السؤالبسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.أعاني
مِن نقص الإرادة منذ صِغَري، فإذا أردتُ أن أتخلصَ مِنْ عادة سيئة فإنني
لا أمكث فترة إلَّا وأعود إليها، كذلك إذا أردتُ الاستمرار على أمرٍ محمودٍ
فإني أرى في نفسي تكاسُلًا أو تأجيلًا لهذا الأمر أو العمل، فماذا عليَّ
أن أعملَ لأزيدَ مِن إرادتي التي هي أساس تحقيق الأعمال والأحلام؟ الجواب
لولا المَشَقَّةُ سادَ الناسُ كُلُّهُمُ الجودُ يُفقِرُ وَالإِقدامُ قَتَّالُ
|
وعليكِ السلام ورحمة الله وبركاته.ما تشكينه - يا عزيزتي -
يُعانيه الكثيرُ مِن الناسِ, بيد أنهم لا يُبالون, أو لا يرغبون في تغيير
أنفسِهم, أو لزموا الصمتَ؛ فعجزوا وضعفوا واستكانوا, أو فقدوا الأملَ في
الإصلاح؛ فركنوا إلى المزيد مِن الراحة والنعيم! ثُلةٌ فقط مَن عزمتْ على
السير وإحداث التغيير، فباءتْ طائفةٌ منهم بالإخفاق، وكرَّروا المحاولات،
فتكررت النتيجةُ المؤسِفة! وأما الطائفةُ الأخرى فثابرتْ وجاهدتْ، واستمرتْ
وعملتْ بنصيحة ابن الجوزي: "يا مقهورًا بغلبة النفس، صل عليها بسوط
العزيمة، فإنها إن عرفتْ جِدك استأسرت لك...، ومِن أدَب الجهاد, إِن مالَت
إلى الشَهوات فاكبحها بِلِجامِ التَقوى، وإِن أعرضتْ عن الطاعات، فسُقها
بسوط المجاهَدة، وإن استحلتْ شراب التواني، واستحسنتْ ثوب البطالة، فصح
عليها بصوت العزْمِ, فإن رمقتْ نفسها بعين العجب فذكرها خساسة الأصل، فإنك
والله ما لم تجدْ مرارة الدواء في حلقك، لم تقدر على ذرة من العافية في
بدنك، وقد اجتمعت عندك جنود الهوى في بيت النفس، فأحكمت حصن البطالة، فيا
حزب التقى جردوا سيوف العزائم، وادخلوا عليهم الباب" ا.هـ من (اللطائف).
هناك أسباب تؤدِّي غالبًا إلى التراخي والتكاسُل عن تأدية الأعمال, وتضعف من العزيمة، وتبث رسائل الإحباط المتوالية إلى النفس منها:1) إهمال التنمية العلميَّة والإدراكيَّة والنفسيَّة: فعقولُنا وأجسادُنا ونفوسُنا تبقى بحاجة دائمة لتفقدها وتجديدها وتطويرها, فالعقلُ كما يقول "
Tony Buzan":
"في تطوُّر مستمر، فكل يوم عقلنا هو عقل مختلف عن عقلنا في اليوم السابق,
والاعتقاد السائد بأن العقل مع مرور الأيام يفقد قدراته الإبداعية
والتفكيرية، هو أمر خاطئ وخطير". ومما أدهش منه حقًّا أن تتعللَ امرأة في
مطلع الأربعين وربما أقل بتدهوُر قدرتها العقليَّة وتستسلم لذلك؛ بحكم أنها
سُنَّة الكون!
فلا ينبغي أن تحملكِ صعوبة
تحقيق الأهداف - والتي يعاني منها معظم البشر بمختلف الفئات - على
الاستسلام، أو إهمال عقلكِ، أو تحول دون تطوير إمكاناتكِ؛ بمعنى أنه قد
يكون لديكِ هدَفٌ تسعين لتحقيقه؛ كتحصيل تقدير مرتفع في الجامعة, فتجتهدين
في البداية، ثم تتسرَّب قطرات الفتور إلى نفسكِ، وتسبح رياح الإحباط في
قلبكِ، فتغيم على عينيك سحابة الحُزن، وتستسلمين لهذا الشعور، وتقعدين
باكية حزينة لا تتمكنين حتى مِن مُطالَعة كتاب، أو تفقُّد مقال، أو تصفح
مجلة علمية, أو غيرها مما يحفز العقل ويطوِّره, وبهذا يزداد رصيدكِ من
المشاعر السلبية، وتترسخ لديكِ فكرة العجز والاستكانة, وأنصحكِ ألا تربطي
بين هذه وتلك؛ فإخفاقُنا في بعض المجالات أو عجزنا عن تحقيق أحد الأهداف لا
يعني أننا أشخاص بلا قيمة في الحياة.
2) حسن الظنِّ بالنفس مع الجهل بإمكاناتها: الثقة في النفس مطلوبة باعتِدال, بمعنى ألا نبالغَ في ثقتنا بأنفسنا
وقدراتنا دون وعيٍ حقيقيٍّ بما نستطيعه بالفعل، وما لا يناسبنا, فقد يكون
لديكِ قدرة على تعليم الأطفال وتدريبهم على كثير من الأمور, بيد أنكِ لا
تستطيعين أن ترتبي مكتبكِ الدراسي مهما حاولتِ! فلتعلمي أن لكلٍّ منَّا
طاقات وإمكانات، ولا يعني الإخفاق في مجال، أو عدم القدرة على الانتصار على
بعض الرذائل السوء المطلق أو العجز التام!
3) نقص الخبرة في الحياة: لا تعتمد الخبرةُ على العمر في كثيرٍ من الأحيان, وكم نرى من شباب أعلم
مِن الشيوخ! وكم نرى مِن كهولٍ وعقولهم كالأطفال! وإنما الخبرة في الحياة
بوجهٍ عام تتكوَّن مِن تَكرار تعامُل الإنسان مع المواقف الحياتية، وكثرة
تعرضه للاختبارات الاجتماعية، وتنوع الاطلاعات، والنهل مِن مختلف الثقافات،
والاستفسار والبحث والتنقيب والخبرة قد تتكوَّن بعامل أسرع إذا ما تنوعتْ
مصادرها.
4) تَكرار الفكرة يزيد مِن فرصة نجاحها: وهذه حقيقةٌ واقعية لكلِّ فكرة إيجابية أو سلبيَّة؛ فتكرارُ قولنا: أنا
بلا إرادة يزيد مِن فرصة انعدام الإرادة لدينا, والحل ليس في خداع النفس
وبث أملٍ كاذب فيها, وإنما في زرع الثقة بعرْض دلائل حقيقية عن أنفسنا
وعقولنا التي نجهل عنها الكثير، فما الداعي لتَكرار مثل هذه الرسائل
السلبيَّة؟ وما الحاجةُ للإحباط بهذه الصورة التي تهدم ولا تبني؟ لن تخسري
شيئًا إن استبدلتِ كل رسالة سلبية بأخرى إيجابية, حاولي فقط!
5) الحزن على ما فات دون أخذ العبرة أو النظَر في الأسباب: لعل نوبات الحزن تتمكن منكِ؛ فتقعدكِ عنِ الحركة والسير قدمًا كلما أخفقتِ
في حلِّ مشكلة، أو عجزتِ عن إحداث تغيير، أو لم تتمكني من التخلُّص مِن
عاداتكِ السيئة, وما أشد خطورة الإحباط على النفس! وما أسوأ أثره على
الحياة! ولو علمتِ قدر الضرر الجسدي الواقع نتيجة الضغط النفسي، لخشيتِ على
نفسكِ حقًّا، فالحزنُ على أمرٍ عجزتِ عنه يحتاج لدراسةٍ هادئة بعيدة عن
التوتُّر، ويحتاج للنظر في أسباب هذا الإخفاق ودراستها بتأنٍّ ورَويَّة,
وجرِّبي ذلك في بعض الأمور، واكتبي كافَّة الأسباب التي أدتْ إلى ذلك للعمل
على إصلاحها في المستقبل, هكذا يتعلَّم الإنسان، وهكذا يحقق النجاح, ولا
تنسي أن "توماس أديسون" أخفق مئات وربما ألف مرة حتى نجح في اختراع المصباح
الكهربي, ولم يقرِّرْ بعد هذا العدد المخيف من الإخفاق أنه ضعيف الإرادة،
أو لا يصلح لهذه المهمة!
