الحمدلله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، محمد وآله وصحبه الطيبين.
وبعد..
أختي المسلمة في كل مكان:
السلام عليكِ ورحمة الله وبركاته
اعلمي أيتها الأخت الطيبة أنك شقيقة الرجل وشطر بني الإنسان؛ فأنت أم، وزوجة وبنت وأخت، وعمة وخالة وحفيدة وجدة. ورسول الإسلام صلى الله عليه وسلم يقول: « إنما النساء شقائق الرجال ». أخرجه أبو داود والترمذي عن عائشة.
ثم وأنت أيتها الأخت المسلمة تنتمين إلى دين عظيم هو الإسلام، وإلى أمة جليلة لا توجد في الأرض أمة أنجبت أكثر منها قادة ورجالاً وعظماء وفاتحين، وقبل هذا هي أمة أخرجت للناس تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، وتقود البشرية إلى الخير والعدل، وتخرج الناس من عبادة العباد إلى عبادة الله وحده، ومن ضيق الدنيا إلى سعتها، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام.
ولا شك أن أسلافك من النساء في هذه الأمة كن من أعظم الأسباب في تبوّء هذه الأمة مكانتها القديمة. واعلمي أيتها الأخت المسلمة أن الله الذي أكرمها بهذا الدين قد جعل للمرأة مكاناً في التكليف والتشريف، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والقيام بإعلاء كلمة الدين، قال تعالى: {
وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَآءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَـئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ } [التوبة:71].
وقد شرع الله لك من الأحكام وأعطاك من الخصائص والمميزات ما يليق بك ويناسب فطرتك، والله هو الإله العليم بما خلق {
أَلاَ يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ } [الملك:14].
أختاه المسلمة:
أنت مدعوة اليوم لصدق الانتماء إلى أمة الإسلام، والجهاد لإعلاء كلمة الله، وتطبيق شريعة القرآن، والبذل والتضحية لبناء جيل الإيمان.
ماذا يريد أعداؤك منك؟
ولكن هناك أيتها الأخت من يريد أن يصرفك عن واجبك المجيد، وأن يحولك عن مهتمك الشريفة في خدمة الدين، وإعلاء كلمة الله، وقد اتخذ هؤلاء الأعداء لك وللدين طرقاً خبيثة أردنا تبصيرك بها أهمها ما يلي:
أولاً: صرفك عما خلقت من أجله وهيأك الله له من العبادة والإيمان والدعوة والجهاد، بإغرائك بالدنيا فقط وزخارفها الفانية، فمعارض للحلي والمجوهرات تلو معارض، وموديلات ونماذج للباس تصمم في بلاد الكفر تلو نماذج، وصرعات لا تنتهي، وشهوات تؤجج، وبطون لا تشبع، ورياش وزينة، وتنافس، وزخارف لا تنتهي وكأننا لن نخلق إلا لهذه التفاهات.. وكل ذلك مع دعوة إلى التبذير وهدر الأموال، وقتل للأوقات، وإثارة لنيران الحسد والبغضاء بين الأغنياء والفقراء، وإشعال للتباهي المجنون بهذا البهرج الكاذب.
ثانياً: إشعال نار العداوة والبغضاء بينك وبين الرجل، فأنت عند هؤلاء الغشاشين بنتاً مكبوتة، وزوجة مظلومةً، وأماً مهدورة الكرامة، وأختاً مهيضة الجناح. والرجل في زعمهم -كل الرجال- ظلمة ومنافقون، وطغاة ومتسلطون ومانعون لحقوقك، وسالبون لحريتك. معركة مفتعلة ومصطنعة يفتعلها هؤلاء الشياطين، لا لشيء إلا لتتمردي على الأب، وتتكبري على الأخ، وتخرجي من عصمة الزوج، إن هؤلاء لا يدعون إلى عدل وتراحم، وتآلف، ولكن إلى تمرد، واستخفاف وهدم.
