتقال ولا حد للتأخير، فليكن ذلك بالنسبة إلى علي بعد مضي زمان أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم أجمعين، وبهذا يتحقق الوفاق بين الفريقين.
نعم، لا يخلو تخصيص علي رضي الله عنه بالذكر بهذه الموالاة التي هي ضد المعاداة من علة، وقد بينا أن ذلك بسبب ما ذكرناه من شكوى الناس، ومن علمه صلى الله عليه وسلم بالوحي من وقوع الفساد والبغي في زمن خلافته، وإنكار بعض الناس لإمامته بل ومحاربته، حتى احتج هو رضي الله عنه بحديث الغدير لإلزامهم بموالاته ومناصرته.
وهذا موافق تماماً لقول العسكري لما سأله الحسن بن طريف: ما معنى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم لأمير المؤمنين: من كنت مولاه فعلي مولاه؟ قال: أراد بذلك أن جعله علماً يعرف به حزب الله عند الفرقة([156]).
وهذا الحسين رضي الله عنه يقول لجيش الشام: أتعلمون أن علياً ولي كل مؤمن ومؤمنة؟ قالوا: نعم([157]).
فهل فهموا من ذلك ما فهمه القوم، حتى بايعوا غيره، وقاتلوا ابنه رضي الله عنهما؟! وهكذا..
فأنت ترى أن القوم قد أوردوا في مصنفاتهم ما يفيد عدم فهم الناس لحديث غدير خم على أنها الخلافة العامة للمؤمنين كما يدعون، وإليك المزيد من هذه الروايات:
عن أبي إسحاق قال: قلت لعلي بن الحسين: ما معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم: من كنت مولاه فعلي مولاه... الرواية([158])؟
وعن أبان بن تغلب قال: سألت أبا جعفر محمد بن علي عن قول النبي صلى الله عليه وسلم: من كنت مولاه فعلي مولاه؟ فقال: يا أبا سعيد، تسأل عن مثل هذا؟([159])
وعن أبي التيهان قال: أنا أشهد على النبي أنه أقام علياً، فقالت الأنصار: ما أقامه إلا للخلافة، وقال بعضهم: ما أقامه إلا ليعلم الناس أنه ولي من كان رسول الله مولاه([160]).
ويؤكد هذا رواية الصادق، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أنا أولى بكل مؤمن من نفسه، وعلي أولى به من بعدي، فقيل لي: ما معنى ذلك؟ قال: قول النبي صلى الله عليه وسلم: من ترك ديناً أو ضياعاً فَعَلَيَّ، وَمَن ترك مالاً فلورثته([161]).
فانظر هنا.. فرغم صراحة اللفظ إلا أنه لم يحمل على الخلافة العامة.. فتأمل!
وعن الصادق أيضاً قال: لما أقام رسول الله أمير المؤمنين علي بن أبي طالب يوم غدير خم، أنزل الله تعالى على لسان جبرئيل، فقال له: يا محمد، إني منزل غداً ضحوة نجماً من السماء يغلب ضوؤه على ضوء الشمس، فأعلم أصحابك أنه من سقط ذلك النجم في داره فهو الخليفة من بعدك، فأعلمهم رسول الله، فجلسوا كلهم كل في منزلـه يتوقع أن يسقط النجم في منزلـه، فما لبثوا أن سقط النجم في منزل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وفاطمة([162]).
فكأن واضع هذه الرواية المضحكة يؤكد ما نحن بصدده من عدم فهم من حضر الغدير وقد عرفت عددهم، وعرفت معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم: من كنت مولاه فعلي مولاه، من أنها تعني الخلافة بعده كما يزعم القوم، حتى انتظروا إلى يوم التاسع عشر من ذي الحجة ليروا على دار من سيسقط ذلك النجم، فيكون الخليفة بعد النبي صلى الله عليه وسلم.
والروايات في الباب كثيرة، وكلها تدل على خلاف مفهوم القوم ومقصودهم منها، وإليك المزيد:
عن سالم قال: قيل لعمر: نراك تصنع بعلي شيئاً لا تصنعه بأحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال: إنه مولاي.
وعن الباقر قال: جاء أعرابيان إلى عمر يختصمان، فقال عمر: يا أبا الحسن، اقض بينهما. فقضى على أحدهما، فقال المقضي عليه: يا أمير المؤمنين، هذا يقضي بيننا؟ فوثب إليه عمر فأخذ بتلبيبه ولبّبه، ثم قال: ويحك ما تدري من هذا؟! هذا مولاي ومولى كل مؤمن، ومن لم يكن مولاه فليس بمؤمن([163]).
فاسأل نفسك: هل فهم من وثب إلى الأعرابي أنه وثب على حق من اشتكى منه الأعرابي؟
ولعل أبلغ من هذا كله ذكر ما كان من أهل البيت، وهل أنهم فهموا مما كان من شأن الغدير ما ادعاه القوم لهم؟
ذكر القوم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعلي رضي الله عنه: أما ترضى أن تكون أخي وأكون أخاك وتكون وليي ووصيي ووارثي([164])؟
فهل يعني الرسول صلى الله عليه وسلم أن يقول لعلي رضي الله عنه: وتكون أميراً أو خليفة علي؟
وعن الصادق قال: لما فتح رسول الله مكة قام على الصفا، فقال: يا بني هاشم، يا بني عبدالمطلب، إني رسول الله إليكم، وإني شفيق عليكم، لا تقولوا: إن محمداً منا، فوالله ما أوليائي منكم ولا من غيركم إلا المتقون([165]).
وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: قال الله ليلة الإسراء: اشهدوا يا ملائكتي وسكان سماواتي وأرضي وحملة عرشي أن علياً وليي ووليُّ رسولي ووليُّ المؤمنين بعد رسولي([166]).
وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال لعلي: إنك وليي، ووليي ولي الله، وعدوك عدوي، وعدوي عدو الله.
وفي رواية: ووليك وليي، ووليي ولي الله([167]).
فماذا تفهم من هذه النصوص غير الموالاة التي هي المحبة.
وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: هبط عليّ جبرئيل، وقال: يا محمد، الله يقرئك السلام، ويقول لك: قد فرضت الصلاة ووضعتها عن المعتل والمجنون والصبي، وفرضت الصوم ووضعته عن المسافر، وفرضت الحج ووضعته عن المعتل، وفرضت الزكاة ووضعتها عن المعدم، وفرضت حب علي بن أبي طالب وفرضت محبته على أهل السماء والأرض، فلم أعط أحداً رخصة([168]).
وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم في أهل الكساء: من والاهم فقد والاني، ومن عاداهم فقد عاداني([169]).
وعن رباح بن الحارث قال: جاء رهط إلى أمير المؤمنين، فقالوا: السلام عليك يا مولانا، فقال: كيف أكون مولاكم وأنتم قوم عرب؟ فقالوا: سمعنا رسول الله يقول يوم غدير خم: من كنت مولاه فعلي مولاه، وكان فيهم نفر من الأنصار، منهم: أبو أيوب الأنصاري صاحب رسول الله([170]).
وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال لزيد رضي الله عنه: أنت أخونا ومولانا([171]).
فهذه الروايات التي سردناها سرداً دون تعليق وغيرها كثير، تدل بوضوح على معنى الموالاة، بخلاف ما يدعيه القوم.
ولعل في ذكرنا للرواية الآتية كخاتمة لما أسلفناه أبلغ التدليل على مقصودنا، ففيها غنىً عن كل ما مر.
تقول الرواية: إن هارون الرشيد سأل الكاظم: إنكم تقولون: إن جميع المسلمين عبيدنا وجوارينا، وإنكم تقولون: من يكون لنا عليه حق ولا يوصله إلينا فليس بمسلم. فكان مما رد عليه الكاظم: إن الذين زعموا ذلك فقد كذبوا، ولكن ندعي أن ولاء جميع الخلائق لنا -يعني: ولاء الدين- وهؤلاء الجهال يظنونه ولاء الملك، حملوا دعواهم على ذلك، ونحن ندعي ذلك لقول النبي يوم غدير خم: من كنت مولاه فعلي مولاه، وما كان يطلب بذلك إلا ولاء الدين([172]).
وقد ذكر القوم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعلي: سألت الله عز وجل أن يجعلك ولي كل مؤمن ومؤمنة ففعل([173]).
فتدبر قولـه: [ففعل]. فتحصل لديك من كل ما مر بك الاضطراب الشديد في فهم مقصود الموالاة، مما يتنافى مع القول بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم -وهو يريد بيان أعظم ركن من أركان الإسلام بزعم القوم، وفي هذا الحشد- قد استخدم كلاماً مبهماً لبس على الناس أمرهم، وهو الذي أوتي جوامع الكلم، والقائل: أنا أفصح العرب.
ويبدو أن القوم قد تفطنوا لهذا، أعني: عدم صراحة نص الغدير على مقصود الإمامة والخلافة، فوضعوا عشرات الروايات وكلها تدل دلالة واضحة على المقصود، وكأنهم بذلك أرادوا القول بأن هكذا كان على النبي صلى الله عليه وسلم أن يقول، لا كما قال.
ومن هذه الروايات: زعمهم أنه صلى الله عليه وسلم قال في علي رضي الله عنه: هو إمام المسلمين ومولى المؤمنين وأميرهم بعدي([174]).
وفي رواية: علي إمام كل مؤمن بعدي([175]).
وفي أخرى: أنت الإمام بعدي والأمير([176]).
وفي أخرى: أمير كل مسلم وأمير كل مؤمن بعدي([177]).
إلى غيرها من الألفاظ التي تفيد أنه رضي الله عنه خليفة بعده صلى الله عليه وسلم ([178]).
بل ظنوا أنهم جعلوا رواية الغدير أكثر وضوحاً عندما جعلوها هكذا: من كنت وليه فعلي وليه، ومن كنت إمامه فعلي إمامه، ومن كنت أميره فعلي أميره([179]).
وعن ابن نباتة قال: خرج علينا أمير المؤمنين ذات يوم ويده في يد ولده الحسن، وهو يقول: خرج علينا رسول الله ذات يوم ويدي في يده هكذا، وهو يقول: خير الخلق بعدي وسيدهم أخي هذا، وهو إمام كل مسلم وأمير كل مؤمن بعد وفاتي، ألا وإني أقول: إن خير الخلق بعدي وسيدهم ابني هذا، وهو إمام كل مسلم وأمير كل مؤمن بعد وفاتي([180]).
فانظر وضوح اللفظ في هذا المحضر قليل العدد، وغموضه يوم الغدير رغم العدد الذي حضره، وكذلك جهل الحسن رضي الله عنه والناس بإمامته لولا بيان الأمير رضي الله عنه لذلك.
بيان عدم فهم علي رضي الله عنه من حديث الغدير أن الموالاة فيها تعني الخلافة العامة:
مدح الأمير للشيخين رضي الله عنهم أجمعين:
ثم إن علياً رضي الله عنه لم يفهم من رواية الغدير ولا غير الغدير أن ولايته واجبة وخلافها كفر وبطلان وهو يقول:
أما بعد: فإن الله سبحانه بعث محمداً، فأنقذ به من الضلالة، ونعش به من الهلكة، وجمع به بعد الفرقة، ثم قبضه الله إليه وقد أدى ما عليه، فاستخلف الناس أبا بكر، ثم استخلف أبو بكر عمر، فأحسنا السيرة وعدلا في الأمة، وقد وجدنا عليهما أن توليا الأمر دوننا ونحن آل رسول الله وأحق بالأمر، فغفرنا ذلك لهما([181]).
وفي موطن آخر قال: ثم إن المسلمين من بعده استخلفوا أميرين منهم صالحين أحييا السيرة ولم يعدوا السنة([182]).
وقال فيهما: فتولى أبو بكر تلك الأمور، وسدد وقارب واقتصد، وتولى عمر الأمر، فكان مرضي السيرة، ميمون النقيبة([183]).
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عابر سبيل
عابر سبيل


♣♣♣« المدير العام »♣♣♣

معلومات اضافيه للعضو
♣♣ الجنس» ♣♣ الجنس» : ذكر
♣♣ مشَارَڪاتْي » ♣♣ مشَارَڪاتْي » : 33128
♣ ♣ نقاط» ♣ ♣ نقاط» : 98890
♣ ♣ العـمْرّ» ♣ ♣ العـمْرّ» : 39

بحوث ودراسات في حديث غدير خم .. Empty
https://alforqan.ahlamontada.com

بحوث ودراسات في حديث غدير خم .. Empty
مُساهمةموضوع: رد: بحوث ودراسات في حديث غدير خم ..   بحوث ودراسات في حديث غدير خم .. Emptyالسبت 18 أكتوبر 2014 - 21:29

إقرار الأمير رضي الله عنه بعدم إحداث من سبقوه في الدين:
لم يفهم الأمير رضي الله عنه من رواية الغدير ولا غير الغدير أن ولاية من سبقوه إحداث في الدين، وهو يتذكر قول الرسول صلى الله عليه وسلم وإخباره له بما يلقى بعده، فقال: فعلام أقاتلهم؟ قال: على الإحداث في الدين([184]).
فهل قاتل الأمير أبا بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم أجمعين، أم التزم التقية خوفاً كما يزعم الشيعة، وهو القائل: والله لو تظاهرت العرب على قتالي لما وليت عنها، أم قال عن ولايتهم كما روى القوم: فلم أر بحمد الله إلا خيرا([185])؟
هل فهم رضي الله عنه من رواية الغدير وغير الغدير ما فهمه القوم وهو يقول: اللهم إنك تعلم أنه لم يكن الذي كان منا منافسة في سلطان، ولا التماس شيء من فضول الحطام، ولكن لنرد المعالم من دينك، ونظهر الإصلاح في بلادك، فيأمن المظلومون من عبادك، وتقام المعطلة من حدودك..
إلى أن قال: وقد علمتم أنه لا ينبغي أن يكون الوالي على الفروج والدماء والمغانم والأحكام وإمامة المسلمين البخيل، فتكون في أموالهم نهمته، ولا الجاهل فيضلهم بجهله، ولا الجافي فيقطعهم بجفائه، ولا الحائف للدول فيتخذ قوماً دون قوم، ولا المرتشي في الحكم فيذهب بالحقوق ويقف بها دون المقاطع، ولا المعطل للسنة فيهلك الأمة([186]).
يقول هذا عندما اضطربت الأمور في عهده، ولم يقله في الشيخين أو ذي النورين رضي الله عنهم، إنما قال فيهما ما قال من حسن السيرة، والعدل في الأمة، والخير الذي رآه في ولايتهم.
ويذكرني هذا بروايتهم عن أبي ذر الغفاري رضي الله عنه الذي يروي فيه الرضا، عن آبائه، عن علي رضي الله عنهم، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال فيه: أبوذر صديق هذه الأمة([187])، وهو يقول لعثمان رضي الله عنه: اتبع سنة صاحبيك، لا يكن لأحدٍ عليك كلام([188]).
وفي رواية: ويحك يا عثمان! أما رأيت رسول الله ورأيت أبا بكر وعمر، هل هديك كهديهم؟([189]).
وقول ابن عباس رضي الله عنهما: أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أبرأ من خمسة: من الناكثين وهم أصحاب الجمل، ومن القاسطين وهم أصحاب الشام، ومن الخوارج وهم أهل النهروان، ومن القدرية وهم الذين ضاهوا النصارى في دينهم، فقالوا: لا قدر، ومن المرجئة الذين ضاهوا اليهود في دينهم، فقالوا: الله أعلم([190]).
فهل أمره النبي صلى الله عليه وسلم بالتبري من أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم، وهم الذين اغتصبوا حق الأمير وأتوا بأعظم من أفعال هؤلاء الخمسة الذين أمر بالتبري منهم بزعم القوم.
أبداً: لم يفهم علي رضي الله عنه أن خلافة الشيخين خلاف هدي النبي صلى الله عليه وسلم، أو أن فلاناً دون آخر أحق بالخلافة من غيره.
كراهة الأمير رضي الله عنه للخلافة ورغبته في مبايعة غيره:
لم يفهم رضي الله عنه لا من الغدير ولا غير الغدير أنه أحق بالخلافة، وهو لا يزال يردد القول بكراهيته لها، وهو يعلم يقيناً قول الله تعالى: ((وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمْ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ)) [الأحزاب:36].
وقولـه: ((وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمْ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ)) [القصص:68].
وقولـه: ((وَقَالُوا لَوْلا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنْ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ)) [الزخرف:31].
ألم يعلم رضي الله عنه أن الإمامة كالنبوة لا تكون إلا بالنص من الله عز وجل على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم، وأنها مثلها لطف من الله عز وجل، ولا يجوز أن يخلو عصر من العصور من إمام مفروض الطاعة منصوب من الله تعالى، وليس للبشر حق اختيار الإمام وتعيينه، بل وليس للإمام نفسه حق تعيين من يأتي من بعده، وأن الإمامة عهد من الله عز وجل معهود لرجل مسمى ليس للإمام أن يرويها عمن يكون من بعده، وأن بها أخذ الله المواثيق من الأنبياء عند بعثهم، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قال له بزعمهم: يا علي، ما بعث الله نبياً إلا وقد دعاه إلى ولايتك طائعاً أو كارهاً، والقائل: لم يبعث الله نبياً ولا رسولاً إلا وأخذ عليه الميثاق لمحمد بالنبوة ولعلي بالإمامة، والقائل صلى الله عليه وسلم: التاركون ولاية علي خارجون عن الإسلام، والجاحد لولاية علي كعابد وثن، وقولـه هو رضي الله عنه بزعمهم: لو أن عبداً عبد الله ألف سنة لايقبل الله منه حتى يعرف ولايتنا أهل البيت، ولو أن عبداً عبد الله ألف سنة وجاء بعمل اثنين وسبعين نبياً مايقبل الله منه حتى يعرف ولايتنا أهل البيت وإلا أكبه الله على منخريه في نار جهنم، وغيرها من مئات بل وألوف الآيات والأحاديث التي ذكرنا منها القليل في مقدمة الباب الأول.
ألم يفهم من كل هذا أنه خليفة للمسلمين بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن ذلك واجب المعرفة، وأنه لا يعذر الناس بترك الولاية، وأن من مات ولا يعرف إمامه أو شك فيه مات ميتَةَ جاهليةٍ وكفرٍ ونفاقٍ، وأن من أنكر واحداً منهم فقد أنكر الجميع، حتى حكى المفيد إجماع الإمامية على أن من أنكر إمامة أحد من الأئمة وجحد ما أوجبه الله تعالى له من فرض الطاعة فهو كافر ضال مستحق للخلود في النار؟!
ألم يعلم كل هذا وهو يقول لمن جاءه مبايعاً: ألا وإن الله عالم من فوق سمائه وعرشه أني كنت كارهاً للولاية على أمة محمد حتى اجتمع رأيكم على ذلك؛ لأني سمعت رسول الله يقول: أيما والٍ ولي الأمر من بعدي أقيم على حد الصراط ونشرت الملائكة صحيفته، فإن كان عادلاً أنجاه الله بعدله، وإن كان جائراً انتقض به الصراط حتى تتزايل مفاصله، ثم يهوي إلى النار فيكون أول ما يتقيها به أنفه وحر وجهه، ولكن لما اجتمع رأيكم لم يسعني ترككم([191])؟!
هل تفهم -عزيزي القارئ- من هذه الرواية أن هناك نصاً على من يأتي بعده صلى الله عليه وسلم، أو أن هناك شروطاً يجب أن تتوفر فيه فحسب؟ وهل من جاء بعده سينجيه بعدله، كما قال رضي الله عنه: (فاستخلف الناس أبا بكر، ثم استخلف أبو بكر عمر، فأحسنا السيرة، وعدلا في الأمة) أم سينتقض بهم الصراط لجورهم، كما يرى من يدعي أنه من شيعته رضي الله عنه؟
ألم يعلم أنه الخليفة الحق والمنصوب من الله عز وجل وغيره غاصب لهذا الحق، وهو يقول لطلحة والزبير: نشدتكما الله هل جئتماني طائعين للبيعة ودعوتماني إليها وأنا كاره لها وفي موضع آخر: فوالله ما كانت لي في الولاية رغبة ولكنكم دعوتموني إليها وحملتموني عليها، فخفت أن أردكم فتختلف الأمة([192])؟!
ألم يعلم كل هذا، وهو يقول للمهاجرين والأنصار وقد جاءوا لبيعته: لا حاجة لي في أمركم أنا بمن اخترتم راض([193])؟!
فهل فاته أن الإمامة كالنبوة لا تكون إلا بالنص من الله عز وجل على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم، وليس للبشر حق اختيار الإمام وتعيينه؟!
هل رأى ذلك وهو يقول في أبي بكر وعمر رضي الله عنهما كما يروى: أخذا حقي وقد تركته لهما تجاوز الله عنهما([194])؟!
ويقول لطلحة لما برز الناس للبيعة عند بيت المال: ابسط يدك للبيعة، فقال له طلحة: أنت أحق بذلك مني، وقد استجمع لك الناس ولم يجتمعوا لي([195]).
فهل كان له الاختيار والأمر في أن يبايع هذا أو يتركه لذاك، أو أن ذلك إلى الله وليس للبشر حق الاختيار، وأن طلحة وقبله الشيخين رضي الله عنهم سيكونون بذلك أئمة ليسوا من الله؟!
ألم يفهم رضي الله عنه ما فهمه مَن يرون أنهم من شيعته أن كل ما مر بك من نصوص الله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم إنما هي في إمامته دون غيره؟!
وهل يرى القوم أن الأمير نسي تحذيره وكذا بقية الأئمة لشيعتهم بزعمهم بأن لا ينصبوا رجلاً دون الحجة([196])؟!
ألم يعلم رضي الله عنه أنه منصوص من الله ورسوله صلى الله عليه وسلم وهو يقول: أتيتموني لتبايعوني، فقلت: لا حاجة في ذلك، ودخلت منزلي فاستخرجتموني، فقبضت يدي فبسطتموها وتداككتم علي حتى ظننت أنكم قاتلي، وأن بعضكم قاتل بعض، فبايعتموني وأنا غير مسرور بذلك ولا جذل، وقد علم الله سبحانه أني كنت كارهاً للحكومة بين أمة محمد([197])؟!
ألم يعلم كل ذلك وهو يقول لما أراده الناس على البيعة بعد قتل عثمان رضي الله عنه: دعوني والتمسوا غيري، فإنا مستقبلون أمراً له وجوه وألوان، لا تقوم له القلوب ولا تثبت عليه العقول، وإن الآفاق قد أغامت والمحجة قد تنكرت، واعلموا أني إن أجبتكم ركبت بكم ما أعلم، ولم أصغ إلى قول القائل وعتب العاتب، وإن تركتموني فأنا كأحدكم، ولعلي أسمعكم وأطوعكم لمن وليتموه أمركم، وأنا لكم وزيراً خير لكم مني أميراً([198])؟!
فهل رأى رضي الله عنه أن اختياره أو اختيار الصحابة خير من اختيار الله عز وجل، وهو يقرأ: ((وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمْ الْخِيَرَةُ)) [القصص:68]؟!
وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم بزعمهم: إن الله خلق آدم من طين كيف يشاء، ثم قال: ويختار، إن الله اختارني وأهل بيتي على جميع الخلق فانتجبنا، فجعلني الرسول وجعل علي بن أبي طالب الوصي، ثم قال: ما كان لهم الخيرة، يعني: ما جعلت للعباد أن يختاروا ولكن أختار من أشاء([199]).
فهل رأى ذلك؟ وهل هذا إلا كمن يقول: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قال لهذا أو ذاك: ابسط يدك للنبوة؟!
ألم يقبل رضي الله عنه ويطع مشيئة الله في جعله خليفة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم كما يزعم القوم بهذه الرواية من أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في ليلة الإسراء: فتح لعلي أبواب السماء والحجب حتى نظر إلي ونظرت إليه، ثم قال: إن أول ما كلمني به أن قال: يا محمد، انظر تحتك فنظرت إلى الحجب قد انخرقت، وإلى أبواب السماء قد فتحت، ونظرت إلى علي وهو رافع رأسه إلي، فكلمني وكلمته، وكلمني ربي عز وجل: يا محمد، إني جعلت علياً وصيك ووزيرك وخليفتك من بعدك، فأعلمه فهو يسمع كلامك، فأعلمته وأنا بين يدي ربي عز وجل، فقال لي: قد قبلت وأطعت، فأمر الملائكة أن تسلم عليه ففعلت، فرد السلام... إلى آخر الرواية([200])؟!
فهل علم رضي الله عنه هذا وهو يقول: والله ما كانت لي في الخلافة رغبة، ولا في الولاية إربة، ولكنكم دعوتموني إليها وحملتموني عليها فكرهت خلافكم([201])؟!
هل كان يرى مخالفة الله الذي اختاره من دون الناس من فوق سبع سموات، هل كان يرى مخالفته جائزة، وطاعة البشر واجبة؟!
هل علم هذا عندما قال: وبسطتم يدي فكففتها، ومددتموها فقبضتها، ثم تداككتم علي تداكك الإبل الهيم على حياضها يوم وردها، حتى انقطعت النعل، وسقط الرداء، ووطيء الضعيف.. إلى آخر ماقاله رضي الله عنه واصفاً بيعته بالخلافة([202])؟!
هل علم هذا وهو يقول: إني لم أرد الناس حتى أرادوني، ولم أبايعهم حتى أكرهوني([203]).
وقال: فلما رأيت ذلك منكم رويت في أمري وأمركم، وقلت: إن أنا لم أجبهم إلى القيام بأمرهم لم يصيبوا أحداً يقوم فيهم مقامي ويعدل فيهم عدلي([204])؟!
هل وهل.. وهو لا يزال يردد ويقول بكراهته لأمر لولاه لما خلق الله شيئاً، حتى قال لابن عباس رضي الله عنه وقد رآه يخصف نعله: ما قيمة هذه النعل؟ فقال: لا قيمة لها، فقال: والله لهي أحب إلي من إمرتكم([205]).
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عابر سبيل
عابر سبيل


♣♣♣« المدير العام »♣♣♣

معلومات اضافيه للعضو
♣♣ الجنس» ♣♣ الجنس» : ذكر
♣♣ مشَارَڪاتْي » ♣♣ مشَارَڪاتْي » : 33128
♣ ♣ نقاط» ♣ ♣ نقاط» : 98890
♣ ♣ العـمْرّ» ♣ ♣ العـمْرّ» : 39

بحوث ودراسات في حديث غدير خم .. Empty
https://alforqan.ahlamontada.com

بحوث ودراسات في حديث غدير خم .. Empty
مُساهمةموضوع: رد: بحوث ودراسات في حديث غدير خم ..   بحوث ودراسات في حديث غدير خم .. Emptyالسبت 18 أكتوبر 2014 - 21:29

إقرار الأمير رضي الله عنه بمبدأ الشورى:
أبداً لم يكن رضي الله عنه يرى أن مشروعية خلافته مستمدة من تلك النصوص التي زعمها القوم له، وقد علمت حالها جميعاً، وأنه لو كان من ذلك شيء حق لقاتل عليها حتى لو تظاهرت العرب كلها عليه، بل كان يرى أن شرعية خلافته إنما هي مستمدة من مبدأ الشورى الذي أقره القرآن وأكده الرسول صلى الله عليه وسلم بهديه وسنته.
كيف لا وهو القائل رضي الله عنه: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من جاءكم يريد أن يفرق الجماعة، ويغصب الأمة أمرها، ويتولى من غير مشورة فاقتلوه، فإن الله عز وجل قد أذن ذلك([206]).
ويقول لمعاوية: إن الناس تبع المهاجرين والأنصار وهم شهود للمسلمين في البلاد على ولاتهم وأمراء دينهم، فرضوا بي وبايعوني، ولست أستحل أن أدع ضرب معاوية يحكم على هذه الأمة ويركبهم ويشق عصاهم.
فلما بلغ معاوية ذلك قال: ليس كما يقول، فما بال من هو ههنا من المهاجرين والأنصار لم يدخلوا في هذا الأمر؟ فقال رضي الله عنه: ويْحَكُم! هذا للبدريين دون الصحابة، وليس في الأرض بدري إلا وقد بايعني وهو معي، أو قد أقام ورضي، فلا يغرنكم معاوية من أنفسكم ودينكم([207]).
وقال لمعاوية في موطنٍ آخر: إن بيعتي لزمتك بالمدينة وأنت بالشام؛ لأنه بايعني القوم الذين بايعوا أبا بكر وعمر وعثمان على ما بايعوهم عليه، فلم يكن للشاهد أن يختار، ولا للغائب أن يرد، وإنما الشورى للمهاجرين والأنصار؛ فإن اجتمعوا على رجل وسموه إماماً كان ذلك لله رضاً، فإن خرج عن أمرهم خارج بطعن أو بدعة ردوه إلى ما خرج منه، فإن أبى قاتلوه على اتباعه غير سبيل المؤمنين، وولاه الله ما تولى ويصليه جهنم وساءت مصيراً([208]).
فهو يرى إجماع المهاجرين والأنصار رضي الله عنهم على رجل هو رضاً لله.
بل ولا يرى بيعته دون رضاهم كما قال: إن بيعتي لا تكون إلا عن رضا المسلمين وفي ملأ وجماعة([209]).
وهو القائل رضي الله عنه: وما كان الله ليجعلهم على ضلال ولا يضربهم بعمى([210]).
وقال له في موطن آخر: إن بيعتي بالمدينة لزمتك وأنت بالشام كما لزمتك بيعة عثمان بالمدينة وأنت أمير لعمر على الشام، وكما لزمت يزيد أخاك بيعة عمر بالمدينة وهو أمير لأبي بكر على الشام.
أما قولك: إن بيعتي لم تصح لأن أهل الشام لم يدخلوا فيها، فإنما هي بيعة واحدة تلزم الحاضر والغائب لا يستثنى فيها النظر، ولا يستأنف فيها الخيار، والخارج منها طاعن، والمروي فيها مداهن([211]).
وكان يقول له: واعلم أنك من أبناء الطلقاء الذين لا تحل لهم الخلافة ولا يعرض فيهم الشورى([212]).
وكذلك قال ابنه الحسن لمعاوية في كتاب الصلح الذي استقر بينهما: هذا ما صالح عليه الحسن بن علي بن أبي طالب معاوية بن أبي سفيان: صالحه على أن يسلم إليه ولاية أمر المسلمين، على أن يعمل فيهم بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وسيرة الخلفاء الراشدين، وليس لمعاوية بن أبي سفيان أن يعهد إلى أحد من بعده عهداً، بل يكون الأمر من بعده شورى بين المسلمين([213]).
فهل ترى بعد كل هذا أن الأمير أو ابنه رضي الله عنهما يرون رأي من زعموا أنهم من شيعتهم من أن الله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم قد نصا عليهما رضي الله عنهما، أو أنهم يقررون مبدأ الشورى وبه يستمدون شرعية إمامتهم للمؤمنين دون أن يتطرقوا إلى ذكر أي نص من تلك النصوص التي زعمها القوم لهم، وهم في تلك الحال من الخلاف، وفي موطن هم بأمس الحاجة فيه إلى ذكر نص من تلك النصوص لو وجدت، ليرد به على معاوية الذي احتج عليه بعدم اجتماع أهل الشام عليه؟
فهل قال له علي رضي الله عنه مثلاً: ليس لاختيار أهل الشام أو بيعتهم شأن أو قيمة، ما دام الله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم قد نصا على إمامتي؟ أو أنه رضي الله عنه دلل على بيعته باجتماع أهل المدينة عليه، حتى لم ير شرعية لخلافته إلا بقياس ذلك على بيعة الصديق، والفاروق، وذي النورين رضي الله عنهم أجمعين، وأن بيعتهم كانت لله رضاً، وأنهم كانوا خلفاء راشدين، يستحقون أن يدعوا من جاء بعدهم بالاقتداء بهم، لا أنهم مغتصبون لحق غيرهم.
ولم ير خلاف ذلك وهو يؤكد شرعيتهم، ويعلم يقيناً باعتبار معتقد القوم أن الإمامة لا تكون بالاختيار أو الشورى إنما بنص من الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، ومن جاء من غير هذا الطريق فهو كافر ومن يتولاه فهو مثله، وأن من ترك ولايته خارج عن الإسلام كما نسبوا ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما مرَّ بك، ووضعوا في ذلك العشرات من الروايات وجعلوا لها أبواباً، مثل: باب: أنه لا تقبل الأعمال إلا بالولاية، وباب: كفر المخالفين والنصّاب، وغيرها.
فهل يرى القوم أنه رضي الله عنه ترك حقه وهو يعلم أن تركه ذلك خروج عن الإسلام وإحباط للأعمال والطاعات كما يزعمون، وهو يتولى من سبقه ويؤكد شرعية إمامتهم؛ بل ويستمد شرعية إمامته من إمامتهم، ويرى أن ذلك كان لله رضاً، وأنهما قد أحسنا السيرة وعدلا في الأمة، وأنه كان يرى الخيرية في وزارته لهم دون إمامته، ويدعو إلى بيعة غيره، ويؤكد لهم التزامه لمن اختاروه بأنه سيكون أطوعهم له كما قال؟
فلم ير رضي الله عنه باعتبار معتقد القوم أن الخير فيما اختاره الله عز وجل، بل رأى خلاف ذلك، فرأى أن كونه وزيراً خير من اختيار الله عز وجل له بأن يكون أميراً.
هكذا يريد منا القوم أن نقول، وهكذا يريد لنا القوم أن نعتقد فيه رضي الله عنه.
بل ويرى أن اختيار ذلك إلى البشر خير من تولية إمام منصوب من الله، ويحث الناس على طاعة من اختاروه، ويتقدمهم في ذلك، وهو يعلم باعتبار القوم أن ذلك خلاف إرادة الله عز وجل، وأن الله عز وجل قد نصَّ على إمامته قبل خلق كل شيء بملايين السنين، وأنه علة خلق كل شيء.
ويرينا القوم أنه ضرب بعرض الحائط كل هذا، وترك كل تلك النصوص التي زعمها القوم له منذ بدء العشيرة، مروراً بـ: إنما وليكم الله، وإنما يريد الله، وعشرات غيرها، بل ومئات، وانتهاء بحادثة الغدير، ليرى تنصيب غيره، وترك ما أمر به الله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم، ويطلب بذلك رضا الناس بسخط الله عز وجل.
وكأنه نسي قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: من طلب رضى الناس بسخط الله جعل الله حامده من الناس ذاماً([214]).
وقولـه: لا دين لمن دان بطاعة من عصى الله([215]).
وهو يرى أن من تولى على المسلمين دونه غير عاص لله، كيف وهو يدعو إلى طاعته، ويرى أن ذلك لله رضاً.
وكأنه نسيَ قوله صلى الله عليه وسلم: من أرضى سلطاناً جائراً بسخط الله خرج من دين الله([216]).
بل قوله هو رضي الله عنه: لا دين لمن دان بطاعة المخلوق في معصية الخالق([217])، وغيرها.
فضلاً عن عشرات الروايات الأخرى في عقاب من ادعى الإمامة بغير حق أو أطاع إماماً جائراً، كقولـهم عن الصادق: ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم: من ادعى إمامة من الله ليست له، ومن جحد إماماً من الله، ومن زعم أن لهما -أي: أبا بكر وعمر رضي الله عنهما- في الإسلام نصيب.
وقولـه في قولـه تعالى: ((وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ)) [الزمر:60]، قال: من ادعى أنه إمام وليس بإمام، وإن كان علوياً فاطمياً.
وقولـه: من ادعى الإمامة وليس من أهلها فهو كافر.
وقولـه: إن هذا الأمر لا يدعيه غير صاحبه إلا بتر الله عمره.
وقولـه: من خرج يدعو الناس وفيهم من هو أفضل منه فهو ضال مبتدع.
وقول الباقر: من ادعى مقامنا -يعني: الإمامة- فهو كافر. وغيرها وهي كثيرة([218]).
بهذا تكون أقوال الأمير رضي الله عنه السابقة قد أسقطت كل ما أوردناه من أول الكتاب من أحاديث وروايات منسوبة إلى الله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم والصحابة والأئمة رضي الله عنهم أجمعين.
وأكد إقراره رضي الله عنه بمنهج القرآن الكريم: ((وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ)) [آل عمران:159].
و: ((وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ)) [الشورى:38].
لذا فلا عجب من أن يردد رضي الله عنه: إنما الشورى للمهاجرين والأنصار، فإن اجتمعوا على رجل وسموه إماماً كان ذلك لله رضاً.
ولا عجب من أن يقول لمعاوية في المهاجرين والأنصار: وما كان الله ليجعلهم -وفي لفظ: ليجمعهم- على ضلالة ولا يضربهم بالعمى([219]).
ويقول للخوارج وقد خطئوه وضللوه: فإن أبيتم إلا أن تزعموا أني أخطأت وضللت فلم تضللون عامة أمة محمد صلى الله عليه وسلم بضلالي([220])؟
كيف لا وهو رضي الله عنه قد سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا تجتمع أمتي على ضلالة([221]).

