شبهة الجاني "ذبح النبي صلى الله عليه وسلم للاوثان" ..
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على سيد المرسلين محمد بن عبد الله وعلى أله وصحبه أجمعين
إن من سوء الفهم , والعقل أن يخرجَ بالأحاديث بطريقةٍ تبيحُ لهم الطعن في أهل الحق , والاكثرُ عجباً سوءُ فهم النصوص والضعف بعلم الحديث والمصطلح , ولا يخفى على طالب العلم أهمية هذا الفن في صيانة الدين والسنة من الاحاديث الفاسدة بل من الأحاديث المدخلة إلي هذا الدين العظيم , ومنها طعنهم في أهل السنة بروايةٍ أخرجها أبو يعلى في مسندهِ مدارها أن النبي صلى الله عليه وسلم ذبح للأوثان عياذاً بالله .
قال أبو يعلى: حدثنا محمد بن بشار قال : حدثنا عبد الوهاب بن عبد المجيد أملاه علينا من كتابه حدثنا محمد بن عمرو عن أبي سلمة و يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب بن أبي بلتعة عن أسامة بن زيد : عن زيد بن حارثة قال : خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما حارا من أيام مكة وهو مردفي إلى نصب من الأنصاب وقد ذبحنا له شاة فأنضجناها قال : فلقيه زيد بن عمرو بن نفيل فحيا كل واحد منهما صاحبه بتحية الجاهلية فقال النبي صلى الله عليه وسلم يا زيد ما لي أرى قومك قد شنفوا لك؟ ...... قال : وقرب إليه السفرة قال : فقال : ما هذا يا محمد ؟ فقال : شاة ذبحناها لنصب من الأنصاب قال : فقال: ما كنت لآكل مما لم يذكر اسم الله عليه .... وهذا الخبرُ " هالك " .
قال الحافظ الذهبي في سير أعلام النبلاء : " أخبرنا أبو الفضل بن عساكر ، أنبأنا عبد المعز بن محمد ، أنبأنا تميم ، أنبأنا أبو سعد ، أنبأنا ابن حمدان ، أنبأنا أبو يعلى الموصلي ، حدثنا بندار ، حدثنا . [ ص: 221 ] عبد الوهاب الثقفي ، حدثنا محمد بن عمرو ، عن أبي سلمة ويحيى بن عبد الرحمن ، عن أسامة بن زيد ، عن أبيه قال : خرجت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوما حارا من أيام مكة وهو مردفي إلى نصب من الأنصاب وقد ذبحنا له شاة فأنضجناها ، فلقينا زيد بن عمرو بن نفيل ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : " يا زيد ، ما لي أرى قومك قد شنفوا لك ؟ " قال : والله يا محمد إن ذلك لغير نائلة لي فيهم ، لكني خرجت أبتغي هذا الدين حتى قدمت على أحبار فدك ، فوجدتهم يعبدون الله ويشركون به . فقدمت على أحبار خيبر ، فوجدتهم كذلك ، فقدمت على أحبار الشام ، فوجدت كذلك فقلت : ما هذا بالدين الذي أبتغي . فقال شيخ منهم : إنك لتسأل عن دين ما نعلم أحدا يعبد الله به إلا شيخ بالحيرة .
فخرجت حتى أقدم عليه ، فلما رآني قال : ممن أنت ؟ قلت من أهل بيت الله . قال : إن الذي تطلب قد ظهر ببلادك ، قد بعث نبي طلع نجمه ، وجميع من رأيتهم في ضلال . قال : فلم أحس بشيء . قال : فقرب إليه السفرة ، فقال : ما هذا يا محمد ؟ قال : " شاة ذبحناها لنصب " . قال : فإني لا آكل مما لم يذكر اسم الله عليه . وتفرقنا ، فأتى رسول الله البيت ، فطاف به - وأنا معه - وبالصفا والمروة ، وكان عندهما صنمان من نحاس : إساف ونائلة ، وكان المشركون إذا طافوا تمسحوا بهما ، فقال النبي : " لا تمسحهما ; فإنهما رجس " . فقلت في نفسي : لأمسنهما حتى أنظر ما يقول . فمسستهما ، فقال : " يا زيد ، ألم تنه " . قال : ومات زيد بن عمرو وأنزل على النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - لزيد : [ ص: 222 ] " إنه يبعث أمة وحده " . في إسناده محمد لا يحتج به ، وفي بعضه نكارة بينة " .
قال العقيلي في الضعفاء (4/109) : " محمد بن عمرو بن علقمة بن وقاص الليثي حدثنا محمد بن زكريا حدثنا الحسن بن شجاع حدثنا علي بن المديني قال سألت يحيى((بن سعيد القطان )) عن محمد بن عمرو بن علقمة كيف هو قال تريد العفو أو تشدد قلت بل أتشدد قال فليس هو ممن تريد كان يقول شيئا حدثنا أبو سلمة ويحيى بن عبد الرحمن بن حاطب قال يحيى وسألت مالك بن أنس عنه فقال فيه نحوا مما قلت لك يعني محمد بن عمرو حدثنا محمد بن عيسى حدثنا العباس بن محمد قال سمعت يحيى يقول محمد بن عجلان أوثق من محمد بن عمرو ولم يكونوا يكتبون حديث محمد بن عمرو حتى اشتهاها أصحاب الاسناد فكتبوها ومحمد بن عمرو أحب إلى من محمد بن إسحاق " وقال أبو حاتم الرازي في الجرح والتعديل (8/31) : " نا عبد الرحمن انا أبو بكر بن أبي خيثمة فيما كتب إلى قال سئل يحيى بن معين عن محمد بن عمرو فقال : ما زال الناس يتقون حديثه . قيل له وما علة ذلك ؟ قال : كان محمد بن عمرو يحدث مرة عن أبي سلمة بالشئ رأيه ثم يحدث به مرة أخرى عن أبي سلمة عن أبي هريرة " .
وقال المزي في تهذيب الكمال (26/217) : " وذكره ابن حبان في كتاب " الثقات " ، وقال : كان يخطئ " , وقال إبن حجر في تقريب التهذيب (2/199) : " صدوق لهُ اوهام " وهذه القصة منكرة ، وواضحة النكارة ، فإن محمد بن عمرو بن علقمة الليثي مختلف فيه و هو إن حسّن له بعض العلماء فإن له أوهام وهذا منها , ولهذا أعلها الإمام الذهبي في (( السير )) ( 1 /222 ) بمحمد هذا وبالنكارة الواضحة وقال : (( في إسناده محمد لا يحتج به ، وفي بعضه نكارة بينة )) . والنكارة البينة هي مخالفة الحديث الصريحة في ذبح النبي صلى الله عليه وسلم للأنصاب , وقولهُ لهُ اوهام وكان يخطئ فحديثهُ أقرب ما يكونُ إلي الضعيف لا إلي الحسن , ولم يحتج بهِ الإمام البخاري في الصحيح بل في المتابعات , وإن حسن أهلُ العلم أخبارهُ قإن القول بالجرح وقولهم لهُ اوهام كفيلة برد هذا الخبر وأنهُ من أوهام محمد بن عمرو بن علقمة , وإن أخرج لهُ احدُ الشيخين فلا يحتمل إخراج الشيخان لهُ في الصحيح , وإنما يكونُ حديثهُ في المتابعات والشواهد ولعل هذا الخبر من خطأ محمد بن عمرو بن علقمة , فلا يحتجُ بما تفرد بهِ هنا . والله أعلم .
أهل الحديث