((اللَّهُمَّ إِنَّكَ عُفُوٌّ كَرِيمٌ تُحِبُّ الْعَفْوَ فَاعْفُ عَنِّي))([1]).
المفردات:
العفوُّ: أصله المحو والطمس: مأخوذ من عفت الرياح الآثار إذا أخفتها ومسحتها([2])، وهو من صيغ المبالغة على وزن ((فعول)) وهو اسم من أسماء اللَّه الحسنى يدل على سعة صفحه عن ذنوب عباده مهما كان شأنها إذا تابوا وأنابوا .
الكريم: هو البهي الكثير الخير، العظيم النفع([3]).
الشرح:
في تعليم النبي صلى الله عليه وسلم لهذا الدعاء , دون غيره في هذه الليلة المباركة [ليلة القدر، كما دلّ على ذلك حديث عائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا] يدل دلالة واضحة على أهميته، فالعفو هو سؤال اللَّه عز وجل التجاوز عن الذنب، وترك العقاب عليه. قال القرطبي رحمه اللَّه تعالى: ((العفو، عفو اللَّه عز وجل عن خلقه، وقد يكون بعد العقوبة وقبلها، بخلاف الغفران، فإنه لا يكون معه عقوبة البتة))([4]).
قوله: ((تحب العفو)) أي أن اللَّه تعالى يحب أسماءه وصفاته، ويحب من عبيده أن يتعبَّدوه بها، والعمل بمقتضاها وبمضامينها [ويحب اللَّه تعالى العفوَ من عباده بعضهم عن بعض فيما يحب اللَّه العفو فيه]. وهذا المطلب في غاية الأهمية، وذلك أن الذنوب إذا تُرِكَ العقاب عليها يأمن العبد من استنزال اللَّه تعالى عليه المكاره والشدائد، حيث إن الذنوب والمعاصي من أعظم الأسباب في إنزال المصائب، وإزالة النعم في الدنيا، أما الآخرة فإن العفو يترتب عليه حسن الجزاء في دخول النعيم المقيم.
ولا يخفى في تقديم التوسل باسمين كريمين للَّه تعالى قبل سؤاله له أهميّة جليلة في إعطاء المرجوّ منه تعالى.
([1]) الترمذي، كتاب الدعوات، باب حدثنا يوسف بن عيسى، برقم 3513، والنسائي في الكبرى، برقم 7712، وبنحوه ابن ماجه، أبواب الدعاء، باب الدعاء بالعفو والعافية، برقم 3850، ومسند أحمد، 42/ 236، برقم 25384، وصححه الألباني في صحيح الترمذي، 3/170.
([2]) لسان العرب، 4/ 3019، المفردات، ص 339.
([3]) البيان في أقسام القرآن، س 286.
([4]) تفسير القرطبي، 1/ 797.