افتراء الیهود على داود وسليمان عليهما السلام
الآثار
داود عليه السلام
قولـه تعالى: {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ = 78 } [سورة المائدة 5/78]
9601 - حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا جرير، عن حصين، عن مجاهد: {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ} قال: لعنوا على لسان داود عليه السلام فصاروا قردة، ولعنوا على لسان عيسى عليه السلام فصاروا خنازير. ([1])
قوله تعالى: {قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ} [سورة ص 38/24].
22940- حدثنا ابن حميد قال: ثنا سلمة عن محمد بن إسحاق عن بعض أهل العلم عن وهب بن منبه أن داود حين دخل محرابه ذلك اليوم قال: لا يدخلن علي محرابي اليوم أحد حتى الليل ولا يشغلني شيء عما خلوت لـه حتى أمسي؛ ودخل محرابه ونشر زبوره يقرؤه وفي المحراب كوة تطلعه على تلك الجنينة فبينا هو جالس يقرأ زبور إذ أقبلت حمامة من ذهب حتى وقعت في الكوة فرفع رأسه فرآها فأعجبته ثم ذكر ما كان قال: لا يشغله شيء عما دخل لـه فنكس رأسه وأقبل على زبوره فتصوبت الحمامة للبلاء والاختبار من الكوة فوقعت بين يديه فتناولها بيده فاستأخرت غير بعيد فاتبعها فنهضت إلى الكوة فتناولها في الكوة فتصوبت إلى الجنينة فأتبعها بصره أين تقع فإذا المرأة جالسة تغتسل بهيئة الله أعلم بها في الجمال والحسن والخلق؛ فيزعمون أنها لما رأته نقضت رأسها فوارت به جسدها منه واختطفت قلبه ورجع إلى زبوره ومجلسه وهي من شأنه لا يفارق قلبه ذكرها. وتمادى به البلاء حتى أغزى زوجها ثم أمر صاحب جيشه فيما يزعم أهل الكتاب أن يقدم زوجها للمهالك حتى أصابه بعض ما أراد به من الهلاك ولداود تسع وتسعون امرأة؛ فلما أصيب زوجها خطبها داود فنكحها فبعث الله إليه وهو في محرابه ملكين يختصمان إليه مثلا يضربه لـه ولصاحبه فلم يرع داود إلا بهما واقفين على رأسه في محرابه فقال: ما أدخلكما علي؟ قالا: لا تخف لم ندخل لبأس ولا لريبة {خَصْمَانِ بَغَى بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ} [سورة ص 38/22] فجئناك لتقضي بيننا {فَاحْكُمْ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَلا تُشْطِطْ وَاهْدِنَا إِلَى سَوَاءِ الصِّرَاطِ} أي احملنا على الحق ولا تخالف بنا إلى غيره؛ قال الملك الذي يتكلم عن أوريا بن حنانيا زوج المرأة: {إِنَّ هَذَا أَخِي} [سورة ص 38/23] أي على ديني {لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا} [سورة ص 38/23] أي احملني عليها ثم عزني في الخطاب: أي قهرني في الخطاب وكان أقوى مني هو وأعز فحاز نعجتي إلى نعاجه وتركني لا شيء لي؛ فغضب داود فنظر إلى خصمه الذي لم يتكلم فقال: لئن كان صدقني ما يقول لأضربن بين عينيك بالفأس! ثم ارعوى داود فعرف أنه هو الذي يراد بما صنع في امرأة أوريا فوقع ساجداً تائباً منيباً باكياً فسجد أربعين صباحاً صائماً لا يأكل فيها ولا يشرب حتى أنبت دمعه الخضر تحت وجهه وحتى أندب السجود في لحم وجهه فتاب الله عليه وقبل منه. ويزعمون أنه قال: أي رب هذا غفرت ما جنيت في شأن المرأة فكيف بدم القتيل المظلوم؟ قيل له: يا داود - فيما زعم أهل الكتاب - أما إن ربك لم يظلمه بدمه ولكنه سيسأله إياك فيعطيه فيضعه عنك؛ فلما فرج عن داود ما كان فيه رسم خطيئته في كفه اليمنى بطن راحته فما رفع إلى فيه طعاماً ولا شراباً قط إلا بكى إذا رآها وما قام خطيباً في الناس قط إلا نشر راحته فاستقبل بها الناس ليروا رسم خطيئته في يده. ([2])
سليمان عليه السلام
قولـه تعالى: {وَلَمَّا جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِّنْ عِندِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِّمَا مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِّنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ كِتَابَ اللَّهِ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ = 101 } [سورة البقرة 2/101]
1364 - حدثني موسى، قال: ثنا عمرو، قال: ثنا أسباط، عن السدي: {وَلَمَّا جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِّنْ عِندِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِّمَا مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِّنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ كِتَابَ اللَّهِ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ} قال: لما جاءهم محمد صلى الله عليه وسلم عارضوه بالتوراة فخاصموه بها، فاتفقت التوراة والقرآن، فنبذوا التوراة وأخذوا بكتاب آصف وسحر هاروت وماروت؛ فذلك قوله الله: {كَأَنَّهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ}. ([3])
قولـه تعالى: {وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ} [سورة البقرة 2/102]
1370 - حدثنا ابن حميد قال: ثنا سلمة قال: حدثني ابن إسحاق قال: عمدت الشياطين حين عرفت موت سليمان بن داود عليه السلام فكتبوا أصناف السحر: من كان يحب أن يبلغ كذا وكذا فليفعل كذا وكذا. حتى إذا صنعوا أصناف السحر جعلوه في كتاب. ثم ختموا عليه بخاتم على نقش خاتم سليمان وكتبوا في عنوانه: "هذا ما كتب آصف بن برخيا الصديق للملك سليمان بن داود من ذخائر كنوز العلم". ثم دفنوه تحت كرسيه فاستخرجته بعد ذلك بقايا بني إسرائيل حين أحدثوا ما أحدثوا فلما عثروا عليه قالوا: ما كان سليمان بن داود إلا بهذا. فأفشوا السحر في الناس وتعلموه وعلموه فليس في أحد أكثر منه في يهود. فلما ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما نزل عليه من الله سليمان بن داود وعده فيمن عده من المرسلين قال من كان بالمدينة من يهود: ألا تعجبون لمحمد صلى الله عليه وسلم يزعم أن سليمان بن داود كان نبيا! والله ما كان إلا ساحرا! فأنزل الله في ذلك من قولهم على محمد صلى الله عليه وسلم . (باختصار) ([4])
1366 - حدثني موسى بن هارون، قال: ثنا عمرو، قال: ثنا أسباط، عن السدي: {وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ} على عهد سليمان. قال: كانت الشياطين تصعد إلى السماء، فتقعد منها مقاعد للسمع، فيستمعون من كلام الملائكة فيما يكون في الأرض من موت أو غيث أو أمر، فيأتون الكهنة فيخبرونهم، فتحدث الكهنة الناس فيجدونه كما قالوا. حتى إذا أمنتهم الكهنة كذبوا لهم، فأدخلوا فيه غيره فزادوا مع كل كلمة سبعين كلمة. فاكتتب الناس ذلك الحديث في الكتب وفشا في بني إسرائيل أن الجن تعلم الغيب. فبعث سليمان في الناس، فجمع تلك الكتب فجعلها في صندوق، ثم دفنها تحت كرسيه، ولم يكن أحد من الشياطين يستطيع أن يدنو من الكرسي إلا احترق، وقال: "لا اسمع أحدا يذكر أن الشياطين تعلم الغيب إلا ضربت عنقه". فلما مات سليمان، وذهبت العلماء الذين كانوا يعرفون أمر سليمان، وخلف بعد ذلك خلف، تمثل الشيطان في صورة إنسان، ثم أتى نفرا من بني إسرائيل، فقال: هل أدلكم على كنز لا تأكلونه أبدا؟ قالوا: نعم. قال: فاحفروا تحت الكرسي وذهب معهم فأراهم المكان. فقام ناحية، فقالوا له: فادن! قال: لا ولكني هاهنا في أيديكم، فإن لم تجدوه فاقتلوني. فحفروا فوجدوا تلك الكتب، فلما أخرجوها قال الشيطان: إن سليمان إنما كان يضبط الإنس والشياطين والطير بهذا السحر. ثم طار فذهب. وفشا في الناس أن سليمان كان ساحرا واتخذت بنو إسرائيل تلك الكتب. فلما جاءهم محمد صلى الله عليه وسلم خاصموه بها، فذلك حين يقول: {وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ}. ([5])
1367 - حدثت عن عمار بن الحسن، قال: ثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع في قوله: {وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ} قالوا: إن اليهود سألوا محمدا صلى الله عليه وسلم زمانا عن أمور من التوراة، لا يسألونه عن شيء من ذلك إلا أنزل الله عليه ما سألوه عنه فيخصهم. فلما رأوا ذلك قالوا: هذا أعلم بما أنزل إلينا منا. وإنهم سألوه عن السحر وخاصموه به، فأنزل الله جل وعز: {وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ}. وإن الشياطين عمدوا إلى كتاب فكتبوا فيه السحر والكهانة وما شاء الله من ذلك، فدفنوه تحت مجلس سليمان، وكان سليمان لا يعلم الغيب، فلما فارق سليمان الدنيا استخرجوا ذلك السحر، وخدعوا به الناس وقالوا: هذا علم كان سليمان يكتمه ويحسد الناس عليه. فأخبرهم النبي صلى الله عليه وسلم بهذا الحديث. فرجعوا من عنده، وقد حزنوا وأدحض الله حجتهم. ([6])
1385 - حدثنا القاسم قال: ثنا الحسين قال: حدثني حجاج عن أبي بكر عن شهر بن حوشب قال: لما سلب سليمان ملكه كانت الشياطين تكتب السحر في غيبة سليمان فكتبت: من أراد أن يأتي كذا وكذا فليستقبل الشمس وليقل كذا وكذا ومن أراد أن يفعل كذا وكذا فليستدبر الشمس وليقل كذا وكذا. فكتبته وجعلت عنوانه: "هذا ما كتب آصف بن برخيا للملك سليمان بن داود من ذخائر كنوز العلم" ثم دفنته تحت كرسيه. فلما مات سليمان قام إبليس خطيبا فقال: يا أيها الناس إن سليمان لم يكن نبيا وإنما كان ساحرا فالتمسوا سحره في متاعه وبيوته! ثم دلهم على المكان الذي دفن فيه فقالوا: والله لقد كان سليمان ساحرا هذا سحره بهذا تعبدنا وبهذا قهرنا. فقال المؤمنون: بل كان نبيا مؤمنا. فلما بعث الله النبي محمدا صلى الله عليه وسلم جعل يذكر الأنبياء حتى ذكر داود وسليمان فقالت اليهود: انظروا إلى محمد يخلط الحق بالباطل يذكر سليمان مع الأنبياء وإنما كان ساحرا يركب الريح. فأنزل الله عذر سليمان: {وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ} الآية. ([7])
الدراسة
داود عليه السلام :
نبي الله داود عليه السلام , من الرسل الذين أرسلهم الله إلى بني إسرائيل، وقد آتاه الله الملك والنبوة، وهو من سِبط يهوذا بن يعقوب، وقد ذكره الله في عدة آيات وقال: {وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِمَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا} [سورة الإسراء 17/55].
فبعد انقضاء المدّة التي أقامها بنو إسرائيل في التيه - وهي أربعون (40) سنة- وبعد وفاة هارون وموسى عليهما السلام ، تولى أمر بني إسرائيل نبي من أنبيائهم اسمه (يوشع بن نون عليه السلام )، فدخل بهم بلاد فلسطين، وقسم لهم الأرضين. وكان لهم تابوت يسمونه تابوت الميثاق أو "تابوت العهد"، فيه ألواح موسى عليه السلام وعصاه ونحو ذلك ولما توفي يوشع بن نون، تولى أمر بني إسرائيل قضاة منهم، ولذلك سمي الحكم في هذه المدّة: حكم القضاة.
