ما حكم الحديث التالي وما درجة صحته وهل يستدل منه على جواز الحركة في الذكر، قال أبو أراكة: (صليت مع علي بن أبي طالب صلاة الفجر, فلما انفتل عن يمينه مكث كأنّ عليه كآبة, حتى إذا كانت الشمس على حائط المسجد قيد رمح صلى ركعتين, ثم قلب يده فقال: والله لقد رأيت أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم, فما أرى اليوم شيئا يشبههم, لقد كانوا يصبحون صفرا شعثا غبرا, بين أيديهم كأمثال ركب المغزى, قد باتوا لله سجدا وقياما, يتلون كتاب الله يتراوحون بين جباهم وأقدامهم, فإذا أصبحوا فذكروا الله مادوا كما يميد الشجر في يوم الريح, وهملت أعينهم حتى تنبلّ -والله- ثيابهم). الحديث هذا موجود في (البداية والنهاية ) ابن كثير ج 8/ ص6، وأخرجه أبو نعيم في (الحلية) ج1/ ص76؟ وجزاكم الله خير الجزاء.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن الأثر المذكور ذكره ابن الجوزي في صفة الصفوة وابن كثير في البداية والنهاية عن ابن أبي الدنيا ومن رواته عمرو بن شمر، كما ذكره ابن رجب في جامع العلوم والحكم وقد علق عليه الدكتور ماهر ياسين الفحل فقال: هذا باطل موضوع مكذوب على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- وعلى الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين، والخبر فيه عدة علل، وعلته الرئيسة عمرو بن شمر الجعفي الكوفي الشيعي. انتهى.
وقال الزيلعي في نصب الراية: قال الحاكم عمرو بن شمر كثير الموضوعات عن جابر وغيره وإن كان جابر مجروحاً فليس يروي تلك الموضوعات الفاحشة عنه غير عمرو بن شمر فوجب أن يكون الحمل فيها عليه، وقال الجوزجاني عمرو بن شمر زائغ كذاب، وقال البخاري: منكر الحديث، وقال النسائي والدارقطني والأزدي متروك الحديث، وقال ابن حبان: كان رافضياً يسب الصحابة وكان يروي الموضوعات عن الثقات لا يحل كتب حديثه إلا على جهة التعجب. انتهى.
وقال الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحية بعد أن أشار إلى هذا الأثر قال عنه: لا يصح وإسناده ضعيف مظلم. ومن هذا يعلم أن الأثر غير صحيح، وأنه لا يصح الاستدلال به على جواز الحركة المقصودة أثناء الذكر.
والله أعلم.