أسطورة إستباحة يزيد بن معاوية رحمه الله تعالى للمدينة
قد حدثت معركة بالحرة لكن اسطورة الاستباحة هي خرافة لا يصدقها عاقل"أما إباحة المدينة ثلاثاً لجند يزيد يعبثون بها يقتلون الرجال ويسبون الذرية وينتهكون الأعراض، فهذه كلها أكاذيب وروايات لا تصح، فلا يوجد في كتب السنة ... نعم قد ثبت أن يزيد قاتل أهل المدينة، فقد سأل مهنّا بن يحيى الشامي الإمام أحمد عن يزيد فقال: " هوفعل بالمدينة ما فعل قلت: وما فعل؟ قال: قتل أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وفعل. قلت: وما فعل؟ قال: نهبها " وإسنادها صحيح، أما القول بأنه استباحها فإنه يحتاج إلى إثبات، وإلا فالأمر مجرد دعوى" فهل لك أن تقرأ هذا الكلام جيداً ما في الرابط , طلبتُ منكم إثبات صحة هذا الخبر ولكن نقلت أنت من ملتقى أهل الحديث فهذه الواقعة وهي إستباحة المدينة خرافة لا يمكن تصديقها , كما قال شيخنا الأمين ونقل لك نهبها ولكن إسباحتها لم يثتب , وهذا إفتراء وأما الكلام حول يزيد بن معاوية فهومبحث يطول وإن شئت ناظرتك في حال يزيد بن معاوية مع التأدب في مناظرتك.
قد حدثت معركة بالحرة لكن اسطورة الاستباحة هي خرافة لا يصدقها عاقل"أما إباحة المدينة ثلاثاً لجند يزيد يعبثون بها يقتلون الرجال ويسبون الذرية وينتهكون الأعراض، فهذه كلها أكاذيب وروايات لا تصح، فلا يوجد في كتب السنة ... نعم قد ثبت أن يزيد قاتل أهل المدينة، فقد سأل مهنّا بن يحيى الشامي الإمام أحمد عن يزيد فقال: " هوفعل بالمدينة ما فعل قلت: وما فعل؟ قال: قتل أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وفعل. قلت: وما فعل؟ قال: نهبها " وإسنادها صحيح، أما القول بأنه استباحها فإنه يحتاج إلى إثبات، وإلا فالأمر مجرد دعوى" وما أوردهُ إبن حزم ليس لهُ رواية تاريخية في إستباحة المدينة , قد حصلت المعركة أما الإستباحة فهذا لا يصح البتة يا حسيني.
حدوث المعركة أمرٌ معروف إلا أن القول بإستباحة المدينة أي أنها تعرض لأهلها مستبيحاً لها هذا لايصح ولا يثبت في كتاب , ولا في حديث ولا خبر لكن أهل المدينة خرجوا على يزيد فكان لزاما أن يقاتلهم حماية لأمة الإسلام من الإنقسام وفي الحديث من أتاكم وأمركم جميع على رجل فاقتلوه) أوكما قال صلى الله عليه وسلم.
ومن قرأ في البداية والنهاية عن واقعة الحرة وما قبلها عندما ذهب بعض كبار أهل المدينة كابن حنظلة غسيل الملائكة وغيره وكيف أن يزيدا أكرمهم وأعطى كل واحد منهم عشرة ألاف ثم لما عادوا نكثوا البيعة فجرت واقعة المدينة فإن صحت الرواية بأنه أمر باستباحة المدينة ثلاثة أيام وحصل فيها ما يروى من الإعتداء على النساء فهذا خطأ من أخطائه وليس هوبهذه الدرجة من السوء بحيث نلعنه ونسبه وإلا فقتاله لأهل المدينة المقاتلين له لا غبار عليه لأنهم خرجوا عن طاعته فلا نغالي في مدحه ولا في ذمه وإن كان يحمل البعض حبه لآل بيت النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه فليكن عادلا (اعدلوا هوأقرب للتقوى) (إن الله يحب المقسطين).
قال الحافظ إبن كثير في البداية والنهاية: " ففيها كانت وقعة الحرة: وكان سببها أن أهل المدينة لما خلعوا يزيد بن معاوية وولوا على قريش عبد الله بن مطيع، وعلى الأنصار عبد الله بن حنظلة بن أبي عامر.
فلما كان في أول هذه السنة أظهروا ذلك واجتمعوا عند المنبر فجعل الرجل منهم يقول: قد خلعت يزيد كما خلعت عمامتي هذه، ويلقيها عن رأسه. ويقول الآخر: قد خلعته كما خلعت نعلي هذه، حتى اجتمع شيء كثير من العمائم والنعال هناك، ثم اجتمعوا على إخراج عامل يزيد من بين أظهرهم، وهوعثمان بن محمد بن أبي سفيان ابن عم يزيد، وعلى إجلاء بني أمية من المدينة. فاجتمعت بنوأمية في دار مروان بن الحكم، وأحاط بهم أهل المدينة يحاصرونهم، واعتزل الناس علي بن الحسين زين العابدين، وكذلك عبد الله بن عمر بن الخطاب لم يخلعا يزيد، ولا أحد من بيت ابن عمر.
وقد قال ابن عمر لأهله: لا يخلعن أحد منكم يزيد فتكون الفيصل ويوري الصيلم بيني وبينه، وسيأتي هذا الحديث بلفظه وإسناده في ترجمة يزيد، وأنكر على أهل المدينة في مبايعتهم لابن مطيع وابن حنظلة على الموت. وقال: إنما كنا نبايع رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن لا نفر، وكذلك لم يخلع يزيد أحد من بني عبد المطلب.
وقد سئل محمد بن الحنفية في ذلك فامتنع من ذلك أشد الامتناع، وناظرهم وجادلهم في يزيد ورد عليهم ما اتهموا يزيد به من شرب الخمر وتركه بعض الصلوات كما سيأتي مبسوطاً في ترجمة يزيد قريباً إن شاء الله. وكتب بنوأمية إلى يزيد بما هم فيه من الحصر والإهانة، والجوع والعطش، وأنه لم يبعث إليهم من ينقذهم مما هم فيه وإلا استؤصلوا عن آخرهم، وبعثوا ذلك مع البريد.
فلما قدم بذلك على يزيد وجده جالساً على سريره ورجلاه في ماء يتبرد به مما به من النقرس في رجليه، فلما قرأ الكتاب انزعج لذلك وقال: ويلك! ما فيهم ألف رجل؟ قال: بلى.
قال: فهل لا قاتلوا ساعة من نهار؟
ثم بعث إلى عمروبن سعيد بن العاص فقرأ عليه الكتاب واستشاره فيمن يبعثه إليهم، وعرض عليه أن يبعثه إليهم فأبى عليه ذلك، وقال: إن أمير المؤمنين عزلني عنها وهي مضبوطة وأمورها محكمة، فأما الآن فإنما دماء قريش تراق بالصعيد فلا أحب أن أتولى ذلك منهم، ليتول ذلك من هوأبعد منهم مني. (ج/ص 8/ 239).
وقال يزيد لمسلم بن عقبة: ادع القوم ثلاثاً فإن رجعوا إلى الطاعة فاقبل منهم وكف عنهم، وإلا فاستعن بالله وقاتلهم، وإذا ظهرت عليهم فأبح المدينة ثلاثاً ثم أكفف عن الناس، وانظر إلى علي بن الحسين فاكفف عنه واستوص به خيراً، وأدن مجلسه، فإنه لم يدخل في شيء مما دخلوا فيه. فهذا القول لا إشكال فيه , والحقُ ما فعلهُ في هذا الأمر يزيد بن معاوية , ونحنُ نتكلم بعلمية فرجاءاً إتركوا العواطف ... !! والذين خرجوا في ذلك الوقت كانوا من أولاد الصحابة ولم يكونوا من الصحابة رضوان الله تعالى عليهم , السؤال الأصلي هوعن الإعتداء على النساء، والجواب أن هذا لم يثبت قط ولم يثبت أن يزيد قتل الحسين بن علي رضي الله عنهُ أيها الفاضل فتأمل.