وفي هذه المدة دبّ إلى بني إسرائيل التهاون الديني، فكثرت فيهم المعاصي، وفشا فيهم الفسق، إلى أن ضيعوا الشريعة، ودخلت في صفوفهم الوثنية، فسلَّط الله عليهم الأمم، فكانت قبائلهم عرضة لغزوات الأمم القريبة منهم، وكانوا إلى الخذلان أقرب منهم إلى النصر في كثير من مواقعهم مع عدوهم، وكثيراً ما كان خصومهم يخرجونهم من ديارهم وأموالهم وأبنائهم.
وفي أواخر هذه المدّة سلب منهم "تابوت العهد"، في أحد حروبهم، وكان ممّن يدبر أمرهم في أواخر مدّة حكم القضاة نبي من أنبياء بني إسرائيل من سِبط لاوي اسمه: (صمويل)، يتصل نسبه بهارون عليه السلام .
فطلب بنو إسرائيل من (صمويل) أن يجعل عليهم ملكاً يجتمعون عليه، ويقاتلون في سبيل الله بقيادته، وهو قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلإِ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى إِذْ قَالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمُ ابْعَثْ لَنَا مَلِكًا نُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ أَلا تُقَاتِلُوا قَالُوا وَمَا لَنَا أَلا نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِنْ دِيَارِنَا وَأَبْنَائِنَا فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمْ الْقِتَالُ تَوَلَّوْا إِلا قَلِيلاً مِنْهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ} [سورة البقرة 2/246].
فسأل شمويل ربه في ذلك، فأوحى الله إليه أن الله قد جعل عليهم ملكاً منهم اسمه (طالوت) من سبط بَنْيامين، وكانت قبيلة بنيامين في ذلك العهد قد أوشكت على الفناء في حرب أهلية وفتن داخلية قامت بين بني إسرائيل، فاستنكروا أن يكون طالوت ملكاً عليهم.
قال الله عز وجل : {وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا قَالُوا أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنَ الْمَالِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} [سورة البقرة 2/247]. فسألوا عن دليل رباني يدلهم على أن الله ملَّكه عليهم، فقال لهم نبيهم شمويل: {إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمْ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ ءالُ مُوسَى وَءالُ هَارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلائِكَةُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ} [سورة البقرة 2/248]. وأعطاهم صمويل موعداً لمجيء التابوت تحمله الملائكة، فخرجوا لاستقباله فلما وجدوا التابوت قد جيء به حسب الموعد أذعنوا لملك طالوت، فكان أول ملك من ملوك بني إسرائيل.
جمع طالوت صفوف بني إسرائيل، وهيأهم لمحاربة عدوهم، وخرج بهم، ثم اصطفى منهم بضعة عشر وثلاث مائة خلاصة للقتال، يقارب عددها عدد المسلمين في غزوة بدر.كما في حديث البراء _ قال: ((كنا أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم نتحدث أن عدة أصحاب بدر على عدة أصحاب طالوت الذين جاوزوا معه النهر، ولم يجاوز معه إلا مؤمن.))
وهم الذين وصفهم الله لنا بقوله: {فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلا مَنْ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلا قَلِيلا مِنْهُمْ فَلَمَّا جَاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ قَالُوا لا طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُو اللَّهِ كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ} [سورة البقرة 2/249].
وهؤلاء القلة هم الذين اصطفاهم طالوت للقتال ,وهي التي جاوزت النهر وواجه بها طالوت الأعداء. ثم لقي طالوت خصومه الوثنيين، وكان رئيسهم قوياً شجاعاً فرهبه بنو إسرائيل، وكان داود عليه السلام فتى صغيراً في الجند فرأى داود جالوت وهو يطلب المبارزة معتداً بقوته وبأسه، والمقاتلون من بني إسرائيل قد رهبوه وخافوا من لقائه، وكان الملك قد وعد أن من يقتل هذا الرجل الجبار، يزوِّجه ابنته، ويجعل له الملك. فذهب داود إلى الملك طالوت وطلب منه الإِذن بمبارزة جالوت، فضنَّ به طالوت وحذره. وأقبل داود على جالوت و أخذ مقلاعه -وكان ماهراً به- وزوَّده بحجرٍ من أحجاره، ورمى به فثبت الحجر في جبهة جالوت الجبار فطرحه أرضاً، ثم أقبل إليه وأخذ سيفه وفصل به رأسه، وتمت الهزيمة لجنود جالوت بإذن الله!
قال الله تعالى: {فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوتَ وَآتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتْ الأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ} [سورة البقرة 2/251].
اتسعت مملكة بني إسرائيل على يد داود عليه السلام ، وآتاه الله مع الملك النبوة، وجعله رسولاً إلى بني إسرائيل يحكم بالتوراة، كما أنزل عليه (الزبور) وآتاه الله الحكمة وفصل الخطاب. ([8])
وقد أثنى عليه نبينا صلى الله عليه وسلم وذكر فضل عبادته فقال: ((إن أحب الصيام إلى الله صيام داود عليه السلام ، وأحب الصلاة إلى الله صلاة داود عليه السلام ، كان ينام نصف الليل ويقوم ثلثه، وينام سدسه، وكان يصوم يوماً ويفطر يوماً.)) ([9])
وأهم ما ذكر الله في سيرة داود في القرآن الكريم:
إثبات نبوته ورسالته، وأن الله أوحى إليه وأنزل عليه الزبور، وآتاه الحكمة وفصل الخطاب، وعلمه مما يشاء، وأمره أن يحكم بين الناس بالحق.
إثبات أنه قتل جالوت في المعركة التي قامت بين بني إسرائيل وعدوهم بقيادة طالوت.
إثبات أن الله أنعم عليه بنعم كثيرة منها:
أن الله آتاه الملك وشدّه له، وجعله خليفة في الأرض، وأعطاه قوةً في حكمه.
أن الله سخر الجبال والطير يسبحن معه في العشي والإِبكار.
"فقد آتاه الله صوتاً حسناً، وقدرة على الإِنشاد البديع، فهو يصدح بصوته بتسبيح الله وتحميده، ويتغنى فيه بكلام الله في الزبور في العشي والإِبكار، فترجّع الجبال معه التسبيح والتحميد، وتجتمع عليه الطير فترجع معه تسبيحاً .
