سنة الصراع بين الحق والباطل
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أما بعد:
فإن من أظهر سنن الله في هذا الكون سنة الصراع بين الحق والباطل، وعلى هذا خلق الله الخلق، فكان خلقه وحكمه وتصرفه في الكون عادل، ولا يزل هذا الصراع موجوداً إلى حين يبعث الله الأواخر والأوائل. فهو الذي أمر إبليس بالسجود لآدم فأبى، استكباراً وحسداً، فطرد من رحمة الله أبداً، ولم يكن له بعد الطرد والإبعاد يدا، فخسر خسراناً كبيراً سرمداً.. ومن حينئذ بدأ الصراع، وتفاقم النزاع، فكانت سنة الله تعالى أن يحيى من حي عن بينة، ويهلك من هلك عن بينة ولا يظلم ربك أحداً.
عباد الله: الصراع بين الحق والباطل سنة ربانية، ولولا الصراع بين الحق والباطل لم يقم علم الجهاد، ولم تخلق النار وبئس المهاد، وما وجدت الجنة لخير العباد، ولما نودي يوم التناد: {فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ}[الشورى: 7] وجيء بالأشهاد. قال تعالى عن هذا الصراع ذاكراً خطورة العدو: {إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى}[طه: 117] فبدأ إبليس يصارع، وبكيده ومكره يقارع، فوسوس للأبوين، وأخرجهما من جنة رب العالمين، ثم تابا إلى الله وأنابا، فتاب الله عليهما وغفر ذنبهما، وستر عورتهما، فهو المحمود بكل حال وهو المشكور بكل مقال. ثم بدأ الصراع يتصاعد بعد نزول آدم وحواء إلى الأرض وبعد أن رزقهما الله الأولاد في الطول والعرض، نما الحسد وظهر، وبدأ إبليس يوسوس لابن آدم الذي أوصله في النهاية إلى قتل أخيه فأصبح من الخاسرين النادمين.
عباد الله: هل تدرون لماذا قتله؟! وهل تعلمون لماذا سفك دمه؟! لأن الله تقبل منه لإخلاصه وصدقه، ولم يتقبل من أخيه القربان، فكان ذلك الصراع بين مؤمن تقي وبين قاتل شقي. ومضى الصراع يتسع أكثر فأكثر حتى بعث الله النبيين مبشرين ومنذرين، فافترق الناس إلى أولياء لله، وأعداء لله، إلى مؤمن بالرسل وكافر بهم، وهكذا... فهذا نوح عليه السلام دعا قومه إلى عبادة الله وترك عبادة الأوثان، فصارعوه وعاندوه ولم يقبلوا منه، فأهلكهم الباري بعد ما مكث نوح فيهم ألف سنة إلا خمسين عاماً. ثم تتابع الأنبياء والرسل في التوجيه والبيان وبيان مخاطر الشرك والطغيان، فبعث الله أنبياءه، وعلى رأسهم إبراهيم عليه السلام فاتضح الصراع جلياً، وبان الحق ظاهراً علياً، وأي بلاء أشد من أن يبتلى الإنسان بصدود أبيه، وإعراض والديه عن الحق المبين، فلم يوافق إبراهيم أباه، على عبادة غير الله، بل كسر الصنم، وسفه أحلام البكم، وأنار بتوحيده الظلم، فكان في ذلك أمة وعلم، وآية تكتب بكل قلم.
الله أكبر.. إنه الصراع بين الخير والشر، بين أولياء الله وأعدائه... ذهب إبراهيم إلى النمرود ليبين له أنه مخلوق ضعيف، وفكره سخيف، وأن ادعاء الربوبية لا تصلح لمن أوله نطفة قذرة وآخره جيفة مذرة، وهو بين هذا وذاك يحمل العذرة، فتكبر المسكين وتجبر، وأعرض عن الحق وأصر، فقتل كيف قدر، ثم قتل كيف قدر، فعاقبه الله بمخلوق ضعيف كان يسيمه سوء العذاب.
ثم حصل الصراع بين إبراهيم وذاك الطاغية الذي أراد أن يأخذ زوجه ويعمل بها المنكر، ولكن الله تعالى حماه وحماها من كيده.
وهكذا.. على مدار التاريخ، فقد استمر الصراع بعد نبي الله إبراهيم.. فجاء الرسل من بعده ليكملوا هذه المسيرة الكونية، حيث بعث الله تعالى إسحاق ويعقوب وإسماعيل لقومهم منذرين ومبشرين وداعين إلى الله، فاعترضهم أهل الفساد، واستمر الصراع، فجاء أنبياء الله، ومنهم موسى عليه السلام وكثيراً ما ذكرت قصته في القرآن لتدل على حتمية هذا الصراع بين الحق والباطل، ابتلاه الله أولاً بفرعون وجنوده وطغيانه، ثم ابتلاه الله ثانياً ببني إسرائيل الذين طلبوا منه أشياء عجيبة، ومطالب غريبة، قالوا: {أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً}[النساء: 153]، وقالوا: {فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ}[المائدة: 24]. وعبدوا العجل ونقضوا العهد والعقد واتبعوا أهواءهم... ثم أرسل الله داوود عليه السلام كما قال تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلإِ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ مِن بَعْدِ مُوسَى إِذْ قَالُواْ لِنَبِيٍّ لَّهُمُ ابْعَثْ لَنَا مَلِكًا نُّقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللّهِ}[البقرة: 246], وقصته مع قومه عجيبة وثبات أهل الحق في النهاية آية، وقتل داوود جالوت.. هذا هو الصراع البدني بالقتل والطرد والإبعاد لكل فاسد ومشين.
عباد الله: هذه هي سنة الله في الصراع، ولا يمكن أن تقف عند حد أو زمان أو مكان، بل هي ماضية مضي الليل والنهار... لقد ظهرت معالم الصراع في زمان رسول الله، وتجسدت أيما تجسيد فأكبر صراع في مكة بالصبر والحجة والبيان والدعوة السرية ثم الجهرية... ثم انتقل الرسول إلى المدينة لتتسع دائرة الصراع وليظهر الحق على أيدي القلة المؤمنة، فكانت الملاحم المتتابعة والغزوات الكثيرة ليمضي الصراع، وليكن له في كل زمان ومكان طريقاً يسلكه ونهجاً يسير عليه، وهكذا استمر الصراع في تاريخ البشرية على مر العصور والقرون والسنين والأيام. لا تخبو ناره ولا ينطفئ سعيره.
يا أمة الإسلام! هكذا أراد الله وقدر، وهكذا حكم ودبر، فهو الملك الحق، يعلم ما كان وما يكون ولا يخفى عليه شيء، فحكمته بالغة، وحجته دامغة، وقهره ظاهر، وأمره ظافر، وكل من عصاه خاسر..
إن ما يريده اليوم أعداء الله تعالى من طمس ذلك المعلم العظيم، ومحاولة الوصول إلى هدف عقيم، قد سبقت حكمة الله خلافه، وقد اقتضى حكم الله إتلافه.. ذلك أنهم يريدون أن يميعوا معالم هذا الصراع إلى صراعات ونزعات عرقية، أو وطنية، أو وثنية... ويمحوا ذلكم الصراع بين الحق الجلي والباطل العمي. إنهم يريدون – كما يزعمون وأنى لهم ذلك – أن يقولوا للناس لا عداء بين الأمم، ولنعشْ في أمن وأمان كأننا عالم واحد، لا خلاف ولا نزاع بيننا، ولتذهب تلكم العقائد البالية – زعموا قاتلهم الله – ولنبني العالم على نوع من الوئام والسلام، والبعد عن كل دين بما في ذلك الإسلام.
أيها المسلمون: هذا ما يريده الأعداء اليوم: صرف النظر عن القضية العظمى، وهي: أن هذا الدين هو دين الحق، ولا بد من التميز والمفاصلة على أساسه المتين، وحبله الرفيع القوي الموصول برب العالمين.. ولكن يا ترى هل حققوا ما يريدون؟ أم أنهم في طغيانهم يعمهون؟ وفي غيهم يترددون؟ هل حقاً أزاحوا ذلكم الصراع عن الساحة العالمية، أم أن تلك محاولات باءت بالفشل. كيف لا.. وهم اليوم يصبون جام غضبهم على الدول الإسلامية صباً، وينزلون العذاب على أهلها قتلاً وضرباً.. كيف هذا وهم الذين طغوا في البلاد، فأكثروا فيها الفساد.. كيف هذا وهم الذين يديرون الصراع بأنفسهم؛ لإدخال العالم كله في المحرقة العظمى، والداهية الكبرى..