أخرج ابن عساكر في تاريخه: لما احتضر معاوية دعا يزيد فقال له: إن لك من أهل المدينة يوماً. فإن فعلوفارمهم بمسلم بن عقبة فإني عرفت نصيحته. فلما ولي يزيد وفد عليه عبد الله بن حنظلة وجماعة فأكرمهم وأجازهم، فرجع فحرَّض الناس على يزيد وعابه ودعاهم إلى خلع يزيد. فأجابوه فبلغ يزيد فجهز إليهم مسلم بن عقبة فاستقبلهم أهل المدينة بجموع كثيرة. فهابهم أهل الشام وكرهوقتالهم. فلما نشب القتال سمعوفي جوف المدينة التكبير، وذلك أن بني حارثة أدخلوقوماً من الشاميين من جانب الخندق. فترك أهل المدينة القتال ودخلوالمدينة خوفاً على أهلهم. فكانت الهزيمة وقتل من قتل. وبايع مسلم الناس على أنهم خوَّل ليزيد يحكم في دمائهم وأموالهم وأهلهم بما شاء» [29]. وذلك سنة 63هـ[3].
روى المدائنى أن مسلم بن عقبة بعث روح بن زنباع إلى يزيد ببشارة الحرة فلما أخبره بما وقع قال «واقوماه». ثم دعا الضحاك بن قيس الفهري فقال له: «ترى ما لقي أهل المدينة فما الذي يجبرهم»؟ قال: «الطعام والأعطية». فأمر بحمل الطعام إليهم وأفاض عليهم أعطيته [31]. وقد أوصاه أباه معاوية رضي الله عنهما قبل موته بأهل الحجاز فقال: «اعرف شرف أهل المدينة ومكة فإنّهم أصلك وعشيرتك».
ولا صحة للروايات الشيعية بأنه فرح لما حدث كما أثبت المحققون من مؤرخي السنة [32]. وكذلك الرواية الشيعية في إباحة المدينة للجيش الشامي ثلاثة أيام يفعل فيها ما يشاء بطلب من يزيد بن معاوية. فهذا من الكذب الظاهر الذي لم يثبت [33]. ولوقارنا الرواية الشيعية على لسان أبي مخنف الكذاب، وبين الروايات السنية التي جاءت عن رواة ثقاة مثل: عوانة بن الحكم (ت147هـ) ووهب بن جرير (ت26هـ)، لوجدنا تناقضاً واضحاً، حيث لم يرد في رواياتهما ما يشير إلى الاستباحة.
بل إن الرواية الشيعية نفسها غير معقولة أصلاً. فهي تذكر أن يزيد أوصى الجيش باستباحة المدينة ثلاثة أيام بلياليها يعيثون بها، يقتلون الرجال ويأخذون المال والمتاع، وأنهم سبوالذرية وانتهكوالأعراض حتى قيل إن الرجل إذا زوج ابنته لا يضمن بكارتها ويقول لعلها افتُضَّت في الوقعة. وأن عدد القتلى بلغ سبعمئة رجل من قريش والأنصار ومهاجرة العرب ووجوه الناس، وعشرة آلاف من سائر القوم. وقد أنكر شيخ الإسلام ذلك [34]. وهل يعقل حدوث ذلك كله في عصر التابعين والصحابة دون أن نجد أي ذكر لذلك في الروايات السنية؟ فعلى الباحث ألا يتسرع في الأخذ برواية هذا الكذاب، خاصة إذا كانت تتعرض لأحداث وقعت في عهد الدولة الأموية وعهد يزيد بالذات، وهوالمكروه من قبل عامة الشيعة فما بالك إذا كان هوالراوي الوحيد للحادثة؟
وهناك رواية أخرى عند الطبري عن وهب بن جرير حيث أشار فيها إلى إكرام وفادة يزيد لوفد أهل المدينة عند تواجدهم في دمشق، كما أنه لم يتطرق بالذكر لتوجيه يزيد لقائده مسلم بإباحة المدينة ثلاثة أيام، وإنما قال: فانهزم الناس فكان من أصيب في الخندق أكثر ممن قتل من الناس، فدخلوالمدينة وهزم الناس، فدخل مسلم بن عقبة المدينة فدعا الناس للبيعة على أنهم خول ليزيد بن معاوية يحكم في دمائهم وأموالهم ما شاء. وهناك رواية ثالثة ذكرها الطبري تختلف عن رواية أبي مخنف وهي لعوانة بن الحكم، وتؤكد أن مسلم بن عقبة دعا الناس بقباء إلى البيعة - أي بيعة يزيد- ففعلووقتل مسلم المعارضين والمشاغبين منهم فقط [35]! إذاً رواية وهب بن جرير وعوانة بن الحكم لم تذكر شيئاً عن أمر يزيد لسلم بإباحتها ثلاثاً، إذاً أمر إباحة المدينة ثلاثة أيام قصة مشكوك في وقوعها، ولم يرد شيء على الإطلاق في هذا الصدد عن سبي الذراري وهتك الأعراض.
