رواة جرحهم البخاري وأخرج لهم في صحيحهِ ..
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على سيد المرسلين محمد بن عبد الله وعلى أله وصحبه أجمعين .
فقد وقعت يدي على كلام لأحد الرافضة في مسألة رواة ضعفهم البخاري وأخرج لهم .
وسنقومُ بحول الله تبارك وتعالى ذكر هؤلاء وتتبع حالهم في هذا البحث .
أهل الحديث
حياكم الله وبياكم أخي الحبيب الحوزوي , فقد ذكرت الرافضة شرط الإمام البخاري في الصحيح , ولا يختلف على شرط الإمام البخاري في صحيحهِ , وأنهُ من أعلى الشروط وأدقها , وأقواها فإن الإمام البخاري صنف الصحيح الجامع ليكونَ جامعاً لكلِ ما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم , في حياتهِ وسنن أقوالهِ وأفعالهِ بأبي هو وأمي .
1- أيوب بن عائذ بن مدلج .
قالت الرافضة أن البخاري أخرجَ لهُ في الصحيح , فإن غمز البخاري لهُ لا يضرُ ان يحتجَ بهِ في بعض المواضع , وليس لهُ عند الإمام البخاري إلا حديثاً واحداً فأين غمزُ البخاري لأيوب بن عائذ بن مدلج وهذا مما يأخذُ بعين الإعتبار بأن الرافضة تنقلُ ما لا تدري من النصوص , فأما أيوب قد قال عنهُ الإمام البخاري صدوق , وهو في ثقة صالح الحديث وأما الإرجاء فلم يكن داعية , والعبرةُ بتوثيقهِ لا ببدعتهِ فحديثهُ لنا وما كان من بدعتهِ في الأخبار فعليهِ , كان يرى الإرجاء ولكن الإرجاء بدعة وسط إن لم تخني ذاكرتي .
قال أبي حاتم في الجرح : " أيوب بن عائذ بن مدلج البحتري الطائي أخرج البخاري في باب بعث النبي صلى الله عليه وسلم أبا موسى إلى اليمن عن عبد الواحد بن زياد عنه عن قيس بن مسلم قال بن معين هو ثقة وقاله النسائي وقال البخاري كان يرى الارجاء وهو صدوق وقال أبو حاتم هو ثقة صالح الحديث صدوق " أما ما أخرجهُ له الإمام البخاري في باب بعثة النبي صلى الله عليه وسلم فليس ذلك بالذي ينقم على الإمام البخاري رحمه الله تعالى ولا على أيوب بن عائذ بل إن توثيقهُ صدر من الإمام البخاري , وقال المزي في تهذيب الكمال : " قال البخاري عن علي بن المديني له نحو عشرة أحاديث وقال عباس الدوري عن يحيي بن معين ثقة وقال أبو حاتم ثقة صالح الحديث صدوق وقال البخاري كان يرى الإرجاء وقال النسائي ثقة " , فهل قول الإمام البخاري في حق أيوب بن عائذ يرى الإرجاء إخراجاً عن الرواية وقبول روايتهِ .. !!
وقال في ترديب الراوي : " أردت أن أسرد هنا من رمي ببدعته, ممن أخرج لهم البخاري ومسلم أو أحدهما, وهم:إبراهيم بن طهمان, أيوب بن عائذ الطائي, ذر بن عبد الله المرهبي, شبابة بن سوار, عبد الحميد بن عبد الرحمن أبو يحيى الحماني, عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي رواد, عثمان بن غياث البصري, عمر بن ذر, عمرو بن مرة, محمد بن خازم أبو معاوية الضرير, ورقاء بن عمر اليشكري, يحيى بن صالح الوحاظي, يونس بن بكير.هؤلاء رموا بالإرجاء, وهو تأخير القول في الحكم على مرتكب الكبائر بالنار " ولا ضير في إيراد البخاري لهُ فيما قد تكلم فيهم لأرجائهم وهو ثقة صالح الحديث ورواية الإمام البخاري عنهُ منتقى في الصحيح , ولا يختلفُ ذلك عند أهل العلم والصنعة .
وقي سؤالات الآجري : " . 482- سالت أبا داود عن أيوب بن عائذ فقال: ثقة إلا أنه مرجئ البكائي " وكونهُ من المرجئة لا يحطُ من حديثيهِ شيء , كما أن حديثهُ في صحيح البخاري في بعثة النبي صلى الله عليه وسلم والاولى أن يفهم كلامُ الإمام البخاري وما أوردهُ في الضعفاء إلا للإرجاء وهو ثقة صالح الحديث ثبت أن الإمام البخاري قال فيهِ صدوق فيما نقلهُ أبي حاتم في الجرح والتعديل عن الإمام البخاري رحمهم الله , وقال الذهبي في الكاشف في معرفة من لهُ رواية في الكتب الستة " ثقة " , ووثقهُ غير واحدٍ من أهل العلم , فيحملُ حديثهُ في صحيح البخاري على الصحة وإن قال يرى الإرجاء .
2- ثابت بن محمد العابد أبو محمد الشيباني .
مما يضحكُ الثكلى أن في نقلهم لما كان من الكلام حول هذا لراوي الذي أخرج لهُ الإمام البخاري , نقلهُ أن الإمام البخاري قد برأهُ مما نسب إليه من العلل وإن ذكرهُ في كتاب الضعفاء فأين هي الأمانةُ في النقل والتي يتسغربُ منها أن ينقل الرافضة شيئاً فتجدُ فيه الرد عليهم , ما لم يدلسوا النصوص نسأل الله تعالى العافية مما إبتلوا فيهِ , فهو ثقة صالح الحديث لهُ رواية ودراية أوردهُ الإمام البخاري في الضعفاء والنتيجة ما نقله الرافضي , ومن كلامهِ نجيبُ عليهِ ولله العجب ما أضعف عقول القوم .