أن الله آتاه علم منطق الطير، كما آتى ولده سليمان عليه السلام من بعده مثل ذلك.
أن الله ألان له الحديد، فهو يتصرف بَطيّه وتقطيعه ونسجه
أن الله علَّمه صناعة دروع الحرب المنسوجة من زرد الحديد.
عرض قصة الخصمين اللذين تسوّرا على داود عليه السلام ، ودخلا عليه المحراب في وقت عبادته الخاصة التي يخلو بها ولا يسمح لأحد أن يدخل عليه فيها، ففزع داود منهما، لأنهما لم يستأذنا بالدخول عليه، ولم يدخلا محرابه من بابه، فقالا له: {لا تَخَفْ خَصْمَانِ بَغَى بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ فَاحْكُمْ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَلا تُشْطِط وَاهْدِنَا إِلَى سَوَاءِ الصِّرَاطِ}.فأصغى لهما داود، فقال أحد الخصمين: {إِنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا} - أي: ملكنيها- {وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ} [سورة ص 38/23] أي: غلبني في المخاصمة بنفوذٍ أو بقوة,وسكت الآخر سكوت إقرار. فقال داود: {لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنْ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَا هُمْ} [سورة ص 38/24]. وانصرف المتسوران دون أن يعلِّقا بشيء على ما أفتى به داود. فرجع داود إلى نفسه، فعرف أن الله أرسل إليه هؤلاء القوم بهذا الاستفتاء ابتلاء، وذلك لينبهه على أمر ما كان يليق به أن يصدر منه بحسب مقامه، {فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ} تائباً من ذنبه، خائفاً من ربه. هذا هو نبي الله داود الذي آته الله الملك والنبوة وآتاه الزبور فكيف ينظر إليه اليهود؟
في الآثار الكثيرة التي نقلها بعض الرواة عن أهل الكتاب قذفه عليه السلام بالزنا والخيانة وارتكاب الموبقات ما يتنزه وصفه عن آحاد الناس فكيف بنبي الله، والروايات الكثيرة التي ساقها الإمام ابن جرير في قصة داوود عليه السلام فيها أباطيل كثيرة، يردها الشّرع، ولايقبلها العقل، ثمّ لم يعقِّب عليها رحمه الله بما يُفيد بطلانها!, وليته فعل مع أنها اشتملت على منكرات كثيرة، وتناقضاتٍ وخرافات غير مقبولة، هي مما أخذ عن أهل الكتاب. ([10])
فقولهم: إنّ داوود عليه السلام اطّلع على امرأة وهي تغتسل فأعجبته، ثمّ قدّم زوجها في الحرب ليقتل، ثمّ تزوّجها ... كل ذلك مما يقدح بالأنبياء، وينفي عنهم العصمة، "وما كان لداود عليه السلام ولا لأيّ نبيٍّ أن يسقط إلى هذا الحدّ في حمأة الشّهوة، فيزني بامرأة غيره، ويحتال على قتله إنّها لفريةٌ بلقاء مفضوحة" ([11])
وقد مدح اللّه جلّ وعلا داوود عليه السلام في كتابه قبل ذكر هذه القصّة وبعدها بصفاتٍ عديدة وكلّها تنافي كونه عليه السلام موصوفاً بهذا الفعل المنكر، والعمل القبيح، وتدلّ على براءة ساحته عن تلك الأكاذيب.
قال ابن كثير رحمه الله عند تفسير هذه الآيات: "قد ذكر المفسرون ها هنا قصة أكثرها مأخوذ من الإسرائيليات ولم يثبت فيها عن المعصوم حديث يجب اتباعه." ([12])
وقال ابنُ حزم : "وهذا قولٌ صادقٌ صحيحٌ لا يدلّ على شيء ممّا قاله المستهزءون الكاذبون المتعلّقون بخرافاتٍ ولّدها اليهود، وإنّما كان ذلك الخصم قوماً من بني آدم بلا شكٍّ مختصمين في نعاج من الغنم على الحقيقة بينهم، بغى أحدُهما على الآخر على نصِّ الآية، ومَن قال إنّهم كانوا ملائكةً معرّضين بأمر النّساء، فقد كذب على اللّه عز وجل ، وقوّله ما لم يقُلْ، وزاد في القرآن ما ليس فيه، وكذّب اللّه عز وجل ، وأقرّ على نفسه الخبيثة أنّه كذّب الملائكة؛ لأنّ اللّه تعالى يقول :{وَهَلْ أَتَاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ} فقال هو: لم يكونوا قطّ خصمين، ولا بغى بعضهم على بعض، ولا كان قطّ لأحدهما تسعٌ وتسعون نعجةً، ولا كان للآخر نعجة واحدة، ولا قال لـه: أكفلنيها، فاعجبوا لما يقحمون فيه أهل الباطل أنفسهم، ونعوذ باللّه من الخذلان، ثمّ كلّ ذلك بلا دليل، بل الدّعوى المجرّدة." ([13])
وقال الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله : "وهذا الذّنب الذي صدر من داوود عليه السلام لم يذكرْه اللّه لعدم الحاجة إلى ذكره، فالتّعرّض لـه من باب التّكلّف، وإنّما الفائدة ما قصّه اللّه علينا، من لطفه به، وتوبته، وإنابته، وأنّه ارتفع محلّه، فكان بعد التّوبة أحسن منه قبلها." ([14])
وأما داود عليه السلام فالذي ورد عنه في حق بني إسرائيل في القرآن أنه لعنهم كما قال تعالى: {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ = 78 } [سورة المائدة 5/78] والسبب بين في كتاب الله "لعن الله الذين كفروا من اليهود بالله على لسان داود وعيسى ابن مريم عليهما السلام ، ولعن والله آباؤهم على لسان داود وعيسى ابن مريم عليهما السلام ، بما عصوا الله فخالفوا أمره وكانوا يعتدون، يقول: وكانوا يتجاوزون حدوده".([15])
وقد وضحه الرسول صلى الله عليه وسلم في حديث عبد الله بن مسعود _ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((إن أول ما دخل النقص على بني إسرائيل كان الرجل يلقى الرجل فيقول: يا هذا اتق الله ودع ما تصنع فإنه لا يحل لك، ثم يلقاه من الغد فلا يمنعه ذلك أن يكون أكيله وشريبه وقعيده، فلما فعلوا ذلك ضرب الله قلوب بعضهم ببعض ثم قال: {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ} ثم قال :كلا والله لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر ولتأخذن على يدي الظالم ولتأطرنه على الحق أطراً ولتقصرنه على الحق قصراً.)) ([16]) أي لعنوا في الزبور والإنجيل؛ فإن الزبور لسان داود عليه السلام ، والإنجيل لسان عيسى عليه السلام أي لعنهم الله في الكتابين. ([17])
وذلك يدل على تهاونهم بأمر الله وأن معصيته خفيفة عليهم فلو كان لديهم تعظيم لربهم لغاروا لمحارمه ولغضبوا لغضبه، وإنما كان السكوت عن المنكر ـ مع القدرة ـ موجباً للعقوبة لما فيه من المفاسد العظيمة. ([18])
سليمان عليه السلام :
وأما نبي الله سليمان عليه السلام فهو من الرسل الذين أرسلهم الله إلى بني إسرائيل بعد أبيه داود عليه السلام ، {وَوَهَبْنَا لِدَاوُدَ سُلَيْمَانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ = 30 } [سورة ص 38/30]. وقد انفردا من بين الرسل عليهم السلام بأن الله آتاهما الملك والنبوة. وآتاه الله علماً، وفضله وأباه على عالمي زمانه، كما قال أبوه داود عليه السلام من قبل: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنَا عَلَى كَثِيرٍ مِّنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ = 15 } [سورة النمل 27/15].
وكان داود عليه السلام أوصى بالملك لولده سليمان عليه السلام ، وكان سليمان ممن آتاهم الله الحكمة والفطانة وحسن السياسة. واتسع ملك سليمان عليه السلام ، وحاز الشام، ثم امتد ملكه حتى كان له نفوذ على ملوك اليمن، وخضعت له ملكة سبأ، فآمنت به ودخلت في دينه وطاعته.
ومن النعم التبي خص الله به سليمان عليه السلام ما يلي:
أن الله آتاه الملك ميراثاً من أبيه داود عليه السلام ، قال تعالى: {وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ} [سورة النمل 27/16].
أن الله آتاه علم منطق الطير، كما آتى أباه داود مثل ذلك من قبله.
أن الله آتاه الحكمة والفهم والفقه على حداثة سنه، {فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلاًّ آتَيْنَا حُكْماً وَعِلْماً} [سورة الأنبياء 21/79]
أن الله سخَّر لسليمان عليه السلام الريح تجري بأمره حيث أراد، غُدُوُّها شهر ورواحها شهر، فإذا أرادها رخاء جرت بأمره رخاء حيث أصاب، وإذا أرادها عاصفةً جرت بأمره عاصفة إلى الأرض التي أراد فتسوق له السفن حسب إرادته، وتتجه بأمره إلى الأرض التي يوجهها إليها حسب المصالح التي يقدرها.
أن الله سخر لـه من الجن من يعمل بين يديه بإذن ربه، ومن يزغ منهم عن أمر الله يذقه من عذاب السعير، يعملون له ما يشاء من محاريب ([19]) وتماثيل، وجفان كالجواب، وقدور راسيات.
كما سخر لـه من الشياطين - وهم مَرَدَة الجن - من يغوصون لـه في البحار، لاستخراج ما يريد منها، ومن يبنون له المباني الضخمة، كما سلطه الله على آخرين من الشياطين إذ يكف شرهم عن الناس، وذلك بتقييدهم بالأغلال. قال الله تعالى: {فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاء حَيْثُ أَصَابَ = 36 وَالشَّيَاطِينَ كُلَّ بَنَّاء وَغَوَّاصٍ = 37 وَآخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي الأَصْفَادِ = 38 } [سورة ص 38/36-38].
أن الله سخر له الجنود من الجن والإِنس والطير، يجتمعون بأمره ويطيعونه. قال تعالى: {وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ = 17 } [سورة النمل 27/17].
أن الله أسال لـه عين القِطر - وهو النحاس - فكان النحاس يتدفق له مذاباً من عين خاصةٍ كتدفق الماء.
ومن الأحداث التي جرت لسليمان عليه السلام ، قصته مع ملكة سبأ، كما في سورة النمل. والله أعلم ([20])
وحين يذكر اليهود سليمان عليه السلام , يذكره كثير منهم, على أنه ملك أو ساحر ([21]) ، كما في جرأة اليهود على رسول الله صلى الله عليه وسلم بقولهم (ألا تعجبون لمحمد يزعم أن سليمان بن داود كان نبياً! والله ما كان إلا ساحراً)
وذمهم الله باتباعهم السحر ثم نسبته إلى نبي الله سليمان عليه السلام , واختلف هل المذموم اليهود الذين كانوا على عهد سليمان عليه السلام , أم المعاصرين لنبينا صلى الله عليه وسلم ، والصواب أنه للجميع؛ "لأن المتبعة ما تلته الشياطين في عهد سليمان عليه السلام وبعده إلى أن بعث الله نبيه صلى الله عليه وسلم بالحق وأمر السحر لم يزل في اليهود.. وكل متبع ما تلته الشياطين على عهد سليمان من اليهود داخل في معنى الآية." ([22])
قال تعالى: {وَاتَّبَعُواْ مَا تَتْلُواْ الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيْاطِينَ كَفَرُواْ يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولاَ إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاَ تَكْفُرْْ} [سورة البقرة 2/102]
فاليهود لما نبذوا كتاب الله اتبعوا ما تتلو الشياطين وتختلق من السحر على ملك سليمان حيث أخرجت الشياطين للناس السحر وزعموا أن سليمان عليه السلام كان يستعمله وبه حصل له الملك العظيم، وهم كذبة في ذلك فلم يستعمله سليمان بل نزهه الله {وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ} أي بتعلم السحر فلم يتعلمه {وَلَكِنَّ الشَّيْاطِينَ كَفَرُواْ} بذلك{يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ} من إضلالهم وحرصهم على إغواء بني آدم، وكذلك اتبع اليهود السحر الذي أنزل على الملكين الكائنين بأرض بابل من أرض العراق أنزل عليهما السحر امتحاناً وابتلاء من الله لعباده فيعلمانهم السحر، وما يعلمان من أحد حتى ينصحاه ويقولا: {إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاَ تَكْفُرْْ} أي لا تتعلم السحر فإنه كفر، فينهيانه عن السحر ويخبرانه عن مرتبته فتعليم الشياطين للسحر على وجه التدليس والإضلال، ونسبته وترويجه إلى من برأه الله منه وهو سليمان عليه السلام وتعليم الملكين امتحاناً مع نصحهما لئلا يكون لهم حجة، فهؤلاء اليهود يتبعون السحر الذي تعلمه الشياطين والسحر الذي يعلمه الملكان، فتركوا علم الأنبياء والمرسلين وأقبلوا على علم الشياطين، وكل يصبو إلى ما يناسبه. ([23])
