إسكاتُ الخسيس الطاعن في عثمان الخميس حديث [وعلي يقاتل على تأويله] ..
قال الشيخ عثمان الخميس في كتابه كشف الجاني صفحة 182 وهو يرد على الدكتور التيجاني حفظه الله مضعفاً حديث ( أنا قاتلت على تنزيل القرآن وعلي يقاتل على تأويله ) : ( فيه الحارث بن حصيرة عن جابر الجعفي وهو مذكور في المراجعات للموسوي ص 420 والجعفي كذاب ، والحارث متهم في دينه ) .
حاول الرافضة الطعن في فضيلة الشيخ عثمان الخميس في تضعيفهِ هذا الخبر , وكانت العلة في رواية " جابر بن يزيد الجعفي " و " الحارث بن حصيرة " وفيهم نظر فالحديث علتهُ واضحة , بل لا يختلف فيها بشر والحقيقة أن الرافضة بفهمهم النصوص بهذه الطريقة الملتوية , ومحاولتهم تصحيح الخبر إنهُ لعينُ الضلال , وفي الإصابة في تمييز الصحابة (1/37) : " الأخضر بن أبي الأخضر الأنصاري ذكره بن السكن وروى من طريق الحارث بن حصيرة عن جابر الجعفي عن محمد بن علي بن الحسين عن أبيه عن الأخضر بن أبي الأخضر عن النبي صلى الله عليه و سلم قال أنا أقاتل على تنزيل القرآن وعلي يقاتل على تأويله وقال بن السكن هو غير مشهور في الصحابة وفي إسناد حديثه نظر وأشار الدار قطني إلى أن جابرا تفرد به وجابر رافضي " . وقال الإمام الألباني (10/415) : " ضعيف " , فالخبر ضعيف وإتفق أهل العلم على ضعف جابر الجعفي .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 10/ 569 :
$ضعيف جدا$
أخرجه ابن السكن في "الصحابة" من طريق الحارث بن حصيرة عن جابر الجعفي عن محمد بن علي بن الحسين عن أبيه عن الأخضر ابن أبي الأخضر عن النبي صلي الله عليه وسلم به . وقال :
"الأخضر غير مشهور في الصحابة ، وفي إسناد حديثه نظر" .
كذا في "الإصابة" للحافظ ابن حجر . وقال :
"وأشار الدارقطني إلى أن جابرا تفرد به . وجابر رافضي" .
قلت : وهو - إلى ذلك - متروك متهم ، فهو آفة الحديث ، وإن كان الحارث بن حصيرة شيعيا أيضا ، ولكنه قد وثق ؛ كما سبق مرارا .
وفي الكامل في ضعفاء الرجال (2/113) : " جابر بن يزيد الجعفي كوفي يقال كنيته أبو زيد ويقال أبو عبد الله ثنا أحمد بن علي المدائني ثنا أبو أمية محمد بن إبراهيم ثنا موسى بن إسماعيل ثنا سلام بن أبي مطيع قال قال لي جابر الجعفي عندي خمسين ألف باب من العلم ما حدثت به أحدا قال فأتيت أيوب فذكرت له ذلك فقال أما انه الآن فهو كذاب ثنا بن حماد قال قال السعدي ثنا أحمد بن يونس ثنا زهير سمعت جابر بن يزيد يقول عندي خمسين ألف حديث ما حدثت فيها بحديث فحدثنا يوما بحديث فقال هذا من الخمسين ألف ثنا الساجي ثنا أحمد بن محمد قال سمعت عبد الرحمن بن شريك بن عبد الله يقول كان عند أبي عشرة آلاف مسألة عن جابر الجعفي حدثنا بن حماد قال وقال أبو سعيد الحداد ثنا يحيى بن سعيد الأموي عن إسماعيل بن أبي خالد قال قال الشعبي يا جابر لا تموت حتى تكذب على رسول الله صلى الله عليه و سلم قال إسماعيل ما مضت الأيام والليالي حتى اتهم بالكذب ثنا الحسين بن عبد الله القطان ثنا أحمد بن أبي الحواري سمعت أبا يحيى الحماني يقول سمعت أبا حنيفة يقول ما رأيت فيمن رأيت أفضل من عطاء ولا لقيت فيمن لقيت أكذب من جابر الجعفي ما أتبته قط بشيء من رأيه الا جاءني فيه