ثالثاً: لم يكتف هؤلاء الغشاشين بتحريضك على الأب والزوج والأخ بل تعدى ذلك إلى التحريض على شريعة الإسلام، وأحكام الملك الديان، فالإسلام عند هؤلاء ظالم، والشريعة الإسلامية عندهم ناقصة وهم يحرضونك صباح مساء على التفصي والخروج من هذه الشريعة. وبذلك يحاولون سلبك الإيمان كما يحاولون سلبك الهناءة والراحة في ظلال الأبوة الكريمة والزوجية الهانئة، والأخوة الطيبة. إن هؤلاء يصورون لك أن التقوى والعفاف قيود على الحرية والانطلاق، والحجاب الشرعي النظيف حجاب في زعمهم للعقل، والصلاة والصيام والزكاة -في زعمهم- عبث وإضاعة للعمر، وطاعة الزوج -في زعمهم- إذلال، لقد قلبوا كل المفاهيم، وغيروا كل الحقائق.
وبعد أختي المسلمة
إن الأهداف التي يرمي إليها أعداؤك وأعداء الدين معلومة معروفة، إنهم يريدون أن تكوني دائماً في متناول أيديهم الآثمة في كل مكان وفي كل وقت لينالوك بالحرام.
يريدون منك أن تكوني خليلة بلا حقوق ولا احترام، يجدونك في المكتب والطرقات، وأماكن اللهو والفساد، عارية من كل خلق ودين وشرف وأخلاق، يريدونك بلا مهر، ولا عقد، ولا شريعة، إلا شريعة أهوائهم وشهواتهم الدنيئة..
تماماً كما فعل أسلافهم من الملاحدة والمشركين في بلاد الغرب حيث المرأة هي العنصر المظلوم المهضوم المبتذل الرخيص، الذي بات يجري خلف الرجل، وتتذلل له، والرجل ينتقل من أنثى إلى أنثى بلا مساءلة أو حقوق..
أيتها الأخت المسلمة، اسألي واقرئي عن بنات جنسك ممن سلخن ثوب العفة والحياء، وانطلقن وراء الشهوات وتبعن أهواء الغشاشين ماذا كانت النتيجة وما هي الثمرة؟
وصيتي إليك أيتها الأخت المسلمة
اعتزي بدينك وتراث آبائك وأسلافك الميامين، وكوني قدوة صالحة لأبنائك وبناتك، وأخلصي في انتمائك إلى أمتك المجيدة، واعلمي أن العفة شرف عند كل العقلاء والزنا رذيلة عند كل الأمم، وإن تسمي بكل الأسماء الطيبة كالحب والحرية..
وإن الزنا ليس زنا الفرج فقط، بل العين تزني وزناها النظر، والأذن تزني وزناها السمع، والفم يزني وزناه القبل، كما جاء بذلك الحديث (لما روى في مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: « فالعينان زناهما النظر، والأذن زناها الاستماع، واللسان زناه الكلام، واليد زناها البطش، والرجل زناها الخطا، والقلب يهوى ويتمنى، ويصدق ذلك الفرج ويكذبُهُ »).
واعلمي أن سعادتك أن تكوني بنتاً فاضلة مطيعة في الحق والخير، وزوجة وفية كريمة، وأماً صالحة تقية..
وأن الصلاة عماد الدين، وأن صيام يوم يباعد بين وجهك والنار سبعين خريفاً (للحديث المتفق عليه أنه صلى الله عليه وسلم قال: « من صام يوماً في سبيل الله، بَعُد الله وجهه عن النار سبعين خريفاً »)، وأن الصدقة من أعظم ما يطهر به الله الذنوب ويمحو به الخطايا، وأن الكاسيات العاريات لا يُرِحْن الجنة ولا يُرهُن ريحها وأنهن ملعونات (روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « صنفان من أهل النار لم أرهما بعد: قومٌ معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساءٌ كاسياتٌ عارياتٌ، مميلات مائلات، رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة، لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا »)، وأن الحجاب الإسلامي صون لك وعفاف، وأن من شروط الحجاب الشرعي ألا يكون زينة في نفسه ولا ملفتاً للنظر، ولا ضيقاً يصف الأعضاء، ولا شفافاً يُخبر عمَّا تحته، ولا مشابهاً لباس الكفار والراهبات، ولا مشابهاً لباس الرجال.
أيتها الأخت المسلمة
هذا حديث القلب، وكلمة الناصح الأمين، فاحذري أولياء الشيطان ممن يريدون غوايتك وإضلالك، وكوني أمة الله الصالحة، وسليلة النجيبات الطيبات، واعلمي أن دورك في بناء الأمة عظيم، فقومي بهذا الدور ولا تكوني أنت وسيلة الهدم والدمار بل كوني أنت صانعة الرجال.