الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خير المرسلين محمد بن عبد الله وعلى أله وصحبه أجمعين , فإن من سخافة العقل أن يأتي جاهلٌ بعلم الحديث ويطعن في مسند الإمام أحمد بن حنبل , وبدأت الرافضة تطبل لإشكالات وضعها أحدُ أتباع اللامرادي حول مسند الإمام أحمد بن حنبل , فلله العجب فإن أسانيد الإمام أحمد جياد وغاية في الصحة , وثبتت رواية إبن المذهب عن القُطيعي وغيرها وسنبينُ بحول الله تبارك وتعالى بعض هذه الإشكالات السخيفة حول مسند الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى .
الإشكال الأول : قال الرافضي : " متى سمع ( ابن المذهب ) المسند من ( القطيعي ) قبل الإختلاط أم بعده ؟ وكم كان عمر ابن المذهب حينما سمع المسند كاملا من القطيعي !!! " . قلنا ما تركَ في الأرض أناسُ بهذا الجهل مثلكم نسأل الله تعالى العافية وهذه الإجابةُ واضحة على ما أشكلهُ سخافاء العقل على سماع إبن المذهب من القطيعي مسند الإمام أحمد بن حنبل , ورداً على أهل البدع إن شاء الله .
الإجابة : قال الحافظ الذهبي في سير أعلام النبلاء : " سمع من : أبي بكر القطيعي " المسند " ، و " الزهد " ، و " فضائل الصحابة " ، وغير ذلك " فكما نرى أن الحافظ الذهبي أشار إلي سماع المسند من القطيعي رحمهم الله تعالى , وقال كذلك : " قال الخطيب كتبت عنه ، وكان يروي عن القطيعي " مسند " أحمد بأسره ، وكان سماعه صحيحا إلا في أجزاء منه ، فإنه ألحق اسمه " . فقد أثبت سماع إبن المذهب الحديث والمسند من أبي بكر القطيعي رحمه الله تعالى وسنأتي على توثيق أبي بكر القطيعي .
قال في ترجمة عبد الله بن أحمد : " رواه عنه جماعة ، وسمع أبو نعيم الحافظ كثيرا منه من أبي علي بن الصواف ، وعامته من أبي بكر القطيعي ، وحدث القطيعي مرات ، وقرأه عليه أبو عبد الله الحاكم ، وغيره ، ولم يكن القطيعي من فرسان الحديث ، ولا مجودا ، بل أدى ما تحمله ، إن سلم من أوهام في بعض الأسانيد والمتون " وهذا لا يقدحُ في روايتهِ لمسند الإمام أحمد بن حنبل , وإن شاء الله سنبينُ هذا في الكلام .
ومما يعضدُ رواية المسند وإسنادهِ : " ثم حدَّث بالكتاب كله آخر أصحاب ابن المذهب وفاة : الشيخ الرئيس الكاتب أبو القاسم هبة الله بن محمد الشيباني بن الحصين ، شيخ جليل مسند ، انتهى إليه علو الإسناد ، بمثل قبة الإسلام بغداد ، وكان عريًّا من معرفة هذا الشأن أيضا ، روى الكتاب عنه خلق كثير ، من جملتهم : أبو محمد بن الخشاب إمام العربية ، والحافظ أبو الفضل بن ناصر ، والإمام ذو الفنون أبو الفرج ابن الجوزي ، والحافظ الكبير أبو موسى المديني ، والحافظ العلامة شيخ همذان أبو العلاء العطار ، والحافظ الكبير أبو القاسم بن عساكر ، والقاضي أبو الفتح بن المندائي الواسطي ، والشيخ عبد الله بن أبي المجد الحربي ، والمبارك بن المعطوش ، والشيخ المبارك حنبل بن عبد الله الرصافي ، وآخرين " فإن هذه الأخبار وروايته للمسند تقوي الإسناد .