تهذيب التهذيب - ابن حجر - ج 2 - ص 13 - 14
21 - خ ت ( البخاري والترمذي ) ثابت بن محمد العابد أبو محمد ويقال أبو إسماعيل الشيباني ويقال الكناني . روى عن الحارث بن النعمان ابن أخت سعيد بن جبير وعن الثوري ومسعر وإسرائيل وفطر بن خليقة وغيرهم . وعنه البخاري وروى له الترمذي بواسطة عبد الأعلى بن واصل وأبو زرعة وأبو حاتم الصغاني ومحمد بن صالح كليجة ويعقوب بن سفيان وأحمد بن ملاعب وأبو أمية الطرطوسي وغيرهم . قال أبو حاتم صدوق وقال في موضع آخر أزهد من لقيت ثلاثة فذكره منهم .وقال ابن الطباع قال لنا ابن يونس ما أسرج في بيته منذ أربعين سنة .وقال محمد بن عبد الله الحضرمي مات في ذي الحجة سنة ( 215 ) وكان ثقة . قلت : وقال ابن عدي كان خيرا فاضلا وهو عندي ممن لا يتعمد الكذب ولعله يخطئ .وقال الدارقطني في الجرح والتعديل : ليس بالقوي لا يضبط وهو يخطئ في أحاديث كثيرة وجزم ابن مندة بان كنيته أبو إسماعيل وبأنه شيباني وأرخه سنة ( 25 ) وكأنه وهم من الكاتب .وقال الحاكم : ليس بضابط .وذكره البخاري في "الضعفاء" !! ، وأورد له حديثا وبين أن العلة فيه من غيره .وذكره ابن حبان في الثقات . قلتُ وهذا من نقل الرافضي وقال أنهُ ذكرهُ في كتاب الضعفاء وبين أن العلة في غيرهِ والمعنى ان الإمام البخاري وإن كان أوردهُ في كتاب الضعفاء فإن إيرادهُ له مع بيان أن العلة من غير رواية ثابت يثبتُ لنا الضعف الذي وقع فيهِ الرافضة في نقلهم عن إبن حجر في تهذيب التهذيب .
مقدمة فتح الباري - ابن حجر - ص 392
( خ ت ) ثابت بن محمد العابد .
وثقه مطين .
وصدقه أبو حاتم .
وقال الدارقطني : ليس بالقوي .
وقال ابن عدي : هو عندي ممن لا يعتمد الكذب ولعله يخطئ .
( قلت ) : روى عنه البخاري في الصحيح حديثين في الهبة والتوحيد لم ينفرد بهما . ومن نقلهِ يردُ عليه لله العجب ما هذا العقل قول الدارقطني أنهُ ليس بالقوي ليس بالجرح المسقط , بل المراد أن في حديثهِ شيءٌ من الصحة ولم يعتمد الكذب كما قال إبن عدي ولعلهُ أخطئ ورواية البخاري لهُ إنما منتقاه مما صح من أخبارهِ في الحديث .
وفي معرفة من لهُ رواية في الكتب الستة : " ثابت بن محمد العابد الكوفي صدوق عن مسعر وفطر وعنه البخاري وأبو زرعة وأمم مات 215 خ ت " , وقال في التقريب : " ثابت بن محمد العابد أبو محمد ويقال أبو إسماعيل صدوق زاهد يخطىء في أحاديث من التاسعة مات سنة خمس عشرة خ ت " أي أن ثابت بن محمد العابد لهُ أحاديث صالحة , ولعلنا نبينُ ذلك أكثر فيظهرُ لنا ضعفهم العلمي وفهمهم السقيم للنصوص .
وفي الإرشاد لأبي يعلى : " ثابت بن محمد العابد ثقة متفق عليه سمع مسعرا وسفيان اخرجه البخاري في الصحيح قال ابو حاتم لم ار ازهد منه " كان صاحب زهد ومتفق على حديثهِ من الثقات , وإنما أوردهُ الإمام البخاري في الضعفاء , وبين أن العلة من غيرهِ لا منهُ في الحديث فلا يعتبرُ هذا تضعيفاً لهُ رحمه الله عند الإمام البخاري وإن كان بين أن العلة منهُ , وقد حدث عنهُ في الصحيح وروايتهُ صحيحة لا إشكال ولا مطعن فيها .
ميزان الاعتدال - الذهبي - ج 1 - ص 366 - 367
1372 - ثابت بن محمد الكوفي [ خ ، ت ] العابد ، أبو إسماعيل الشيباني .
قال أبو حاتم : صدوق .
وقال الحاكم : ليس بضابط .
ووثقه مطين .
واحتج به البخاري ، وقال : ما أسرج في بيته منذ أربعين سنة . حدث عن فطر ، ومسعر .
وعنه البخاري ، وأبو زرعة ، وأبو حاتم . ومات سنة خمس عشرة ومائة .
أحمد بن مهدي الأصبهاني ، حدثنا ثابت بن محمد ، حدثنا الثوري ، عن أبي الزبير ، عن جابر - مرفوعا : لا يقطع الصلاة الكشر وتقطع القرقرة - يعنى الضحك .
ومع كون البخاري حدَّث عنه في صحيحه ذكره في "الضعفاء" !! ، فقال : ثابت بن محمد العابد قال لنا ثابت : حدثنا عمارة بن سيف ، عن أبي معان ، عن ابن سيرين ، عن أبي هريرة ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : تعوذوا بالله من جب الحزن ، هو واد في جهنم تتعوذ منه جهنم كل يوم أربعمائة مرة ، يسكنه المراءون بأعمالهم .
ثم قال البخاري : وأبو معان مجهول ، ولا يعرف له سماع من ابن سيرين . هذا من نقل الرافضي يعضدُ القول بنفي أن الإمام البخاري قد أعل الحديث من طريق ثابت بن محمد العابد الزاهد , فلله العجب ألا يقرأون ما ينقلون .
قال الحافظ إبن حجر في الفتح : " الفصل التاسعفي سياق أسماء من طعن فيه من رجال هذا الكتاب مرتباً لهم على حروف المعجم والجواب عن الإعتراضات موضعاً موضعاً وتمييز من أخرج له منهم في الأصول أو في المتابعات والإستشهادات مفصلاً لذلك جميعهوقبل الخوض فيه ينبغي لكل منصف أن يعلم أن تخريج صاحب الصحيح لأي راوٍ كان مقتضٍ لعدالته عنده وصحة ضبطه وعدم غفلته ولا سيما ما انضاف إلى ذلك من إطباق جمهور الأئمة على تسمية الكتابين بالصحيحين وهذا معنى لم يحصل لغير من خرّج عنه في الصحيح فهو بمثابة إطباق الجمهور على تعديل من ذكر فيهما هذا إذا خرّج في الأصولفأما إن خرّج له في المتابعات والشواهد والتعاليق فهذا يتفاوت درجات من أخرج له منهم في الضبط وغيره مع حصول اسم الصدق لهم ..الخ) فكثير من الرواة الذين تكلم فيهم منهم من أخرج لهم في الأصول ولا يصحُ التكلم فيهم بل إنتقى الإمام البخاري ما صح من أخبارهم وهي منتقاة والبعض في الشواهد والمتابعات .
قال العلامة ذهبي عصره الشيخ الجليل عبد الرحمن بن يحيي المعلمي رحمة الله تعالى عليه في كتاب التنكيل صفحة 692 (( إن الشيخين يخرجان لمن فيهم كلام في مواضع معروفةأحدهما : أن يؤدي إجتهادهما إلى أن ذلك الكلام لا يضره , في روايته البتة, كما أخرج البخاري لعكرمةالثاني : أن يؤدي إجتهادهما إلى أن ذلك الكلام إنما يقتضي أنه لا يصلح للأحتجاج به وحده , ويريان أنه يصلح لأن يحتج به مقرونا أو حيث تابعه غيره ونحو ذلكثالثهما : أن يريا أن الضعف الذي في الرجل خاص بروايته عن فلان من شيوخه أو برواية فلان عنه أو بما سمع منه من غير كتابه أو بما سمع منه بعد إختلاطه أو بما جاء عنه عنعنة وهو مدلس ولم يأتي عنه من وجه آخر ما يدفع ريبة التدليسفيخرجان للرجل حيث يصلح ولا يخرجان له حيث لا يصلح )) . والله أعلم .
3- حصين بن عبدالرحمن السلمي .
فهو من الثقات ولا أدري ما وجه تعجب الحافظ الذهبي من الإمام البخاري ان أوردهُ في الضعفاء , مع الذكر أن الإمام البخاري لا يخرجُ لمن في صحيحهِ من إتهم بالضعف إلا ما صح عنهم , ومن الغريب ان تغير حصين بن عبد الرحمن السلمي لا يضر روايتهُ في صحيح البخاري , فهو من الحفاظ وقد قال بن المديني لم يختلط وقد إحتجَ بهِ أصحاب الصحيحين , وهو من الثقات المكثرين في الحديث ولا يضرُ إختلاطهُ في آخرهِ في حديثهِ , فإن جملة ما أخرجهُ الإمام البخاري صح عنهُ رحمه الله تعالى .
قال الذهبي في سير أعلام النبلاء : " الحافظ الحجة المعمر أبو الهذيل السلمي الكوفي ابن عم منصور . ولد في زمن معاوية في حدود سنة ثلاث وأربعين . وحدث عن عمارة بن رويبة الصحابي ، وجابر بن سمرة ، وعن أبي وائل ، وزيد بن وهب ، . وعمرو بن ميمون ، وعياض الأشعري ، وهلال بن يساف ، ومرة بن شراحيل ، وعبد الله بن أبي قتادة ، وسعيد بن جبير ، وسالم بن أبي الجعد ، وسعد بن عبيدة ، وأبي ظبيان حصين بن جندب ، والشعبي ، وعراك الغفاري ، وأبي عبيدة بن حذيفة ، وعطاء بن أبي رباح وخلق كثير . وعنه سليمان التيمي ، وشعبة ، وزائدة ، والثوري ، وجرير بن حازم ، وجرير بن عبد الحميد ، وأبو عوانة ، وهشيم ، وابن فضيل ، وفضيل بن عياض وعبثر بن القاسم ، وعبد الله بن إدريس ، وعباد بن العوام ، وعلي بن عاصم ، وعمران بن عيينة ، وأبو بكر بن عياش ، وخلق كثير . وكان من أئمة الأثر .
روى أبو حاتم ، عن أحمد بن حنبل : حصين بن عبد الرحمن الثقة المأمون من كبار أصحاب الحديث . وقال يحيى بن معين : ثقة . وقال أحمد العجلي : كوفي ثقة ثبت في الحديث ، سكن بلد المبارك بأخرة ، والواسطيون أروى الناس عنه . قال ابن أبي حاتم : قلت : لأبي زرعة ، حصين حجة ؟ قال : إي والله . وقال أبو حاتم : ثقة في الحديث . قال : وفي آخر عمره ساء حفظه . وقال النسائي : تغير . وقال يزيد بن هارون : طلبت الحديث وحصين حي ، كان يقرأ عليه ، وكان قد نسي . وعن يزيد قال : اختلط حصين .
وقال علي بن المديني وغيره : لم يختلط .
قلت : احتج به أرباب الصحاح ، وهو أقوى من عبد الملك بن عمير ، ومن سماك بن حرب ، وما هو بدون أبي إسحاق ، والعجب من أبي عبد الله البخاري ، ومن العقيلي ، وابن عدي ، كيف تسرعوا إلى ذكر حصين في كتب الجرح . وقيل : كان يخضب بالحناء . وقال هشيم : أتى عليه ثلاث وتسعون سنة ، وكان أكبر من الأعمش ، وقريبا من إبراهيم النخعي . قلت : وشهد أنه شهد عرس والد منصور بن المعتمر على أم منصور .
روى علي بن عاصم ، عن حصين ، قال : جاءنا قتل الحسين ، فمكثنا ثلاثا ، كأن وجوهنا طليت برماد ، قلت : مثل من أنت يومئذ ؟ قال : رجل متأهل . قال مطين : مات سنة ست وثلاثين ومائة وممن اسمه " فلم أرى في سير أعلام النبلاء قول الحافظ الذهبي في أبي عبد الله الإمام البخاري رحمه الله تعالى رحمةً واسعة ولعلها من عند الرافضة عليه من الله ما يستحق , وقال الحافظ الذهبي في الكاشف : " حصين بن عبدالرحمن السلمي أبو الهذيل الكوفي بن عم منصور عن جابر بن سمرة وأبي وائل وعنه شعبة وهشيم وعلي بن عاصم ثقة حجة مات 136 ع " وإن قال في ميزان الإعتدال وهذا نصُ كلام الذهبي في ميزان الإعتدال فإن كلامهُ لا يعني تشنيع على الإمام البخاري في ذكرهِ لحصين في الضعفاء , بل إن ذكرهُ لهُ إنما لإختلاطهِ وإختلاطهِ لا يضر روايتهُ .
- [ صح ] حصين بن عبدالرحمن [ ع ] أبو الهذيل السلمى الكوفى، أحد الاعلام.
عن جابر بن سمرة وزيد بن وهب.
وجماعة.
وعنه سفيان، وشعبة، وزائدة، وهشيم، وجرير، وعلى بن عاصم، والناس.
قال أحمد: ثقة مأمون من كبار أصحاب الحديث.
وقال أحمد العجلى: ثقة ثبت.
وقال ابن أبى حاتم: سألت أبا زرعة عنه، فقال: ثقة.
قلت: حجة ؟ قال: إى والله.
وقال أبو حاتم: ثقة، ساء حفظه في الآخر.
وقال النسائي.
تغير.
وقال أحمد: سمعت يزيد بن هارون يقول: طلبت الحديث وحصين حى كان يقرأ عليه، وكان قد نسى.
وقال الحسن: أظنه الحلواني.
سمعت يزيد بن هارون يقول: اختلط، وقال على: لم يختلط.
وذكره البخاري في كتاب الضعفاء وابن عدى والعقيلي، فلهذا ذكرته، وإلا فهو من الثقات. قلتُ : فأين هي العلة في كلام الحافظ الذهبي رحمه الله تعالى في الميزان وإن كان ذكرهُ في الضعفاء , وقال فيمن تكلم فيهِ وهو موثق نصُ الكلام .
ع حصين بن عبدالرحمن أبو الهذيل السلمي الكوفي صح تابعي، توفي سنة 136هـ.
روى عن: جابر بن سمرة، وزيد بن وهب...
روى عنه: سفيان، وشعبة، وزائدة، وهشيم...
حاصل الأقوال فيه:
ثقة ما رأيت فيه جرحا، إلا ما قيل من أنه تغير يسيرا بأخرة، وقد وثقه الأئمة.
"قال أحمد: ثقة مأمون من كبار أصحاب الحديث. وقال العجلي: ثقة ثبت" الميزان:1/551، وانظر كتاب العلل ومعرفة الرجال لعبدالله بن أحمد: 1/235.
2 كتاب الضعفاء والمتروكين: 31. وقال الذهبي في المغني: "تابعي ثقة عمر ونسي، قال النسائي تغير". وفي الكاشف: "ثقة حجة"، وفي الميزان: "أحد الأعلام"، وقال: "وذكره البخاري في كتاب الضعفاء، وابن عدي والعقيلي، فلهذا ذكرته، وإلا فهو في الثقات"، ورمز للعمل على توثيقه، وذكره في الثقات. فلله العجب ما الإشكال في ذكر الإمام البخاري لهذا الراوي في الضعفاء , وإن كان كذلك فهو ثقة وإخراج الإمام البخاري لهُ من حديثهِ الصحيح في الصحيح وإنما تكلم فيهِ لأختلاطهِ كما تبين لنا .
4- حمران بن أبان .
أولاً يجب النظر إلي الروايات التي قالت في انهُ كان ممن خرج وغيرها وفعل كذا وكذا , ففي أسانيد هذه الأخبار سيف بن عمر التميمي , وهو متهم في حديثهِ في الفتن وإنما هذا من الكلام حول ما دار في فتنة عثمان بن عفان فكلامهُ عند أهل الحديث فيما كان في فتنة عثمان بن عفان لا يمكنُ الإعتبارِ بهِ رضي الله عن عثمان بن عفان , وإلا فروايتهُ مقبولة وكان قليل الحديث , وقد أجاب الشيخ محمد المنجد عن هذا الإشكال فقال .
أولا :
هذه المسألة من دقيق مسائل علوم الحديث ، يخطئ في فهمها كثير من الناس ، ويتورطون بما ينصبه لهم أعداء الإسلام من شبه ، في حين أن جوابها سهل ميسور لا يختلف فيه أهل العلم المتخصصون .
وخلاصة هذه المسألة أنه ليس من منهج الإمام البخاري في صحيحه ألا يخرج عن رواة متكلم فيهم أو موصوفين بالضعف ، ولكن من منهجه ألا يخرج إلا الصحيح من حديثهم ، وفرق بين الأمرين :
فالراوي الضعيف أو المتكلم فيه لا يلزم أن ترد جميع مروياته – ما دام غير متهم بالكذب -، إذ قد يكون مضعفا في حال دون حال ، أو في شيخ دون شيخ ، أو في بلد دون بلد ، أو في حديث معين دون أحاديث أخر ، ونحو ذلك من أنواع التضعيف ، فلا يجوز أن نرد جميع مروياته حينئذ ، بل نقبل حديثه الذي تبين لنا أنه ضبطه وحفظه وأداه كما حفظه ، ونرد حديثه الذي تبين لنا أنه أخطأ فيه ، ونتوقف فيما لم يتبين لنا شأنه ، وهكذا هو حكم التعامل مع جميع مرويات الرواة الضعفاء ، وليس كما يظن غير المتخصصين أن الراوي الضعيف ترد جميع مروياته .
هذا هو منهج الأئمة السابقين ، ومنهج الإمامين البخاري ومسلم صاحبي الصحيحين ، ويسمى منهج " الانتقاء من أحاديث الضعفاء " ، يعني تصحيح أحاديث بعض الرواة المتكلم فيهم بالضعف إذا تبين أنهم قد حفظوا هذا الحديث بخصوصه ، تماما كما أننا قد نرد حديث الراوي الثقة إذا تبين أنه لم يحفظ هذا الحديث المعين ، أو خالف فيه من هو أوثق منه وأحفظ . والبحث في المتابعات والشواهد ومن وافق هذا الراوي المتكلم فيه من الرواة الثقات مِن أنفع وسائل التثبت من حفظ الراوي المتكلم فيه لتصحيح حديثه أو تضعيفه .
وخلاصة الكلام أن إخراج البخاري عن بعض الرواة الضعفاء أو المتكلم فيهم لا يخلو من الأحوال الآتية :
1- إما أن الصواب في هذا الراوي هو التوثيق ، وأن تضعيف مَن ضعَّفه مردود عليه مثل : عكرمة مولى ابن عباس .
2- أو أن الراوي مُضعَّف في الأحاديث التي يتفرد بها فقط ، أما ما وافق فيه الرواة الآخرين فيقبل حديثه ، فيخرج البخاري له ما وافق فيه الثقات ، لا ما تفرد به ، مثل: أفلح بن حميد الأنصاري ، ومحمد بن عبد الرحمن الطفاوي ، وفضيل بن سليمان النميري .
3- أو أن الراوي مُضعَّفٌ إذا روى عن شيخ معين ، أما إذا روى عن غيره فيقبل العلماء حديثه ، فتجد البخاري يجتنب روايته عن الشيخ المضعف فيه ، مثل: معمر بن راشد عن ثابت البناني .
4- أو أن الراوي مُضعَّف بالاختلاط والتغير ، فيروي له البخاري عمَّن أخذ عنه قبل اختلاطه وتغيره ، مثل: حصين بن عبد الرحمن السلمي .
5- أو أن الراوي ضعيف ، لكن البخاري لم يَسُق له حديثا من الأحاديث الأصول ، وإنما أورده في إسناد يريد به متابعة إسناد آخر أو الاستشهاد له به ، أو في حديث معلق .
وننقل هنا من كلام العلماء ما يدل على التقرير السابق :
يقول الحافظ ابن الصلاح رحمه الله – ضمن كلامه عن سبب وجود رواة ضعفاء في صحيح مسلم ، ومثله يقاس الكلام على البخاري - :
" عاب عائبون مسلما بروايته في صحيحه عن جماعة من الضعفاء أو المتوسطين الواقعين في الطبقة الثانية ، الذين ليسوا من شرط الصحيح أيضا .
والجواب أن ذلك لأحد أسباب لا معاب عليه معها :
أحدها : أن يكون ذلك فيمن هو ضعيف عند غيره ثقة عنده .
الثاني : أن يكون ذلك واقعا في الشواهد والمتابعات لا في الأصول ، وذلك بأن يذكر الحديث أولا بإسناد نظيف رجاله ثقات ويجعله أصلا ، ثم يتبع ذلك بإسناد آخر أو أسانيد فيها بعض الضعفاء على وجه التأكيد بالمتابعة أو لزيادة فيه .
الثالث : أن يكون ضعف الضعيف الذي احتج به طرأ بعد أخذه عنه باختلاط حدث عليه غير قادح فيما رواه من قبل في زمان سداده واستقامته " انتهى باختصار.
" صيانة صحيح مسلم " (ص/96-98)
ويقول الحافظ الحازمي (ت 524هـ) – وقد قسم الرواة إلى خمس طبقات وجعل الطبقة الأولى مقصد البخاري ، ويخرج أحياناً من أعيان الطبقة الثانية - :
" فإن قيل : إذا كان الأمر على ما مهدت ، وأن الشيخين لم يودعا كتابيهما إلا ما صح ، فما بالهما خرجا حديث جماعة تكلم فيهم ، نحو فليح بن سليمان ، وعبد الرحمن بن عبد الله بن دينار ، وإسماعيل بن أبي أويس عند البخاري ، ومحمد بن إسحاق وذويه عند مسلم .
قلت : أما إيداع البخاري ومسلم " كتابيهما " حديث نفر نسبوا إلى نوع من الضعف فظاهر ، غير أنه لم يبلغ ضعفهم حداً يُرَدُّ به حديثهم " انتهى.
" شروط الأئمة الخمسة " (ص69 – 70)
ويقول الحافظ الذهبي رحمه الله :
" فما في الكتابين – يعني صحيحي البخاري ومسلم – بحمد الله رجل احتج به البخاري أو مسلم في الأصول ورواياته ضعيفة ، بل حسنة أو صحيحة ... ومن خرج له البخاري أو مسلم في الشواهد والمتابعات ففيهم مَن في حفظه شيء ، وفي توثيقه تردد " انتهى باختصار.
" الموقظة " (ص/79-81).
وقال الإمام ابن القيم – وهو يرد على من عاب على مسلم إخراج أحاديث الضعفاء سيئي الحفظ كمطر الوراق وغيره ، ومثله يقاس الكلام على البخاري - :
" ولا عيب على مسلم في إخراج حديثه ؛ لأنه ينتقي من أحاديث هذا الضرب ما يعلم أنه حفظه ، كما يطرح من أحاديث الثقة ما يعلم أنه غلط فيه ، فغلط في هذا المقام من استدرك عليه إخراج جميع أحاديث الثقة ، ومن ضعف جميع أحاديث سيئي الحفظ " انتهى.
" زاد المعاد " (1/364)
ويقول الحافظ ابن حجر رحمه الله :
" وأما الغلط فتارة يكثر في الراوي وتارة يقل ، فحيث يوصف بكونه كثير الغلط ، ينظر فيما أخرج له ، إن وجد مروياً عنده أو عند غيره من رواية غير هذا الموصوف بالغلط ، علم أن المعتمد أصل الحديث لا خصوص هذه الطريق ، وإن لم يوجد إلا من طريقه فهذا قادح يوجب التوقف فيما هذا سبيله ، وليس في الصحيح – بحمد الله – من ذلك شيء ، وحيث يوصف بقلة الغلط ، كما يقال : سيء الحفظ ، أو له أوهام ، أو له مناكير ، وغير ذلك من العبارات ، فالحكم فيه كالحكم في الذي قبله ، إلا أن الرواية عن هؤلاء في المتابعات أكثر منها عند المصنف من الرواية عن أولئك " انتهى.
" هدي الساري " (ص/381)
ولهذا يرى الحافظ ابن حجر أن يكون تعريف الحديث الصحيح على هذا النحو :
" هو الحديث الذي يتصل إسناده بنقل العدل التام الضبط ، أو القاصر عنه إذا اعتضد ، عن مثله ، إلى منتهاه ، ولا يكون شاذاً ولا معللاً . وإنما قلت ذلك لأنني اعتبرت كثيراً من أحاديث الصحيحين فوجدتها لا يتم عليها الحكم بالصحة إلا بذلك – يعني بتعدد الطرق – " انتهى.
" النكت على ابن الصلاح " (1/86)
ويقول العلامة المعلمي رحمه الله :
" إن الشيخين يخرجان لمن فيهم كلام في مواضع معروفة :
أحدهما : أن يؤدي اجتهادهما إلى أن ذلك الكلام لا يضره في روايته البتة ، كما أخرج البخاري لعكرمة .
الثاني : أن يؤدي اجتهادهما إلى أن ذلك الكلام إنما يقتضي أنه لا يصلح للاحتجاج به وحده ، ويريان أنه يصلح لأن يحتج به مقروناً ، أو حيث تابعه غيره ، ونحو ذلك .
ثالثها : أن يريا أن الضعف الذي في الرجل خاص بروايته عن فلان من شيوخه ، أو برواية فلان عنه ، أو بما سمع منه من غير كتابه ، أو بما سمع منه بعد اختلاطه ، أو بما جاء عنه عنعنه وهو مدلس ، ولم يأت عنه من وجه آخر ما يدفع ريبة التدليس .
فيخرجان للرجل حيث يصلح ، ولا يخرجان له حيث لا يصلح " انتهى.
" التنكيل " (ص/692)
ولذلك كله ينبه العلماء إلى عدم صحة الاستدلال على ثقة الراوي بإخراج البخاري له ، وإنما ينبغي النظر في كيفية إخراج البخاري له ، فإن أخرج له حديثا في الأصول صحيحا لذاته فهذا الذي في أعلى درجات التوثيق ، أما من أخرج له في المتابعات أو صحيحا لغيره فهذا يشمله اسم الصدق العام ، ولكن قد لا يكون في أعلى درجات التوثيق .
يقول الحافظ ابن حجر رحمه الله :
" تخريج صاحب الصحيح لأي راو كان مقتض لعدالته عنده ، وصحة ضبطه ، وعدم غفلته ، ولا سيما ما انضاف إلى ذلك من إطباق جمهور الأئمة على تسمية الكتابين بالصحيحين ، وهذا معنى لم يحصل لغير من خرج عنه في الصحيح ، فهو بمثابة إطباق الجمهور على تعديل من ذكر فيهما ، هذا إذا خرج له في الأصول ، فأما إن خرج له في المتابعات والشواهد والتعاليق فهذا يتفاوت درجات من أخرج له منهم في الضبط وغيره ، مع حصول اسم الصدق لهم " انتهى.
" هدي الساري " (ص/381)
وهذا القيد الأخير مهم جدا في كلام الحافظ ابن حجر ، يبين أن قوله في بداية الفقرة أن تخريج صاحب الصحيح لأي راو مقتض لعدالته عنده وصحة ضبطه مقيد بمن أخرج لهم في الأصول ، يعني الأحاديث التي يصححها بنفسها ولم يوردها كمتابعة أو شاهد أو لغرض حديثي آخر ، وهذا لا يميزه إلا أهل العلم المختصون بالحديث .
وللتوسع في هذا الموضوع يمكن الرجوع إلى فصل بعنوان : " موقف البخاري من الرواة الضعفاء "، من كتاب " منهج الإمام البخاري في تصحيح الأحاديث وتعليلها " لأبي بكر كافي (ص/135-159) .
ثانيا :
وعلى هذا فمن الخطأ الظاهر عند علماء الحديث الاعتراض بوجود بعض الرواة المتكلم فيهم في صحيح البخاري ، فهذا أمر لا يخفى على المحدِّثين ، ولا يخفى على الإمام البخاري نفسه، فالبخاري ينتقي من حديث المتكلم فيهم ما يجزم أنه صحيح مقبول ، سواء كان هذا الراوي مضعفا مِن قِبَل البخاري نفسه ، أو مِن قِبَل غيره مِن المحدثين .
فكل راو يُنقَل عن البخاري تضعيفه ، لا بد في دراسته من التثبت من عدة أمور :
1- التأكد من تضعيف البخاري له حقا ، ولتحقيق ذلك يجب التنبه إلى أن ذكر البخاري المجرد للراوي في كتابه " الضعفاء " لا يلزم منه أنه يميل إلى تضعيفه تضعيفا مطلقا، فقد يكون يرى ضعفه في بعض الأحاديث دون أخرى ، أو في بعض الشيوخ دون آخرين ، أو في حال دون حال ، وهكذا ، وهذه مسألة دقيقة أيضا تحتاج شرحا وبسطا ولكن ليس هذا محله ، مع العلم أن للبخاري كتابين في الضعفاء ، وهما " الضعفاء الكبير " وهذا الكتاب ما زال مخطوطا ، وكتاب " الضعفاء الصغير " وهذا هو المطبوع اليوم .
2- النظر في كيفية إخراج البخاري عنه في صحيحه تبعا للأمور التي سبق ذكرها في الجواب أعلاه ، هل أخرج له في الأصول ، وما هي الأحاديث التي أخرجها ، هل لها شواهد ومتابعات ، وإن كان الراوي مختلطا ينظر كيف أخرج البخاري عنه ، قبل الاختلاط أم بعده ، إلى غير ذلك من التفاصيل التي يتقنها أهل الحديث .
ثالثا :
ومن ذلك ما ورد في السؤال من الكلام حول الراوي حمران بن أبان ، وهو مولى عثمان بن عفان ، قال ابن عبد البر رحمه الله : أهل السير والعلم بالخبر قالوا : وكان حمران أحد العلماء الجلة ، أهل الوداعة والرأي والشرف بولائه ونسبه " انتهى. " التمهيد " (22/211)، وعامة أهل العلم على توثيقه ، مع كونه قليل الحديث ، ولم ينقل تضعيفه إلا عن ابن سعد في " الطبقات الكبرى " (5/283) حيث قال : " كان كثير الحديث ، ولم أرهم يحتجون بحديثه " انتهى. وهذا جرح مبهم يقابل التعديل ، والعلماء يقدمون التعديل والتوثيق على الجرح المبهم، ولذلك يقول الذهبي رحمه الله :
" حجة ، قال ابن سعد : لم أرهم يحتجون به . قال الحاكم : تكلم فيه بما لا يؤثر فيه . قلت : هو ثبت " انتهى.
" الرواة الثقات المتكلم فيهم بما لا يوجب ردهم " (ص/9) .
وأما تضعيف البخاري له فلم نقف عليه إلا في نقل الإمام الذهبي أيضا حيث قال :
" أورده البخاري في الضعفاء ، لكنَّ ما قال ما بليته قط " انتهى.
" ميزان الاعتدال " (1/604)
وهذا كما ترى غير كاف لتضعيفه أيضا ، إذ لم نقف على نص كلام البخاري نفسه في الضعفاء ، ويبدو أنه في " الضعفاء الكبير " الذي لم يطبع بعد ، ويبدو أنه البخاري أورده إيرادا مجردا من غير حكم عليه بالضعف ، وهو ما يدل عليه قول الذهبي: ( ما قال ما بليته ) ، يعني : أن البخاري لم يذكر سبب ضعفه . وقد ترجم البخاري رحمه الله نفسه لحمران بن أبان في " التاريخ الكبير " (3/80) ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا .
وعلى كل حال ، فما أخرج البخاري في صحيحه لحمران هما حديثان اثنان فقط :
الحديث الأول قال فيه :
حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأُوَيْسِىُّ قَالَ حَدَّثَنِى إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ عَطَاءَ بْنَ يَزِيدَ أَخْبَرَهُ أَنَّ حُمْرَانَ مَوْلَى عُثْمَانَ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ رَأَى عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ دَعَا بِإِنَاءٍ ، فَأَفْرَغَ عَلَى كَفَّيْهِ ثَلاَثَ مِرَارٍ فَغَسَلَهُمَا ، ثُمَّ أَدْخَلَ يَمِينَهُ فِى الإِنَاءِ فَمَضْمَضَ ، وَاسْتَنْشَقَ ، ثُمَّ غَسَلَ وَجْهَهُ ثَلاَثًا ، وَيَدَيْهِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ ثَلاَثَ مِرَارٍ ، ثُمَّ مَسَحَ بِرَأْسِهِ ، ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَيْهِ ثَلاَثَ مِرَارٍ إِلَى الْكَعْبَيْنِ ، ثُمَّ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم :
( مَنْ تَوَضَّأَ نَحْوَ وُضُوئِى هَذَا ، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ ، لاَ يُحَدِّثُ فِيهِمَا نَفْسَهُ ، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ )
رواه البخاري تحت الأرقام التالية : (159، 164، 1934)
وهذا الحديث من رواية حمران عن سيده عثمان بن عفان ، وهي من أوثق الروايات وأصحها، فقد كان حمران ملازما لعثمان ، يخدمه ويصحبه ، بل كان حاجبا له ، وكاتبا بين يديه ، حتى كتب لعثمان وصية له بالخلافة لعبد الرحمن بن عوف حين مرض مرة ، وقال قتادة : إن حمران بن أبان كان يصلى مع عثمان بن عفان فإذا أخطأ فتح عليه . وكان قرابة عثمان يجلون حمران كثيرا ، ويقدرونه لأجل صحبته له ، تجد كل ذلك في " تهذيب التهذيب " (3/25)
فمن هذا حاله ألا يقبل حديث يحدث به عن مولاه عثمان ، ليس فيه ما يستنكر ، بل جاءت له شواهد لا تعد كثرة في صفة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم وفي فضل الوضوء ؟!
فعلى فرض أن الإمام البخاري يضعف حمران على وجه العموم ، فذلك لا يلزم منه أن يرد جميع أحاديثه ، بل سبق وأن بينا أنه قد يخرج حديثه الذي يطمئن إلى صحته لقرائن وأدلة أخرى .
الحديث الثاني قال فيه :
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبَانَ قَالَ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِى التَّيَّاحِ قَالَ سَمِعْتُ حُمْرَانَ بْنَ أَبَانَ يُحَدِّثُ عَنْ مُعَاوِيَةَ قَالَ :
( إِنَّكُمْ لَتُصَلُّونَ صَلاَةً ، لَقَدْ صَحِبْنَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَمَا رَأَيْنَاهُ يُصَلِّيهَا ، وَلَقَدْ نَهَى عَنْهُمَا ، يَعْنِى الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ )
رواه البخاري (رقم/587)
وهذه الرواية كما ترى من رواية حمران عن معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه في موضوع ساق له البخاري مجموعة من الأحاديث عن ابن عمر وأبي سعيد الخدري وأبي هريرة في باب " لا يتحرى الصلاة قبل غروب الشمس "، وهذه المسألة وردت فيها الكثير من الأحاديث الصحيحة التي تنهى عن الصلاة بعد العصر ، فليس في رواية حمران شيء مستنكر ولا مستغرب ، حتى يرد حديثه هنا ، فتأمل كيف انتقى البخاري من حديثه ما هو صحيح مقبول .
والله أعلم .
5- عباد بن راشد التميمي.
إسناده حسن رجاله ثقات عدا عباد بن راشد التميمي وهو صدوق له أوهام ، رجاله رجال بخاري ماعدا عباد بن راشد التميمي روى له البخاري مقرونًا بغيره وداود بن أبي هند القشيري والمنذر بن مالك العوفي روى لهما البخاري تعليقًا , هذا في تعليقِ المحقق على أحد الأسانيد وهو ليس من رجال البخاري , بل روى لهُ مقروناً بغيرهِ والإمام البخاري لم يخرج لهُ في الصحيح حديثاً واحداً بل مقروناً , في الصحيح ومع ذلك هو ثقة .
قال المزي في تهذيب الكمال : " قال إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني عن أحمد بن حنبل شيخ ثقة صدوق صالح وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل عن أبيه عباد بن راشد أثبت حديثا من عباد بن ميسرة المنقري وقال عباس الدوري عن يحيى بن معين حديثه ليس بالقوي ولكنها تكتب وقال عبد الله بن أحمد الدورقي عن يحيى بن معين ضعيف , وقال إسحاق بن منصور عن يحيى بن معين صالح وقال البخاري روى عنه عبد الرحمن بن مهدي وتركه يحيى القطان وقال عمرو بن علي كان عبد الرحمن يحدثنا عنه وكان يحيى إذا ذكره يقول قد رأيته وقال أبو داود ضعيف وقال النسائي ليس بالقوي وقال أبو حاتم صالح الحديث وأنكر على البخاري إدخاله في كتاب الضعفاء وقال يحول من هناك روى له البخاري مقرونا بغيره وأبو داود والنسائي وبن ماجة " إنهُ ذكرهُ في كتاب الضعفاء لا يعني أن الإمام البخاري وإن كان قد خرج لهُ حديثاً خرج الضعيف من حديث عباد بن راشد التميمي , بل أخرج لهُ مقروناً وما نقلهُ الرافضة في كلامهِ يشيرُ إلي أنه ورى لهُ مقروناً , وليس من رجال الصحيح , بل روى لهُ مقروناً بغيرهِ . والله تعالى أعلى وأعلم .
وفي التعديل والجرح : " عباد بن راشد التميمي البصري أخرج البخاري في تفسير سورة البقرة عن أبي عامر العقدي عنه عن الحسن البصري ليس له في الكتاب غيره قال عبد الرحمن بن أبي حاتم كان عبد الرحمن بن مهدي يحدث عنه وكان يحيى بن سعيد يقول إذا ذكر قد رأيته قال وأخبرنا إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني في ما كتب إلي سألت أحمد بن حنبل عنه فقال ثقة شيخ صدوق صالح وذكر أبو حاتم الرازي عن إسحاق بن منصور عن يحيى بن معين أنه قال عباد بن راشد صالح الحديث وأنكر على البخاري إدخال اسمه في كتاب الضعفاء وقال يحول اسمه من هناك أو إنما أخرج عنه البخاري مقرونا بيونس بن عبيد وعباد بن راشد اليماني آخر روى عنه علي بن المديني لا يعرف حاله " .
وقال الحافظ في التقريب : " عباد بن راشد التميمي مولاهم البصري البزار آخره راء قريب داود بن أبي هند صدوق له أوهام من السابعة " وقد أوردهُ البخاري في الضعفاء , ولا وجه لكلام الحافظ الذهبي وقد أخرج لهُ مقروناً في الصحيح فهل يفهمُ هذا الكلام الرافضة أي أنهُ له حديث مقرون , وقد أوردهُ في الضعفاء لضعفٍ في عباد بن راشد التميمي , فالحاصل ان الإمام البخاري قد أوردهُ في الضعفاء وروى لهُ مقروناً وهو ثقة وقد تكلم فيهِ , فإنهُ قد روي لهُ مقروناً وهذا لا يعتبرُ بالعلة التي يتكلم فيها بموضوعهِ .
وقال في معرفة الثقات : " ثقة " .
وقال العجلي في الثقات : " ثقة " .
وقال في بجر الدم : " قال أحمد: ثقة، صدوق، صالح " .
قال الحافظ إبن حجر : " عباد بن راشد التميمي الحبطي البصري وثقه العجلي وأحمد بن حنبل وضعفه يحيى القطان وأبو داود والنسائي وقال أبو حاتم صالح وأنكر على البخاري إدخاله إياه في الضعفاء قلت له في الصحيح حديث واحد في تفسير سورة البقرة بمتابعة يونس له عن الحسن البصري عن معقل بن يسار وروى له أصحاب السنن إلا الترمذي " ولا علة بإيرادهِ في كتاب الضعفاء , إن كان لهُ حديثاً مقروناً بغيرهِ فقد تكلم فيهِ , وإن كان كذلك فما العلة في إيراد البخاري لهُ في الضعفاء وتخريج حديثهِ .. !!
6- عبدالرحمن بن يزيد بن جابر الأزدي الشامي
قال الحافظ الذهبي في سير أعلام النبلاء : " عبد الرحمن بن يزيد (ع) ابن جابر ، الإمام ، الحافظ ، فقيه الشام مع الأوزاعي ، أبو عتبة الأزدي ، الدمشقي ، الداراني ولد في خلافة عبد الملك بن مروان ورأى الكبار ، ورأى بعض الصحابة فيما أرى .
وحدث عن أبي سلام الأسود ، وأبي الأشعث الصنعاني ، ومكحول ، وعبد الله بن عامر اليحصبي ، وابن شهاب الزهري، وأبي كبشة السلولي ، وعطية بن قيس ، وخلق . حدث عنه : ولده عبد الله ، والوليد بن مسلم ، وابن المبارك ، وعمر بن عبد الواحد ، ومحمد بن شابور ، وأيوب بن سويد ، وحسين الجعفي ، وخلق سواهم .
وثقه يحيى بن معين وأبو حاتم ، وقد لحقه أبو مسهر ورآه ، لكن ما سمع منه . وبلغنا أن المنصور استقدمه إلى بغداد فوفد عليه . روى الوليد بن مسلم ، عن ابن جابر ، قال : كنت أرتدف خلف أبي في أيام الوليد ، فقدم علينا سليمان بن يسار ، فدعاه أبي إلى الحمام ، وصنع له طعاما ، وكنت آتي المقاسم أيام هشام بن عبد الملك .
وروى صدقة بن خالد ، عن ابن جابر ، قال : قال خالد بن اللجلاج لمكحول : سل هذا عما كان ، وعما لم يكن -يعني ابن جابر . قال أحمد بن حنبل : ابن جابر ليس به بأس . وقال الوليد : سمعت عبد الرحمن بن يزيد بن جابر يقول : لا تكتبوا العلم إلا ممن يعرف بطلب الحديث . قال أبو عبيد ، وخليفة بن خياط : توفي سنة ثلاث وخمسين ومائة وقال أبو مسهر وجماعة : مات سنة أربع وخمسين " , ومعروف أن الحافظ الذهبي يزيدُ في كتاب ميزان الإعتدال ما يوردهُ في سير أعلام النبلاء , فإن الحافظ الذهبي قد ترجم لهُ في السير , ولا يدرى العلةُ في إيرد الإمام البخاري في الضعفاء للشامي , ولكنهُ ثقة . وإن كان أوردهُ في الضعفاء فلا يمنعهُ ذلك من إخراج حديثهِ .... !!!
7- عطاء بن أبي مسلم الخراساني .
من الذين روا له على سبيل المثال لا الحصر الامام الترمذي رحمه الله في هذا الحديث
حدثنا نصر بن علي الجهضمي، حدثنا بشر بن عمر، حدثنا شعيب بن رزيق أبو شيبة، حدثنا عطاء الخراساني، عن عطاء بن أبي رباح، عن ابن عباس، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "عينان لا تمسهما النار: عين بكت من خشية الله، وعين باتت تحرس في سبيل الله"، قال أبو عيسى: وفي الباب، عن عثمان، وأبي ريحانة، وحديث ابن عباس حديث حسن غريب، لا نعرفه إلا من حديث شعيب بن رزيق.
وروى له الإمام النسائي في سننه الكبرى عدة احاديث منها: أخبرنا أبو بكر بن إسحاق قال حدثنا أبو الجواب قال حدثنا عمار عن فطر عن القاسم بن أبي بزة عن عطاء الخراساني عن حمران قال سمعت عبد الله بن عمر يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول "من قال سبحان الله والحمد لله ولا إله الا الله والله أكبر كتب له بكل حرف عشر حسنات" خالفه إبراهيم بن طهمان رواه عن عطاء الخراساني عن نافع عن بن عمر قوله.
كذلك روى له الإمام أبو داود بعض الاحاديث منها: حدثنا سليمان بن داود المهري، أخبرنا ابن وهب، أخبرني حيوة بن شريح، ح وثنا جعفر بن مسافر التنيسي، ثنا عبد الله بن يحيى البرلسي، ثنا حيوة بن شريح، عن إسحاق أبي عبد الرحمن، قال سليمان [بن داود، أبو الربيع]: عن أبي عبد الرحمن الخراساني، أن عطاء الخراساني حدثه، أن نافعا حدثه، عن ابن عمر قال:سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إذا تبايعتم بالعينة وأخذتم أذناب البقر، ورضيتم بالزرع، وتركتم الجهاد، سلط الله عليكم ذلا لا ينزعه حتى ترجعوا إلى دينكم". رواية مسلم له عن حمران .
1) أبو أحمد بن عدي الجرجاني: أورد له أحاديث، وقال: له غير ما ذكرت وأرجو أنه لا بأس به.
2) أبو بكر البيهقي: ليس بالقوي.
3) أبو حاتم الرازي: ثقة صدوق يحتج به.
4) أبو داود السجستاني: لم يدرك ابن عباس ولا رآه.
5) أحمد بن حنبل: ثبت، وليس بمتروك الحديث.
6) أحمد بن شعيب النسائي: ليس به بأس.
7) الدارقطني: ثقة.
سعيد بن المسيب القرشي: سئل ذات مرة، وقيل له: حدثنا عنك عطاء الخراساني أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر الذي واقع في رمضان بكفارة الظهار قال: كذب ما حدثت.
9) شعبة بن الحجاج: كان نسيا.
10) محمد بن سعد كاتب الواقدي: ثقة.
11) يحيى بن سعيد القطان: سئل عن حديث ابن جريج عنه؟ قال: ضعيف، قيل له إنه يقول أخبرني؟ قال: لا شئ كله ضعيف، إنما هو كتاب دفعه إليه.
12) يحيى بن معين: ثقة. والغريب أن الرافضة نقلت أن البخاري ضعفهُ , ونقل عن الحافظ إبن حجر أن البخاري لم يخرج لعطاء الخرساني .