ضعف المسلمين وقوة العدو
الخطبة الأولى:
الحمد لله القائل في محكم كتابه العزيز: {وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ}[المنافقون: 8]، والقائل سبحانه: {وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ}[آل عمران: 139]. أحمده سبحانه حمد الذاكر الشاكر لآلائه وصنوف نعمائه. وأشهد أن لا إله إلا الله جعل العزة لمن أطاعه والذلة لمن عصاه، والصلاة والسلام على خيرته من خلقه وصفوة رسله وأنبيائه، وعلى آله وأصحابه وأوليائه الذين أنعم الله عليهم بهذا الدين العظيم، فاعترفوا بولائه وسعوا في نشره وإعلاء بنائه ورفع لوائه. أما بعد:
يقول الله عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ}[آل عمران: 102]، ويقول عز من قائل: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا}[النساء: 1].
أيها المؤمنون: لم يعد خافياً على أحد من الناس اليوم ما يعيشه المسلمون من ذلة ومهانة, وما يحيط بهم من ظروف صعبة وأحوال مريرة, تتمثل في كيد من الأعداء, وتسلطهم على بلاد المسلمين, كما تتمثل في أحوال المسلمين، وما طرأ على كثير من مجتمعاتهم من بعدٍ عن تعاليم الإسلام, وإقصاء لشريعة الله سبحانه ورفض الحكم بها والتحاكم إليها.
إن المسلمين اليوم يمرون بفترة من أحلك فترات تاريخهم، وذلك أنهم انحدروا من القوة إلى الضعف، ومن القيادة والريادة إلى التبعية والهوان.
وإن المتأمل في حال المسلمين اليوم يلحظ مظاهر الضعف والبعد عن حقيقة دين الإسلام في مجموعهم، وفي كل جانب من جوانب الحياة المختلفة واضحاً جلياً.
أيها المسلمون: إن المتتبع لتاريخ الأمة الإسلامية المتمعن في الصفحات الذهبية من سجلها الحافل لتأخذه الدهشة، ويأخذ به العجب كل مأخذ وهو يقرأ أمجادها الزاهية التي تثري مواقفها في تلك الصفحات المضيئة تمثلاً بالإسلام، وتخلقاً بالقرآن، وتعلقاً بالآخرة, وتفلتاً من الدنيا، وجهاداً في سبيل الله، ونشراً لدين الله، وحرصاً على هداية جميع الناس إلى رحاب هذا الدين الذي أكرمهم الله به.
يقرأ كل ذلك ويتصوره ويعيشه بخياله، ثم يعود إلى واقعه الذي يعيشه فلا يرى من ذلك الذي قرأه من الأمجاد الزاهرة شيئاً من دنيا الواقع، فتأخذه الدهشة, ويبلغ به العجب من هذا الأمر مبلغه, ويسأل نفسه أين تلك الأمجاد؟ أين تلك الصورة الزاهية التي تعطر أجواء التاريخ؟ أين أولئك الرجال الذين صنعوا ذلك كله؟ لا أرى منهم أحداً, ولا أرى من أمجادهم شيئاً غير آثار لخطواتهم ما زالت تقرع بسمع الزمان, وظل لمآثرهم يتفيأه أبناء هذا العصر من هذه الأمة، ولولا تلك البقية الباقية من الآثار لاندرست معالم الأمة، وانمحت أمجادهم بالكلية، واندثرت أصولها ومرتكزاتها وغابت في دياجير النسيان ومتاهات البلى كما حدث ذلك كله لأمم سبقتها:
قال الشاعر:
فسل المدينة كم رأت من مجدنا *** إذ كان فيها للهدى أنصار؟
واسأل دمشق عن الذي قد شاهدت *** وبها معاوية الفتى المغوار؟
وانظر إلى بغداد واسأل ساحها *** أين الرشيد وصحبه الأخيار؟
وبكوفة سائل جميع ربوعها *** هل كان للإسلام فيك منار؟
تجد الجواب لدى الجميع مطابقاً *** لم يبق إلا الظل والآثار؟
أما الرجال فقد مضوا من يومهم *** وتقلبت ببنيهم الأعصار؟