فحادثة إباحة المدينة وقتل الصحابة فيها بتلك الصورة لم يكن ولم يحدث. ولكن قد حدثت معركة حتماً وقتل البعض. كما أسفرت هذه الوقعة عن فقدان كثير من الأشياء المادية والعلمية وحرقها [36]. وثبت أن أهل الشام، قد أخذوبعض الأشياء التي تخص أهل المدينة، لكن ليست بالصورة التي صورتها الروايات الضعيفة من الاستباحة والقتل وهتك الأعراض وغيرها من الأمور المنكرة [37].
تاريخ دمشق (58/ 14 - 15). [3] المعرفة والتاريخ (3/ 426).
[31] البداية والنهاية (8/ 233 - 234).
[32] سؤال في يزيد لابن تيمية (ص16)، والبداية والنهاية (8/ 224).
[33] إنظر: كتاب يزيد بن معاوية - حياته وعصره - للدكتور عمر سليمان العقيلي، (ص68 - 69) مع هامش رقم (94) و (13)، وكتاب صورة يزيد بن معاوية في الروايات الأدبية فريال بنت عبد الله (ص77 - 83) حيث ناقشت الموضوع بأسلوب علمي وظهرت بنتيجة واحدة وهي عدم ثبوت صحة واقعة الاستباحة للمدينة.
[34] انظر: منهاج السنة (4/ 575 - 576).
[35] الطبري (5/ 495).
[36] إنظر: التهذيب (7/ 18)، والبخاري مع الفتح (5/ 37 - 371)، وصحيح مسلم برقم (477)، وأثر في مسند أحمد (3/ 376)، وأورده الحافظ في الفتح (5/ 373).
[37] إنظر: مواقف المعارضة في خلافة يزيد لمحمد الشيباني (ص347 - 356). هذه وقعة الحرة , وكما قلنا أن إستباحة يزيد بن معاوية للمدينة 3 أيام هذه لا صحة لها , وإنما الحاصل وقوع معركة في المدينة , ونحنُ لا نحب يزيد ولا نبغضهُ ولكنه من المسلمين نترحمُ عليه , ولهُ ما له وعليه ما عليه وعليكم الإمتثال إلي قوله صلى الله عليه وسلم [لا تسبوا الاموات فإنهم أفضوا إلي ما قدموا إليه]. والله الموفق والمعين ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
أورد ابن كثير في البداية والنهاية الجزءالثامن الصفحة 256 و257 ما نصه "ولما رجع أهل المدينة من عند يزيد مشى عبد الله بن مطيع وأصحابه إلى محمد بن الحنفية فأرادوه على خلع يزيد فأبى عليهم، فقال ابن مطيع: إن يزيد يشرب الخمر، ويترك الصلاة، ويتعدى حكم الكتاب. فقال لهم: ما رأيت منه ما تذكرون، وقد حضرته وأقمت عنده فرأيته مواظباً على الصلاة، متحرياً للخير، يسأل عن الفقه، ملازماً للسنة. قالوا: فإن ذلك كان منه تصنعاً لك. فقال: وما الذي خاف مني أورجا حتى يظهر إليّ الخشوع؟ أفأطلعكم على ما تذكرون من شرب الخمر؟ فلئن كان أطلعكم على ذلك إنكم لشركاؤه، وإن لم يطلعكم فما يحل لكم أن تشهدوا بما لم تعلموا.
قالوا: إنه عندنا لحق وإن لم يكن رأيناه.
فقال لهم: أبى الله ذلك على أهل الشهادة.
فقال: {إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [الزخرف: 86]، ولست من أمركم في شيء.
قالوا: فلعلك تكره أن يتولى الأمر غيرك فنحن نوليك أمرنا.
قال: ما أستحل القتال على ما تريدونني عليه تابعاً ولا متبوعاً.
قالوا: فقد قاتلت مع أبيك.
