مباشرة رسول الله لزوجته وهى حائض
الشبهة
ورد فى الأحاديث الصحيحة أن رسول الله كان يجامع زوجاته فى فترة الحيض.
الرد على الشبهة
ذكر المعترضون ما ورد فى الصحيحين من حديث ميمونة بنت الحارث الهلالية - رضى الله عنها - قالت: كان النبى إذا أراد أن يباشر إمراة من نسائه أمرها فاتزرت وهى حائض. ولهما عن عاشة نحوه. وظنوا بجهلهم أن ذلك يتعارض مع قوله تعالى:" وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُواْ النِّسَاء فِي الْمَحِيضِ وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّىَ يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ " [البقرة: 222].
وسبب ذلك أنهم أناس لا يفقهون؛ فالمباشرة المنهى عنها فى الأية الكريمة هى المباشرة فى الفرج، أما ما دون ذلك فهو حلال بالإجماع؛ وقد روى الإمام أحمد وأبو داوود والترمذى وابن ماجة عن عبد الله بن سعد الأنصارى أنه سأل رسول الله:" ما يحل لى من امرأتى وهى حائض؟ فقال: ما فوق الإزار ", وروى ابن جرير أن مسروقًا ركب إلى عائشة - رضى الله عنها - فقال: السلام على النبى وعلى أهله, فقالت عائشة: مرحبًا مرحبًا، فأذنوا له فدخل فقال: إنى أريد أن أسألك عن شىء وأنا أستحى فقالت: إنما أنا أمك وأنت ابنى فقال: ما للرجل من امرأته و هى حائض؟ فقالت له:" كل شىء إلا الجماع" وفى رواية:" ما فوق الإزار".
وقد راينا فى حديث ميمونة أن نبى الله كان إذا ما أراد أن يباشر امرأة من نسائه أمرها" فاتزرت " فأين التعارض المزعوم إذاً يا ملبسى الحق بالباطل.
ولعل ما دفعهم إلى الإعتراض هو وضع المرأة الحائض فى الكتاب اللا مقدس: وَإِذَا حَاضَتِ الْمَرْأَةُ فَسَبْعَةَ أَيَّامٍ تَكُونُ فِي طَمْثِهَا، وَكُلُّ مَنْ يَلْمِسُهَا يَكُونُ نَجِساً إِلَى الْمَسَاءِ. كُلُّ مَا تَنَامُ عَلَيْهِ فِي أَثْنَاءِ حَيْضِهَا أَوْ تَجْلِسُ عَلَيْهِ يَكُونُ نَجِساً، وَكُلُّ مَنْ يَلْمِسُ فِرَاشَهَا يَغْسِلُ ثِيَابَهُ وَيَسْتَحِمُّ بِمَاءٍ وَيَكُونُ نَجِساً إِلَى الْمَسَاءِ. وَكُلُّ مَنْ مَسَّ مَتَاعاً تَجْلِسُ عَلَيْهِ، يَغْسِلُ ثِيَابَهُ وَيَسْتَحِمُّ بِمَاءٍ، وَيَكُونُ نَجِساً إِلَى الْمَسَاءِ. وَكُلُّ مَنْ يَلَمِسُ شَيْئاً كَانَ مَوْجُوداً عَلَى الْفِرَاشِ أَوْ عَلَى الْمَتَاعِ الَّذِي تَجْلِسُ عَلَيْهِ يَكُونُ نَجِساً إِلَى الْمَسَاءِ. وَإِنْ عَاشَرَهَا رَجُلٌ وَأَصَابَهُ شَيْءٌ مِنْ طَمْثِهَا، يَكُونُ نَجِساً سَبْعَةَ أَيَّامٍ. وَكُلُّ فِرَاشٍ يَنَامُ عَلَيْهِ يُصْبِحُ نَجِساً " (لاوين:15-19).
فهذا هو كتابهم الذى يجعلها فى حيضها كالكم المهمل الذى لا يقترب منه أحد وكأنها (جربة). وقد ورد عن أنس أن اليهود كانت إذا حاضت المرأة منهم لم يواكلوها، ولم يجامعوها فى البيوت، فسأل الصحابة رسول الله فى ذلك، فأنزل الله تعالى:" وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُواْ النِّسَاء فِي الْمَحِيضِ وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّىَ يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ " [البقرة: 222] فقال رسول الله:" اصنعوا كل شىء إلا النكاح" فبلغ ذلك اليهود فقالوا: ما يريد هذا الرجل أن يدع من أمرنا شيئًا إلا خالفنا فيه.
ومن المعروف فى قواعد علم مقارنة الأديان عدم مؤاخذة دين وفقًا لشريعة دين أخر، فما بالك والإسلام أعدل وأسمى، وقد أنصفت شريعته المرأة فى هذا المقام وغيره.
==========
ابن مريم