إبن سفيان راوي الصحيح عن مسلم وإفتراء الرافضة ..
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خير المرسلين محمد بن عبد الله وعلى أله وصحبه أجمعين , فإن مما أثار إستغرابي محاولة الرافضة الطعن في صحيح مسلم من رواية إبن سفيان عن الإمام مسلم النيسابروي رحمه الله تعالى , فكان لا بد أن نخوض في هذا الأمر رغم أن الرافضة لا تستحق أن يرد عليها في الكلام حول صحيح مسلم ولكن لتبيان الحق وفساد كلام حمقى القوم , حول صحيح مسلم ورواية إبن سفيان عن الإمام مسلم وسيكون بحث خفيف لطيف نسأل الله فيهِ الإخلاص والسداد .
قال الشيخ عبد الله دمفو : " تبوَّأ الإمام مسلم مكانة علمية مرموقةً في علم الحديث، وترسَّخت هذه المكانة بعد تأليفه كتابه الصحيح، فحرص أهلُ العلم على التتلمذ عليه والسماع منه، ولذلك كثر الآخذون عنه، وقد ذكر المزي( )، والذهبي( )، في ترجمته خمساً وثلاثين من تلاميذه، وزاد عليهما الباحث مشهور حسن سلمان خمسة عشر آخرين( )، وهو أوفى مَن ذكر تلاميذه ـ فيما رأيتُ ـ، وإن كان هذا العدد لا يُمثِّل حقيقة مَن سمع من الإمام مسلم، فهم أكثر من هذا بكثير.
أمَّا فيما يتعلَّق برواة صحيحه الذين سمعوه منه، ونقلوه للناس، فهم أقلُّ من ذلك، بدليل أنَّ الضياء المقدسي المتوفى سنة (643هـ) حينما ألَّف جزءاً في الرواة عن مسلم( ) الذي وقعوا له، لم يزد على عشرة، وربَّما لأنَّه التزم أن يورد في ترجمة كلِّ راوٍ حديثاً بالإسناد المتصل منه إلى هذا الراوي عن مسلم، وهؤلاء هم على ترتيبهم في كتابه:
1 ـ أحمد بن محمد بن الحسن النيسابوري المعروف بابن الشرقي (ت325هـ).
2 ـ أحمد بن علي بن الحسن النيسابوري، ابن حسنويه المقرئ المعمِّر (ت350هـ).
3 ـ أحمد بن حمدون الأعمشي النيسابوري (ت321هـ).
4 ـ إبراهيم بن محمد بن سفيان ـ موضوع البحث ـ.
5 ـ عبد الله بن محمد بن ياسين الدوري (ت302هـ).
6 ـ محمد بن عبد الرحمن السرخسي الدغولي (ت325هـ)، وهو شيخ ابن حبان، وقد روى في صحيحه حديثاً واحداً لمسلم من طريقه( ).
7 ـ محمد بن عيسى الترمذي، صاحب الجامع (ت279هـ).
8 ـ محمد بن مخلد بن حفص الدوري (ت331هـ).
9 ـ مكي بن عبدان بن محمد النيسابوري (ت325هـ).
10 ـ يعقوب بن أبي إسحاق ، أبو عوانة الاسفراييني (ت316هـ).
يُضاف إليهم القلانسي راوي رواية المغاربة عن مسلم، وسيأتي الكلام عليها قريباً.
لكن هذا الكتاب مع شهرته التامة صارت روايته بالإسناد المتصل بمسلم مقصورة على أبي إسحاق إبراهيم بن محمد بن سفيان، غير أنَّه يروى في بلاد المغرب مع ذلك عن أبي محمد أحمد بن علي القلانسي عن مسلم، كما قال ابن الصلاح( ).
وفي هذا يقول النووي: (( صحيح مسلم رحمه الله في نهاية من الشهرة، وهو متواتر عنه من حيث الجملة، فالعلم القطعي حاصلٌ بأنَّه من تصنيف أبي الحسين مسلم بن الحجَّاج، وأما من حيث الروايةُ المتصلةُ بالإسناد المتصل بمسلم؛ فقد انحصرت طريقه عنه في هذه البلدان والأزمان في رواية أبي إسحاق إبراهيم بن محمد بن سفيان، عن مسلم ، ويروى في بلاد المغرب مع ذلك عن أبي محمد أحمد بن علي القلانسي، عن مسلم( ) " قلتُ : وهذا يعني أن رواية إبن سفيان عن الإمام مسلم " متواترة " فعلى فرض جهالتهِ وهذا مستحيل فرواية الثقات عنهُ العشرة لصحيح مسلم فإنها ترتفع إلي الصحيح الذي لا يمكن الطعن فيهِ فما بال الحمقى .
