((اللَّهُمَّ حَاسِبْنِي حِسَابَاً يَسِيرَاً))([1]).
الشرح:
ثبت عن عائشة رضي اللَّه عنها أنها قالت: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ((من نوقش الحساب عُذِّب))، قالت: فقلت: يا رسول اللَّه، أفليس قال اللَّه تعالى: "فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا"[2]), قال: ((ليس ذاك بالحساب, ولكن ذلك العَرْض، من نوقش الحساب يوم القيامة عذب))([3]).
وسبب هذا الدعاء المبارك أن عائشة رضي اللَّه عنها سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول في بعض صلاته: ((اللَّهم حاسبني حساباً يسيراً))، فلما انصرف قالت: قلت يا رسول اللَّه: ما الحساب اليسير؟ قال النبي صلى الله عليه وسلم ((أن ينظر في كتابه فيتجاوز له عنه إنه من نوقش الحساب يا عائشة يومئذ هلك)).
بيَّن صلى الله عليه وسلم معنى هذا الدعاء أن الحساب اليسير هو عرض ذنوب العبد المؤمن على اللَّه، فيقرره بذنوبه، ثم يغفر له بعد أن يخلو اللَّه بعبده دون أن يطّلع عليه أحد، قال النبي صلى الله عليه وسلم ((يَدْنُو أَحَدُكُمْ مِنْ رَبِّهِ، حَتَّى يَضَعَ كَنَفَهُ عَلَيْهِ، فَيَقُولُ: عَمِلْتَ كَذَا وَكَذَا؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ، وَيَقُولُ: عَمِلْتَ كَذَا وَكَذَا، فَيَقُولُ: نَعَمْ فَيُقَرِّرُهُ، ثُمَّ يَقُولُ: إِنِّي سَتَرْتُ عَلَيْكَ فِي الدُّنْيَا، فَأَنَا أَغْفِرُهَا لَكَ الْيَوْمَ))([4]).
([1]) رواه أحمد، 40/ 260، برقم 24215، والحاكم، 1/ 57، وقال: ((صحيح على شرط مسلم))، ووافقه الذهبي، 1/ 57، وابن خزيمة، 2/ 30، برقم 849، وابن حبان،
16/ 372، والطبراني في الأوسط، 4/ 74، وسياق الحديث: قالت عائشة رضي الله عنها: فلما انصرف قلت: يا نبي الله ما الحساب اليسير؟ قال: ((أن ينظر في كتابه فيتجاوز عنه إنه من نوقش الحساب يومئذ يا عائشة هلك، وكل ما يصيب المؤمن يكفر الله U به عنه حتى الشوكة تشوكه))، وقال عنه العلامة الألباني في مشكاة المصابيح: ((وإسناده جيد))، وحسّنه في التعليقات الحسان، برقم 7328.
([2]) سورة الانشقاق، الآية: 8.
([3]) البخاري، كتاب الإيمان، باب من سمع شيئاً فراجع حتى يعرفه، برقم 103، ومسلم، باب في دوام نعيم أهل الجنة، باب عرض مقعد الميت من الجنة والنار عليه، وإثبات عذاب القبر والتعوذ منه، برقم 2876.
([4]) البخاري، كتاب الأدب، باب ستر المؤمن على نفسه، برقم 6070، وبنحوه مسلم، كتاب التوبة، باب قبول توبة القاتل، وإن كثر قتله، برقم 2768.