عباد الله: إن المتتبع لهذا التاريخ المشرق ليعجب أشد العجب لهذا الانقطاع بين صدر الأمة وعجزها، ولهذا التبدل الذي حدث في كيان الأمة، وهذا التغير الذي طرأ على واقعها فبعد أن كانت أمة الأمجاد أمست أمة الإخلاد، وبعد أن كانت القائدة أصبحت المقودة, وبعد أن كانت رمزاً للعزة والغلبة والظفر انقلبت بها الحال فإذا هي لقمة سائغة في فم كل آكل ونهب مقتسم في يد كل طامع وباختصار نردد مع الشاعر في وصفها قوله:
ضاعت معالم عزة وتحطمت *** فينا الكرامة واستبيح الدار
وتبدلت أخلاقنا وطباعنا *** وتساوت الحسنات الأوزار
وقوله: في وصفها أيضاً:
بلغت أمتي من الذل حداً *** فاق في سوءه جميع الحدود
فلقد أصبحت تجر خطاها *** مثقلات في ذلة وكنود
خلف كل الورى تجرب ما قد *** جربوه من طارف وتليد
بعد أن كانت العزيزة صارت *** رمز ذل وأمة التشريد
عبث الطامعون في كل شبر *** من ثراها حتى كلاب اليهود
وغدا جندها الأشاوش جندا *** للشياطين في جميع البنود
بعضهم يتبع النصارى وبعض *** يتبع المنكرين للمعبود1
عباد الله: عن ثوبان رضي الله عنه مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يوشك أن تداعى عليكم الأمم من كل أفق كما تداعى الأكلة على قصعتها. قال: قلنا يا رسول الله: أمن قلة يومئذٍ؟ قال: أنتم يومئذ كثير، ولكن تكونون غثاء كغثاء السيل، ينتزع الله المهابة من قلوب عدوكم ويجعل في قلوبكم الوهن. قال: قلنا يا رسول الله وما الوهن؟ قال: حب الحياة، وكراهية الموت))2.
عباد الله: يصف النبي صلى الله عليه وسلم يومئذ وما أشبه حال أمتنا الآن بهذا الوصف ولا حول ولا قوة إلا بالله. فما أكثر المسلمين اليوم إذ فاقوا المليار وربع المليار، ولكن أكثرهم كغثاء السيل. قال البخاري: "والغثاء: الزبد، وما ارتفع عن الماء، ما لا ينتفع به"3.
أيها المسلمون: ينبغي أن لا يستقر في أنفسنا هزيمة حتى وإن كنا في هذا الوضع السيئ الذي يُقتل فيه المسلمون, ويُشردون, وتُنتهك أعراضهم, وتُنهب ثرواتهم في جميع بقاع الأرض؛ لأننا أمة تعلم بصريح قول الله عز وجل: {وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ}[القصص: 5].
إننا أمة نعلم علم اليقين قول الله عز وجل: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ}[النور: 55].
ويعلمون قول الله عز وجل: {إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ}[غافر: 51].
عباد الله: إن عدو المسلمين في قوة ومنعة وتسلط على المسلمين، وفي كبرياء وتكبر على باطل وكفر، ونحن أمة الإسلام أمة الحق والهدى في ذل وضعف وهوان ونحن أحق بالقوة والمنعة والنصر، ولكن عباد الله تعالوا بنا لنرى ما الأسباب التي جعلتنا أضعف الأمم، وأذل المجتمعات على الإطلاق، فالأسباب كثيرة ومتعددة في جميع الجوانب.
فالأمر الأول: حب الدنيا وكراهية الموت.
إن الحياة الدنيا بزخرفها طغت على قلوب كثير من المسلمين اليوم، وإنه الوهن الذي جاء في الحديث. قالوا: وما الوهن يا رسول الله؟ قال: ((حب الدنيا، وكراهية الموت))، فكثير من المسلمين اليوم يكره الجهاد في سبيل الله، ويحب البقاء في هذه الدنيا، وهذا عامل أساسي في ضعف الأمة الإسلامية، عندما يتخلى أبناء الأمة الإسلامية عن الجهاد فيأتي العدو يستبيح بيضتهم كما هو حال الأمة الإسلامية اليوم، فالجهاد في سبيل الله وحب الموت دافع كبير لنصرة هذه الأمة؛ لأن هذا الدافع يجعل أبناء المسلمين يقدمون كل غالٍ ورخيصٍ في دفع هذا العدو الجائر، ويقدمون كل ما يملكون في سبيل النهوض بهذه الأمة من هذا الوحل الذي غرقت فيه.
عباد الله: وإن من أسباب ضعف الأمة ضعف الإيمان في قلوبنا.
إن الإيمان لما ضعف في قلوبنا، قل الدافع للعمل لهذه الأمة والنهوض بها، فضعف الإيمان يبعث الانهزامية في قلب صاحبه، ولهذا فضعاف الإيمان انهزموا عندما رأوا عدوهم في قوة ومنعة، وهم في ضعف وذل وجبن ولم يرجعوا إلى كتاب الله الكريم الذي قال فيه: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ}[النور: 55]. وقوله: {إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ}[غافر: 51]. فهذا وعد الله لأوليائه في هذه الحياة الدنيا، إذا كانوا أقوياء الإيمان حيث يجعل التمكين والنصر لهم.
ومن الأسباب: إضاعة الصلوات واتباع الشهوات.
أيها المسلمون: إن المساجد تشكوا من قلة المصلين فيها، فالناس اليوم إلا من رحم الله ضيعوا الصلوات واتبعوا الشهوات. فضعفت الأمة بسبب هذا التضييع للصلوات: فالصلاة هي عمود الدين، ولا يمكن لهذا الدين أن يقوم بغير هذا العمود، وكذلك لا يمكن لهذه الأمة أن تنتصر وتكون قوية بغير هذا الدين.
ومن الأسباب: عدم الإعداد للعدو، والرضى بأخذ حاجاتهم من عدوهم وعدم الهمة العالية في إنتاج حاجاتهم من بلادهم وثرواتهم. فالمسلمون اليوم في أضعف ما يكون إعداداً، بل لم يخطر على بال كثير من المسلمين أن يقوموا بالإعداد لمواجهة العدو والاستعداد للقائه، وهذا ما جعل العدو يعد العدة والقوة فصار قوياً والمسلمون لا زالوا ضفعاء ولا يزالون كذلك إلا أن يأخذوا بأسباب النصر والتمكين.
ومن الأسباب: التفرق والاختلاف وعدم جمع الكلمة وعدم الاتحاد والتعاون، فالمسلمون اليوم جماعات، وأحزابٌ متفرقة متناحرة، كل منها يريد القضاء على الآخر، وهذا من مخططات الأعداء الذين نجحوا فيه أيما نجاح، والمسلمون في نومهم العميق، وهذا مما جعل الأمة الإسلامية في هذا الحال التي هي عليه اليوم؟!!.
وكذلك أيها الإخوة من أسباب ضعف الأمة: ضعف فهمنا لحقيقة الإسلام وأهدافه ومقاصده، الذي لو فهمناه حق الفهم لكنا أقوى الأمم وأعزها على الإطلاق، فالإسلام دين ودوله، وعمل وجهاد، وتعاون وإخاء، ورحمة وقوة, الإسلام اهتم بجميع جوانب الحياة العسكرية, والاقتصادية, والسياسية, والاجتماعية, وغيرها من الجوانب.
عباد الله: من هذه الأسباب وغيرها من الأسباب الخطيرة، وثمراتها وموجباتها حصل ما حصل من الضعف لهذه الأمة أمام عدوها والتأخر في جميع حياتها إلا ما شاء الله.
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر والحكيم، واستغفروا الله إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله مسبب الأسباب, وناصر أوليائه بلا ارتياب, جعل النصر لمن أخذ بالأسباب, والصلاة والسلام على محمد المجتبى المختار, وعلى آله وأصحابه الأطهار. أما بعد:
عباد الله: لا تيأسوا وأنتم في هذا الحال، ليتحققن وعد رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ليبلغن هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار، ولا يترك الله بيت مدر ولا وبر إلا أدخله الله هذا الدين، بعز عزيز أو بذل ذليل، عزا يعز الله به الإسلام، وذلا يذل الله به الكفر))4.
أيها المؤمنون: هذا وعد من الرسول الكريم الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحيٌ يوحى، وعد بأن هذا الدين سيبلغ ما بلغ الليل والنهار، وهذا لا يكون إلا في حال قدرة المسلمين ومنعتهم والقوة والمنعة لهذه الأمة لا تكون ولا تحصل إلا بالأخذ بالأسباب التي تجعلها أمة قوية وعزيزة.
عباد الله: تعالوا بنا لنستعرض بعض أسباب النصر التي من خلالها تصبح أمتنا الإسلامية في قوة وعزة فمن هذه الأسباب.