يظهر أنَّ الإمام ابن سفيان بدأ في طلب العلم على مشايخ بلده نيسابور، فمُعظم شيوخه الذين وقفتُ عليهم نيسابوريون، ثم ارتحل بعد ذلك إلى بعض المراكز العلمية في وقته لتلقي العلم والسماع من مشايخها، فذكر الذهبي أنَّه رحل وسمع ببغداد، والكوفة، والحجاز[13]، وذكر ابن نقطة أنَّه ارتحل كذلك إلى الري[14]، وربَّما كان ذلك في طريقه إلى مكة لأداء فريضة الحج، أو عند رجوعه منها، ولم أقف له على رحلة إلى الشام ومصر وغيرهما، ولعله اكتفى بلقاء مَن حضر من علماء هذه الأمصار إلى الديار الحجازية بهدف الحج . فقول الرافضة أن الإمام أبي إسحاق مجهول الحال فهذا من فرط جهلهم , أو توثيقهُ فهو من روى عن مسلم وروى عنه عشر ثقات فهذا يعني انهُ معروف بروايتهِ وزكاهُ الحافظ الذهبي ووصفه بالعلم والعبادة الكثير من أهل الحديث .
قالت الرافضة أن توثيق الحافظ الذهبي لهُ غير معتد بها للفارق الزمني بينهما وهذا من جهلهم بعلم الحديث , بل هو حجة ومن عاصرهم أخذ منهم الحديث وعاصرهم مسلم فإن كان فيهِ جهالة فقالوا مجهول الحال بل إتفق المسلمون قاطبة على توثيق إبن سفيان وروايتهُ عن الإمام مسلم الصحيح فكيف يقال من وثق إبن سفيان والذهبي وثقهُ والأن تقول الرافضة لا عبرة بتوثيق المتقدمين فلله العجب ما هذا إلا الجهل .
الإمام القدوة الفقيه العلامة المحدث الثقة أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن سفيان النيسابوري ، من تلامذة أيوب بن الحسن الزاهد الحنفي ، وكان من أئمة الحديث .
سمع " الصحيح " من مسلم بفوت ، رواه وجادة وهو في الحج ، وفي [ ص: 312 ] الوصايا ، وفي الإمارة ، وذلك محرر مقيد في النسخ ، يكون مجموعه سبعا وثلاثين قائمة .
وسمع من سفيان بن وكيع ، وعمرو بن عبد الله الأودي ، وعدة بالعراق ، ومن محمد بن مقاتل الرازي ، وموسى بن نصر بالري ، ومن محمد بن أبي عبد الرحمن المقرئ ، وأقرانه بمكة ، ومن محمد بن رافع ، ومحمد بن أسلم الطوسي ببلده ، ولازم مسلما مدة ، وبرع في علم الأثر .
حدث عنه : أحمد بن هارون الفقيه ، والقاضي عبد الحميد بن عبد الرحمن ، ومحمد بن أحمد بن شعيب ، وأبو الفضل محمد بن إبراهيم ، ومحمد بن عيسى بن عمرويه الجلودي ، وآخرون .
قال ابن شعيب : ما كان في مشايخنا أزهد ولا أعبد من ابن سفيان .
وقال محمد بن يزيد العدل : كان ابن سفيان مجاب الدعوة . وقال الحاكم : كان من العباد المجتهدين الملازمين لمسلم . قال : وسمعت محمد بن أحمد بن شعيب يقول : توفي ابن سفيان عشية الاثنين ، ودفن يومئذ ، في رجب سنة ثمان وثلاثمائة رحمه الله .
أخبرنا أبو الفضل بن عساكر : أنبأنا أبو روح ، أخبرنا زاهر ، أخبرنا أبو سعد الأديب ، أخبرنا أحمد بن محمد بن إبراهيم الفقيه ، حدثنا إبراهيم بن محمد بن سفيان ، حدثنا أبو سعيد الأشج ، حدثنا يحيى بن عبد الملك بن أبي غنية ، حدثنا أبي عن عاصم ، عن زر ، عن عبد الله ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إن من الشعر حكمة " ، غريب ، فرد ، دار على الأشج ، وقد حدث [ ص: 313 ] به عنه أبو زرعة الرازي . " إنتهى كلام الحافظ الذهبي فكيف بعد هذا يقولون بسقوط توثيق الحافظ الذهبي , وهل من عرفه الحاكم وغيره من أهل الحديث " مجهول " أما والله تبرأ أهل العقل منكم كلكم .
كتبه /
أهل الحديث