باب فضل العلم
وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال يا رسول الله صلى الله عليه و سلم :(( لا حسد إلا في اثنتين : رجل آتاه الله مالا فسلطه علي هلكتة في الحق , ورجل آتاه الحكمة فهو يقضي بها ويعلمها )) متفق عليه.
(والمراد بالحسد )الغبطة , وهو أن يتمني مثله.
وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال يا رسول الله صلى الله عليه و سلم :
(لا حسد) أي لا غبطة محمودة كما سيأتي
(إلا في اثنتين) من الخصال لشرفهما ففيهما يتنافس المتنافسون
(آتاه) أي أعطاه
(فسلطه علي هلكتة) أي إهلاكه أو أنفاقه
(في الحق) أي ما يحق فيه إنفاق المال
(ورجل آتاه الحكمة) العلم النافع
(فهو يقضي بها) أي يفصل بين المترافعين إليه إن كان قاضيا أو المستفتين إن كان مفتيا
(ويعلمها) أي الناس وحذفه ليعم كل متعلم.
( والمراد بالحسد) المحرض عليه بالسياق , وليس المراد بالحسد معناه الحقيقي : أي تمني زوال نعمه المحسود , فذلك حرام من الكبائر .
وعن سهل بن سعد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : لعلي رضي الله عنه : فوالله لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم )) متفق عليه.
وعن سهل بن سعد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : لعلي رضي الله عنه لما أعطاهم الراية يوم خبير وأرسله لقتالهم وأمره أن يدعوهم أولا إلي الإسلام (خير لك من حمر النعم) أي من الإبل الحمر , وهي أشرف أموال العرب فلذا خصت بالذكر والتفضيل بحسب ما عند أهل الدنيا من شرفها في الجملة , وإلا فلا مناسبة بين العرض الفاني و الشيء الباقي.
و عن ابن هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال :(( .... ومن سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له طريقا إلي الجنة )) رواه مسلم.
(يلتمس) أي يطلب فاستعير له اللمس كذا في النهاية
(فيه علما) أي مقربا إلي الله تعالي , ويدل علي التقيد به قوله
(سهل الله له طريقا إلي الجنة) لورود الوعيد لمن تعلم بعض العلوم المحرمة والباقي منها كذلك بجامع التحريم , فشمل الحديث أنواع علوم الدين واندرج تحته قليلها وكثيرها : أي يوفقه أن يسلك طرق الجنة والمعني : سهل الله له بسبب العلم طريقا من طرق الجنة .
وعن أبي أمامة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال :(( فضل العالم علي العابد كفضلي علي أدناكم , ثم قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : إن ملائكته وأهل السموات والأرض حتى النملة في جحرها وحتى الحوت ليصلون علي معلمي الناس الخير )) رواه الترمذي وقال : حديث حسن
وعن أبي أمامة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال :
(فضل العالم) أي المقتصر علي فرائض العبادات ويصرف باقي أوقاته في العلم
(علي العابد) أي العارف بما يجب عليه تعلمه من الديانات فقط ويصرف ما زاد عليه في التعبد
(كفضلي علي أدناكم) فيه عظم شرف العلماء .إن العالم المستحق للتفضيل بالعلم هو الذي تعلم العلم النافع في الدنيا والآخرة , وقام بحق علمه من عمل أو نفع أو هداية أو غير ذلك من حقوق العلم النافع فذلك هو العالم المفضل بعلمه
(علي معلمي الناس الخير) عدا إليه عن العالم الذي اقتضاه السياق لبيان سبب شرف العالم وامتيازه علي العابد وهو عموم نفعه وتعديه .
و عن ابن هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :(( من سئل عن علم فكتمه ألجم يوم القيامة بلجام من نار )) رواه الترمذي وأبو داود , وقال : حديث حسن.
و عن ابن هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
(من سئل عن علم) أي شرعي محتاج إليه
(فكتمه) أي لم يبينه للسائل
(يوم القيامة بلجام من نار) فيه عظيم وعيد كتم العلم الشرعي بشرطه .
وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول :(( إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من الناس ولكن يقبض العلم بقبض العلماء حتى إذا لم يبقى عالما اتخذ الناس رءوسا جهالا فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا )) متفق عليه .
وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول :
(إن الله لا يقبض العلم) أي في آخر الزمان عند رفعه من الأرض
(ينتزعه من الناس) لأن الله كريم يستحي ان ينزع السر من أهله
(يقبض العلم بقبض العلماء) أي ينزعه بقبضهم أو موتهم , وفي التعبير بما ذكر إيماء إلي أنهم كنوز مودعة في الأرض لنفع الخلق فإذا أراد الله رفع تلك الكنوز قبضهم إليه
(جهالا) جمع جاهل
(فأفتوا بغير علم فضلوا) في أنفسهم لافترائهم على الله الكذب
(وأضلوا) من استفتاهم , وفيه غاية البشري لأهل العلم , وان الله أمنهم من سلب ما وهنهم , وغاية التحذير من استفتاء الجاهل والأخذ بقوله , وغاية الوعيد لمن أفتى بغير علم .