السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
تُوُفِّي والدُنا بعد أن طلَّق أمنا بعد زواج دام 40 سنة؛ لأنه أُصيب بمرض الزهايمر، فحُرِمَتْ من الميراث، وبعد مدة تبين أنَّ المرحوم لم يقدِّم أوراق الطلاق لمصلحة الضمان الاجتماعي، ونَصَحَنَا المحامي بتقديم شهادة المرض للمحامي، ويتم صرف التعويضات للورثة - بما فيهم الأم - علمًا بأن المرحوم في فترة مرَضِه كان قد أهدر جميع أمواله على أشخاص لا نعرفهم، وكان لا يثق فينا، فهل يحل لنا صَرْف هذه التعويضات؟
الجواب
الحمدُ للهِ، والصلاةُ والسلامُ على رسولِ اللهِ، وعلى آلِهِ وصحبِهِ وَمَن والاهُ، أمَّا بعدُ:
فإن كان الأمرُ كما تقولين - أيتُها الأختُ الكريمةُ -: أن الوالد - رحمه الله - أُصيب بمرض الزهايمر؛ وهو كما يقول الأطباء: يؤدِّي - تدريجيًّا - إلى فقدان الذاكرة، ويخرجه عن كونه أهلًا للتصرف، ويخْتَلَط عقلُه؛ حتى إنه أصبح والدك لا يحسن التصرف في المال، فأهدر جميع أمواله على من لا تعرفونهم؛ فكان الواجب عليكم أن يُمنَع من التصرفات، ويعيَّن وصيٌّ من أبنائه؛ ليقوم على أمواله، ولكن قدر الله وما شاء فعل.
أمَّا الآن: فالذي يَظْهَرُ أن طلاق من أصيب بهذا المرض لا يقع، لا سيما لو أخبركم الأطباءُ الخبراءُ أن حالته تجعلُهُ فاقدًا خَرِفًا مختلَّ الذاكرة، وتأسيسًا على ذلك؛ يجوز لأمك أن تأخذَ مال الضمان الاجتماعي؛ لأن الطلاق لم يقعْ؛ لزوال عقله، والعقلُ من شروط صحة الطلاق؛ ولذلك ذَهَبَ الفقهاءُ إلى عدم صحة طلاق المجنون، والمعتوه، واختلفوا في وقوع طلاق السكران؛ والصحيح أنه لا يقع؛ فعن علي - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثَةٍ: عَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ، وَعَنِ الصَّبِيِّ حَتَّى يَحْتَلِمَ، وَعَنِ الْمَجْنُونِ حَتَّى يَعْقِلَ))؛ رواه أبو داود، وغيرُهُ.
وكذلك يُشتَرَط لوقوع الطلاق أن يَقْصِدَ المطلِّقُ، ويختارَ اللفظَ المُوجِبَ للطلاق، ولا أظنُّ أن حالة الوالد كانت تجعلُه مختارًا.
رحم الله موتى المسلمين، وأسكنهم فسيحَ جناته