([1]) أمالي الصدوق: (109)، البحار: (37/109)(97/110).
([2]) تفسير فرات: (1/118)، البحار: (37/169)، وانظر أيضاً: الكافي: (4/148، 149)، الخصال: (264)، إثبات الهداة: (2/15، 72).
([3]) البحار: (37/156، 171، 172)(97/111، 112)(98/322)، الكافي: (4/147، 149)، إثبات الهداة: (2/78، 91)، الغدير: (1/285)، من لا يحضره الفقيه: (2/54)، الخصال: (126)، ثواب الأعمال: (67، 68).
([4]) الكافي: (4/148)، البحار: (37/108، 172)(97/110)(98/298، 321، 322)(100/358)، أمالي الصدوق: (12)، إثبات الهداة: (2/15)، الغدير: (1/285، 286)، مصباح الطوسي: (513)، من لا يحضره الفقية: (2/55)، ثواب الأعمال: (68)، الإقبال: (300)، بشارة المصطفى: (323).
([5]) تهذيب الأحكام:(3/143)، إثبات الهداة:(2/25)، البحار: (98/303، 321)، الإقبال:(475).
([6]) تهذيب الأحكام: (3/143)، الغدير: (1/286)، البحار: (98/303، 321)، الإقبال: (475).
([7]) الكافي: (4/567)، التهذيب: (6/19)، من لا يحضره الفقيه: (2/335)، البحار: (37/173).
([8]) التهذيب: (3/143)، مصباح الزائر (الفصل السابع)، مصباح المتهجد: (524)، البحار: (97/118) (98/322)، وللمزيد من روايات فضائل يوم الغدير انظر: فضل يوم الغدير وصومه، البحار: (97/110-119)، باب أعمال يوم الغدير وليلته وأدعيتها، البحار: (98/298-323).
([9]) سليم بن قيس: (152)، البحار: (37/195).
([10]) بصائر الدرجات: (151)، الميزان: (6/54)، البحار: (24/386).
([11]) انظرلذلك: معجم الخوئي: (2/260)، النجاشي: (1/204)، الفهرست: (48)، رجال الحلي: (14)، جامع الرواة: (1/63)، مجمع الرجال: (1/138).
([12]) معجم الخوئي: (2/282)، النجاشي: (1/211)، الفهرست: (51)، مجمع الرجال: (1/149)، جامع الرواة: (1/67)، الكشي ترجمة (502).
([13]) الكافي: (1/324).
([14]) الكافي: (2/631)، فصل الخطاب: (349)، مرآة الأنوار: (37)، الكشي: (492)، البحار: (92/54)، الصافي: (1/41)، البصائر: (246)، معجم الخوئي: (2/234)، مجمع الرجال:(1/158).
([15]) معجم الخوئي: (2/250).
([16]) تفسير القمي: (2/176)، نور الثقلين: (1/588)، مجمع البيان: (3/246)، الميزان: (5/200)، البرهان: (1/434)(كراع الغميم: وادي بينه وبين المدينة نحو ثلاثين ميلاً).
([17]) معجم الخوئي: (5/184).
([18]) تفسير القمي: (2/176)، البحار: (37/119)، إثبات الهداة: (2/142)، نور الثقلين:(1/658).
([19]) فرات: (1/118)، البحار: (37/169).
([20]) فرات: (1/117)، البحار: (37/170).
([21]) فرات: (1/130)، البحار: (37/170)، إثبات الهداة: (2/164).
([22]) فرات: (1/130)، البحار: (37/170)، إثبات الهداة: (2/164).
([23]) فرات: (1/123)، البحار: (37/171).
([24]) فرات: (1/117)، البحار: (37/171).
([25]) فرات: (1/130)، البحار: (37/171).
([26]) فرات: (2/516)، البحار: (37/193).
([27]) فرات: (1/131).
([28]) فرات: (1/119)، البحار: (36/129).
([29]) فرات: (1/119)، البحار: (36/131).
([30]) فرات: (1/119)، البحار: (36/133).
([31]) فرات: (1/120)، البحار: (7/236)(36/133).
([32]) فرات: (2/497)، البحار: (37/173).
([33]) معجم الخوئي: (4/123).
([34]) معجم الخوئي: (16/8)، النجاشي: (2/224)، رجال ابن داود: (272)، رجال الحلي: (255)، مجمع الرجال: (5/197).
([35]) معجم الخوئي: (5/66).
([36]) معجم الخوئي: (14/215).
([37]) معجم الخوئي: (8/125).
([38]) معجم الخوئي: (10/254).
([39]) معجم الخوئي: (11/380).
([40]) معجم الخوئي: (9/154).
([41]) معجم الخوئي: (13/253)، الطوسي: (99)، الكشي: ترجمة (57)، رجال الحلي: (247) = = مجمع الرجال: (5/13).
([42]) أمالي الصدوق: (109)، البحار: (37/109)، نور الثقلين: (1/589).
([43]) معجم الخوئي: (16/195)، الطوسي: (292).
([44]) أمالي الصدوق: (290)، البحار: (37/109)(59/248)(18/338)، المحتضر: (148)، نور الثقلين:(1/654)، البرهان: (2/211)، تأويل الآيات:(1/157)، إثبات الهداة:(2/61).
([45]) معجم الخوئي: (16/64)، النجاشي: (2/220)، تنقيح المقال: (3/112)، مجمع الرجال: (5/205)، جامع الرواة: (2/110).
([46]) معجم الخوئي: (21/117).
([47]) عيون الأخبار: (1/195)، نور الثقلين: (1/589)، الميزان: (5/200).
([48]) معجم الخوئي: (10/35)، رجال الطوسي: (383).
([49]) الخصال: (414)، نور الثقلين: (1/590).
([50]) معجم الخوئي: (2/93)، النجاشي: (1/207)(2/243)، الفهرست: (46، 175)، رجال الطوسي: (447، 453)، رجال الحلي: (202)، مجمع الرجال: (1/106).
([51]) معجم الخوئي: (2/117، 118)، الطوسي: (410).
([52]) أمالي الصدوق: (296)، نور الثقلين: (1/654)، البرهان: (1/489)، البحار: (38/105).
([53]) معجم الخوئي: (8/333).
([54]) معجم الخوئي: (17/124)، الطوسي: (298).
([55]) معجم الخوئي: (13/347)، الكشي: (202)، مجمع الرجال: (5/40).
([56]) كمال الدين: (260)، إثبات الهداة: (1/508).
([57]) أمالي الصدوق: (12)، البحار: (37/108)(97/110).
([58]) معجم الخوئي: (5/114).
([59]) معجم الخوئي: (9/46).
([60]) نور الثقلين: (1/590)، البحار: (23/99).
([61]) الكافي:(1/290)، نور الثقلين:(1/587، 651)، البرهان: (1/488)، الصافي: (1/52)، إثبات الهداة: (1/443).
([62]) الكافي: (1/324)، إثبات الهداة: (1/443).
([63]) معجم الخوئي:(15/177)، النجاشي: (2/225)، الفهرست: (176)، مجمع الرجال:(5/184).
([64]) الكافي: (1/324)، معجم الخوئي: (2/299).
([65]) معجم الخوئي: (18/355)، الكشي: ترجمة (338)، مجمع الرجال: (6/145)، جامع الرواة: = = (2/268).
([66]) الكافي: (1/289)، نور الثقلين: (1/587، 646، 652)، وانظر أيضاً: المناقب: (527)، البحار: (37/156)، إثبات الهداة: (2/3).
([67]) الكافي: (1/293)، نور الثقلين: (1/653)، إثبات الهداة: (2/5).
([68]) معجم الخوئي:(8/337)، النجاشي: (1/417)، جامع الرواة: (1/393)، رجال الحلي:(228)، مجمع الرجال: (3/179)، تنقيح المقال: (2/75)، الفهرست: (110)، الكشي: ترجمة: (623).
([69]) معجم الخوئي: (16/160)، النجاشي: (2/208)، تنقيح المقال: (3/135)، الفهرست: (173)، الطوسي: (386)، الكشي: ترجمة (154، 419، 245)، التهذيب: (7/361)، الاستبصار: (3/224)، رجال ابن داود: (273)، مجمع الرجال: (5/222).
([70]) الطوسي: (354)، غيبة الطوسي: (42)، مجمع الرجال: (4/101)، جامع الرواة: (1/463)، معجم الخوئي: (10/65)، النجاشي: (2/62).
([71]) معجم الخوئي: (9/269)، رجال الحلي: (245)، رجال ابن داود: (255)، جامع الرواة: (1/439).
([72]) روضة الكافي: (16)، نور الثقلين: (1/588).
([73]) معجم الخوئي: (17/29)، الطوسي: (500).
([74]) معجم الخوئي: (16/333).
([75]) معجم الخوئي: (6/108).
([76]) معجم الخوئي: (21/260).
([77]) معجم الخوئي: (13/106)(4/18)، النجاشي: (1/314)(2/132)، مجمع الرجال:(4/286)، جامع الرواة: (1/623).
([78]) معجم الخوئي: (4/126)، النجاشي: (1/313)، الكشي: ترجمة (78)، مجمع الرجال: (2/7)، جامع الرواة: (1/144).
([79]) تفسير العياشي: (1/322)، البرهان: (1/444)، البحار: (37/138).
([80]) العياشي: (1/322)، البرهان: (1/444)، البحار: (37/138)، الصافي: (2/10).
([81]) العياشي: (1/360)، البحار: (37/139، 249)، الميزان: (6/53)، مجمع البيان: (6/344)، البرهان: (1/489)، إثبات الهداة: (2/120)، وفيه عن ابن أبي عمير، عن الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس وجابر بن عبدالله.
([82]) العياشي: (1/357)، البحار: (37/138)، البرهان: (1/485)، إثبات الهداة:(2/135).
([83]) العياشي: (1/360)، البحار: (37/139)، الميزان: (6/53)، البرهان: (1/489)، إثبات الهداة: (3/543).
([84]) العياشي:(1/361)، البحار: (37/140)، البرهان: (1/489)، إثبات الهداة: (3/544).
([85]) العياشي:(1/361)، البحار: (37/141)، البرهان: (1/490)، إثبات الهداة: (3/545)، شرح الأخبار: (1/104).
([86]) العياشي: (1/362)، البحار: (37/141)، الميزان: (6/54)، البرهان: (1/490).
([87]) العياشي:(1/357)، البرهان: (1/483)، إثبات الهداة: (2/135)، البحار: (35/188).
([88]) معجم الخوئي: (4/126).
([89]) معجم الخوئي: (6/300)، الكشي: ترجمة (429)، الطوسي: (346).
([90]) معجم الخوئي: (8/34)، روضة الكافي: (272)، مجمع الرجال: (3/97)، جامع الرواة: (1/350).
([91]) معجم الخوئي: (13/62).
([92]) معجم الخوئي: (18/286)، مجمع الرجال: (6/122)، جامع الرواة: (2/256).
([93]) أمالي الطوسي: (529)، الميزان: (5/200)، البرهان: (1/435)، البحار: (68/379).
([94]) معجم الخوئي: (19/228).
([95]) معجم الخوئي:(15/161)، عيون الأخبار: (1/51، 72)(2/221، 224)، كمال الدين:(293)، كشف الغمة: (3/23).
([96]) أمالي الطوسي: (208)، البرهان: (1/435).
([97]) معجم الخوئي: (2/256).
([98]) معلم الشيعة: (49).
([99]) انظر تفصيل ذلك: معجم الخوئي: (18/292-303)، النجاشي: (2/359)، الكشي: ترجمة (154)، تنقيح المقال: (3/238)، مجمع الرجال: (6/123)، جامع الرواة: (2/258)، رجال الحلي: (258).
([100]) أمالي الطوسي: (654)، البرهان: (1/435).
([101]) معجم الخوئي: (12/172).
([102]) معجم الخوئي: (5/39).
([103]) معجم الخوئي: (3/37)، الطوسي: (428)، الكشي: ترجمة: (470)، مجمع الرجال: == (1/54، 185)، جامع الرواة: (1/80).
([104]) انظرمقدمة كتاب الأمالي: (42)، الذريعة: (2/313)، البحار: (1/27).
([105]) تهذيب الأحكام: (3/143)، نور الثقلين: (1/589، 653)، إثبات الهداة: (2/24).
([106]) معجم الخوئي: (17/282)، من لا يحضره الفقيه: (2/55).
([107]) معجم الخوئي: (11/378).
([108]) جامع الأخبار: (10)، البحار: (37/165).
([109]) معجم الخوئي: (5/177)، الكشي: ترجمة: (166).
([110]) مجمع البيان: (3/246)، البحار: (37/248)، الميزان: (5/201)، البرهان: (1/435)، إثبات الهداة: (2/119).
([111]) الاحتجاج: (55)، البحار: (37/201)، نور الثقلين: (1/654)، الميزان: (5/200)، البرهان: (1/443)، الصافي: (1/53).
([112]) الاحتجاج: (55)(الحاشية).
([113]) معجم الخوئي: (9/78)، مجمع الرجال: (3/206)، رجال ابن داود: (250).
([114]) معجم الخوئي: (22/41).
([115]) كنز جامع الفوائد: (274)، البحار: (23/362)(36/152)، البرهان: (4/83).
([116]) معجم الخوئي: (11/53)، الطوسي: (240).
([117]) معجم الخوئي: (4/76)، جامع الرواة: (1/153).
([118]) اليقين: (131)، البحار: (37/325).
([119]) معجم الخوئي: (17/30)، الطوسي: (500)، مجمع الرجال: (5/279).
([120]) معجم الخوئي: (6/251)، النجاشي: (1/331)، مجمع الرجال: (2/233)، جامع الرواة: (1/278).
([121]) انظر: الذريعة إلى تصانيف الشيعة، ثم جمعها في كتاب مستقل أسماه: مصفي المقال في مصنفي علم الرجال.
([122]) تفسير فرات: (1/131)، البحار: (16/257)(22/249).
([123]) جوامع الجامع: (1/355)، مجمع البيان: (3/231)، التفسير الكاشف: (3/5)، تفسير الصافي: (2/5)، البرهان: (1/340)، تفسير الميزان: (5/156).
([124]) الكافي: (1/199، 290)، نور الثقلين: (1/588، 589، 651)، البحار: (7/236)(36/133) (37/138، 173)(58/368)، فرات: (1/119، 120)، العياشي: (1/322)، البرهان: (1/435 = = 444)، التفسير الكاشف: (3/5، 13)، الميزان: (5/170، 195، 197)، مجمع البيان: (2/231).
([125]) الميزان: (5/196).
([126]) الكافي: (1/290)، نور الثقلين: (1/588، 651)، البحار: (58/368)، البرهان: (1/488)، الصافي: (1/52)، إثبات الهداة: (1/443).
([127]) البحار: (58/371).
([128]) الغدير: (1/9)، إثبات الوصية: (19)، إثبات الهداة: (2/139).
([129]) تفسير العياشي: (1/358، 361)، البحار: (37/139، 140، 158، 165، 193)، جامع الأخبار: (10)، البرهان: (1/485، 489)، إثبات الهداة: (2/139، 170)(3/544)، تفسير فرات: (2/516)، المناقب: (3/26).
([130]) العياشي: (2/342)، البرهان: (2/454)، البحار: (36/106، 171)، نور الثقلين: (3/235).
([131]) بشارة المصطفى: (182)، البحار: (39/152، 276، 284).
([132]) أمالي الطوسي: (20)، تفسير فرات: (1/301)، البحار: (18/191)(38/223).
([133]) العياشي: (1/220)، البرهان: (1/314)، البحار: (17/11، 12)(25/337)، إثبات الهداة: (3/531)، الصافي: (1/296).
([134]) تفسير العياشي: (2/103)، البرهان: (2/135)، إثبات الهداة: (3/546).
([135]) البحار: (35/282)(37/127، 140، 151، 170)، فرات: (1/131)(2/450)، العياشي: (1/361)(2/103)، البرهان: (1/489)(2/145)، إثبات الهداة: (2/164) (3/544، 546).
([136]) البحار: (98/304)، الإقبال: (476).
([137]) البحار: (38/54)(63/100)، الروضة: (41)، البصائر: (28).
([138]) تفسير القمي: (1/23)، البرهان: (1/34).
([139]) كشف الغمة: (1/326)، البرهان: (1/491)، البحار: (37/178).
([140]) البحار: (35/58).
([141]) للمزيد انظر: الصافي: (2/51)، نور الثقلين: (1/653)، الاحتجاج: (57)، البحار: (37/137، 201)، فصل الخطاب: (281)، محجة العلماء: (130).
([142]) الإرشاد: (89)، إعلام الورى: (137)، الكافي: (2/233)، أمالي الطوسي: (252)، البحار: (21/373، 383، 384، 389، 391، 396).
([143]) إعلام الورى: (137)، البحار: (21/360).
([144]) البحار: (21/362)(38/101) (40/316) (104/389، 400)، أمالي الصدوق: (348)، الكافي: (7/372).
([145]) الإرشاد: (89)، إعلام الورى: (138)، البحار: (21/383)، المناقب: (2/110).
([146]) البحار: (37/320)(38/149).
([147]) البحار: (37/220).
([148]) البحار: (37/187)، الطرائف: (35)، العمدة: (45).
([149]) أمالي الطوسي: (610)، البحار: (33/218)(38/130).
([150]) الروضة: (11)، البحار: (37/186)(38/344).
([151]) العياشي: (1/356)، البرهان: (1/482)، البحار: (35/187).
([152]) بشارة المصطفى: (202)، البحار: (38/354).
([153]) ولعل ما يؤيد ذلك رواية القوم عن الباقر أنه قال: حج رسول الله صلى الله عليه وسلم من المدينة وقد بلّغ جميع الشرايع قومه ما خلا الحج والولاية، البرهان: (1/436)، البحار: (37/201)، الاحتجاج: (33).
([154]) معاني الأخبار: (67)، البحار: (37/225).
([155]) الغدير: (1/362)، البحار: (37/225، 237)، معاني الأخبار: (67).
([156]) كشف الغمة: (3/303)، البحار: (37/223)(50/290)، إثبات الهداة: (2/139).
([157]) أمالي الصدوق: (135)، البحار: (44/318).
([158]) أمالي الصدوق: (107)، معاني الأخبار: (65)، البحار: (37/223)، إثبات الهداة: (2/34).
([159]) معاني الأخبار: (66)، البحار: (37/223).
([160]) الخصال: (465)، البحار: (28/213).
([161]) الكافي: (1/407)، البحار: (27/248)، نور الثقلين: (4/240، 237).
([162]) فرات: (2/452)، البحار: (35/283).
([163]) البحار: (40/124).
([164]) أمالي الطوسي: (211)، البحار: (37/14).
([165]) صفات الشيعة: (4)، البحار: (21/111).
([166]) البحار: (23/282)، تفسير فرات: (1/342).
([167]) الخصال: (2/50، 15)، أمالي الشيخ: (310)، سليم بن قيس: (153)، البحار: (39/337، 339، 352).
([168]) الروضة: (27)، الفضائل: (155)، المحتضر: (101)، البحار: (27/129)(40/47)(54/387).
([169]) أمالي الصدوق: (283)، البحار: (35/210).
([170]) العمدة: (46)، البحار: (37/148، 177).
([171]) البحار: (20/373)(37/307).
([172]) فرج المهموم: (107)، البحار: (48/147).
([173]) الاحتجاج: (84)، البحار: (40/2).
([174]) أمالي الصدوق: (347)، البحار: (38/107).
([175]) معاني الأخبار: (66)، البحار: (38/121).
([176]) البحار: (38/146).
([177]) منتخب الأثر: (92).
([178]) للمزيد انظر: أمالي الصدوق: (12، 31، 99، 108، 222، 234، 288، 312، 523، 525)، إثبات الهداة: (1/526، 529، 533، 534، 573، 586، 587، 593، 607، 647، 656، 659) (2/40، 48، 49، 71، 80، 81، 99، 114، 117، 118، 119، 129، 130، 143، 147،175، 179)، نور الثقلين: (1/395)، أمالي الطوسي: (253، 438)، منتخب الأثر: (264)، البحار: (33/18)(38/326)، كفاية الأثر: (120)، الطرائف: (18).
([179]) معاني الأخبار: (66)، عيون الأخبار: (224)، البحار: (37/224)(38/112).
([180]) كمال الدين: (150)، البحار: (36/253).
([181]) البحار: (32/456)، وانظر أيضاً: البحار: (33/568-569).
([182]) البحار: (33/535).
([183]) البحار: (33/568).
([184]) أمالي الطوسي: (513)، البحار: (28/48)، إثبات الهداة: (1/300)، نور الثقلين: (5/69)، وانظر روايات أخرى في عدم إحداث أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم في الدين: البحار: (32/243، 297، 299، 303، 308).
([185]) المناقب: (1/323)، البحار: (28/67)(41/5).
([186]) نهج البلاغة: (241)، من كلام له يبين سبب طلبه الحكم ويصف الإمام الحق.
([187]) عيون الأخبار: (2/70)، البحار: (22/405).
([188]) البحار: (22/419).
([189]) البحار: (22/418).
([190]) الكشي: (38)، البحار: (42/152).
([191]) أمالي الطوسي: (736)، البحار: (32/17، 26).
([192]) أمالي الطوسي: (736)، البحار: (32/21، 50).
([193]) البحار: (32/31) نقلاً عن الكافية لإبطال توبة الخاطئة، للمفيد.
([194]) البحار: (61، 113).
([195]) البحار: (32/32) نقلاً عن الكافية لإبطال توبة الخاطئة.
([196]) الكافي: (2/297، 298)، معاني الأخبار: (169، 180)، البحار: (73/151، 153).
([197]) البحار: (32/63).
([198]) نهج البلاغة: (178)، من كلام له لما أراده الناس على البيعة بعد قتل عثمان رضي الله عنه، البحار: (32/8، 23، 35)(41/116)، المناقب: (2/110).
([199]) البحار: (36/167)، الطرائف: (24).
([200]) البحار: (16/318)(38/158)(39/159)، أمالي الطوسي: (64)، الروضة: (39)، الفضائل:(177)، الخصال: (141).
([201]) أمالي الطوسي: (740)، نهج البلاغة: (397)، البحار: (32/30، 50).
([202]) نهج البلاغة: (430)، البحار: (32/51)، وانظرأيضاً: البحار:(32/34، 78، 98)(33/569) = = المناقب: (2/375)، الإرشاد: (130)، الاحتجاج: (161).
([203]) المناقب: (2/37)، البحار: (32/120، 126، 135)، كشف الغمة: (1/238).
([204]) الإرشاد: (139)، البحار: (32/387).
([205]) البحار: (32/76، 113)، الإرشاد: (132).
([206]) عيون الأخبار: (2/67).
([207]) البحار: (32/450).
([208]) البحار: (32/368)(33/76)، وانظر أيضاً: نهج البلاغة: (446)، نور الثقلين: (1/551).
([209]) البحار: (32/23).
([210]) البحار: (32/380)(33/78)، شرح النهج للبحراني: (4/356)، نهج السعادة: (4/94).
([211]) البحار: (33/81، 82).
([212]) المناقب: (2/349)، البحار: (32/570)(33/78).
([213]) كشف الغمة: (2/145)، البحار: (44/65).
([214]) الكافي: (2/372)، الخصال: (1/5)، البحار: (73/391، 393)، وقال في بيانه: كالذين تركوا = = متابعة أئمة الحق لرضا أئمة الجور.
([215]) الكافي: (2/373)، أمالي الطوسي: (1/76)، البحار: (73/392، 393)، وقال في بيانه: أي: لا إيمان أو عبادة لمن دان -أي: عبدالله- بطاعة من عصى الله -أي: غير المعصوم- فإنه لا يجوز طاعة غير المعصوم.
([216]) الكافي: (2/373)، البحار: (73/393)، وقال في بيانه: يمكن حمله على من أرضى خلفاء الجور بإنكار أئمة الحق.
([217]) عيون الأخبار: (2/43)، صحيفة الرضا: (43)، البحار: (73/393).
([218]) انظرهذه الروايات في:البحار:(7/212)(8/363)(25/110-115)(72/138)،الكافي:(1/373)، العياشي: (1/178)، المناقب:(1/259)، غيبة النعماني:(70، 71، 72، 73)، ثواب الأعمال:(206).
([219]) سبق تخريجه.
([220]) البحار: (33/373).
([221]) الاحتجاج: (450)، إرشاد القلوب: (2/225)، البحار: (2/225) (5/20، 68) (16/350، 399) (44/36).
نقلاً عن كتاب الإمامة والنص لفيصل نور
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عابر سبيل
عابر سبيل


♣♣♣« المدير العام »♣♣♣

معلومات اضافيه للعضو
♣♣ الجنس» ♣♣ الجنس» : ذكر
♣♣ مشَارَڪاتْي » ♣♣ مشَارَڪاتْي » : 33128
♣ ♣ نقاط» ♣ ♣ نقاط» : 98890
♣ ♣ العـمْرّ» ♣ ♣ العـمْرّ» : 39

بحوث ودراسات في حديث غدير خم .. Empty
https://alforqan.ahlamontada.com

بحوث ودراسات في حديث غدير خم .. Empty
مُساهمةموضوع: رد: بحوث ودراسات في حديث غدير خم ..   بحوث ودراسات في حديث غدير خم .. Emptyالسبت 18 أكتوبر 2014 - 21:30

الغدير

ذكرت من قبل ما قاله الجعفرية من أن الله سبحانه وتعالى أمر نبيه بان ينص على علي وينصبه علما للنا، وأن الرسول امتثل للأمر - بعد تردد ! وبلغ المسلمين عند غدير خم بعد منصرفه من حجة الوداع. وبحث ما قاله الرسول في الغدير يتعلق بالنسبة، ولكنهم ذكروا أن ثلاث آيات تتصل بهذا الحادثة، وآيتان من سورة المائدة، وأول سورة المعارج كما بينت عند ذكر أدلتهم من القرآن الكريم. وآية التبليغ هي قوله تعالى: (( يأيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل ما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس إن الله لا يهدي القوم الكافرين )) " المائدة: 67 " .
ولم يكتف بعضهم بذكر أنها نزلت في علي، ولكن ذكر الأقوال المختلفة في أسباب النزول، قال الطوسي: " قيل في سبب نزول هذه الآية أربعة أقوال: (51) .
أحدهما قال محمد بن كعب القرظي غيره: أن إعرابيا هم بقبل النبي فسقط السيف من يده وجعل يضرب برأسه شجرة حتى انتثر دماغه .
الثاني: أن النبي كان يهاب قريشا، فأزال الله عز وجل بالآية تلك الهيبة. وقيل كان للنبي حراس بين أصحابه، فلما نزلت الآية قال: ألحقوا بملاحقكم، فإن الله عصمني من الناس .
الثالث: قالت عائشة: إن المراد بذلك إزالة التوهم أن النبي كتم شيئا من الوحي للتقية .
الرابع: قال أبو جعفر وأبو عبد الله عليهما السلام: أن الله تعالى لما أوحى إلى النبي أن يستخلف علياً كان يخالف أن يشق ذلك على جماعة من أصحابه فأنزل الله تعالى هذه الآية تشجيعاً له على القيام بما أمره بأدائه .
ولم يناقش الطوسي ما قيل، ولم يذكر ما يرجح أحد هذه الأقوال،ولكن كثيرا من طائفته استدلوا بروايات على أنها استخلاف علي (52) ، وظاهر النص لا يدل على هذا، والروايات كلها أقصى ما تبلغه لا تصل إلى مرتبة السنة، فليس فيها ما أثر عن النبي على أنا لم نجد رواية واحدة صحيحة عن طريق الجمهور تؤيد ما ذهب إليه الجعفرية، ولننظر إلى ما ذهب إليه المفسرون، قال الطبري في تفسير الآية الكريمة :
" هذا أمر من الله تعالى ذكره نبيه محمداً بإبلاغ هؤلاء اليهود والنصارى من أهل الكتابين الذين قصّ تعالى ذكره قصصهم في هذه السورة، وذكره فيها معايبهم وخبث أديانهم، واجتراءهم على ربهم، وتوثبهم على أنبيائهم، وتبديلهم كتابه، وتحريفهم إياه، ورداءة مطامعهم ومآكلهم، وسائر المشركين غيرهم، ما أنزل عليه فيهم من معايبهم، والإزراء عليهم، والتقصير بهم والتهجين لهم، وما أمرهم به ونهاهم عنه، وأن لا يشعر نفسه حذرا منهم أن يصيبوه في نفسه بمكروه ما قام فيهم بأمر الله، ولا جزعا من كثيرة عددهم وقلة عدد من معه ، وأن لا يتقي أحداً في ذات الله، فإن الله تعالى ذكره كافيه كل أحد من خلقه، ودافع عنه مكروه كل من يبغي مكروهه واعلمه تعالى ذكره أنه أن قصر عن إبلاغ شيء مما يبلغ إليه فهو في عظيم ما ركب بذلك من الذنب بمنزلته لو لم يبلغ من تنزيله شيئا. وبما قلنا في ذلك قال أهل التأويل " (53) .
والذي ذهب غليه أهل التأويل هو الذي يتفق مع سياق الآيات الكريمة، ومع تكملة الآية ذاتها والخروج على السياق وفضل صدر الآية عن عجزها لا يجوز بغير أدلة صحيحة .
والطبري بعد أن ذكر اتفاق أهل التأويل في المراد من الآية الكريمة، ذكر أنهم اختلفوا في السبب الذي من أجله نزلت، فقال بعضهم نزلت بسبب أعرابي كان هم بقتل رسول الله فكفاه الله إياه، وقال آخرون: بل نزلت لأنه كان يخالف قريشاً، فأومن من ذلك، وذكر روايات القائلين بهذين القولين (54) .
أما الحافظ ابن كثير فقد توسع في الحديث عن هذه الآية الكريمة، حيث قال:" يقول تعالى مخاطباً عبده ورسوله محمدا باسم الرسالة، وآمراً له بإبلاغ جميع ما أرسله الله به - وقد امتثل ذلك ، وقام به أتم القيام، قال البخاري عند تفسير هذه الآية: حدثنا محمد بن يوسف، حدثنا سفيان، عن إسماعيل ، عن الشعبي، عن مسروق، عن عائشة رضي الله عنها، قالت: من حدثك أن محمداً كتم شيئا مما أنزل الله عليه فقد كذب، وهو يقول: (( يايها الرسول بلغ ما أنزل إليه من ربك )) الآية هكذا ورواه هاهنا مختصراً، وقد أخرجه في مواضع من صحيحه مطولا،وكذا رواه مسلم ي كتاب الإيمان، والترمذي والنسائي في كتاب التفسير من سننهما، من طرق عن عامر الشعبي، عمن مسروق بن الأجدع عنها رضي الله عنهما. وفي صحيحين عنها أيضا أنها قالت: لو كان محمد كاتماً شيئاً من القرآن لكتم هذه الآية (( وتخفي في نفسك ما الله مبديه وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه )) " الأحزاب: 37 " .
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أحمد بن منصور الرمادي حدثنا سعيد بن سليمان، حدثنا عباد، عن هارون بن عنترة، عن أبيه قال: كنت عند ابن عباس فجاء رجل فقال له أن ناساً يأتونا فيخبرونا أن عندكم شيئا لم يبده رسول الله للناس فقال ابن عباس: ألم تعلم أن الله تعالى قال: (( يايها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك )) والله ما ورثنا رسول الله سوداء في بيضاء، وهذا إسناد جيد. وهكذا في صحيح البخاري من رواية أبي جحيفة وهب بن عبد الله السوائي قال: قلت لعلي بن أبي طالب : هل عندكم شيء من الوحي مما ليس في القرآن؟ فقال: لا والذي فلق الحبة وبرأ النسمة إلا فهما يعطيه الله رجلا في القرآن وما في هذه الصحيفة قلت: وما في هذه الصحيفة ؟ قال: العقل - أي الدية -، وفكاك الأسير، وأن لا يقتل مسلم بكافر .
وقال البخاري: قال الزهري: من الله الرسالة، وعلى الرسول البلاغ، وعلينا التسليم. وقد شهدت له أمته بإبلاغ الرسالة وأداء الأمانة، واستنطقهم بذلك في أعظم المحافل في خطبته يوم حجة الوداع، وقد كان هناك من أصحابه نحو من أربعين ألفاً، كما ثبت في صحيح مسلم عن جابر بن عبد الله، أن رسول الله قال في خطبته يومئذ: " أيها الناس إنكم مسئولون عني فما أنتم قائلون؟ " قالوا: نشهد إنك قد بلغت وأديت ونصحت فجعل يرفع إصبعه إلى السماء ينكسها إليهم ويقول " اللهم هل بلغت " . قال الإمام أحمد: حدثنا ابن نمير حدثنا فضيل يعني ابن غزوان، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: قال رسول الله في حجة الوداع: " يا أيها الناس أي يوم هذا ؟ " قالوا: يوم حرام، قال: "، قال: " أي بلد هذا ؟ " قالوا: بلد حرام، قال " فأي شهر هذا " قالوا: شهر حرام، قال: " فإن أموالكم ودماءكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا من شهركم هذا " مراراً قال: يقول: ابن عباس: والله لوصية إلى ربه عز وجل، ثم قال " ألا فليبلغ الشاهد الغائب، لا ترجعوا بعدي كفّارا يضرب بعضكم رقاب بعض " وقد روى البخاري عن علي بن المديني، عن يحيى بن سعيد، عن غزوان به نحوه، وهو قوله تعالى: (( وإن لم تفعل فلما بلغت رسالته )) يعني وإن لم تود إلى الناس ما أرسلتك به فما بلغت رسالته، أي وقد علم ما يترتب على ذلك لو رفع، وقال علي بنابي طلحة عن ابن عباس (( وإن لم تفعل فما بلغت رسالته)) يعني أن كتمت آية مما أنزل إليك من ربك لم تبلغ رسالته " (55) ا ه .
ثم استمر ابن كثير في تفسيره ليبين ما يتعلق بتتمة الآية الكريمة. وأشار إلى كيد المشركين وأهل الكتاب لرسول الله الذي عصمه الله تعالى منهم، وقال - بعد أن ذكر شيئا من كيدهم: " ولهذا أشباه كثرة جدا يطول ذكرها . فمن ذلك ما ذكره المفسرون عند هذه الآية الكريمة " (56) . وذكر بعض روايات الطبري وغيره .
وهكذا نجد أن تفسير الآية الكريمة لا يتفق مع ما ذهب إليه الجعفرية .
وبالإضافة إلى ما ذكره المفسرون روى الإمام أحمد، وأصحاب السنن الأربعة عن ابن عباس قال: كان رسول الله عبدا مأمورا بلغ والله ما أرسله، وما اختصنا دون الناس بشيء ليس ثلاثا، أمرنا أن نسبغ الوضوء، وأن لا نأكل الصدقة. ولا نننرى حماراً على فرس " (57) .
وهذه رواية صحيحة السند، ونصّها يتعارض مع تأويل الجعفرية .
على أن بعض المفسرين ناقش الشيعة فيما ذهبوا إليه، وبين أنه قول لا يستقيم. قال الألوسي عند تفسيره للآية الكريمة " أخبار الغدير التي فيها الأمر بالاستخلاف غير صحيحة عند أهل السنة، ولا مسلمة لديهم أصلاً " (58) ، وأيد هذا القول: ثم قال: " ومما يبعد دعوى الشيعة من أن الآية نزلت في خصوص خلافة علي كرم الله وجهه، وأن الموصول فيها خاص قوله تعالى: (( والله يعصمك من الناس )) فإن الناس فيه وإن كان عاما إلا أن المراد بهم الكفار/، ويهديك إليه (( إن الله لا يهدي القوم الكافرين )) فإنه في موضع التعليل بعصمة (59): وفيه إقامة الظاهر مقام المضمر، أي لأن الله تعالى لا يهديهم إلى أمنيتهم فيك. ومتى كان المراد بهم الكفار بعد إرادة الخلافة: بل لو قيل لم تصح، لم يبعد، لأن التخوف الذي تزعمه الشيعة منه - ، وحاشاه - في تبليغ أمر الخلافة إنما هو من الصحابة حيث أن فيهم - معاذ الله تعالى - من يطمع فيها لنفسه، ومتى رأى حرمانه منها لم يبعد منه قصد الأضرار برسول الله ، والتزام القول - والعياذ بالله عز وجل بكفر من عرضوا بنسبة الطمع في الخلافة إليه، مما يلزمه محاذير كلية أهونها تفسيق الأمير كرم الله وجهه وهو هو أو نسبة الجبن إليه وهو أسد الله تعالى الغالب، أو الحكم عليه بالتقية وهو الذي لا يأخذه في الله تعالى لومة لائم ولا يخشى إلا الله سبحانه (60) .
ولقد وافق الألوسي في الاستدلال عن طريق ربط الآية بعضها ببعض، وتأويل الآية كما ذهب إليه جمهور المفسرين لا يحتاج إلى دليل ، لأنه نماذج بظاهر النص وعمومه، وبدلالة السياق، ولكن تخصيصها باستخلاف علي هو الذي يحتاج إلى أدلة أصح أكثر قبولا من أدلة الجمهور المذكورة، وهذا ما لم نجده. وروايات الغدير تناقش تفصيلا في بحث متصل بالسنة النبوية الشريفة .
والآية الكريمة الأخرى من سورة المائدة:3 هي (( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا)) .
واختلف أهل التأويل في المراد بإكمال الدين، فقال بعضهم: يعني جل ثناؤه بقوله: (( اليوم أكملت لكم دينكم )) اليوم أكملت لكم أيها المؤمنون فرائضي عليكم، وحدودي وأمري إياكم نهيي وحلالي وحرامي، وتنزيلي من ذلك ما أنزلت منه في كتابي، وتبياني ما بينت لكم منه بوحيي على لسان رسولي، والأدلة نصبتها لكم على جميع ما بكم الحاجة إليه من أمر دينكم، فأتممت لكم جميع ذلك، فلا زيادة فيه بعد هذا اليوم .
وقال آخرون: أن الله عز وجل أخبر نبيه والمؤمنين به، أنه أكمل لهم - يوم أنزل هذه الآية على نبيه - دينهم، بإفرادهم البلد الحرام، وإجلاله عنه المشركين، حتى حجة المسلمون دونهم لا يخالطهم المشركون، وهذا هو الذي اختاره الطبري وأيده (61).
الجعفرية لا يخرجون في تأويلهم عن القولين، ولكنهم يزيدون أن الآية الكريمة نزلت بعد أن نصب النبي علياً علماً للأنام يوم غدير خم بعد أن نصب حجة الوداع، ويروون هذا عن الإمامين الباقر والصادق، يروون أن الولاية آخر فريضة أنزلها الله تعالى، ثم لم ينزل بعدها فريضة (61) .
وفسر الطبرسي (( أتممت عليكم نعمتي )) بولاية علي بن أبي طالب وذكر رواية عن أبي سعيد الخدري أن النبي قال بعد نزول الآية الكريمة: الله أكبر على إكمال الدين وإتمام النعمة، ورضا الرب برسالتي، وولاية علي بن أبي طالب من بعدي .
ولكن الطوسي لا يذكر مثل هذه الرواية، ويفسر (( وأتممت عليكم نعمتي )) بقوله: " خاطب الله تعالى جميع المؤمنين بأنه أتم نعمته عليهم، بإظهارهم على عدوهم المشركين ونفيهم إياهم عن بلادهم، وقطعه طمعهم من رجوع المؤمنين وعودهم إلى ملة الكفر، وانفراد بالمؤمنين بالحج والبلد الحرام، وبه قال ابن عباس وقتادة والشعبي " .
ولم يشر الطوسي إلى الولاية، وما ذكره كأنما نقل عن شيخ المفسرين، فقد قال الطبري في تفسيره: " يعني جل ثناؤه بذلك: وأتممت نعمتي، أيها المؤمنون بإظهاركم على عدوي وعدوكم من المشركين، ونفي إياهم عن بلادكم، وقطعي طمعهم من رجوعكم وعودكم إلى ما كنتم عليه من الشرك. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. وروى عن ابن عباس أنه قال: كان المسلمون والمشركون يحجون جمعيا، فلما نزلت براءة: فنفى المشركون عن البيت، وحج المسلمون لا يشاركهم في البيت الحرام أحد من المشركين، فكان ذلك من تمام النعمة:(( وأتممت عليكم نعمتي)).
وعن قتادة: نزلت على رسول الله يوم عرفة يوم جمعة حين نفى الله المشركين عن المسجد الحرام، وأخلص للمسلمين حجهم
وعن الشعبي قال: نزلت هذه الآية بعرفات، حيث هدم منار الجاهلية، وأضمحل الشرك،ولم يحج معهم في ذلك العام مشرك .
وعن عامر قال: نزلت على رسول الله وهو واقف بعرفات، وقد أطاف به الناس، وتهدمت منار الجاهلية ومناسكهم وأضمحل الشرك ، ولم يطف حول البيت عريان فأنزل الله : (( أكملت لكم دينكم )) .
وعن الشعبي بنحوه "
إن الروايات قتادة والشعبي التي ذكرها الطبري تعارض ما قيل من أن الآية الكريمة نزلت يوم الغدير. وهناك روايات أخرى كثيرة صحيحة السند تثبت نزولها يوم عرفة يوم الجمعة لا يوم الغدير. وذكر الطبري بعض هذه الروايات، وروايات أخرى معارضة، ثم قال: وأولى الأقوال في وقت نزول الآية القول الذي روى عن عمر بن الخطاب: أنها نزلت يوم عرفة يوم جمعة، لصحة سنده، ووهي أسانيد غيره .
وقال الحافظ ابن كثير: " قال الإمام أحمد: حدثنا جعفر بن عون، حدثنا أبو العميس، عن قيس بن مسلم، عن طارق بن شهاب قال: جاء رجل من اليهود إلى عمر بن الخطاب فقال: يا أمير المؤمنين، إنكم تقرءون آية في كتابكم لو علينا معشر اليهود نزلت لاتخذنا ذلك اليوم عيدا . قال: وأي آية ؟ قال: قوله (( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي )) . فقال عمر: والله إني لأعلم اليوم الذي نزلت على رسول الله والساعة التي نزلت فيه على رسول الله عشية عرفة في يوم جمعة (62) ورواه البخاري عن الحسن بن الصباح عن جعفر بن عون به، ورواه أيضا مسلم والترمذي والنسائي أيضا من طرق عن قيس بن مسلم به. ولفظ البخاري عند تفسير هذه الآية عن طريق سفيان الثوري عن قيس عن طارق قال: قالت اليهود لعمر: أنكم تقرءون آية لو نزلت فينا لاتخذناها عيدا. فقال عمر: إن لأعمل حين أنزلت ، وأين أنزلت وأين رسول الله حيث أنزلت: يوم عرفة وأنا والله بعرفة. قال سفيان: وأشك كان يوم الجمعة أم لا: (( اليوم أكملت لكم دينكم )) الآية. وشك سفيان رحمه الله إن كان في الرواية فهو تورع حيث شك هل أخبره شيخه بذلك أم لا، وإن كان شكا في كون الوقوف في حجة الوداع كان يوم جمعة فهذا ما أخاله بصدر عن الثوري رحمه الله فإن هذا أمر معلوم مقطوع به لم يختلف فيه أحد من أصحاب المغازي والسير، ولا من الفقهاء، وقد وردت في ذلك أحاديث متواترة لا يشك في صحتها والله أعلم. وقد روى هذا من غير وجه عن عمر " .
وبعد هذه الروايات ذكر ابن كثير روايات الطبري التي صح سندها وهي تبين - كما سبق -أن الآية نزلت يوم عرفة يوم جمعة. ثم ذكر الروايات المعارضة، وهي التي أستوهاها الطبري، وبين ضعفها، ومنها ما روى عن الربيع بن أنس أنها نزلت في المسير في حجة الوداع، وقال: وقد روى ابن مردوية عن طريق أبي هارون العبدي، عن أبي سعيد الخدري، أنها نزلت على رسول الله يوم غدير خم حين قال لعلي: " من كنت مولاه فعلي مولاه " ثم رواه عن أبي هريرة وفيه أنه اليوم الثامن عشر من ذي الحجة، يعن مرجعه عليه السلام من حجة الوداع، ولا يصح هذا ولا هذا ، بل الصواب الذي لا شك فيه ولا مريه أنها أنزلت يوم عرفة وكان يوم جمعة، كما روى ذلك أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، وعلي بن أبي طالب، وأول ملوك الإسلام معاوية بن أبي سفيان (63) وترجمان القرآن عبد الله بن عباس،و سمرة بن جندب ، وأرسله الشعبي وقتادة بن دعامة وشهر بن حوشب، وغير واحد من الأئمة والعلماء،و اختاره ابن جرير الطبري رحمه الله تعالى . ومن هنا يظهر أن الروايات الصحيحة تعارض ما ذهب إليه الجعفرية من نزول الآية الكريمة يوم الغدير ولكن أحد كتابهم أيد ما ذهبوا إليه بقوله بأنه " يؤكده النقل الثابت في تفسير الرازي 3 ص 529 عن أصحاب الآثار أنه لما نزلت هذه الآية على النبي لم يعمر بعد نزولها إلا أحداً وثمانين يوما، أو اثنين وثمانين، وعينه أبو السعود في تفسيره بهامش تفسير الرازي (ص52) وذكره المؤرخون منهم: أن وفاته في الثاني عشر من ربيع الأول، وكان فيه تسامحاً بزيادة يوم واحد على الاثنين والثمانين يوما بعد إخراج يومي الغدير والوفاة، وعلى أي فهو أقرب إلى الحقيقة من كون نزولها يوم عرفة كما جاء في صحيحي البخاري ومسلم وغيرهما(64) . لزيادة الأيام حينئذ. على أن ذلك معتضد بنصوص كثيرة لا محيص عن الخضوع لمفادها (65) .
أما النصوص الكثيرة التي يرى ألا محيص عن الخضوع لمفادها فقد سبق ذكر بعضها وبيان عدم الأخذ بها، فهي روايات ضعيفة السند متعارضة مع روايات صحيحة بل متواترة كما ذكر الحافظ ابن كثير .
ومن الواضح البين أن وراية الرازي للأيام إذا تعارضت مع هذه الروايات وجب طرح رواية الرازي. وليس من البحث العلمي الصحيح أن رواية تأتي في واحد كتب التفاسير تسقط بها روايات متعددة كثير صحيحة السند، جاءت عن طريق الأئمة أحمد والبخاري ومسلم وغيرهم .
وأول النصوص الكثيرة التي يرى مؤلف الغدير ألا محيص عن الخضوع لمفادها نص ذكر أن الطبري رواه بإسناد عن زيد بن أرقم في كتاب الولاية، وأشار إليه هنا حيث أثبت بالكامل عند ستدلال على آية التبليغ السابقة في غديره (66)، وبالرجوع إلى النص نجد أمراً عجيبا ! فهو يكاد يجمع ما يتصل بعقيدة الإمامية وغلاتهم في الإمامة، فهي لعلي بالنص، ثم في أولاده إلى يوم القيامة إلى القائم المهدي وغيرهم أئمة يدعون إلى النار، وهم وأتباعهم في الدرك الأسفل منها، والله تعالى ورسوله بريئان منهم000 الخ .
والمعروف أن شيخ المفسرين الطبري ليس شيعياً فضلا عن غلاتهم، ولكن صاحب الغدير بعد ذكر الرواية وروايات أخرى قال (67) بان الطبري أول من عرفناه ممن ذكر أن آية التبليغ نزلت حول قصة الغدير .
وأخذ يناقش الروايات التي جاءت في تفسير الطبري ليبين أنها لا تتعارض مع الرواية المذكورة في كتابه عن الولاية، مع أن الطبري متفق مع أهل التأويل كما ذكرنا من قبل عند مناقشة الآية الكريمة، أفكل أهل التأويل جعفرويون ؟!
وعند الحديث عن آية الإكمال هذه ذكر رواية الطبري وأشار إلى كتابه في الولاية، ولم يشر إلى تفسيره، ويتضح سر هذا وقد عرفنا الرأي الذي أختاره الطبري حيث استوهى الروايات المخالفة لرواية عمر بن الخطاب. إذاً لسنا في حاجة إلى بيان ضلال الباحث عندما يسيره هواه، ولكن أحب أن أقول هنا بأن كتاب الولاية في ضوء ما سبق أما أنه ألف ونسب إلى الطبري زورا انتصارا لمذهب، وأما أن الطبري جمع ما وجد من الولاية بغير نظر إلى مصادر الروايات، وفي كلتا الحالتين الكتاب لا وزن له، ولا يبين رأي الطبري (68) .
وإذا كانت آية التبليغ السابقة نزلت قبل آية الإكمال هذه - كما قال الجعفرية أنفسهم - فإن الروايات السابقة تدل على أن آية التبليغ نزلت قبل الغدير، مما يؤيد ما ذهب إليه جمهور المفسرين في تأويلها، ويعارض ما قاله الجعفرية من أنها خاصة بالاستخلاف يوم الغدير، وهذا دليل آخر يضاف إلى أدلة الجمهور.
ومما سبق رأينا أن آية الإكمال نزلت يوم عرفة ولكن لو فرضنا أنها نزلت يوم الثامن عشر من ذي الحجة يوم الغدير فإنها لا تعتبر دليلا على استخلاف علي، لأن هذا مبني على أساس أن آية التبليغ خاصة بالاستخلاف، وهذا غير ثابت كما بينت من قبل.
ويبقى بعد هذا ما يتعلق بأول سورة المعارج (( سأل سائل بعذاب واقع )) والسورة الكريمة " مكية " بالاتفاق ، وما ذكره
بعضهم (69) يستلزم أن تكون مدنية بل من أواخر ما نزل بالمدينة بعد حجة الوداع قبيل الوفاة: وشيخ طائفتهم الطوسي لم يعق في هذا الخطأ، ولذا قال: سورة المعارج مكية في قول ابن عباس والضحاك وغيرهما، وفسرها بما يتفق مع جمهور المفسرين، ولم يشر إلى أن التكذيب كان بالولاية، ولا أن جزاءا من هذه السورة نزل بالمدينة فضلا عن كونه بعد حجة الوداع(70).
وفي مجمع البيان ذكر الطبرسي مثل هذا التفسير (71) ثم زاد رواية عن جعفر بن محمد عن آبائه، قال: لما نصب رسول الله علياً عليه السلام يوم غدير خم وقال: من كنت مولاه فعلي مولاه، طار ذلك في البلاد، فقدم على النبي النعمان بن الحرث الفهري فقال: أمرتنا عن الله أن نشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله ، وأمرتنا بالجهاد والحج والصوم والصلاة والزكاة ففعلناها، ثم لم ترض بهذا حتى نصبت هذا الغلام فقلت: من كنت مولاه فعلي مولاه: فهذا شيء منك أم من الله ؟ فقال: والله الذي لا إليه إلا هو أن هذا من الله. فولى النعمان بن الحرث وهو يقول: اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء فرماه الله بحجر على رأسه فقتله ، وأنزل الله تعالى: (( سأل سائل بعذاب واقع)) ، ولكن هذه الرواية تتعارض مع ما ذكره الطبرسي نفسه حيث قال: " سورة المعارج مكية ، وقال الحسن: الا قوله: (( والذين في أموالهم حق معلوم )) (72) .
وفي بعض المواضع آخر (73) ذكر روايات تبين ترتيب نزول سورة القرآن الكريم وبحسب هذا الترتيب نجد سورة المعارج مدنية، وبعدها سبع سورة مكية أخرى، ثم ذكر السورة المدنية. وفي إحدى هذه الروايات: " وكانت إذا نزلت فاتحة سورة بمكة كتبت بمكة، ثم يزيد الله فيها ما يشاء بالمدينة".
ومعنى هذا أن سورة المعارج مكية وبالأخص فاتحتها والطبرسي في تفسيره الآخر" جوامع الجامع " الذي كتبه بعد أن اطلع على تفسير الكشاف للزمخشري أعجب به (74) - ذكر أن سورة المعارج مكية، وفسرها بما يتفق مع ميكتها،ولم يشر للرواية المنسوبة للإمام الصادق. وفي تفسير الآية الخامسة وهي (( فاصبر صبرا جميلا )) قال: فاصبر بتعلق بسأل سائل لأنهم استجعلوا العذاب استهزاء وتكذيبا بالوحي (75) .
فالطبرسي هنا لم يأخذ بالرواية المنسوبة للإمام الصادق، وما ذكره الطوسي موافقا به جمهور المفسرين فيه ما يكفي لرد ما ذهب إليه بعض الجعفرية .
تعقيب
وبعد المناقشة السابقة نقول:
1- ظهر أن عقيدة الإمامة عند المذهب الجعفري لا تستند إلى شيء من القرآن الكريم، واستدلالاتهم تنبني على الروايات متصلة بأسباب النزول، وتأويلات انفردوا بها، ولم يصح شيء من هذا ولا ذاك بما يمكن أن يكون دليلا يؤيد مذهبهم .
2- قال أحد مفسري الجعفرية عن أسباب النزول : " ما ذكروه من أسباب النزول كلها أو جلّها نظرية، بمعنى أنهم يردون غالبا الحوادث التاريخية، ثم يشفعونها بما يقبل الانطباق عليها من الآيات الكريمة فيعدونها أسباب النزول، ورما أدى ذلك إلى تجزئة آية واحدة، أو آيات ذات سياق واحد، ثم نسبة كل جزء إلى تنزيل واحد مستقر وإن أوجب ذلك اختلال نظم الآيات وبطلان سياقها. هذا أحد أسباب الوهن في نوح الروايات الواردة في أساب النزول (76) .
وما ذكره هذا المفسر الجعفري يكاد ينطبق على جميع الآيات الكريمة التي استدلوا بها .
ومن قبله قال الإمام أحمد بن حنبل: ثلاثة أمور ليس لها إسناد : التفسير والملاحم والمغازي (77) .
ويروي " ليس لها اصل" إسناد، لأن الغالب عليها المراسيل .
3- يرى الجعفري أن الاعتقاد بإمامة الأئمة الاثنى عشر ركن من أركان الإيمان، والقرآن الكريم - كيف لا يبين هذا الركن بنصوص ظاهرة من آياته البينات !
4- غلاة الجعفرية لم يكتفوا بالتأويلات الفاسدة، ووضع الروايات كأسباب للنزول، وإنما أقدموا على ما هو أشنع من هذا واشد جرما ، ذلك أنهم قالوا بتحريف القرآن الكريم، وحذف اسم علي منه في أكثر من موضع، وسيأتي لهذا مزيد بيان في بحث عن التفسير عندهم والذي جرفهم إلى هذا عقيدتهم في الإمامة، وجعلهم إياها ركنا من أركان الإيمان، فاللهم اهدنا الصراط المستقيم. والحمد لله تعالى في الأولى والآخرة، والصلاة ولسلام على رسوله المصطفى، وعلى آله وصحبه والله المستعان .
__________________________
(51) التبيان 3/587-588 .
(52) انظر مجمع البيان ط مكتبة الحياة 6/152-153، والميزان 6/43-64، وتفسير شبّر ص143، الغدير 1/214-229، مصباح الهداية ص 190-198 .
(53) تفسير الطبري تحقيق شاكر 10/467 .
(54) صاحب كتاب الغدير ذكر أن الطبري يرى أن الآية الكريمة نزلت في الغدير كما يذهب الجعفرية ( انظر كتابه 1/214-216-223 ) وما قاله الطبري يتفق مع أهل التأويل - كما نص هو على هذا - وإن اختلفوا في السبب الذي من أجله نزلت، ومعنى هذا أن أهل التأويل متفقون على صحة ما ذهب إليه الجعفرية لو صح ما ذكره صاحب الغدير ! قول غريب نعود إليه في الحديث عن الآية التالية .
(55) تفسير ابن كثير 2/77-78 .
(56) المصدر السابق 2/79 .
(57) انظر الرواية وتخريجها، وبيان صحة سندها في المسند ج 3 رواية رقم 1977 تحقيق الشيخ أحمد شاكر، وأشار إلى روايات أخرى مؤيدة، وفي التعليق تفسير للجزء الأخير بأن الخيل كانت في بني هاشم قليلة فأحب أن تكثر فيهم .
(58) تفسير الألوسي 2/349 .
(59) انظر مثل ما ذكره الأولسي هنا في الكشاف 1/631، البحر المحيط 3/530 .
(60) تفسير الألوسي 2/352 .
(61) انظر تفسير الآية الكريمة في الطبري تحقيق شاكر 9/517-531 وابن كثير 2/12-14، والكشاف 1/593، والألوسي 2/248-249، والقرطبي 6/61-63، والبحر المحيط 3/426 .
(61) راجع للجعفرية: تفسير التبيان 3/435-436، ومجمع البيان ط مكتبة الحياة 6/25-26، وجوامع الجامع ص 104، وتفسير شبّر ص 133، مصباح الهداية ص 204-205 .
(62) الرواية صحيحة الإسناد، ورواها الإمام أحمد بسند صحيح آخر، انظر الروايتين رقم 188، 272 في الجزء الأول من المسند .
(63) المروي في الصحاح الستة عن طريق معاوية في الأحكام ثلاثون حديثا، ذكرها ابن الوزير - من علماء الزيدية - في كتابه الروض الباسم، وأثبت صحتها ثم أثبت صحة باقي الأحاديث المروية عن طريقه في غير الأحكام، وأشار إلى أنه لم يرد حديث واحد عن طريق معاوية في ذم الإمام علي ( انظر كتابه 2/114-119) .
(64) من العجيب الغريب أن الروايات التي ينكرها هنا يستدل بها هي ذاتها في مكان آخر بشئ أخر! فذكر قول اليهود" لو نزلت فيها هذه الآية لاتخذنا يوم نزولها عيداً " ثم قال: وصدر من عمر ما يشبه التقرير لكلامه. وانتهى من هذا إلى أن يوم نزولها عيد وهو عيد الغدير! ولم يشر إلى يوم عرفة ! ( انظر الغدير 1/283) .
(65) المرجع السابق 1/230 .
(66) انظر المرجع المذكور 1/214-216 .
(67) راجع قوله في 1/223-225 .
(68) قد بحثت عن الكتاب المذكور فلم أجده، وبحثت عن أسماء الكتب المنسوبة للطبري فوجدت ما يزيد عن مائة كتاب، منها كتاب فضائل علين بن أبي طالب ، قال يا قوت الرومي في كتابه إرشاد الأريب إلى معرفة الأديب 6/452 بأن الطبري تكلم في أوله بصحة الأخبار الواردة في غدير خم، ثم تلاه بالفضائل، ولم يتم " فالطبري إذاً لم يتم كتابه، وهو - مع عشرات الكتب الأخرى - غير موجود، فلعل أحداً استغل هذا فأخرج كتاب بعنوان الولاية ونسبه للطبري. والرواية التي ذكرها صاحب كتاب الغدير عن زيد بن أرقم نقلا عن كتاب الولاية لا تصح بحال، وقد ذكرنا من قبل الروايات الصحيحة عن زيد بن أرقم كما رواها الإمامان أحمد ومسلم، فإذا كان الطبري قد صحح الأخبار الواردة في غدير خم كما قال يا قوت فإنها لا تزيد عما أخرج مسلم، وما صح من مسند أحمد ، أما أن يصح عنده ما لا يؤمن به، بل لا يقول به غلا الغلاة فهذا أمر مرفوض قطعا. ومن المعاصرين لشيخ المفسرين عالم شيعي اسمه محمد بن جرير بن رستم الطبري ويكنى أبا جعفر وله كتاب المسترشد في الإمامة ( انظر الفهرست للطوسي ص 158-159) فلعله صاحب كتاب الولاية واستغل التشابه بين الاسمين والكنيتين في نسبة الكتاب لشيخ المفسرين، وهو بلا أدنى شك يراه مما جاء به .
(69) سبق ذكر روايتهم في ص 8-9 .
(70) انظر التبيان 10/112-113 .
(71) انظر 10/352 .
(72) المرجع السابق 10/350 .
(73) انظر المرجع السابق 10/405 .
(74) انظر مقدمة جوامع الجامع ففيها بيان سبب التأليف، ومما جاء في هذه المقدمة ص 3: " وحثني وبعثني عليه أن خطر ببالي وهجس بضميري، بل ألقي في روعي، محبة الاستمداد من كلام جار الله العلامة ولطائفه، فإن لألفاظه لذة الجدة ورونق الحداثة ".
(75) انظر المرجع السابق ص 508-509 .
(76) تفسير الميزان 4/76-77 .
(77) مقدمة في أصول التفسير ص 20 .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عابر سبيل
عابر سبيل