ومثالٌ على العلو في إسناد إبن المذهب والقُطيعي وقد ثبت رواية سند كتاب المسند للإمام أحمد بن حنبل عن خلقٍ كثير : " أخبرنا عبد الرحمن بن محمد الفقيه ، والمسلم بن محمد الكاتب كتابة ، قالا : أخبرنا حنبل بن عبد الله ، أخبرنا هبة الله بن الحصين ، أخبرنا أبو علي بن المذهب ، أخبرنا أحمد بن جعفر القطيعي ، حدثنا عبد الله بن أحمد ، حدثني أبي ، حدثنا ابن نمير ، حدثنا سفيان ، عن سمي ، عن النعمان بن أبي عياش ، عن أبي سعيد قال : قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : لا يَصُومُ عَبْدٌ يَوْمًا في سَبِيلِ اللهِ ، إلاَّ بَاعَدَ اللهُ بذلكَ اليومِ النَّارَ عن وَجْهِهِ سَبْعِينَ خَرِيفًا وبه : حدثني أبي ، أخبرنا محمد بن جعفر ، عن ابن أبي عروبة ، عن قتادة ، عن طارق بن مرقع ، عن صفوان بن أمية : أنَّ رَجُلاً سرَقَ بُرْدَةً له، فَرَفَعَهُ إلى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - فأَمَرَ بِقَطْعِهِ ، فقال : يا رسول الله ! قد تَجَاوَزْتُ عنه. قال : فلولا كانَ هذا قبْلَ أن تَأْتِيَنِي به يا أبا وَهْبِ . فَقَطَعَهُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم . أخرجهما النسائي في "سننه" عن عبد الله بن أحمد ، فوقعا عاليين " فلا يمكن أن يقع الإشكال في رواية المسند .
ثم أشكل الرافضة حول " ضعف " إبن المذهب والقطيعي والإجابة عند إبن حجر العسقلاني رحمه الله تعالى قال الحافظ في اللسان (1/145) : " أحمد بن جعفر بن حمدان بن مالك أبو بكر القطيعي صدوق في نفسه مقبول تغير قليلا قال الخطيب لا أعلم أحدا ترك الاحتجاج به وقال الحاكم ثقة مأمون وقال أبو عمرو بن الصلاح خرف في آخر عمره متى كان لا يعرف شيئا مما يقرأ عليه ذكر هذا أبو الحسن بن الفرات قلت فهذا القول غلو وإسراف وقد كان أبو بكر أسند أهل زمانه مات في آخر سنة ثمان وستين وثلاث مائة وله خمس وتسعون سنة قال بن أبي الفوارس لم يكن في الحديث بذاك له في بعض مسند أحمد أصول فيها نظر وقال البرقاني غرقت قطعة من كتبه فنسخها من كتاب ذكروا أنه لم يكن سماعه فيه فغمزوه لأجل ذلك وإلا فهو ثقة وكنت شديد التنقير والتنفير عنه حتى تبين عندي أنه صدوق لا يشك في سماعه قال وسمعت أنه مجاب الدعوة قلت سمع الكديمي وبشر بن موسى انتهى وإنكار الذهبي على بن الفرات عجيب فإنه لم ينفرد بذلك فقد حكى الخطيب في ترجمة أحمد بن أحمد المسيبي يقول قدمت بغداد وأبو بكر بن مالك حي وكان مقصودنا درس الفقه والفرائض فقال لنا بن اللبان الفرضي لا تذهبوا إلى بن مالك فإنه قد ضعف واختل ومنعت ابني السماع منه قال فلم يذهب إليه قلت كان سماع أبي علي بن المذهب منه لمسند الإمام أحمد قبل اختلاطه أفاده شيخنا أبو الفضل بن الحسن والحكاية التي حكاها بن الصلاح عن بن الفرات قد ذكرها الخطيب في تاريخه عنه والعجب من الذهبي يرد قول بن الفرات ثم يقول في آخر ترجمة الحسن بن علي التميمي الراوي عن القطيعي ما سيأتي فليتأمل وقد سمع القطيعي من أبي مسلم الكجي وغيره ومن عبد الله بن أحمد مع المسند الزهد الكبير وتفرد بهما والآخر القطيعات الخمسة في نهاية العلو لأصحاب الفخر بن النجار بينهم وبينه في مدة أربع مائة سنة ونيف أربعة أنفس لا غير " .