6) سوء ترتيب الأولويَّات: سوء
ترتيب الأولويات يؤثِّر على نشاط الإنسان، ويعوقه عن إتمام الكثير من
المهام؛ إذ يهتم أحيانًا بما ليس له أولوية، ولا يعير الأولى ما يستحق مِن
اهتمام؛ فلتنظري كل يوم فيما عليكِ عمله، ولتتأمَّلي أي هذه الأشياء أكثر
أهمية مِن غيرها، وأيها أقلُّ أهمية, ولتكتبي ثلاثة أمور أو أكثر مُرتبة
على حسب أهميتها بالنسبة لكِ، فقد تكون لديكِ رغبةٌ عارمة في تحقيق أمرٍ
ما، لكن هذا الأمر ليستْ له أولوية قصوى في برنامجكِ اليومي, فلا داعي
لإعطائه أكبر مما يستحق على حساب غيره من الأمور الأكثر أهمية, وهكذا
فلتنظري في كلِّ أمرٍ على حدة، وليتم وضعه في مكانه الصحيح على اعتبار
أهميته الفعليَّة، وليس رغبتكِ الداخليَّة.
7) البُعد عن الواقعيَّة, والإسراف في وضْع الخطط: لكلٍّ
منَّا طاقات وقدرات, والحزم الزائد مع النفس مع إثقالها بما يشق عليها
يأتي في كثير مِن الأحيان بنتائج عكسيَّة ولا يحقق النَّجاح المرجو, فلا
بُدَّ أن تكون مطالبنا واقعيَّة وقريبة من قدراتنا؛ لديكِ إرادة لكنها
إرادة محدودة, فلا تحملي نفسكِ أكثر مما تستطيع, لنفرض أنكِ ترغبين في قيام
الليل على سبيل المثال, وقد ملأ النشاطُ قلبكِ أو فارت الحماسة في نفسكِ
بعد الاستماع لمحاضرة تتحدث عن قيام الليل مثلًا، أو بُعَيْد القراءة في
كتابٍ يتحدث عن فضل تلك العبادة ويستفيض في ثوابها وعظم أجرها؛ مما يثير في
النفس الرغبة العارمة في المسارعة لهذا الخير, فعزمتِ على قيام إحدى عشرة
ركعة كل ليلة, سيكون الأمر سهلًا في بدايته؛ وكذلك لكل عمل شرة, لكن النفس
سريعة التغيُّر، والقلب مُتقلب, لا يمكث أيامًا حتى يمل، وقد يضجر ويضعف,
والمشكلة ليستْ في نقص إرادتكِ هنا أو ضعف همتكِ, المشكلةُ كانتْ في سوء
التخطيط، وأخذ النفس بالقوة، وفي لحظة اندفاع وتأثر بما سمعتِ أو قرأتِ,
فلم تُفَكِّري جيدًا في قدرتكِ، وما اعتادتْه نفسكِ أعوامًا كثيرة,
ولتفكِّري بالتدرُّج مع النفس، والتهيُّؤ للأمر الحسن؛ فقيام خمس أو حتى
ثلاث ركعات والمداومة عليها خيرٌ من الطرق بقوة على النفس الضعيفة التي لا
تكاد تُعلن استسلامها وانهزامها وعدم قدرتها على مواصَلة الطريق!
عن عائشة - رضي الله عنها - أن
النبي - صلى الله عليه وسلم - دخل عليها وعندها امرأة قال: ((من هذه؟)),
قالت: فلانة تذكر من صلاتها، قال: ((مه! عليكم بما تطيقون؛ فوالله لا يمل
الله حتى تملوا))؛ البخاري.
وعنها - رضي الله عنها - أن
رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سُئِل: أي العمل أحب إلى الله؟ قال:
((أدومه، وإن قلَّ))؛ مسلم، فمِن ظُلم النفس أن نُثقل عليها، وأن نحملها ما
لا تطيق, ولنأخذها باللين والرِّفق والتدرُّج، حتى تلين وتستجيب.