عباد الله! أليس في هذا دليل على أن طريق الصراع ماضٍ مهما دندن هؤلاء وطبلوا، ومهما دعوا إلى السلام وحاولوا، وهم كما قال الله: {كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكَاثًا}[النحل: 92] فهم يبرمون وينقضون، ويعاهدون ويغدرون، فلهم في كل يوم مقالاً، ويخالفون ذلك بأفعالهم الآثمة، {وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا} [المائدة: 33].. كيف يدعون إلى السلام، ويصدقهم الطغام.. كيف يدعون إلى هذه الشعارات الزائفة، ومنهم في كل بلاد مرعوبة وخائفة.. كيف يدعون إلى ذلك، وهم قد سلكوا أخبث المسالك.
يا عباد الله: كفانا غفلة وكفانا ضياعاً وكفانا تبعية... يا عباد الله: عودوا إلى ربكم وافهموا دينكم وأطيعوا نبيكم.. كفانا خزياً وعاراً ودماراً! إلى متى لا تعقل؟
إن من يريدون اليوم تحويل الصراع إلى صراعات سطحية، ويعرضون عن منهج الله: ليعملون في سراب، ويحفرون في رمل يباب، ومأواهم إن لم يتوبوا إلى عذاب، فهم كمن يرى السراب في أرض بعيدة فيحسبه الظمآن ماءً، فإذا جاءه لم يجده شيئاً! كلها أمور تعارض الكون في مسيرته القدرية التي خلق عليها، فأي مصير لمن عارض الله في حكمه؟!!.
لقد قال الله تعالى عن ذلك الصراع: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً} [التوبة: 123]، وقال: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ}[التوبة: 73]، {قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ}[التوبة: 29]، وقال: {فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى * وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا}[طه: 123، 124]، ومعظم آيات القرآن تتحدث عن هذه السنة الربانية التي لا يردها راد، ولا يضيق بها واد..
عباد الله: إن الصراع منذ القدم قائم بين الموحدين والملحدين، بين المشركين والمسلمين، بين المسلم النقي والكافر الشقي، بين من {إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ}[الأنفال: 2]، وبين من إذا ذكر الله وحده اشمأزت قلوبهم ونفرت وكرهت، بين من يرجون الله واليوم الآخر، وبين من لا يرجون لله وقاراً، بين أهل الطهر والعفاف، وبين أهل الباطل المستكبرين. وستبقى سنة الله ماضية.. والظافر: من كان في الحياة على البلاء صابر، والخاسر: من كان لكل حق مكابر، ولا ينجو يوم القيامة إلا من رحم ربك. أقول قولي هذا وأستغفر الله من كل ذنب إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله الواحد القهار، العزيز الغفار، مكور الليل على النهار، تبصرة لذوي العقول والاعتبار، وتذكرة للمجرمين الفجار، والصلاة والسلام على رسول الله المصطفى المختار، وعلى آله الأطهار، وصحابته الأخيار، ومن سار على ما ساروا عليه إلى يوم القرار، أما بعد:
فقد تحدثنا في الخطبة الماضية عن حتمية الصراع بين الحق والباطل، وأنه لا يمكن لأحد أن يرده، ولا لمن سولت له نفسه أن يصده؛ لأنه سنة الله كما قال الله: {فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلًا وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلًا}[فاطر: 43].
عباد الله: لقد تجلى الصراع في هذا العصر بين الإٍسلام والكفر، فهذه الدول الكافرة توجه سهامها صوبكم، وهذه الجموع قد رمتكم عن قوس واحدة لدينكم وملتكم، ألا فليتق الله كل مسلم، وليصبر على البلاء وعلى شدة العدو، فإننا نرى الأعداء يجدون ويشدون، ونرى المسلمين في غفلتهم يعمهون، عن معاينة هذا التدافع والصراع، وعن الأخذ بأٍسباب القوة والحذر: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ خُذُواْ حِذْرَكُمْ فَانفِرُواْ ثُبَاتٍ أَوِ انفِرُواْ جَمِيعًا}[النساء: 71].
إن الصراع اليوم جار حتى بين المسلم وبين المنافق من أبناء جلدته، وقد وضع الصليبيون بعد خروجهم من البلاد المستعمرة كوابيس وأخداماً لهم ينشرون مخططاتهم مباشرة أو من وراء حجب لتحطيم المجتمع.