قال: جيئوني بمثل أبي أقاتل على مثل ما قاتل عليه.
فقالوا: فمر ابنيك أبا القاسم والقاسم بالقتال معنا.
قال: لوأمرتهما قاتلت. قالوا: فقم معنا مقاماً تحض الناس فيه على القتال. قال: سبحان الله!! آمر الناس بما لا أفعله ولا أرضاه إذاً ما نصحت لله في عباده. قالوا: إذاً نكرهك. قال: إذاً آمر الناس بتقوى الله ولا يرضون المخلوق بسخط الخالق، وخرج إلى مكة " أهـ.
وقال شيخنا عثمان الخميس وفقه الله حقبة من التاريخ (11).
(فالفسق الذي نسِب إلى يزيد في شخصه كشرب خمر أوملاعبة قردة كما يقولون أوفحش أوما شابه ذلك لم يثبت عنه بسند صحيح فهذا لا نصدقه والأصل العدالة .. ). أهـ أطال الله عمر الشيخ.
قد قال أبوحامد الغزالي (قيد الشريد من أخبار يزيد ص57 - 59) " وقد صح إسلام يزيد بن معاوية، وما صح قتله الحسين ولا أمر به ولا رضيه ولا كان حاضراً حين قتل، ولا يصح ذلك منه ولا يجوز أن يُظن ذلك به، فإن إساءة الظن بالمسلم حرام" فهذا المتفق عليه بأن مسألة قتل الحسين بن علي رضي الله عنهُ ليست صحيحة عند أكثر أهل العلم بأن يزيد بن معاوية هومن قتلهُ , فقليلاً من الفهم أيتها الفاضلة.
الحافظ ابن كثير) البداية والنهاية 8/ 226 (" ... وقد أورد ابن عساكر أحاديث في ذم يزيد بن معاوية كلها موضوعة لا يصح شيء منها. وأجود ما ورد ما ذكرناه على ضعف أسانيده وانقطاع بعضه والله أعلم" فهذا أحد جهابذة الحديث ومن أعلام الأمة يثبت أن الأحاديث التي وردت في ذم يزيد لا تصح كلها موضوعة , فهل من متأمل في كلامنا.
وقال الليث بن سعد: " توفي أمير المؤمنين يزيد في تاريخ كذا "، فسماه الليثُ أمير المؤمنين بعد ذهاب ملك بني أمية وانقراض دولتهم، ولولا كونه عنده كذلك لما قال إلا: " توفي يزيد ". [العواصم من القواصم (ص232 - 234)]. فقد سماهُ أميراً للمؤمنين وهذا الحق أيتها المكرمة أرجوا منكم أن تتفكروا قليلاً في الحوار بهذا الموضوع.
أما دعوى إستباحة المدينة فهذه أسطورة لا تصح أصلحك الله تعالى لأن الصحيح هوأن المعركة قد وقعت في المدينة , والسؤال المطروح هل إستباحها لا طبعاً لأن ذلك لا يثبت بسند صحيح ولا يثبت بأي دليل يذكر , فقد رددنا على هذا الأمر في بداية الموضوع حيث قلنا أن الإستباحة لا تصح , وقد وقع القتال والمعركة التي كان لا بد منها في المدينة المنورة , ولم يستبح يزيد بن معاوية دم أحد ولا المدينة المنورة , ولكن لم نرى رد أحدٍ منكم على ما أوردناهُ في هذا الموضوع.