مِن أكثر ما يعين على الكسَل، ويُسَبِّب الشعور بالثقل: الإسراف في الطعام، أو الشراب، وزيادة الترَف؛ قال ابن الجوزي في (صيد
الخاطر): "من ألِف الترفَ ينبغي أن يتلطف بنفسه إذا أمكنه, وقد عرفتُ هذا
من نفسي، فإني ربيت في ترف, فلما ابتدأت في التقلُّل وهجر المشتهى، أثر معي
مرضًا قطعني عن كثير منَ التعبُّد".
هذا ولا أظن ابن الجوزي لو رأى ما نحيا فيه مِن ترف الآن، إلا أن يَعُد ما يتحدث عنه تقشفًا!
وكثرة الطعام مِن أكثر ما يسبِّب الخمول والشعور الدائم بالثقل والعجز عن أداء الكثير من المهام.
"اعلم أنَّ قوام البدن بما فيه
من الحرارة والرطوبة وقوام كل منهما بالأخرى, فالحرارة تحفظ الرطوبة،
وتمنعها من الفساد والاستحالة وتدفع فضلاتها وتلطفها وإلا أفسدت البدَن،
والرطوبة تغذو الحرارة، وإلا أحرقت البدن وأيبسته، وينحرف مزاج البدن بحسب
زيادة أحدهما؛ لهذا يحتاج البدن إلى ما يخلف عليه ما حللته الحرارة ضرورة
بقائه، وهو الطعام والشراب، فمتى زاد على مقدار التحلل ضعفت الحرارة عن
تحليل فضلاته، فاستحالتْ مواد رديئة، فتنوعت الأمراض لتنوُّع موادها، وقبول
الأعضاء واستعدادها؛ فلهذا قال تعالى: ﴿
وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ﴾ [الأعراف: 31]" ا.هـ من (الآداب الشرعية).
9) السَيْر بعشوائية والبُعد عن المنهجيَّة: التنظيم أساس نجاح كلِّ عمل, وهو العاملُ الرئيس والمحرِّك الأول للأعمال,
فعليكِ باتباع نظام محددٍ يتناسب مع ظروفكِ وأحوالكِ, فلا يتم تكديس أعمال
تستغرق منكِ الكثير مِن الوقت في يوم واحد لمجرد أن هذا وقتها, ولا
تُسارعي إلى القيام بالكثير من الأعمال المتداخلة في وقت واحد, فليكن لكل
عمل وقته وقدره.
10) المبالغة في إحسان الظنِّ في الغد: إحسان الظن مطلوب, لكن كأي شيء يزيد عن حدّه يؤدِّي إلى عكس ما يرتجى منه؛
بإمكانكِ أن تُحسني الظن في الغد، وتأملي أن تحققي ما تحلمين به, لكن ليس
من الحكمة في شيء أن تعتقدي في الغد الخلاص التام من كافة المشكلات
والنهاية الأبديَّة لكلِّ معاناة, ولا ينكر عاقل صعوبة التخلص من العادات
السيئة التي استمر عليها سنوات أو شهور! وللتخلص منها لا بُدَّ من التحايل
على النفس والتدرُّج معها والتفكير في العلاج الحقيقي والمفتاح الصحيح، ولا
تنفع المحاولات العشوائية، أو التجارب الافتراضية مهما تكررتْ!
11) إغفال نعمة الوقت وقيمته في حياتنا: نحن نضيع الكثير من الأوقات؛ ظنًّا منَّا أنها غير مُثمرة؛ فمجرد دقائق
يقضيها المرء بعد الوضوء وهو في طريقه إلى الصلاة, سواء صلى في المسجد أو
البيت، قد لا يرى لها قيمة, ولا سبيل لاستغلالها, وأوقات المواصلات وما
نقضيه في السيارات, وأوقات الانتظار في المشفى, وغيرها من الأوقات التي لو
أحْسَنَّا استغلالها وعلمنا أهميتها لما كان حالنا كما هو الآن، ولما شكونا
تَكرار الوقوع في نفس المشكلة، وحسنُ استغلال الوقت يبدأ بمعرفة قيمته وكل
دقيقة فيه, وحسن التنسيق وتقسيم الأعمال على حسب الحالة المزاجية
والصحيَّة, فبعضُ الناس لا ينشطون ذهنيًّا إلا في آخر الليل، والبعض لا
يصفى عقله إلا بعد قهوة الصباح، وهناك من يروق باله بعد نوم القيلولة,
فعليكِ أن تكتشفي وقتكِ المُثمِر، وتجعلي له ما يناسبه من عمل ولغيره ما
يناسبه.
