رسالة إلى غزة الحبيبة، غزة الأبية، غزة الشامخة، غزة التي قالت للظلم: لا، في زمن الذل والهوان، في زمن أصبحت الشجاعة فيه تهور، والجبن حكمة، في زمن أصبح الجهاد فيه إرهاب، والشهامة عار وشنار، يجب البراءة منه والفرار، في زمن جفت فيه الضمائر، وماتت القلوب، لا يهم فيه غير الكراسي والنقود، عذرا حبيبتي فإن رجالنا قد باعوا الدين، بلقمة عيش ومن أجل الأبناء المساكين، و رضوا بالذل وفي الهوان قامعين، عذرا فلسطين فإن علمائنا قد عطلوا ذروة سنام الإسلام غير قاصدين، وقالوا صبرا فمن الله النصر المبين، فإلى متى الصبر؟ إلى أن نكون في البائدين، وكيف تنصلح حال أمة والشر يبث كل حين، وعلماء ديني أسرى ومكبلين؟ فلم يكن الرسول بمكة مستكين، ولكن كان يخطط للفتك بالكافرين وللتمكين، عذرا فلسطين فإن المجاهدين على السلطة يتصارعون أو بالجهل راضين، عن أحكام الجهاد يتكلمون، وعن أحكام الطهارة غافلين، عذرا غزة لا يهم قتلك ولا تهم فلسطين، فإننا نريد أن نعيش في سلام وبالذل مسرورين، عذرا فلسطين فإن شبابنا بالكرة يلعبون، وبالنساء مستمتعين، وأبنائك مقطعين ومشردين، عذرا فلسطين فلا تهم دماء أبنائك ولا تفتت أكبادهم ولا أن تدس أرواحهم في الطين، فإنا برغد العيش وإن كنت جائعة هانئين، فلماذا نفتح المعبر لإخواننا في الدين؟ لا يهم أن تعيشي في البرد القارص ولا الظلام الدامس مادمنا في الدفء والنور مازلنا باقين، عذرا حبيبتي فإن الجبن والجهل والوهن يجري في الشرايين، عذرا يا فلسطين، فإننا ننتظر من مجلس الأمن وحقوق الإنسان الفجار الملاعين، الذين يحاربون الدين، أن يغيثوا أبنائك المنكوبين، صبرا جميلا يا أهل غزة فإن موعدكم جنات النعيم، ولعل يأتي يوما يفيق فيه السكرانين، ويعلمون أن الجهاد ذروة سنام الإسلام والدين، ويعلمون أن النصر لن يكون إلا للمخلصين، الذين أخلصوا دينهم لرب العالمين، الذين تعلموا الكتاب والسنة فليسوا بجاهلين، الذين زكوا نفوسهم وقلوبهم، للمؤمنين، للعابدين، فجمعوا الإيمان والعبادة والعلم والدعوة والجهاد، ولم يفرطوا في شيء من الدين، فهم به مستمسكين، فيا تاريخ الكون اشهد، ويا تاريخ الكون سجل بأن المسلمين باتوا للإسلام خائنين، ويا غزة الحبيبة لا تخافي فمهما طال الليل، فإن بنصر الله القدير مستيقنين، وإن مات الرجال فإن النساء قد أضحوا قادمين، فهلموا إلى الشهادة، فما قيمة العيش في الذل المهين، يا شباب الصحوة، كفى فرقة واختلافا، إلى متى سنظل ممزقين؟ أولسنا جسدا واحدا فلماذا إذا مفرقين؟ متى سنتحد لنقف صفا واحدا أمام أعداء الدين؟ إن العلم والجهاد كلاهما فرض عين للتمكين، إن تطهير القلب والعبادة شيء ضروري عظيم، إن الدين كل فلا تبعضوه وتقسموه فرقتين، ألم تسمعوا قول ربي
{وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لاَ تَعْلَمُونَهُمُ اللّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ } [الأنفال:60 ]،
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنجِيكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ } [الصف:11 ]ألم تسمعوا قول رسولكم حين سئل أي الأعمال أفضل وأي الأعمال خير قال
« إيمان بالله ورسوله» ، قيل : ثم أي شيء ؟ قال :
« الجهاد سنام العمل» [ الترمذي: 1658] فهل امتثلنا لأمر ربي والجهاد فرض عين؟ ألم تسمعوا قول ربي
{وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ رُسُلاً إِلَى قَوْمِهِمْ فَجَاؤُوهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَانتَقَمْنَا مِنَ الَّذِينَ أَجْرَمُوا وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ }