السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا
فتاةٌ مُلتزمة, وطالبة جامعيةٌ, في بداية العشرينيات من عمري، عُقد عليَّ
العقدُ الشرعي مِن شابٍّ ملتزمٍ، واتَّفقنا على أن يكونَ موعدُ الزواج بعد
أن أُنهيَ تعليمي الجامعي.
هناك
مشكلةٌ تُواجهني، وهي تفكير أمي المعقَّد؛ فإذا أردتُ الخروج معه وحدنا
تُعارض، كذلك لا تجعلنا نجلس وحْدنا، زوجي يطلُب مني ما يحل له، ولا توجَد
أي فُرصة لذلك!
والسؤال الآن: أريد أن أعرفَ ماذا يحلُّ للخاطب (مع عقد شرعي)؟ وهل يحق لي أن أَحرِمه مِن حقِّه؟
أفيدوني وجزاكم الله خير الجَزاء.
الجواب
الحمدُ للهِ، والصلاةُ والسلامُ على رسولِ الله، وعلى آلِهِ وصحبِهِ ومَن والاهُ، أمَّا بعدُ:
فبارَك الله لكما، وبارك عليكما، وجمع بينكما في خيرٍ، وبعدُ:
فإنه
بمجرد عقد زواجِكِ قد صِرتِ زوجةً لمن عَقَد عليكِ، ولا يتوقَّف ذلك على
البناءِ، أو الدُّخلة، ويترتَّب على هذا العقد كلُّ الحقوق الشرعية بين
الزوجَينِ؛ مِن التوارُث، والخُلوة، والاستمتاع - دون الجِماع؛ لأن
عاداتِنا وأعْرافَنا التي لا تُعارض الشرْع جَرَتْ على أنه لا يُدْخَلُ على
الزوجة إلا بعد حفْلِ الزفاف؛ فالتقيُّد بذلك واجبٌ؛ لأنه ربما أوْقَعَ
المرأة وأهلَها في حرجٍ شديدٍ إن حصَل جماعٌ، وحملٌ، وطلاق قبل أن يُعلنَ
النكاحُ، فربما تكلَّم الناسُ بما لا يجوزُ في مثل هذه الحال، والسببُ
العَجَلَةُ!
ولكن
لو كان أولياؤكِ قد اشترطوا على زوجكِ ألا يَقْرَبَكِ أو لا يَختلي بكِ
حتى تُزَفِّي لبيته، فيجب عليه الوفاءُ بالشرْط؛ ففي الصحيحَين عن عُقبة بن
عامر عنْ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال: ((إنَّ
أحقَّ الشروط أن تُوفوا به ما استحلَلْتُم به الفُرُوجَ))، وقال - صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ((المسلمونَ عندَ شُرُوطهم))؛ رواه البخاري
مُعلَّقًا، ورواه أحمد، وأبو داود، وصحَّحه الألباني.
أمَّا ما تسمِّينه تفكيرًا
معقَّدًا لأمكِ، فأخشى أن تكونَ تلك الكلمة مِن العقوق، فلا يجوز، كما لا
يليق بفتاةٍ متديِّنة مثلك أن تصفَ والدتها بهذا، وربما لا يَخفى عليكِ
وعلى خطيبِك أن ما تفعله أمُّكِ هو تصرُّف غالب الأُسَر مع بناتهم؛ فما
الغَرابة في هذا إذًا؟!
قد ذكرتِ أنَّ خطيبكِ شابٌّ مُلتزِم، ويعرف الشرع, فلا بدَّ أن يُدركَ أن طاعتكِ لوالديكِ – ما دُمتِ تحت ولايتهما -
أولى مِن طاعتكِ له، فإذا انتقلتِ إلى بيتِه صارت الطَّاعةُ لازمةً في
حقِّك لزَوجكِ، فهو انتقال حُكم مِن طرف إلى آخَر، وهذا لا يَعني إهمال
حقوق الوالدَين بعد الزَّواج، ولا إهمال حقِّ الزوج قبل الزفاف، بل كلا
الحقَّينِ باقِيان قبل الزَّواج وبعده، لكن هذا عند التَّعارُض.
هذا؛ وحاولي أن تُناقِشي أمَّك
بهدوء ورويَّة، وطمئنيها أنك وزوجك تَعرِفان حدودكما، وأنكما لن تتجاوزا
المسموح به، ونحو هذا مِن الكلام الذي تقرُّ به عينُها، ويَبعد عنها القلق،
ويجعلها تَثِق في تصرُّفكما.