السلام عليكم،،
أحسن الله إليكم - فضيلة الشيخ -: أنا طالبٌ أدرس بالهند في السنة الرابعة والأخيرة في الهندسة، وهناك معاهدُ تعطي دوراتٍ عمليةً متقدمةً في الإعلام الآلي، وهذه المعاهد أصحابها والمدرسون الذين هم فيها هندوسٌ، وقاعاتُ التدريس تحتوي على صور لآلهة هندوسية، هل هناك بأس بالدراسة فيها؟ مع أنها فترةٌ مؤقتةٌ ثم أعود لبلدي إن شاء الله، أفتونا، وجزاكم الله خيرًا،،
الجواب
الحمدُ للهِ، والصلاةُ والسلامُ عَلَى رسولِ اللهِ، وعَلَى آلِهِ وصحبِهِ وَمَن والاهُ، أمَّا بعدُ:
فوجودُ التمثالِ أو الصَّنَمِ مُنكَرٌ يَجِبُ إزالتُهُ، وكذلك صور آلهة المشركين، وقد اتفَقَ الفُقَهَاءُ عَلَى ذَلِكَ، وقرَّرُوا أنها أموالٌ غيرُ محتَرَمَةٍ، وغيرُ مضمونةٍ، وَإِذَا كان الصَّنَمُ أو التمثالُ أو الصورة مما يُعْبَدُ من دون الله، تَأَكَّدَ الأمرُ في إزالَتِهِ، وتطهيرِ الأرضِ منهُ.
أما دخولُ أَمَاكِنِ الدِّرَاسَةِ التي يُعَلَّقُ فيها تِلْكَ الصورُ المنكرة؛ فَقَالَ الإِمَامُ البُخَارِيُّ: "بَابُ مَنْ لَمْ يَدْخُلْ بَيْتًا فِيهِ صُورَةٌ" ذَكَرَ فِيهِ حديثَ عائشةَ في النُّمْرُقَةِ: أَنَّهَا أَخْبَرَتْهُ أَنَّهَا اشْتَرَتْ نُمْرُقَةً فِيهَا تَصَاوِيرُ، فَلَمَّا رَآهَا رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَامَ عَلَى البَابِ، فَلَمْ يَدْخُلْهُ، فَعَرَفْتُ فِي وَجْهِهِ الكَرَاهِيَةَ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ أَتُوبُ إِلَى اللهِ، وَإِلَى رَسُولِهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَاذَا أَذْنَبْتُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ((مَا بَالُ هَذِهِ النُّمْرُقَةِ؟))، قُلْتُ: اشْتَرَيْتُهَا لَكَ لِتَقْعُدَ عَلَيْهَا، وَتَوَسَّدَهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ((إِنَّ أَصْحَابَ هَذِهِ الصُّوَرِ يَوْمَ القِيَامَةِ يُعَذَّبُونَ، فَيُقَالُ لَهُمْ: أَحْيُوا مَا خَلَقْتُمْ))، وَقَالَ: ((إِنَّ البَيْتَ الَّذِي فِيهِ الصُّوَرُ لاَ تَدْخُلُهُ المَلاَئِكَةُ)).
وفي سنن أبي داود: ((أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - زَمَنَ الْفَتْحِ، وَهُوَ بِالْبَطْحَاءِ أَنْ يَأْتِيَ الْكَعْبَةَ، فَيَمْحُوَ كُلَّ صُورَةٍ فِيهَا، فَلَمْ يَدْخُلْهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى مُحِيَتْ كُلَّ صُورَةٍ فِيهَا)).
وروى البيهقي بسند صححه الألباني وذكره البخاري معلقًا بصيغة الجزم عن أسلم مولى عمر: عَنْ أَسْلَمَ مَوْلَى عُمَرَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - حِينَ قَدِمَ الشَّامَ فَصَنَعَ لَهُ رَجُلٌ مِنَ النَّصَارَى طَعَامًا، فَقَالَ لِعُمَرَ: إِنِّي أُحِبُّ أَنْ تَجِيئَنِي وَتُكْرِمَنِي أَنْتَ وَأَصْحَابُكَ، وَهُوَ رَجُلٌ مِنْ عُظَمَاءِ الشَّامِ, فَقَالَ لَهُ عُمَرُ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -: "إِنَّا لَا نَدْخُلُ كَنَائِسَكُمْ مِنْ أَجْلِ الصُّوَرِ الَّتِي فِيهَا"؛ يَعْنِي: التَّمَاثِيلَ، وروى البيهقي - أيضًا - بسند صححه الحافظ عن أبي مَسْعُودٍ أَنَّ رَجُلًا صَنَعَ لَهُ طَعَامًا فَدَعَاهُ فَقَالَ " أَفِي الْبَيْتِ صُورَةٌ؟ "قَالَ: نَعَمْ، فَأَبَى أَنْ يَدْخُلَ حَتَّى كَسَرَ الصُّورَةَ ثُمَّ دَخَلَ".
قال القسطلاني في "إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري" (8/ 485):
"وفي دُخُولِ البَيْتِ الذي فيه الصورةُ وجهان: الأكثرون عَلَى الكَرَاهَةِ، وقال أبو محمد بالتحريم: فلو كانتِ الصُّورةُ في مَمَرِّ الدَّارِ لا دَاخِلَهَا؛ كما في ظاهر الحَمَّامَاتِ وَدَهَالِيزِهَا لَا يَمْتَنِعُ الدُّخُولِ؛ لِأَنَّ الصُّورَةَ فِي المَمَرِّ مُمْتَهَنَةٌ، وفي المجلِسِ مُكَرَّمَةٌ".
وَعَلَيْهِ؛ فَمَا لَمْ تَدْعُ ضَرُورَةٌ إِلَى هَذِهِ الدِّرَاسَةِ، أو حاجة شديدة، فَلَا يَجُوزُ الدُّخُولُ إِلَى هَذِهِ الْأَمَاكِنِ مَعَ عَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَى مُحْوِ مَا بِهَا مِن صور منكرة، وَاللهُ أَعْلَمُ.