بحديث وزعم ان عنده كذا وكذا ألف حديث عن رسول الله صلى الله عليه و سلم لم يظهرها ثنا عبد الله بن محمد بن عبد العزيز ثنا محمود بن غيلان ثنا عبد الحميد الحماني سمعت أبا سعد الصاغاني يقول جاء رجل الى أبي حنيفة فقال ما ترى في الأخذ عن الثوري فقال اكتب عنه ما خلا حديث أبي إسحاق عن الحارث عن علي وحديث جابر الجعفي سمعت عبد الله يقول قال عبد الحميد الحماني عن أبي حنيفة قال ما رأيت أكذب من جابر ثنا بن أبي بكر ثنا عباس وثنا بن حماد قال قال عباس ثنا عبد الحميد بن بشمين عن أبي حنيفة قال ما رأيت أحدا أكذب من جابر الجعفي ثنا عمران بن موسى ثنا أبو معمر قال ثنا جرير عن ثعلبة قال أردت جابر الجعفي فقال لي ليث بن أبي سليم لا تأته فإنه كذاب ثناه أحمد بن حفص ثنا أبو معمر ثنا جرير عن ثعلبة قال قال ليث بن أبي سليم لا تأت جابرا الجعفي فإنه كذاب وقال النسائي جابر بن يزيد الجعفي كوفي متروك الحديث ثنا الحسين بن يوسف ثنا أبو عيسى الترمذي سمعت محمد بن بشار يقول سمعت عبد الرحمن بن مهدي يقول ألا تعجبون من سفيان بن عيينة لقد تركت جابر الجعفي يقوله لما حكى عنه أكثر من ألف حديث ثم هو يحدث عنه قال محمد بن بشار ترك عبد الرحمن بن مهدي حديث جابر الجعفي ثنا محمد بن أحمد بن الحسين الأهوازي ثنا يوسف بن يزيد أبو يزيد ثنا نعيم بن حماد ثنا أبو معاوية الضرير قال جاء الأشعث بن سوار الى الأعمش فسأله عن حديث فقال ألست الذي تروي عن جابر الجعفي لا ولا نصف حديث ثنا بن حماد ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل حدثني عبد الله بن عمر بن أبان ثنا أبو معاوية قال سمعت الأعمش قال أليس أشعث بن سوار سألني عن حديث فقلت لا ولا نصف حديث أليس أنت الذي تحدث عن رجل عن جابر الجعفي ثنا أحمد بن الحسين الصوفي ثنا عثمان بن أبي شيبة ثنا جرير قال وسمعته يقول أدركت جابرا الجعفي وطلبت الحديث وهو حي فلم استحل أن أسمع منه ثنا أحمد ثنا عثمان حدثني أبي عن جدي قال ان كنت لآتي جابر الجعفي في وقت ليس فيه خيار ولا قثاء فيتحول حول خوخة ثم يخرج الي بخيار وقثاء فيقول هذا في بستاني ثنا المرزباني ثنا يوسف بن موسى سمعت يحيى بن يعلى المحاربي يقول طرح زائدة حديث جابر الجعفي ثنا بن حماد قال عباس سمعت يحيى بن يعلى المحاربي عن زائدة قال كان جابر الجعفي كذابا يؤمن بالرجعة ثنا بن أبي بكر ثنا عباس ثنا يحيى بن يعلى عن زائدة مثله ثنا بن حماد ثنا العباس سمعت يحيى بن معين يقول لم يدع جابر الجعفي من رآه الا زائدة وكان جابر الجعفي كذابا لا يكتب حديثه ولا كرامة ليس بشيء ثنا يعقوب بن إسحاق وابن أبي بكر قالا ثنا عباس قال سمعت يحيى بن معين يقول جابر الجعفي لا يكتب حديثه ولا كرامة أخبرنا بن أبي بكر ثنا عباس سمعت يحيى يقول جابر الجعفي ليس بشيء ولم يدع جابر ممن رآه الا زائدة وكان جابر كذابا ثنا أحمد بن محمد بن زنجويه ثنا أبو أمية محمد بن إبراهيم ثنا شهاب بن عباد قال سمعتت أبا الأحوص يقول كنت إذا مررت بجابر الجعفي سألت ربي العافية وذكر شهاب سمعت بن عيينة يقول تركت جابر الجعفي وما سمعت منه قال دعا رسول الله صلى الله عليه و سلم عليا يعلمه ما يعلمه ثم دعا علي الحسن فعلمه ما