منهج الرافضة في الاستدلال من كتب السنة
الناظر في كتب الشيعة قديماً وحديثاً يرى ذلك الكم الهائل من النصوص التي يزعمون أنهم أخذوها من كتب أهل السنة ومصادرهم المعتبرة، وهي مما تؤيد مذهبهم بزعمهم وتطعن في مذهب أهل السنة، ويُقنعون بواسطتها المتشككين والحائرين من بني مذهبهم. ولهم في ذلك وسائل وطرق متعددة نبه العلماء عليها, والموضوع بحاجة إلى دراسة وعناية أكبر، ولا يكفي هذا الحيز له، وحسبنا أن نشير إلى شيء من وسائلهم حتى ينكشف العوار وينزاح الستار: ((عَسَى اللَّهُ أَنْ يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَاللَّهُ أَشَدُّ بَأْساً وَأَشَدُّ تَنكِيلاً)) [النساء:84].
فمن وسائلهم وطرقهم الخفيّة في الاحتجاج من طريق السنة, والتي نبه عليها العلماء ما يلي:
1 - أن بعض علمائهم اشتغلوا بعلم الحديث وسمعوا الأحاديث من ثقات المحدثين من أهل السنة, فكانوا يروون الأحاديث صحاحاً وحساناً، ثم أدرجوا في تلك الأحاديث موضوعات مطابقة لمذهبهم، وقد ضل بذلك كثير من خواص أهل السنة، فضلاً عن العوام، ولكن قيض الله لها من أظهر عوارها وبين حال رجالها.
2 - ومن مكايدهم أنهم ينظرون في أسماء المعتبرين عند أهل السنة، فمن وجدوه موافقاً لأحدٍ منهم في الاسم واللقب أسندوا رواية حديث ذلك الشيعي إليه، فمن لا وقوف له من أهل السنة على هذا المكر يعتقد أنه إمام من أئمتهم فيعتبر قوله ويعتد بروايته، ومن أمثلة ذلك السدي؛ فإنهما رجلان: أحدهما السدي الكبير وهومن ثقات أهل السنة، والثاني السدي الصغير من الوضاعين الكذابين، وهورافضي غال. وابن قتيبة رجلان: عبد الله بن قتيبة، وهورافضي ضال، وعبد الله بن مسلم بن قتيبة من ثقات أهل السنة، وقد صنف كتاباً سماه بـ (المعارف)، فصنف ذلك الرافضي كتابا سماه بـ (المعارف) أيضاً قصداً للإضلال.
ومن ذلك محمد بن جرير الطبري رجلان: أحدهما الإمام السني المشهور صاحب التفسير والتاريخ، والآخر محمد بن جرير بن رستم الطبري من أئمة الروافض، وهناك رافضي آخر يسمى بأبي جعفر الطبري محمد بن أبي القاسم من علماء الإمامية في القرن السادس. وهناك ابن بطة اثنان: ابن بَطة السني وينطق بفتح الباء، وابن بُطة الشيعي وهوبضم الباء.
3 - أنهم ينسبون بعض الكتب التي تطعن في الصحابة وفي مذهب أهل السنة لكبار أهل السنة، مثل كتاب (سر العالمين) الذي نسبوه للإمام الغزالي، وكتاب (الإمامة والسياسة) المنسوب زوراً للإمام ابن قتيبة.
4 - أنهم ينقلون ما يطعن في الصحابة وما يستدل به على بطلان مذهب غير الرافضة عن كتاب يعزون تأليفه إلى بعض كبراء أهل السنة، مع أن ذلك الكتاب لا يوجد تحت أديم السماء. أوينقلون أخباراً تطعن في الصحابة عن كتب عزيزة الوجود لأهل السنة، ليس في تلك الكتب منها أثر.
5 - أنهم يعمدون إلى نص متداول مشهور فيزيدون عليه ما لا أصل له، ومن أهم أمثلة هذا: ما يزيدونه في حديث الغدير وغيره، وهذه الطريقة من أشهر الطرق وأكثرها رواجاً في كتبهم.
6 - ومن أساليبهم أنهم يوردون الحديث من كتب السنة بجميع طرقه ورواياته ويذكرون في الأخير من أخرجه من المحدثين بلا تحديد للألفاظ التي وردت عند كل محدث؛ ليوهموا القارئ أن هذا النص الذي جمّعوه من كتب السنة قد ورد بهذه الصيغة التي أخرجوها عند كل محدث من محدثي أهل السنة، وأنه صحيح لاتفاق المحدثين على إخراجه بهذه الألفاظ والروايات.
7 - ومنها أنهم يذكرون أحد علماء المعتزلة أوالزيدية أونحوذلك ويقولون أنه من متعصبي أهل السنة، ثم ينقلون عنه ما يدل على بطلان مذهب أهل السنة وتأييد مذهب الشيعة الإمامية؛ ترويجاً لضلالهم.
8 - ومنها أنهم يؤلفون كتاباً في فضائل الخلفاء الأربعة ويضمنونه أحاديث صحاحاً من طرق أهل السنة تبين فضائلهم ومناقبهم، ويضعون في مناقب علي ما يوجب القدح في الخلفاء الثلاثة، فإذا قرأ القارئ فضائل الخلفاء الثلاثة ظن أن المؤلف سني حسن العقيدة، ثم إذا وصل إلى فضائل الخليفة الرابع ورأى فيها ما يطعن في الخلفاء الثلاثة ظن أن في تصانيف أهل السنة أحاديث تقدح في الخلفاء الثلاثة.
9 - أنهم يستقون مادة احتجاجهم من المصادر التي تحوي الضعيف والموضوع ويدّعون أنهم أخذوها من مصادر أهل السنة المعتبرة، فضلاً عن أنهم يزعمون في بعض الأحاديث الموضوعة أنها مما اتفقت عليه مصادر السنة، والواقع خلاف ذلك.
1 - ومنها -وهي من الطرق المشتهرة عندهم-: أنهم يسوقون من نص الحديث ما يزعمون أنه حجة لهم, ثم يقتطعون منه ما فيه دلالة على المقصود, وبيان للمراد من الحديث.
وغير ذلك الكثير من الوسائل والأساليب، وإنما نبهنا على بعضها هنا تحذيراً للأمة ونصحاً لها, ولمواجهة مسيرة الافتراء والتفريق وإثارة الأحقاد والفتن, والتي كنا نظن أنها ولّت فإذا بنا نفاجأ باستمرارها على صورة أشد وأنكى مما كانت، في سلسلة خبيثة يتخذها القوم وسيلة ليضلوا قومهم عن سواء السبيل.