أيها المسلمون: لقد انبرى لمحاربة الإسلام كثيرون بوسائل مختلفة فتحطموا، وتكسرت على حقيقته الثابتة نظرياتهم وجدلياتهم وأقوالهم المزخرفة، وتكشفت بنوره تزييفاتهم وأكاذيبهم وأباطيلهم، وظل الإسلام بحقه ونوره يتحدى كل مخالف له، ويصرع كل مصارع، ويطحن كل محارب {يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ}[الصف: 8]. إنه موقف رهيب انفرد به هذا العصر! أن ينبعث أناس من أبناء جلدتنا ليطعنوا الدين باسم الدين، ويحاربوا الفضيلة، وينشرون الرذيلة. لقد استُخدم هؤلاء استخدام العبيد الرعاع لخدمة اليهود والنصارى، في نشر الأفكار والأخلاق التي تناقض الإسلام وأخلاقه وهديه. لقد قامت صحف ومجلات وكتاب يهاجمون ما أسموه (التقاليد) وهم يقصدون الدين الذي ورثه المسلمون عن آبائهم وأجدادهم وينادون بضرورة تحطيمها وتخليص المجتمع من أغلالها.. ومما ركزوا عليه تحطيم حجاب المرأة وسترها، وعفافها وشرفها والتزامها ببيتها، وتحريم الخلوة بالأجنبية!! ووضعوا في المطلوب تطبيقه لساداتهم: سفور المرأة وهجرها لبيتها، ووجوب الاختلاط ووجوب التجربة قبل الزواج!! ووجوب إباحة التكشف والعري في كل محل، وعشرات أخرى من تلك الواجبات!!
وخرجت المرأة من بيتها بدون شرط ولا قيد، وخلعت حجابها وأسفرت عن عفافها وأصبح هذا أمراً واقعاً.
وفشت العلاقات المحرمة، ووقع الاختلاط، وقامت الصداقات! بين الأولاد والبنات، وأصبح هذا أمراً واقعاً.
وفي عالم السياسة: قامت أحزاب تبعد الدين عن مجالاتها تماماً، وتحرم الخوض فيه، وأصبح هذا أمراً مشاهداً واقعاً.
وفي عالم الاقتصاد: قامت بنوك ومؤسسات ربوية تتعامل بالربا جهاراً نهاراً. وفي عالم الفكر: قامت نظريات وآراء وأفكار تسخف الدين، وتنظر إليه على أنه خرافة وجهل، وتأخر وأساطير، وأصبح هذا أمراً واقعاً.
لكن حتى يتم الصراع الكوني، قامت طائفة لله تقارع ذلك الفساد السابق، وذاك الانحراف الخطير عن مجريات الكون والدين، بالقلم والبيان، وبالسيف والبنان، فردوا تلك الشبه، وصارعوا الباطل وقاوموه، وردوا الفساد وضللوه، فبدأت الأمة تعود إلى رشدها.. عادت الأمة إلى طريق الحق من جديد وفوجئ العلمانيون!! وذعروا كذلك مع المفاجأة.. فكان موقفهم الطبيعي والمألوف لهم، هو الوقوف ضد الصحوة الإسلامية، وضد المطالبة بتحكيم شريعة الله.. إن العلمانيين هم نتاج الكيد الصليبي الذي وجه ضد الإسلام منذ أكثر من قرن من الزمان.
إن الغرب هو الذي نحى الشريعة الإٍسلامية من البلاد، التي وطئتها أقدامه في أثناء الغزو الصليبي.. والعلمانيون اليوم.. ما موقفهم؟! أليسوا يعارضون تحكيم الشريعة في بلاد الإسلام؟! ويقيمون الندوات والمؤتمرات ليؤكدوا معارضتهم لذلك الأمر؟!
والغرب يقول: إن الإسلام السياسي هو الخطر الجديد الذي يهدد العالم، والذي يجب أن تجند له قوات الغرب، بل قوات العالم كله.. وهم مع هذا لا يصرحون في كثير من الأحيان بمحاربة الإٍسلام، ولكنهم يلبسون على الأمم بمسميات فضيعة، ومنها (محاربة الإرهاب). وقد قال الله: {تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ}[الأنفال: 60] إن هذا هو حقيقة الصراع، وفي هذا العصر يتجدد الصراع بين الحق والباطل..
فاللهم أعز الإسلام والمسلمين .. واخذل أعداءك أعداء الدين.. من اليهود والنصارى والمنافقين .. ربنا اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.