سمعت في أحد البرامج أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما ذهب إلى الطائف ضربوه وأمروا سفهاءهم وصغارهم أن يؤذوه إلى أن أدمو ساقيه الشريفتين صلى الله عليه وسلم وحينها رفع يديه إلى السماء و قال "اللهم إني أشكوك ضعفي وقلة حيلتي وهواني على الناس... فإن لم يكن بك غضب علي فلا أبالي" و بعد سماع ذلك ضاق صدري ولم أصدق أن سيد الخلق يقول "وهواني على الناس" لأن الهوان صفة لا تطلق على الأنبياء وهو من هو يتكلم بجوامع الكلم ويعرف ما يتكلم. سؤالي هو ما هي مدى صحة هذا الدعاء الذي دعا به رسول الله صلى الله عليه وسلم, وإن كان صحيحا ما هو المعنى الذي قصده أبو القاسم بكلمة "هواني ".الرجاء التفسير لغة واصطلاحا.
وجزاكم الله كل خير.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن هذا الحديث من الأحاديث المشهورة عند الناس بالرغم من ضعفه، فقد رواه ابن سعد في الطبقات عن الواقدي وهو متروك. ورواه ابن هشام في تهذيب السيرة عن ابن إسحاق مرسلا، إلا أن الدعاء لم يسق له سنداً، فقال: فما ذكر لي، ثم ذكره. ورواه الطبراني من طريق ابن إسحاق وقد عنعنه . والحديث ضعفه الألباني في السلسلة الضعيفة الجزء السادس. وعلى فرض صحته فليس في معناه إشكال، وليس فيه طعن في النبي صلى الله عليه وسلم، فإن الله تعالى قال: إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ {المطففين:29}، وقال تعالى: وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ {البروج:8}، فتسلط أهل الكفر على الأنبياء والصالحين واستهانتهم بهم بل وقتلهم من السنن الربانية، ولا تنقص من قدرهم شيئا بل ترفعه، لذلك قال: ورقة بن نوفل لرسول الله صلى الله عليه وسلم: ليتني كنت فيها جذعا إذ يخرجك قومك، فقال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: أو مخرجي هم؟ قال: نعم، لم يأت أحد بمثل ما جئت به إلا أوذي. متفق عليه عن عائشة.
فالحديث كما قال ابن القيم: هو استغاثة إلى الله مستحبة، فالله يبتلي عبده ليسمع تضرعه. اهـ .
وقال ابن تيمية: كلما قوي طمع العبد في فضل الله ورحمته ورجائه لقضاء حاجته ودفع ضرورته قويت عبوديته له وحريته مماه سواه.
قال سيد قطب: فهذا الدعاء الخالص العميق بعده فتح الله على رسوله وعلى الدعوة من حيث لا يحتسب، فكانت بيعة العقبة الأولى ثم الثانية. اهـ
والله أعلم.