قال شيخنا العلامة بن جبرين رحمه الله تعالى: " اعلم أن يزيد بن معاوية أحد الخلفاء الذين يعترف بهم أهل السُنَّة والجماعة، ويلعنه الشيعة والرافضة والزيدية؛ لأنه الذي تسبب في قتل الحسين بن علي في زعمهم ـ والصحيح أنه لم يتسبب وإنما نَصَّبَ ابن زياد أميرًا على العراق ولما كتب أهل العراق إلى الحسين يطلبونه خليفة عليهم، وجاءهم ابن زياد بايعوه وتخلوا عن نُصرة الحسين وأرسل ابن زياد جيشًا لاستقبال الحسين يُبايع ليزيد فامتنع وقال: دعوني أذهب إلى يزيد فقالوا لا ندعك حتى تُسلم لابن زياد فامتنع وقاتل حتى قُتل، ولما بلغ ذلك يزيد بن معاوية أنكر على ابن زياد قتل الحسين فدل ذلك على أنه خليفة مُعتبر أمره، ولما بلغ ذلك أهل المدينة خلعوا بيعته، فأرسل إليهم جيشًا ليعودوا إلى البيعة فامتنعوا وحصلت وقعة الحرة وفيها مُبالغات ابتدعتها الرافضة ليس لها حقيقة، ويزيد لم يُذكر عنه شيءٌ يقدح في عدالته، وما ذكروا أنه يشرب الخمر قد لا يكون كله صحيحًا، قد ورد أن النبي- صلى الله عليه وسلم- قال: (أول جيش يغزوالقسطنطينية مغفور له) وكان يزيد أميرًا على أول جيش غزا القسطنطينية فيدخل في المغفرة، فعلى هذا لا يجوز لعنه، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن اللعنة إذا صدرت رُفعت إلى السماء فتُغلق دونها أبواب السماء فتذهب إلى الملعون، فإن كان يستحقها وإلا رجعت إلى قائلها) والله أعلم. " إنتهى كلام شيخنا العلامة رحمه الله تعالى رحمة واسعة.
وقد سئل حجة الإسلام أبوحامد الغزالي عمن يصرح بلعن يزيد بن معاوية، هل يحكم بفسقه أم لا؟ وهل كان راضياً بقتل الحسين بن علي أم لا؟ وهل يسوغ الترحم عليه أم لا؟ فلينعم بالجواب مثاباً.
فأجاب: لا يجوز لعن المسلم أصلاً، ومن لعن مسلماً فهوالملعون، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: المسلم ليس بلعان، - المسند (1/ 45) والصحيحة (1/ 634) وصحيح سنن الترمذي (2/ 189) -، وكيف يجوز لعن المسلم ولا يجوز لعن البهائم وقد ورد النهي عن ذلك - لحديث عمران بن الحصين قال: بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره وامرأة من الأنصار على ناقة، فضجرت فلعنتها، فسمع ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال: خذوا ما عليها ودعوها فإنها ملعونة، قال عمران: فكأني أراها الآن تمشي في الناس ما يعرض لها أحد. جمع الفوائد (3/ 353) -، وحرمة المسلم أعظم من حرمة الكعبة بنص النبي صلى الله عليه وسلم - هوأثر موقوف على ابن عمر بلفظ: نظر عبد الله بن عمر رضي الله عنه يوماً إلى الكعبة فقال: ما أعظمك وأعظم حرمتك، والمؤمن أعظم حرمة منك، وهوحديث حسن، أنظر: غاية المرام في تخريج أحاديث الحلال والحرام للشيخ الألباني (ص197) -، وقد صح إسلام يزيد بن معاوية وما صح قتله الحسين ولا أمر به ولا رضيه ولا كان حاضراً حين قتل، ولا يصح ذلك منه ولا يجوز أن يُظن ذلك به، فإن إساءة الظن بالمسلم حرام وقد قال الله تعالى {اجتنبوا كثيراً من الظن إن بعض الظن إثم} [الحجرات/12]، ومن زعم أن يزيد أمر بقتل الحسين أورضي به، فينبغي أن يعلم أن به غاية الحمق، فإن من كان من الأكابر والوزراء، والسلاطين في عصره لوأراد أن يعلم حقيقة من الذي أمر بقتله ومن الذي رضي به ومن الذي كرهه لم يقدر على ذلك، وإن كان الذي قد قُتل في جواره وزمانه وهويشاهده، فكيف لوكان في بلد بعيد، وزمن قديم قد انقضى، فكيف نعلم ذلك فيما انقضى عليه قريب من أربعمائة سنة في مكان بعيد، وقد تطرق التعصب في الواقعة فكثرت فيها الأحاديث من الجوانب فهذا الأمر لا تُعلم حقيقته أصلاً، وإذا لم يُعرف وجب إحسان الظن بكل مسلم يمكن إحسان الظن به. ومع هذا فلوثبت على مسلم أنه قتل مسلماً فمذهب أهل الحق أنه ليس بكافر، والقتل ليس بكفر، بل هومعصية، وإذا مات القاتل فربما مات بعد التوبة والكافر لوتاب من كفره لم تجز لعنته فكيف بمؤمن تاب عن قتل .. ولم يُعرف أن قاتل الحسين مات قبل التوبة وقد قال الله تعالى {وهوالذي يقبل التوبة عن عباده، ويعفوا عن السيئات ويعلم ما تفعلون} [الشورى/25] فإذن لا يجوز لعن أحد ممن مات من المسلمين بعينه لم يروه النص، ومن لعنه كان فاسقاً عاصياً لله تعالى. ولوجاز لعنه فسكت لم يكن عاصياً بالإجماع، بل لولم يلعن إبليس طول عمره مع جواز اللعن عليه لا يُقال له يوم القيامة: لِمَ لَمْ تلعن إبليس؟ ويقال للاعن: لم لعنت ومِنْ أين عرفت أنه مطرود ملعون، والملعون هوالمبعد من الله تعالى وذلك علوم الغيب، وأما الترحم عليه فجائز، بل مستحب، بل هوداخل في قولنا: اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات، فإنه كان مؤمناً والله أعلم بالصواب. قيد الشريد من أخبار يزيد (ص57 - 59).
