كذب الرافضة فقالوا : أحد رجال الشيخين مطعون في مروءتهِ [ذب عن البخاري] ..
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على خير المرسلين محمد بن عبد الله وعلى أله وصحبه أجمعين
إن من السفاهةِ بمكان , وسرقة النصوص أن تبترها وأن تأخذ ما تريد وتترك ما قد يفندُ ما تقول , فقد إطلعتُ على أحد أبحاث الرافضة وكلامهم في أحد رجال الشيخين وهو أحمد بن المقدام أبو الأشعث , وقال أنهُ مطعون في مروءتهِ وهذا إن صح فإنهُ لا يؤثر عليهِ إن كان من أهل الصدقِ , فما يفعلهُ عليه وإن كان من أهل الصدق فلنا ما يروي من الأخبار التي ثبت فيها أنهُ حدث بها ولا يمكن أن يطعن فيهِ كما قال بعض أهل العلم .
أَحْمَدُ بنُ المِقْدَامِ بنِ سُلَيْمَانَ بنِ أَشْعَثَ العِجْلِيُّ (خ، ت، س، ق)
الإِمَامُ، المُتْقِنُ، الحَافِظُ، أَبُو الأَشْعَثِ العِجْلِيُّ، البَصْرِيُّ.
سَمِعَ: حَمَّادَ بنَ زَيْدٍ، وَحَزْمَ بنَ أَبِي حَزْمٍ، وَعَبْدَ اللهِ بنَ جَعْفَرٍ المَدِيْنِيَّ، وَيَزِيْدَ بنَ زُرَيْعٍ، وَخَالِدَ بنَ الحَارِثِ، وَفُضَيْلَ بنَ عِيَاضٍ، وَعَثَّامَ بنَ عَلِيٍّ، وَمُعْتَمِرَ بنَ سُلَيْمَانَ، وَجَمَاعَةً.
حَدَّثَ عَنْهُ: البُخَارِيُّ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَالبَغَوِيُّ، وَابْنُ أَبِي دَاوُدَ، وَيَحْيَى بنُ صَاعِدٍ، وَعَلِيُّ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ مُبَشِّرٍ، وَأَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ الجَوْزَجَانِيُّ، وَالقَاضِي أَبُو عَبْدِ اللهِ المَحَامِلِيُّ، وَابْنُ خُزَيْمَةَ، وَالحُسَيْنُ بنُ يَحْيَى القَطَّانُ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
قَالَ النَّسَائِيُّ: ثِقَةٌ.
وَقَالَ ابْنُ خُزَيْمَةَ:كَانَ صَاحِبَ حَدِيْثٍ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: مَحَلُّهُ الصِّدْقُ.
قَالَ أَبُو الأَشْعَثِ: وُلِدتُ قَبْلَ مَوْتِ المَنْصُوْرِ بِسَنَتَيْنِ.
ثم نقل الرافضي ما قالهُ ابي داود في " أحمد بن المقدام " فقال : " قَالَ أَبُو دَاوُدَ: لاَ أُحَدِّثُ عَنْهُ، كَانَ يُعلِّمهُمُ المُجُونَ، كَانَ بِالبَصْرَةِ مُجَّانٌ، يُلقُونَ صُرَّةَ الدَّرَاهِمِ، ثُمَّ يَرقُبُونَهَا، فَإِذَا جَاءَ مَنْ يَرْفَعُهَا، صَاحُوا بِهِ، وَخَجَّلُوهُ.فَعَلَّمَهُم أَبُو الأَشْعَثِ أَنْ يَتَّخِذُوا صُرَّةً فِيْهَا زُجَاجٌ، فَإِذَا أَخَذُوا صُرَّةَ الدَّرَاهِمِ، فَصَاحَ صَاحِبُهَا، وَضَعُوا بَدَلَهَا فِي الحَالِ صُرَّةَ الزُّجَاجِ " . قال عنهُ الحافظ الذهبي كذلك : " يقع حديثه عاليا في جزء الحفار ، وفي " الثقفيات " ، وغير ذلك . وعاش بضعا وتسعين سنة . وكان أسند من بقي بالبصرة " .
قال المزي في تهذيب الكمال (1/489) : " وقال أبو أحمد بن عدي هو من أهل الصدق حدث عنه أئمة الناس وسمعت أبا عروبة يثني عليه ويفتخر حين لقيه وكتب عنه إسناده فإنه كان عنده إسناد لحماد بن زيد ونظرائه ورأيت غيره يصدرون به وما قاله أبو داود لا يؤثر فيه لأنه من أهل الصدق " وقال الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد (5/164) : " أخبرني محمد بن عمر بن بكير المقرئ أخبرنا أبو دلف عبد العزيز بن محمد بن احمد بن عبد العزيز حدثنا إبراهيم بن محمد بن إبراهيم البزار حدثنا أبو الأشعث قال كتب إلى قوم من أهل العسكر يسألوني أكتب لهم أحاديث فكتبت بها إليهم ثم كتبت إليهم ... هذا كتابي فافهموه فإنه ... كتابي إليكم والكتاب رسول ... ... هذا سماعي من رجال لقيتهم ... لهم ورع في دينهم وعقول ... ... فان شئتم فارووه عني فانكم ... تقولون ما قد قلته وأقول ... ... ألا فاحذروا التصحيف فيه فربما ... يغير من تصحيفه المعقول ... " وهذا مما يثبتُ انهُ من أهل الصدق ومن أهل التثبت في الأخبار والحديث .
فإن أحمد بن المقدام من الثقات , وما رمي بهِ لم يعد من المسقط للمروءة وإنهُ ليس بالمكره في ذلك الوقت , وقال الشيخ الدكتور علي الصياح نفع الله بهِ في بيان خوارم المروءة وقد أصل والحاصل عندي أن المروءة ليست بالضابط الكافِ لنقد الأحاديث وأخبار الرواة , فليست هي من منهجية أهل الجرح والتعديل وهي نسبية وتختلف من زمان إلي آخر , فإن هناك من الأفعال ما قد لا تحمد ولكن في زمان الراوي ليست بالمكروهة أبو بالمطلق عليها بالإسقاط وهكذا نفى المزي عنهُ ما قالهُ أبو داود رحمه الله تعالى .
وهي صيانة النفس عن الأدناس. وحاصل هذه المسألة : أن موقف المحدثين يختلف عن موقف الفقهاء والأصوليين ، إذ شدد فيها أولئك وردوا بها شهادة من طعن فيه بها .بينما نجد المحدثين ، وإن قرروا هذا المسلك من الناحية النظرية ،لم يحتفل بها جمهورهم من الناحية العملية ، فقبلوا الرواية من كثير ممن انخرمت مروءتهم ، حين لم يكن فيهم مطعن آخر في عدالتهم أو ضبطهم.
1. أمر متفق على حرمته ، كشرب الخمر. فهذه لا علاقة لها بهذا الشرط ، وإنما تلحق بشرط السلامة من الفسق.
2. أمور متخلف في حرمتها شرعاً ، كشرب النبيذ الذي لا يسكر إلا الكثير ، أو استعمال آلات اللهو ، والشطرنج ، فقد روعي فيها الخلاف ، ولذا لم يعتد بها أصلاً مستقلاً لرد الرواية . قال ابن الهمام : أما شرب النبيذ ، واللعب بالشطرنج ، وأكل متروك التسمية عمداً من مجتهد ومقلد ، فليس بفسق ).
3. الأمور المباحة ، فهذه لم تستقل برد مرويات الراوي . وإنما بأسباب ضعف أخرى .أما من لم يكن فيهم مطعن إلا هذه الخوارم ، فالجمهور احتجوا بهم ولم يلتفتوا إلى هذه الأمور. قال الخطيب البغدادي في الكفاية في علم الرواية : " وقد قال كثير من الناس: يجب أن يكون المحدث والشاهد مجتنبين لكثير من المباحات ،نحو: التبذل ،والجلوس للتنزه في الطرقات، والأكل في الأسواق ،وصحبة العامة الأرذال ،والبول على قوارع الطرقات ،والبول قائماً والانبساط إلى الخرق في المداعبة والمزاح ،وكل ما قد اتفق على أنه ناقص القدر والمروءة ، ورأوا أن فعل هذه الأمور يسقط العدالة ،ويوجب رد الشهادة ،والذي عندنا في هذا الباب رد خبر فاعلي المباحات إلى العالم ، والعمل في ذلك بما يقوى في نفسه ، فإن غلب على ظنه من أفعال مرتكب المباح المسقط للمروءة أنه مطبوع على فعل ذلك ، والتساهل به مع كونه ممن لا يحمل نفسه على الكذب في خبره وشهادته ،بل يرى إعظام ذلك وتحريمه والتنزه عنه قبل خبره وإن ضعفت هذه الحال في نفس العالم واتهمه عندها وجب عليه ترك العمل بخبره ورد شهادته.
أخبرنا عبيد الله بن عمر بن أحمد الواعظ، قال: حدثنا أبى ،قال: حدثنا الحسين بن صدقة ،قال: حدثنا ابن أبى خيثمة ،قال حدثنا يحيى بن معين ،عن وكيع قال: قال: شعبة لقيت ناجية الذي روى عنه أبو إسحاق فرأيته يلعب بالشطرنج فتركته فلم اكتب عنه، ثم كتبت عن رجل عنه. قلت: ألا ترى أن شعبة في الابتداء جعل لعبة الشطرنج مما يجرحه فتركه ،ثم استبان له صدقه في الرواية وسلامته من الكبائر فكتب حديثه نازلاً " إنتهى كلامهُ .
فإن المروءة ليست بالضابط المعتبر عند أهل الحديث المتقدمين في القدح في الرواة , فقد إعتبرها بعض المتاخرين سبباً للجرح إلا أن المتقدمين قد نفوا هذا الكلام ولم يعتبر عند أهل الحديث أن المروءة عامل أساسي في حال الراوي وأخبارهُ فحاصل الكلام أن أحمد بن المقدام من الثقات المعتبر حديثهم , وما تكلم فيهِ من قبل أبي داود رحمه الله تعالى ليس بذاك , أو ليس مقبولاً لأنهُ ثقة ولا يقدح بروايتهِ للحديث .
وفي توجيه النظر إلي أصول الأثر (1/249) : " وتعقب ابن عدي كلام أبي داود هذا فقال لا يؤثر ذلك فيه لأنه من أهل الصدق قلت ووجه عدم تأثيره فيه أنه لم يعلم المجان كما قال أبو داود وإنما علم المارة الذين كان قصد المجان أن يخجلوهم وكأنه كان يذهب مذهب من يؤدب بالمال فلهذا جوز للكارة أن يأخذوا الدرراهم تأديبا للمجان حتى لا يعودوا لتخجيل الناس مع احتمال ان يكونوا بعد ذلك أعادوا لهم دراهمهم والله اعلم وقد احتج به البخاري والترمذي والنسائي وابن خزيمة في صحيحه وغيرهم " . والله أعلم .
إن أصبتُ فمن الله وإن أخطأت فمن نفسي والشيطان .
كتبهُ /
أهل الحديث