♣♣♣« المدير العام »♣♣♣

معلومات اضافيه للعضو
♣♣ الجنس» ♣♣ الجنس» : ذكر
♣♣ مشَارَڪاتْي » ♣♣ مشَارَڪاتْي » : 33128
♣ ♣ نقاط» ♣ ♣ نقاط» : 98890
♣ ♣ العـمْرّ» ♣ ♣ العـمْرّ» : 39

بحوث ودراسات في حديث غدير خم .. Empty
https://alforqan.ahlamontada.com

بحوث ودراسات في حديث غدير خم .. Empty
مُساهمةموضوع: رد: بحوث ودراسات في حديث غدير خم ..   بحوث ودراسات في حديث غدير خم .. Emptyالسبت 18 أكتوبر 2014 - 21:30

متفرقات حول خبر الغدير

قوله أن حديث الغدير يعني الإمامة .
وقوفه في الحر الذي لا يطاق ليس دليلاً على أن علياً خليفة، فهذا لا يحتج به إلا مفلس ولعل هذه الحجة تقبل عقلاً في حال جمع النبي صلى الله عليه وسلم الناس وأمرهم بالذهاب لغدير خُم ثم ذكر لهم الحديث، ولكنه عندما قال ما قال كان عائداً من حجة الوداع وفي الطريق عند الغدير ذكر موالاة عليّ فلو كان يقصد بالموالاة الإمامة لذكرها في حجة الوداع التي خطبهم فيها بأهم ما يجب أن يعرفوه، وكان يقول ألا هل بلّغت، اللهم فاشهد، ولكن لما لم يكن هذا بلاغاً للناس فلم يذكره , ولتأكيد مقصد النبي صلى الله عليه وسلم بموالاة عليّ على أنها الحب والنصرة هو ما رواه احمد في الفضائل عن ابن بريدة عن أبيه قال (( بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم واستعمل علينا علياً، فلما رجعنا سأَلنا: كيف رأيتم صحبة صاحبكم؟ فإما شكوته أنا إما شكاه غيري فرفعت رأسي وكنت رجلاً من مكة، وإذا وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم قد احمرّ فقال: من كنت وليه فعليّ وليه )) خصائص أمير المؤمنين برقم (77) وأحمد في الفضائل برقم (947) وقال المحققان: صحيح. ومن هنا نعلم أن المولاة المقصودة هي الحب والنصرة.
قوله أن الإمام مسلم أخرج حديث الغدير في صحيحه .
نقول أن هذا من الكذب الذي تعود عليه القوم , فقد أخرج مسلم في حديث رقم ( 2408 ) ونصه : وأنا تارك فيكم ثقلين : أوّلهما كتاب الله فيه الهدى والنور ، فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به . فحثّ على كتاب الله ورغّب فيه . ثم قال : وأهل بيتي . أذكّركم الله في أهل بيتي ، أذكّركم الله في أهل بيتي ، أذكّركم الله في أهل بيتي . فقال له حصين : ومن أهل بيته يا زيد ؟ أليس نساؤه من أهل بيته ؟ قال : نساؤه من أهل بيته ، ولكنْ أهل بيته من حرم الصّدقة بعده . قال : ومن هم ؟ قال : هم آل علي وآل عقيل وآل جعفر وآل عباس . قال : كلّ هؤلاء حرم الصدقة ؟ قال : نعم . )) وليس في هذا الحديث أي دليل على التمسك وأتباع أهل البيت , إنما فيه الحث على برهم ومعرفة حقهم , فالحث على الأخذ والتمسك بالقرآن الكريم دونما سواه .
قوله أن نزول آية ( يا أيها النبي بلغ ) كان بعد حادثة الغدير .
يقول الرافضة أن تعيين علي بن أبي طالب كان من تمام الدين إذ لم يتفرق الناس حتى نزل قوله تعالى { اليوم أكملت لكم دينكم } ، و ساقوا على ذلك أحاديث ضعيفة رواها مطر الوراق و هو ضعيف . تقريب التهذيب (2/256) ، وبالإضافة إلى ضعف الأسانيد فإن هذه الروايات تخالف الأحاديث الصحاح التي أثبتت أن الآية { اليوم أكملت لكم دينكم } نزلت في حجة الوداع . راجع البخاري (5/285) . أما عن الآية الكريمة فيقول العلماء : أنها نزلت في حجة الوداع لتبين للناس أن الله سبحانه وتعالى أكمل لهم دينهم فإفرادهم بالبلد الحرام وإجلاء المشركين جامع البيان للطبري (4/51 ) . فعلم أنه لم يكن في غدير خم أمرٌ بشرع نزل إذ ذاك ، لا في حق علي ولا في غيره ، أما النسبة لحادثة الغدير فقد كانت بعد حجة الوداع و بالتحديد يوم الثامن عشر من ذي الحجة . انظر السيرة النبوية في ضوء المصادر الأصلية لمهدي رزق ( ص 678 ). كما روي الحديث في صحيح مسلم كذلك . و بما أنها حدثت بعد حجة الوداع فالأهمية تكمن في أن الرسول صلى الله عليه وسلم لو أراد أن يبلغ بشرع جديد أو بالوصية لعلي ، لفعل ذلك في أثناء الحج وفي يوم عرفة لاجتماع الناس ولم يؤجله إلى بعد الحج ، كما أن ميقات أهل المدينة هو ذا الحليفة ، والحجفة تقع على بعد أميال كثيرة من الميقات والغدير يقع في الجحفة ، و ليس هناك أي شيء يستدل به الرافضة ليتمسكوا به كدليل لهم ، فإن الحج قد انتهى و الوفود قد انطلقت إلى بلادها ومن بقي من أهل المدينة هم الذين سافروا مع النبي صلى الله عليه وسلم فلو أراد الرسول صلى الله عليه وسلم أن يحدث الناس بهذا الخبر فإنه لم يؤجله إلى نهاية الحج ، و لو أنه أراد فعلاً أن يبلغ هذا الأمر لفعل في الموسم لأن الناس كانوا يأخذون عنه صلى الله عليه وسلم مناسكهم ، فكانت فرصة كبيرة ليبلغ هذه الوصية .
قوله أن تلك القصة ذكرها كل المفسرين !
نقول ليس هذا بغريب عن من يقول إلهي ومعبودي هو الكذب !! فلو فتحنا تفسير الطبري والقرطبي والجلالين وابن الجوزي ومجاهد والصنعاني والثوري والتي تُعد من أشهر تفاسير المسلمين لما وجدنا فيها حرفاً من ذلك !! إنما فقط ذكرها ابن كثير في تفسيره وقال : (( عن أبي سعيد الخدري أنها نزلت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم غدير خم حين قال لعلي " من كنت مولاه فعلي مولاه " ثم رواه عن أبي هريرة وفيه أنه اليوم الثامن عشر من ذي الحجة يعني مرجعه - عليه السلام - من حجة الوداع ولا يصـح لا هذا ولا هذا بل الصواب الذي لا شـك فيه ولا مرية أنها أنزلت يوم عرفة وكان يوم جمعة !! )) تفسير ابن كثير جـ 2 ص ( 15 ) فمرحى بالصدق !! وقديماً قيل في الأمثال : أكـذب من رافضي !!
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عابر سبيل
عابر سبيل


♣♣♣« المدير العام »♣♣♣

معلومات اضافيه للعضو
♣♣ الجنس» ♣♣ الجنس» : ذكر
♣♣ مشَارَڪاتْي » ♣♣ مشَارَڪاتْي » : 33128
♣ ♣ نقاط» ♣ ♣ نقاط» : 98890
♣ ♣ العـمْرّ» ♣ ♣ العـمْرّ» : 39

بحوث ودراسات في حديث غدير خم .. Empty
https://alforqan.ahlamontada.com

بحوث ودراسات في حديث غدير خم .. Empty
مُساهمةموضوع: رد: بحوث ودراسات في حديث غدير خم ..   بحوث ودراسات في حديث غدير خم .. Emptyالسبت 18 أكتوبر 2014 - 21:31

روايات الغدير


ذكرت من قبل ما قاله الجعفرية من أن الله سبحانه وتعالى أمر نبيه صلى الله عليه وسلم بأن ينص على على وينصبه علماً للناس ، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم امتثل للأمر - بعد تردد! وبلغ المسلمين عند غدير خم بعد منصرفه من حجة الوداع . وبحث ما قاله الرسول صلى الله عليه وسلم في الغدير يتعلق بالسنة ، ولكنهم ذكروا أن ثلاث آيات تتصل بهذه الحادثة ، آيتان من سورة المائدة ، وأول سورة المعارج كما بينت عند ذكر أدلتهم من القرآن الكريم . وآية التبليغ هي قوله تعالى :
" { يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ }" ([121])
ولم يكتف بعضهم بذكر أنها نزلت في على ، ولكن ذكر الأقوال المختلفة في أسباب النزول ، قال الطوسي ([122]) :
قيل في سبب نزول هذه الآية أربعة أقوال :
أحدها : قال محمد بن كعب القرظى وغيره : إن أعرابياً هم بقتل النبي صلى الله عليه وسلم فسقط السيف من يده وجعل يضرب برأسه شجرة حتى انتثر دماغه .
الثانى : أن النبي صلى الله عليه وسلم كلن يهاب قريشاً ، فأزال الله عز وجل بالآية تلك الهيبة . وقيل : كان للنبي صلى الله عليه وسلم حراس بين أصحابه ، فلما نزلت الآية قال : ألحقوا بملاحقكم ، فإن الله تعالى عصمنى من الناس .
الثالث : قالت عائشة : إن المراد بذلك إزالة التوهم أن النبي صلى الله عليه وسلم كتم شيئاً من الوحي للتقية .
الرابع : قال أبو جعفر وأبو عبد الله عليهما السلام : إن الله تعالى لما أوحى إلى النبي صلى الله عليه وسلم أن يستخلف علياً كان يخاف أن يشق ذلك على جماعة من أصحابه ، فأنزل الله تعالى هذه الآية تشجيعاً له على القيام بما أمره بأدائه .
ولم يناقش الطوسي ما قيل ، ولم يذكر ما يرجح أحد هذه الأقوال ، ولكن كثيراً من طائفته استدلوا بروايات على أنها استخلاف على([123]) ، وظاهر النص لا يدل على هذا ، والروايات كلها أقصى ما تبلغه لا تصل إلى مرتبة السنة ، فليس فيها ما أثر عن النبي صلى الله عليه وسلم ، على أنا لم نجد رواية واحدة صحيحة عن طريق الجمهور تؤيد ما ذهب إليه الجعفرية ، ولننظر إلى ما ذهب إليه المفسرون .
قال الطبري في تفسير الآية الكريمة :-
" هذا أمر من الله تعالى ذكره نبيه محمداً بإبلاغ هؤلاء اليهود والنصارى من أهل الكتابين الذين قص تعالى ذكره قصصهم في هذه السورة ، وذكر فيها معايبهم وخبث أديانهم واجتراءهم على ربهم وتوثبهم على أنبيائهم ، وتبديلهم كتابه ، وتحريفهم إياه ، ورداءة مطاعمهم ومآكلهم ، وسائر المشركين وغيرهم ، ما أنزل عليه فيهم من معايبهم ، والإزراء عليهم ، والتقصير بهم والتهجين لهم ، وما أمرهم به وما نهاهم عنه ، وأن لا يشعر نفسه حذراً منهم أن يصيبوه في نفسه بمكروه ما قام فيهم بأمر الله ، و لاجزعاً من كثرة عددهم وقلة عدد من معه ، وأن لايتقى أحداً في ذات الله ، فإن الله تعالى ذكره كافيه كل أحد من خلقه ، ودافع عنه مكروه كل من يبغى مكروهه ، وأعلمه تعالى ذكره أنه إن قصر عن إبلاغ شئ مما يبلغ إليه إليهم ، فهو في تركة تبليغ ذلك وإن قل ما لم يبلغ منه فهو في عظيم ما ركب بذلك من الذنب بمنزلته لو لم يبلغ من تنزيله شيئاً . وبما قلنا في ذلك قال أهل التأويل " ([124]) .
والذى ذهب إليه أهل التأويل هو الذي يتفق مع سياق الآيات الكريمة ، ومع تكملة الآية ذاتها . والخروج على السياق وفصل صدر الآية عن عجزها لا يجوز بغير أدلة صحيحة .
والطبرى بعد أن ذكر اتفاق أهل التأويل في المراد من الآية الكريمة ، ذكر أنهم اختلفوا في السبب الذي من أجله نزلت ، فقال بعضهم نزلت بسبب أعرابى كان هُّم بقتل رسول الله صلى الله عليه وسلم فكفاه الله إياه ، وقال آخرون : بل نزلت لأنه كان يخاف قريشـاً ، فأومن من ذلك ، وذكر روايـات القائلين بهذين القولين ([125]).
أما الحافظ ابن كثير فقد توسع في الحديث عن هذه الآية الكريمة ، حيث قال :
" يقول تعالى مخاطباً عبده ورسوله محمداً صلى الله عليه وسلم باسم الرسالة ، وآمراً له بإبلاغ جميع ما أرسله الله بذلك به وقد امتثل عليه أفضل الصلاة والسلام ذلك ، وقام به أتم القيام ، قال البخاري عند تفسير هذه الآية : حدثنا محمد بن يوسف ، حدثنا سفيان ، عن إسماعيل ، عن الشعبي ، عن مسروق ، عن عائشة رضي الله عنها ، قالت : من حدثك أن محمداً كتم شيئاً مما أنزل الله عليه فقد كذب ، وهو يقول :
"{ يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ }" الآية هكذا رواه ههنا مختصراً ، وقد أخرجه في مواضع من صحيحه مطولاً ، وكذا رواه مسلم في كتاب الإيمان ، والتزمذى والنسائى في كتاب التفسير من سننهما ، من طرق عن عامر الشعبي ، عن مسروق بن الأجدع ، عنها رضي الله تعالى عنها . وفى الصحيحين عنها أيضاً أنها قالت : لو كان محمد صلى الله عليه وسلم كاتماً شيئاً من القرآن لكتم هذه الآية :-
" { وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَاهُ }" ([126])
وقال ابن أبى حاتم :
حدثنا أحمد بن منصور الرمادى ، حدثنا سعيد بن سليمان ، حدثنا عباد ، عن هارون بن عنترة ، عن أبيه قال : كنت عند ابن عباس فجاء رجل فقال له : إن ناساً يأتونا يخبرونا أن عندكم شيئاً لم يبده رسول الله صلى الله عليه وسلم للناس ، فقال ابن عباس : ألم تعلم أن الله تعالى قال :-
"{ يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ }" والله ما ورثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم سوداء في بيضاء وهذا إسناد جيد . وهكذا في صحيح البخاري من رواية أبى جحيفة وهب بن عبد الله السوائى قال : قلت لعلى بن أبى طالب رضي الله عنه : هل عندكم شئ من الوحي مما ليس في القرآن ؟ فقال : لا والذى فلق الحبة وبرأ النسمة إلا فهما يعطيه الله رجلا في القرآن وما في هذه الصحيفة قلت : وما في هذه الصحيفة ؟ قال : العقل ([127]) ، وفكاك الأسير ، وأن لا يقتل مسلم بكافر .
وقال البخاري :
قال الزهرى : من الله الرسالة ، وعلى الرسول البلاغ ، وعلينا التسليم . وقد شهدت له أمته بإبلاغ الرسالة وأداء الأمانة ، واستنطقهم بذلك في أعظم المحافل في خطبته يوم حجة الوداع ، وقد كان هناك من أصحابه نحو أربعين ألفاً ، كما ثبت في صحيح مسلم عن جابر بن عبد الله ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في خطبته يومئذ : " أيها الناس إنكم مسئولون عنى فما أنتم قائلون ؟ " قالوا : نشهد أنك قد بلغت وأديت ونصحت . فجعل يرفع أصبعه إلى السماء وينكسها إليهم ويقول : " اللهم هل بلغت " . قال الإمام أحمد : حدثنا ابن نمير حدثنا فضيل يعنى ابن غزوان ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع " يا أيها الناس أي يوم هذا ؟ " قالوا : يوم حرام ، قال : " أي بلد هذا ؟ " قالوا : بلد حرام ، قال : " فأي شهر هذا " قالوا : شهر حرام ، قال : " فإن أموالكم ودماءكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا من شهركم هذا " مراراً قال : يقول ابن عباس : والله لوصية إلى ربه عز وجل ، ثم قال : ألا فليبلغ الشاهد الغائب ، ولا ترجعوا بعدى كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض " . وقد روى البخاري عن على بن المديني ، عن يحيى بن سعيد ، عن فضيل بن غزوان به نحوه ، وقوله تعالى :
" { وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ }" يعنى وإن لم تؤد إلى الناس ما أرسلتك به فما بلغت رسالته ، أي وقد علم ما يترتب على ذلك لو وقع ، " وقال على بن أبى طلحة عن ابن عباس" { وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ } يعنى إن كتمت آية مما أنزل إليك من ربك لم تبلغ رسالته([128]) . ا . هـ .
ثم استمر ابن كثير في تفسيره ليبين ما يتعلق بتتمة الآية الكريمة . وأشار إلى كيد المشركين وأهل الكتاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم الذي عصمه الله تعالى منهم ، وقال بعد أن ذكر شيئاً من كيدهم : " ولهذا أشباه كثيرة جدا يطول ذكرها . فمن ذلك ما ذكره المفسرون عن هذه الآية الكريمة " ([129]) ، وذكر بعض روايات الطبري وغيره .
وهكذا نجد أن تفسير الآية الكريمة لا يتفق مع ما ذهب إليه الجعفرية .
وبالإضافة إلى ما ذكره المفسرون روى الإمام أحمد ، وأصحاب السنن الأربعة عن ابن عباس قال : " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم عبداً مأموراً بلغ والله ما أرسل به ، وما اختصنا دون الناس بشئ ليس ثلاثا ، أمرنا أن نسبغ الوضوء ، وأن لا نأكل الصدقة ، ولا ننزى حماراً على فرس " ([130]).
وهذه رواية صحيحة السند ، ونصها يتعارض مع تأويل الجعفرية .
على أن بعض المفسرين ناقش الشيعة فيما ذهبوا إليه ، وبين أنه قول لا يستقيم . قال الآلوسى عند تفسيره للآية الكريمة : ( أخبار الغدير التي فيها الأمر بالاستخلاف غير صحيحة عند أهل السنة ، ولا مسلمة لديهم أصلاً ) ([131]) وأيد هذا القول : ثم قال : ومما يبعد دعوى الشيعة من أن الآية نزلت في خصوص خلافة على كرم الله وجهه ، وأن الموصول فيها خاص كقوله تعالى : " وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ" فإن الناس فيه وإن كان عاماً إلا أن المراد بهم الكفار ، ويهديك إليه "{ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ }" فإنه في موضع التعليل بعصمته عليه الصلاة والسلام ([132]): وفيه إقامة الظاهر مقام المضمر ، أي لأن الله تعالى لا يهديهم إلى أمنيتهم فيك . ومتى كان المراد بهم الكفار بعد إرادة الخلافة : بل لو قيل لم تصح ، لم يبعد ، لأن التخوف الذي تزعمه الشيعة منه صلى الله عليه وسلم - وحاشاه - في تبليغ أمر الخلافة إنما هو من الصحابة. رضي الله تعالى عنهم - حيث إن فيهم - معاذ الله تعالى - من يطمع فيها لنفسه ، ومتى رأي حرمانه منها لم يبعد قصد الإضرار برسول الله صلى الله عليه وسلم ، والتزام القول - والعياذ بالله عز وجل - بكفر من عرضوا بنسبة الطمع في الخلافة إليه ، مما يلزمه محاذير كلية أهونها تفسيق الأمير كرم الله وجهه وهو هو ، أو نسبة الجبن إليه وهو أسد الله تعالى الغالب ، أو الحكم عليه بالتقية وهو الذي لا يأخذه في الله تعالى لومة لائم ، ولا يخشى إلا الله سبحانه ([133]).
ولقد وفق الآلوسى في الاستدلال عن طريق ربط الآية بعضها ببعض وتأويله الآية كما ذهب إليه جمهور المفسرين لا يحتاج إلى دليل ، لأنه أخذ بظاهر النص وعمومه ، وبدلالة السياق ، ولكن تخصيصها باستخلاف على هو الذي يحتاج إلى أدلة أصح وأكثر قبولاً من أدلة الجمهور المذكورة ، وهذا ما لم نجده . وروايات الغدير تناقش تفصيلاً في بحث متصل بالسنة النبوية الشريفة .
والآية الكريمة الأخرى من سورة المائدة هي "{ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي }" ([134]) وإختلف أهل التأويل في المراد بإكمال الدين ، فقال بعضهم : يعنى جل ثناؤه بقوله : "{ الْيَوْمَ أَكمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ }" اليوم أكملت لكم أيها المؤمنون فرائضى عليكم ، وحدودى وأمرى إياكم ونهى وحلالى وحرامى ، وتنزيلى من ذلك ما أنزلت منه في كتاب ، وتبيانى ما بينت لكم منه بوحيى على لسان رسولى ، والأدلة نصبتها لكم على جميع ما بكم الحاجة إليه من أمر دينكم ، فأتممت لكم جميع ذلك ، فلا زيادة فيه بعد هذا اليوم.
وقال آخرون : إن الله عز وجل أخبر نبيه -صلى الله عليه وسلم والمؤمنين به ، أنه أكمل لهم - يوم أنزل هذه الآية على نبيه - دينهم ، بإفرادهم البلد الحرام ، وإجلائه عنه المشركين ، حتى حجه المسلمون دونهم لا يخالطهم المشركون ، وهذا هو الذي اختاره الطبري وأيده ([135]).
والجعفرية لا يخرجون في تأويلهم عن القولين ، ولكنهم يزيدون أن الآية الكريمة نزلت بعد أن نصب النبي صلى الله عليه وسلم علياً علماً للأنام يوم غدير خم عند منصرفه من حجة الوداع ، ويروون هذا عن الإمامين الباقر والصادق ، ويرون أن الولاية آخر فريضة أنزلها الله تعالى ، ثم لم ينزل بعدها فريضة ([136]).
وفسر الطبرسي " وأتممت عليكم نعمتي " بولاية على بن أبى طالب ، وذكروا رواية عن أبى سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال بعد نزوله الآية الكريمة:الله أكبر على إكمال الدين وإتمام النعمة ، ورضا الرب برسالتي ، وولاية على بن أبى طالب من بعدى .
ولكن الطوسي لا يذكر مثل هذه الرواية ، ويفسر " وأتممت عليكم نعمتي " بقوله : " خاطب الله تعالى جميع المؤمنين بأنه أتم نعمته عليهم ، بإظهارهم على عدوهم المشركين ونفيهم إياهم عن بلادهم ، وقطعه طمعهم من رجوع المؤمنين وعودهم إلى ملة الكفر ، وانفراد المؤمنين بالحج والبلد الحرام ، وبه قال ابن عباس وقتادة والشعبي" .
ولم يشر الطوسي إلى الولاية ، وما ذكره كأنما نقل عن شيخ المفسرين ، فقد قال الطبري في تفسيره : " يعنى جل ثناؤه بذلك : وأتممت نعمتي ، أيها المؤمنون بإظهاركم على عدوى وعدوكم من المشركين ، ونفيي إياهم عن بلادكم ، وقطعي طمعهم من رجوعكم وعودكم إلى ماكنتم عليه من الشرك . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. وروى عن ابن عباس أنه قال : كان المسلمون والمشركون يحجون جميعاً ، فلما نزلت براءة : فنفُى المشركون عن البيت ، وحج المسلمون لا يشاركهم في البيت الحرام أحد من المشركين ، فكان ذلك في تمام النعمة : " وأتممت عليكم نعمتي ".
وعن قتادة : نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم عرفة يوم جمعة حين نفى الله المشركين عن المسجد الحرام ، وأخلص للمسلمين حجهم .
وعن الشعبي قال : نزلت هذه الآية بعرفات ، حيث هدم منار الجاهلية ، واضمحل الشرك ولم يحج معهم في ذلك العام مشرك .
وعن عامر قال : نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو واقف بعرفات ، وقد أطاف به الناس ، وتهدمت منار الجاهلية ومناسكهم واضمحل الشرك ، ولم يطف حول البيت عريان فأنزل الله :"{ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ }" . وعن الشعبي بنحوه .
إن روايات قتادة والشعبى التي ذكرها الطبري تعارض ما قيل من أن الآية الكريمة نزلت يوم الغدير . وهناك روايات أخرى صحيحة السند تثبت نزولها يوم عرفة يوم جمعة لا يوم الغدير . وذكر الطبري بعض هذه الروايات ، وروايات أخرى معارضة ، ثم قال : وأولى الأقوال في وقت نزول الآية القول الذي روى عن عمر بن الخطاب : أنها نزلت يوم عرفة يوم جمعة ، لصحة سنده ، ووهى أسانيد غيره .
وقال الحافظ ابن كثير : " قال الإمام أحمد : حدثنا أبى جعفر بن عون ، حدثنا أبو العميس ، عن قيس بن مسلم ، عن طارق بن شهاب قال : جاء رجل من اليهود إلى عمر بن الخطاب فقال : يا أمير المؤمنين ، إنكم تقرءون آية في كتابكم لو علينا معشر اليهود نزلت لاتخذنا ذلك اليوم عيداً . قال : وأي آية ؟
قال : قوله "{ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي }" فقال عمر : والله إنى لأعلم اليوم الذي نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم والساعة التي نزلت فيها على رسول الله صلى الله عليه وسلم عشية عرفة في يوم جمعة ([137]) ورواه البخاري عن الحسن بن الصباح عن جعفر بن عون به ، ورواه أيضاً مسلم والترمذى والنسائى أيضاً من طرق عن قيس بن مسلم به . ولفظ البخاري عند تفسير هذه الآية عن طريق سفيان الثوري عن قيس عن طارق قال : قالت اليهود لعمر : إنكم تقرءون آية لو نزلت فينا لاتخذناها عيداً . فقال عمر : إنى لأعلم حين أنزلت ، وأين أنزلت ، وأين رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أنزلت : يوم عرفة وأنا والله بعرفة . قال سفيان : وأشك كان يوم الجمعة أم لا : "{ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ }" الآية وشك سفيان رحمه الله إن كان في الرواية فهو تورع حيث شك هل أخبره شيخه بذلك أم لا ، وإن كان شكاً في كون الوقوف في حجة الوداع كان يوم جمعة فهذا ما إخاله يصدر عن الثوري رحمه الله ، فإن هذا أمر مقطوع به لم يختلف فيه أحد من أصحاب المغازي والسير ، ولا من الفقهاء ، وقد وردت في ذلك أحاديث متواترة لا يشك في صحتها، والله أعلم . وقد روى هذا عن غير وجه من عمر " .
وبعد هذه الروايات ذكر ابن كثير روايات الطبري التي صح سندها ، وهى تبين - كما سبق - أن الآية نزلت يوم الجمعة . ثم ذكر الروايات المعارضة ، وهى التي استوهاها الطبري ، وبين ضعفها ، ومنها ما روى عن الربيع بن أنس أنها نزلت في المسير في حجة الوداع ، وقال : وقد روى ابن مردويه عن طريق أبى هارون العبدى ، عن أبى سعيد الخدري ، أنها نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم غدير خم حين قال لعلى : " من كنت مولاه فعلى مولاه " . ثم رواه عن أبى هريرة وفيه أنه اليوم الثامن عشر من ذى الحجة ، يعنى مرجعه عليه السلام من حجة الوداع ، ولايصح هذا ولا هذا ، بل الصواب الذي لا شك فيه و لامرية أنها أنزلت يوم عرفة وكان يوم جمعة ، كما روى ذلك أمير المؤمنين عمر بن الخطاب ، وعلى بن أبى طالب ، وأول ملوك الإسلام معاوية بن أبى سفيان ، ([138]) وترجمان القرآن عبد الله بن عباس ، وسمرة بن جندب رضي الله عنهم ، وأرسله الشعبي وقتادة بن دعامة وشهر بن حوشب ، وغير واحد من الأئمة والعلماء ، واختاره ابن جرير الطبري رحمه الله .
ومن هنا يظهر أن الروايات الصحيحة تعارض ما ذهب إليه الجعفرية من نزول الآية الكريمة يوم الغدير ، ولكن أحد كتابهم أيد ما ذهبوا إليه بقوله بأنه " يؤكده النقل الثابت في تفسير الرازى ( 3 ص 529 ) عن أصحاب الآثار أنه لما نزلت هذه الآية على النبي صلى الله عليه وسلم لم يعمر بعد نزولها إلا أحداً وثمانين يوماً ، أو اثنين وثمانين ، وعينه أبو السعود في تفسيره بهامش تفسير الرازى (3 ص 523 ) وذكره المؤرخون منهم : إن وفاته صلى الله عليه وسلم في الثانى عشر من ربيع الأول ، وكأن فيه تسامحاً بزيادة يوم واحد على الاثنين والثمانين يوماً بعد إخراج يومى الغدير والوفاة ، وعلى أي فهو أقرب إلى الحقيقة من كون نزولها يوم عرفة كما جاء في صحيحى البخاري ومسلم وغيرهما ([139]) . لزيادة الأيام حينئذ ، على أن ذلك معتضد بنصوص كثيرة لا محيص عن الخضوع لمفادها " ([140]) .
أما النصوص الكثيرة التي يرى ألا محيص عن الخضوع لمفادها فقد سبق ذكر بعضها وبيان عدم الأخذ بها ، فهى روايات ضعيفة السند متعارضة مع روايات صحيحة بل متواترة كما ذكر الحافظ ابن كثير .
ومن الواضح البين أن رواية الرازى للأيام إذا تعارضت مع هذ الروايات وجب طرح رواية الرازى . وليس من البحث العلمي الصحيح أن رواية تأتى في أحد كتب التفاسير تسقط بها روايات متعددة كثيرة السند ، جاءت عن طريق الأئمة أحمد والبخاري ومسلم وغيرهم .
وأول النصوص الكثيرة التي يرى مؤلف الغدير ألا محيص عن الخضوع لمفادها نص ذكر أن الطبري رواه بإسناده عن زيد بن أرقم في كتاب الولاية ، وأشار إليه هنا حيث أثبته بالكامل عند استدلاله على آية التبليغ السابقة في غديره ([141]) ، وبالرجوع إلى النص نجد أمراً عجيباً ! فهو يكاد يجمع ما يتصل بعقيدة الإمامية وغلاتهم في الإمامة ، فهى لعلى بالنص ، ثم في أولاده إلى يوم القيامة إلى القائم المهدى ، وغيرهم أئمة يدعون إلى النار ، وهم وأتباعهم في الدرك الأسفل منها ، والله تعالى ورسوله بريئان منهم .... إلخ .
والمعروف أن شيخ المفسرين الطبري ليس شيعياً فضلاً عن غلاتهم ، ولكن صاحب الغدير بعد ذكر الرواية وروايات أخرى قال ([142]) بأن الطبري أول من عرفناه ممن ذكر أن آية التبليغ حول قصة الغدير .
وأخذ يناقش الروايات التي جاءت في تفسير الطبري ليبين أنها لا تتعارض مع الرواية المذكورة في كتابه عن الولاية ، مع أن الطبري متفق مع أهل التأويل كما ذكرنا من قبل عند مناقشة الآية الكريمة ، أفكل أهل التأويل جعفريون ؟!
وعند الحديث عن آية الإكمال هذه ذكر رواية الطبري وأشار إلى كتابه في الولاية ، ولم يشر إلى تفسيره ، ويتضح سر هذا وقد عرفنا الرأي الذي اختاره الطبري حيث استوهى الروايات المخالفة لرواية عمر بن الخطاب . إذن لسنا في حاجة إلى بيان ضلال الباحث عندما يسيره هواه ، ولكن أحب أن أقول هنا بأن كتاب الولاية في ضوء ما سبق إما أنه ألف ونسب إلى الطبري زورا وانتصارا لمذهب ، وإما أن الطبري جمع ما وجده من الولاية بغير نظر إلى مصادر الروايات : وفى كلتا الحالتين الكتاب لا وزن له ، ولا يبين رأي الطبري ([143]) .
وإذا كانت آية التبليغ السابقة نزلت قبل آية الإكمال هذه - كما قال الجعفرية أنفسهم - فإن الروايات السابقة تدل على أن آية التبليغ نزلت قبل الغدير ، مما يؤيد ما ذهب إليه جمهور المفسرين في تأويلها ، ويعارض ما قاله الجعفرية من أنها خاصة بالاستخلاف يوم الغدير ، وهذا دليل آخر يضاف إلى أدلة الجمهور .
ومما سبق رأينا أن آية الإكمال نزلت يوم عرفة ، ولكن لو فرضنا أنها نزلت يوم الثامن عشر من ذى الحجة يوم الغدير فإنها لا تعتبر دليلاً على استخلاف على ، لأن هذا مبنى على أساس أن آية التبليغ خاصة بالاستخلاف وهذا غير ثابت كما بينت من قبل .
ويبقى بعد هذا ما يتعلق بأول سورة المعارج "{ سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ }" .
والسورة الكريمة " مكية " بالاتفاق ، وما ذكره بعضهم ([144]) يستلزم أن تكون مدنية بل من أواخر ما نزل بالمدينة بعد حجة الوداع قبيل الوفاة : وشيخ طائفتهم الطوسي لم يقع في هذا الخطأ ، ولذا قال : سورة المعارج مكية في قول ابن عباس والضحاك وغيرهما . وفسرها بما يتفق مع جمهور المفسرين ، ولم يشر إلى أن التكذيب كان بالولاية ، ولا أن جزءاً من هذه السورة نزل بالمدينة فضلاً عن كونه بعد حجة الوداع ([145]).
وفى مجمع البيان ذكر الطبرسي مثل هذا التفسير، ثم زاد رواية عن جعفر ابن محمد عن آبائه ، قال : لما نصب رسول الله صلى الله عليه وسلم علياً عليه السلام يوم غدير خم ، وقال : من كنت مولاه فعلى مولاه ، طار ذلك في البلاد ، فقدم على النبي صلى الله عليه وسلم النعمان بن الحرث الفهرى فقال : أمرتنا عن الله أن نشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله ، وأمرتنا بالجهاد والحج والصوم والصلاة والزكاة ففعلناها ، ثم لم ترض حتى نصبت هذا الغلام فقلت : من كنت مولاه فعلى مولاه : فهذا شىء منك أو أمر من عند الله ؟ فقال : والله الذي لا إله إلا هو إن هذا من الله ، فولى النعمان ابن الحرث وهو يقول : " اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء " ، فرماه الله بحجر على رأسه فقتله ، وأنزل الله تعالى: "{ سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ }" .
ولكن هذه الرواية تتعارض مع ما ذكره الطبرسي نفسه حيث قال: "سورة المعارج مكية ، وقال الحسن : إلا قوله "{ وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ }"([146]) .
وفى موضع آخر ذكر روايات تبين ترتيب نزول سور القرآن الكريم ، وبحسب هذا الترتيب نجد سورة المعارج مكية ، وبعدها سبع سور مكية أخرى ، ثم ذكر السور المدنية . وفى إحدى هذه الروايات : " وكانت إذا نزلت فاتحة سورة بمكة كتبت بمكة ، ثم يزيد الله فيها ما يشاء بالمدينة " .
ومعنى هذا أن سورة المعارج مكية وبالأخص فاتحتها ، والطبرسي في تفسيره الآخر " جوامع الجامع " الذي كتبه بعد أن اطلع على تفسير الكشاف للزمخشرى وأعجب به ([147]) ، ذكر أن سورة المعارج مكية ، وفسرها بما يتفق مع مكيتها ، ولم يشر للرواية المنسوبة للإمام الصادق . وفى تفسير الآية الخامسة وهى" فَاصْبِرْ صَبْرًا جَمِيلًا " قال : فاصبر يتعلق بسأل سائل لأنهم استعجلوا العذاب استهزاء وتكذيباً بالوحي([148]) .
فالطبرسي هنا لم يأخذ بالرواية المنسوبة للإمام الصادق ، وما ذكره الطوسي موافقاً به جمهور المفسرين فيه ما يكفى لرد ما ذهب إليه بعض الجعفرية.
*****
تعقيب
بعد المناقشة السابقة نقول :-
ظهر أن عقيدة الإمامة عند المذهب الجعفرى لا تستند إلى شىء من القرآن الكريم ، واستدلالاتهم تنبنى على روايات متصلة بأسباب النزول ، وتأويلات انفردوا بها ، ولم يصح شئ من هذا ولا ذاك بما يمكن أن يكون دليلاً يؤيد مذهبهم .
قال أحد مفسرى الجعفرية عن أسباب النزول :
" ما ذكروه من أسباب النزول كلها أو جلها نظرية ، بمعنى أنهم يردون غالباً الحوادث التاريخية ، ثم يشفعونها بما يقبل الانطباق عليها من الآيات الكريمة فيعدونها أسباب النزول ، وربما أدى ذلك إلى تجزئة آية واحدة ،أو آيات ذات سياق واحد ، ثم نسبة كل جزء إلى تنزيل واحد مستقر وإن أوجب ذلك اختلال نظم الآيات وبطلان سياقها . وهذا أحد أسباب الوهن في نوع الروايات الواردة في أسباب النزول ([149]).
وما ذكره هذا المفسر الجعفرى يكاد ينطبق على جميع الآيات الكريمة التي استدلوا بها .
ومن قبل قال الإمام أحمد بن حنبل :
ثلاثة أمور ليس لها إسناد : التفسير والملاحم والمغازى ([150]).
ويروى " ليس لها أصل " أي إسناد ، لأن الغالب عليه المراسيل .
يرى الجعفرية أن الاعتقاد بإمامة الأئمة الاثنى عشر ركن من أركان الإيمان، والقرآن الكريم – تبيان كل شيء – كيف لا يبين هذا الركن بنصوص ظاهرة من آياته البينات .
غلاة الجعفرية لم يكتفوا بالتأويلات الفاسدة ، ووضع الروايات كأسباب للنزول ، وإنما أقدموا على ما هو أشنع من هذا وأشد جرماً ، ذلك أنهم قالوا بتحريف القرآن الكريم ، وحذف اسم على منه في أكثر من موضع ، وسيأتي لهذا مزيد بيان في بحث التفسير عندهم في الجزء الثانى من هذه الموسوعة ، والذي جرفهم إلى هذه عقيدتهم في الإمامة ، وجعلهم إياها ركناً من أركان الإيمان .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عابر سبيل
عابر سبيل