يعلم ثم دعا الحسن الحسين فعلمه ما يعلم حتى بلغ جعفر بن محمد قال فتركته لذلك ولم اسمع منه ثنا علي بن الحسن بن خلف بن قديد المصري ثنا عبيد الله بن يزيد بن العوام قال سمعت إسحاق بن مطهر يقول سمعت الحميدي يقول سمعت سفيان الثوري يقول سمعت جابر الجعفي يقول انتقل العلم الذي كان في النبي صلى الله عليه و سلم الى علي ثم انتقل من علي الى الحسين بن علي ثم لم يزل حتى بلغ جفر بن محمد قال وقد رأيت جعفر بن محمد حدثنا الحسين بن محمد بن الضحاك ويحيى بن زكريا بن حيويه ومحمد بن يحيى بن آدم وإسماعيل بن وردان كلهم بمصر قالوا ثنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم قال سمعت الشافعي يقول سمعت بن عيينة يقول سمعت من جابر الجعفي كلاما بادرت خفت أن يقع علينا السقف ثنا أسامة بن أحمد التجيبي حدثني محمد بن عبد الله بن عبد الحكم أخبرنا الشافعي أخبرني سفيان بن عيينة قال كنا فوق منزل جابر الجعفي فتكلم بشيء فنزلت أنا قد خفت أن يقع علي السقف أرنا الساجي ثنا محمد بن خالد ثنا المقدمي عن الشافعي قال قال لي بن عيينة حدثني جابر الجعفي عن عبد الله بن نجي وكان جابر يؤمن بالرجعة سمعت الساجي يقول سمعت بن المثنى يقول ما سمعت يحيى ولا عبد الرحمن حدثا عن جابر الجعفي شيئا قط كتب الي محمد بن الحسن ثنا عمرو بن علي قال وكان يحيى وعبد الرحمن لا يحدثنان عن جابر الجعفي وكان عبد الرحمن قبل ذلك يحدثنا عنه ثم تركه حدثنا بن حماد ثنا عبد الله بن أحمد عن أبيه قال ترك يحيى القطان جابر الجعفي وحدثنا عنه بن مهدي حدثنا عن سفيان وشيبان عن جابر ثم تركه بآخره وترك يحيى حديث جابر بآخره سمعت بن حماد يقول قال البخاري جابر بن يزيد الجعفي تركه يحيى بن سعيد وعبد الرحمن بن مهدي قال علي أراه أبو يزيد قال أبو نعيم مات سنة ثمان وعشرين ومائة وقال يحيى بن سعيد تركنا جابر قبل أن يقدم علينا الثوري سمعت بن حماد يقول قال السعدي جابر بن يزيد كذاب سألت عنه أحمد بن حنبل فقال تركه بن مهدي فاستراح سمعت الساجي يقول سمعت بندار يقول ضرب عبد الرحمن بن مهدي على نيف وثمانين شيخا حدث عنهم الثوري كان يحيى القطان يقول تركت جابر الجعفي قبل ان يقدم علينا الثوري ثنا أحمد بن الحسين القمي ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال أبي ترك أحاديث يحيى جابر الجعفي وثنا عنه بن مهدي ثم تركه بعده حدثنا بن حماد قال ثنا إسماعيل بن إسحاق ثنا علي قال لا أروي عن جابر الجعفي وجدت في كتاب عبد الرحمن بن أبي بكر الرازي ثنا أبي سمعت زكريا بن عدي يقول ما أحب أن أروي عن جابر ثنا محمد بن علي المروزي ثنا عثمان بن سعيد الدارمي قلت ليحيى بن معين فجابر الجعفي لم يضعف قال يضعفونه كتب الي بن أيوب ثنا أبو غسان قال سمعت جريرا يقول لقيت جابر الجعفي فلم أكتب عنه لأنه كان يؤمن بالرجعة أرنا الحسين بن عبد الله القطان ثنا إسحاق بن موسى سمعت سفيان بن عيينة يقول كان جابر الجعفي يؤمن بالرجعة أرنا الحسين ثنا إسحاق سمعت أبا جميلة يقول قلت فجابر كيف يسلم على المهدي قال ان قلت لك كفرت ثنا الساجي وأحمد بن محمد بن عمر قالا ثنا سلمة بن شبيب ثنا الحميدي عن بن عيينة قال سمعت رجلا سأل جابر الجعفي