يقول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم: أعظم الغلول عند الله عز وجل ذراع من الأرض, تجدون الرجلين جارين فى الأرض أو فى الدار, فيقتطع أحدهما من حظ صاحبه ذراعا, إذا اقتطعه طوقه من سبع أرضين. رواه أحمد بإسناد حسن, والطبرانى فى الكبير. ويقول كذلك: من غصب رجلا أرضا ظلما لقى الله وهو عليه غضبان. رواه الطبرانى، كما يقول الله فى كتابه الكريم: من قتل مؤمنا متعمدا فهو فى جهنم خالدا فيها مخلدا ولقى الله وهو عليه غضبان، فهل معناها أن الذي قتل مؤمنا متعمدا مثل عقابه كالذي اغتصب أرضا؟ جزاكم الله خيراً.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فما نسبته للرسول صلى الله عليه وسلم من قوله: أعظم الغلول عند الله عز وجل ذراع من الأرض، تجدون الرجلين جارين في الأرض أو في الدار، فيقتطع أحدهما من حظ صاحبه ذراعاً، إذا اقتطعه طوقه من سبع أرضين. هو حديث حسن صحيح، صحيح النسبة إلى أحمد والطبراني. وكذا قوله صلى الله عليه وسلم: من غصب رجلا أرضاً ظلما لقي الله وهو عليه غضبان. فإنه أيضاً حديث صحيح.
وأما ما جئت به بعد ذلك ونسبته إلى كتاب الله العزيز، فالظاهر أنك تقصد به قول الله تعالى: وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا {النساء:93}، وعلى أية حال، فإن ذكر الغضب في كل من الآية الكريمة والحديث الشريف لا يفيد بالضرورة أن المعصيتين تستويان في الجزاء، ذلك أن قتل المؤمن ورد في جزائه دخول جهنم والخلود فيها، والغضب والعذاب العظيم، وغصب الأرض ورد فيه التطويق والغضب، مع أنه لو افترض تساوي المعصيتين فيما ذكر لهما من العقاب، فإن نوعية العقاب التي سيعامل بها الشخص قد لا تكون مطابقة تماماً لتلك التي يعامل بها غيره، فقد يكون الغضب عند هذا أشد منه عند ذاك، وقد تكون درجة العذاب أشد أو أخف... ولا شك أن كلا من جريمة الغلول في الأرض وجريمة القتل ظلماً ذنب عظيم، ولكن جريمة القتل الظالم لا يمكن أن تعادلها أي جريمة أخرى دون الكفر بالله.
والله أعلم.