وصرح في الآية بتسمية من يعلم الناس السحر في مدينة بابل: أنهما هاروت وماروت وليس غيرهما كما يزعم بعض اليهود، "لأن سحرة اليهود فيما ذكر كانت تزعم أن الله أنزل السحر على لسان جبريل وميكائيل عليهما السلام إلى سليمان بن داود عليه السلام . فأكذبها الله بذلك وأخبر نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم أن جبريل وميكائيل لم ينزلا بسحر قط، وبرأ سليمان عليه السلام مما نحلوه من السحر، فأخبرهم أن السحر من عمل الشياطين، وأنها تعلم الناس ببابل، وأن الذين يعلمونهم ذلك رجلان اسم أحدهما هاروت واسم الآخر ماروت؛ فيكون هاروت وماروت على هذا التأويل ترجمة على الناس ورداً عليهم." ([24])
ويلاحظ في الآية أنها نفت الكفر عن سليمان عليه السلام وليس السحر؟ ولم يصفه أحد بالكفر صراحة.
والسبب - والله أعلم - أن الشياطين كانوا ينسبون السحر لسليمان عليه السلام فيحسنونه للناس فيقبلون عليه,كما أنها تجعل بعضهم يكرهه لأجل ذلك ويعتبرونه ساحراً لا رسولاً, ولذلك نفى الله الكفر عن سليمان لأنه نتيجة السحر وهو ليس بساحر كما تفتري عليه اليهود.
وأما تفاصيل القصة المذكورة في من يعلم الناس السحر فقد قال ابن كثير رحمه الله : "وقد روي في قصة هاروت وماروت عن جماعة من التابعين كمجاهد والسدي والحسن البصري وقتادة وأبي العالية والزهري والربيع بن أنس ومقاتل بن حيان وغيرهم وقصها خلق من المفسرين من المتقدمين والمتأخرين وحاصلها راجع في تفصيلها إلى أخبار بني إسرائيل إذ ليس فيها حديث مرفوع صحيح متصل الإسناد إلى الصادق المصدوق المعصوم الذي لا ينطق عن الهوى، وظاهر سياق القرآن إجمال القصة من غير بسط ولا إطناب فنحن نؤمن بما ورد في القرآن على ما أراده الله تعالى والله أعلم بحقيقة الحال." ([25])
ما ورد في فتنة سليمان
عرض القرآن الكريم لقصّة فتنة سليمان عليه السلام ، وإلقاء الجسد على كرسيه، وذلك في قولـه تعالى: {وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ وَأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَداً ثُمَّ أَنَابَ = 34 } [سورة ص 38/34 وعلى كثرة الآثار الواردة عن السلف في ماهية هذه الفتنة إلا أنه لم يثبت بخبرٍ صحيح الأمر الذي فتن الله به سليمان، ولا المراد من قوله تعالى: {وَأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَدًا}. وقد ذكر المفسرون عدة وجوه يحتملها النص، ولكن لا سبيل إلى الجزم بواحد منها، وحكوا في ذلك قصصاً لا أصل لها! ([26])
وقد استأنس بعض المفسرين في شرح المراد من هذه الآية بما جاء في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم : ((أن سليمان عليه السلام قال: لأطوفنَّ الليلة على سبعين امرأة تأتي كل واحدة بفارس يجاهد في سبيل الله تعالى، ولم يقل إن شاء الله، فطاف عليهن فلم تحمل إلا امرأة واحدة جاءت بشق رجل. قال صلى الله عليه وسلم : والذي نفسي بيده لو قال إن شاء الله لجاهدوا في سبيل الله فرساناً أجمعون.)) ([27])
فلعل المراد من فتنة سليمان عليه السلام ابتلاؤه بما آتاه الله من ملك عظيم، ونساء كثيرات حرائر وإماء، وتمنيه أن يكون له من صلبه أولاد كثيرون يقاتلون في سبيل الله، ، ونسيانه تعليق ذلك على مشيئة الله تعالى، وذلك إذ أخذ على نفسه أن يطوف في ليلة واحدة على عدد كبير من نسائه، تأتي كل واحدة منهن بفارس يجاهد في سبيل الله، وتجاوز بذلك حدود بشريته، ونسي أن يفوض تحقيق الأمر إلى مشيئة الله تعالى، فجوزي على هذا بأن النساء اللواتي طاف عليهن لم يحملن منه إلا امرأة واحدة جاءت بشق رجل. قالوا: فلعل هذا الشق هو المراد من قوله تعالى: {وَأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَداً ثُمَّ أَنَابَ = 34 } [سورة ص 38/34]، فلما رأى سليمان ذلك رجع إلى ربه وأناب، وقال: {رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكاً لاَّ يَنبَغِي لأَحَدٍ مِّنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ = 35 } [سورة ص 38/35] ([28])
تنبيه
وردت آثار كثيرة في ذكر جملة من أنبياء بني إسرائيل عليهم السلام مثل (إلياس, شمويل, إرميا, أشعيا) وهناك اختلاف كبير في تسميتهم, وثبوت ما يرد في حقهم و هذا من الإسرائيليات,كما قال ابن كثير عقب نقله فقراتٍ من هذه الرّوايات عن بعض الأنبياء : "ففي هذا نظرٌ، وهو من الإسرائيليّات التي لا تصدّق ولا تكذّب، بل الظّاهر أنّ صِحّتَها بعيدةٌ. واللّه أعلم" ([29]) وقد أعرضت عن إيرادها, اكتفاءًَ بذكر أهم ما ورد عن أبرز أنبياء بني إسرائيل وكيف عاملهم قومهم ([30]) , والموضوع يطول لو استقصي وفيما ذكر - مع التقصير- دال على غيره والله أعلم.
