شبهة العسل ليس فية شفاء للناس
الشبهة
يقولون: تعارض القرآن مع العلم التجريبي، فيما ادعاه في قوله تعالى عن العسل: (فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ) وليس كذلك [النحل: 69].
الإجابة
نقول وبالله تعالى التوفيق: قال القرطبي: اعترض بعض زنادقة الأطباء على هذه الآية: (ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلًا يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِهَا شَرَابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) [النحل: 69] وكذلك الحديث الوارد في شأن الذي شرب العسل على عهد رسول الله ولم يشفى، فقالوا: قد أجمع الأطباء على أن العسل يُسهِل فكيف يوصف لمن به الإسهال؟
والجواب أن ذلك القول حق في نفسه لمن حصل له التصديق بنبيه عليه الصلاة والسلام، فيستعمله على الوجه الذي عينه وفي المحل الذي أمره بعقد نية وحسن طوية, فإنه يرى منفعته ويدرك بركته.
وأما ما حكي من الإجماع فدليل على جهله بالنقل؛ حيث لم يقيد وأطلق، قال الإمام أبو عبد الله المازري: ينبغي أن يعلم أن الإسهال يعرض من ضروب كثيرة, منها الإسهال الحادث عن التخم والهيضات; والأطباء مجمعون في مثل هذا على أن علاجه بأن يترك للطبيعة وفعلها, وإن احتاجت إلى معين على الإسهال أعينت ما دامت القوة باقية, فأما حبسها فضرر.
فإذا وضح هذا قلنا: فيمكن أن يكون ذلك الرجل الوارد ذكره في الحديث الذي أصابه الإسهال عن امتلاء وهيضة، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم بشرب العسل، فزاده إلى أن فنيت المادة فوقف الإسهال، فوافقه شرب العسل.
فإذا خرج هذا عن صناعة الطب أذِن ذلك بجهل المعترض بتلك الصناعة، قال: ولسنا نستظهر على قول نبينا بأن يصدقه الأطباء، بل لو كذبوه لكذبناهم ولكفرناهم وصدقناه، فإن أوجدونا بالمشاهدة صحة ما قالوه، فنفتقر حينئذ إلى تأويل كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم وتخريجه على ما يصح، إذ قامت الدلالة على أنه لا يكذب.
وقد أجاب ابن حزم رحمه الله على ابن النغريلة اليهودي بأن كلمة (فيه شفاء) نكرة فلا تلزم العموم، وأن اللام في كلمة (للناس) ليست للعموم بل للجنس.
===============
* شبكة الحقيقة الإسلامية