وقد سئل ابن الصلاح عن يزيد فقال: لم يصح عندنا أنه أمر بقتل الحسين رضي الله عنه والمحفوظ أن الآمر بقتاله المفضي إلى قتله إنما هوعبيد الله بن زياد والي العراق إذ ذاك، وأما سب يزيد ولعنه فليس ذلك من شأن المؤمنين، وإن صح أنه قتله أوأمر بقتله، وقد ورد في الحديث المحفوظ: إن لعن المؤمن كقتاله - البخاري مع الفتح (1/ 479) -، وقاتل الحسين لا يكفر بذلك، وإنما ارتكب إثماً، وإنما يكفر بالقتل قاتل نبي من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام.
والناس في يزيد على ثلاث فرق، فرقة تحبه وتتولاه، وفرقة تسبه وتلعنه وفرقة متوسطة في ذلك، لا تتولاه ولا تلعنه وتسلك به سبيل سائر ملوك الإسلام وخلفائهم غير الراشدين في ذلك وشبهه، وهذه هي المصيبة - أي التي أصابت الحق - مذهبها هواللائق لمن يعرف سِيَر الماضين ويعلم قواعد الشريعة الظاهرة. قيد الشريد (ص59 - 6).
وسُئل شيخ الإسلام عن يزيد أيضاً فقال: افترق الناس في يزيد بن معاوية بن أبي سفيان ثلاث فرق طرفان ووسط، فأحد الطرفين قالوا: إنه كان كافراً منافقاً، وإنه سعى في قتل سِبط رسول الله تشفياً من رسول الله صلى الله عليه وسلم وانتقاماً منه وأخذاً بثأر جده عتبة وأخي جده شيبة وخاله الوليد بن عتبة وغيرهم ممن قتلهم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بيد علي بن أبي طالب وغيره يوم بدر وغيرها، وقالوا تلك أحقاد بدرية وآثار جاهلية. وهذا القول سهل على الرافضة الذين يكفرون أبا بكر وعمر وعثمان، فتكفير يزيد أسهل بكثير. والطرف الثاني يظنون أنه كان رجلاً صاحاً وإماماً عدل وإنه كان من الصحابة الذين ولدوا على عهد النبي صلى الله عليه وسلم وحمله بيده وبرّك عليه وربما فضله بعضهم على أبي بكر وعمر، وربما جعله بعضهم نبياً .. وهذا قول غالية العدوية والأكراد ونحوهم من الضُلاّل. والقول الثالث: أنه كان ملكاً من ملوك المسلمين له حسنات وسيئات ولم يولد إلا في خلافة عثمان ولم يكن كافراً ولكن جرى بسببه ما جرى من مصرع الحسين وفُعل ما فعل بأهل الحرة، ولم يكن صحابياً ولا من أولياء الله الصالحين وهذا قول عامة أهل العقل والعلم والسنة والجماعة. ثم افترقوا ثلاث فرق، فرقة لعنته وفرقة أحبته وفرقة لا تسبه ولا تحبه وهذا هوالمنصوص عن الأمام أحمد وعليه المقتصدون من أصحابه وغيرهم من جميع المسلمين. سؤال في يزيد (ص26).
هذا والله تعالى أعلى وأعلم.