وفي فتح المغيث (3/385) : " وبالجملة فسماع أبي علي للمسند منه قبل اختلاطه كما نقله شيخنا عن شيخه المصنف " , وللشيخ الألباني رحمه الله تعالى رسالة كاملة في الذب عن مسند الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى وهي كاملة وطيبة في بيان حقيقة رواية القُطيعي لمسند الإمام أحمد بن حنبل وقد تقدم فالقطيعي وثقهُ غير واحد من أهل العلم , وأما إبن المذهب : " وكان صاحبَ حديث وطلب ، وغيره أقوى منه ، وأمثل منه " ثم تكلم الرافضة في ما نقلهُ الحافظ إبن حجر في لسان الميزان والغريب أنهم تكلموا فيهِ بجهلٍ لم أعهد لهُ مثيلاً من قبل فلله العجب ما أكثر تراهات الرافضة .
قولهُ حول قول الذهبي " ليس بالمتقن " فيه مغالطة وهذا جهلٌ عظيم وسخافةُ عقل فقول الحافظ الذهبي ليس بالمغالطة بل المغالطة في عقل الرافضي إذ تكلم في كلام أهل الحديث بلا علم ولا دراية , ثم قال أن رواية الحراني ليست بشيء فيبقى الإشكال هذا ما لم يكن بالحسبان فقد أباد الرافضي بجهله كل من حولهُ , لا إله إلا الله ما هذا بعلمٍ والله إنما هذا جهل وطعن في مسند الإمام أحمد بن حنبل بلا دراية وإنما نقل عن من رد عليه الشيخ الألباني رحمه الله تعالى وهذا من جهل أهل الضلال .
ثم طعن في كلام الجزري الثائل : " هذا قول آخر للجزري المتوفي سنة 833 .. حيث يقول في ابن المذهب
ولد سنة خمس وخمسين وسمع المسند وهو ابن عشر من القطيعي ) بل أين الإشكال في سماعهِ المسند وهو إبن عشر سنين قال النبي صلى الله عليه وسلم علموهم الصلاة على سبع وإضربوهم على عشر , ومن المعروف أن الذي يكونُ في مثل هذا السن يحفظ ما يسمعهُ بالعناية التي يعتنى بهِ , فأين الإشكال في كلام الجزري ولكن الرافضة ما وعت وما فهمت ما تنقل لله المشتكى .
فطعن في كلام الشيخ الألباني في الذب عن المسند بما لا يملكهُ من العلم والجهل المفرط فتكلم بجهلٍ وطعن في الشيخ بما يقتضيهِ هواهُ , وقد بين الشيخ في الكتاب كاملاً صغر سن إبن المذهب ولا إشكال في سماعهِ في صغر سنهِ , كذلك فالإمام الشافعي حدث في صغر سنهِ , وإختلاطهِ ليس بالعلة القادحة فقد ثبت سماع إبن المذهب منهُ المسند قبل الإختلاط , وغيرهُ سمع واحد مسند الإمام أحمد بن حنبل وفي الوثيقة التي نقلها الرافضة من كتاب ذب الشيخ الألباني عن مسند الإمام أحمد مما يثبت ضعف العلم عند هؤلاء فقد رد الشيخ حول رواية القطيعي ونسبة إختلال عقلهِ , ثم تكلم حول النفي وقال هذا تدليس , ولكن ثبت كما هو في القرائن وفي كتاب الشيخ الألباني رحمه الله تعالى سماعه قبل الإختلاط فما بال الرافضة لا تملك من العلم شيئاً .. !!