♣♣♣« المدير العام »♣♣♣

معلومات اضافيه للعضو
♣♣ الجنس» ♣♣ الجنس» : ذكر
♣♣ مشَارَڪاتْي » ♣♣ مشَارَڪاتْي » : 33128
♣ ♣ نقاط» ♣ ♣ نقاط» : 98890
♣ ♣ العـمْرّ» ♣ ♣ العـمْرّ» : 39

بحوث ودراسات في حديث غدير خم .. Empty
https://alforqan.ahlamontada.com

بحوث ودراسات في حديث غدير خم .. Empty
مُساهمةموضوع: رد: بحوث ودراسات في حديث غدير خم ..   بحوث ودراسات في حديث غدير خم .. Emptyالسبت 18 أكتوبر 2014 - 21:31

بحث عن غدير خم

بدعة غدير خم[42]
المطلب الأول : حديث غدير خم .
عن زيد بن أرقم – رضي الله عنه – قال : قام رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً فينا خطيباً بماء يُدعى خما بين مكة والمدينة ، فحمد الله وأثني عليه ، ووعظ وذكر ، ثم قال : (( أما بعد ، ألا أيها الناس ! فإنما أنا بشر يوشك أن يأتي رسول ربي فأجيب ، وأنا تارك فيكم ثقلين : أولهما كتاب الله فيه الهدى والنور ، فخذوا بكتاب الله ، واستمسكوا به )) . فحثَّ على كتاب الله ورغب فيه . ثم قال : (( وأهل بيتي ، أذكركم الله في أهل بيتي ، أذكركم الله في أهل بيتي ، أذكركم الله في أهل بيتي ..... )) الحديث [43].
وعن البراء بن عازب – رضي الله عنه – قال : كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفرٍ، فنزلنا بغدير خم ، فنودي فينا الصلاة جامعة ، وكسح [44] لرسول الله صلى الله عليه وسلم تحت شجرتين فصلى الظهر وأخذ بيد علي – رضي الله عنه – فقال : (( ألستم تعلمون أني أولى بالمؤمنين من أنفسهم ؟ )) .
قالوا : بلى . قال : (( ألستم تعلمون أني أولى بكل مؤمن من نفسه ؟ )) . قالوا : بلى . قال : فأخذ بيد علي فقال : (( من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه )) . قال : فلقيه عمر بعد ذلك فقال له : هنيئاً يا ابن أبي طالب ! أصبحت وأمسيت ولي كل مؤمن ومؤمنة ))[45] .
وروى الحاكم في المستدرك عن زيد بن أرقم – رضي الله عنه- قال : خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى انتهينا إلى غدير خم ، فأمر بروح [46] فكسح في يوم ما أتى علينا يوم كان أشد حراً منه ، فحمد الله وأثنى عليه وقال : (( يا أيها الناس! إنه لم يبعث نبي قط إلا ما عاش نصف ما عاش الذي كان قبله ، وإني أوشك أن أدعى فأجيب ، وإني تارك فيكم ما لن تضلوا بعده : كتاب الله عز وجل )) . ثم قام فأخذ بيد علي رضي الله عنه – فقال : يا أيها الناس !من أولى بكم من أنفسكم ؟)) قالوا : الله ورسوله أعلم . قال : (( من كنت مولاه فعلي مولاه ))[47] .
المطلب الثاني : أول من أحدث هذه البدعة .
أول من أحدث بدعة عيد غدير خم هو معز الدولة بن بويه ، وذلك في سنة 352هـ ببغداد [48].
قال ابن كثير في حوادث سنة 352هـ : ( وفي عشر ذي الحجة منها أمر معز الدولة بن بويه بإظهار الزينة في بغداد ، وأن تفتح الأسواق بالليل كما في الأعياد ، وأن تضرب الذبابات [49] والبوقات [50] ، وأن تشعل النيران في أبواب الأمراء ، وعند الشرط ، فرحاً بعيد الغدير – غدير خم – فكان وقتاً عجيباً مشهوداً ، وبدعة شنيعة ظاهرة منكرة )ا.هـ [51].
وقال المقريزي : ( اعلم أن عيد الغدير لم يكن عيداً مشروعاً ، ولا عمله أحد من سالف الأمة المقتدى بهم ، وأول ما عرف في الإسلام بالعراق أيام معز الدولة على بن بويه ، فإنه أحدثه في سنة اثنتين وخمسين وثلاثمائة فاتخذه الشيعة [52] من حينئذٍ عيداً) ا.هـ [53].
ويعتبر عيد ((غدير خم )) من الأعياد والمواسم التي كان العبيديون – ناصري البدعة – يقيمونها ويرعونها ، ويحافظون عليها ، وذلك لإثبات تشيعهم ومحبتهم لآل البيت ، الذي يدَّعُون الانتساب إليهم !! [54].
وأول ما أُقيم الاحتفال بهذا العيد المبتدع في مصر في الثامن عشر من ذي الحجة سنة 362هـ) [55]
المطلب الثالث : حكم هذا العيد .
لا شك في أن جعل الثامن عشر من ذي الحجة عيداً وموسماً من المواسم التي يحتفل الناس بها ، ويفرحون بقدومها ، ويخصُّونها بشيء من القرب كالإعتاق والذبح ونحو ذلك : بدعة باطلة ، وأساسها الذي اعتمدت عليه أمرٌ باطل لا شك في بطلانه ، وهو زعمهم أن النبي صلى الله عليه وسلم في اليوم الثامن عشر من شهر ذي الحجة سنة عشرة للهجرة ، وهو قافلٌ – عليه الصلاة والسلام – من حجة الوداع ، أوصى بالخلافة لعلي بن أبي طالب – رضي الله عنه – بمكان يسمى غدير خم .
وهذا يدلُّ دلالة واضحة على أن المبتدعين لهذا العيد ، والمعظمين له هم الشيعة ، فهم يفضلونه على عيدي الفطر والأضحى ، ويسمونه بالعيد الأكبر [56].
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله - ، في كلامه عن أنواع الأعياد الزمانية المبتدعة ، والتي قد يدخل فيها بعض بدع أعياد المكان والأفعال :
(النوع الثاني :ما جرى فيه حادثة كما كان يجري في غيره ،من غير أن يوجب ذلك جعله موسماً ، ولا كان السلف يعظمونه ، كثامن عشر ذي الحجة ، الذي خطب النبي صلى الله عليه وسلم فيه بغدير خم مرجعه من حجة الوداع ، فإنه صلى الله عليه وسلم خطب فيه خطبة وصَّى فيها باتباع كتاب الله ، ووصَّى فيها بأهل بيته ، كما روى ذلك مسلم في صحيحه [57]عن زيد بن أرقم – رضي الله عنه-.
فزاد بعض أهل الأهواء [58] في ذلك ، حتى زعموا أنه عهد إلى علي – رضي الله عنه – بالخلافة بالنص الجلي ، بعد أن فرش له ، وأقعده على فراش عالية ، وذكروا كلاماً وعملاً قد علم بالاضطراب أنه لم يكن من ذلك شيء ، وزعموا أن الصحابة تمالؤا على كتمان هذا النص ، وغصبوا الوصي حقه ، وفسَّقوا وكفَّرُوا إلا نفراً قليلاً . والعادة التي جبل الله عليها بني آدم ، ثم ما كان القوم عليه من الأمانة والديانة ، وما أوجبته شريعتهم من بيان الحق ، يوجب العلم اليقيني بأن مثل هذا اليوم عيداً محدث لا صل له ، فلم يكن في السلف لا من أهل البيت ولا من غيرهم ، من اتخذ ذلك اليوم عيداً ، حتى يحدث فيه أعمالاً ؛ إذ الأعياد شريعة من الشرائع ، فيجب فيها الاتباع لا الابتداع ، وللنبي صلى الله عليه وسلم خُطبٌ وعهودٌ ووقائع في أيام متعددة : مثل يوم بدر[59] ، وحنين[60] ، والخندق[61] ، وفتح مكة[62] ، ووقت هجرته ، ودخوله المدينة[63] ، وخطب له متعددة يذكر فيها قواعد الدين ، ثم لم يوجب ذلك أن يتخذ أمثال تلك الأيام أعياداً . وإنَّما يفعل مثل هذا النصارى ، الذين يتخذون أمثال أيام حوادث عيسى عليه السلام – أعياداً ، أو اليهود . وإنما العيد شريعة ، فما شرعه الله اتبع ، وإلا لم يحدث في الدين ما ليس منه )ا.هـ [64].
وقد أفتى شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – بأن اتخاذ يوم الثامن عشر من شهر ذي الحجة عيداً . بدعة ، لم يفعلها السلف ، ولم يستحبوها ، وأن ذلك موسم غير شرعي ، وإنما هو من المواسم المبتدعة [65]- والله أعلم -
---------------------------
[42] - غدير خم : يقع بين مكة والمدينة بالجحفة .
[43] - رواه أحمد في مسنده (4/366، 367) . ورواه مسلم في صحيحه (4/1873) كتاب فضائل الصحابة ، حديث رقم (2408) . ورواه الدارمي في سننه (2/431، 432) كتاب فضائل القرآن ، باب فضل من قرأ القرآن .
[44] - الكسح : الكنس ، وكسح البيت : كنسه . يُراجع : لسان العرب (2/571) مادة (كسح) .
[45] - رواه أحمد في مسنده (4/281) . ورواه الترمذي مختصراً في سننه (5/297) أبواب المناقب ، حديث رقم (3797) ، وقال : حديث حسن غريب . ورواه ابن ماجه في سننه (1/43) المقدمة ، حديث رقم (116) . قال البوصيري في زوائد ابن ماجه (1/19، 20) : (هذا إسناد ضعيف ، لضعف على بن زيد بن جدعان ، رواه الإمام أحمد في مسنده أيضاً من حديث) .ا.هـ .
[46] - الروح : برد نسيم الريح ، والمراد – والله أعلم - : مكان بارد مريح . يُراجع : لسان العرب (2/457) مادة (روح )
[47] - رواه الحاكم في المستدرك (3/533) كتاب معرفة الصحابة ، وقال : هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه . ووافقه الذهبي في تلخيصه .
ورواه الإمام أحمد بطرق كثيرة ، منها طرق لا تخلو من ضعف ، ومنها طرق بعض رواتها منهم من رُمِي بالتشيع ، ومنهم من وصف بالغلو في التشيع . فلتراجع الطرق في : (1/48، 118، 119، 152، 330، 4/368، 370، 372. 5/347، 350 ، 358، 361، 366، 370، 419) . ويراجع البداية والنهاية (5/234، 240، 7/379- 383) . ومما يدلُّ على كثرة ما رُوي فيه قول ابن كثير في ترجمة ابن جرير الطبري: ( وقد رأيت له كتاباً جمع فيه أحاديث غدير خم في مجلدين ضخمين ) . يُراجع : البداية والنهاية (11/165) ، وكذلك (5/233، 234) .
[48] - هي عاصمة العراق قديماً وحديثاً . وتقع على نهر دجلة . أول من جعلها مدينة الخليفة المنصور العباسي سنة 149هـ وأنفق عليها ثمانية عشر ألف ألف دينا ، فبناها مدورة وسورها وجعل داره وجامعها في وسطها ، وجعل لها أربعة أبواب . وقد صنَّف في بغداد وسعتها وعظمها وسعة بقعتها وما ورد فيها وما حدث بها الخطيب أبو بكر البغدادي في كتابه تاريخ بغداد (أربعة عشر مجلداً ) ما فيه الكفاية . يُراجع : معجم البلدان (1/456- 467) ، وتاريخ بغداد للخطيب البغدادي .
[49] - بحثت عن معناهم فلم أقف عليه ، ولعلها – والله أعلم - : نوع من الآلات التي تصدر صوتاً كالبوق ونحوه
[50] - الأبواق : جمع بوق ، والبوق : الذي ينفخ فيه ويزمر . يراجع : لسان العرب ( 10/31) ، مادة (بوق) .
[51] - يراجع : البداية والنهاية (11/ 272) .
[52] - الشيعة : هم الذين شايعوا علياً – رضي الله عنه – على الخصوص ، وقالوا بإمامته وخلافته نصاً ووصاية ، إما جلياً أو خفياً ، واعتقدوا أن الإمام لا تخرج من أولاده ، وإن خرجت فبظلم يكون من غيره ، أو بتقية من عنده ، وقالوا : ليست الإمامة قضية مصلحية تناط باختيار العامة ، بل هي قضية أصولية هو ركن الدين ،لا يجوز للرسول صلى الله عليه وسلم إغفاله وإهماله ،ولا تفويضه للعامة وإرساله ، ويجمعهم القول بوجوب التعيين والتنصيص ، وثبوت عصمة الأئمة وجوباً عن الكبائر والصغائر ، والقول بالتولي والتبري قولاً وفعلاً وعقداً ، إلا في حال التقية ، وهم خمس فرق : كيسانية ، وزيدية ،وإمامية ،وغلاة ، وإسماعيلية . يراجع : الملل والنحل للشهر ستاني ص(146) ، ومقالات الإسلاميين (1/65)،والفرق بين الفرق ص(15ـ17).
[53] - يُراجع : الخطط والآثار (1/388) .
[54] - يُراجع : الخطط والآثار للمقريزي (1/490) .
[55] - يُراجع : الخطط والآثار للمقريزي (1/489) .وقد أطال المؤلف في وصف الاحتفال بهذا العيد،وما يقع فيه من لبس الجديد من الثياب،وإعتاق الرقاب ، والإكثار من الذبح ، وقراءة نص الخلافة المزعوم من النبي صلى الله عليه وسلم إلى أمير المؤمنين على بن طالب – رضي الله عليه – قبل الزوال ... إلى غير ذلك .
[56] - يُراجع : مختصر التحفة الاثني عشرية للألوسي ص (208) .
[57] - رواه مسلم في صحيحه (4/1873) كتاب فضائل الصحابة ، حديث رقم (2408) . وتقدم تخريجه أيضاً في ص (376- 377) .
[58] - لاشك أنهم الشيعة .
[59] - بدر : ماء مشهور بين مكة والمدينة أسفل وادي الصفراء بينه وبين ساحل البحر ليلة ، ينسب إلى بدر بن يخلد بن النضر بن كنانة ، وبهذا الماء كانت الوقعة المشهورة التي اظهر الله بها الإسلام ، شهدها من الصحابة – رضوان الله عليهم - . يراجع : معجم البلدان (1/357، 358) .
[60] - حنين : هو واد قبل الطائف ، بينه وبين مكة بضعة عشر ميلا ، وهو : المواضع الذي هزم فيه الرسول صلى الله عليه وسلم هوازان وذلك سنة 8هـ . يراجع : معجم ما استعجم ص (471، 472) .
[61] - وهي المعروفة بغزوة الخندق أو غزوة الأحزاب وفيها اجتمعت القبائل بتحريض من اليهود على قتال النبي صلى الله عليه وسلم ومن هذه القبائل : قريش وبنو سليم ، وبنو أسد ، وفزارة ، وأشجع ، وبنو مرة ، وكان عددهم عشرة آلاف فلما سمع بهم الرسول صلى الله عليه وسلم استشار الصحابة فآشار عليه سلمان الفارسي- رضي الله عنه – بحفر خندق يحول بين العدو وبين المدينة ، فأمر به الرسول صلى الله عليه وسلم فبادر إليه المسلمون ، وعمل بنفسه فيه ، وكان حفر الخندق أمام جبل سلع الذي كان خلف ظهور المسلمين ، والخندق بينهم وبين الكفار ، وكان عدد المسلمين ثلاثة آلاف ، وكان ذلك سنة 5هـ. يراجع : زاد المعاد (3/296- 271) .
[62] - مدينة مكة المكرمة : أشهر من أن تعرف فهي قبلة المسلمين ، وبها بيت الله الحرام ، وأشرف بقعة على وجه الأرض . وكان فتح مكة سنة 8هـ .
[63] - المدينة : وكانت تسمى في الجاهلية : يثرب . وهي مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم ومهاجره، ورد في فضلها وأنها بلد حرام ، أحاديث كثيرة ، عقد لها البخاري كتاباً في صحيحه وسماه كتاب : فضائل المدينة ، وفيها مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم وقبره ومنبره اللذين ورد في أن ما بينهما روضة من رياض الجنة ، وبها استقر خير أمة محمد عليه والسلام من الخلفاء الراشدين والصحابة وبها ماتوا ودُفنوا. وفي شمالها يقع جبل أحد الذي وقعت عنده الغزوة المشهورة غزوة أحد ، وهي في حرة سبخة الأرض ، وبها نخيل كثيرة ومياه ومزارع . وتقع شمال مكة على نحو عشر مراحل (حوالي 450كم) . يراجع : معجم البلدان (5/82، 88) ، وصحيح البخاري (2/220- 255) كتاب فضائل المدينة .
[64] - يراجع : اقتضاء الصراط المستقيم (2/613- 615) .
[65] - يراجع : مجموعة فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية (25/298) .
المصدر : كتاب البدع الحولية
رأيت من المفيد أنْ أعقّب على صيدك الثمين تعقيبا ً يَزيده فائدةً بإذن الله، ويحيل فرحة َ الارفاض الكاذبة بما سمَّوهوا بعيد الغدير حسرة ً، ويملأ قلوبهم قرحة ً ، ويبيّنُ للعقلاء منهم ـ إن وُجِدوا ـ أنّ قومهم في ضلال مبين.
اقتباس:
أضيف بواسطة صائد الفوائد
وعن البراء بن عازب رضي الله عنه قال : كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفرٍ، فنزلنا بغدير خم ، فنودي فينا الصلاة جامعة ، وكُسِح لرسول الله صلى الله عليه وسلم تحت شجرتين فصلى الظهر وأخذ بيد علي رضي الله عنه فقال : "ألستم تعلمون أني أولى بالمؤمنين من أنفسهم ؟ " قالوا : بلى ، قال : "ألستم تعلمون أني أولى بكل مؤمن من نفسه ؟ " . قالوا : بلى ، قال : فأخذ بيد علي فقال : "من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه" . قال : فلقيه عمر بعد ذلك فقال له : "هنيئاً يا ابن أبي طالب ! أصبحت وأمسيت ولي كل مؤمن ومؤمنة".
[رواه أحمد في مسنده، والترمذي مختصراً في سننه: أبواب المناقب، وقال: حديث حسن غريب . ورواه ابن ماجه في سننه: المقدمة، وقال عنه البوصيري في زوائد ابن ماجه: (هذا إسناد ضعيف، لضعف على بن زيد بن جدعان) ] .ا.هـ .
وضعّف الالباني هذا الحديث وقال عنه في مشكاة المصابيح: (إسناده ضعيف...).
اقتباس:
أضيف بواسطة صائد الفوائد
وروى الحاكم في المستدرك عن زيد بن أرقم رضي الله عنه قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى انتهينا إلى غدير خم ، فأمر بروح فكُسِح في يوم ما أتى علينا يوم كان أشد حراً منه ، فحمد الله وأثنى عليه وقال:" ... إني أوشك أن أدعى فأجيب ، وإني تاركٌ فيكم ما لن تضلوا بعده : كتاب الله عز وجل" . ثم قام فأخذ بيد علي رضي الله عنه، فقال: "يا أيها الناس! من أولى بكم من أنفسكم؟" قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: "من كنت مولاه فعلي مولاه " .
رواه الحاكم في المستدرك، كتاب معرفة الصحابة، وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه . ووافقه الذهبي في تلخيصه.
ورواه الإمام أحمد بطرق كثيرة ، منها طرق لا تخلو من ضعف ، ومنها طرق بعض رواتها منهم من رُمِي بالتشيع ، ومنهم من وُصِف بالغلو في التشيع... !! ومما يدلُّ على كثرة ما رُوي فيه قول ابن كثير في ترجمة ابن جرير الطبري: ( وقد رأيت له كتاباً جمع فيه أحاديث غدير خم في مجلدين ضخمين ) . يُراجع : البداية والنهاية...
وقداختلف العلماء في تصحيح حديث: "من كنت مولاة فعلى مولاه" كما ذكر ذلك أئمة أهل الشأن. فبينما ذهب إلى تصحيحه الحاكم في المستدرك، ومن المعاصرين الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة، طعنت فيه طائفة من أهل العلم وضعّـفوه.
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: « وأما قوله: ( من كنت مولاه فعلي مولاه ) فليس في الصحاح لكن هو مما رواه العلماء، وتنازع الناس في صحته، فنُقِل عن البخاري وإبراهيم الحربي وطائفة من أهل العلم بالحديث أنهم طعنوا فيه وضعّـفوه، ونقل عن أحمد بن حنبل أنه حسنه، كما حسنه الترمذي، وقد صنف أبو العباس بن عقده مصنفاً في جمع طرقه». ‎( منهاج السنة 7/319 )
وقال ابن حزم: « "وأما من كنت مولاه فعلي مولاه" فلا يصح من طريق الثقات أصلاً».‎ (الفصل 4/224) . وقال مثل ذلك شيخ الاسلام ابن تيمية في منهاج السنة كذلك (4/13).
فمن العلماء إذن من ينكر هذا الحديث ولا يرى صحتَه أصلا ً. وأما الزيادة وهي قوله: "اللهم وال من والاه وعاد من عاداه" الخ. فباطلة، وقد أنكرها العلماء وذكروا أنها مزيدة في الحديث.
قال شيخ الإسلام: « وأما الزيادة وهي قوله: (اللهم وال من والاه وعاد من عاداه) الخ. فلا ريب أنه كذب، ونقل الأثرم في سننه، عن أحمد أن العباس سأله عن حسين الأشقر وأنه حدّث بحديثين: أحدهما: قوله لعلي: إنك ستعرض على البراءة مني فلا تبرأ. والآخر: " اللهم وال من والاه وعاد من عاداه" فأنكره أبو عبد الله إنكارا شديداً ولـم يشكّ في أنّ هذين الحديثين كذب».‎ (منهاج السنة 7/319).
وقال ابن تيمية رحمه الله في بعض فتاويه: ( وأما قوله من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من ولاه...الخ ) فهذا ليس في شيء من الأمهات إلا في الترمذي، وليس فيه إلا (من كنت مولاه فعلي مولاه) وأما الزيادة فليست في الحديث، وسُئل عنها الإمام أحمد فقال: "زيادة كوفيــة". ولا ريب أنها كذبٌ لِوجوه:
أحدها: أن الحق لا يدور مع معين إلا النبي صلى الله عليه وسلم ، لأنه لو كان كذلك لوجب اتباعه في كل ما قال، ومعلوم أن علياً ينازعه الصحابة في مسائل وجد فيها النص يوافق من نازعه، كالمتوفى عنها زوجها وهي حامل .
كما إنّ قوله: ( اللهم انصر من نصره...الخ ) هو خلاف الواقع، فقد قاتل معه أقوام يوم صفين فما انتصروا، وأقوام لم يقاتلوا معه فما خُذِلوا: كسعد بن الوقاص ـ رضي الله عنه ـ الذي فتح العراق لم يقاتل معه، وكذلك أصحاب معاوية وبني أمية الذين قاتلوه فتحوا كثيراً من بلاد الكفار ونصرهم الله.
وكذلك قوله: ( اللهم وال من والاه وعاد من عاداه ) مخالف لأصل الإسلام فإن القرآن قد بين أن المؤمنين إخوة مع قتالهم وبغي بعضهم على بعض». ( مجموع الفتاوى 4/417).
وعلى القول بصحة حديث " من كنت مولاه فعلي مولاه" فلا حُجة فيه للرافضة في دعواهم تفضيلَ عليّ على غيره من الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين، ولا في زعمهم أنه نص على خلافة علي رضي الله عنه، فإن >>الموالاة<<المذكورة في الحديث هي موالاة الاسلام التي هي ضد المعاداة أي أنها المحبة والمناصرة في الدين. لا >>الوِلاية<< التي هي الإمارة.
وهذه الوَلاية أي موالاة الإسلام ثابتة للمؤمنين فيما بينهم قال تعالى: { والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض}‎ والله عز وجل وليّهم جميعاً، وكذلك رسوله صلى الله عليه وسلم وليّ المؤمنين كما قال تعالى: {إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنــوا}.‎
قال ابن الأثير في النهاية: « تكرر ذكر المولى في الحديث وهو اسم يقع على جماعة كثيرة فهو: الرب، والمالك، والسيد، والمنعم، والمُعتِـق، والناصر، والمحب، والتابع، والجار، وابن العم، والحليف، والصهر، والعبد، والمعتَـق، والمنعَـم عليه، وأكثرها قد جاءت في الحديث، فيضاف كل واحد إلى ما يقتضيه الحديث الوارد فيه، وكل من ولي أمراً أو قام به فهو مولاه ووليّه، وقد تختلف مصادر هذه الأسماء >>فالوَلاية<< بالفتح في النسب، والنُصرة، والمُعتَـق .. >>والوِلاية<< بالكسر في الإمارة والوَلاء المُعتِـق .. >>والموالاة<< من والى القومَ، ومنه الحديث (من كنت مولاه فعلي مولاه) يُحمَل على أكثر الأسماء المذكورة. قال الشافعي - رضي الله عنه - يعني بذلك ولاءَ الإسلام، كقوله تعالى: { ذلك بأن الله مولى الذين آمنوا وأنّ الكافرين لا مولى لهم } ». (النهاية لابن الأثير 5/228).
وهذا المفهوم اللغوي الذي ذكره ابن الأثير هنا للفظة الموالاة في الحديث واستشهد له بقول الشافعي، هو الذي قرره العلماء المحققون في ردهم على الرافضة.
قال أبو نعيم: "..... دليل ذلك قول الله تبارك وتعالى:{ والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض }...". (الإمامة والرد على الرافضة لأبي نعيم ص217-220).
فهذا القول إذن إنْ صحّ فعلا أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قاله، لا يعدوأن يكون حثّا ً منه على محبة علي رضي الله عنه. ‎
يقول شيخ الإسلام بعد أن ذكر تضعيف العلماء لهذا الحديث: « ونحن نجيب بالجواب المركَّب، فنقول: إن لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم قاله فلا كلام، وإن كان قاله فلم يُرد قطعاً الخلافة َ بعده، إذ ليس في اللفظ ما يدل على ذلك، ومثل هذا الأمر العظيم يجب أن يُبَـلَّغ بلاغاً مبيناً، وليس في الكلام ما يدل دلالة بينة على أن المراد به الخلافة، وذلك أن المولى كالولي والله تعالى قال: { إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا }، وقال: { وإن تظاهرا عليه فإن الله هو مولاه وجبريل وصالح المؤمنين والملائكة بعد ذلك ظهير }‎، فبين أن الرسول وليّ المؤمنين وأنهم أي المؤمنون مواليه أيضاً، كما بين أن الله وليّ المؤمنين وأنهم أولياؤه، وأنّ المؤمنين بعضهم أولياء بعض، فالموالاة ضد المعاداة وهي تَثبت من الطرفين، وإن كان أحد المتواليَيْن أعظمَ قدراً، ووَلايته إحسان وتفضُّل، ووَلاية الآخر طاعة وعبادة...
وفي الجملة هناك فرقٌ بين الوليّ والمولى ونحو ذلك وبين الوالي ، فباب الوِلاية التي هي ضد العداوة شيء، وباب الوَلاية التي هي الإمارة شيء آخر، والحديث إنما هو في الأولى دون الثانية، والنبي صلى الله عليه وسلم لم يقل: من كنت واليه فعلي واليه، وإنما اللفظ: من كنت مولاه فعلي مولاه. وأما كون المولى بمعنى الوالي فهذا باطل، فإن الوَلاية تَـثبت من الطرفين، فإنّ المؤمنين أولياء الله وهو مولاهم».‎ (منهاج السنة 7/321-324). أما الوِلاية فلا تكون إلاّ من طرف واحد
اخي صائد الفوائد بارك الله فيك.
فتبين من هذا إذن أنّ المولاة التي أرادها النبي صلى الله عليه وسلم هي موالاة الإسلام التي هي ضد العداوة، والمستلزِمة للمحبة والمناصرة، دون الوِلاية التي هي الإمارة، ولهذا لم يستدل أحد من الصحابة، لا عليٌّ ولا غيره بهذا الحديث على استخلاف عليّ، ولا يُعرف هذا عن أحد من أهل العلم المُعتَـدّ بأقوالهم في الأمة، وإنما استدل به الرافضة الذين هم أجهل الناس بمدلولات النصوص وأبعدهم عن الفهم الصحيح.
فالذي صححه بعض أهل العلم من هذا الحديث دون البعض الآخرلا حجة للرافضة فيه إذن مطلقاً، وأما الزيادة وهي قوله: اللهم وال من والاه... وما بعدها. فلا عبرة لها لأنها كذبٌ كما قرر ذلك شيخ الإسلام وبيَّن بطلانَها رواية ً ودراية.
والصحيح الثابت أن الصحابة اتفقوا قاطبة على استخلاف الصديق، وقد دلت على ذلك النقول الصحيحة وأقوال المحققين من أهل العلم.
ففي صحيح البخاري من حديث عائشة الطويل في خبر البيعة لأبي بكر الصديق رضي الله عنه: "فقال عمر بل نبايعك أنت، فأنت سيدنا وخيرنا، وأحبنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأخذ عمر بيده فبايعه وبايعه الناس". أخرجه البخاري في ( كتاب فضائل الصحابة، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم لو كنت متخذاً خليلاً ) فتح الباري 7/19-20، ح3668.
وروى الحاكم عن عبدالله بن مسعود قال: "ما رأى المسلمون حسناً فهو عند الله حسن، وما رآه المسلمون سيئاً فهو عند الله سييء، وقد رأى الصحابة جميعاً أن يستخلفوا أبابكر رضي الله عنه ". (رواه الحاكم في المستدرك 3/83-84 وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي في التلخيص).
وأخرج النسائي والحاكم عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: " لما قُبض رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت الأنصار: منا أمير ومنكم أمير، فأتاهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال: يا معشر الأنصار ألستم تعلمون أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أمر أبابكر أن يـَـؤمَّ النــاس؟ فأيكم تطيــب نفســه أن يتقدم أبا بكر، فقالت الأنصار: نعوذ بالله أن نتقدم أبا بكر". أخرجه النسائي في (كتاب الإمامة - ذكر الإمامة والجماعة) 2/58، والحاكم في المستدرك 3/70 وقال هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه ، ووافقه الذهبي.
فدلت هذه الروايات الصحيحة على اتفاق الصحابة على بيعة أبي بكر وإجماعهم على ذلك، على ما صرّح بذلك الصحابة - رضي الله عنهم جميعا -. كما نقَـل هذا الإجماعَ غيرُ واحدٍ من الأئمة.
فعن معاوية بن قرة - رحمه الله - قال: "ما كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يشكّون أنّ أبا بكر خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وما كانوا يسمونه إلا خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وما كانوا يجتمعون على خطأ وضـــلال". (أورده السيوطي في تأريخ الخلفاء ص77).
وعن الإمام الشافعي - رحمه الله - قال: "أجمع الناس على خلافة أبي بكر الصديق، وذلك أنه اضطُرَّ الناسُ بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يجدوا تحت أديم السماء خيراً من أبي بكر فولَّوه رقابَهم ". (المصدر نفسه).
ويقول شيخ الإسلام ابن تيميه رحمه الله : « وأبو بكر بايعه المهاجرون والأنصار،الذين هم بطانة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والذين بهم صار للإسلام قوة وعزٌّ، وبهم قُهِـر المشركون، وبهم فتحت جزيرة العرب، فجمهور الذين بايعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم هم الذين بايعوا أبا بكر». (منهاج السنة 1/531).
ويقول أيضاً: « فلما اتفقوا على بيعته، ولم يقل أحد إني أحق بهذا الأمر منه، لا قرشي ولا أنصاري، فإنّ من نازع أولا من الأنصار لم تكن منازعته للصديق، بل طلبوا أن يكون منهم أمير، ومن قريش أمير، وهذه منازعة عامة لقريش، فلما تبين لهم أن هذا الأمر في قريش قطعوا المنازعة....ثم بايعوا أبا بكر من غير طلب منه، ولا رغبةٍ بُذلت لهم ولا رَهبةٍ، فبايعه الذين بايعوا الرسول تحت الشجرة، والذين بايعوه ليلة العقبة، والذين بايعوه لما كانوا يهاجرون إليه، والذين بايعوه لما كانوا يسلمون من غير هجرة كالطلقاء، ولم يقل أحد قط إنى أحق بهذا الأمر من أبي بكر، ولا قاله أحد في أحد بعينه: إن فلاناً أحق بهذا الأمر من أبي بكر». (منهاج السنة 6/454-455).
وقال الحافظ ابن كثيررحمه الله: « وقد اتفق الصحابة - رضي الله عنهم - على بيعة الصديق في ذلك الوقت، حتى علي بن أبي طالب، والزبير ابن العوام». (البداية والنهاية 6/306). ثم ساق الروايات الصحيحة الدالة على ذلك.
فثبت بهذا اتفاق الصحابة رضي الله عنهم وإجماعهم على بيعة أبي بكر رضي الله عنه كما دلت على ذلك الروايات الصحيحة عن الصحابة، وعن أئمة السلف من بعدهم، وما قرره العلماء المحققين في هذا.
ولا يقدح في هذا ما ثبت في صحيح البخاري من حديث عائشة رضي الله عنها أن علياً قد تخلف عن بيعة أبي بكر حياة َ فاطمة رضي الله عنها ثم إنه بعد وفاتها التمس مصالحة أبي بكر وبايعه معتذراً له بأنه ما كان ينافس أبا بكر في ما ساقه الله إليه من أمر الخلافة، لكنه كان يرى له حق المشورة لقرابته من رسول الله صلى الله عليه وسلم . انظر صحيح البخاري (كتاب المغازي، باب غزوة خيبر) فتح الباري 7/493، ح4240-4241.
فإن العلماء المحققين ذكروا أن هذه بيعة ثانية لإزالة ما كان قد وقع بسبب الميراث من وحشة، مع مبايعة علي لأبي بكر رضي الله عنهما في بداية الأمر :
قال ابن كثير - رحمه الله - بعد أن ساق بعض الروايات الدالة على مبايعة علي لأبي بكر في بداية عهده: « وهذا هو اللائق بعلي - رضي الله عنه - والذي تدل عليه الآثار من شهودِه معه الصلوات، وخروجِه معه إلى ذي القصة بعد موت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كما سنورده، وبذلِه له النصيحة َ والمشورة َ بين يديه، وأما ما يأتي من مبايعته إياه بعد موت فاطمة، وقد ماتت بعد أبيها عليه السلام بستة أشهر، فذلك محمول على أنها بيعة ثانية أزالت ما كان قد وقع من وحشة بسبب الكلام في الميراث، ومنعِـه إياهم ذلك بالنص من رسول الله صلى الله عليه وسلم ..». (البداية والنهاية 6/306-307).
وقال ابن حجر في شرح حديث عائشة رضي الله عنها المشار إليه آنفاً: « وقد تمسك الرافضة بتأخر علي عن بيعة أبي بكر إلى أن ماتت فاطمة، وهذيانُهم في ذلك مشهور. وفي هذا الحديث ما يدفع حجتهم. وقد صحح ابن حبان وغيره من حديث أبي سعيد الخدري وغيره: "أن علياً بايع أبا بكر في أول الأمر" وأما ما وقع في مسلم عن الزهري أن رجلاً قال له: " لم يبايع علي أبا بكر حتى ماتت فاطمة؟ قال : لا، ولا أحد من بني هاشم " فقد ضعفه البيهقي بأن الزهري لم يسنده ، وأن الرواية الموصولة عن أبي سعيد أصح ، وجمع غيره بأنه بايعه بيعة ثانية مؤكدة للأولى، لإزالة ما كان وقع بسبب الميراث كما تقدم، وعلى هذا فيحمل قول الزهري " لم يبايعه علي": في تلك الأيام على إرادة الملازمة له والحضور عنده، وما أشبه ذلك. فإن في انقطاع مثله عن مثله ما يوهم من لا يعرف باطن الأمر أنه بسبب عدم الرضا بخلافته، فأطلق من أطلق ذلك، وبسبب ذلك أظهر عليٌ المبايعة التي بعد موت فاطمة عليها السلام لإزالة هذه الشبهة». (فتح الباري 7/495).
ومما يشهد لصحة مبايعة علي والزبير لأبي بكر في بداية الأمر: ما رواه الحاكم من حديث إبراهيم بن عبدالرحمن بن عوف، وفيه أن أبا بكر رضي الله عنه لما بويع خطب الناس وذكَر مِن عدم حرصه على الخلافة، وعدم رغبته فيها إلى قوله: ( فقبل المهاجرون ما قال وما اعتذر به، قال علي والزبير رضي الله عنهما: ما غضِبنا إلا لأنا قد أُخِّرنا عن المشاورة ، وإنا نرى أبا بكر أحقَّ الناس بها بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ إنه لصاحب الغار وثاني اثنين، وإنا لنعلم بشرفه وكبره، ولقد أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم بالصلاة بالناس وهو حـيّ ). رواه الحاكم في المستدرك 3/70، ح4422 وقال صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه،ووافقه الذهبي.
وبهذا تندحض دعوى الرافضة ومن شايعهم في زعمهم أنّ الصحابة لم يتفقوا على مبايعة أبي بكر، وإنكارهِم إجماعَ الصحابة على بيعته، وتَبيَّن أن ما يستدلون به من بعض الأخبار الواردة في كتب التاريخ بتخلف بعض الأفراد عن بيعة أبي بكر رضي الله عنه لا تَـثبُت عند التحقيق، ولا تَقوى على معارضة الروايات الصحيحة الدالة على إجماع الصحابة على بيعة أبي بكر التي تناقلها المحدّثون في كتبهم، وحكموا عليها بالصحة والثبوت، وما نص عليه المحققون من أهل السنة من القطع بإجماع الصحابة على بيعة الصديق.
على أن خلافة أبي بكر الصدّيق رضي الله عنه لو لم ينعقد الإجماع عليها من الصحابة لم يكن ذلك قادحاً في صحتها، إذ أنه ليس من شرط البيعة إجماع الناس عليها ومبايعتهم جميعهم، كما هو مقرر عند العلماء في السياسة الشرعية. (1)
بل متى ما اتفق أهل الحل والعقد على رجل تمَّت له البيعة، ولزمت الجميعَ، وعلى هذا فلا يضر أبا بكر الصدّيقَ ولا يقدح في خلافته تأخر بعض الأفراد عن بيعته بعد اتفاق جمهور الصحابة عليها، بل إنّ هذا - لو ثبت - لكان قدحاً في حق المتخلفين عن بيعته، لخروجهم عن الجماعة، وما اتفق عليه أهل الرأي فيهم.
______________________________
(1) قال ابن جماعه: «ولا يُشترَط في أهل البيعة عددٌ مخصوص، بل من تيسر حضوره عند عقدها، ولا تتوقف صحتها على مبايعة أهل الأمصار، بل متى بلغَـتهم لزمهم الموافقة إذا كان المعقود له أهلاً لها». تحرير الأحكام في تدبير أهل الإسلام ص53.
المصدر : الانتصار للصحب والآل من افتراءات السماوي الضال. تأليف الدكتور إبرهيم بن عامر الرحيلي.
مع بعض التصرف الذي حرصتُ من خلاله أنْ أبرزَ بعضَ النقاط الهامة، وأن أُجليَ بعضَ ماغمض من معان ٍ ، وأن أزيلَ بعضَ ما التبس من أمور... فإنْ وُفّقتُ في هذا فمن الله، وإلاّ فحسبي أنني بذلت جهدا ما أردت به إلاّ وجه الله.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عابر سبيل
عابر سبيل


♣♣♣« المدير العام »♣♣♣

معلومات اضافيه للعضو
♣♣ الجنس» ♣♣ الجنس» : ذكر
♣♣ مشَارَڪاتْي » ♣♣ مشَارَڪاتْي » : 33128
♣ ♣ نقاط» ♣ ♣ نقاط» : 98890
♣ ♣ العـمْرّ» ♣ ♣ العـمْرّ» : 39

بحوث ودراسات في حديث غدير خم .. Empty
https://alforqan.ahlamontada.com

بحوث ودراسات في حديث غدير خم .. Empty
مُساهمةموضوع: رد: بحوث ودراسات في حديث غدير خم ..   بحوث ودراسات في حديث غدير خم .. Emptyالسبت 18 أكتوبر 2014 - 21:32

حديث الغدير وأصل الخلاف مع ‏‏الشيعة‏

لقد طالعت بمزيد من الشغف, ذلك الملف الرائع الذي نشرته الأهرام العربي في عددها‏318, حول ‏«‏الشيعه‏»‏ وأوضاعهم الآن‏, خاصه في ظل ذلك الظرف الجديد في العراق الذي قد يتيح لهم ولأول مرة منذ زمن بعيد‏, فرصة الحصول على حقهم في التمثيل السياسي‏, ذلك الحق الذي حرموا منه في ظل نظام صدام حسين‏, على الرغم من كونهم أغلبية‏!‏
وأود أن أذكر هنا بعضا من النقاط التي لم يذكرها هذا الملف الشامل‏, وهو جوهر الخلاف بين الشيعة والسنة‏, والذي يرجع إلى رواية الغدير‏, التي تقول أن الله قد أمر نبيه‏, بإعلان وصاية الإمام علي من بعده‏, فلم يفعل‏, خشية أن يقال أن النبي قد يحابي أقاربه‏, كما يرويه الإمام كاشف الغطاء‏, في كتابه "أصل الشيعة وأصولها"‏ .
وقد فصله الشيخ محمد إبراهيم الموحد القزويني في كتابه "عيد الغدير"‏, حيث قال: إنه أثناء عودة النبي من حجة الوداع‏, وهو في طريقه إلى المدينة‏, وصل إلى أرض تسمى خم‏, وهي المنطقه التي تتشعب منها الطرق إلى المدينة والعراق ومصر واليمن‏, وكان وصولهم في اليوم الثامن عشر من شهر ذي الحجة‏, وكانوا مائه وعشرين ألف مسلم عدا من انضموا إليهم‏ في الطريق‏, والتحقوا بهم من اليمن ومن مكة‏, فنزل جبريل على رسول الله بالآية الكريمة‏:‏ "يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وان لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس ان الله لا يهدي القوم الكافرين". المائدة:67‏ وأبلغ جبريل النبي أن الله يأمره‏, أن يقيم علي بن أبي طالب إماماً على الناس‏, وخليفة من بعده‏, موصياً له‏, فتوقف النبي عن المسير‏, وأمر أن يلحق به من تأخر عنه‏, ويرجع من تقدم عليه‏, فاجتمع المسلمون جميعا حوله‏, وأدركتهم صلاة الظهر فصلى بهم‏, وخطب فيهم وأبلغهم ما أنزل إليه من ربه‏, وأن الأئمة بعد النبي اثنا عشر شخصا أولهم علي بن أبي طالب وآخرهم محمد المهدي بن الحسن العسكري‏.‏
ويوجد من يقول بصحة حديث الغدير‏, الذي قيل: إنه اشتمل على وصية النبي للأئمه الإثني عشر‏, ومن يعتقد ذلك يطعن في الخلفاء الراشدين‏, وكبار الصحابة‏, بل ويرميهم بالخيانة والكفر‏, وهو لا يجهل أن هولاء قد اتخذهم النبي صلى الله عليه وسلم رسلاً له ووزراء وقوادا‏, وكان القرآن يتنزل على النبي صلى الله عليه وسلم‏, وكان يكشف المنافقين‏, ويلغي أي اجتهاد شخصي من النبي صلى الله عليه وسلم‏, سواء تعلق بأشخاص من المنافقين أو بأعمال لله فيها حكم آخر‏.‏
فلو كان كبار الصحابه من المنافقين أو خانوا النبي صلى الله عليه وسلم‏, ما نسي الخالق العليم‏, أن ينبه النبي إلى ذلك‏, ليعزلهم ويحذر منهم‏, ولنزل القرآن بذلك أيضاً‏, وبالتالي فلا حجة لمروجي هذه الأكاذيب‏, بل إن الوصية‏ التي قيل أنها نص في إمامة الإثني عشر‏, وعلى رأسهم الإمام علي رضي الله عنه‏, هذه الوصية‏, قد جاء في بعض مصادر الشيعه ما ينقضها‏, فقد روى اليعقوبي‏:‏ "الأئمة من قريش خيارهم على خيارهم وشرارهم على شرارهم"
ويثبت الدكتور علي سامي النشار في كتاب "نشأة الفكر الفلسفي" أن كلمة الشيعة‏, لم يرد ذكرها على الإطلاق في عصر الخلفاء الراشدين‏, وحتى مرحلة خلافة الإمام علي‏, فلم يذكرها اليعقوبي أو المسعودي وهما مؤرخان شيعيان.
بل إن الإمام علي قد نقل عنه ما ينفي هذه الوصيه‏, إذ يقول‏‏: أما أن يكون عندي عهد من رسول الله صلى الله عليه وسلم‏, فلا والله‏, ولكن لما قتل الناس عثمانا نظرت في أمري‏, فاذا الخليفتان اللذان أخذاها من رسول الله قد هلكا‏, ولا عهد لهما‏, وإذا الخليفه الذي أخذها بمشورة المسلمين قد قتل‏, وقال‏:‏ أترككم كما ترككم رسول الله صلى الله عليه وسلم‏, كما قال‏:‏ "أنا وزير لكم‏, خير لكم مني أمير‏"
ثم إننا نجزم بأن مسألة الإمامة‏, لو كان فيها نص من القرآن‏ أو الحديث لتواتر واستفاض‏, ولم يقع فيها ما وقع من الخلاف‏, ولتصدى الإمام علي وحمل الأمانة للمسلمين يوم وفاة النبي صلى الله عليه وسلم‏.‏
وهذا الحديث الموجود في كتب الشيعة روايته غير متصله‏, فالراوي بينه وبين النبي صلى الله عليه وسلم قرون‏, ويروي عنه مباشرة وحجتهم في ذلك أن أئمتهم لهم خاصية المعرفة‏, دون حاجة إلى تلقين الرواة‏, حسبما ذكر محمد رضا المظفري‏, في كتاب "عقائد الإمامية ص‏96"‏ والكليني في "الكافي ج‏1‏ ص271"‏ وفقيه الشيعه العالم المحدث الشيخ يوسف البحراني في كتابه "الكشكول"‏, تحت عنوان تحقيق حديث الغدير‏, نقل عن ابن الجوزي صحة الرواية‏, وهي: "من كنت مولاه فعلي مولاه" ج‏2‏ ص‏316‏ ط طهران‏, وليس فيها الخلافة لعلي ولا لغيره‏.‏
فضلا عن ذلك, فإن المراجع المعتمدة عند الشيعه ثابت فيها ما ينفي صحه حديث غدير خم‏, سالف الذكر‏.‏
والإمام الثاني عند الشيعه وهو الحسن بن علي‏, روى عنه مورخو الشيعه أنه لم يذكر هذه الوصية وتنازل عن الخلافة إلى معاوية‏.‏
إن الأئمة عند الشيعة بريئون مما نسب لهم من تحريف للقرآن الكريم أو القول بعصمة الأئمة بحيث يصبح ما يقولونه وحيا من الله تعالى. إن براءة الأئمة من خرافة تحريف القرآن‏, ومن ادعاء العصمة‏, ومن تكفير أو سب الصحابة‏, يراد به براءة أئمة الشيعة‏, بدءاً بالإمام علي وانتهاءً بالإمام الحسن العسكري‏, لأن ابنه الإمام الثاني عشر‏, وهو محمد المهدي لا وجود له‏, حيث مضى على انتظاره أكثر من ألف سنة‏, مما نتج عنه فراغ في معرفه الأحكام الشرعية عندهم حيث يرون أن الأحكام تتوقف عليه‏.‏ ولقد عالج الإمام الخميني هذه الثغرة‏ بالقول بولاية الفقيه‏, التي نص عليها الدستور الإيراني‏, فكان الخميني ممثلا للإمام الغائب ونائبا عنه‏, حتى لا تظل أحكام الاسلام معطلة‏, انتظارا لظهور محمد المهدي‏.‏
هذا ما انتهى إليه الأمر عند الشيعة في هذه المعضلة‏, وهذا يؤكد ما أوردته بعض المصادر من أن الإمام الحسن العسكري‏, كان عقيماً ومات بغير ذرية, وبعد موته‏ ادّعت جارية مملوكة له أنها حامل منه‏, فتعطل توزيع تركته‏, وأقام أمير المومنين حارساً عليها‏, بحضور بني هاشم من العلويين والعباسيين‏, وحضور القواد والقضاة فلما ثبت أنه حمل كاذب‏, ومضت عدة أشهر على الوفاة‏, تم توزيع تركته بين أمه وأخيه جعفر وهذا ما يؤكده علماء من الشيعة منهم الأستاذ أحمد الكاتب
ولكن الذين يتمسكون بوجود ابن للحسن العسكري‏, قالوا إن هذا الطفل اختفى في مدينه سر من رأى‏, ومازالت الأجيال من الشيعة تنتظره حتى اليوم‏, وقد طعنوا في جعفر لأنه وضع يده على سرداب أخيه الحسن العسكري‏, ونفى وجود ابن لأخيه‏, سواء في السرداب أم خارجة وقالوا عن جعفر أنه كاذب وفاسق‏.‏
ولكن لنا وقفه أخوية مع الشيعة الجعفرية‏, والمثقفين منهم خاصه لأن أهل السنة‏ - رغم أن فيهم من اتخذ موقفا حادا من الشيعة - يتمنون جمع الكلمة‏, وإشاعة المودة بين الشيعة وأهل السنة‏, فالأستاذ محب الخطيب يقول‏:‏ التقريب بين المسلمين‏, في تفكيرهم واقتناعاتهم واتجاهاتهم وأهدافهم‏ من أعظم مقاصد الإسلام‏, ومن أهم وسائل القوة والنهوض والإصلاح‏, وهو من الخير لشعوبهم وجامعتهم في كل زمان ومكان, والدعوة إلى التقريب إذا كانت بريئة من الغرض‏, ولا يترتب عليها في تفاصيلها ضرر يطغى على ما يرجى من نفعها‏, فإن على كل مسلم أن يستجيب لها‏, وأن يتعاون مع المسلمين على إنجاحها‏.‏
ملاحظة: كاتب مقال: "حديث الغدير وأصل الخلاف مع الشيعة": دعا في نهاية مقاله إلى التقريب بين حسنة والشيعة وإشاعة المودة بينهما وامتدح ذلك
_______________________________
المصدر: الأهرام العربي 10/5/2003
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عابر سبيل
عابر سبيل


♣♣♣« المدير العام »♣♣♣

معلومات اضافيه للعضو
♣♣ الجنس» ♣♣ الجنس» : ذكر
♣♣ مشَارَڪاتْي » ♣♣ مشَارَڪاتْي » : 33128
♣ ♣ نقاط» ♣ ♣ نقاط» : 98890
♣ ♣ العـمْرّ» ♣ ♣ العـمْرّ» : 39

بحوث ودراسات في حديث غدير خم .. Empty
https://alforqan.ahlamontada.com

بحوث ودراسات في حديث غدير خم .. Empty
مُساهمةموضوع: رد: بحوث ودراسات في حديث غدير خم ..   بحوث ودراسات في حديث غدير خم .. Emptyالسبت 18 أكتوبر 2014 - 21:32

قصة غدير خم.. دراسة نقدية تحليلية

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ، ثم أما بعد :-
تلبية لرغبة أحد الإخوة الأفاضل في كتابة موضوع يتحدث عن حادثة الغدير أو بالأحرى قصة غدير خُم ، والتي يتخذها الرافضة أساساً يعتمدون عليه في تشيعهم من جهة و في أحقية علي بالخلافة من جهة أخرى ، فأعطوا لهذه الحادثة من الأهمية ما لم يعطوه لغيرها من عصر النبوة ، حيث ألف أحد الروافض وهو عبد الحسين الأميني النجفي كتاباً طبع في أحد عشر مجلداً عن هذه الحادثة باسم
الغدير في الكتاب و السنة و الأدب
، كتبت هذا البحث المصغر .. والله من وراء القصد ..
بداية وقبل أن أبدأ أود أن انبه على شيء مهم وهو أنه الواجب علينا أن لا نصدق الرافضة في كل ما يقولون و كل ما يثيرون من شبه ، فهم قوم بهت .. قد طمس الله بصيرتهم كما طمس أبصارهم ، يستدلون بالأحداث الصحيحة و بالوقائع الثابتة لكن في غير مواضعها ، و لأغراض كثير يعلمها من عرفهم عن قرب أو حاورهم .. و قصة الغدير هذه هي إحدى الوسائل التي يستغلها الرافضة في الدس والتزييف ، و قد استخدم هؤلاء ، وسائل التالية للترويج لبدعتهم و لتشويه هذا التاريخ ، منها :-
1- الاختلاق و الكذب .
2- اختلاق الزيادة على الحادثة أو النقصان منها بقصد التشويه .
3- التأويل الباطل للأحداث .
4- إبراز المثالب و إخفاء المحاسن .
5- صناعة الأشعار لتأييد حوادث تاريخية .
6- وضع الكتب و الرسائل المزيفة .
7- وضع الخبر في غير سياقه حتى ينحرف عن معناه و مقصده . و للزيادة في معرفة هذه الوسائل أنظر : منهج كتابة التاريخ الإسلامي محمد بن صامل (ص557) .
غَديرُ خُم هو : موضع بين مكة و المدينة ، و هو واد عند الجحفة به غدير ، يقع شرق رابغ بما يقرب من (26) كيلاً ، و يسمونه اليوم الغربة ، و خم اسم رجل صباغ نسب إليه الغدير ، والغدير هو : مستنقع من ماء المطر . انظر : معجم البلدان (2/389) و على طريق الهجرة لعاتق البلادي ( ص 61 ) .
والآن نأتي إلى الأحداث التي سبقت هذه الحادثة ، لنتعرف جذور القصة ..
أرسل النبي صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب خلف خالد بن الوليد إلى اليمن ليخمّس الغنائم و يقبض الخُمس ، كما قال البخاري ، انظر : الفتح (8/65 ) ، فلما خمّس علي الغنائم ، كانت في الغنائم وصيفة هي أفضل ما في السبي ، فصارت في الخُمس ، ثم إن علياً خرج و رأسه مغطى وقد اغتسل ، فسألوه عن ذلك ، فأخبرهم أن الوصيفة التي كانت في السبي صارت له فتسرى بها ، فكره البعض ذلك منه ، وقدم بريدة بن الحصيب بكتاب خالد إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، و كان ممن يبغض علياً فصدق على كتاب خالد الذي تضمن ما فعله علي ، فسأله النبي صلى الله عليه وسلم : يا بريدة أتبغض علياً ؟ فقال : نعم ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : لا تبغضه فإنه له في الخُمس أكثر من ذلك . ذكره الإمام أحمد في المسند (5/350 ) قال الهيثمي رجاله رجال الصحيح غير عبد الجليل بن عطية و هو ثقة وقد صرح بالسماع وفيه لين . مجمع الزوائد (9/127) ، وقال ابن حجر في تقريب التهذيب عنه : صدوق يهم . ترجمة رقم (3747) و قال ابن حبان في الثقات (8/421) : يعتبر حديثه عند بيان السماع في خبره إذا رواه عن الثقات ، و كان دونه ثبت . قلت : وهذا منها ، وأخرجه البخاري في الصحيح مختصراً في كتاب المغازي . انظر الفتح (8/66 ) .
فلما كانت حجة الوداع ، رجع علي من اليمن ليدرك الحج مع النبي صلى الله عليه وسلم ، وساق معه الهدي ، ذكر مسلم في صحيحه برقم (1281) ، وقد تعجل علي ليلقى الرسول صلى الله عليه وسلم بمكة ، واستخلف رجلاً من أصحابه على الجند ، فكسا ذلك الرجل الجند حللاً من البز الذي كان مع علي ، فلما دنا الجيش من مكة خرج علي ليلقاهم ، فإذا عليهم الحلل ، فقال لنائبه : ويلك ما هذا ؟! قال : كسوت القوم ليتجملوا به إذا قدموا في الناس ، قال : ويلك ، انزع قبل أن تنتهي بهم إلى الرسول صلى الله عليه وسلم ، فنزع الحلل و ردها إلى البز ، فأظهر الجيش شكواه لما صنع بهم علي . ذكره ابن هشام في السيرة (4/603) و قال ابن كثير : هذا السياق أقرب من سياق البيهقي – الدلائل (5/398) - ، رغم أنه قال عن رواية البيهقي : هذا إسناد جيد على شرط النسائي . انظر : البداية والنهاية (5/95 ) و إسناد ابن هشام هو : قال محمد بن إسحاق و حدثني يحيى بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي عمرة عن يزيد بن طلحة بن يزيد بن ركانة ، قال : .. ، و هكذا نقله ابن كثير أيضاً ، والصحيح هو : يزيد بن طلحة عن يزيد بن ركانة . انظر : الجرح و التعديل (9/273 ) .
كما وأن أصحاب علي رضي الله عنه طلبوا منه أن يركبوا و يريحوا على إبل الصدقة بحجة أن بإبلهم خللاً و ضعفاً ، فأبى عليهم ذلك وقال : ( إنما لكم منها سهم كما للمسلمين ) ، فعندما ذهب إلى الحج سأل أصحابه خليفته ما كان علي منعهم إياه ، فوافق على ذلك ، فلما جاء عل عرف أن الإبل قد ركبت ن فذم خليفته ولامه ، و عد بعض أصحاب علي ذلك منه غلظة وتضييقاً ، فشكاه أبو سعيد الخدري إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فوافق الرسول صلى الله عليه وسلم على هذا المسلك من علي ، فندم أبو سعيد على شكواه ، وقال : ( .. والله لا أذكره بسوء أبداً سراً ولا علانية ) . انظر : البيهقي في الدلائل (5/398-399) مطولاً ، وأحمد في المسند (3/86) مختصراً ، وأورد ابن كثير في البداية (5/120) رواية البيهقي وقال عنها : وهذا إسناد جيد على شرط النسائي ولم يروه أحد من أصحاب الكتب الستة .
فلما اشتكى الناس علياً قام رسول الله صلى الله عليه وسلم خطيباً فقال : أيها الناس ، لا تشكوا علياً ، فوالله إنه لأخشن في ذات الله – أو في سبيل الله – من أن يُشتكى . انظر : السيرة النبوية لابن هشام (4/603) ومسند الإمام أحمد (3/86 ) وإسناده حسن .
و قد ذكر أن هذه الخطبة كانت في غدير خُم أثناء عودة النبي صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة ، و مما قاله النبي صلى الله عليه وسلم في هذه الخطبة : من كنت مولاه فعلي مولاه . المسند (5/419) و فضائل الصحابة للإمام أحمد (2/572) و إسناده صحيح ، و المعجم الكبير للطبراني (4/173-174) و قال الهيثمي في المجمع (9/104) : رواه أحمد و الطبراني و رجال أحمد ثقات . قلت : فيه حنش بن الحارث بن لقيط النخعي ، قال عنه ابن حجر في التقريب ترجمة رقم (1575) : لا بأس به ، وقال الألباني رحمه الله : هذا إسناد جيد رجاله ثقات . انظر : السلسلة الصحيحة (4/340 ) .
و في رواية كما عند مسلم عن زيد بن أرقم قال : قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم خطيباً بماء يدعى خما ، بين مكة و المدينة . فقال : أما بعد أيها الناس إنما أنا بشر يوشك أن يأتيني رسول ربي فأجيب ربي ، و إني تارك فيكم ثقلين ، أولهما كتاب الله فيه الهدى و النور ، فخذوا بكتاب الله و استمسكوا به ، فحث على كتاب الله و رغّب فيه ، ثم قال و أهل بيتي ، أذكركم الله في أهل بيتي ، قالها ثلاثاً . صحيح مسلم (رقم 6175) .
و في رواية بعد أن حمد الله وأثنى عليه : يا أيها الناس إنه لم يبعث نبي قط إلا عاش نصف ما عاش الذي قبله ، وإني أوشك أن أُدعى فأُجيب ، وإني تارك فيكم ما لن تضلوا بعده كتاب الله ، ثم قام وأخذ بيد علي رضي الله عنه فقال : من كنت مولاه فعلي مولاه . المعجم الكبير للطبراني (5/171-172 ) و قال الألباني رحمه الله : رجاله ثقات . السلسلة الصحيحة (4/335) .
و قد ورد خبر غدير خُم في زيادات عبد الله على مسند الإمام أحمد عن زيد بن أرقم قال : نزلنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بواد يقال له وادي خم ، فأمر بالصلاة فصلاها بهجير ، قال : فخطبنا و ظُلل لرسول الله صلى الله عليه وسلم بثوب على شجرة سمرة من الشمس ، فقال : ألستم تعلمون ، ألستم تشهدون إني أولى بكل مؤمن من نفسه ؟ قالوا : بلى ، قال : فمن كنت مولاه فإن علياً مولاه ، اللهم عاد من عاداه ووال من والاه . المسند (4/372) والمعجم الكبير للطبراني (5/202 ) وقال الهيثمي في المجمع (9/104 ) : و فيه ميمون أبو عبد الله البصري وثقه ابن حبان ، و ضعفه جماعة ، و بقية رجاله ثقات . و قال محقق سير أعلام النبلاء (14/207) إسناده صحيح ، قال ابن حجر في التقريب ترجمة رقم (7051) عن ميمون : ضعيف ، من الرابعة . ورواه الإمام أحمد في فضائل الصحابة (2/563-596) و إسناده صحيح كما قال المحقق ، وابن ماجة في السنن )1/43) و الحاكم في المستدرك (3/110 ) والترمذي في السنن (5/297) و ابن أبي شيبة في المسند كما ذكره ابن حجر في المطالب العالية (4/60 ) وابن أبي عاصم في السنة (2/604-607) و الدولابي في الكنى والأسماء (2/61) و النسائي في الخصائص (ص 72) ، و ابن شيبة في المصنف (12/67-68) و البزار في كشف الأستار (3/190-191) ، ورواه ابن كثير في البداية (5/235) من عدة طرق ، قال في إحداها : ( تفرد به النسائي من هذا الوجه ، قال شيخنا أبو عبد الله الذهبي : وهذا حديث صحيح ) ، وقال في أخرى (5/235) : من رواية أحمد : و هذا إسناد جيد ورجاله ثقات على شرط السنن . النظر البداية والنهاية (5/234-240 ) عن مناقشة روايات هذا الحديث . وقد جمع طرقه العلامة الألباني رحمه الله في الصحيحة (4/330) .
قلت : وأول الحديث متواتر ، أعني قوله صلى الله عليه وسلم : ( من كنت مولاه فعلي مولاه ) ، أما قوله : ( اللهم وال من والاه وعاد من عاداه ) فزيادة قوية الإسناد . انظر : البداية والنهاية (5/514) و قطف الأزهار المتناثرة في الأحاديث المتواترة للسيوطي ( ص 277) .
و نلاحظ أن خبر غدير خم قد نقله عدد من الرواة الشيعة ، فقد ورد من طريق حبة العرني . انظر : الكامل في ضعفاء الرجال (6/2222) و قد رواه عنه سلمة بن كهيل و نقله ابن عقدة من طريق حبة بإسناد ضعيف جداً . انظر : الإصابة في تمييز الصحابة (1/372) .
و من طريق سليمان بن قرم ، انظر : الكامل في ضعفاء الرجال (3/1106-1107) .
و من طريق سلمة بن كهيل . انظر : فضائل الصحابة (2/613) و الكامل في ضعفاء الرجال (6/2222) و المستدرك للحاكم (3/109-110) .
و من طريق علي بن زيد بن جدعان . انظر : مسند الإمام أحمد (4/281) و سنن ابن ماجة (1/43) .
ومن طريق يزيد بن أبي زياد . انظر : مسند الإمام أحمد (1/119) و مسند أبي يعلى (1/428) وتاريخ بغداد (14/236) .
ومن طريق فطر بن خليفة . انظر : مسند الإمام أحمد (4/370) و فضائل الصحابة (2/682) و خصائص علي (ص 113) و الإحسان بترتيب صحيح ابن حبان (9/42) .
و من طريق جعفر بن سليمان الضبعي . انظر : الجامع الصحيح (5/632) و قال الترمذي : هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث جعفر بن سليمان ، و انظر المستدرك (3/110 ) .
ومن طريق عبد الرزاق . انظر : مصنف عبد الرزاق (15/225) مختصراً ، و فضال الصحابة (592) لكنه لم ينص على ذكر غدير خم .
والآن نأتي إلى تحليل الأحاديث ..
قلت : لهذه الأحاديث سبب يظهر به معناه ، فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أرسل علياً إلى اليمن قبل خروجه من المدينة لحجة الوداع ، وفي سفره هذا حصلت عدة أمور وجد أصحاب علي في أنفسهم عليه ، منها : كان فيما غنم المسلمون جارية جميلة ، ولما قسم علي الغنيمة وقعت في سهمه ، فتسرى بها ، فأنكر عليه أصحابه .
وأيضاً : أن علياً رضي الله عنه لما أحس بدنو الحج استخلف على أصحابه رجلاً ، و سبقهم إلى النبي صلى الله عليه وسلم بمكة ، و عمد الرجل وكسا كل واحد من أصحابه حلة من الثياب التي كانت مع علي ، و لما دنا الجيش و خرج علي ليلقاهم فإذا عليهم حلل ن فانتزعها منهم فأظهر الجيش شكواه .
و أيضاً : أن أصحاب علي رضي الله عنه عندما رأوا أن في إبلهم ضعفاً ، طلبوا منه أن يركبوا إبل الصدقة و يريحوا إبلهم ، فأبى ذلك ، و لما ذهب علي للحج أعطاهم ذلك من استخلفه عليهم ، و عندما لقيهم علي ورأى خللاً في إبل الصدقة لامه على فعله هذا .
و بسبب هذه الأمور كثر القيل والقال في علي واشتهر الكلام فيه في الحجيج و بالأخص بين أهل المدينة ، ولم يرد الرسول صلى الله عليه وسلم أن يفعل ذلك أثناء موسم الحج ، لأن الحادثة رغم انتشارها بقيت محدودة في أهل المدينة ، كما أنه لم يؤخره حتى يصل المدينة حتى لا يُمكن للمنافقين من استغلال مثل هذه الحادثة في مكائدهم ، و بعد فراغه صلى الله عليه وسلم من الحج ، وأثناء عودته إلى المدينة ، قام في الناس خطيباً فبرأ ساحة علي و رفع من قدره و نبه على فضله و نوه بشأنه ، ليزيل ما وقر في نفوس كثير من الناس و بالأخص من كان معه في اليمن ، وأخذوا عليه بعض الأمور ، بسبب ما جرى له من أصحابه . انظر البداية النهاية (5/104-105 ) . و أضواء على دراسة السيرة صالح الشامي (ص 113-114 ) .
و مما يدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم أراد من خطبته هذه بيان فضل علي للذين لم يعرفوا فضله ، أنه عندما قام عنده بريدة بن الحصيب يتنقص من علي – وكان قد رأى من علي جفوة - ، تغير وجه النبي صلى الله عليه وسلم وقال : يا بريدة ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم .. الحديث .
وأما ما يستدل به الشيعة بهذه الواقعة على إثبات خلافة علي فقد أجاب عنه الإمام ابن تيمية في منهاج السنة (4/84-85) فقال : ليس في هذا الحديث – يقصد حديث الغدير – ما يدل على أنه نص على خلافة علي ، إذ لم يرد به الخلافة أصلاً ، و ليس في اللفظ ما يدل عليه ، ولو كان المراد به الخلافة لوجب أن يبلغ مثل هذا الأمر العظيم بلاغاً بيناً .. الخ .
و لفظ مسلم يدل على أن الذي أمرنا بالتمسك به و جعل المتمسك به لا يضل ، هو كتاب الله . و جاء في غير هذا الحديث عن جابر في حجة الوداع لما خطب يوم عرفة و قال : و قد تركت فيكم ما لن تضلوا بعده إن اعتصمتم به كتاب الله . صحيح مسلم (رقم 2941) .
وقال الإمام أبو نعيم الأصبهاني في تثبيت الإمامة ( ص 55 ) : هذه فضيلة بينة لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه ، ومعناه : من كان النبي صلى الله عليه وسلم مولاه فعلي ولمؤمنون مواليه ، دليل ذلك قول الله تبارك و تعالى {والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض } وقال { والذين كفروا بعضهم أولياء بعض } والولي والموالى في كلام العرب واحد ، والدليل عليه قوله تبارك وتعالى { ذلك بأن الله مولى الذين آمنوا وأن الكافرين لا مولى لهم } أي لا ولي لهم وهم بيده و هو مولاهم ، وإنما أراد لا ولي لهم ، وقال { فإن الله هو مولاه و جبريل و صالح المؤمنين } و قال الله { الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور } و قال : { و من يتول الله ورسوله والذين آمنوا فإن حزب الله هم الغالبون } ، وإنما هذه منقبة من النبي صلى الله عليه وسلم لعلي رضي الله عنه ، وحث على محبته و ترغيب في ولايته لما ظهر من ميل المنافقين عليه و بغضهم له . أهـ .
و قال البيهقي في الاعتقاد ( ص 354 ) : وأما حديث الموالاة فليس فيه نص على ولاية علي بعده ، فقد ذكرنا من طريقه في كتاب الفضائل ما دل على مقصود النبي صلى الله عليه وسلم من ذلك ، و هو أنه لما بعثه إلى اليمن ، كثرت الشكاة منه ، وأظهروا بغضه ، فأراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يذكر اختصاصه به و محبته إياه ، و يحثهم بذلك على محبته و موالاته و ترك معاداته ، فقال : ( من كنت وليه فعلي وليه ) و في بعض الروايات ( من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه ) والمارد به ولاء الإسلام و مودته ، وعلى المسلمين أن يوالي بعضهم بعضاً لا يعادي بعضهم بعضاً ، و هو في معنى ما ثبت عن علي رضي الله عنه أنه قال : ( والذي فلق الحبة و برأ النسمة إنه لعهد النبي الأمي صلى الله عليه وسلم إلي أنه لا يحبني إلا مؤمن ولا يبغضني إلى منافق ) . أهـ .
و قال الإمام ابن كثير في البداية و النهاية (7/225) : و أما ما يفتريه كثير من جهلة الشيعة و القصاص الأغبياء من أنه أوصى _ يقصد النبي صلى الله عليه وسلم – إلى علي بالخلافة فكذب و بهت و افتراء عظيم ، يلزم منه خطأ كبير من تخوين الصحابة و ممالأتهم بعده على ترك تنفيذ وصيته و إيصالها إلى من أوصى إليه و صرفهم إياها إلى غيره لا لمعنى و لا لسبب .
و قد شكك الإمام ابن تيمية في صحة الحديث الذي ورد في خبر غدير خم ( من كنت مولاه فعلي مولاه ) وأما باقي النص ( اللهم وال من والاه وعاد من عاداه ) فقد كذبه . انظر : مجموع الفتاوى (4/417- 418 ) ، لكنه في رده على الرافضي أشار إلى أن الحديث ليس فيه إشارة إلى الخلافة كما تدعي الشيعة عند احتجاجهم بمثل هذا الحديث . انظر : منهاج السنة (7/319-320) .
و قد جمع الإمام الطبري رحمه الله طرق حديث غدير خم في أربعة أجزاء كما قال الذهبي في تذكرة الحفاظ (2/713) : رأيت شطره فبهرني سعة رواياته ، وجزمت بوقوع ذلك .
و قد كان لتصحيح الإمام الطبري لحديث الغدير الأثر الأكبر في اتهامه بالرفض ، فقد استغل أعداؤه تصحيحه للحديث المذكور فقاموا يقذفونه بالتهم مستخدمين سلاح التشهير به والنيل من عقيدته ، يقول الحافظ ابن حجر رحمه الله في بيان أسباب اتهامه بالرفض : ( وإنما نبذ بالتشيع لأنه صحح حديث غدير خم ) لسان الميزان (5/100) .
قلت : و الإمام الطبري رحمه الله ليس الوحيد الذي صحح هذا الحديث ، بل إن كثيراً من علماء أهل السنة صححوه كما مر معنا ..
وعلاوة على ذلك فإن الإمام الطبري رحمه الله خالف الشيعة في النتائج التي رتبوها على هذا الحديث مخالفة كبيرة تتلخص فيما يلي :-
فالشيعة قد قالوا بأن حديث غدير خم نص على تعيين الرسول صلى الله عليه وسلم لعلي خليفة من بعده ، وأميناً للوحي ، وأخذ البيعة له بإمرة المؤمنين يوم الغدير . انظر : عقائد الإمامية لعلي رضا المظفر ( ص 60-61 ) .
و ذكروا كذلك أن تعيين علي بن أبي طالب كان من تمام الدين إذ لم يتفرق الناس حتى نزل قوله تعالى { اليوم أكملت لكم دينكم } ، و ساقوا على لسان الرسول صلى الله عليه وسلم حديثاً : ( الله أكبر على تمام الدين و رضا الرب برسالتي ، و بالولاية لعلي من بعدي ) . انظر : الدر المنثور للسيوطي (2/259) و قال : أخرجه ابن مردوية وابن عساكر بسند ضعيف لما نصب رسول الله صلى الله عليه وسلم علياً – أي خليفة – يوم غدير خم فنادى له بالولاية هبط جبريل عليه بهذه الآية { اليوم أكملت لكم دينكم } . أهـ . وأخرج الخطيب البغدادي قريباً منه في تاريخ بغداد (8/296) ، و فيه مطر الوراق و هو ضعيف . انظر : تقريب التهذيب (2/256) ، وبالإضافة إلى ضعف الأسانيد فإن هذه الروايات تخالف الأحاديث الصحاح التي أثبتت أن الآية { اليوم أكملت لكم دينكم } نزلت في حجة الوداع . البخاري (5/285) .
وأما الإمام الطبري فقد خالف الشيعة في النتائج التي رتبوها على هذا الحديث مخالفة جذرية ، فقد أثبت أن أحق الناس بالخلافة بعد النبي صلى الله عليه وسلم وأولاهم بالإمامة أبو بكر الصديق ثم عمر بن الخطاب ثم عثمان بن عفان ثم علي بن أبي طالب رضي الله عنهم أجمعين ، وأن ترتيبهم في الفضل كترتيبهم في الإمامة . انظر صريح السنة للطبري ( ص 24 ) .
و لم يتعرض الإمام الطبري أيضاً لحديث الغدير ولا للإمامة عند تفسيره لآية كمال الدين { اليوم أكملت لكم دينكم } بل خالف الشيعة في تفسير هذه الآية مخالفة كبيرة ، حيث أثبت بسند صحيح أن هذه الآية نزلت في يوم عرفة خلافاً للشيعة الذين زعموا أنها نزلت في غدير خم . انظر : جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري (4/51 ) .
و خالفهم كذلك في مقصود هذه الآية ، إذ بين أنها نزلت في حجة الوداع لتبين للناس أن الله سبحانه وتعالى أكمل لهم دينهم فإفرادهم بالبلد الحرام وإجلاء المشركين . انظر المصدر نفسه (4/52) ، خلافاً للشيعة الذين زعموا أنها نزلت لتبيين للناس أن الدين قد اكتمل بوصية النبي صلى الله عليه وسلم بالإمامة من بعده لعلي بن أبي طالب .
فعلم أنه لم يكن في غدير خم أمرٌ بشرع نزل إذ ذاك ، لا في حق علي و لا في حق غيره ، لا بإمامة و لا بغيرها ، و قد بين العلماء المحققون معنى هذا الحديث و معنى الآية ، وأبطلوا دعوى الروافض حولهما ، و من شاء فليراجع مواضعه في منهاج السنة النبوية لشيخ الإسلام ابن تيمية و منهاج الاعتدال للذهبي و العواصم من القواصم لابن العربي .
و ختاماً أتمنى أن أكون قد وفقت في بيان الحق في هذه القضية ..
والحمد لله رب العالمين .. أخوكم : أبو عبد الله الذهبي ..
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عابر سبيل
عابر سبيل


