شبهة تحريف علامة العراق "الآلوسي" في نقله عن "إبن الأثير" ..
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين محمد بن عبد الله وعلى أله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً إلي يوم الدين .
فقد نقل أحد المخذولين عن العلامة الآلوسي في كتاب [ صب العذاب على من سب الأصحاب ] نصوصاً وقال أنهُ حرف في نقله عن إبن الأثير في تاريخهِ , وهذا تجني واضح إذ لا يفهمُ من كلام العلامة الآلوسي التحريف أو أنهُ لم يكن يعرف ما كان في كتاب إبن الأثير , ومع ذلك فقد ضل عباد القبور في نقلهم وقولهم أن العلآمة الآلوسي نقل عن إبن الأثير محرفاً النص الذي نقلهُ عن المؤرخ إبن الأثير في كتاب التاريخ , وسنستعرض هذه الشبهة التي طرحها أهل الضلال , مع العلم أنها منتهية أصلا ومما وضع سنرد عليه سائل الله عز وجل التوفيق والسداد .
الكامل في التاريخ لابن الأثير (6/ 497) ، تحقيق: عمر عبد السلام تدمري، الناشر: دار الكتاب العربي، بيروت - لبنان، الطبعة: الأولى، 1417هـ / 1997م، وفي نسختي 6 / 85
( وَفِيهَا عَزَمَ الْمُعْتَضِدُ عَلَى لَعْنِ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ عَلَى الْمَنَابِرِ، وَأَمَرَ بِإِنْشَاءِ كِتَابٍ يُقْرَأُ عَلَى النَّاسِ، وَهُوَ كِتَابٌ طَوِيلٌ قَدْ أَحْسَنَ كِتَابَتَهُ، إِلَّا أَنَّهُ قَدِ اسْتَدَلَّ فِيهِ بِأَحَادِيثَ كَثِيرَةٍ عَلَى وُجُوبِ لَعْنِهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَصِحُّ (3)، وَذَكَرَ فِي الْكِتَابِ يَزِيدَ، وَغَيْرَهُ مِنْ بَيْنِ أُمَيَّةَ، وَعُمِلَتْ بِهِ نُسَخٌ قُرِئَتْ بِجَانِبَيْ بَغْدَاذَ، وَمُنِعَ الْقُصَّاصُ وَالْعَامَّةُ مِنَ الْقُعُودِ بِالْجَامِعَيْنِ وَرِحَابِهِمَا، وَنُهِيَ عَنْ الِاجْتِمَاعِ عَلَى قَاضٍ لِمُنَاظَرَةٍ، أَوْ جَدَلٍ فِي أَمْرِ الدِّينِ، وَنُهِيَ الَّذِينَ يَسْقُونَ الْمَاءَ فِي الْجَامِعَيْنَ أَنْ يَتَرَحَّمُوا عَلَى مُعَاوِيَةَ، أَوْ يَذْكُرُوهُ.) فهذا هو النقل عن إبن الأثير ولنرى الآن الوثائق التي أدرجها الرافضي مدعياً أن الإمام الآلوسي حرف في نقله عن إبن الأثير ..... !!!
ففي الوثيقة الأولى تكلم العلامة الآلوسي عن حديث القائد , وفي الحاشية (4) " حديث القائد في زعم الرافضة هو ما ينسبونه إلي النبي صلى الله عليه وسلم , ورأى أبا سفيان مقبلاً على حمار ومعاوية يقودُ بهِ , ويزيد إبنه يسوف به - أنهُ قال ((لعن الله القائد والراكب و السائق )) قال إبن تيمية في حديث القائد " هذا من الكذب الموضوع بإتفاق أهل المعرفة بالحديث " منهاج السنة النبوية (4/443-444) " . ومن كلامه كما في الوثيقه وقولهُ " وليته أبدله بالوارد " باطل , إذا حديث القائد لا وجود له في الكتب المعتمد غليها عند أهل السنة والجماعة .
