رسول الله معصوم في تبليغ القرآن فقط
…قلت: من جعلك مندوبا عن أهل السنة والجماعة , فتتكلم بلسانهم , فلا والله لست منهم لا قبل تشيعك وبعده [48].
…ولنا أن نطلب من التيجاني أن يذكر لنا المرجع الذي استقى منه هذا الكلام , وهوأن أهل السنة , لا يقولون بعصمة النبي إلا في تبليغ القرآن.
ومعتقد أهل السنة والجماعة في العصمة , هوأن أنبياء الله معصومون , في التبليغ , سواء كان ذلك في الكتب , أوأي شيء آخر , فرسول الله محمد مثلا معصوم في تبليغ
القرآن , والسنة , ((وما ينطق عن الهوى إن هوإلا وحي يوحى)) [49]
فالقرآن وحي , والسنة وحي , والفرق بينهما , أن القرآن كلام الله , والسنة كلام رسوله , وهناك فروقات أخرى , ليس هذا مجال ذكرها. فأهل السنة إذا يقولون بعصمة النبي , في التبليغ , سواء كان قرآن أوسنة. ويقولون أيضا بعصمته وغيره من الأنبياء , من الكبائر , ومن خوارم المروءة , واختلفوا في عصمته من الصغائر , والصحيح أن النبي تقع منه الصغائر , ولكن لا يقر عليها للأدلة الآتية:
1 - قال تعالى: ((وعصى آدم ربه فغوى)) طه/121
2 - قال تعالى: ((يأيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك)) التحريم/1
3 - قال تعالى: ((عبس وتولى أن جاءه الأعمى)) عبس/1
4 - قال تعالى: ((وألقى الألواح وأخذ برأس أخيه يجره إليه)) الأعراف/15
5 - قال تعالى: ((ما كان لنبي أن يكون له أسرى)) الأنفال/ 67
6 - قال تعالى: ((وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه)) الأحزاب/ 37
7 - قال تعالى: ((فلولا أنه كان من المسبحين للبث في بطنه إلى يوم يبعثون)) الصافات/ 144
8 - قال تعالى: ((وظن داود أنما فتناه فاستغفر ربه وخر راكعا وأناب)) ص/24
9 - قال تعالى: ((عفا الله عنك لم أذنت لهم)) التوبة /43
1 - …قال تعالى: ((قال يا نوح إنه ليس من أهلك إنه عمل غير صالح
فلا تسألن ما ليس لك به علم إني أعظك أن تكون من الجاهلين)) هود/46
…قال القاضي عياض: أما ما يتعلق بالجوارح من الأعمال , فأجمع المسلمون على عصمة الأنبياء , من الفواحش, والكبائر الموبقات , وكذلك لا خلاف أنهم معصومون من
كتمان الرسالة , والتقصير في التبليغ أما الصغائر , فجوزها جماعة من السلف , وغيرهم على الأنبياء , وذهبت طائفة أخرى من المحققين , والمتكلمين , إلى عصمتهم من الصغائر , كعصمتهم من الكبائر.
…وقال بعض أئمتنا: ولا يجب على القولين أن يُختلف أنهم معصومون عن تكرار الصغائر وكثرتها ولا في صغيرة أدت إلى إزالة الحشمة وأسقطت المروءة وأوجبت الإزراء
والخساسة فهذا أيضا مما يعصم عنه الأنبياء إجماعا. ا. هـ. [5]
…وقال أيضا: قد استبان لك أيها الناظر بما قررناه ما هوالحق من عصمته صلى الله عليه وسلم عن الجهل بالله وبصفات الله وكونه على حالة تنافي العلم بشيء من ذلك
كله جملة بعد النبوة عقلا وإجماعا وقبلها سمعا وعقلا ولا بشيء مما قرره من أمور الشرع وأداه عن ربه من الوحي قطعا عقلا وشرعا وعصمته من الكذب وخلف القول منذ أرسله ونبئه قصدا أوغير قصد واستحالة ذلك عليه شرعا إجماعا ونظرا وبرهانا وتنزيهه عنه قبل النبوة قطعا وتنزيهه عن الكبائر إجماعا وعن الصغائر تحقيقا وعن استدامة السهووالغفلة واستمرار الغلط والنسيان عليه فيما شرعه للأمة وعصمته في كل حالاته من رضا وغضب وجد ومزح [51].
[48] كما ادعاه في كتابه الشيعة هم أهل السنة وسيأتي الرد عليه في طيات هذا الكتاب.
[49] النجم آية3 - 4.
[5] مختصر من كتاب الشفا 2/ 784.
[51] الشفا 2/ 848.