♣♣♣« المدير العام »♣♣♣

معلومات اضافيه للعضو
♣♣ الجنس» ♣♣ الجنس» : ذكر
♣♣ مشَارَڪاتْي » ♣♣ مشَارَڪاتْي » : 33128
♣ ♣ نقاط» ♣ ♣ نقاط» : 98890
♣ ♣ العـمْرّ» ♣ ♣ العـمْرّ» : 39

بحوث ودراسات في حديث غدير خم .. Empty
https://alforqan.ahlamontada.com

بحوث ودراسات في حديث غدير خم .. Empty
مُساهمةموضوع: رد: بحوث ودراسات في حديث غدير خم ..   بحوث ودراسات في حديث غدير خم .. Emptyالسبت 18 أكتوبر 2014 - 21:33

حديث الغدير


أي غدير ؟ غدير خم وهو غدير قريب من الجحفة بين مكة والمدينة , وكان هذا في حجة الوداع في رجوع النبي صلى الله عليه وسلم من الحج قبيل وفاته بثلاثة أشهر تقريباً .
هذه الحادثة أخرجها الإمام مسلم في صحيحه من حديث زيد بن أرقم قال : [ قام رسول الله فينا خطيباً بماء يُدعى خما بين مكة والمدينة فحمد الله وأثنى عليه وأثنى عليه ووعظ وذَكّر ثم قال : ( أما بعد ألا يا أيها الناس إنما أنا بشر يوشك أن يأتي رسول ربي فأجيب وأنا تارك فيكم ثقلين أولهما كتاب الله فيه الهدى والنور فخذوا بكتاب الله وأستمسكوا به ) قال : فحث على كتاب الله ورغّب فيه ثم قال : ( وأهل بيتي أذكركم الله في أهل بيتي ,أذكركم الله في أهل بيتي , أذكركم الله في أهل بيتي ) قال حصين الراوي عن زيد ومن أهل بيته يا زيد أليس نساءه من أهل بيته قال : نعم ولكن أهل بيته من حُرم الصدقة بعده . قال : ومن هم ؟ قال : هم آل علي وآل عقيل وآل جعفر وآل العباس . قال : كل هؤلاء حُرم الصدقة ؟ , قال : نعم . ] أخرجه الإمام مسلم في صحيحه .
جاءت زيادات لهذا الحديث عند أحمد والنسائي والخصائص والترمذي وغيرهم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في ذلك المكان : ( من كنت مولاه فعلي مولاه ) وجاءت كذلك زيادات أخرى منها ( اللهم والي من ولاه وعاد من عاداه وأنصر من نصره وأخذل من خذله وأدر الحق معه حيث دار ) يمكننا أن نقسم هذا الحديث إلى أربعة أقسام .
القسم الأول : ما جاء في حديث مسلم وهو ليس فيه من كنت مولاه فعلي مولاه .
القسم الثاني : الزيادة خارج مسلم وهي عند كما قلنا الترمذي وأحمد والنسائي والخصائص وغيرهم و هي التي فيها زيادة ( من كنت مولاه فعلي مولاه ) .
القسم الثالث : زيادة أخرى عند الترمذي وأحمد وهي ( اللهم والي من ولاه وعاد من عاداه) .
القسم الرابع : وهي زيادة عند الطبراني وغيره (وأنصر من نصره وأخذل من خذله وأدر الحق معه حيث دار ) .
أما القسم الأول فهو في صحيح مسلم ونحن مسَلّمون بكل ما في صحيح مسلم .
القسم الثاني وهو ( من كنت مولاه فعلي مولاه ) فهذا حديث صحيح عند الترمذي وأحمد إذ لا يلزم أن يكون الحديث الصحيح فقط عند مسلم والبخاري والصحيح أن هذا حديث صحيح جاء عند الترمذي وأحمد وغيرهما .
أما زيادة ( اللهم والي من ولاه وعاد من عاداه) فهذه إختلف فيها أهل العلم , هناك من أهل العلم من صححها وهناك من ضعفها حتى الأولى قوله( من كنت مولاه فعلي مولاه ) هناك من ضعفها كإسحاق الحربي وبن تيمية وبن حزم وغيرهم .
أما الزيادة الأخيرة وهي (وأنصر من نصره وأخذل من خذله وأدر الحق معه حيث دار ) هذه كذب محض على النبي صلى الله عليه وآله وسلم .
هذا الحديث يستدلون به على خلافة علي بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم مباشرة بدلالة ( من كنت مولاه فعلي مولاه ) قالوا المولى هو الحاكم والخليفة إذاٍ علي هو الخليفة بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مباشرة.
أولا نريد أن نعرف لما قال النبي صلى الله عليه وسلم هذا الكلام لعلي ( من كنت مولاه فعلي مولاه ) وهل أوقف الناس في هذا المكان ليقول هذا الكلام أو أنه أوقفهم لشيء آخر .. لابد أن نعلم أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان راجعاً في سفره من مكة إلى المدينة بعد أن أنهى حجه صلوات الله وسلامه عليه , رحلة السفر كما هو معلوم تستغرق ما بين خمسة إلى سبعة أيام وكان من عادة النبي صلى الله عليه وآله وسلم إذا سافر أن يمشي في الليل ويرتاح في النهار , فهذه كانت مرحلة من مراحل السفر التي كان يتوقف فيها النبي صلى الله عليه وآله وسلم , إذا لم يتوقف ليقول هذا الكلام وإنما توقف لأن هذه من عادته وهذا أمر طبعي لأنه مستحيل أن يسيروا خمسة أيام متصلة معهم نساء ومعهم رجال وقادمون من حج و ما ورائهم شيء آخر , فطبيعي جداً أن يرتاح النبي صلى الله عليه وآله وسلم في مراحل السفر , فكان يرتاح في النهار ويسير في الليل صلوات الله وسلامه عليه كما قلنا , إذا لم يتوقف ليقول هذا الكلام .
القضية الثانية لما قال هذا الكلام ؟ لما قاله في علي , هم يقولون قاله يريد الخلافة ! يريد أن علياً هو الخليفة بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نحن نقول لا ليس الأمر كذلك .. لماذا نحن نقول لا ؟ .. لإمور .. ما قلنا هذا رداً لخلافة علي رضي الله عنه أبداً , نحن نتقرب إلى الله بحب علي رضي الله عنه , ولكن نرد هذا لأن هذا ليس بحق , لماذا ليس بحق ؟ ..
نقول أولاً لو كان النبي صلى الله عليه وسلم يريد خلافة علي كان يقول هذا في يوم عرفه الحجاج كلهم مجتمعون , هناك يقول هذا الكلام صلوات الله وسلامه عليه , حتى إذا غدر أهل المدينة شهد له باقي المسلمين من غير أهل المدينة , هم يقولون النبي كان خائفاً !! أن يبلغ هذه الخلافة , يخاف أن يُرَد قوله , يخاف من أهل المدينة ثم يترك الناس كلهم ويخاطب أهل المدينة فقط !! ما هذا التناقض ؟ لا يُقبل مثل هذا الكلام .
ثم لماذا يخاف النبي صلى الله عليه وسلم يخاف ممن من الصحابة !! الذين تركوا أموالهم وأولادهم وديارهم وهاجروا في سبيل الله , الذين قاتلوا في سبيل الله , الذين شاركوا في بدر وأحد والخندق والحديبية وخيبر وحنين وفتح مكة وتبوك هؤلاء هم الذين يخاف منهم النبي صلى الله عليه وسلم !! , بذلوا المُهَج بذلوا الأموال في سبيل الله سبحانه وتعالى ثم بعد ذلك يخاف منهم النبي صلى الله عليه وسلم أنهم ما يقبلون خلافة علي رضي الله عنه .
على كل حال وجهة نظرنا نحن لماذا قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم هذا الكلام لأهل المدينة خاصة ومن جاورها ولم يقل هذا الكلام لأهل الحج كلهم من أهل المدينة وغيرهم خاصة إذا علمنا أن غدير خم يبعد عن مكة قريباً من 250 كيلو متر , ولذلك لجهله بهذا المكان يقول : قال النبي في مجتمع الحجيج !! أي مجتمع الحجيج ؟! مجتمع الحجيج مكة مجتمع الحجيج عرفة ليس في غدير خم يبعد عن مكة 250 كلم وهو أقرب من المدينة منه إلى مكة وبين مكة والمدينة 400 كلم .
إذاً خص النبي أهل المدينة.. لِمَ خص أهل المدينة قال أهل العلم لسببين :
السبب الأول : النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن يخرج إلى الحج كان في المدينة وكان قد أرسل خالد بن الوليد إلى اليمن في قتال , إنتصر خالد بن الوليد في جهاده أرسل إلى النبي صلى الله عليه وسلم أنّا إنتصرنا وعندنا غنائم فأرسل إلينا من يخَمِّس هذه الغنائم فأرسل النبي صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب إلى اليمن ليخمس الغنائم ثم أمره أن يدركه في مكة في الحج , إذا النبي في المدينة وعلي في المدينة ثم أمر علياً أن يخرج إلى اليمن والموعد مكة , ذهب علي إلى اليمن وصل إلى الغنائم قُسمت الغنائم كما هو معلوم إلى خمسة أقسام أربعة أخماس للجنود للذين قاتلوا للذين فتحوا للذين جاهدوا وخمس واحد يقسم إلى خمسة أخماس خمس لله والرسول , خمس لذوي القربى , خمس لليتامى , خمس للمساكين , خمس لأبن السبيل , قُسمت الغنائم .. الآن علي سيذهب إلى مكة يلتقي بالنبي صلى الله عليه وسلم هناك في حجة الوداع , الذي وقع أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه وأرضاه أخذ الخمس الذي لذوي القربى وهو سيد ذوي قربى النبي صلى الله عليه وآله وسلم , والخمس عبارة عن ماذا ؟ عبارة عن أموال , بهائم كالخيل والبغال والإبل والبقر والغنم وسبي من نساء وأطفال ورجال .. ماذا صنع علي رضي الله عنه ؟ أخذ إمرأة من السبي فدخل عليها – يعني جامعها – فغضب بعض الصحابة كبريدة بن الحصين .. كيف علي يفعل ذلك !! يأخذ إمرأة من السبي ومن نصيب ذوي القربى من نصيب النبي صلى الله عليه وسلم هناك يوزعه في المدينة ليس هنا‍ ‍! .. فأخذ إمرأة من السبي ودخل بها وخرج وقد إغتسل فغضب بريده فذهب إلى النبي في المدينة صلوات الله وسلامه عليه فقال يا رسول الله : حصل كيت وكيت وذكر له ما وقع من علي , لم يرد عليه النبي صلى الله عليه وسلم , فرجع بريده وقال : حصل كذا وكذا من علي أيضا لم يرد عليه النبي صلى الله عليه وسلم , جاء الثالثة قال يا رسول الله : علي فعل كيت وكيت , فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( يا بريدة أتبغض علياً ) قال : نعم يا رسول الله , فقال : ( لا تفعل فإن له من الخمس أكثر من ذلك ) يقول : فأحببته بعد ذلك لأن النبي قال : لا تبغضه , خلاص يطيعون النبي صلى الله عليه وسلم فأحبه فدافع النبي عن علي صلوات الله وسلامه عليه .
إذاً هذه مشكلة الآن داخلية بين بريدة وعلي وبريدة لعله جاء وتكلم بها في المدينة وأيضا قد يكون شارك بريدة في الإنكار على علي كخالد بن الوليد وغيره في هذه العملية .
السبب الثاني : أنه لما خرج علي من اليمن إلى مكة و النبي صلى الله عليه وسلم من المدينة إلى مكة وهو في الطريق علي رضي الله عنه أخذ معه نوقاً للنبي صلى الله عليه وآله وسلم , يعني ساق الهدي معه فلما كان في الطريق أمر أصحابه أن يتقدموا عليه ونهاهم أن يركبوا على الإبل ونهاهم أن يلبسوا بعض الثياب التي من الغنائم وسبقوه , فلما أدركهم علي وجد أن الإبل رُكبت أو أن الملابس لُبست فغضب ونهرهم رضي الله عنه كيف ما تطيعوا أمري ؟ أن قلت لكم لا تركبوا أنا قلت لكم لا تلبسوا كيف تفعلون كذا .. فتضايقوا من هذه المعاملة ومنهم أبو سعيد الخدري , يقول فلما لقينا النبي صلى الله عليه وسلم في مكة إشتكينا علياً ,أن علي فعل كيت وكيت وكان قاسياً معنا , فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( فإني علمت أن علي قد أحسن فلا تبغضوا علي ) وسكت القوم , أيضاً هذه مشكلة داخلية مع علي رضي الله عنه عندها لما إنتهى النبي صلى الله عليه وسلم من الحج ورجع النبي صلى الله عليه وسلم وصار قريباً من المدينة قريباً من 150 كلم أو 170 كلم من المدينة في أثناء الطريق أثناء راحتهم توقف هناك في يوم من الأيام و قال كلمته تلك ( من كنت مولاه فعلي مولاه ) أي يا من تكلمتم في علي إحذروا فعلى مني وأنا منه , علي أنا يحبني من يحب علي , يودني من يود علياً ( من كنت مولاه فعلي مولاه ) , هم يقولون المولى الحاكم ونحن نقول المولى المحب بدليل قوله بعد ذلك ( اللهم وال من والاه وعادي من عاداه ) ما معنى وال من والاه وعاد من عاداه وقوله من كنت مولاه فعلي مولاه .. المعنى واحد إذاً هذه قصة غدير خم .
المولى كما يقول بن الأثير تقع هذه الكلمة على : الرب والمالك والمنعم والناصر والمحب و الحليف والعبد والمعتق وبن العم والصهر .. تصوروا كل هذه تطلق عليها كلمة مولى قالوا نحن نريد الخليفة .
لو كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يريد الخليفة كان يأتي بكلمة صريحة واضحة ما يأتي بكلمة تحتمل أكثر من عشرة معاني .. يأتي بكلمة واضحة سهلة بينة يعرفها كل أحد علي هو الخليفة من بعدي .. إنتهى الأمر , لكن لم يأتي النبي صلى الله عليه وآله وسلم بتلك الكلمة التي تنهي كل خلاف .
وأما كلمة مولى أنها حاكم هذا ليس بسليم قال الله تبارك وتعالى { فاليوم لا يؤخذ منكم فدية ولا من الذين كفروا مأواكم النار هي مولاكم وبئس المصير } سماها مولى وذلك لشدة الملاصقة وشدة اللُحمة والقرب , ثم إن الموالاة وصف ثابت لعلي رضي الله عنه في زمن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وبعد زمن النبي صلوات الله وسلامه عليه فهو في زمن النبي مولى وبعد وفاة النبي مولى والآن مولانا رضي الله عنه وأرضاه ولذلك قال الله تبارك وتعالى : { إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ } فكل المؤمنين بعضهم أولياء بعض كما قال الله تبارك وتعالى .
إذا ً هذا دليل الموالاة الذي يستدلون به على إمامة علي رضي الله عنه وأرضاه بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم كما نرى لا دلالة فيه أبداً . ولذلك نص عالمهم النوري الطبرسي يقول : ( لم يصرح النبي لعلي بالخلافة بعده بلا فصل في يوم غدير خم وأشار إليها بكلام مجمل مشترك بين معانٍ يُحتاج إلى تعيين ما هو المقصود منها إلى قرائن ) فصل الخطاب ص 205 و 206 إذا كان الأمر كذلك فكيف بعد ذلك يُقال أن هذا الحديث نص على خلافة علي بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم .
_____________________________________
[59] صحيح مسلم , كتاب فضائل الصحابة , باب فضائل علي بن أبي طالب حديث رقم 36 ( 2408 ) .
[60] سنن الترمذي , كتاب المناقب , مناقب عليّ بن أبي طالب رقم 3713 , مسند أحمد 5/347 , النسائي في الخصائص خصائص علي ص 96 رقم 79 , مستدرك الحاكم 3/110 .
[61] سنن الترمذي , كتاب المناقب , مناقب عليّ بن أبي طالب رقم 3713 .
[62] والقصة مختصرة في صحيح البخاري كتاب المغازي , باب بعث علي وخالد إلى اليمن رقم 4350 . وكذلك في الترمذي كتاب المناقب , باب مناقب علي بن أبي طالب رقم 3712 .
[63] سورة الحديد آية 15 .
[64] سورة المائدة آية 55 .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عابر سبيل
عابر سبيل


♣♣♣« المدير العام »♣♣♣

معلومات اضافيه للعضو
♣♣ الجنس» ♣♣ الجنس» : ذكر
♣♣ مشَارَڪاتْي » ♣♣ مشَارَڪاتْي » : 33128
♣ ♣ نقاط» ♣ ♣ نقاط» : 98890
♣ ♣ العـمْرّ» ♣ ♣ العـمْرّ» : 39

بحوث ودراسات في حديث غدير خم .. Empty
https://alforqan.ahlamontada.com

بحوث ودراسات في حديث غدير خم .. Empty
مُساهمةموضوع: رد: بحوث ودراسات في حديث غدير خم ..   بحوث ودراسات في حديث غدير خم .. Emptyالسبت 18 أكتوبر 2014 - 21:33

احتجاجهم بحديث (غدير خُم)

وهو قوله صلى الله عليه وسلم يوم غدير خُمّ: "أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي" وهو حديث رواه مسلم في صحيحه.
وخُمّ بضم المعجمة والميم المشددة اسم الغيضة على ثلاثة أميال من الجحفة عندها غدير مشهور يضاف إلى الغيضة.
وجوابه أن هذا الحديث ليس من خصائص علي رضي الله عنه بل هو مشترك بين جميع أهل البيت آل علي، وآل جعفر، وآل عقيل، وآل عباس.
وأبعد الناس عن قبول هذه الوصية الطائفة الرافضة فأنهم يعادون العباس وبنيه وذريته رضي الله عنهم بل يعادون جمهور أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم ويعاونون الكفار الذين يعادون أهل البيت وأهل الإسلام.
وأما أهل السنة فإنهم يعرفون حقوق أهل البيت ودرجاتهم ويحبونهم كلهم ويوالونهم ويلعنون من ينصب لهم العداوة.
( المرجع : رسالة " الرد على الرافضة " لأبي حامد المقدسي ، ص 224 – 225 ) .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
قال الرافضي: الثاني: الخبر المتواتر عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه لما نزل قوله تعالى: }يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ{ [سورة المائدة: 67] خطب الناس في غدير خُم وقال للجمع كله: يا أيها الناس، ألست أَوْلى منكم بأنفسكم؟ قالوا: بلى. قال: من كنت مولاه فعليٌّ مولاه. اللهم! والِ من والاه، وعاد من عاداه، وانصر من نصره، واخذل من خذله. فقال عمر: بخٍ، بخٍ، أصبحت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة. والمراد بالمولى هنا: الأوْلى بالتصرف لتقدّم التقرير منه صلى الله عليه وسلم بقوله: ألست أَوْلى منكم بأنفسكم؟
والجواب عن هذه الآية والحديث المذكور قد تقدّم، وبيَّنا أن هذا كذب، وأن قوله: }بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ{ [سورة المائدة: 67] نزل قبل حجة [الوداع] بمدة طويلة.
ويوم الغدير إنما كان ثامن عشر ذي الحجة بعد رجوعه من الحج، وعاش بعد ذلك شهرين وبعض الثالث. ومما يبين ذلك أن آخر المائدة نزولاً قولـه تعـالى: }الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي{[سورة المائدة: 3] وهذه الآية نزلت بعرفة تاسع ذي الحجة في حجة الوداع، والنبي صلى الله عليه وسلم واقف بعرفة، كما ثبت ذلك في الصحاح والسنن، وكما قاله العلماء قاطبة من أهل التفسير والحديث وغيرهم.
وغدير خم كان بعد رجوعه إلى المدينة ثامن عشر ذي الحجة بعد نزول هذه الآية بتسعة أيام، فكيف يكون قوله: }بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ{ [سورة المائدة: 67] نزل ذلك الوقت، ولا خلاف بين أهل العلم أن هذه الآية نزلت قبل ذلك، وهي من أوائل ما نزل بالمدينة، وإن كان ذلك في سورة المائدة، كما أن فيها تحريم الخمر، والخمر حُرِّمت في أوائل الأمر عقب غزوة أحد، وكذلك فيها الحكم بين أهل الكتاب بقوله: }فَإِن جَاءُوكَ فَاحْكُم بَيْنَهُم أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ{ [سورة المائدة: 42]. وهذه الآية نزلت إما في الحد لما رجم اليهوديين، وإما في الحكم بين قريظة والنضير لما تحاكموا إليه في الدماء. ورجم اليهوديين كان أول ما فعله بالمدينة، وكذلك الحكم بين قريظة والنضير، فإن بني النضير أجلاهم قبل الخندق، وقريظة قتلهم عقب غزوة الخندق.
والخندق باتفاق الناس كان قبل الحديبية، وقبل فتح خيبر. وذلك كله قبل فتح مكة وغزوة حنين، وذلك كله قبل حجة الوداع، وحجة الوداع قبل خطبة الغدير.
فمن قال: إن المائدة نزل فيها شيء بغدير خم فهو كاذب مفترٍ باتفاق أهل العلم.
وأيضاً فإن الله تعالى قال في كتابه: }يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ{ [سورة المائدة: 67] فضمن له سبحانه أن يعصمه من الناس إذا بلّغ الرسالة ليؤمّنه بذلك من الأعداء. ولهذا روي أن النبي صلى الله عليه وسلم كان قبل نزول هذه الآية يُحرس، فلما نزلت هذه الآية ترك ذلك.
وهذا إنما يكون قبل تمام التبليغ، وفي حجة الوداع تم التبليغ.
وقال في حجة الوداع: «ألا هل بلغت، ألا هل بلغت؟» قالوا: نعم قال: «اللهم! اشهد» وقال: «أيها الناس، إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا: كتاب الله. وأنتم تسألونه عني فما أنتم قائلون؟­» قالوا: نشهد أنك قد بلغت وأدّيت ونصحت. فجعل يرفع إصبعه إلى السماء وينكبها إلى الأرض ويقول: «اللهم اشهد، اللهم اشهد» وهذا حديث جابر في صحيح مسلم وغيره من الأحاديث الصحيحة.
وقال: «ليبلِّغ الشاهد الغائب، فربَّ مبلَغٍ أوعى من سامع».
فتكون العصمة المضمونة موجودة وقت التبليغ المتقدّم، فلا تكون هذه الآية نزلت بعد حجّة الوداع، لأنه قد بلًَّغ قبل ذلك، ولأنه حينئذ لم يكن خّائِفاً من أحدٍ يَحْتَاجُ أَنْ يُعصم مِنْه، بل بَعْد حَجَّة الوَدَاع كان أهلْ مَكَّة والمدينة وما حَوْلَهُما كلهم مسلمين منقادين له ليس فيهم كافر ، والمنافقون مقموعون مُسِرُّون للنفاق، ليس فيهم من يحاربه ولا من يخاف الرسول منه. فلا يُقال له في هذه الحال: }يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ{[سورة المائدة: 67].
وهذا مما يبيّن أن الذي جرى يوم الغدير لم يكن مما أُمر بتبليغه، الذي بلًَّغه في حجة الوداع؛ فإن كثيراً من الذين حجُّوا معه – أو أكثرهم – لم يرجعوا معه إلى المدينة، بل رجع أهل مكة إلى مكة، وأهل الطائف إلى الطائف، وأهل اليمن إلى اليمن، وأهل البوادي القريبة من ذاك إلى وديانهم. وإنما رجع [معه] أهل المدينة ومن كان قريباً منها.
فلو كان ما ذَكَرَهُ يَوْمَ الغَدِيْر مِمَّا أُمر بتبليغه، كالذي بلَّغه في الحج، بلغه في حجة الوداع كما بلَّغ غيره، فلما لم يذكر في حجّة الوداع إمامة ولا ما يتعلق بالإمامة أصلاً، ولم ينقل أحد بإسناد صحيح ولا ضعف أنه في حجّة الوداع ذكر إمامة عليّ، بل ولا ذكر عليًّا في شيء من خطبته، وهو المجمع العام الذين أُمر فيه بالتبليغ العام – عُلم أن إمامة عليّ لم تكن من الدين الذي أُمر بتبليغه، بل ولا حديث الموالاة وحديث الثقلين ونحو ذلك مما يُذكر في إمامته.
والذي رواه مسلم أنه بغدير خم قال: «إني تارك فيكم الثقلين: كتاب الله» فذكر كتاب الله وحضَّ عليه ثم قال: «وعترتي أهل بيتي، أذكِّركم الله [في أهل بيتي]» ثلاثاً. وهذا مما انفرد به مسلم، ولم يروه البخاري، وقد رواه الترمذي وزاد فيه: «وإنهما لن يفترقا حتى يردا عليَّ الحوض».
وقد طعن غير واحد من الحفاظ في هذه الزيادة، وقال: إنها ليست من الحديث. والذين اعتقدوا صحتها قالوا: إنما يدل على أن مجموع العترة الذين هم بنو هاشم لا يتفقون على ضلالةٍ. وهذا قاله طائفة من أهل السنّة، وهو من أجوبة القاضي أبي يعلي وغيره.
والحديث الذي في مسلم، إذا كان النبي صلى الله عليه وسلم قد قاله، فليس فيه إلا الوصية باتِّباع كتاب الله. وهذا أمر قد تقدّمت الوصية به في حجة الوداع قبل ذلك، وهو لم يأمر بإتِّباع العترة، ولكن قال: «أذكّركم الله في أهل بيتي» وتذكير الأمة بهم يقتضي أن يذكروا ما تقدّم الأمر به قبل ذلك من إعطائهم حقوقهم، والامتناع من ظلمهم. وهذا أمر قد تقدّم بيانه قبل غدير خُم.
فعلم أنه لم يكن في غدير خُم أمر يشرع نزل إذ ذاك، لا في حق عليّ ولا غيره، لا إمامته ولا غيرها.
لكن حديث الموالاة قد رواه الترمذي وأحمد في مسنده عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من كنت مولاه فعليّ مولاه». وأما الزيادة وهي قوله: «اللهم والِ من والاه وعاد من عاداه..» إلخ، فلا ريب أنه كذب.
ونقل الأثرم في «سننه» عن أحمد أن العباس سأله عن حسين الأشقر، إنه حدّث بحديثين: أحدهما: قوله لعليّ: إنك ستعرض على البراءة مني فلا تبرأ. والآخر: اللهم والِ من والاه وعاد من عاداه. فأنكره أبو عبيد جداً، لم يشك أن هذين كذب.
وكذلك قوله: أنت أَوْلى بكل مؤمن ومؤمنة، كذب أيضًا.
وأما قوله: «من كنت مولاه فعليّ مولاه» فليس هو في الصحاح، لكن هو مما رواه العلماء، وتنازع الناس في صحته، فنُقل عن البخاري وإبراهيم الحربي وطائفة من أهل العلم بالحديث أنهم طعنوا فيه وضعَّفوه، ونُقل عن أحمد بن حنبل أنه حسَّنه كما حسَّنه الترمذي. وقد صنَّف أبو العباس بن عُقْدة مصنَّفًا في جميع طرقه.
وقال ابن حزم: «الذي صح من فضائل عليّ فهو قول النبي صلى الله عليه وسلم: «أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي» وقوله: "لأعطين الراية غداً رجلاً يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله» وهذه صفة واجبة لكل مسلم ومؤمن وفاضل وعهده صلى الله عليه وسلم أن عليًّا: «لا يحبه إلا مؤمن ولا يبغضه إلا منافق». وقد صحَّ مثل هذا في الأنصار أنهم «لا يبغضهم من يؤمن بالله واليوم الآخر».
قال: «وأما «من كنت مولاه فعليّ مولاه» فلا يصح من طريق الثقات أصلاً. وأما سائر الأحاديث التي يتعلق بها الروافض موضوعه، يعرف ذلك من له أدنى علم بالأخبار ونقلها».
فإن قيل: لم يذكر ابن حزم ما في الصحيحين من قوله: «أنت مني وأنا منك» وحديث المباهلة والكساء.
قيل: مقصود ابن حزم: الذي في الصحيح من الحديث الذي لا يُذكر إلا عليّ. وأما تلك ففيها ذكر غيره، فإنه قال لجعفر: «أشبهت خلقي وخلقي» وقال لزيد: «أنت أخونا ومولانا». وحديث المباهلة والكساء فيهما ذكر عليّ وفاطمة وحسن وحسين – رضي الله عنهم -، فلا ورد هذا على ابن حزم.
ونحن نجيب بالجواب المركّب فنقول: إن لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم قاله فلا كلام، وإن كان قاله فلم يرد به قطعاً الخلافة بعده، إذ ليس في اللفظ ما يدل عليه. ومثل هذا الأمر العظيم يجب أن يبلَّغ بلاغًا مبينًا.
وليس في الكلام ما يدل دلالة بيّنة على أن المراد به الخلافة. وذلك أن المولى كالولي. والله تعالى قال: }إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ{ [سورة المائدة: 55]، وقال: }وَإِن تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللهَ هُوَ مَوْلاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ{ [سورة التحريم: 4]، فبيَّن أن الرسول وليَّ المؤمنين، وأنهم مواليه أيضاً، كما بيَّن أن الله وليّ المؤمنين، وأنهم أولياؤهم، وأن المؤمنين بعضهم أولياء بعض.
فالموالاة ضد المعاداة، وهي تثبت من الطرفين، وإن كان أحد المتواليين أعظم قدراً، وولايته إحسان وتفضل، وولاية الآخر طاعة وعبادة، كما أن الله يحب المؤمنين، والمؤمنون يحبونه. فإن الموالاة ضد المعاداة والمحاربة والمخادعة، والكفّار لا يحبون الله ورسوله، ويُحادّون الله ورسوله ويعادونه.
وقد قال تعالى: }لاَ تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاء{ [سورة الممتحنة: 1]. وهو يجازيهم على ذلك، كما قال تعالى: }فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ اللهِ وَرَسُولِهِ{ [سورة البقرة: 279].
وهو وليّ المؤمنين وهو مولاهم يخرجهم من الظلمات إلى النور، وإذا كان كذلك فمعنى كون الله وليّ المؤمنين ومولاهم، وكون الرسول وليهم ومولاهم، وكون عليّ مولاهم، هي الموالاة التي هي ضد المعاداة.
والمؤمنون يتولون الله ورسوله الموالاة المضادة للمعاداة، وهذا حكم ثابت لكل مؤمن. فعليُّ – رضي الله عنه – من المؤمنين الذين يتولون المؤمنين ويتولونه.
وفي هذا الحديث إثبات إيمان عليّ في الباطن، والشهادة له بأنه يستحق الموالاة باطناً وظاهراً، وذلك يرد ما يقوله فيه أعداؤه من الخوارج والنواصب، لكن ليس فيه أنه ليس للمؤمنين مولى غيره، فكيف رسول الله صلى الله عليه وسلم له موالي، وهم صالحو المؤمنين، فعلي أيضًا له مولى بطريق الأَوْلى والأحرى، وهم المؤمنون الذين يتولونه.
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن أسلم وغفاراً ومزينة وجهينة وقريشاً والأنصار ليس لهم مولى دون الله ورسوله، وجعلهم موالي رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما جعل صالح المؤمنين مواليه والله ورسوله مولاهم.
وفي الجملة فرق بين الوليّ والمولى ونحو ذلك وبين الوالي. فباب الولاية – التي هي ضدّ العداوة – شيء، وباب الولاية – التي هي الإمارة – شيء.
والحديث إنما هو في الأولى دون الثانية. والنبي صلى الله عليه وسلم لم يقل: من كنت واليه فعليّ واليه، وإنما اللفظ «من كنت مولاه فعليّ مولاه».
وأما كون المولى بمعنى الوالي، فهذا باطل، فإن الولاية تثبت من الطرفين؛ فإن المؤمنين أولياء الله، وهو مولاهم.
وأما كونه أَوْلى بهم من أنفسهم، فلا يثبت إلا من طرفه صلى الله عليه وسلم، وكونه أَوْلى بكل مؤمن من نفسه من خصائص نبوته، ولو قُدِّر أنه نصَّ على خليفة من بعده، لم يكن ذلك موجباً أن يكون أَوْلى بكل مؤمن من نفسه، كما أنه لا يكون أزواجه أمهاتهم، ولو أريد هذا المعنى لقال من كنت أَوْلى به من نفسه فعليّ أَوْلى به من نفسه، وهذا لم يقله، ولم ينقله أحد، ومعناه باطل قطعاً؛ لأن كون النبي صلى الله عليه وسلم أَوْلى بكل مؤمن من نفسه أمر ثابت في حياته ومماته، وخلافة عليّ – لو قدر وجودها – لم تكن إلا بعد موته، لم تكن في حياته، فلا يجوز أن يكون عليٌّ خليفة في زمنه، فلا يكون حينئذ أَوْلى بكل مؤمن من نفسه، بل ولا يكون مولى أحد من المؤمنين، إذا أُريد [به] الخلافة.
وهذا مما يدل على أنه لم يُرِد الخلافة؛ فإن كونه وليّ كل مؤمن وصف ثابت له في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، لم يتأخر حكمه إلى الموت. وأما الخلافة فلا يصير خليفة إلا بعد الموت. فعُلم أن هذا ليس حقًّا.
وإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم هو أَوْلى بالمؤمنين من أنفسهم في حياته وبعد مماته إلى يوم القيامة، وإذا استخلف أحدًا على بعض الأمور في حياته، أو قُدِّر أنه استخلف أحداً على بعض الأمور في حياته، قُدِّر أنه استخلف أحداً بعد موته، وصار له خليفة بنص أو إجماع، فهو بتلك الخلافة وبكل المؤمنين من أنفسهم، فلا يكون قط غيره أولى كل مؤمن من نفسه، لاسيما في حياته.
وأما كون عليّ وغيره مولى كل مؤمن، فهو وصف ثابت لعليّ في حياة النبي صلى الله عليه وسلم وبعد مماته، وبعد ممات عليّ، فعلي اليوم مولى كل مؤمن، وليس اليوم متولياً على الناس. وكذلك سائر المؤمنين بعضهم أولياء بعض أحياءً وأمواتًا .
( المرجع : منهاج السنة لشيخ الإسلام ابن تيمية ، 7 / 313-325) .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عابر سبيل
عابر سبيل


♣♣♣« المدير العام »♣♣♣

معلومات اضافيه للعضو
♣♣ الجنس» ♣♣ الجنس» : ذكر
♣♣ مشَارَڪاتْي » ♣♣ مشَارَڪاتْي » : 33128
♣ ♣ نقاط» ♣ ♣ نقاط» : 98890
♣ ♣ العـمْرّ» ♣ ♣ العـمْرّ» : 39

بحوث ودراسات في حديث غدير خم .. Empty
https://alforqan.ahlamontada.com

بحوث ودراسات في حديث غدير خم .. Empty
مُساهمةموضوع: رد: بحوث ودراسات في حديث غدير خم ..   بحوث ودراسات في حديث غدير خم .. Emptyالسبت 18 أكتوبر 2014 - 21:34

