السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
مشكلتي بدأتْ مع زوجتي عندما رفضتْ كلامي بالذهاب عند أهلي، وكَبَّرَت المشكلة، واتصلتْ بأهلِها، وجاؤوا وأخذوها، وبعد شهرٍ بادر والدي بمُكالمتهم لإصلاح الأمور، وقالوا له: إنهم سوف يتشاورون، واستمرَّ الموضوع ثلاثة أشهر دون جدْوَى، حاول والدي أكثر مِن مرة، ولكن أيضًا دون جدوى؛ علمًا بأنها كانتْ حاملًا عندما ذهبتْ، وعندما أنجبَتْ، ذهبتُ وسجلتُ ابنتي، ولم أقابلْها، وبعد انتهاء النفاس، اتصلتُ على أخيها فلم يرد عليَّ، فاتصلتُ عليه من هاتفٍ مجهولٍ فردَّ، وقال لي: اذهب إليها وطلقها! وبعد مشكلاتٍ طلقتُها، ثم ارجعتُها مِن المحكمة، واتصلتُ عليهم وأعلمتهم بإرجاعي لها!
حاولت معها كثيرًا أن ترجعَ، فلم ترضَ، طلبتُ منهم سببًا لما يحدث فلم يُجيبوني، أرسلتُ مجموعةً مِن الأقارب إليهم للوساطة فرفضت الرجعة؛ بحجة أنها استخارتْ، ولا تريد الرجوع!
السؤال الآن: ما الحل في هذا الوضع؟ وإذا طلبت الخلع هل يجوز لي طلب إسقاط الحضانة بعد الرضاعة وإرجاع ما خسرته في عرسي؟
الجواب
الحمدُ للهِ، والصلاةُ والسلامُ على رسولِ اللهِ، وعلى آلِهِ وصحبِهِ وَمَن والاهُ، أمَّا بعدُ:
فكلُّ ما ذكرتَهُ - أخي الكريمُ - مِن أفعالِ زوجتك، وخروجها مِن بيتك دون رضاك، وذهابها إلى بيت أهلها، وعدم حديثها معك، وامتناعها عن الرجوع طول هذه الفترة - حرامٌ لا يجوز لها بحالٍ، بل هو النشوزُ المحرَّم، الذي يُسْقِطُ حقوقها في النفقة، والسكنى، والكسوة، ونحو ذلك، وما يفعله أهلها - مع الأسف الشديد - ليس فيه شيءٌ مِن التعقُّل ولا تحمُّل المسؤولية؛ فلا هُمْ ردوها إليك، ولا هم تركوها؛ لتتفاهما سويًّا، ولا أعانوا على إصلاحِها.
ولا يخفى عليك أن مَقصود الشارع مِن عقْدِ الزواج هو انتِظامُ المصالح بين الزوجَيْن، بما رَتَّبَ على الزواج مِن الأسباب الجالبة للمودَّة، والرحمة، فيحصل بالزوجة الاستمتاع، واللذة، والمنفعة بوجود الأولاد، وتربيتِهم، وسكون بعضهم إلى بعض، ولا يتحقَّق هذا ولا تستقيم الأسرةُ مع المنافرة؛ فالحياةُ الزوجيةُ سكنٌ، وأمنٌ، وسلامٌ، والعلاقة بين الزوجين مودةٌ، ورحمةٌ، وأُنسٌ، وفَصْمُ عقدتِها لا يكون إلا عند الضرورة القصوى؛ فإن كنت حقًّا قد استنفدتَ ما في طاقتك مع أهل زوجتك، ولم تُجْدِ هذه التدخُّلات في رأْب الصدْع، ولَمِّ الشمل، والقلوبُ أصبحتْ مُتنافرةً، فالفرقةُ في تلك الحال خيرٌ مما أنت فيه؛ كما قال تعالى: ﴿ وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ ﴾ [النساء: 130]، فوَعَد الله تعالى كِلَا الزوجين أن يُوسِّعَ عليه مِن فضله، وإحسانه الواسع؛ فهو القائم - سبحانه - بمصالح خلقه جميعًا.
أما إذا طلبت زوجتُك الخُلع، فلا شيءَ عليك أن تأخذ كلَّ ما دفعتَه لها مِن مهرٍ، وشبْكةٍ، وغيرها مِن المصاريف؛ قال تعالى: ﴿ وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ ﴾ [البقرة: 229].
أما حضانة ابنتك فهي مِن حقها ولو كانتْ ناشزًا، إذا تَوَفَّرَتْ فيها شروط الحضانة وهي:
1- العقلُ.
2- الإسلامُ.
3- العِفَّةُ، فلا تكون فاسقة.
4- الأمانةُ.
5- الخُلُوُّ من زَوْجٍ، فإذا تزوجتِ الأم سَقَطَ حقُّها في الحضانة؛ لِمَا رواه أبو داود أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((أَنْتِ أَحَقُّ بِهِ مَا لَمْ تُنْكحِي)).
6- الخُلُوُّ مِن الأمراض الدائمة، والعادات المؤثِّرة، فلو كانت الأم تُعاني مرضًا عُضَالًا؛ كالسُّلِّ، والفالج، أو كانتْ عمياء، أو صَمَّاء، لم يكن لها حَقٌّ في حضانة الطفل؛ لأنَّ لها مِن شأنها ما يشغلها عن القيام بحق الطفل.
فإذا فُقِدَ شرطٌ مِن هذه الشروط السِّتَّة، فلا حقَّ لها في الحضانة، وتنتقل إلى أم الأم عند جمهور العُلماء مِن المذاهب الأربعة وغيرهم، فلا يحق مزاحمةُ زوجتك في الحضانة، فإذا تزوجت انتقلت الِابنةُ لجدتها لأمها.