وقد أورده إبن أبي الحديد في ضمن كتاب في ضمن كتاب كتبه المعتضد بالله سنة (284) ناقلاً له على سبيل الإختصار من تاريخ أبي جعفر محمد بن جرير الطبري وابن أبي الحديد لا يعتد بنقله، فإنه من الغلاة كما يدل على ذلك قوله في الأمير: يجل عن الأعراض والأين والمتى ... ويكبر عن تشبيهه بالعناصر على أن ابن الأثير الجزري ذكر في حوادث سنة أربع وثمانين ومائتين: وفيها: أمر بإنشاء كتاب يقرأ على الناس، وهو كتاب طويل، قد أحسن كتابته إلا أنه قد استدل فيه على وجوب اللعن بأحاديث كثيرة لا تصح عن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم (3). ولو سلم صحته فمحمول على ما قبل الإسلام، لعموم نصوص المدح من غير مخصص على الأصحاب بعده.) ثم نقل الوثيقة الأخيرة والتي زعم فيها الرافضي أن هذا تحريف ولكن الفهم الغريب العجيب للنصوص لا قيمة لهُ عند أهل العلم , فإن المحقق أمامهُ أمانة علمية ولو كان تحريفاً لقال في الحاشية أنهُ تحريف إلا أن المحقق قال في الحاشية .
فهذا كلام العلامة الآلوسي في صب العذاب .
فزعم الرافضة أن هذا تحريف ولكن عدم الإنتباه للكلام الاول , يوقع الرافضة في متاهات لا نهاية لها , فالآلوسي في محل رد على ما نقل عن إبن أبي الحديث من حديث القائد , حيث أن التصرف كما قال المحقق في الحاشية هو أنهُ أخذ محل الشاهد من كلام إبن الأثير في التاريخ وأوردهُ في الكتاب , وقولهُ إلي هنا إنتهى نص إبن الأثير في الكامل لا يعني أنهُ حرف النص والعياذُ بالله بل أخذ المراد من الحديث وهو ضعف ما ورد في حديث القائد وقد ورد في بداية الوثائق التي أوردها الرافضة تكذيبهُ لحديث القائد في الحاشية .
ثم إن محل الشاهد قولهُ .
وقوله: (وليته أبدله بالوارد ... إلخ) باطل؛ إذ حديث القائد مما لا وجود له في الكتب المعتمد عليها لدى أهل السنة. وقد أورده ابن أبي الحديد في ضمن كتاب كتبه المعتضد بالله سنة (284) ناقلا له على سبيل الاختصار من تاريخ أبي جعفر محمد ابن جرير الطبري، وابن أبي الحديد لا يعتد بنقله، فإنه من الغلاة . هو لم يقل أنه أخذ عن إبن الأثير , بل أورد الحديث وهو حديث القائد أورده إبن أبي الحديد وقد أخذهُ عن الطبراني وحديث القائد قد أورده الطبراني , ولا يصح الحديث أصلا فكان تتمة كلام الألوسي هي الرد على ما جاء من الأحاديث في ذم معاوية بن أبي سفيان واخذ محل الشاهد وهذا ليس " تحريفاً " كما زعم الجاهل بل هذا إستدلال مختصر بما يتقضيه الكلام حول الأخبار , وهو يتكلم عن الأحاديث التي أوردت تذم معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهُ , غير أن إبن الأثير لم يكن الوحيد الذي نقل الروايات بل نقلها الحافظ الذهبي , ونقلها الإمام الحافظ إبن كثير في البداية والنهاية , ولكن قبلاً نورد كلام المحقق في الحاشية , والذي زعم الرافضي أنه تلطف مع العلامة الآلوسي والله المستعان فتعس الجاهل .