عن قوله فلن أبرح الأرض حتى يأذن لي أبي قال جابر لم يجئ تأويلها وقال بن عيينة كذب قلت وما أراد بها قال الرافضة تقول ان عليا في السماء لا يخرج مع من خرج من ولده حتى ينادي مناد من السماء اخرجوا مع فلان يقول جابر هذا تأويل هذا لأنه كان يؤمن بالرجعة زاد بن عمر وكذب جابر كانوا اخوة يوسف ثنا عمران بن موسى بن مجاشع وأحمد بن حفص السعدي قالا ثنا أبو معمر ثنا جرير عن ثعلبة قال أردت جابر الجعفي فقال ليث بن أبي سليم لا تأته فإنه كذاب واللفظ لعمران ثنا محمد بن خلف بن المرزبان ثنا الرمادي ثنا نعيم بن حماد قال سمعت وكيعا يقول قيل لشعبة تركت رجالا كثيرا ورويت عن جابر الجعفي قال روى أشياء لم أصبر عنها سمعت الساجي يقول سمعت بن المثنى يقول مات جابر الجعفي سنة ثمان وعشرين ومائة أرنا عبد الله بن العباس الطيالسي ثنا محمد بن عمرو بن العباس ثنا أبو داود الطيالسي أرنا شعبة قال ذاكرت الحجاج أمر جابر الجعفي فقال ان كان لظاهرا أرنا عبد الله بن العباس حدثني محمد بن عمرو بن العباس الباهلي ثنا عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي حدثني محمود بن غيلان قالا ثنا أبو داود الطيالسي ثنا عبد الرحمن بن مهدي سمعت سفيان يقول ما رأيت أورع في الحديث من جابر الجعفي ثنا عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي ثنا محمود بن غيلان ثنا داود عن وكيع قال سفيان االثوري ما رأيت أحدا أورع في الحديث من جابر الجعفي ولا منصور أرنا الحسين بن محمد بن الضحاك ويحيى بن زكريا بن حيويه وإسماعيل بن وردان قالوا حدثنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم سمعت الشافعي يقول قال سفيان الثوري لشعبة فان تكلمت في جابر الجعفي لا تكلمن فيك ثنا محمد بن جعفر الامام ثنا مؤمل بن اهاب قال سمعت أبا داود يقول سمعت شعبة يقول أيش جاؤهم جابر به جاءهم بالشعبي لولا السفر لجئناهم بالشعبي ثنا عبد الله بن العباس ثنا محمد بن عمرو بن العباس ثنا أبو داود ثنا شعبة قال رأيت زكريا بن أبي زائدة يزاحمنا عند جابر فقال لي الثوري نحن شباب هذا الشيخ ما يزاحمنا ها هنا ثنا عبد الله بن محمد البغوي حدثني محمود بن غيلان حدثنا أبو داود قال شعبة لا تنظرون الى هؤلاء المجانين الذين يقعون في جابر هل جاءكم من أحد لم يلقه أرنا الحسن بن سفيان النسوي ثنا حجاج الشاعر قال حدثنا شريح بن يونس ثنا عباس الأحول ثنا بن علية عن شعبة أن جابرا لم يكن يكذب قال بن عدي كتب الي محمد بن أيوب أخبرني عبد السلام بن عاصم حدثني عثمان بن سعيد بن مرة قال سمعت زهير أبا خيثمة قال كنا جلوسا عند جابر الجعفي فأقبل سفيان الثوري فقال لنا جابر زعم أن سعيد بن مسروق هذا أنه سمع مني عشرة آلاف حديث ثنا عبد الله بن محمد البغوي ثنا محمود بن غيلان ثنا أبو نعيم قال قال زهير إذا قال جابر سألت وسمعت فلا عليك أن لا تسمع من غيره حدثنا عبد الملك بن محمد ثنا أبو الأحوص ثنا أبو سعيد الجعفي قال سمعت " . وهو مجمع على ضعفهِ فالخبر ساقط . والله أعلم .
كتبهُ /
أهل الحديث
بارك الله فيك..
ولو تجاوزنا وقلنا بأنه صحيح فأنه يُحمل على مقاتلة أمير المؤمنين علي للخوارج الذين كفروه بسب تأويلهم للايات..