---------------------------------------------------
([1]) تفسير الطبري ( 6 / 317 ) - تفسير ابن أبي حاتم ( 4 / 1182 ) - تفسير الدر المنثور ( 3 / 126 )
([2]) تفسير الطبري ( 23 / 149 ) والمستدرك على الصحيحين عن السدي ( 2 / 641 ) إسناده ضعيف. وهذه رواية من روايات كثيرة هذا مجملها كلها من الإسرائيليات انظر الإسرائيليات في التفسير لابي شهبة ص264 -269
([3]) تفسير الطبري 1/135 تفسير الدر المنثور ( 1 / 233 ) - تفسير القرطبي ( 2 / 41 ) - تفسير ابن كثير ( 1 / 135 )
([4]) تفسير الطبري ( 1 / 450 ) تفسير ابن كثير ( 1 / 137 ) إسناده ضعيف.
([5]) نفسير الطبري(1/136) تفسير الدر المنثور ( 6 / 684 ) - تفسير ابن كثير ( 1 / 136 )
([6]) نفسير الطبري (1/136) تفسير الدر المنثور ( 1 / 234 ) - تفسير ابن كثير ( 1 / 136 ) إسناده ضعيف.
([7]) تفسير الطبري ( 1 / 450 ) - تفسير ابن كثير ( 1 / 137 )
([8]) ملخصا من تاريخ الطبري1/282 وما بعدها وتارييخ دمشق لابن عساكر17/80 وقصص النبياء لابن كثيرص567.
([9]) رواه مسلم ج2/ص816 عن عبد الله بن عمرو ù.
([10]) هذه القصّةُ متطابقةٌ تماماً في مضمونها مع ما ورد في التّوراة، سفر صمُوئيل الثّاني الإصحاح ( 11) إلاّ أنّها زادت إفكاً، فاتّهمت داوود À بالزِّنا بل جعلوا هذه المرأة هي أمّ سليمان À كما في الرّواية (22938) عند الطبري: وقال قتادة بلغنا انها أم سليمان) وهذا مذكور في سفر صمُوئِيل الثّاني، الاصحاح (12) وأيضاً في إنجيل متّى، الإصحاح الأوّل. -وانظر ابن حزم في الفصل (4/18-19)وأبو شهبة في الإسرائيليّات ص269. والقران والتوراة حسن باشا 325 - و قال القاسمي ’: ( وهذه القصة من اختلاق اليهود ونقولاتهم ، ولم يقل بها القرآن قط ، وإنما ذكرها التلمود ، كما يعلم من مراجعة مدراس يدكوت في الإصحاح الثالث والثلاثين ، وجاراه جهلة القصاص من المسلمين ، فأخذوها منه ) ـ محاسن التأويل ( 2/212 )
،ونقدها العلامة أحمد شاكر في تعليقه على الروايات التي ساقها الطبري في تفسيره : فقال: "وهذه الأخبار، في قصة هاروت وماروت، وقصة الزهرة، وأنها كانت امرأة فمسخت كوكباً، أخبار أعلها أهل العلم بالحديث." ثم ذكر ما قاله ابن كثير في تفسيره وتاريخه - البداية والنهاية - عن القصة، ووافقه على ذلك حيث يقول’:"وهذا هو الحق، وفيه القول الفصل والحمد لله." حاشية تفسير الطبري ط شاكر ( 2/434 ).
([11]) الإسرائيليّات للذّهبيّ ص31
([12]) تفسير ابن كثير ج4/ص32 وقال في تاريخه: وقد ذكر كثير من المفسرين من السلف والخلف ههنا قصصا وأخبارا أكثرها اسرائيليات ومنها ما هو مكذوب لا محالة تركنا ايرادها في كتابنا قصدا اكتفاء واقتصارا على مجرد تلاوة القصة من القرآن العظيم والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم -البداية والنهاية2/12 وأورد النسفي في تفسيره: (اقال على _ من حدثكم بحديث داود À على ما يرويه القصاص جلدته مائة وستين وهو حد الفرية على الانبياء وروى أنه حدث بذلك عمر بن عبد العزيز’ وعنده رجل من أهل الحق فكذب المحدث وقال ان كانت القصة على ما فى كتاب الله فما ينبغى أن يلتمس خلافها وأعظم بأن يقال غير ذلك وان كانت على ما ذكرت وكف الله عنها سترا على نبيه فما ينبغى اظهارها عليه فقال عمر لسماعى هذا الكلام أحب الى مما طلعت عليه الشمس) تفسير النسفي ج4/ص36
([13]) في الفصل 4/18-19)
([14]) تفسير السعدي 6/416
([15]) تفسير الطبري ج6/ص319
([16]) رواه ابو داود ج4/ص121 و ابن ماجه ج2/ص 1327 و الترمذي ج5/ص252وقال حديث حسن غريب
([17]) تفسير القرطبي ج6/ص252
([18]) تفسير السعدي ج1/ص241
([19]) ذكرفي القرآن المحاريب ولم يذكر ما يسمى الهيكل, كما ينقل بعض المؤلفين المتأثرين بالتوراة والتلمود لقد ورد اسم المحراب في قصة النبي داود وكان يتعبد في هذا المحراب كما ورد المحراب مع زكريا ومع مريم مما يشير إلى وجود مكان للعبادة معروف للجميع لكن اللافت أنه لم يرد في القرآن ذكر لسليمان À وعلاقته بهذا المحراب أو أن له اهتماماً خاصاً به بل على العكس من ذلك نرى القرآن يذكر أن الجن تبني لسليمان À محاريب متعددة وليس محراباً واحداً مميزاً ومحدداً ولتكون هذه المحاريب أمكنة يُتعبد بها لله فما أورده القرآن الكريم في قوله تعالى: (ومن الجن من يعمل بين يديه بإذن ربه ومن يزغ منهم عن أمرنا نذقه من عذاب السعير يعملون له ما يشاء من محاريب وتماثيل وجفان كالجواب وقدور راسيات). "سورة سبأ، 12 ـ 13" ينفي تماماً ما أوردته التوراة من بناء ما يسمى هيكل سليمان: انظرالقرآن والتوراة حسن الباشا324-344بتصرف- وقد ثبت أن سليمان À هو الذي أكمل بناء المسجد الأقصى كما رواه النسائي من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص مرفوعا((أن سليمان لما بنى بيت المقدس سأل الله تعالى خلالاً ثلاثاً))الحديث ..و صححه ابن حجر في فتح الباري ج6/ص408
