السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
جعلكم الله مِن أهْلِ الجنة، وبعدُ:
فالسؤال الأول:
يوجد لدى جاري (إنترنت وايرلس)؛ أي: يتم الاتصالُ به بشكلٍ لا سلكيٍّ، عن طريق رقْمٍ سِرِّيٍّ، أعطى جاري هذا الرقْمَ السريَّ لأخي، وأعطاه أخي لنا؛ وعليه فنحن نقوم بالاتِّصال به عند فتْح الخط، فما رأيكم في هذا؟ هل نتوقَّف عن استخدامِه لأنا لا ندري إن كان يعلم أننا نستخدمه، أو لا؟
والسؤال الثاني:
حلفتُ عندما كنتُ طالبةً ألَّا أشتري جوَّالًا إلا بمالٍ أكسبه مِن عملي، عندما أعمل، وفي أحداث الثورة التي مَرَرْنا بها، اضطررتُ إلى شراء جوالٍ؛ لكي أكونَ على اتِّصالٍ بأهلي، وكان هذا المال مِن مال الدولة؛ ففي أيام الحرب قامت الدولةُ بإعطاء مبلغٍ ماليٍّ لكلِّ عائلة، وقام أبي بتوزيعِها علينا، وأنا اشتريتُه مِن هذا المال، وقلتُ: إذا عملتُ، فسوف أُخرج ثمن الجوال مِن مالي الخاص، ولكني تخرَّجتُ، ولم أعمل، فماذا أفعل الآن؟
السؤال الثالث:
أنا فتاةٌ لا أرغب في العمل في الخارج، ولا أُريد الاختلاط، وأشعرُ بضيقٍ في صدري كلما قال لي أحدٌ: اشتغلي، وتوظَّفي.
فماذا أفعل؟ وماذا أقول لأبي الذي يُريدني أن أعمل؟ أنا أريد أن أنتقبَ وأتقرَّب إلى ربي، ولكني غير مرتاحة في المنزل؛ فلا أجد مكانًا أبكي فيه لله، واللهِ العبرةُ تخنقني، ولا أدري أين أذهب بها؟
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاتة.
الحمدُ للهِ، والصلاةُ والسلامُ على رسولِ اللهِ، وعلى آلِهِ وصحبِهِ وَمَن والاهُ، أمَّا بعدُ:
فزادك اللهُ دينًا، وتقوى، وورعًا - أيتُها الابنةُ الكريمةُ - وجعلكِ مِن عبادِه المخبتين، وثبَّتكِ على الحقِّ، آمين.
أما المسألةُ الأولى: فلا بأسَ مِن استعمال الإنترنت الخاص بجاركم؛ إن كان قد سَمَحَ، وطابتْ نفسُه باستخدام أيٍّ منكم (للوايرلس)، ولكن إن كان قد أذن لأخيك فقط، فلا يجوز لكم استخدامُهُ حتى يستأذنَه أخوكم؛ وقد صحَّ عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((لا يَحِلُّ مال امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلَّا بِطِيبِ نَفْسٍ مِنْه))؛ رواه البيهقيُّ وغيرُه.
وتلك الخدمةُ خاصةٌ بصاحبها، ولا يجوز استخدامُها لغير مَن أَذِنَ له، وهو أخوك، ولو كان ذلك لا يُكلفه زيادةَ أُجرةٍ على ما يدفعه أصلًا؛ ولذلك فيجب عليكم استئذانه، وإخباره باستخدامكم له في الفترة الماضية.
أما حنثك في اليمين، فيجب عليكِ كفارةُ يمين؛ فإنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: ((إذا حلفت على يمينٍ، فرأيت غيرها خيرًا منها، فكفِّر عن يمينك، وأْتِ الذي هو خيرٌ))؛ رواه البخاريُّ ومسلم.
أما كفارةُ اليمين فهي أحد الأمور:
1 - إطعام عشرة مساكين مِن أوْسَط ما تطعمين أنت وأهلك، ولذلك عدة صور، منها: أن تعطي كل واحدٍ منهم مُدًّا مِن غالب قُوت أهلك، ومنها: أن تغديهم، أو تعشيهم كذلك، ومنها: أن تدفعي لهم قيمةَ الطعام؛ إن كان ذلك أصلح للفقراء.
2 - كسوة عشرة مساكين؛ يُعطَى كلُّ واحدٍ منهم ثوبًا.
وهذه الأمورُ على التخيير، تفعلين أيها شئت، فإن عجزتِ عنها، انتقل إلى الأمر الثالث.
3- صيام ثلاثة أيام.
أما عدم رغبتك في العمل، فلا شك أنَّ في قرار المرأة في بيتها خيرًا كبيرًا ندب إليه الشارعُ، وحثَّ عليه, في مثل قوله - سبحانه -: ﴿ وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ ﴾ [الأحزاب: 33].
وقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: ((إنَّ المرأة عَوْرَةٌ، وإنها إذا خرجتْ مِن بيتها استشرفها الشيطانُ فتقول: ما رآني أحدٌ إلا أعجبته، وأقرب ما تكون إلى الله إذا كانتْ في قعْرِ بيتها))؛ رواه الطبرانيُّ، وصحَّحه الألبانيُّ.
وقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((صلاةُ المرأة في بيتها أفضل مِن صلاتها في حجرتها، وصلاتها في مخدعها أفضل مِن صلاتها في بيتها))؛ رواه أبو داود وغيرُه.
وفي مُسند الإمام أحمد: أن أم حميدٍ امرأة أبي حُميدٍ الساعدي، جاءت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالتْ: يا رسولَ الله، إني أحب الصلاة معك، قال: ((قد علمتُ أنك تحبين الصلاة معي، وصلاتُك في بيتك خيرٌ لك مِن صلاتك في حجرتك، وصلاتك في حجرتك خيرٌ مِن صلاتك في دارك، وصلاتُك في دارك خيرٌ لك مِن صلاتك في مسجد قومك، وصلاتُك في مسجد قومك خيرٌ لك مِن صلاتك في مسجدي))، قال: فأمرت فبُنيَ لها مسجدٌ في أقصى شيءٍ مِن بيتها وأظلمه، فكانتْ تُصلي فيه حتى لقيت الله - عزَّ وجلَّ))، انتهى.
ولكن هذا لا يُعارض جواز الخروج للعمل إن كان يُلائِم فطرةَ المرأة الخلقية، ووظيفتها الجسديَّة، إذا ما أمِنَتِ الفتنة، ورُوعِيت الأحكامُ الشرعيةُ، مِن خلال امتناع الخلوة، وجميع التصرفات غير الشرعية، وكان ذلك بإذن وَلِيِّها؛ مثل: العمل في تدريس البنات، أو عملها في مستشفى خاصّ بالنساء، فلا حرَجَ على المرأة في مِثْل هذه الأعمال، ولو لم تكنْ محتاجةً، بل قد يكون عملُها مندوبًا، أو واجبًا؛ بحسب حالها والحاجةِ إليها، وما لم تكنْ هناك حاجةٌ حقيقيةٌ إلى عملِها ضمن الشروط السابقة، فقرارُها في بيتها خيرٌ لها، والمصلحةُ في بقائها متحقِّقةٌ، وخروجُها للعمل سيكون على حساب وظائفها المنزلية، والتي هي الأصلُ والأَوْلَى بالرعاية.
وفقك الله لكل خيرٍ