ففي نهج البلاغة (ج 3 - ص 136) لما بعث امير المؤمنين عبدالله بن عباس لمناظرة الخوارج :
لا تخاصمهم بالقرآن فإن القرآن حمال ذو وجوه تقول ويقولون ، ولكن حاججهم بالسنة فإنهم لن يجدوا عنها محيصا
وفي السنن الكبرى للنسائي (ج7 ص481) والمستدرك للحاكم (ج2 ص 151):
أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ قَالَ : حَدَّثَنِي أَبُو زُمَيْلٍ قَالَ : حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبَّاسٍ قَالَ : لَمَّا خَرَجَتِ الْحَرُورِيَّةُ اعْتَزَلُوا فِي دَارٍ ، وَكَانُوا سِتَّةَ آلاَفٍ فَقُلْتُ لِعَلِيٍّ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَبْرِدْ بِالصَّلاَةِ ، لَعَلِّي أُكَلِّمُ هَؤُلاَءِ الْقَوْمَ قَالَ : إِنِّي أَخَافُهُمْ عَلَيْكَ قُلْتُ : كَلاَّ ، فَلَبِسْتُ ، وَتَرَجَّلْتُ ، وَدَخَلْتُ عَلَيْهِمْ فِي دَارِ نِصْفِ النَّهَارِ ، وَهُمْ يَأْكُلُونَ فَقَالُوا : مَرْحَبًا بِكَ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ ، فَمَا جَاءَ بِكَ ؟ قُلْتُ لَهُمْ : أَتَيْتُكُمْ مِنْ عِنْدِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُهَاجِرِينَ ، وَالأَنْصَارِ ، وَمِنْ عِنْدِ ابْنِ عَمِّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصِهْرِهِ ، وَعَلَيْهِمْ نُزِّلَ الْقُرْآنُ ، فَهُمْ أَعْلَمُ بِتَأْوِيلِهِ مِنْكُمْ ، وَلَيْسَ فِيكُمْ مِنْهُمْ أَحَدٌ ، لَأُبَلِّغَكُمْ مَا يَقُولُونَ ، وَأُبَلِّغَهُمْ مَا تَقُولُونَ ، فَانتَحَى لِي نَفَرٌ مِنْهُمْ قُلْتُ : هَاتُوا مَا نَقِمْتُمْ عَلَى أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَابْنِ عَمِّهِ قَالُوا : ثَلاَثٌ قُلْتُ : مَا هُنَّ ؟
قَالَ : أَمَّا إِحْدَاهُنَّ ، فَإِنَّهُ حُكْمُ الرِّجَالِ فِي أَمْرِ اللهِ وَقَالَ اللَّهُ : {إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلَّهِ} مَا شَأْنُ الرِّجَالِ وَالْحُكْمِ ؟ قُلْتُ : هَذِهِ وَاحِدَةٌ قالوا :
وَأَمَّا الثَّانِيَةُ ، فَإِنَّهُ قَاتَلَ ، وَلَمْ يَسْبِ ، وَلَمْ يَغْنَمْ ، إِنْ كَانُوا كُفَّارًا لَقَدْ حَلَّ سِبَاهُمْ ، وَلَئِنْ كَانُوا مُؤْمِنِينَ مَا حَلَّ سِبَاهُمْ وَلاَ قِتَالُهُمْ قُلْتُ : هَذِهِ ثِنْتَانِ ،
فَمَا الثَّالِثَةُ ؟ وَذَكَرَ كَلِمَةً مَعْنَاهَا قَالُوا : مَحَى نَفْسَهُ مِنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، فَهُوَ أَمِيرُ الْكَافِرِينَ قُلْتُ : هَلْ عِنْدَكُمْ شَيْءٌ غَيْرُ هَذَا ؟ قَالُوا : حَسْبُنَا هَذَا قُلْتُ : لَهُمْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ قَرَأْتُ عَلَيْكُمْ مِنْ كِتَابِ اللهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ وَسُنَّةِ نَبِيِّهِ مَا يَرُدُّ قَوْلَكُمْ أَتَرْجِعُونَ ؟ قَالُوا : نَعَمْ قُلْتُ : أَمَّا قَوْلُكُمْ : حُكْمُ الرِّجَالِ فِي أَمْرِ اللهِ ، فَإِنِّي أَقْرَأُ عَلَيْكُمْ فِي كِتَابِ اللهِ أَنْ قَدْ صَيَّرَ اللَّهُ حُكْمَهُ إِلَى الرِّجَالِ فِي ثَمَنِ رُبْعِ دِرْهَمٍ ، فَأَمَرَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَنْ يَحْكُمُوا فِيهِ أَرَأَيْتَ قَوْلَ اللهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَقْتُلُوا الصَّيْدَ ، وَأَنْتُمْ حُرُمٌ ، وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ} وَكَانَ مِنْ حُكْمِ اللهِ أَنَّهُ صَيَّرَهُ إِلَى الرِّجَالِ يَحْكُمُونَ فِيهِ ، وَلَوْ شَاءَ لحكم فِيهِ ، فَجَازَ مِنْ حُكْمِ الرِّجَالِ ، أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ أَحُكْمُ الرِّجَالِ فِي صَلاَحِ ذَاتِ الْبَيِّنِ ، وَحَقْنِ دِمَائِهِمْ أَفْضَلُ أَوْ فِي أَرْنَبٍ ؟ قَالُوا : بَلَى ، هَذَا أَفْضَلُ وَفِي الْمَرْأَةِ وَزَوْجِهَا : {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا} فَنَشَدْتُكُمْ بِاللَّهِ حُكْمَ الرِّجَالِ فِي صَلاَحِ ذَاتِ بَيْنِهِمْ ، وَحَقْنِ دِمَائِهِمْ أَفْضَلُ مِنْ حُكْمِهِمْ فِي بُضْعِ امْرَأَةٍ ؟ خَرَجْتُ مِنْ هَذِهِ ؟ قَالُوا : نَعَمْ
قُلْتُ : وَأَمَّا قَوْلُكُمْ قَاتَلَ وَلَمْ يَسْبِ ، وَلَمْ يَغْنَمْ ، أَفَتَسْبُونَ أُمَّكُمْ عَائِشَةَ ، تَسْتَحِلُّونَ مِنْهَا مَا تَسْتَحِلُّونَ مِنْ غَيْرِهَا وَهِيَ أُمُّكُمْ ؟ فَإِنْ قُلْتُمْ : إِنَّا نَسْتَحِلُّ مِنْهَا مَا نَسْتَحِلُّ مِنْ غَيْرِهَا فَقَدْ كَفَرْتُمْ ، وَإِنْ قُلْتُمْ : لَيْسَتْ بِأُمِّنَا فَقَدْ كَفَرْتُمْ : {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ} فَأَنْتُمْ بَيْنَ ضَلاَلَتَيْنِ ، فَأْتُوا مِنْهَا بِمَخْرَجٍ ، أَفَخَرَجْتُ مِنْ هَذِهِ ؟ قَالُوا : نَعَمْ ،
وَأَمَّا مَحْيُ نَفْسِهِ مِنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ، فَأَنَا آتِيكُمْ بِمَا تَرْضَوْنَ . إن نَبِيَّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ صَالَحَ الْمُشْرِكِينَ فَقَالَ لِعَلِيٍّ : اكْتُبْ يَا عَلِيُّ هَذَا مَا صَالَحَ عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ رَسُولَ اللهِ قَالُوا : لَوْ نَعْلَمُ أَنَّكَ رَسُولُ اللهِ مَا قَاتَلْنَاكَ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : امْحُ يَا عَلِيُّ اللَّهُمَّ إِنَّكَ تَعْلَمُ أَنِّي رَسُولُ اللهِ ، امْحُ يَا عَلِيُّ ، وَاكْتُبْ هَذَا مَا صَالَحَ عَلَيْهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ وَاللَّهِ لَرَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْرٌ مِنْ عَلِيٍّ ، وَقَدْ مَحَى نَفْسَهُ ، وَلَمْ يَكُنْ مَحْوُهُ نَفْسَهُ ذَلِكَ مَحَاهُ مِنَ النُّبُوَّةِ ، أَخْرَجْتُ مِنْ هَذِهِ ؟ قَالُوا : نَعَمْ ، فَرَجَعَ مِنْهُمْ أَلْفَانِ ، وَخَرَجَ سَائِرُهُمْ ، فَقُتِلُوا عَلَى ضَلاَلَتِهِمْ ، فَقَتَلَهُمُ الْمُهَاجِرُونَ وَالأَنْصَارُ