ما صجة قول السيدة عائشة: ما رأيت عورة النبي صلى الله عليه وسلم قط ولا رآه مني
ديث منكر
أخرجه ابن المقري في ( مجمعه ) (ق 1 / 63) ، وابن عدي في ( الكامل) ( 2/ 479) ، والطبراني في ( الأوسط ) (ج3/ رقم 2218) ، وفي ( الصغير ) (10 / 53) ، وأبو نعيم في ( الحلية ) (7 / 100 ، 8 / 247) من طريق بركة بن محمد الحلبي ثنا يوسف بن أسباط ثنا الثوري عن محمد بن جحادة عن قتادة عن أنس عن عائشة قالت : ما رأيت عورة النبي صلى الله عليه وسلم … الخ
قال الطبراني : لم يروه عن الثوري إلا يوسف بن أسباط ، تفرد به بركة بن محمد
قلت : ولا بركة فيه ، فإنه كذاب
قال الدارقطني في ( العلل) ( ج5 / ق/ 20 / 1) : ( يرويه بركة بن محمد الحلبي وهو متروك .. هذا يضع الحديث على الثوري وعلى غيره ، ولا يصح هذا لا عن الثوري ، ولا عن محمد بن جحادة ، ولا عرفناه ) . ا هـ . وله طريق آخر . أخرجه أبو الشيخ ابن حبان والدارقطني : ونقل البخاري عن أحمد قال : ( رمينا حديثه ) ، أما توثيق ابن معين له فغير معتبر ، فإن الرواة كان يخافون منه ، فقد يكون أحدهم ممن يخلط عمدًا ، ولكنه استقبل ابن معين بأحاديث مستقيمة ، فإذا وجدنا ممن أدركه ابن معين من الرواة من وثقه ابن معين وكذبه الأكثرون أو طعنوا فيه طعنًا شديدًا فالظاهر أنه من هذا الضرب فإنما يزيده توثيق ابن معين وهنًا لدلالته على أنه كان يتعمد كما قال الشيخ العلامة عبد الرحمن بن يحيى المعلمي رحمه الله
وله طريق آخر أخرجه أحمد ( 6/ 63) ، والترمذي في ( الشمائل) (352) ، وابن ماجه
( 1922,662
في سنده مولا لعائشة وهي مجهولة ، ثم اعلم أن هذا الحديث يعارض ما هو أقوى منهوفيه إجازة النظر إلى العورة ، سواء في ذلك المرأة أو الرجل ، وهو حديث معاوية بن حيدة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له : ( احفظ عورتك إلا من زوجتك أو ما ملكت يمينك
أخرجه أبو داود ( 4017) ، والترمذي ( 2794) وابن ماجه (1920) ، وأحمد (5/ 3، 4) ، وصححه الحاكم ( 4/ 180) ، وسنده حسن
وأخرجه الشبخان . واللفظ لمسلم عن عائشة قالت : ( كنت أغتسل أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم من إناء بيني وبينه واحدٍ ، تختلف أيدينا فيه ، فيبادرني حتى أقول : دع لي ، دع لي ، قالت : وهما جنبان
قال الحافظ في ( الفتح ) ( 1/ 364) : ( استدل به الداودي على جواز نظر الرجل إلى عورة امرأته وعكسه ، ويؤيده ما رواه ابن حبان من طريق سليمان بن موسى أنه سئل عن الرجل ينظر إلى فرج امرأته فقال : سألت عطاء فقال : سألت عائشة فذكرت هذا الحديث بمعناه . وهو نص في المسألة . والله أعلم ) . ا هـ .
قال ابن حزم في ( المحلى ) ( 10 / 33) : ( وحلال للرجل أن ينظر إلى فرج امرأته : زوجته ، أو أمته التي يحل له وطؤها - وكذلك لهما أن ينظرا إلى فرجه ، لا كراهية في ذلك أصلاً ، برهان ذلك الأخبار المشهورة عن عائشة ، وأم سلمة ، وميمونة ، أمهات المؤمنين - رضي الله عنهُن - أنهن كن يغتسلن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من الجنابة من إناء واحد ، وفي خبر ميمونة بيان أنه - عليه الصلاة والسلام - كان بغير مئزر ، لأن في خبرها أنه - عليه الصلاة والسلام - أدخل يده في الإناء ، ثم أفرغ على فرجه وغسل بشماله ، فبطل بعد هذا أن يلتفت إلى رأي أحدٍ ، ومن العجب أن يبيح بعض المتكلفين من أهل الجهل وطء الفرج ويمنع من النظر إليه ويكفى من هذا قول الله عز وجل : (وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ*إِلاَّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ) [ المؤمنون : 5، 6] . أمر - عز وجل - بحفظ الفرج إلا على الزوجة وملك اليمين فلا ملامة في ذلك ، وهذا عمومٌ في رؤيته ولمسه ومخالطته ، وما نعلم للمخالف تعلقًا إلا بأثر سخيف عن امرأة مجهولة عن أم المؤمنين : ( ما رأيت فرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ) وآخر في غاية السقوط ) . ا هـ
الشيخ أبي اسحاق الحويني-شفاه الله و حفظه-