12) عدم الاستمتاع بالعمل والتكيف معه: يؤدي
إلى الإصابة بالإحباط ويقلل القدرة على الإنتاج بوجه عام, والدراسة لا
تختلف كثيرًا عن ذلك, فهل أنتِ بالفعل مقتنعة بمجال دراستكِ؟ وهل تستمتعين
به وتشعرين بالراحة والسعادة بدراسة هذا التخصص؟ أو أنكِ انقطعتِ عن
الدراسة؟ لم توضحي الكثير من المعلومات عنكِ ما يدل على شخصيتكِ المتعجلة
وهذه الشخصية ليس من السهل أن ترضى عن عمل إن كان به نقص ما.
13) التوتر والقلق: تأثير
التوتر على الحياة أكبر مما يظنه الناس؛ ومن غير المنطقي أن نسارع إلى
علاج ما يعترينا من أمراض جسدية ونبادر بأخذ العلاج المناسب ونترك أنفسنا
للقلق يبدد طاقاتنا ويقضي على أحلامنا، بل ويصيبنا بمختلف العلل
(النفسجسمية), ولا أستبعد أن يكون القلق من أكبر المعوقات عن العمل، وأشد
العوامل تأثيرًا على الإنتاج, فتعلمي فنون الاسترخاء، ومارسيها بالكيفية
السليمة، وستجدين لها أثرًا طيبًا وفعالًا, ولستِ بحاجة لشرحها فهي
متوفِّرة بكثرة على الشبكة، ومعروضة بأساليب مبسطة وواضِحة.
14) النظرة التشاؤميَّة: قيل: إن أكبر القتلة قاتل الأمل, وقيل: إن المتفائل يرى ضوءًا غير موجود,
بينما يرى المتشائم ضوءًا ولا يصدقه! ففرقٌ كبير بين قوة المتفائل
والمتشائم, وفجوة عظيمة بين إرادة هذا وذاك, بالتفاؤل تتحقق النجاحات
وبالأمل تولد المعجزات, وانظري إلى نفسكِ كيف يكون حالكِ في يوم تقومين فيه
مِن نومكِ وقد ملأ قلبكِ أمل في تحقيق أكبر قدر مِن النجاح في هذا اليوم,
راقبي نفسكِ وقارني حالك بيوم تنهضين فيه من فراشكِ وقد أطاح اليأس في
نفسكِ بكل حلم، وقضى على كل فكرة، فلا تسعين لاستثمار وقتكِ، ولا تجددين
الأمل في نفسكِ, وقدرة الشخص المتفائل على الإنتاج وتحقيق أمانيه تصل إلى
أضعاف قدرة المتشائم مهما بلغتْ قوته وتحققتْ له أسباب النجاح.
15) قلة القراءة والمطالَعة: القراءة للعقل كالرياضة للجسم؛ والفرق بين جسم الرياضي وغيره كالفرق بين
عقل القارئ وغيره؛ فالأول قوي العزيمة، مرن صلب الإرادة، ليس من السهل أن
يُقهر, بينما يتميز الآخر بضعف العقل، وقصور التفكير، وقلة الحيلة,
والقراءة تُبحر بكِ في عالم جميل، لا يُمل شكله، ولا تذبل أزهاره, يطوف بكِ
شتى بقاع الأرض، ويجلب لكِ مختلف الأفكار, كجوهرة مُلِئَتْ حكمة، وقوقعة
حُشيت علمًا, "الكتاب وعاءٌ مُلِئ علمًا، وظرف حشي ظرفًا، بستان يحمل في
ردن، وروضة تقلب في حجر، ينطق عن الموتى، ويترجم عن الأحياء"؛ كما وصفه
الجاحظ.
أخيرًا، قَال بعض الحُكماء: "نكح العجْز التَّوانِي فخرج منهما النَّدامة، ونكح الشؤْم الكسل فخرج منهما الحرمان".
أعاذكِ الله من ذلك كله وملأ
قلبكِ وعقلكِ وروحكِ همة ونشاطًا، وجنبَنا وإياكِ الكسل وما يؤدي إليه من
عواقب وخيمة, والله الموفق وهو الهادي إلى سواء السبيل.