1. الإيمان أول مقومات التمكين والنصر، وهو رأسها وبدونه لا قيمة لغيره من المقومات والأدوات، ومن هنا كان تقديم المولى سبحانه وتعالى له على غيره، قال تعالى: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ} والمتدبر لكتاب الله تعالى يجد أن الله عز وجل حين يعد المؤمنين بالنصر والتمكين يضع نصب أعنيهم شرطاً أساسياً ألا وهو الإيمان، يقول تعالى: {وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ}[آل عمران: 139]. فالاستعلاء صفة المؤمنين، ولكن أداته محددة واضحة: {إن كنتم مؤمنين} فبالإيمان يكون النصر حليفاً للمسلمين.
2. ومن الأسباب: العمل الصالح: يأتي العمل الصالح في المرتبة التالية، بعد الإيمان في مقومات النصر والتمكين كما جاء في قول الله: {... آمنوا منكم وعملوا الصالحات..}. فالعمل الصالح يجعل الأمة تكون في رفعة، والعمل: هو فعل الشيء عن قصد. والصالح: هو النافع. مأخوذ من الصلاح وهو الاستقامة والسلامة من العيب.
3. ومن الأسباب عباد الله: العلم، فالعلم من أهم مقومات النصر والتمكين للأمة الإسلامية؛ لأن من المستحيل أن يمكن الله تعالى لأمة جاهلة، متخلفة عن ركاب العلم. فالعلم هو الذي يجعل المسلمين أقوياء في جميع جوانب الحياة, وبالعلم تكون قوتهم في الجانب العسكري، وبالعلم تكون قوتهم في الجانب الاقتصادي, وكذلك السياسي وغيرها من الجوانب؛ لأن الجاهل لا يستطيع أن يعمل شيئاً. فالجهل آفة كبيرة وهو سبب في ضعف المسلمين ورجوعهم إلى الوراء.
4. وكذلك من الأسباب: وحدة الصف، قال الله عز وجل: {وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ}[الأنفال: 46]. في هذه الآية الكريمة ينهانا ربنا عن التنازع والافتراق؛ لأن ذلك سبب في ضعفنا، والوحدة والتآلف سبب في نصرتنا على عدونا، فالأمة الإسلامية اليوم بحاجة ماسة إلى توحيد صفها، ولم شملها، لأنها في نزاع واختلاف وتفرق لا يعلمه إلا الله سبحانه وتعالى، فالوحدة حليفها النصر.
أمة الإسلام: إنه لا مخرج للأمة الإسلامية من كل ما تعانيه إلا بالرجوع الصادق إلى الله جل وعلا، والتمسك الحقيقي بسنة نبيها محمد صلى الله عليه وسلم، والصدق الظاهر والباطن لدينها، والأخذ بأسباب النصر، فلا منقذ لهذه الأمة إلا التوجه النابع من القلب لمحبة الله جل وعلا ومحبة رسوله صلى الله عليه وسلم محبة توجب الوقوف عند الأوامر، والانزجار عن النواهي، والعمل بالشريعة في الحكم والتحاكم، وفي جميع شؤون الحياة كلها صغيرها وكبيرها، {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا}[الأحزاب: 36].
ثم اعلموا أن من أفضل الأعمال وأزكاها لهج الألسن بالصلاة والتسليم على النبي الكريم، فصلوا وسلموا عليه كثيراً، صلاة من يحيى قلبه بمحبته، وتهنأ حياته بمنهج سنته. اللهم صلي وسلم عليه وعلى آله وأصحابه ومن والاه.
اللهم انصر أمة محمد صلى الله عليه وسلم، اللهم انصر أمة محمد، اللهم انصر أمة محمد. اللهم أخرجهم من الظلمات إلى النور, اللهم احفظ المسلمين في كل مكان، اللهم وبدل ذل المسلمين عزاً وتمكيناً, ونصرة وتأييداً، اللهم أصلح أحوال المسلمين في كل مكان، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
1 ديوان الزفرات الحرى. لعبد الله الشبانة (ص60).
2 رواه أحمد (22397)، وأبو داود (4297)، وصححه الألباني.
3 صحيح البخاري (4/1769).
4 رواه أحمد (16956)، وصححه الألباني، انظر: السلسلة الصحيحة (3).