من الطريف أن التوراة تذكر أن (الملك سليمان) -وليس النبي- صرف في بنائه سبع سنين وقام بالعمل فيه ثلاثون ألف رجل و80 ألفا كانوا يقطعون الحجارة و70 ألفا يحملونها ،وعلى رؤوس هؤلاء كان يوجد 3300 وكيل، أي أن مجموع من شارك في البناء بلغ نحو 184 ألف شخص على مدى سبع سنوات لكي يبنوا هيكلاً طوله 60 ذراعاً وعرضه عشرون وارتفاعه ثلاثون بحسب وصف التوراة، أي أن أبعاده 31 ضرب 5 ،10 ضرب 15متر هذا يساوي 325 متراً مربعاً فقط وهذه مساحة لا تحتاج لكل هذا الطاقم الكبير ولكنه التحريف السامج، وما زال اليهود منذ احتلالهم للأرض المباركة ينقبون عن "هيكل الرب" وهو قدس الأقداس لدى اليهود قاطبة، وحتى الآن لم يكتشف اليهود أي أثر لهذا الهيكل الأسطوري. ولن يكتشفوه لأنه لا حقيقة لـه، ثم ينفذوا أقذر خططهم والتي يعملون عليها بجد وهي هدم المسجد الأقصى وإقامة الهيكل مكانه- ولمعرفة من انساق وراءفرية الهيكل من المؤلفين في الدراسات اليهودية انظركتاب (خطر التوراة على الكتاب المحدثين) د فضل العماري فقد أفاد وأجاد
([20]) ملخصا من تاريخ الطبري1/287 وما بعدها وتارييخ دمشق لابن عساكر22/220 والبداية والنهاية لابن كير 2/18.
([21]) كما في بعض نصوص التوراة انظر القران والتوراة حسن الباش 1/340 قال ابن تيمية: فإن كثيرا من اليهود والنصارى يطعنون فيه منهم من يقول كان ساحرا وأنه سحر الجن بسحره ومنهم من يقول سقط عن درجة النبوة فيجعلونه حكيما لا نبيا (الجواب الصحيح ج3/ص38)7قال ابن كثير وفيهم طائفة لا يعتقدون نبوة سليمان À.) تفسير ابن كثير ( 7/60 )
([22]) تفسير الطبري ج1/ص 448 باختصار
([23]) تفسير السعدي ج1/ص61 بتصرف
([24]) تفسير الطبري ج1/ص455
([25]) تفسير ابن كثير ج1/ص142
([26]) قال ابن كثير عن رواية ابن عباس ( إسناده إلى ابن عباس قوي ، ولكن الظاهر أنه إنما تلقاه ابن عباس - إن صح عنه - من أهل الكتاب .. وكلها متلقاة من قصص أهل الكتاب . والله أعلم بالصواب ) اهـ تفسير ابن كثير ( 7/60 ) . ويدل عليه ما أورده السيوطي في تفسيره قال السيوطي :أخرج عبد الرزاق وابن المنذر عن ابن عباس ù (قال أربع آيات من كتاب الله لم أدر ما هي حتى سألت عنهن كعب الأحبار ... وسألته عن قولـه {وألقينا على كرسيه جسدا ثم أناب} قال الشيطان أخذ خاتم سليمان À الذي فيه ملكه فقذف به في البحر فوقع في بطن سمكة فانطلق سليمان يطوف إذ تصدق عليه بتلك السمكة فاشتواها فأكلها فإذا فيها خاتمه فرجع إليه ملكه -الدر المنثور - السيوطي ج7/ص180وتفسير عبد الرزاق ج3/ص165
([27]) رواه البخاري في ستة مواضع باختلاف يسير رقم3424 ومسلم 1654 قال الشنقيطي’ -بعد استشهاده بالحديث- فتنة سليمان كانت بسبب تركه قوله إن شاء الله وأنه لم يلد من تلك النساء إلا واحدة نصف إنسان وأن ذلك الجسد الذي هو نصف إنسان هو الذي ألقي على كرسيه بعد موته) -أضواء البيان - (3/254)
([28]) الروايات الكثيرة التي أوردها الطبري ’ مكتفياً باسنادها من غير تعليق على ما احتوته من نكارة متنها
كما لم يثبت أغلبها سنداً، وما صحّ منها لايخرجها عن كونها من الإسرائليّات وكلُّ هذه الرِّوايات مأخوذةٌ عن أهل الكتاب كما قرّر ذلك الحافظُ ابنُ كثيرٍ ’ في تفسيره (4/40) حيث قال (وقد رُوِيت هذه القصّة مطوّلة عن جماعة من السّلف è...وكلّها متلَقَّاةٌ من قصص أهل الكتاب))اهـ. وانظر: تاريخه 2/340-341). :وقال ابن حزم( وهذه كلُّها خرافات موضوعة مكذوبة لم يصحّ إسنادها قط) الفصل( 4/20) وتوسع في ردها ابوشهبةفي الاسرائيليات ص270
([29]) البداية والنهاية تاريخه( 2/274)
([30]) وأما ما يوردونه في التوراة في حق الأنبياء من الأمور الشنيعة (من زنا وسكر وقتل وكذب وخداع)كالتي ذكرنا بعضها عند الكلام على تحريفهم للتوراة فيكفي في ردها انها تنادي على نفسها بالتحريف والكذب وعدم توقير انبياء الله صلوات الله وسلامه عليهم للتوسع انظر بذل المجهود في افحام اليهود الذي كان من كبار احبارهم ثم اسلم