طلقها النبى لأنه وجد فيها بياض
الشبهة
ذكر الطبرانى وغيره عن سهل بن سعد أن النبي - صلى الله عليه وسلم - تزوج امرأة من أهل البادية، فرأى بها بياضًا ففارقها قبل أن يدخل بها.
الرد على الشبهة
بداية قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم:" خير النساء من إذا نظرت إليها سرتك، وإذا أمرتها أطاعتك، وإذا أقسمت عليها أبرتك، وإذا غبت حفظتك فى نفسها ومالك ". ومن هذا الحديث الشريف نجد أن من حقوق الزوج أن يتزوج امرأة يسره النظر إليها، وتكون على خلق ودين, ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - كانت معظم زيجاته كما هو معلوم لأغراض إنسانية بحته، وهو لم يعدد الزوجات إلا بعد الخمسين، ولكن هذا لا يمنع أنه كان رجلاً جميل الخُلق والخلق. وعندما تزوج هذه المرأة كان يسره النظر إليها، ولكنه وجد فيها هذا العيب الجلدى الذى نفره منها نفرة شديدة، وكانت قد أخفته عليه فمتّعها، وردها إلى بيت أهلها قبل أن يمسها، ولم تكتمل هذه الزيجة، فما الحرج فى ذلك؟!
وعندما خطب المغيرة بن شعبة امراة، فأخبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال عليه السلام:" اذهب فانظر إليها، فإنه أحرى أن يؤدم بينكما " أى تدوم بينكم المودة والعشرة. وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أراد أن يتزوج، يرسل بعض النسوة ليتعرفن ما قد يخفى من العيوب، فيقول لها:" شمى فمها, شمى إبطيها.."؛ فمن هذه الأحاديث الطيبة نجد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد سنّ لنا ما إن فعلناه كان سببًا فى استمرار المحبة والمودة وحسن المعاشرة, والإسلام دين واقعى؛ فهو يعطى كل ذى حق حقه، وهل يعقل أن يطالب إنسان بأن يستمر فى معاشرة امرأة وجد منها ما ينفره؟ أو تستمر امرأة فى معاشرة رجل وجدت منه ما ينفرها؟ الإجابة هى بالطبع لا, والحياة الزوجية فى الإسلام شعارها المعاشرة بالمعروف، أو التسريح بإحسان، وإن لم تقم الحياة بين الزوجين على الصدق والمودة والرضى، قامت على نفاق أو إكراه!
وهذا لا وجود له فى دين الله؛ فالإسلام وإن كان يحث على الصبر كما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم:" لا يفرك مؤمن مؤمنة؛ إن كره منها خلقًا رضى منها أخر" إلا أن هناك أشياء قد لا يطيقها الإنسان، ويشتد نفوره منها؛ مما قد يذهب بأسس المودة، وأداء الحقوق؛ لذا فالإسلام هنا يرخص بالطلاق كما ورد فى البخارى عن ابن عباس قال:" جاءت امراة ثابت بن قيس إلى رسول الله فقالت: يا رسول الله ما أعتب عليه فى خلق، ولا دين، ولكنى أكره الكفر فى الإسلام ( تعنى كفران العشير)، فقال رسول الله: أتردين عليه حديقته؟ قالت: نعم, فقال رسول الله لثابت: اقبل الحديقة وطلقها ".
أما الحال عند النصارى فهو مأساة تشريعية بمعنى الكلمة، وكثير منهم يستنجدون بالشريعة الإسلامية؛ فالكنيسة المظلمة لا تكاد تبيح الطلاق إلا فى أضيق الحدود كحال الزنى أو تغيير الدين. أما الكاثوليك فلا طلاق عندهم أساسًا، ولكن انفصال جسدى! وكثير من النصارى البائسين الذين لم يوفقوا فى اختيار شركاء الحياة، يلجأون إلى الحيل، ويغيرون مللهم ليحصلوا على حرياتهم.
وأنا اذكر هنا قصة من التراث النصرانى، وهو ما حدث مع فيليب أغسطس أحد أشهر ملوك الحملات الصليبية، الذى كان قد تزوج الأميرة الدنماركية "انجبورج"، ولم يشعر معها بأى سعادة، فهجرها واستغرق عامًا كاملاً فى إقناع مجلس الأساقفة حتى يحصل على الطلاق، ولكن البابا سلستين الثالث أبى أن يوافق على هذا, فتحدى فيليب البابا، وتزوج "أنى" الميرانية، فحرمة سلستين! ولكن فيليب ظل على موقفه وقال:" خير لى أن أفقد نصف أملاكى من أن افارق أنى" وأمره أنوسنت الثالث أن يرجع أنجبورج، فلما رفض حرمه من كثير من حقوقه، فقال فى حسرة:" ما أسعد صلاح الدين ليس فوقه بابا يتحكم فى حياته ".
وهدد باعتناق الإسلام، وواصل كفاحه دفاعًا عن المرأة التى أحبها أربع سنوات. ولكن الشعب انضم إلى الكنيسة فى الضغط عليه؛ خوفًا من عذاب النار الذى هدد به البابا! فطرد فيليب زوجته "آنى" ولكنه أبقى "انجبورج" محبوسة فى "إيتامب" حتى عام 1202 بعد أن قضت أفضل سنين عمرها فى هذا الجحيم، وكل ذلك بسبب الفهم النصرانى المتطرف للزواج. أرأيتم مثل سماحة الإسلام وعدالته! والله إن هذه الشبهات التى يتشدقون بها، لهى الدليل الدامغ على صدق رسالة الإسلام، وبراءة ساحة النبى عليه السلام.
==========
ابن مريم (بتصرف)