سؤالى لفضيلتكم عن صحة حديث صححه الشيخ الألباني رحمه الله تعالى، ولكن متنه عجيب وهو حديث امرأة صفوان رضى الله عنهما الذي اشتكت فيه المرأة للنبى صلى الله عليه و سلم من زوجها أنه لا يقوم الفجر فقال له النبي صلى الله عليه وسلم إذا استيقظت فصلِ " فقال يا رسول الله : أمّا قولها يضربني إذا صليت ، فإنها تقرأ بسورتين وقد نهيتها ! فقال صلى الله عليه وسلم : " لو كانت سورة واحدة لكفت الناس " ! وأمّأ قولها : " يفطرني إذا صمت ؛ فإنها تنطلق فتصوم وأنا رجل شاب فلا أصبر !! فقال صلى الله عليه وسلم يومئذ : " لا تصوم المرأة إلا بإذن زوجها " ! وأمّأ قولها : إني لا أصلي الفجر حتى تطلع الشمس ، فإنّأ أهل بيت قد عرف لنا ذاك لا نكاد نستيقظ حتى تطلع الشمس !! فقال صلى الله عليه وسلم : " فإذا استيقظت فصلّ " !! " أخرجه أبو داود وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود 2 / 466 والسؤال : هل لو صح هذا الحديث يكون فيه دلالة على أنه يجوز لمن اعتاد الاستيقاظ بعد طلوع الشمس أن يصلي الفجر بعد الشروق وقت أن يستيقظ ؟!! أم كيف نفهم الحديث بصورة منضبطة ؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه أما بعد :
فالحديث الذي أشار إليه السائل أخرجه أبو داود وأحمد وغيرهما وصححه جمع من العلماء منهم الحافظ ابن حجر والألباني رحمهما الله تعالى، واستنكره بعض المتقدمين.
قال الحافظ في الفتح : قال البزار هذا الحديث كلامه منكر ولعل الأعمش أخذه من غير ثقة فدلسه فصار ظاهر سنده الصحة وليس للحديث عندي أصل انتهى , وما أعله به ليس بقادح لأن ابن سعد صرح في روايته بالتحديث بين الأعمش وأبي صالح وأما رجاله فرجال الصحيح ولما أخرجه أبو داود قال بعده رواه حماد بن سلمة عن حميد عن ثابت عن أبي المتوكل عن النبي صلى الله عليه و سلم وهذه متابعة جيدة . اهــ
وأما قول السائل هل يكون فيه دلالة على أنه يجوز لـمن اعتاد الاستيقاظ بعد طلوع الشمس أن يصلى الفجر بعد الشروق ؟ إن كنت تسأل عن جواز الصلاة بعد الاستيقاظ لمن نام عن وقتها فالجواب بل يجب عليه أن يصليها إذا استيقظ لقوله في الحديث " فَإِذَا اسْتَيْقَظْتَ فَصَلِّ ". ولكن ليس فيه دلالة على جواز تأخيرها إلى ما بعد الشروق لمجرد اعتياد النوم إلى ذلك الوقت إذا كان قادرا على الاستيقاظ في وقتها؛ لأن هذا تضييع للصلاة وقد قال تعالى { فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا } مريم : 59 , والظن بصفوان رضي الله عنه أنه كان يغلبه النوم ولا يستطيع الاستيقاظ للصلاة في وقتها كما يشعر به قوله { لَا نَكَادُ نَسْتَيْقِظُ } وفي لفظ عند أحمد في المسند { فَإِنِّي ثَقِيلُ الرَّأْسِ وَأَنَا مِنْ أَهْلِ بَيْتٍ يُعْرَفُونَ بِذَاكَ بِثِقَلِ الرُّءُوسِ } ولو كان قادرا على الاستيقاظ لما تأخر .
وأما من كان قادرا على الاستيقاظ للصلاة ولكنه يتعمد تركه فإنه آثم متوعد بالعقاب المذكور في الآية السابقة , وبالعقاب المذكور في حديث الرؤيا { أَمَّا الرَّجُلُ الأوَّلُ الَّذِى أَتَيْتَ عَلَيْهِ يُثْلَغُ رَأْسُهُ بِالْحَجَرِ ، فَإِنَّهُ الرَّجُلُ يَأْخُذُ الْقُرْآنَ ، فَيَرْفُضُهُ وَيَنَامُ عَنِ الصَّلاةِ الْمَكْتُوبَةِ } رواه البخاري، وعند الطبراني في المعجم الكبير بلفظ "أَمَّا الَّذِي فِي يَدِهِ صَخْرَةٌ يَضْرِبُ عَلَى رَأْسِ الرَّجُلِ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ يَنَامُونَ عَنِ الصَّلاةِ "
فينبغي التفريق بين من يغلبه النوم مع حرصه على القيام وبذله للأسباب التي تعينه عليه ومع ذلك لا يستيقظ فهذا معذور وهو المعني بحديث {أَمَا إِنَّهُ لَيْسَ فِي النَّوْمِ تَفْرِيطٌ } رواه مسلم , وبين من لا يبالي ويفرط في الاستيقاظ وينام ولو كان عنده أمر مهم من أمور الدنيا وقت الفجر أو قبله كسفر ونحوه لما فاته ذلك الأمر فهذا مفرط مستحق للعقاب. وانظر الفتوى رقم: 119191.
والله تعالى أعلم.