هل يجوز الدعاء بجاه حق النبي صلى الله عليه وسلم , و هل يجوز في الدعاء إدخال الرسول كواسطة لإجابة الدعاء .
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالدعاء من أجلّ القرب وأعظم العبادات، بل هو العبادة كما قال صلى الله عليه وسلم. والعبادة مبناها على التوقيف، فلا يشرع منها إلا ما شرعه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، لقوله: "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد". متفق عليه.
وفي رواية لمسلم: "من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد" رواه مسلم.
وقد أشار صلى الله عليه وسلم إلى الأسباب المؤدية إلى قبول الدعاء كرفع اليدين، وإقبال القلب، وتكرار الدعاء، وتحري الأوقات الفاضلة كثلث الليل وبين الأذان والإقامة وغير ذلك، ولم ينقل عن نبينا صلى الله عليه وسلم بسند صحيح أنه أرشد أمته إلى التوسل بجاهه أو حقه، مع القطع والجزم بأن جاهه ومنزلته عند ربه فوق منزلة جميع ولد آدم.
ولا نُقل عن أحد من أصحابه رضوان الله عليهم -مع حرصهم على الخير ومسارعتهم إليه، وكثرة دعائهم وتضرعهم- أنه قال في دعائه: اللهم إني أتوسل إليك بحق محمد صلى الله عليه وسلم أو بجاهه، فعلم بهذا أنه ليس من أمر النبي صلى الله عليه وسلم، ولا من أمر أصحابه، بل عدل الصحابة عن ذلك إلى التوسل بعمه العباس رضي الله عنه كما روى البخاري في صحيحه أن عمر رضي الله عنه قال: اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبينا فتسقينا، وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا، فيسقون. وهذا دليل على أنهم كانوا يتوسلون بدعاء النبي صلى الله عليه وسلم في حياته، فلما توفاه الله توسلوا بالعباس رضي الله عنه، ولا يقال: إن هذا لضرورة فعل الصلاة ودعاء الاستسقاء، لأنا نقول: قد كان بالإمكان أن يصلي عمر أو غيره ثم يتوسل بالرسول صلى الله عليه وسلم في دعائه، فلما لم يكن شيء من ذلك، دل على أن الخير في غيره، وأن الشرع على خلافه.
وهكذا توسل الأعمى برسول الله صلى الله عليه وسلم إنما هو توسل بدعائه لا بذاته، لقوله صلى الله عليه وسلم له: "إن شئت دعوت لك، وإن شئت صبرتَ فهو خير لك"، فقال: فادعه… الحديث رواه النسائي والترمذي وأحمد وهذا لفظ الترمذي.
وعند أحمد: "إن شئت أخرت ذلك فهو أفضل لآخرتك، وإن شئت دعوت لك" ولقول الأعمى في دعائه: اللهم فشفعه في، فعلم بذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا له وشفع إلى الله فيه.
وأما حديث: " توسلوا إلى الله بجاهي، فإن جاهي عند الله عظيم" فهو حديث موضوع مكذوب على النبي صلى الله عليه وسلم، ولا يصح أيضا ما جاء في توسل آدم عليه السلام بحق محمد صلى الله عليه وسلم.
والتوسل المشروع:
1- التوسل إلى الله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى، كأن يقول: اللهم بعلمك الغيب وقدرتك على الخلق. أو اللهم إنا نسألك بأنك أنت الواحد الأحد.
2- التوسل إلى الله بالعمل الصالح، كما في قصة أصحاب الغار، الذين آواهم المبيت إلى غار في جبل، فانحدرت صخرة فسدت عليهم الغار فتوسل كل واحد منهم إلى الله بعمل صالح عمله، فانفرجت الصخرة فخرجوا يمشون، كما ثبت ذلك في الحديث الطويل المتفق عليه، وهذا ملخص معناه.