قال الحافظ الذهبي في تاريخ الإسلام : " ثُمَّ ذَكَرَ أَحَادِيثَ وَاهِيَةٍ وَمَوْضُوعَةٍ فِي ذَمِّ أَبِي سُفْيَانَ وَبَنِي أُمَيَّةَ ، وَحَدِيثَ : " لَا أَشْبَعَ اللَّهُ بَطْنَهُ " ، عَنْ مُعَاوُيَةَ ، وَأَنَّهُ نَازَعَ عَلِيًّا حَقَّهُ ، وَقَدْ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِعَمَّارٍ : " تَقْتُلُكَ الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ " " إنتهى كلامهُ , فالأخبار لتي وردت في ذم معاوية بن أبي سفيان كان رحمه الله تعالى يرد عليها , وأخذ محل الشاهد وقولهُ إنتهى إلي هنا كلام إبن الأثير لا يقتضي التحريف , بل يقتضي إنتهاء الكلام حول ما ورد في الاحاديث من الذم , وغريب كيف يحذف إسم معاوية ويستدل بالخبر الذي ورد في تاريخ إبن الأثير للذب عن معاوية بن أبي سفيان رحمه الله ورضي عنهُ فهل يفهم العاقل أن هذا تحريف , فإن كان تحريف فكيف يستدل بالخبر في الدفاع عن معاوية يا قوم ..!!!
ثم قول إبن الأثير : " وُجُوبِ لَعْنِهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَصِحُّ (3)، وَذَكَرَ فِي الْكِتَابِ يَزِيدَ، وَغَيْرَهُ مِنْ بَيْنِ أُمَيَّةَ " على ماذا يحمل هذا الكلام , فقد أورد الشيخ رحمه الله الكلام حول حديث القائد وأورد كلام إبن الأثير ولكن بتصرف فأين الإشكال والله تعالى المستعان متى يتعلم الجهلة أن التصرف ليس تحريفاً ولا حول ولا قوة إلا بالله .... !! ثم النص عند الحافظ إبن كثير .
قال الحافظ إبن كثير في البداية والنهاية : " وفي هذه السنة عزم المعتضد على لعن معاوية بن أبي سفيان على المنابر فحذره وزيره عبيد الله بن سليمان بن وهب من ذلك ، فإن العامة تنكر قلوبهم وهم يترحمون عليه في أسواقهم وجوامعهم فلم يلتفت إليه وأمر بذلك وأمضاه وكتبت نسخ بلعن معاوية وذكر فيها ذمه وذم ابنه يزيد بن معاوية وجماعة من بني أمية وأورد فيها أحاديث باطلة في ذم معاوية وقرئت في [ ص: 672 ] الجانبين من بغداد ونهيت العامة عن الترحم على معاوية والترضي عنه ، فلم يزل به الوزير حتى قال له فيما قال : يا أمير المؤمنين إن هذا الصنيع مما يرغب العامة في الطالبيين وقبول الدعوة إليهم . فوجم لذلك المعتضد وترك ما كان عزم عليه من ذلك لخوفه على الملك وقدر الله تعالى أن هذا الوزير كان ناصبيا يبغض عليا فكان هذا من هفوات المعتضد ، سامحه الله " فالعلامة الآلوسي كان في معرض الرد على من طعن في معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهُ , فنقل النص بتصرف ولا أدري أين محل الإشكال فيطعن الجاهل بالعلامة الآلوسي ويتهمهُ بالتحريف والله تعالى المستعان فالعلامة الآلوسي كان في معرض الرد والله تعالى المستعان .
فعلامة العراق الآلوسي يردُ على الأحاديث التي زعم المتكلمون في معاوية أنها فيه وأخذ من إبن الأثير محل الرد على هذه الاحاديث : " وأمر بإنشاء كتاب يقرأ على الناس ، وهو كتاب طويل قد أحسن كتابته ، إلا أنه قد استدل فيه بأحاديث كثيرة على وجوب لعنه عن النبي صلى الله عليه وسلم لا تصح " فبعد هذا يقال أن العلامة الآلوسي حرف في كتاب صب العذاب على من سب الأصحاب فتباً لكم ولأيمانكم ما أكذبكم ...... هذا والله تعالى أعلى وأعلم .
كتبهُ /
أهل الحديث