حديث: من كنت مولاه

استدلال الرافضي بحديث: (من كنت مولاه فعلي مولاه) والرد عليه
قال الرافضي ص174: «ت- حديث: (من كنت مولاه فهذا علي مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه، وانصر من نصره، واخذل من خذله، وأدر الحق معه حيث دار).
وهذا الحديث وحده كاف لرد مزاعم تقديم أبي بكر وعمر وعثمان على من نصبه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولياً للمؤمنين بعده، ولا عبرة بمن أول الحديث بمعنى المحبّ والنصير، لصرفه عن معناه الأصلي الذي قصده الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، وذلك حفاظاً على كرامة الصحابة، لأن
الرسول صلى الله عليه وآله وسلم عندما قام خطيباً في ذلك الحر الشديد (قال: ألستم تشهدون بأني أولى بالمؤمنين من أنفسهم) قالوا: بلى يارسول الله. فقال عندئذ (فمن كنت مولاه فهذا علي مولاه) وهذا نص صريح في استخلافه على أمته...».
قلت: تقدم الرد عليه في استدلاله بهذا الحديث، ونقل كلام أهل العلم في معنى الحديث، وأنه لاحجة فيه للرافضة على تفضيل عليّ على غيره من الصحابة، ولا استخلافه. وأن الولاية المذكورة فـي
الحديث إنما هي موالاة الإسلام التي هي ضد العداوة(1) وهذه الولاية ثابتة للمؤمنين فيما بينهم قال تعالى: {والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض}‎(2) والله U وليهم جميعاً، وكذلك رسوله ولي المؤمنين كما قال تعالى: {إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنــوا}.‎(3)
على أنه تقدم اختلاف العلماء في صحة الحديث وهو قوله: (من كنت مولاة فعلى مولاه)(4) وأما الزيادة التي ذكرها المؤلف هنا فباطلة، وقد أنكرها العلماء وذكروا أنها مزيدة في الحديث.
قال شيخ الإسلام: « وأما الزيادة وهي قوله: (اللهم وال من والاه وعاد من عاداه) الخ. فلا ريب أنه كذب، ونقل الأثرم في سننه، عن أحمد أن العباس سأله عن حسين الأشقر وأنه حدث بحديثين: أحدهما: قوله لعلي: إنك ستعرض على البراءة مني فلا تبرأ. والآخر: اللهم وال من والاه وعاد من عاداه فأنكره أبو عبد الله جداً لـم يشك أن هذين كذب».‎(5)
وقال -رحمه الله- في بعض فتاويه: (وأما قوله من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من ولاه...الخ) فهذا ليس في شيء من الأمهات إلا في الترمذي، وليس فيه إلا (من كنت مولاه فعلي مولاه) وأما الزيادة فليست في الحديث، وسئل عنها الإمام أحمد فقال: زيادة كوفيــة.
ولا ريب أنها كذب لوجوه:
أحدها: أن الحق لا يدور مع معين إلا النبي صلى الله عليه وآله وسلم، لأنه لو كان كذلك لوجب اتباعه في كل ما قال، ومعلوم أن علياً ينازعه الصحابة في مسائل وجد فيها النص يوافق من نازعه، كالمتوفى عنها زوجها وهي حامل، وقوله: (اللهم انصر من نصره...الخ) خلاف الواقع، قاتل معه أقوام يوم صفين فما انتصروا، وأقوام لم يقاتلوا فما خذلوا: كسعد الذي فتح العراق لم يقاتل معه، وكذلك أصحاب معاوية وبني أمية الذين قاتلوه فتحوا كثيراً من بلاد الكفار ونصرهم الله.
وكذلك قوله: (اللهم وال من والاه وعاد من عاداه) مخالف لأصل الإسلام فإن القرآن قد بين أن المؤمنين إخوة مع قتالهم وبغي بعضهم على بعض».(6)
فتبين أن الثابت من الحديث لا حجة للرافضة فيه، وأما الزيادة وهي قوله: اللهم وال من والاه... وما بعدها. فلا عبرة لها لأنها كذب كما قرر ذلك شيخ الإسلام بيَّن بطلانها رواية ودراية.
---------------------
(1) انظر: ص 464-468 من هذا الكتاب.
(2) سورة التوبة آية 71.
(3) سورة المائدة آية 55.
(4) انظر: ص 463،464 من هذا الكتاب.
(5) منهاج السنة 7/319.
(6) مجموع الفتاوى 4/417.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عابر سبيل
عابر سبيل


♣♣♣« المدير العام »♣♣♣

معلومات اضافيه للعضو
♣♣ الجنس» ♣♣ الجنس» : ذكر
♣♣ مشَارَڪاتْي » ♣♣ مشَارَڪاتْي » : 33128
♣ ♣ نقاط» ♣ ♣ نقاط» : 98890
♣ ♣ العـمْرّ» ♣ ♣ العـمْرّ» : 39

بحوث ودراسات في حديث غدير خم .. Empty
https://alforqan.ahlamontada.com

بحوث ودراسات في حديث غدير خم .. Empty
مُساهمةموضوع: رد: بحوث ودراسات في حديث غدير خم ..   بحوث ودراسات في حديث غدير خم .. Emptyالسبت 18 أكتوبر 2014 - 21:35

خطبة الغدير والوصية بالكتاب والسنة


أخبار الغدير تعتبر المستند الأول من السنة عند الجعفرية ، فهم يرون أن الرسول صلى الله عليه وسلم عند غدير خم ، بعد منصرفه من حجة الوداع ، بين للمسلمين أن وصيه وخليفته من بعده على بن أبى طالب ، وذكرت من قبل أن كاتباً جعفرياً ألف كتاباً يقع في ستة عشر مجلداً ليثبت به صحة حديث وشهرته ، وهذا الكتاب الذي أشرت إليه عنوانه " الغدير في الكتاب والسنة والأدب" ! فالتأليف إذن كان من أجل واقعة الغدير ، وإذا لم يثبت في القرآن الكريم شئ مما أراده المؤلف لم يبق إلا السنة ، أما الأدب فلا حاجة لنا به في هذا المجال !
وقبل النظر في كتب السنة الثمانية التي حددت في منهجى الرجوع إليها ، وهى : الموطأ ، والمسند والصحيحان ، وكتب السنن الأربعة ، نسترشد بما جاء في سيرة محمد بن إسحاق ([151]) التي جمعها ابن هشام .
تحت عنوان موافاة على في قفوله من اليمن رسول الله في الحج ورد ما قاله ابن إسحاق عما أمر به الرسول صلى الله عليه وسلم علياً من أمور الحج ([152]). ثم ورد ما يأتي :
" قال ابن اسحاق : وحدثنى يحيى بن عبد الله بن عبدالرحمن بن أبى عمرة ، عن يزيد بن طلحة بن ركانة ، قال : لما أقبل على رضي الله عنه من اليمن ليلقى رسول الله صلى الله عليه وسلم واستخلف على جنده الذي معه رجلاً من أصحابه ، فعمد ذلك الرجل فكسا كل رجل من القوم حلة من البز الذي كان مع على رضي الله عنه . فلما دنا جيشه خرج ليلقاهم ، فإذا عليهم الحلل قال : ويلك ؟ ما هذا ؟ قال : كسوت القوم ليتجملوا به إذا قدموا في الناس . قال : ويلك ! انزع قبل أن تنتهى به إلى الرسول صلى الله عليه وسلم . قال : فانتزع الحلل من الناس ، فردها في البز ، قال : وأظهر الجيش شكواه لما صنع بهم .
قال ابن اسحاق : فحدثنى عبد الله بن عبدالرحمن معمر بن حزم ، عن سليمان بن محمد بن كعب بن عجرة ، عن عمته زينب بنت كعب وكانت عند أبى سعيد الخدري ، قال : اشتكى الناس علياً رضوان الله عليه ، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فينا خطيباً ، فسمعته يقول : أيها الناس ، لا تشكوا عليا ، فوالله إنه لأخشن في ذات الله ، أو في سبيل الله ، من أن يشكى .
خطبة الرسول في حجة الوداع
قال ابن اسحاق : ثم مضى رسول الله صلى الله عليه وسلم على حجه ، فأرى الناس مناسكهم ، وأعلمهم سنن حجهم ، وخطب الناس خطبته التي بيَّن فيها ما بيَّن ، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال :
أيها الناس ، اسمعوا قولى : فإنى لا أدرى لعلى لا ألقاكم بعد عامى هذا الموقف أبداً ، أيها الناس ، إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام إلى أن تلقوا ربكم ، كحرمة يومكم هذا ، وكحرمة شهركم هذا ، وإنكم ستلقون ربكم ، فيسألكم عن أعمالكم ، وقد بلغت ، فمن كانت عنده أمانة فليؤدها إلى من أئتمنه عليها ، وإن كل ربا موضوع ، ولكن لكم رءوس أموالكم ، لا تظَلمون ولا تظُلمون . قضى الله أنه لا ربا ، وإن ربا عباس بن عبدالمطلب موضوع كله ، وإن كل دم كان في الجاهلية موضوع ، وإن أول دمائكم أضع دم ابن ربيعة بن الحارث بن عبدالمطلب ، وكان مسترضعاً في بنى ليث ، فقتلته هذيل فهو أول ما أبدأ به من دماء الجاهلية . أما بعد أيها الناس ، فإن الشيطان قد يئس من أن يعبد بأرضكم هذه أبدا ، ولكنه إن يطع فيما سوى ذلك فقد رضى به مما تحقرون من أعمالكم ، فاحذروه على دينكم ، أيها الناس : إن النسىء زيادة في الكفر ، يضل به الذين كفروا يحلونه عاماً ويحرمونه عاماً ليواطئوا عدة ما حرم الله ، فيحلوا ما حرم الله ويحرموا ما أحل الله ، وإن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السموات والأرض ، وإن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهراً ، منها أربعة حرم ، ثلاثة متوالية ، ورجب مضر ([153]) ، الذي بين جمادى وشعبان.
أما بعد أيها الناس ، فإن لكم على نسائكم حقاً ، لكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم أحداً تكرهونه ، وعليهن أن لايأتين بفاحشة مبينة ، فإن فعلن فإن الله قد أذن لكم أن تهجروهن في المضاجع ، وتضربوهن ضرباً غير مبرح ، فإن انتهين فلهن رزقهن وكسوتهن بالمعروف . واستوصوا بالنساء خيراً ، فإنهن عندكم عوان ([154]). لايملكن لأنفسهن شيئاً ، وإنكم إنما أخذتموهن بأمانة الله ، واستحللتم فروجهن بكلمات الله ، فاعقلوا أيها الناس قولى ، فإنى قد بلغت ، وقد تركت فيكم ما إن اعتصمتم به لن تضلوا أبداً ، أمراً بيناً كتاب الله وسنة نبيه ، أيها الناس اسمعوا قولى واعقلوه ، تعلمن أن كل مسلم أخ للمسلم ، وأن المسلمين إخوة فلا يحل لامرئ من أخيه إلا ما أعطاه عن طيب نفس منه ، فلا تظلمن أنفسكم ، اللهم هل بلغت ؟ فذكر لي أن الناس قالوا : اللهم نعم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : اللهم اشهد ([155]) .
وغير ما ذكره ابن اسحق من سبب تلك الشكوى ، نجد سبباً آخر يذكر وهو أن الرسول صلى الله عليه وسلم بعث جيشاً ، واستعمل عليهم على بن أبى طالب ، فمضى في السرية فأصاب جارية ، فأنكروا عليه ، ونجد رواية أخرى أنه أصاب الجارية عندما كان على جيش وخالد بن الوليد على جيش آخر ، فأرسل خالد للرسول صلى الله عليه وسلم يخبره لما فعله أبو الحسن .
والروايات كلها تشير إلى أن الرسول صلى الله عليه وسلم دافع عن زوج الزهراء عليهما السلام ، والأقوال مختلفة ، وسنبين الصحيح منه إن شاء الله تعالى .
وخطبة رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع التي ذكرها ابن اسحاق ، نرى معناها مبثوثاً في كتب السنة ، ففي صحيح البخاري نجد شيئاً منها في باب الخطبة أيام منى من كتاب الحج ، وفى آخر الباب " فطفق النبي صلى الله عليه وسلم " يقول : اللهم اشهد وودع الناس فقالوا : هذه حجة الوداع " .
ونجد كثيراً منها في باب حجة النبيصلى الله عليه وسلم من كتاب الحج في صحيح مسلم . وهذه الحجة يرويها الإمام الصادق عن أبيه الباقر عن جابر رضي الله تعالى عنهم ، كما أخرجها أيضاً غيرالإمام مسلم ([156]).
وقد بينت في الفصل السابق أنه في يوم عرفة من حجة الوداع نزل قوله تعالى " الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ " ومن قبله : " يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ " ويرى الجعفرية أن استخلاف الإمام على كان يوم الغدير في الثامن عشر من ذى الحجة ، وهنا يأتي تساؤل وهو : أفيمكن أن يترك ركن من أركان الإيمان لا يذكر ، وقد أكمل الله تعالى دينه ، وخطب رسوله صلى الله عليه وسلم ، وودع الناس في حجة الوداع ؟
أظن هذا مستبعداً ، ولكن ليس مستحيلاً !
ولم يَدُر جدل بين الجمهور والجعفرية حول معنى من معانى الخطبة كما ذكرها ابن إسحاق إلا في قوله صلى الله عليه وسلم : " وقد تركت فيكم ما إن اعتصمتم به فلن تضلوا أبداً ، أمراً بينا ، كتاب الله وسنة نبيه ". فالجعفرية يرون أن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر بالتمسك بالكتاب والعترة في خطبة الغدير ، وأنه ترك الثقلين كتاب الله تعالى وأهل بيته .
وليس معنى هذا أن الجعفرية يرون عدم طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم ، فليس بمسلم من يرى هذا ، ولكنهم يرون أن الأئمة معصومون ، وأقوالهم كأقوال الرسول صلى الله عليه وسلم فهى تعتبر عندهم من السنة ، فلابد من الرجوع إليهم حتى لا تضل الأمة !
وننظر في مفتاح كنوز السنة فنجده يذكر وصيته صلى الله عليه وسلم بكتاب الله وسنة رسوله عن عشرة مراجع منها : الصحيحان ، والمسند ، والترمذى ، والنسائى ، وابن ماجه ([157]) .
وفى صحيح البخاري نجد " كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة " ومما جاء في هذا الكتاب " وكانت الأئمة بعد النبي صلى الله عليه وسلم يستشيرون الأمناء من أهل العلم في الأمور المباحة ليأخذوا بأسهلها ، فإذا وضح الكتاب أو السنة لم يتعدوا إلى غيره ، اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم .
وفى الموطأ يروى الإمام مالك قول الرسول صلى الله عليه وسلم : " تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما تمسكتم بهما : كتاب الله وسنة نبيه " ([158]).
ونجد في بعض هذه المراجع العشرة الوصية بكتاب الله تعالى دون ذكر السنة ، من ذلك ما جاء في سنن الدارمى : حدثنا محمد بن يوسف ، عن مالك بن مغول ، عن طلحة بن مصرف اليامى ، قال : " سألت عبد الله بن أبى أوفى : أوصى رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال : لا ، قلت : فكيف كتب على الناس الوصية ، أو أمروا بالوصية ؟ فقال : أوصى بكتاب الله " . (انظر كتاب الوصايا . باب من لم يوص ج 2 ص 290-291)
وفى سنن النسائي رواية أخرى لهذا الحديث ، وقال السيوطى في شرحه: " أوصى بكتاب الله أي بدينه ، أو به وبنحوه ليشمل السنة " . (انظر كتاب الوصايا - باب هل أوصى النبي صلى الله عليه وسلم ؟ ج6 ص 240).
وفى غير المراجع العشرة نجد مثلاً في كتاب الزهد لعبد الله بن المبارك " باب في لزوم السنة " ويحتوى الباب على ثمانية أخبار.
وفى المسند لأبى بكر عبد الله بن الزبير الحميدى حدث المصنف قال : ثنا سفيان قال : ثنا مالك بن مغول عن طلحة بن مصرف قال : سألت عبد الله بن أبى أوفى : " هل أوصى رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقال : لم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئاً يوصى فيه . قلت : وكيف أمر الناس بالوصية ولم يوص ؟ قال : أوصى بكتاب الله " . ( انظر المجلد الثانى - حديث رقم 722) .
وفى فيض القدير شرح الجامع الصغير ، نجد رواية عن أبى هريرة رضي الله عنه قال : خطب النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع فقال : " تركت فيكم شيئين لن تضلوا بعدهما : كتاب الله وسنتى ، ولن يتفرقا حتى يردا على الحوض " .
ومما قاله المناوى في شرحه :
إنهما الأصلان اللذان لا عدول عنهما ، ولا هدى إلا منهما ، والعصمة والنجاة لمن تمسك بهما . واعتصم بحبلهما ، وهما الفرقان الواضح ، والبرهان اللائح بين المحق إذا اقتفاهما ، والمبطل إذا خلاهما ، فوجوب الرجوع إلى الكتاب والسنة متعين معلوم من الدين بالضرورة .
(راجع الجزء الثالث ص 240-241 ، حديث رقم 3282 وشرحه ، وانظر صحيح الجامع الصغير للشيخ ناصر الدين الألبانى جـ 2 ، حديث رقم 2934) .
ولسنا في حاجة إلى أن نطيل الوقوف هنا ، فلا خلاف بين المسلمين في وجوب التمسك والاعتصام بالقرآن الكريم ، والسنة النبوية المطهرة .
والخلاف حول شىء من السنة مرده إلى الخلاف حول الثبوت أو الدلالة ، أما ما ثبت عن الرسول صلى الله عليه وسلم ، وكان واضح الدلالة ، فلا خلاف حول الأخذ به ووجوب اتباعه ، فقد نطق بهذا الكتاب المجيد في مثل قوله تعالى : " وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا " ([159])
وقوله عز وجل : " مَّنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللّهَ " ([160])
وقوله سبحانه وتعالى :" فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا" ([161])
إلى غير ذلك من آيات الله البينات التي بينت أن من لم يتمسك بسنة الرسول صلى الله عليه وسلم ، فقد ابتعد عن الإيمان . وضل ضلالاً بعيداً .
من الواضح إذن أن عصمة الأمة وعدم ضلالها في التمسك بما أنزل الله تعالى في كتابه العزيز ، وبما بينه جل شأنه على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم في السنة المطهرة ، دون حاجة إلى الرجوع إلى أئمة الجعفرية ، أو غيرهم من فرق الشيعة، ولكنا نجد روايات أخرى تذكر أن الرسول صلى الله عليه وسلم ترك الكتاب والعترة ، وفى بعضها الأمر بالتمسك بهما حتى لا نضل .
ثالثا : روايات أخرى متصلة بالغدير
هناك روايات أخرى متصلة بالغدير منها في المسند عن الإمام على سبع روايات هي ([187]):-
حدثنا ابن نمير ، حدثنا عبدالملك ، عن أبى عبدالرحيم الكندى ، عن زاذان أبى عمر قال : سمعت علياً في الرحبة وهو ينشد الناس : من شهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم غدير خم وهو يقول ما قال ؟ فقام ثلاثة عشر رجلاً فشهدوا أنهم سمعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول : من كنت مولاه فعلى مولاه .
حدثنا محمد بن عبد الله ، حدثنا الربيع يعنى ابن أبى صالح الأسلمى ، حدثني زياد بن أبى زياد : سمعت على بن أبى طالب ينشد الناس فقال : أنشد الله رجلاً مسلماً سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يوم غدير خم ما قال ؟ فقام اثنا عشر بدرباً فشهدوا .
قال عبد الله بن أحمد ، حدثنا على بن الحكيم الأودى ، أنبأنا شريك ، عن أبى إسحق ، عن سعيد بن وهب ، عن زيد بن يثُيع قالا : نشد على الناس في الرحبة : من سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يوم غدير خم إلا قام ؟ قال : فقام من قبل سعيد ستة ، ومن قبل زيد ستة ، فشهدوا أنهم سمعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لعلى يوم غدير خم : أليس الله أولى بالمؤمنين ؟ قالوا : بلى ، قال : اللهم من كنت مولاه فعلى مولاه ، اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه .
قال عبد الله بن أحمد ، حدثنا على بن حكيم ، أنبأنا شريك ، عن أبى إسحق ، عن عمرو ذى مر ، بمثل حديث أبى إسحق ، يعنى عن سعيد وزيد ، وزاد فيه: وانصر من نصره ، واخذل من خذله .
قال عبد الله بن أحمد : حدثني عبد الله بن عمر القوايرى ، حدثنا يونس بن أرقم ، حدثنا يزيد بن أبى زياد ، عن عبدالرحمن بن أبى ليلى قال : شهدت علياً في الرحبة ينشد الناس :
أنشد الله من سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يوم غدير خم : من كنت مولاه فعلى مولاه لما قام فشهد ؟
قال عبدالرحمن : فقام اثنا عشر بدرياً ، كانى أنظر إلى أحدهم ، فقالوا : نشهد أنا سمعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يوم غدير خم : ألست أولى بالمؤمنين من انفسهم وأزواجى أمهاتهم ؟ فقلنا : بلى يا رسول الله ، قال : فمن كنت مولاه فعلى مولاه ، اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه .
قال عبد الله بن أحمد : حدثنا أحمد بن عمر الوكيعى ، حدثنا زيد بن الحباب ، حدثنا الوليد بن عقبة بن نزار العنسى ، حدثني سماك بن العبيد ابن الوليد العبسى قال : دخلت على عبدالرحمن بن أبى ليلى ، فحدثنى أنه شهد علياً في الرحبة قال : أنشد الله رجلاً سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم وشهده يوم غدير خم إلا قام ، ولا يقوم إلا من قد رآه ؟ فقام اثنا عشر رجلاً فقالوا : قد رأيناه وسمعناه حيث أخذ بيده يقول : اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه ، وانصر من نصره ، واخذل من خذله ، فقام إلا ثلاثة لم يقوموا ، فدعا عليهم ، فأصابتهم دعوته .
قال عبد الله بن أحمد : حدثني حجاج بن الشاعر ، حدثنا شبابة ، حدثني نعيم بن حكيم ، حدثني أبو مريم ورجل من جلساء على عن على : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يوم غدير خم : من كنت مولاه فعلى مولاه ، قال : فزاد الناس بعد : وال من والاه ، وعاد من عاداه .
مناقشة الروايات
هذه هي الروايات السبع ، والرواية الأولى سندها ضعيف ، إلا أن متنها صحيح وهو : " من كنت مولاه فعلى مولاه " ، والروايات الأخرى تؤيده ، كما أنه روى بطرق مختلفة عن غير الإمام على ، حتى عده بعض رجال الحديث من المتواتر أو المشهور ([188]).
وفى الروايتين الثالثة والخامسة نجد زيادة " اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه " . وفى الرابعة " وانصر من نصره ، واخذل من خذله " ولكن نجد في السابعة " فزاد الناس بعد : وال من والاه ، وعاد من عاداه " .
فهذه الرواية تنص على أن الزيادة ليست من قول الرسول صلى الله عليه وسلم .
والإشكال هنا أن هذه الروايات الأربع صحيحة السند ، وفى المسند كذلك عن زيد بن أرقم عدة روايات في بعضها زيادة " اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه " ، وفى بعضها إنكار لهذه الزيادة ([189]) ، وهذا يجعلنا نتوقف فلا نستطيع الحكم بأن هذا قول النبي الكريم أو زيادة الناس بعد إلا بمزيد من البحث للترجيح .
والمهم هنا دلالة المتن مع الزيادة أو بدونها ، أيعتبر هذا نصاً في أن الخلافة يجب أن تكون للإمام على ؟
سبق بيان أن الولى بمعنى المتولى للأمور والمستحق للتصرف فيها ، وبمعنى الناصر والخليل ، والقرآن الكريم عندما أمر بمولاة أقوام ، أو نهى عن موالاة آخرين جاءت الموالاة بمعنى النصرة والمحبة ، ولم تأت حالة واحدة بمعنى الولاية العامة على المؤمنين ، وهذه الروايات تأمر بموالاة الإمام على ونصرته وتنهى عن معاداته وخذلانه ، وهذا لا يخرج عن الاستعمال القرآنى كما هو واضح ، فإذا كان النهى عن المعاداة والخذلان ، فالأمر بالمحبة وهى الموالاة والنصرة ، ولا مكان للخلافة هنا ، ولو أرادها الرسول صلى الله عليه وسلم لكان التعبير بنص صريح لا يحتمل تأويلاً يخرجه عن معناه ، ولكانت القرائن كذلك تؤيده .
ومما يدل على أن المراد بالموالاة المحبة والنصرة لا الخلافة ، أن الإمام نشد الناس في الكوفة بعد أن آلت الخلافة إليه ، وأهل الكوفة - ومن ذهب معه إليها - بايعوه بلا خلاف ، ولكن أكثرهم خذلوه ولم ينصروه كما هو معلوم مشهور([190]) ولو كان المراد بالموالاة الخلافة لاحتج بهذا على الخلفاء الراشدين السابقين وعلى من بايعهم ، وهذا لم يثبت على الإطلاق ، ولم أجد في كتب السنة التي رجعت إليها رواية واحدة تذكر مثل هذا الاحتجاج .
وفى الفصل الأول ذكرت ما رواه البخاري ومسلم عن بيعة أبى الحسن للصديق ، وليس فيها ذكر لشىء عن الغدير ، ولم ينكر الإمام على أحقية الصديق و لا فضله ، وسر المسلمون بذلك الموقف وقالوا لعلى : أصبت وأحسنت ، وكانوا إليه قريباً حين راجع المعروف ، أي حين بايع ، ولو نشد المسلمين هنا لشهد المئات ممن حضر الغدير ، ومنهم من شهد بعد ذلك بالفعل في الكوفة ، ولكنه بين سبب تأخره عن البيعة بقوله لأبى بكر : " إنا قد عرفنا فضلك وما أعطاك الله ، ولم ننفس عليك خيراً ساقه الله إليك ، ولكنك استبددت علينا بالأمر ، وكنا نرى لقرابتنا من رسول الله صلى الله عليه وسلم نصيباً " . وعند البيعة أمام المسلمين في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم استغفر وتشهد ، وعظم حق أبى بكر ، وحدث أنه لم يحمله على الذي صنع نفاسة على أبى بكر ، ولا إنكاراً للذى فضله الله به ، " ولكننا نرى لنا في هذا الأمر نصيباً ، فاستبد علنا ، فوجدنا في أنفسنا " .
فالإمام على قد وجد في نفسه لأنه لم يشرك في أمر الخلافة واستبد به غيره ، وله ما يؤيد وجهة نظره ، فأمر خطير كهذا لا يُقضى دون مشورة أبى الحسنين ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وزوج ابنته فاطمة الزهراء ، إلى جانب فضله وسبقه وعلمه . وعذر أبى بكر وعمر وسائر الصحابة كان واضحاً - كما يقول النووى - لأنهم رأوا المبادرة بالبيعة من أعظم مصالح المسلمين ، وخافوا من تأخيرها حصول خلاف ونزاع تترتب عليه مفاسد عظيمة ،ولهذا أخروا دفن النبي صلى الله عليه وسلم حتى عقدوا البيعة لأنها كانت أهم الأمور ، كيلا يقع نزاع في مدفنه أو كفنه أو غسله ، أو الصلاة عليه أو غير ذلك ، وليس لهم من يفصل الأمور ، فرأوا تقديم البيعة أهم الأشياء .
فلو كانت الموالاة تعنى الخلافة لاحتج بها على الصديق ومن بايعه ، ولما تمت البيعة أصلاً .
والشكوى التي من أجلها دافع الرسول صلى الله عليه وسلم عن أبى الحسن توضح أن المراد بالموالاه شىء آخر غير الخلافة ، أو على أقل تقدير لا ترجح أن الخلافة هي المراد .
وتبين الشكوى كذلك السبب في أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يقل هذا في خطبته الجامعة يوم عرفة في حجة الوداع ، فلو كان المراد الخلافة لكان من الأرجح - إن لم يكن من المؤكد - أن يقال هذا في تلك الخطبة لا أن يقال بعد الشكوى([191]).
قال الآلوسى :
" ربما يستدل على أن المراد بالولاية المحبة بأنه لم يقع التقييد بلفظ بعدى ، والظاهر حينئذ اجتماع الولايتين في زمان واحد . ولا يتصور الاجتماع على تقدير أن يكون المراد أولوية التصرف بخلاف ما إذا كان المراد المحبة " ([192]).
وإذا كان عدم التقييد بلفظ بعدى في جميع الروايات السابقة يؤيد ما ذهب إليه الآلوسى ، فإنى وجدت روايات فيها التقييد ،وربما يستدل بها على أن المراد بالولاية أولوية التصرف ، ويحمل المطلق على المقيد حينئذ ، وهذه الروايات نجدها في المسند وسنن الترمذي ، ففيها أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال : " إن علياً منى وأنا منه ، وهو ولى كل مؤمن بعدى" ([193]) وزاد الترمذي : " هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من جعفر بن سليمان " . وجعفر هذا نجده في رواية الإمام أحمد كذلك ، ثم انفرد برواية أخرى عن طريق غير جعفر وفيها : " وإنه منى وأنا منه ، وهو وليكم بعدى " ([194]).
وجعفر بن سليمان من شيعة البصرة ، وهو متكلَّم فيه : وثقة ابن معين وعباس وابن حبان والبزار . قال ابن سعد : كان ثقة وبه ضعف ، وكان يتشيع .
وقال أبو طالب عن أحمد : لا بأس به . قيل له : إن سليمان بن حرب يقول لا يكتب حديثه ؟ فقال : إنما كان يتشيع ، وكان يحدث بأحاديث في فضل على ، وأهل البصرة يغلون في على . قلت عامة حديثة رقاق ؟ قال :
نعم ، كان قد جمعها وكان يحيى بن سعيد لا يروى عنه ، وكان يستضعفه . وكان عبدالرحمن بن مهدى يستثقل حديثه .
وقال البخاري : يقال كان أميّاً ، وقال في الضعفاء ، يخالف في بعض أحاديثه . وقال ابن المديني : هو ثقة عندنا ، وقال أيضاً : أكثر عن ثابت ، وبقية أحاديثه مناكير .
وقال ابن شاهين في المختلف فيهم : إنما تكلم فيه لعلة المذهب ، وما رأيت من طعن في حديثه إلا ابن عمار يقول : جعفر بن سليمان ضعيف .
وبغير ترجيح لتوثيق جعفر بن سليمان أو تضعيفه يمكن القول بأن حديثاً ينفرد به ويتصل بمذهبه لا يرقى إلى مرتبة الاحتجاج .
والرواية الأخرى للإمام أحمد نجد في سندها الأجلح الكندى ([195]) ، وهو من شيعة الكوفة ، ومتكلَّم فيه أيضاً ، وثقه ابن معين والعجلى وابن عدى ، وقال يعقوب بن سفيان : ثقة حديثة لين .
وقال أحمد : روى الأجلح غير حديث منكر .
وقال القطان : في نفسى منه شىء . وقال أيضاً : ما كان يفصل بين الحسين ابن على وعلى بن الحسين ، يعنى أنه ما كان بالحافظ . وقال ابن حبان: كان لا يدرى ما يقول ، جعل أبا سفيان أبا الزبير .
وضعفه أبو داود والنسائى وأبو حاتم ، وقال ابن سعيد : كان ضعيفاً جداً ، بل وصمه الجوزجانى بالافتراء . إذن فهذه الرواية التي انفرد بها أحمد عن الأجلح لا يحتج بها ، ولا توجد روايات فيها تقييد بلفظ بعدى ، وبذا يظل ما ذكره الآلوسى صحيحاً .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عابر سبيل
عابر سبيل


♣♣♣« المدير العام »♣♣♣

معلومات اضافيه للعضو
♣♣ الجنس» ♣♣ الجنس» : ذكر
♣♣ مشَارَڪاتْي » ♣♣ مشَارَڪاتْي » : 33128
♣ ♣ نقاط» ♣ ♣ نقاط» : 98890
♣ ♣ العـمْرّ» ♣ ♣ العـمْرّ» : 39

بحوث ودراسات في حديث غدير خم .. Empty
https://alforqan.ahlamontada.com

بحوث ودراسات في حديث غدير خم .. Empty
مُساهمةموضوع: رد: بحوث ودراسات في حديث غدير خم ..   بحوث ودراسات في حديث غدير خم .. Emptyالسبت 18 أكتوبر 2014 - 21:35

احتجاجهم بقوله صلى الله عليه وسلم: "من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم والِ من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله وأدر الحق حيث ما دار" وجوابه
أولاً: ما قاله الإمام الحافظ تقي الدين ابن تيمية رحمه الله تعالى هذا الحديث بهذا اللفظ ليس في شيء من الكتب الأمهات إلا في الترمذي وليس فيه إلا قوله: "من كنت مولاه فعلي مولاه خاصة" وأما الزيادة فليست فيه.
(كذلك قال الشيخ الإمام مجد الدين الفيروز آبادى، أنه لا يصح من طريق الثقات أصلاً والزيادة التي ألحقوها به كذب وقوله: اللهم والِ من والاه وعاد من عاداه ليس بصريح في حكمه كما يزعمه الرافضة لا من التصريح هو الذي لا يتحمل التأويل، وأيضاً اللفظ "المولى" مشتركة في محامل يطلق على العبد والسيد وعلى المعتق وعلى الزعيم وعلى الناصر وعلى الأولى فليست بصريحة كما يدعوه) وأما الزيادة كوفية، ولا ريب أنها كذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم لوجوه.
أحدها: أن الحق لا يدور مع أحد، شخص معين بعد رسول صلى الله عليه وسلم حيث ما دار لا مع أبي بكر ولا عمر ولا عثمان ولا علي رضي الله عنهم؛ لأنه لو كان كذلك لكان بمنزلة النبي صلى الله عليه وسلم يجب إتباعه في كل ما يقول. ومعلوم أن عليًّا رضي الله عنه كان ينازعه أصحابه وأتباعه في مسائل كثيرة ولا يرجعون فيها إلى قوله، بل فيها مسائل كثيرة وجد فيها نصوص النبي صلى الله عليه وسلم توافق من نازعه لا قوله. منها المرأة المتوفى عنها زوجها إذا كانت حاملاً فإن عليًّا أفتى بأنها تعتد أبعد الأجلين وعمر وابن مسعود وغيرهما أفتوا بأنها تعتد بوضع الحمل وبهذا جاءت سنة النبي صلى الله عليه وسلم ، وكان أبو السنابل بن بعكك، أفتى بمثل قول علي رضي الله عنه وقال صلى الله عليه وسلم: كذب أبو السنابل قد حللت فانكحي. يقول لسبيعة الأسلمية لما سأله عن ذلك.
وقوله عليه السلام (فيما زعموا): أُنصر من نصره، واخذل من خذله؛ فإن الواقع ليس كذلك فقد قاتل معه أقوام يوم صفين فما انتصروا وأقوام لم يقاتلوا معه فما خذلوا. كسعد بن أبي وقاص الذي فتح العراق لم يقاتل معه وكذا أصحاب معاوية رضي الله عنه وبنو أمية الذين قاتلوه فتحوا كثيراً من بلاد الكفار ونصرهم الله تعالى. لاسيما من كان على رأي الشيعة فإنهم دائماً مخذولون وأهل السنة منصورون. وهم يقولون: أنهم ينصرونه وأهل السنة يخذلونه. ويسمون أنفسهم المؤمنين وهم متصفون بصفات بغير صفات المؤمنين فإن سيماهم التقية وهو أن يقول أحدهم بلسانه ما ليس في قلبه وهذا من صفات المنافقين. ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين.
وللمنافقين الذلة لا العزة وقال تعالى: (إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا) والنصر والغلبة لأهل السنة لا للشيعة.
وقوله: "اللهم! والِ من والاه وعاد من عاداه" مخالف لأصول الإسلام. فإن القرآن قد بيَّن أن المؤمنين مع اقتتالهم وبغى بعضهم على البعض هم إخوة مؤمنون كما قال تعالى: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا...) الآية.
فكيف يجوز أن يقول عليه السلام لواحد من أمته: "اللهم والِ من والاه.." الخ، والله تعالى قد أخبر أنه ولي المؤمنين والمؤمنون أولياءه وبعضهم أولياء بعض، وأنهم إخوة، وإن اقتتلوا أو بغوا؟! على أن حديث "من كنت مولاه" قد طعن فيه علماء الحديث كالبخاري.
وإبراهيم الحربي وغيرهما. وحسنه أحمد والترمذي، وغيرهما، فإن كان قاله فما أراد به ولاية يختص بها بل لم يرد به إلا الولاية المشتركة وهي ولاية الإيمان التي جعلها الله تعالى بين عباده المؤمنين وبيَّن بهذا أن عليًّا رضي الله عنه من المؤمنين الذين يجب موالاتهم، وليس هو كما يقول النواصب من: أنه كافر أو فاسق فلا يستحق الموالاة. والموالاة ضد المعاداة ولا ريب أنه يجب الموالاة لجميع المؤمنين وعلي رضي الله عنهم وسائر المهاجرين والأنصار ولا يجوز معاداة أحد من هؤلاء فمن لم يولهم فقد عصى الله ورسوله .قال أهل السنة وسبب: قوله عليه السلام: من كنت مولاه فعلي مولاً له" أن أسامة بن زيد أنكر ولاية علي.
وأما حديث التصدق بالخاتم في الصلاة فكذب موضوع باتفاق أهل المعرفة، وأما ما يظن الرافضة من أن في الآية والحديث دلالة أن عليًّا رضي الله عنه هو الخليفة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم فمن الجهل المقطوع. بخطأ صاحبه فإن الولاء بالفتح وهو ضد العداوة والاسم منه مولى ولي. والولاية بالكسر والاسم منها والي ومتولي.
قال سبحانه: (إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ) والوالي من الموالاة وكذلك الولي، وهي ضد المعاداة، وهي من الطرفين لقوله تعالى: (وَإِن تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللهَ هُوَ مَوْلاَهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ)، (ذَلِكَ بِأَنَّ اللهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لاَ مَوْلَى لَهُمْ). فمعنى الحديث إن صح "من كنت مولاه": يواليني ويواليه، فعلي مولاه، يوالي عليًّا وعليّ يواليه، وهذا واجب لكل مؤمن.
قال البيهقي في كتاب «الاعتقاد­­»: "ليس في الحديث إن صح إسناده نص على ولاية علي رضي الله عنه بعد (النبي صلى الله عليه وسلم) فقد ذكرنا من طرق في كتاب «الفضائل»­­ ما دلَّ على مقصود النبي صلى الله عليه وسلم من ذلك وهو أنه لما بعثه إلى اليمن كثرت الشكاة عنه وأكثروا بغضه فأراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يذكر اختصاصه به ومحبته إياه ويحثهم بذلك على مودته وموالاته وترك معاداته فقال: "من كنت مولاه فعلي مولاه". وفي رواية "من كنت وليه فعلي وليه" والمراد به ولاء الإسلام ومودته، وعلى المسلمين أن يوالي بعضهم بعضاً ولا يعادي بعضهم بعضاً، وهو في معنى ما ثبت عن علي رضي الله عنه أنه قال: والذي فلق الحبة وبرأ نسمته أنه لعهد النبي الأمي صلى الله عليه وسلم إلى أن لا يحبني إلا مؤمن ولا يبغضني إلا منافق. وكذا قال الإمام الشافعي أن المراد به في الحديث ولاء الإسلام.
ذلك كقوله تعالى: (ذَلِكَ بِأَنَّ اللهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لاَ مَوْلَى لَهُمْ) ولما سأل عنه الحسن بن الحسن بن علي رضي الله عنهم فقال له: لو يعني به رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أنصح للمسلمين وقال: يا أيها الناس! هذا ولي أمركم والقائم عليكم من بعدي فاسمعوا له وأطيعوا، والله لئن كان الله عز وجل ورسوله اختارا عليًّا لهذا الأمر وجعله القائم به للمسلمين من بعده ثم ترك علي أمر الله ورسوله، لكان علي أول من ترك أمر الله ورسوله وأعظم الناس خطيئة وجرماً في ذلك.
قال الإمام البيهقي وكذا قال أخوه عبد الله بن الحسن وروينا عنه أنه قال: مَن هذا الذي يزعم أن عليًّا رضي الله عنه كان مقهوراً وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمره بأمور لم ينفذها فكفى به أزراً على علي رضي الله عنه ومنقصه بأنه يزعم أن النبي صلى الله عليه وسلم أمره بأمر فلم ينفذه.
--------------------------------
( المرجع : رسالة " الرد على الرافضة " لأبي حامد المقدسي ، ص 212 – 224 ) .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عابر سبيل
عابر سبيل


♣♣♣« المدير العام »♣♣♣

معلومات اضافيه للعضو
♣♣ الجنس» ♣♣ الجنس» : ذكر
♣♣ مشَارَڪاتْي » ♣♣ مشَارَڪاتْي » : 33128
♣ ♣ نقاط» ♣ ♣ نقاط» : 98890
♣ ♣ العـمْرّ» ♣ ♣ العـمْرّ» : 39

بحوث ودراسات في حديث غدير خم .. Empty
https://alforqan.ahlamontada.com

بحوث ودراسات في حديث غدير خم .. Empty
مُساهمةموضوع: رد: بحوث ودراسات في حديث غدير خم ..   بحوث ودراسات في حديث غدير خم .. Emptyالسبت 18 أكتوبر 2014 - 21:35

