قيل لماذا يُرى الشيطان أدحر ولا أغيظ منه من يوم بدر وعرفة،هل الرؤيا حقيقية ومن الذي يرى الشيطان؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه أما بعد :
فنريد التنبيه أولا إلى أن ما أشار إليه السائل بقوله ( قيل ) قد رواه مالك في الموطأ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي عَبْلَةَ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ كَرِيزٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: مَا رُئِيَ الشَّيْطَانُ يَوْمًا هُوَ فِيهِ أَصْغَرُ وَلَا أَدْحَرُ وَلَا أَحْقَرُ وَلَا أَغْيَظُ مِنْهُ فِي يَوْمِ عَرَفَةَ وَمَا ذَاكَ إِلَّا لِمَا رَأَى مِنْ تَنَزُّلِ الرَّحْمَةِ وَتَجَاوُزِ اللَّهِ عَنْ الذُّنُوبِ الْعِظَامِ إِلَّا مَا أُرِيَ يَوْمَ بَدْرٍ. قِيلَ: وَمَا رَأَى يَوْمَ بَدْرٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: أَمَا إِنَّهُ قَدْ رَأَى جِبْرِيلَ يَزَعُ الْمَلَائِكَةَ . اهــ
وقد ضعف جمع من العلماء هذا الحديث منهم الألباني رحمه الله تعالى لأنه مرسل إذ يرويه طلحة بن عبيد الله بن كريز وهو ثقة من التابعين لم يدرك النبي صلى الله عليه وسلم.
قال في مشكاة المصابيح : قال ابن عبد البر : لا خلاف عن مالك في إرساله ولا أحفظ بهذا الإسناد مسندًا من وجه يحتج به وأحاديث الفضائل لا تحتاج إلى محتج به ، وقد جاء مسندًا من حديث علي وابن عمر، ثم أخرج حديث علي من طريق ابن أبي شيبة وجاء أيضًا عن أبي هريرة ، أخرجه البيهقي .
وقال الحافظ في التلخيص بعد ذكر هذا الحديث : مالك في الموطأ من حديث طلحة بن عبيد الله بن كريز مرسلاً ( لأن طلحة تابعي ) ورُوي عن مالك موصولاً ، ذكره البيهقي وضعفه ، وكذا ابن عبد البر في التمهيد . وقوله في الحديث ( رئي) مبني للمجهول ولم يذكر الرائي. جاء في شرح الزرقاني على موطأ الإمام مالك: ما رئي) بالبناء للمجهول (الشيطان يوما) أي في يوم (هو فيه أصغر) أي أذل (ولا أدحر) بإسكان الدال وفتح الحاء وبالراء مهملات، أي أبعد عن الخير... اهـ .
فالله أعلم بمن يرى الشيطان على تلك الحال , والشيطان محجوب الرؤية عن بني آدم، وأما غيرهم من المخلوقات كالملائكة وغيرهم فإنهم يرونه , والمهم أن يشغل الإنسان نفسه بطاعة الله في ذلك اليوم والاجتهاد في الدعاء والعبادة .
والله تعالى أعلم.