السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا أعمل محفِّظًا في مركز لتعليم القرآن الكريم، أتاني طالبٌ في المرحلة الابتدائية، لم يكنْ قد صلَّى، فقلتُ له: أصلَّيتَ؟ فقال لي: نعم صليتُ، فقلت له: إنَّ الله يراكَ، فقال لي: أنت تقول لي: إنَّ الله يراك، ولكني لا أراه، فأين هو؟!
فلم أعرفْ ماذا أقول له، ليس لجهلٍ؛ فأنا أعرف الإجابة؛ لأنني درستُ التوحيد، ولكنه صغير، ولن يفهم ما سأقوله له.
المهم أني قلتُ له: في المرة القادمة سوف أقول لك.
ساعدوني؛ كي أجاوبه بطريقةٍ يفهمها، وشكرًا.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، ومَن والاه، أما بعد:
فأولًا - أخي الكريم - عليك أن تُخبِر الولد، وتعرِّفه بأن الله موجود، وأنه خالق كلِّ شيءٍ، وبيِّن له دلائل وجوده، مِن خلال تحديثه عن الآيات الكونية، بطريقةٍ سهلةٍ تُناسب عقله، وقل له: إن الله هو الذي خلقَنا، وأعطانا السمع والبصر، وخلق السماء، والشمس، والأرض، والجبال، وأنبتَ الثِّمار، وذكِّره بما عنده هو مِن النِّعم، واجلسْ معه جلسات تأمُّل في هذا الكون الفسيح، وبيِّن له أنه من المستحيل أن توجد هذه المخلوقات بغير مُوجِد، ولا يستطيع إيجادَها إلا الله تعالى، فالله إذًا موجود.
فإذا أصرَّ على سؤالِه أنه لا يرى الله، فأَخبِره أن الله لا يُرَى في الدنيا، وإنما يُرَى في الجنة، واصرِفْ ذهنه عن التفكير في ذاتِ الله، وحضَّه على التفكُّر في آياته الكونية، وفي نعمه التي أَسبَغها علينا ظاهرةً وباطنةً؛ ففي الحديث: ((تفكَّروا في آلاءِ الله، ولا تفكَّروا في الله))؛ أخرجه أبو الشيخ، والطبراني، وحسَّنه الألباني، وفي رواية لأبي نُعَيم - حسنها الألباني -: ((تفكَّروا في خلْقِ الله، ولا تفكَّروا في الله)).
وقل له: إن الله في السماءِ، ورؤيةُ اللهِ نعمةٌ عظيمة، وجائزة لا يستحقها إلا المؤمنون الصالحون، وهم مَن سيمكِّنهم الله تعالى من رؤيته عندما يدخلون الجنة.
كما يجب أن تعرِّف الطفل أن الله خالقُ كلِّ شيءٍ؛ فهو خالق الأرض، والسماء، والناس، والحيوانات، والأشجار، والأنهار, ويُمكِن أن تستغلَّ بعض المواقف فتسأل الطفل في نزهة عن خالق الماء، والأنهار، وما حوله من مظاهر الطبيعة؛ لتَلفِت نظره إلى عظمة الخالق - سبحانه وتعالى - وأنه يُرَاقِب أعمالنا في كل اللحظات، فيُثِيبنا على الحسنات، ويُعَاقِبنا على السيئات.
قُصَّ عليه حديثَ عمر بن الخطاب قال: "بينما نحن عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذاتَ يومٍ، إذ طلع علينا رجلٌ شديدُ بياضِ الثياب، شديدُ سوادِ الشعر، لا يُرَى عليه أثر السفر، ولا يَعرِفه منا أحدٌ، حتى جلس إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فأسند ركبتيه إلى ركبتيه، ووضع كفيه على فخذيه، وقال: يا محمد، أخبرني عن الإسلام، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((الإسلام: أن تشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وتُقِيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت إن استطعتَ إليه سبيلًا، قال: صدقتَ))، قال: فعَجِبنا له؛ يسأله، ويصدِّقه، قال: فأخبِرْني عن الإيمان، قال: ((أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، وتؤمن بالقدر خيره وشره، قال: صدقتَ))، قال: فأخبِرْني عن الإحسان، قال: ((أن تَعبُد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك))، قال: فأخبِرْني عن الساعة، قال: ((ما المسؤول عنها بأعلمَ من السائل))، قال: فأخبرني عن أمارتها، قال: ((أن تَلِدَ الأمَّة ربَّتها، وأن تَرَى الحفاة العُرَاة العَالَة رعاء الشَّاءِ يتطاوَلون في البنيان))، قال: ثم انطلق، فلبثتُ مليًّا، ثم قال لي: ((يا عمرُ، أتدري مَن السائل؟))، قلت: الله ورسوله أعلم، قال: ((فإنه جبريل؛ أتاكم يعلِّمكم دينكم)).
وكلِّمه عن منزلةِ الإحسان التي ورد ذكرُها في الحديث الشريف، وكيف ينالها العبد.
ويمكنك الاستفادة من مجموعة أشرطة: "أسئلة طفلك الحرجة"؛ لحسن علوان، مع مجموعة مِن الأطفال.