بدعة غدير خم


المطلب الأول : حديث غدير خم .
عن زيد بن أرقم – رضي الله عنه – قال : قام رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً فينا خطيباً بماء يُدعى خما بين مكة والمدينة ، فحمد الله وأثني عليه ، ووعظ وذكر ، ثم قال : (( أما بعد ، ألا أيها الناس ! فإنما أنا بشر يوشك أن يأتي رسول ربي فأجيب ، وأنا تارك فيكم ثقلين : أولهما كتاب الله فيه الهدى والنور ، فخذوا بكتاب الله ، واستمسكوا به )) . فحثَّ على كتاب الله ورغب فيه . ثم قال : (( وأهل بيتي ، أذكركم الله في أهل بيتي ، أذكركم الله في أهل بيتي ، أذكركم الله في أهل بيتي ..... )) الحديث [43].
وعن البراء بن عازب – رضي الله عنه – قال : كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفرٍ، فنزلنا بغدير خم ، فنودي فينا الصلاة جامعة ، وكسح [44] لرسول الله صلى الله عليه وسلم تحت شجرتين فصلى الظهر وأخذ بيد علي – رضي الله عنه – فقال : (( ألستم تعلمون أني أولى بالمؤمنين من أنفسهم ؟ )) .
قالوا : بلى . قال : (( ألستم تعلمون أني أولى بكل مؤمن من نفسه ؟ )) . قالوا : بلى . قال : فأخذ بيد علي فقال : (( من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه )) . قال : فلقيه عمر بعد ذلك فقال له : هنيئاً يا ابن أبي طالب ! أصبحت وأمسيت ولي كل مؤمن ومؤمنة ))[45] .
وروى الحاكم في المستدرك عن زيد بن أرقم – رضي الله عنه- قال : خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى انتهينا إلى غدير خم ، فأمر بروح [46] فكسح في يوم ما أتى علينا يوم كان أشد حراً منه ، فحمد الله وأثنى عليه وقال : (( يا أيها الناس! إنه لم يبعث نبي قط إلا ما عاش نصف ما عاش الذي كان قبله ، وإني أوشك أن أدعى فأجيب ، وإني تارك فيكم ما لن تضلوا بعده : كتاب الله عز وجل )) . ثم قام فأخذ بيد علي رضي الله عنه – فقال : يا أيها الناس !من أولى بكم من أنفسكم ؟)) قالوا : الله ورسوله أعلم . قال : (( من كنت مولاه فعلي مولاه ))[47] .
المطلب الثاني : أول من أحدث هذه البدعة .
أول من أحدث بدعة عيد غدير خم هو معز الدولة بن بويه ، وذلك في سنة 352هـ ببغداد [48].
قال ابن كثير في حوادث سنة 352هـ : ( وفي عشر ذي الحجة منها أمر معز الدولة بن بويه بإظهار الزينة في بغداد ، وأن تفتح الأسواق بالليل كما في الأعياد ، وأن تضرب الذبابات [49] والبوقات [50] ، وأن تشعل النيران في أبواب الأمراء ، وعند الشرط ، فرحاً بعيد الغدير – غدير خم – فكان وقتاً عجيباً مشهوداً ، وبدعة شنيعة ظاهرة منكرة )ا.هـ [51].
وقال المقريزي : ( اعلم أن عيد الغدير لم يكن عيداً مشروعاً ، ولا عمله أحد من سالف الأمة المقتدى بهم ، وأول ما عرف في الإسلام بالعراق أيام معز الدولة على بن بويه ، فإنه أحدثه في سنة اثنتين وخمسين وثلاثمائة فاتخذه الشيعة [52] من حينئذٍ عيداً) ا.هـ [53].
ويعتبر عيد ((غدير خم )) من الأعياد والمواسم التي كان العبيديون – ناصري البدعة – يقيمونها ويرعونها ، ويحافظون عليها ، وذلك لإثبات تشيعهم ومحبتهم لآل البيت ، الذي يدَّعُون الانتساب إليهم !! [54].
وأول ما أُقيم الاحتفال بهذا العيد المبتدع في مصر في الثامن عشر من ذي الحجة سنة 362هـ) [55]
المطلب الثالث : حكم هذا العيد .
لا شك في أن جعل الثامن عشر من ذي الحجة عيداً وموسماً من المواسم التي يحتفل الناس بها ، ويفرحون بقدومها ، ويخصُّونها بشيء من القرب كالإعتاق والذبح ونحو ذلك : بدعة باطلة ، وأساسها الذي اعتمدت عليه أمرٌ باطل لا شك في بطلانه ، وهو زعمهم أن النبي صلى الله عليه وسلم في اليوم الثامن عشر من شهر ذي الحجة سنة عشرة للهجرة ، وهو قافلٌ – عليه الصلاة والسلام – من حجة الوداع ، أوصى بالخلافة لعلي بن أبي طالب – رضي الله عنه – بمكان يسمى غدير خم .
وهذا يدلُّ دلالة واضحة على أن المبتدعين لهذا العيد ، والمعظمين له هم الشيعة ، فهم يفضلونه على عيدي الفطر والأضحى ، ويسمونه بالعيد الأكبر [56].
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله - ، في كلامه عن أنواع الأعياد الزمانية المبتدعة ، والتي قد يدخل فيها بعض بدع أعياد المكان والأفعال :
(النوع الثاني :ما جرى فيه حادثة كما كان يجري في غيره ،من غير أن يوجب ذلك جعله موسماً ، ولا كان السلف يعظمونه ، كثامن عشر ذي الحجة ، الذي خطب النبي صلى الله عليه وسلم فيه بغدير خم مرجعه من حجة الوداع ، فإنه صلى الله عليه وسلم خطب فيه خطبة وصَّى فيها باتباع كتاب الله ، ووصَّى فيها بأهل بيته ، كما روى ذلك مسلم في صحيحه [57]عن زيد بن أرقم – رضي الله عنه-.
فزاد بعض أهل الأهواء [58] في ذلك ، حتى زعموا أنه عهد إلى علي – رضي الله عنه – بالخلافة بالنص الجلي ، بعد أن فرش له ، وأقعده على فراش عالية ، وذكروا كلاماً وعملاً قد علم بالاضطراب أنه لم يكن من ذلك شيء ، وزعموا أن الصحابة تمالؤا على كتمان هذا النص ، وغصبوا الوصي حقه ، وفسَّقوا وكفَّرُوا إلا نفراً قليلاً . والعادة التي جبل الله عليها بني آدم ، ثم ما كان القوم عليه من الأمانة والديانة ، وما أوجبته شريعتهم من بيان الحق ، يوجب العلم اليقيني بأن مثل هذا اليوم عيداً محدث لا صل له ، فلم يكن في السلف لا من أهل البيت ولا من غيرهم ، من اتخذ ذلك اليوم عيداً ، حتى يحدث فيه أعمالاً ؛ إذ الأعياد شريعة من الشرائع ، فيجب فيها الاتباع لا الابتداع ، وللنبي صلى الله عليه وسلم خُطبٌ وعهودٌ ووقائع في أيام متعددة : مثل يوم بدر[59] ، وحنين[60] ، والخندق[61] ، وفتح مكة[62] ، ووقت هجرته ، ودخوله المدينة[63] ، وخطب له متعددة يذكر فيها قواعد الدين ، ثم لم يوجب ذلك أن يتخذ أمثال تلك الأيام أعياداً . وإنَّما يفعل مثل هذا النصارى ، الذين يتخذون أمثال أيام حوادث عيسى عليه السلام – أعياداً ، أو اليهود . وإنما العيد شريعة ، فما شرعه الله اتبع ، وإلا لم يحدث في الدين ما ليس منه )ا.هـ [64].
وقد أفتى شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – بأن اتخاذ يوم الثامن عشر من شهر ذي الحجة عيداً . بدعة ، لم يفعلها السلف ، ولم يستحبوها ، وأن ذلك موسم غير شرعي ، وإنما هو من المواسم المبتدعة [65]- والله أعلم -
---------------------------
[42] - غدير خم : يقع بين مكة والمدينة بالجحفة .
[43] - رواه أحمد في مسنده (4/366، 367) . ورواه مسلم في صحيحه (4/1873) كتاب فضائل الصحابة ، حديث رقم (2408) . ورواه الدارمي في سننه (2/431، 432) كتاب فضائل القرآن ، باب فضل من قرأ القرآن .
[44] - الكسح : الكنس ، وكسح البيت : كنسه . يُراجع : لسان العرب (2/571) مادة (كسح) .
[45] - رواه أحمد في مسنده (4/281) . ورواه الترمذي مختصراً في سننه (5/297) أبواب المناقب ، حديث رقم (3797) ، وقال : حديث حسن غريب . ورواه ابن ماجه في سننه (1/43) المقدمة ، حديث رقم (116) . قال البوصيري في زوائد ابن ماجه (1/19، 20) : (هذا إسناد ضعيف ، لضعف على بن زيد بن جدعان ، رواه الإمام أحمد في مسنده أيضاً من حديث) .ا.هـ .
[46] - الروح : برد نسيم الريح ، والمراد – والله أعلم - : مكان بارد مريح . يُراجع : لسان العرب (2/457) مادة (روح )
[47] - رواه الحاكم في المستدرك (3/533) كتاب معرفة الصحابة ، وقال : هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه . ووافقه الذهبي في تلخيصه .
ورواه الإمام أحمد بطرق كثيرة ، منها طرق لا تخلو من ضعف ، ومنها طرق بعض رواتها منهم من رُمِي بالتشيع ، ومنهم من وصف بالغلو في التشيع . فلتراجع الطرق في : (1/48، 118، 119، 152، 330، 4/368، 370، 372. 5/347، 350 ، 358، 361، 366، 370، 419) . ويراجع البداية والنهاية (5/234، 240، 7/379- 383) . ومما يدلُّ على كثرة ما رُوي فيه قول ابن كثير في ترجمة ابن جرير الطبري: ( وقد رأيت له كتاباً جمع فيه أحاديث غدير خم في مجلدين ضخمين ) . يُراجع : البداية والنهاية (11/165) ، وكذلك (5/233، 234) .
[48] - هي عاصمة العراق قديماً وحديثاً . وتقع على نهر دجلة . أول من جعلها مدينة الخليفة المنصور العباسي سنة 149هـ وأنفق عليها ثمانية عشر ألف ألف دينا ، فبناها مدورة وسورها وجعل داره وجامعها في وسطها ، وجعل لها أربعة أبواب . وقد صنَّف في بغداد وسعتها وعظمها وسعة بقعتها وما ورد فيها وما حدث بها الخطيب أبو بكر البغدادي في كتابه تاريخ بغداد (أربعة عشر مجلداً ) ما فيه الكفاية . يُراجع : معجم البلدان (1/456- 467) ، وتاريخ بغداد للخطيب البغدادي .
[49] - بحثت عن معناهم فلم أقف عليه ، ولعلها – والله أعلم - : نوع من الآلات التي تصدر صوتاً كالبوق ونحوه
[50] - الأبواق : جمع بوق ، والبوق : الذي ينفخ فيه ويزمر . يراجع : لسان العرب ( 10/31) ، مادة (بوق) .
[51] - يراجع : البداية والنهاية (11/ 272) .
[52] - الشيعة : هم الذين شايعوا علياً – رضي الله عنه – على الخصوص ، وقالوا بإمامته وخلافته نصاً ووصاية ، إما جلياً أو خفياً ، واعتقدوا أن الإمام لا تخرج من أولاده ، وإن خرجت فبظلم يكون من غيره ، أو بتقية من عنده ، وقالوا : ليست الإمامة قضية مصلحية تناط باختيار العامة ، بل هي قضية أصولية هو ركن الدين ،لا يجوز للرسول صلى الله عليه وسلم إغفاله وإهماله ،ولا تفويضه للعامة وإرساله ، ويجمعهم القول بوجوب التعيين والتنصيص ، وثبوت عصمة الأئمة وجوباً عن الكبائر والصغائر ، والقول بالتولي والتبري قولاً وفعلاً وعقداً ، إلا في حال التقية ، وهم خمس فرق : كيسانية ، وزيدية ،وإمامية ،وغلاة ، وإسماعيلية . يراجع : الملل والنحل للشهر ستاني ص(146) ، ومقالات الإسلاميين (1/65)،والفرق بين الفرق ص(15ـ17).
[53] - يُراجع : الخطط والآثار (1/388) .
[54] - يُراجع : الخطط والآثار للمقريزي (1/490) .
[55] - يُراجع : الخطط والآثار للمقريزي (1/489) .وقد أطال المؤلف في وصف الاحتفال بهذا العيد،وما يقع فيه من لبس الجديد من الثياب،وإعتاق الرقاب ، والإكثار من الذبح ، وقراءة نص الخلافة المزعوم من النبي صلى الله عليه وسلم إلى أمير المؤمنين على بن طالب – رضي الله عليه – قبل الزوال ... إلى غير ذلك .
[56] - يُراجع : مختصر التحفة الاثني عشرية للألوسي ص (208) .
[57] - رواه مسلم في صحيحه (4/1873) كتاب فضائل الصحابة ، حديث رقم (2408) . وتقدم تخريجه أيضاً في ص (376- 377) .
[58] - لاشك أنهم الشيعة .
[59] - بدر : ماء مشهور بين مكة والمدينة أسفل وادي الصفراء بينه وبين ساحل البحر ليلة ، ينسب إلى بدر بن يخلد بن النضر بن كنانة ، وبهذا الماء كانت الوقعة المشهورة التي اظهر الله بها الإسلام ، شهدها من الصحابة – رضوان الله عليهم - . يراجع : معجم البلدان (1/357، 358) .
[60] - حنين : هو واد قبل الطائف ، بينه وبين مكة بضعة عشر ميلا ، وهو : المواضع الذي هزم فيه الرسول صلى الله عليه وسلم هوازان وذلك سنة 8هـ . يراجع : معجم ما استعجم ص (471، 472) .
[61] - وهي المعروفة بغزوة الخندق أو غزوة الأحزاب وفيها اجتمعت القبائل بتحريض من اليهود على قتال النبي صلى الله عليه وسلم ومن هذه القبائل : قريش وبنو سليم ، وبنو أسد ، وفزارة ، وأشجع ، وبنو مرة ، وكان عددهم عشرة آلاف فلما سمع بهم الرسول صلى الله عليه وسلم استشار الصحابة فآشار عليه سلمان الفارسي- رضي الله عنه – بحفر خندق يحول بين العدو وبين المدينة ، فأمر به الرسول صلى الله عليه وسلم فبادر إليه المسلمون ، وعمل بنفسه فيه ، وكان حفر الخندق أمام جبل سلع الذي كان خلف ظهور المسلمين ، والخندق بينهم وبين الكفار ، وكان عدد المسلمين ثلاثة آلاف ، وكان ذلك سنة 5هـ. يراجع : زاد المعاد (3/296- 271) .
[62] - مدينة مكة المكرمة : أشهر من أن تعرف فهي قبلة المسلمين ، وبها بيت الله الحرام ، وأشرف بقعة على وجه الأرض . وكان فتح مكة سنة 8هـ .
[63] - المدينة : وكانت تسمى في الجاهلية : يثرب . وهي مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم ومهاجره، ورد في فضلها وأنها بلد حرام ، أحاديث كثيرة ، عقد لها البخاري كتاباً في صحيحه وسماه كتاب : فضائل المدينة ، وفيها مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم وقبره ومنبره اللذين ورد في أن ما بينهما روضة من رياض الجنة ، وبها استقر خير أمة محمد عليه والسلام من الخلفاء الراشدين والصحابة وبها ماتوا ودُفنوا. وفي شمالها يقع جبل أحد الذي وقعت عنده الغزوة المشهورة غزوة أحد ، وهي في حرة سبخة الأرض ، وبها نخيل كثيرة ومياه ومزارع . وتقع شمال مكة على نحو عشر مراحل (حوالي 450كم) . يراجع : معجم البلدان (5/82، 88) ، وصحيح البخاري (2/220- 255) كتاب فضائل المدينة .
[64] - يراجع : اقتضاء الصراط المستقيم (2/613- 615) .
[65] - يراجع : مجموعة فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية (25/298) .
_____________________________________
المصدر : كتاب البدع الحولية
http://saaid.net/mktarat/hajj/77.htm
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عابر سبيل
عابر سبيل


♣♣♣« المدير العام »♣♣♣

معلومات اضافيه للعضو
♣♣ الجنس» ♣♣ الجنس» : ذكر
♣♣ مشَارَڪاتْي » ♣♣ مشَارَڪاتْي » : 33128
♣ ♣ نقاط» ♣ ♣ نقاط» : 98890
♣ ♣ العـمْرّ» ♣ ♣ العـمْرّ» : 39

بحوث ودراسات في حديث غدير خم .. Empty
https://alforqan.ahlamontada.com

بحوث ودراسات في حديث غدير خم .. Empty
مُساهمةموضوع: رد: بحوث ودراسات في حديث غدير خم ..   بحوث ودراسات في حديث غدير خم .. Emptyالسبت 18 أكتوبر 2014 - 21:36

دعوى الرافضي النص على خلافة علي بحديث: (من كنت مولاه فعلي مولاه) وأن ذلك من أسباب استبصاره والرد عليه
قال الرافضي ص161: «أما الأسباب التي دعتني للاستبصار فكثيرة جداً ولا يمكن لي في هذه العجالة إلا ذكر بعض الأمثلة منها:
1-النص على الخلافة:
لقد آليت على نفسي عند الدخول في هذا البحث أن لا أعتمد إلا ماهو موثوق عند الفريقين، وأن أطرح ما انفردت به فرقة دون الأخرى...
والباحث في هذا الموضوع إذا تجرد للحقيقة فإنه سيجد النص على علي بن أبي طالب واضحاً جلياً كقوله صلى الله عليه وآله وسلم: (من كنت مولاه فهذا علي مولاه). وهذا النص مجمع عليه من الشيعة والسنة...
أما الاجماع المدعى على انتخاب أبي بكر يوم السقيفة ثم مبايعته بعد ذلك في المسجد، فإنه دعوى بدون دليل، إذ كيف يكون الإجماع وقد تخلف عن البيعة علي والعباس وسائر بني هاشم، كما تخلف أسامة بن زيد، والزبير، وسلمان الفارسي، وأبو ذر الغفاري، والمقداد ابن الأسود، وعمار بن ياسر، وحذيفة بن اليمان، وخزيمة بن ثابت
وأبو بريده الأسلمي، والبراء بن عازب، وأبي بن كعب، وسهل بن حنيف، وسعد بن عبادة، وقيس بن سعد، وأبو أيوب الانصاري، وجابر بن عبد الله، وخالد بن سعيد، وغير هؤلاء كثيرون فأين الإجماع ياعباد الله؟
وجوابه: أن هذا الحديث الذي ذكره وهو قوله صلى الله عليه وآله وسلم: (من كنت مولاه فهذا علي مولاه) قد أخرجه أحمد والترمذي والحاكم(1) ولم يخرجه أحد من أصحاب الصحاح، وقد اختلف العلماء في تصحيحه كما نقل ذلك أئمة أهل الشأن.
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: «وأما قوله: (من كنت مولاه فعلي مولاه) فليس في الصحاح لكن هو مما رواه العلماء، وتنازع الناس في صحته، فنقل عن البخاري وإبراهيم الحربي وطائفة من أهل العلم بالحديث أنهم طعنوا فيه وضعفوه، ونقل عن أحمد بن حنبل أنه حسنه، كما حسنه الترمذي، وقد صنف أبو العباس بن عقده مصنفاً في جمع طرقه».‎(2)
وقال ابن حزم: «وأما من كنت مولاه فعلي مولاه فلا يصح من طريق الثقات أصلاً».‎(3)‎
وقد ذهب إلى تصحيح هذا الحديث الحاكم، ومن المعاصرين الشيخ الألباني.‎(4)
والقصد أن العلماء اختلفوا في تصحيح الحديث، وهذا على خلاف ما ادعى الرافضي من أن الحديث موثق عند الفريقين، فإن من العلماء من ينكره ولا يرى صحته كما تقدم.
وعلى القول بصحة الحديث فلا حجة فيه للرافضة في دعواهم أنه نص على خلافة علي، فإن الموالاة المذكورة في الحديث هي (الموالاة) التي ضد المعاداة. لا (الولاية) التي هي الإمارة.
قال ابن الاثير في النهاية: «تكرر ذكر المولى في الحديث وهو اسم يقع على جماعة كثيرة فهو: الرب، والمالك، والسيد، والمنعم، والمعتق، والناصر، والمحب، والتابع، والجار، وابن العم، والحليف، والعقيد، والصهر، والعبد، والمعتق، والمنعم عليه، وأكثرها قد جاءت في الحديث، فيضاف كل واحد إلى ما يقتضيه الحديث الوارد فيه، وكل من ولي أمراً أو قام به فهو مولاه ووليه، وقد تختلف مصادر هذه الأسماء (فالوَلاية) بالفتح في النسب، والنصرة، والمعتق، (والوِلاية) بالكسر في الإمارة والولاء المعتق، (والموالاة) من والى القوم، ومنه الحديث (من كنت مولاه فعلي مولاه) يحمل على أكثر الأسماء المذكورة. قال الشافعي -رضي الله عنه - يعني بذلك ولاء الإسلام، كقوله تعالى: {ذلك بأن الله مولى الذين آمنوا وأن الكافرين لا مولى لهم}‎(5)».‎(6)
وهذا المفهوم اللغوي الذين ذكره ابن الأثير هنا للفظة الموالاة في الحديث واستشهد له بقول الشافعي، هو الذي قرره العلماء المحققون في ردهم على الرافضة.
قال أبو نعيم: «فإذا احتج بالأخبار وقال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من كنت مولاه فعلى مولاه، قيل له: مقبول منك، ونحن نقول وهذه فضيلة بينة لعلي بن أبي طالب -u- ومعناه من كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم مولاه فعلي والمؤمنون مواليه، دليل ذلك قول الله تبارك وتعالى: {والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض}(7)...
وإنما هذه منقبة من النبي صلى الله عليه وآله وسلم لعلي -رضي الله عنه- وحث على محبته وترغيب في ولايته لما ظهر من ميل المنافقين عليه وبغضهم له، وكذلك قال صلى الله عليه وآله وسلم: (لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق).‎(8) وحكي عن ابن عيينه أن علياً -رضي الله عنه- وأسامة تخاصماً فقال علي لأسامة أنت مولاي فقال: لست لك مولى: إنما مولاي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (من كنت مولاه فعلي مولاه). وهذا كما يقول الناس: فلان مولى بني هاشم، ومولى بني أمية وإنما الحقيقة واحد منهم».‎(9)
ويقول شيخ الإسلام بعد أن ذكر تضعيف العلماء لهذا الحديث: ونحن نجيب بالجواب المركب، فنقول: إن لم يكن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قاله فلا كلام، وإن كان قاله فلم يرد قطعاً الخلافة بعده، إذ ليس في اللفظ ما يدل عليه، ومثل هذا الأمر العظيم يجب أن يبلغ بلاغاً مبيناً، وليس في الكلام ما يدل دلالة بينة على أن المراد به الخلافة، وذلك أن المولى كالولي والله تعالى قال: {إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا}(10)، وقال: {وإن تظاهرا عليه فإن الله هو مولاه وجبريل وصالح المؤمنين والملائكة بعد ذلك ظهير}‎(11) فبين أن الرسول ولي المؤمنين وأنهم مواليه أيضاً، كما بين أن الله وليّ المؤمنين وأنهم أولياؤهم، وأن المؤمنين بعضهم أولياء بعض، فالموالاة ضد المعاداة وهي تثبت من الطرفين، وإن كان أحد المتواليين أعظم قدراً، وولايته إحسان وتفضل، وولاية الآخر طاعة وعبادة...
وفي الجملة فرق بين الولي والمولى ونحو ذلك وبين الوالي، فباب الولاية التي هي ضد العداوة شيء، وباب الولاية التي هي الإمارة شيء، والحديث إنما هو في الأولى دون الثانية، والنبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يقل: من كنت واليه فعلي واليه، وإنما اللفظ: من كنت مولاه فعلي مولاه. وأما كون المولى بمعنى الوالي فهذا باطل، فإن الولاية تثبت من الطرفين، فإن المؤمنين أولياء الله وهو مولاهم».‎(12)
فتبين أن المولاة التي أرادها النبي صلى الله عليه وآله وسلم هي موالاة الإسلام التي هي ضد العداوة، والمستلزمة للمحبة والمناصرة، دون الولاية التي هي الإمارة، ولهذا ما استدل أحد من الصحابة لا علي ولا غيره بهذا الحديث على استخلاف علي، ولا يعرف هذا عن أحد من أهل العلم المعتد بأقوالهم في الأمة، وإنما استدل به الرافضة الذين هم أجهل الناس بمدلولات النصوص وأبعدهم عن الفهم الصحيح.
وأما دعوى الرافضي تأخر بعض الصحابة عن بيعة أبي بكر وذكر منهم: علياً، والعباس، وسائر بني هاشم، وأسامة بن زيد، والزبير وسلمان، وأبا ذر، والمقداد، الخ من ذكر: فدعوى مجردة من الدليل وهو مطالب بصحة النقل على ما يقول، وأما ما أحال عليه من كتب التاريخ كتاريخ الطبري، وابن الأثير، وتاريخ الخلفاء للسيوطي، فمعلوم لكل مطلع على هذه الكتب أن أصحابها لم يلتزموا صحة ما ينقلون فيها من أخبار، بل ينقلون الأخبار بأسانيدها، ويرون أن الذمة تبرأ بذكر السند ليكون الباب مفتوحاً لمن أراد الدراسة والتحقيق، ولهذا يجد المطلع على هذه الكتب أن أصحابها قد ينقلون الروايات المتعارضة في المعنى في الموضع الواحد لهذا السبب.
على أنني تتبعت الكتب المذكورة فلم أجد أنها نقلت تخلف كل من ذكر عن بيعة أبي بكر، وإنما جاء في بعضها ذكر بعض الروايات التي فيها تخلف بعض الصحابة: كعلي، وطلحة، والزبير،وسعد بن عبادة، عن البيعة كما في تاريخ الطبري.‎(13)
وفي الكامل لابن الأثير: زيادة بني هاشم.(14)
وفي تاريخ الخلفاء للسيوطي: أن علياً والزبير تأخرا عن بيعة أبي بكر ثم إنهما جاءا فاعتذرا لأبي بكر وبايعا وقالا: (ما غضبنا إلا لأنا أخرنا عن المشورة، وإنا نرى أبا بكر أحق الناس بها، إنه لصاحب الغار، وإنا لنعرف شرفه وخيره، ولقد أمره رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالصلاة بالناس وهو حي).‎(15)
والصحيح الثابت أن الصحابة اتفقوا قاطبة على استخلاف الصديق، على ما دلت على ذلك النقول الصحيحة وأقوال المحققين من أهل العلم.
ففي صحيح البخاري من حديث عائشة الطويل في خبر البيعة لأبي بكر: (فقال عمر بل نبايعك أنت، فأنت سيدنا وخيرنا، وأحبنا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فأخذ عمر بيده فبايعه وبايعه الناس).(16)
وروى الحاكم عن عبدالله بن مسعود قال: (ما رأى المسلمون حسناً فهو عند الله حسن، وما رآه المسلمون سيئاً فهو عند الله سييء، وقد رأى الصحابة جميعاً أن يستخلفوا أبابكر -رضي الله عنه-).(17)
وأخرج النسائي والحاكم عن ابن مسعود -رضي الله عنه- قال: (لما قبض رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قالت الأنصار: منا أمير ومنكم أمير، فأتاهم عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- فقال: يا معشر الأنصار ألستم تعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قد أمر أبابكر أن يؤم الناس؟ فأيكم تطيب نفسه أن يتقدم أبا بكر، فقالت الأنصار: نعوذ بالله أن نتقدم أبابكر).(18)
فدلت هذه الروايات الصحيحة على اتفاق الصحابة على بيعة أبي بكر وإجماعهم على ذلك، على ماصرح بذلك الصحابة -رضي الله عنهم-.
كما نقل هذا الإجماع غير واحد من الأئمة.
فعن معاوية بن قرة -رحمه الله- قال: (ما كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يشكون أن أبابكر خليفة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وما كانوا يسمونه إلا خليفة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وما كانوا يجتمعون على خطأ وضلال).(19)
وعن الإمام الشافعي -رحمه الله- قال: (أجمع الناس على خلافة أبي بكر الصديق، وذلك أنه اضطر الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فلم يجدوا تحت أديم السماء خيراً من أبي بكر فولوه رقابهم).(20)
ويقول شيخ الإسلام ابن تيميه -رحمه الله-: «وأبو بكر بايعه المهاجرون والأنصار،الذين هم بطانة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، والذين بهم صار للإسلام قوة وعز، وبهم قُهِر المشركون، وبهم فتحت جزيرة العرب، فجمهور الذين بايعوا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم هم الذين بايعوا أبا بكر».(21)
ويقول أيضاً: «فلما اتفقوا على بيعته، ولم يقل أحد إني أحق بهذا الأمر منه، لا قرشي ولا أنصاري، فإن من نازع أولا من الأنصار لم تكن منازعته للصديق، بل طلبوا أن يكون منهم أمير، ومن قريش أمير، وهذه منازعة عامة لقريش، فلما تبين لهم أن هذا الأمر في قريش قطعوا المنازعة....
ثم بايعوا أبا بكر من غير طلب منه، ولا رغبة بذلت لهم ولا رهبة، فبايعه الذين بايعوا الرسول تحت الشجرة، والذين بايعوه ليلة العقبة، والذين بايعوه لما كانوا يهاجرون إليه، والذين بايعوه لما كانوا يسلمون من غير هجرة كالطلقاء، ولم يقل أحد قط إنى أحق بهذا الأمر من أبي بكر، ولا قاله أحد في أحد بعينه: إن فلاناً أحق بهذا الأمر من أبي بكر».(22)
وقال الحافظ ابن كثير-رحمه الله-: «وقد اتفق الصحابة -y- على بيعة الصديق في ذلك الوقت، حتى علي بن أبي طالب، والزبير ابن العوام».(23) ثم ساق الروايات الصحيحة الدالة على ذلك.
فثبت بهذا اتفاق الصحابة -رضي الله عنهم- وإجماعهم على بيعة أبي بكر -رضي الله عنه- كما دلت على ذلك الروايات الصحيحة عن الصحابة، وعن أئمة السلف من بعدهم، وما قرره العلماء المحققين في هذا.
ولا يقدح في هذا ما ثبت في صحيح البخاري من حديث عائشة -رضي الله عنها- أن علياً قد تخلف عن بيعة أبي بكر حياة فاطمة -رضي الله عنها- ثم إنه بعد وفاتها التمس مصالحة أبي بكر وبايعه معتذراً له بأنه ما كان ينافس أبا بكر في ما ساقه الله إليه من أمر الخلافة، لكنه كان يرى له حق المشورة لقرابته من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.(24)
فإن العلماء المحققين ذكروا أن هذه بيعة ثانية لإزالة ما كان قد وقع بسبب الميراث من وحشة، مع مبايعة علي لأبي بكر -رضي الله عنهما- في بداية الأمر:
قال ابن كثير -رحمه الله- بعد أن ساق بعض الروايات الدالة على مبايعة علي لأبي بكر في بداية عهده: «وهذا اللائق بعلي -رضي الله عنه- والذي تدل عليه الآثار من شهوده معه الصلوات، وخروجه معه إلى ذي القصة بعد موت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، كما سنورده، وبذله له النصيحة والمشورة بين يديه، وأما ما يأتي من مبايعته إياه بعد موت فاطمة، وقد ماتت بعد أبيها عليه السلام بستة أشهر، فذلك محمول على أنها بيعة ثانية أزالت ما كان قد وقع من وحشة بسبب الكلام في الميراث، ومنعه إياهم ذلك بالنص من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ..».(25)
وقال ابن حجر في شرح حديث عائشة المشار إليه آنفاً: «وقد تمسك الرافضة بتأخر علي عن بيعة أبي بكر إلى أن ماتت فاطمة، وهذيانهم في ذلك مشهور. وفي هذا الحديث ما يدفع حجتهم، وقد صحح ابن حبان وغيره من حديث أبي سعيد الخدري وغيره: (أن علياً بايع أبا بكر في أول الأمر) وأما ما وقع في مسلم عن الزهري أن رجلاً قال له: (لم يبايع علي أبا بكر حتى ماتت فاطمة؟ قال: لا ولا أحد من بني هاشم) فقد ضعفه البيهقي بأن الزهري لم يسنده، وأن الرواية الموصولة عن أبي سعيد أصح، وجمع غيره بأنه بايعه بيعة ثانية مؤكدة للأولى، لإزالة ما كان وقع بسبب الميراث كما تقدم، وعلى هذا فيحمل قول الزهري (لم يبايعه علي): في تلك الأيام على إرادة الملازمة له والحضور عنده، وما أشبه ذلك. فإن في انقطاع مثله عن مثله ما يوهم من لا يعرف باطن الأمر أنه بسبب عدم الرضا بخلافته، فأطلق من أطلق ذلك، وبسبب ذلك أظهر علي المبايعة التي بعد موت فاطمة عليها السلام لإزالة هذه الشبهة».(26)
قلت: ومما يشهد لصحة مبايعة علي والزبير لأبي بكر في بداية الأمر: ما رواه الحاكم من حديث إبراهيم بن عبدالرحمن بن عوف، وفيه أن أبا بكر لما بويع خطب الناس وذكر من عدم حرصه على الخلافة، وعدم رغبته فيها إلى قوله: (فقبل المهاجرون ما قال وما اعتذر به، قال علي -رضي الله عنه- والزبير: ما غضبنا إلا لأنا قد أخرنا عن المشاورة، وإنا نرى أبا بكر أحق الناس بها بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إنه لصاحب الغار، وثاني اثنين وإنا لنعلم بشرفه وكبره، ولقد أمره رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالصلاة بالناس وهو حي).(27)
وبهذا تندحض دعوى الرافضي في زعمه أن الصحابة لم يتفقوا على مبايعة أبي بكر، وإنكاره إجماع الصحابة على بيعته، وتبين أن ما استدل به من بعض الأخبار الواردة في كتب التاريخ بتخلف بعض الأفراد عن بيعة أبي بكر لاتثبت عند التحقيق، ولا تقوى على معارضة الروايات الصحيحة الدالة على إجماع الصحابة على بيعة أبي بكر التي تناقلها المحدثون في كتبهم، وحكموا عليها بالصحة والثبوت، وما نص عليه المحققون من أهل السنة من القطع بإجماع الصحابة على بيعة الصديق.
على أن خلافة أبي بكر لو لم ينعقد الإجماع عليها من الصحابة لم يكن ذلك قادحاً في صحتها، إذ أنه ليس من شرط البيعة إجماع الناس عليها ومبايعتهم جميعهم، كما هو مقرر عند العلماء في السياسة الشرعية. (28)
بل متى ما اتفق أهل الحل والعقد على رجل تمت له البيعة، ولزمت الجميع، وعلى هذا فلا يضر أبا بكر ولا يقدح في خلافته تأخر بعض الأفراد عن بيعته بعد اتفاق جمهور الصحابة عليها، بل إن هذا -لو ثبت- لكان قدحاً في حق المتخلفين عن بيعته، لخروجهم عن الجماعة، وما اتفق عليه أهل الرأي فيهم.
ثم إن هذا الرافضي مع ادعائه عدم الإجماع على بيعة أبي بكر، وزعمه تخلف بعض الأفراد عنها لا يستطيع أن ينكر رجوع هؤلاء المتخلفين عن رأيهم، ودخولهم في البيعة بعد ذلك، بل إنه يعترف بهذا، وحينئذ فلاحجة له في قول أو اجتهاد رجع عنه صاحبه إلى ما يرى أنه الحق والصواب، فكيف وقد حصل الإجماع والاتفاق على بيعة الصديق أول الأمر، وأتلفت عليه القلوب والأبدان من أول يوم.
-------------
(1) أخرجه أحمد في المسند 1/84،118، والترمذي: في (كتاب المناقب، باب مناقب علي بن أبي طالب) 5/633، ح3713، وقال هذا حديث حسن صحيح، والحاكم في المستدرك 3/118، وقال صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، وقد حكم بصحة الحديث الشيخ الألباني في سلسلة الاحاديث الصحيحة 4/330، ح1750.
(2) منهاج السنة 7/319.
(3) الفصل 4/224.
(4) انظر: أقوالهم عند تخريج الحديث في الصفحة السابقة.
(5) سورة محمد آية 11.
(6) النهاية لابن الأثير 5/228.
(7) سورة التوبة آية 71.
(8) رواه مسلم: (كتاب الإيمان، باب الدليل على أن حب الانصار وعلي -رضي الله عنهم- من الإيمان) 1/86، ح131.
(9) الإمامة والرد على الرافضة لأبي نعيم ص217-220.
(10) سورة المائدة آية 55.
(11) سورة التحريم آية 4.
(12) منهاج السنة 7/321-324.
(13) انظر: تاريخ الطبري 3/202،203،206.
(14) انظر: الكامل في التاريخ 2/325.
(15) تاريخ الخلفاء ص80.
(16) أخرجه البخاري في (كتاب فضائل الصحابة، باب قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم لو كنت متخذاً خليلاً) فتح الباري 7/19-20، ح3668.
(17) رواه الحاكم في المستدرك 3/83-84 وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي في التلخيص.
(18) أخرجه النسائي في (كتاب الإمامة- ذكر الإمامة والجماعة) 2/58، والحاكم في المستدرك 3/70 وقال هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي.
(19) أورده السيوطي في تأريخ الخلفاء ص77.
(20) المصدر نفسه.
(21) منهاج السنة 1/531.
(22) منهاج السنة 6/454-455.
(23) البداية والنهاية 6/306.
(24) انظر صحيح البخاري (كتاب المغازي، باب غزوة خيبر) فتح الباري 7/493، ح4240-4241.
(25) البداية والنهاية 6/306-307.
(26) فتح الباري 7/495.
(27) رواه الحاكم في المستدرك 3/70، ح4422 وقال صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه،ووافقه الذهبي.
(28) قال ابن جماعه: «ولا يشترط في أهل البيعة عدد مخصوص، بل من تيسر حضوره عند عقدها، ولا تتوقف صحتها على مبايعة أهل الأمصار، بل متى بلغتهم لزمهم الموافقة إذا كان المعقود له أهلاً لها». تحرير الأحكام في تدبيرأهل الإسلام ص53.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عابر سبيل
عابر سبيل


♣♣♣« المدير العام »♣♣♣

معلومات اضافيه للعضو
♣♣ الجنس» ♣♣ الجنس» : ذكر
♣♣ مشَارَڪاتْي » ♣♣ مشَارَڪاتْي » : 33128
♣ ♣ نقاط» ♣ ♣ نقاط» : 98890
♣ ♣ العـمْرّ» ♣ ♣ العـمْرّ» : 39

بحوث ودراسات في حديث غدير خم .. Empty
https://alforqan.ahlamontada.com

بحوث ودراسات في حديث غدير خم .. Empty
مُساهمةموضوع: رد: بحوث ودراسات في حديث غدير خم ..   بحوث ودراسات في حديث غدير خم .. Emptyالسبت 18 أكتوبر 2014 - 21:37

نصُ الغدير " هالك متناً " فهل من منافح عن الغدير .. !!

بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمةً للعاملين محمد بن عبد الله وعلى أله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً إلي يوم الدين أما بعد / فإن أصدق الحديث كلام الله وخير الهدي هدي نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمورُ محدثاتها وكل محدثةٍ بدعة وكل بدعةٍ ضلالة وكل ضلالة في النار , إن من الأمور الغريبة إستدلال الرافضة بحديث " الغدير " على الإمامة فإن كان حديث الغدير لا يحملُ الإشارة على الإمامة في أيٍ من جاونبهِ فماذا يبقى للرافضة إن كان هذا النص ليس فيه إشارة واضحة على أن الحديث يثبت الإمامة فالنصوص المثبتة تنقسم إلي قسمين ( القسمُ الجلي ) و ( القسم الخفي ) فإن كان نصُ الغدير نصٌ خفي فهل يحتجُ بهِ بعد هذا الأمر يا رافضة .

رسائل المرتضى للشريف المرتضى (1/332) .
وأما النص الخفي : فهو الذي ليس في صريحة لفظه النص بالإمامة ، وإنما ذلك في فحواه ومعناه ، كخبر الغدير ، وخبر تبوك ( 4 ) ، والذين سمعوا هذين النصين من الرسول على ضربين : عالم بمراده عليه السلام ، وجاهل به . فالعالمون بمراده يمكن أن يكونوا كلهم عالمين بذلك استدلالا وبالتأمل . قلتُ : إن ما نراهُ الآن يثبتُ أن نص حديث الغدير إنما كان خفياً وليس فيه إشارة على أن الإمامة واجبة لعلي , فكيف فهم الرافضة أنه الإمامة .

* هل هناك من أهل البيت من فسر الحديث بالإمامة .
* إن كان علم الأئمة سر مستتر فأين الدلالة على أن أهل البيت قالوا بالإمامة هنا .

إعلام الورى بأعلام الهدى للشيخ الطبرسي (1/313) .
وأما النص الذي يسميه أصحابنا النص الخفي فهو ما لا يقطع على أن سامعيه علموا النص عليه بالإمامة منه ضرورة ، وإن كان لا يمتنع أن يكونوا يعلمونه كذلك أو علموه استدلالا ، من حيث اعتبار دلالة اللفظ ، ا أما نحن فلا نعلم ثبوته ، والمراد به إلا استدلالا ، وهذا الضرب سن النص على ضربين : قرآني ، وأخباري . قلتُ : فلا يعلمُ إن كان يرادُ بالنص الخفي الإمامة أم لا , فإن الذي عليه الطبرسي كما نرى أنه لا يوجد في النص الخفي على الإمامة فكيف يحتجُ الرافضة بحديث الغدير فإن كان خفياً فكيف يعلمُ المرادُ منهُ .. ؟

كتبه /

أهل الحديث
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
بحوث ودراسات في حديث غدير خم ..
استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» بحوث في حديث بدء الدعوة أو يوم الدار ..
» أبحاث ودراسات فى الوقف
» منهج ودراسات لآيات الأسماء والصفات
» حقيقة غدير خم
»  غدير خم .. بين الواقع وتزوير الروافض



صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
موقع الفرقان :: Known to the islam :: الحـوار الشيعــي :: بحوث ومقالات الشيعه :: الإمامه والخلافه ..-
انتقل الى: