من أوهام الرافضة.. طعن بلفظ [لا يصلين أحدٌ الظهر أو العصر] برواية الشيخين ..
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على خير المرسلين محمد بن عبد الله وعلى اله وصحبه أجمعين
إن من سوء فهم علم الحديث وأصولهِ , أن يأتي أحدٌ بإختلاف المتن عند أهل الحديث فيقول من لهُ اوهام ومن خان الأمانة العلمية , ذلك لا يستقيم وقد ترك الفهم الصحيح لنصوص العلم عند أهل الحديث والدراية وهذا جهلٌ لا يستقيمُ البتة فإن الصحيحن من إجماع الأمة على صحتهما , وإجماعُ الامة عصمةٌ كما ثبت في الروايات والأخبار فإن من جهل الرافضة أن رأيتُ لهم ما لا يرضاهُ عاقل ولا يرضاهُ طالبُ علم فقد إطلعتُ على الكثير من الأخبار والشبهات التي ألقاها , فوجدتُ فهماً منحرفاً لهذه الأخبار حتى تلاعبت أياديهم القذرة في النصوص ولوت أعناقها والله تعالى المستعان .
إشكالُ الرافضة : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسْمَاءَ حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ بْنُ أَسْمَاءَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْأَحْزَابِ لَا يُصَلِّيَنَّ أَحَدٌ الْعَصْرَ إِلَّا فِي بَنِي قُرَيْظَةَ فَأَدْرَكَ بَعْضُهُمْ الْعَصْرَ فِي الطَّرِيقِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا نُصَلِّي حَتَّى نَأْتِيَهَا وَقَالَ بَعْضُهُمْ بَلْ نُصَلِّي لَمْ يُرِدْ مِنَّا ذَلِكَ فَذُكِرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ يُعَنِّفْ وَاحِدًا مِنْهُمْ . أخرجهُ الإمام البخاري .
وحَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسْمَاءَ الضُّبَعِيُّ حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ بْنُ أَسْمَاءَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ نَادَى فِينَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ انْصَرَفَ عَنْ الْأَحْزَابِ أَنْ لَا يُصَلِّيَنَّ أَحَدٌ الظُّهْرَ إِلَّا فِي بَنِي قُرَيْظَةَ فَتَخَوَّفَ نَاسٌ فَوْتَ الْوَقْتِ فَصَلَّوْا دُونَ بَنِي قُرَيْظَةَ وَقَالَ آخَرُونَ لَا نُصَلِّي إِلَّا حَيْثُ أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنْ فَاتَنَا الْوَقْتُ قَالَ فَمَا عَنَّفَ وَاحِدًا مِنْ الْفَرِيقَيْنِ . أخرجهُ الإمام مسلم .
فقد طعن الرافضي في المحدثين , وفي الصحيحن لأن اللفظان إختلفا فالمتنُ إختلف ولكن هذا لا يقدح في صحة الأخبار والروايات , كذلك لا يعني أن يقال في محدثي أهل الحق " خان الأمانة العلمية " هذا جهلٌ صريح وقبحٌ مرير من أعداء هذا الدين فإن الإمام مسلم لم يشترط الإلتقاء كما إشترط الإمام البخاري رحمه الله تعالى ولهذا نقول أن شرط الإمام البخاري أقوى من شرط الإمام مسلم , فإن الجهل قد أطبق على كثيرٍ من أهل البدعة فطعنوا بما لا يدرون ولا يفقهون من علم الحديث وأصولهِ ونردُ بالآتي .
قال الإمام النووي رحمه الله في الشرح (6/220) : " أما جمعهم بين الروايتين في كونها الظهر والعصر ، فمحمول على أن هذا الأمر كان بعد دخول وقت الظهر وقد صلى الظهر بالمدينة بعضهم دون بعض ، فقيل للذين لم يصلوا الظهر : لا تصلوا الظهر إلا في بني قريظة ، وللذين صلوا بالمدينة : لا تصلوا العصر إلا في بني قريظة ، ويحتمل أنه قيل للجميع : ولا تصلوا العصر ولا الظهر إلى في بني قريظة ويحتمل أنه قيل للذين ذهبوا أولا : لا تصلوا الظهر إلا في بني قريظة ، وللذين ذهبوا بعدهم : لا تصلوا العصر إلا في بني قريظة . والله أعلم " . فلا أدري هل خفي على أهل البدعةِ ان يقع الجمعُ بين الحديثين وهناك كتاب شيق وماتع وهو " الجمع بين الصحيحن " .
وقال إبن حجر في الشرح (11/452) : " وجمع بعضهم باحتمال أن تكون طائفة منهم راحت بعد طائفة فقيل للطائفة الأولى الظهر وقيل للطائفة التي بعدها العصر ، وكلاهما جمع لا بأس به " ثم ساق رحمهُ الله تعالى كلاماً طويلاً في الإختلاف في اللفظين والحصيلة أن كلاا للفظين لا بأس بهما عند أهل الحديث والدراية بهذا الفن العظيم .
وفي مسند الصحابة في الكتب التسعة (14/70) : " حدثني عبد الله بن محمد بن أسماء الضبعي حدثنا جويرية بن أسماء عن نافع عن عبد الله قال نادى فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم انصرف عن الأحزاب أن لا يصلين أحد الظهر إلا في بني قريظة فتخوف ناس فوت الوقت فصلوا دون بني قريظة وقال آخرون لا نصلي إلا حيث أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وإن فاتنا الوقت قال فما عنف واحدا من الفريقين " كذلك عنك الإمام مسلم : " وحدثني عبدالله بن محمد بن أسماء الضبعي حدثنا جويرية بن أسماء عن نافع عن عبدالله قال : نادى فينا رسول الله صلى الله عليه و سلم يوم انصرف عن الأحزاب ( أن لا يصلين أحد الظهر إلا في بني قريظة ) فتخوف ناس فوت الوقت فصلوا دون بني قريظة وقال آخرون لا نصلي إلا حيث أمرنا رسول الله صلى الله عليه و سلم وإن فاتنا الوقت قال فما عنف واحدا من الفريقين " , وأخرج لفظ " لا يصلين الظهر " أبو عوانة في مستخرجهِ إن لم تخني ذاكرتي هذه المرة .
قال الشيخ سعد بن عبد الله الحميد حفظه الله تعالى : " فحديث: « لا يُصَلِّيَنَّ أحد العصر إلاَّ في بني قريظة » الذي جرى السؤال عنه: مداره على جويرية بن أسماء الضُّبَعي، يرويه عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما.
ورواه عن جويرية راويان: أحدهما: مالك بن إسماعيل النَّهدي، وروايته أخرجها ابن سعد في "الطبقات" (2/76)، وابن حبان في "صحيحه" (1462)، والبيهقي في "دلائل النبوة" (4/6)، ووقع عندهم: «الظهر» بدل «العصر».
والراوي الثاني عن جويرية هو: عبد الله بن محمد بن أسماء، ورواه عنه البخاري في "صحيحه" (946 و4119)، وهو الذي وقع عنده: « لا يصلين أحد العصر » .
ورواه مسلم في "صحيحه" (1770) عن عبد الله بن محمد بن أسماء هذا بلفظ: « لا يصلين أحد الظهر » . وقد رواه أيضًا أبو يعلى في "معجم شيوخه" (209)، عن عبد الله بن محمد بن أسماء مثل رواية مسلم: « لا يصلين أحد الظهر » .
ومن طريق أبي يعلى رواه ابن حبان في "صحيحه" (4719)، والبيهقي في "الدلائل" (4/6-7)، والخطيب في "الفقيه والمتفقه" (1/480).وكذا أخرجه البيهقي في "سننه" (10/119) من طريق إبراهيم بن هاشم البغوي، عن عبد الله بن محمد بن أسماء، به مثل رواية مسلم وأبي يعلى.وقد أشار البيهقي لهذا الاختلاف في "الدلائل" (4/7)، ولم يرجِّح، ونقل عن الإسماعيلي مايشعر باستغرابه للفظة الظهر.
وأخرجه أبو عوانة في "مسنده" (4/264)، فقال: « حدثنا أبو المثنى معاذ بن المثنى العنبري وأبو الأحوص صاحبنا، قالا: ثنا عبد الله بن محمد بن أسماء... »، فذكره، ثم قال: « قال أحدهما: "العصر" بدل "الظهر" »، يعني أن أحد شيخيه تابع البخاري في ذكر العصر، والآخر تابع مسلمًا وأبا يعلى والبغوي في ذكر الظهر .
وذكر الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (7/408) أن أبا نعيم الأصبهاني رواه في "المستخرج" من طريق أبي حفص السُّلمي، عن جويرية، وقال فيه: «العصر» أيضًا، ويحسن هنا نقل كلامه (أعني ابن حجر) فهو أحسن من رأيته تكلَّم على هذا الخلاف؛ حيث قال: « قوله: (لا يصلين أحد العصر ): كذا وقع في جميع النسخ عند البخاري، ووقع في جميع النسخ عند مسلم: (الظهر) مع اتفاق البخاري ومسلم على روايته عن شيخ واحد بإسناد واحد، وقد وافق مسلمًا أبو يعلى وآخرون، وكذلك أخرجه ابن سعد عن أبي عتبان مالك بن إسماعيل، عن جويرية بلفظ: (الظهر)، وابن حبان من طريق أبي عتبان كذلك، ولم أره من رواية جويرية إلا بلفظ: (الظهر)، غير أن أبا نعيم في "المستخرج" أخرجه من طريق أبي حفص السلمي، عن جويرية فقال: (العصر)، وأما أصحاب المغازي فاتفقوا على أنها العصر ، .... وكذلك أخرجه الطبراني والبيهقي في "الدلائل" بإسناد صحيح إلى الزهري، عن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك، عن عمه عبيد الله بن كعب: ( ... فعزم على الناس أن لا يصلوا العصر حتى يأتوا بني قريظة) وأخرجه الطبراني من هذا الوجه موصولاً بذكر كعب بن مالك فيه، وللبيهقي من طريق القاسم بن محمد، عن عائشة- رضي الله عنها- نحوه مطولاً، وفيه: (فصلت طائفة إيمانا واحتسابا وتركت طائفة إيمانًا واحتسابًا)، وهذا كله يؤيد رواية البخاري في أنها العصر. وقد جمع بعض العلماء بين الروايتين باحتمال أن يكون بعضهم قَبْلَ الأمر كان صلى الظهر، وبعضهم لم يصلها، فقيل لمن لم يصلها: (لا يصلين أحد الظهر) ولمن صلاها: (لا يصلين أحد العصر) . وجمع بعضهم باحتمال أن تكون طائفة منهم راحت بعد طائفة، فقيل للطائفة الأولى: (الظهر) وقيل للطائفة التي بعدها: (العصر)، وكلاهما جمع لا بأس به، لكن يبعده اتحاد مخرج الحديث؛ لأنه عند الشيخين كما بيناه بإسناد واحد من مبدئه إلى منتهاه، فيبعد أن يكون كلٌّ من رجال إسناده قد حدث به على الوجهين، إذ لو كان كذلك لحمله واحد منهم عن بعض رواته على الوجهين ولم يوجد ذلك. ثم تأكد عندي أن الاختلاف في اللفظ المذكور من حفظ بعض رواته، فإن سياق البخاري وحده مخالف لسياق كلِّ من رواه عن عبد الله بن محمد بن أسماء، وعن عمه جويرية، ولفظ البخاري: (قال النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يصلين أحد العصر إلا في بني قريظة، فأدرك بعضهم العصر في الطريق، فقال بعضهم : لا نصلي حتى نأتيها . وقال بعضهم: بل نصلي، لم يرد منا ذلك . فذكر للنبي - صلى الله عليه وسلم - فلم يعنف واحدًا منهم)، ولفظ مسلم وسائر من رواه: (نادى فينا رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يوم انصرف عن الأحزاب ألا يصلين أحد الظهر إلا في بني قريظة، فتخوف ناس فوت الوقت فصلوا دون بني قريظة، وقال آخرون : لا نصلي إلا حيث أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وإن فاتنا الوقت، قال فما عنف واحداً من الفريقين). فالذي يظهر من تغاير اللفظين أن عبد الله بن محمد بن أسماء شيخ الشيخين فيه لما حدث به البخاري حدث به على هذا اللفظ، ولما حدث به الباقين حدثهم به على اللفظ الأخير وهو اللفظ الذي حدث به جويرية، بدليل موافقة أبي عتبان له عليه، بخلاف اللفظ الذي حدث به البخاري، أو أن البخاري كتبه من حفظه ولم يراع اللفظ كما عرف من مذهبه في تجويز ذلك، بخلاف مسلم فإنه يحافظ على اللفظ كثيراً، وإنما لم يجوز عكسه لموافقة من وافق مسلمًا على لفظه بخلاف البخاري، لكن موافقة أبي حفص السلمي له تؤيد الاحتمال الأول، وهذا كله من حيث حديث ابن عمر، أما بالنظر إلى حديث غيره فالاحتمالان المتقدمان في كونه قال الظهر لطائفة والعصر لطائفة متجه فيحتمل أن تكون رواية الظهر هي التي سمعها ابن عمر، ورواية العصر هي التي سمعها كعب بن مالك وعائشة - رضي الله عنها - والله أعلم » . اهـ " إنتهى كلام الشيخ حفظه الله تعالى فإن الحافظ إبن حجر رحمه الله تعالى وضح الخلاف كاملاً وكان من الرافضة أن دلست الكلام لكي تطعن في الشيخين وفي أهل الحديث وذلك والله تعالى أعلم من فرط جهلهم .
كتبهُ /
أهل الحديث